انظر إلى الجيد فيما حولك بدلا من السيئ. بالطبع، بالطبع. يا لها من مقولة. ابحث عن الأمور الجيدة وسوف تجدها. هذا ما يقوله الناس دائما. أما أنا، فأرى أن هذا قول غير عملي. واجهي الأمر. فالناس سيئون، وقذرون، وخطيرون، ولا يمكن الوثوق بهم، وماكرون، وأغبياء، وقبيحون، وأنانيون. نعم يمكنني أن أبحث عما هو جيد بهم، لكن لماذا أتكبد ذلك العناء؟ فمن يحاولون أن يكونوا لطفاء معي، يفعلون ذلك كي يستغلوني. العالم مليء بالأمور السيئة أكثر من الجيدة، وكلانا أنا وأنتِ علينا تذكر هذه الحقيقة حتى نستطيع العيش فيه.
ما مدى دقة هذه الرؤية للعالم؟ هل الناس جميعهم سيئون إلى هذا الحد؟ بالطبع هناك جزء من الحقيقة في رؤيته. لكن تلك الرؤية أصبحت مشوشة بسبب فرضياته بأن ما بالناس من سوء أكثر مما بهم من خير. وبما أنه يفترض السوء، فبالطبع لن يجد إلا السوء. فلن يجني من هذه الرؤية سوى حياة مليئة بالسلبية والشك والدفاع عن النفس.
ماذا عنك؟ إلى أى مدى تتفق مع هاري؟ كم مرة وجدت نفسك عالقا في دائرة البحث عن الأمور السيئة فيمن حولك لأنك لم تبحث سوى عن السيئ منها فقط؟ هل تذكر آخر مرة حدث فيها ذلك؟ إذا تمكنت من العودة للوراء وتغيير ذلك بالبحث عن الأمور الجيدة فيمن حولك بدلا من السيئة، فإلى أي مدي كانت ستتغير تلك الأمور؟
علم النفس الإيجابي هو أحد التطورات الجديدة في مجال علم النفس. وفيه يتم التركيز على التفكير بالأمور الجيدة فيمن حولك دون التركيز على عيوبهم ونواقصهم. يقوم باحثو علم النفس الإيجابي بدراسة صفات الصدق والشجاعة والقيادة والإبداع والموثوقية. من المدهش أن هذا المنهج الإيجابي احتاج إلى سنوات طويلة حتى ينتشر. فعلى ما يبدو أن مجال علم النفس بأكمله ينحاز تجاه دراسة الأنماط السلبية. ربما يحتاج علماء النفس إلى الالتحاق بدورات إدارة الغضب حتى يتعلموا النظر إلى الجانب الجيد في الحياة.
إذا أي نوع من الأخصائيين النفسيين ستستشير؟ هل هو ذلك النوع الذي يبدأ معك من حيث ما يزعجك منذ لحظة دخولك عيادته؟ أم ستختار النوع الذي يحاول فهمك حتى يتمكن من تحديد نقاط قوتك وصفاتك الإيجابية. أي نوع من الأخصائيين النفسيين تفضل أن تكون إذا سنحت لك الفرصة؟
تمرين. اذهب اليوم إلى الأماكن التي يجتمع فيها العديد من الناس، مثل المنتزهات العامة أو المطاعم أو تجمع لعائلتك. لمدة خمس عشرة دقيقة، ابحث عن كل الأمور الخاطئة التي يقوم بها أولئك الناس: ملابسهم، وجوههم، إيمائاتهم، كلامهم، سلوكهم، طريقة مشيتهم، كل شيء وأي شيء. اجمع كل تلك الأمور مع بعضها إذا استدعت الحاجة. وافحص نفسك، لتعرف ما شعورك عندما تركز على إيجاد الأمور السيئة فقط؟
والآن، خذ نفسا عميقا وأعد الكرة، ولكن الآن ابدأ البحث عن الأمور الجيدة، ولتفعل ذلك لمدة خمس عشرة دقيقة فقط، وفكر في تلك الأمور بعدها.
من الأفضل أن تقوم بذلك التمرين مع صديقك الذي سيقوم بتسجيل تعليقاتك فور تعبيرك عنها، ويعينك على تطبيق التمرين فور استكماله.
وفي الغد، غيّر طريقة التمرين إلى: اقضِ فقط عشر دقائق للبحث عن الأمور السلبية، وعشرين دقيقة بحثا عن الأمور الإيجابية. وفي اليوم الثالث، حاول أن تمضي الثلاثين دقيقة كاملة في البحث عن الأمور الإيجابية فقط.