بالرغم من أفضلية لبن الأم، فإن الكثير من الأطفال يتغذون على اللبن الصناعي ويكبرون بشكل صحي، عادة ما يكون قرار إرضاع الطفل صناعيا قرارا شخصيا، ونادرا ما يكون له دواع طبية، فيتم منع الأمهات المصابات بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) من ممارسة الرضاعة الطبيعية، وكذلك المصابات بأمراض أخرى مزمنة، واللاتي يتناولن أدوية معينة؛ حيث يتعين عليك استشارة الطبيب إذا ساورك الشك في هذا الصدد، إذا اخترت إرضاع طفلك صناعيا، فما القرار التالي الذي يجب اتخاذه؟
يصنع لبن الأطفال الصناعي المعتاد من لبن الأبقار؛ حيث يستبدل المصنعون بدهونه الحيوانية زيوتا نباتية، ويقللون من محتوى البروتين به، مع إضافة الكربوهيدرات والفيتامينات والمعادن إليه، وتحتوي الكثير من الألبان الصناعية الآن على الأحماض الدهنية الضرورية والمواد التي لها دور مهم في نمو المخ، بالطبع يوفر لبن الأم جميع هذه المواد بالكميات المناسبة، بالإضافة إلى مئات من المواد الأخرى، على سبيل المثال، يحتوي لبن الثدي على خلايا ومواد كيميائية محددة تمنح الأطفال مناعة جاهزة ضد الجراثيم التي يشيع وجودها في بيئاتهم؛ وهو ما لا يستطيع أي لبن صناعي توفيره.
رضعات حليب الأبقار والصويا الصناعية
من الداعي للعجب أنه يمكن لمعظم الأطفال تناول رضعات لبن الأبقار الصناعية بالرغم من اختلاف صغار الأبقار عن صغار البشر؛ فلبن الأبقار نفسه – على عكس رضعات اللبن الصناعي من لبن الأبقار – لا يعد آمنا على الأطفال، فخليط البروتين والسكر ليس ملائما للأطفال، حتى إن الأطفال الذين يرضعون لبن الأبقار مباشرة من المحتمل أن يصابوا بإعياء شديد، قديما كانت بعض الأمهات تحضر رضعات صناعية خاصة بهم باستخدام اللبن المكثف، ولكن هذه الرضعات لا تكون آمنة مثل اللبن الصناعي التجاري المخصص للأطفال. وبالمثل لا تعد رضعات اللبن الصناعي المحضرة من المكسرات والحبوب ملائمة من الناحية الغذائية.
تعتبر رضعات لبن الأبقار هي الأكثر شيوعا، إلا أن رضعات فول الصويا هي الأكثر انتشارا، فبينما كان يتم حفظ رضعات الصويا للأطفال الذين لا يستطيعون تناول رضعات لبن الأبقار، فإن معظم الأطباء يعتبرون لبن الصويا الآن ملائما لأي طفل سليم صحيا لا يرضع طبيعيا، الجدير بالذكر أن الأطفال المبتسرين الذين يزنون أقل من الأصحاء أربعة أرطال (1.8 كيلو جرام) عند الولادة يجب عدم إرضاعهم برضعات الصويا، فلبن الصويا – على عكس رضعات اللبن الصناعي المعتمد على الصويا – لا يعد آمنا على الأطفال؛ لأنه لا يحتوي على خليط العناصر الغذائية المناسب لنمو الأطفال بسرعة.
رضعات حليب الصويا في مقابل رضعات حليب الأبقار
لا تعد أي من الرضعات المعدة من لبن الصويا أو لبن الأبقار مثالية على الإطلاق؛ فبعض البروتينات الموجودة في رضعات لبن الأبقار تسبب الحساسية لدى بعض الأطفال، وتزيد من بكاء البعض الآخر بشكل كبير، وفي بعض الحالات النادرة، قد تسبب هذه البروتينات نفسها الإصابة بمرض السكر من النوع الأول، على العكس لا تحتوي رضعات لبن الصويا على هذه البروتينات المسببة لهذه المشكلات الصحية، كما أنها تخلو من اللاكتوز؛ وهو السكر الذي يصعب على بعض الأطفال هضمه، وعلى الرغم من أن الأبحاث لم توضح أن رضعات لبن الصويا تعالج المغص، فقد اتضح أن بعض الأطفال يشعرون بمزيد من التحسن عند تناولها.
على الجانب الآخر، تحتوي رضعات لبن الصويا على مستويات عالية من الألومنيوم، ومن المعروف أن الألومنيوم غير مفيد للجسم، كما يمكن أن يسبب (على أقل تقدير) للأطفال المبتسرين ضررا كبيرا، ومع ذلك، لم تبين الأبحاث ضرر الألومنيوم في رضعات لبن الصويا على الأطفال الأصحاء، إلا أن تناوله قد يكون أحد أسباب الإصابة بمرض ألزهايمر عند التقدم في العمر، وقد تكهن بعض الباحثين أيضا أن ثمة مواد كيميائية معينة توجد برضعات لبن الصويا (فيتو إستروجين) قد تحدث اضطرابا في الهرمونات الجنسية، وعلى الرغم من أن العلماء ما زالوا غير متأكدين من هذا الأمر، فهناك من الأدلة ما يكفي على الأقل لإثارة الجدل والتساؤل في هذا الصدد.
كيف يمكنك الاختيار في ظل هذه المخاطر؟
بالنسبة لبعض الأطفال والآباء، يتم تفضيل مخاطرة أو ميزة واحدة معينة دون الأخرى لدواع معينة. فعلى سبيل المثال، إذا قررت تنشئة طفلك على نظام غذائي به القليل من منتجات الألبان – وهو نظام مقبول – فمن المنطقي بالتأكيد اختيار رضعات لبن الصويا، أما إذا كان لدى عائلتك تاريخ مرضي للإصابة بألزهايمر، فقد تختارين رضعات لبن الأبقار.
حساسية حليب الأبقار
يقلق الكثير من الآباء من إصابة أطفالهم بحساسية من بروتين لبن الأبقار، ومن اليسير اكتشاف الأنواع الحادة لهذه الحساسية؛ حيث تتضمن الأعراض الإصابة بالإسهال، وضعف معدل زيادة الوزن، وطفحا جلديا متهيجا وجافا، أما الأنواع الأكثر اعتدالا لهذه الحساسية فربما يكون من الصعب اكتشافها؛ لأن الكثير من الأطفال يكثر بكاؤهم أو يظهر لديهم القليل من الطفح الجلدي بين الحين والآخر.
ويعد تاريخ العائلة المرضي للإصابة بحساسية اللبن علامة دالة ومهمة، ولكن لا يكون معظم البالغين الذين لا يستطيعون هضم لبن الأبقار بالضرورة مصابين بالحساسية، حيث قد يعانون من نقص إنزيم معين (وهو إنزيم اللاكتاز) اللازم لهضم السكر الأساسي باللبن (سكر اللاكتوز)، والجدير بالذكر أن معظم الأطفال يفرزون كميات كافية من إنزيم اللاكتاز حتى وإن كان آباؤهم عكس ذلك، وما يزيد من تعقيد الأمر أن الكثير من الأطفال المصابين فعلا بحساسية لبن الأبقار يكون لديهم حساسية ضد بروتين الصويا، وبالنسبة لهؤلاء، هناك رضعات ألبان صناعية خاصة بهم لا تحتوي على أي من ألبان الأبقار أو بروتين الصويا، والتي من الأفضل استخدامها تحت إشراف الطبيب.
أشكال رضعات الحليب الصناعي
توجد رضعات اللبن الصناعي على ثلاثة أشكال؛ هي: رضعات سائلة جاهزة، ومركزة، وبودرة (أو مسحوق)، وليس ثمة فارق من الناحية الغذائية بينها، ولكن الرضعات البودرة تكون ذات تكلفة أقل، في حين تكون الرضعات الجاهزة للشرب هي الأغلى ثمنا، من الأفضل استخدام جميعها حسب الحاجة؛ فمثلا تستخدم الرضعات البودرة للرضعات اليومية، وتستخدم الرضعات الجاهزة للشرب في زجاجات تستعمل مرة واحدة أثناء الخروج والسفر، وعند استخدامك للرضعات البودرة أو المركزة، من الضروري اتباع تعليمات تحضيرها ومزجها بدقة.
الحليب الصناعي المدعم بالحديد أم منخفض الحديد؟
يعد عنصر الحديد مهما لتكوين كرات الدم الحمراء، ونمو المخ، فنقص الحديد يمكن أن يسبب مشكلات في التعلم فيما بعد أثناء مرحلة الطفولة؛ لذا، من المهم للغاية حصول الأطفال على كميات كافية من الحديد في نظامهم الغذائي، وغالبا ما تعتقد الأمهات أن الحديد الموجود بالألبان المدعمة بالحديد يسبب إمساكا للطفل، ولكن الأبحاث أثبتت أن الأمر ليس كذلك، وحتى وإن كان كذلك، فإنني ما زلت أنصح بضرورة تناول اللبن المدعم بالحديد؛ حيث ثمة عدة طرق للتغلب على الإمساك، لكن الآثار المرضية لنقص الحديد ستظل قائمة ودائمة.
تحضير الرضعة
إذا كنت تستخدمين رضعات لبن البودرة أو الرضعات المركزة فاتبعي دوما تعليمات المزج والتحضير الواردة معها، فالرضعة عندما تتجاوز الحد المسموح به من حيث التخفيف أو التركيز يمكن أن تتسبب في مرض الطفل.
مزج رضعات لبن البودرة
تزن علب رضعات لبن البودرة 16 أوقية (450 جراما تقريبا)، وتتضمن مغرفة وغطاء بلاستيكيا سهل الفتح والإغلاق، وتعتبر هذه الرضعات أقل تكلفة من الرضعات المركزة أو الجاهزة للشرب، فإذا كنت خارج المنزل، يمكنك تحضير الرضعة ومزجها في موعدها، دون الحاجة للثلاجة؛ حيث تأخذين من العلبة كمية البودرة اللازمة، ليتم مزجها بربع جالون من الماء المغلي أو المقطر، ويفضل استخدام رضعات لبن البودرة للأطفال الذين يرضعون طبيعيا ولا يحتاجون سوى لرضعة واحدة صناعية في كل مرة.
يتم وضع لبن البودرة أولا ثم الماء بهذا الترتيب كي يمتزجا معا، وتجنبا لأي تكتل يتعين عليك اتباع تعليمات التحضير المذكورة على العلبة، إذا كنت تحضرين كمية من رضعات لبن البودرة على مدار الأربع والعشرين ساعة، فاعملي على معايرة كمية المياه اللازمة وامزجيها مع اللبن في وعاء أو إناء نظيف، ويمكنك استخدام أداة خفق البيض النظيفة لمساعدتك في المزج، صبي كل رضعات اللبن في زجاجات الإرضاع النظيفة أو في إناء نظيف لحفظ اللبن، ثم غطي كلا منها وأدخليها الثلاجة، يمكن الاحتفاظ برضعات اللبن من أربع وعشرين إلى ثمان وأربعين ساعة في الثلاجة، ولكن إذا تجاوزت هذه الفترة فمن الأمان التخلص من الرضعات. إذا احتجت إلى تحضير زجاجة واحدة فقط، فسوف تضيفين اللبن إلى الماء وتتبعين التعليمات الواردة على العلبة، ويمكنك مزج الزجاجة وحفظها بالثلاجة حتى أربع وعشرين ساعة، وبمجرد أن يتناول الطفل رضعته من الزجاجة، يمكن وضع ما تبقى منها في الثلاجة لمدة ساعة واحدة، حيث من الأمان أن يتم التخلص مما تبقى من اللبن بعد ساعة.
الرضعات المركزة
يجب تخفيف الرضعات المركزة السائلة بكمية مساوية لها من الماء قبل استخدامها، وتعتبر الرضعات المركزة أقل ملاءمة من الرضعات الجاهزة للشرب، إلا أن تكلفتها أقل بحوالي ثلثي تكلفة الرضعات الجاهزة للشرب، كما تعد أحجام العلب أكثر ملاءمة لدواعي التخزين والخروج.
قبل فتح العلبة، اغسلي واشطفي سطح العلبة جيدا، واغسلي أيضا فتاحة العلبة، لمعايرة كمية صحيحة من الماء، أضيفي علبة الرضعة المركزة لعلبة من الماء، أو صبي أربع أوقيات من الرضعة المركزة في زجاجة الإرضاع وأضيفي لها أربع أوقيات (115 جراما تقريبا) ماء، تأكدي من حفظها بالثلاجة إذا لم تطعميها لطفلك.
الرضعات الجاهزة للشرب
تكون هذه الرضعات معقمة بالفعل، كما أنها لا تحتاج لإضافة ماء إليها، وبالتالي فهي سهلة جدا، أولا، اغسلي سطح العلبة وكذلك فاتحة العلبة، صبي الرضعة مباشرة داخل زجاجات الإرضاع النظيفة، أغلقي الزجاجات وضعيها بالثلاجة حتى استخدامها، أو يمكنك ملء زجاجة نظيفة في كل مرة، وإغلاق العلبة وحفظها بالثلاجة حتى الحاجة إليها، بالرغم من أن تكلفتها المادية أعلى، فهي توفر وقت الأم، كما أنها قد تكون الأيسر إذا كانت هناك حاجة لإطعام طفلك زجاجة واحدة فقط بين الحين والآخر.
كم عدد الزجاجات التي ستحتاجينها؟
خلال الأسبوع الأول، غالبا ما يحتاج الأطفال إلى الرضاعة من ست إلى عشر مرات على مدار الأربع والعشرين ساعة، ويبدأ معظم الأطفال بتناول كميات قليلة، لكن سرعان ما يصبحون أكثر يقظة وجوعا بعد مرور ثلاثة أو أربعة أيام؛ لذا لا تندهشي، ومن ثم، يعتمد عدد الزجاجات التي ستحتاجينها على معدل سرعة نمو طفلك والذي يتغير من أسبوع لآخر، وعلى كمية ما يتناوله، ابدئي بأربع أوقيات (115 جراما تقريبا) في الزجاجة، ومع الوقت ستعرفين بالضبط من خلال طفلك أن هذه الكمية لم تعد كافية له، في الشهر الأول، سيحتاج معظم الأطفال ما بين إحدى وعشرين أوقية (600 جرام) وأربع وعشرين (680 جراما تقريبا) يوميا.