التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

استرخاء الجسد لتخفيف حدة الضغوط العامة

ربما يتحدث العديد منا إلى الأصدقاء أو أفراد العائلة عن الشعور بالقلق والضغوط، فينصحوننا بالاسترخاء فحسب. وربما يبدو هذا علاجًا شافيًا من الشعور بالضغوط. ولكن، عندما يتعلق الأمر بالبحث عن طرق للاسترخاء، فكثيرًا ما نشعر بالضياع, فنحن لا نعرف كيفية الاسترخاء والتحرر من التوترات التي نشعر بها، إلا من خلال الأساليب التي ربما تسبب لنا الضرر أكثر من الفائدة، مثل الكحوليات أو الإفراط في النوم، أو تناول العقاقير غير المشروعة. ولذلك، يجب علينا أن نتعلم كيفية استرخاء الجسد وكيفية مساعدة هذه العملية لنا على التعامل مع ضغوط الحياة اليومية. وبهذه الطريقة، عندما يخبرنا أحد بالاسترخاء، الذي يمثل نصيحة جيدة، سوف نعرف ما يعنيه هذا بالنسبة لنا، وكيف يمكننا الشروع في القيام به.

التحدي

إن استرخاء الجسد مهارة يجب أن نتعلمها؛ فلا يمكنك الاعتماد على الجلوس ساكنًا لدقائق قليلة فحسب، وتأمل أن يؤدي هذا بالفعل إلى مساعدتك على الاسترخاء, فيجب أن تتعلم وتمارس أساليب يمكنها أن تجلب لك فوائد الاسترخاء بالفعل: تقليل هرمونات الضغوط، والتخفيف من حدة الضغوط، واكتساب وجهة نظر حيال ما نشعر به وما نقوم به في حياتنا. ويمكن تحقيق استرخاء الجسد في معظم الأماكن وفي أي وقت تقريبًا، سواء كنت في المنزل أو في سيارتك أو في العمل أو في مواقف أخرى مثيرة للضغوط. ومع زيادة خبرتنا في أساليب استرخاء الجسد، سنرى نتائجها الإيجابية، ونشعر بالحافز للحفاظ على نظام استرخاء أجسادنا. وتظهر حالتنا الجسدية الجوانب الموهنة للضغوط بسهولة، ويستطيع الاسترخاء مساعدة أجسادنا على التأقلم مع تلك التأثيرات. ويتمثل التحدي في إدراك ماهية فوائد استرخاء الجسد، وماهية الأساليب التي تتسم بالفاعلية الشديدة بالنسبة لنا، وتقييم فاعليتها في حال قررنا تغيير الأساليب. ويجب أن تعلم أننا لا نتقيد بأي نظام للاسترخاء، وأننا نستطيع اختيار النظام الذي يعمل لصالحنا على الوجه الأمثل. وأيًّا كان ما نختاره، فإن الأمر الأساسي يتمثل في الاستمرار في نظام ما، واستخدام الاسترخاء من أجل المزايا الإيجابية التي يقدمها. استرخ فحسب، وتعامل مع الضغوط بطريقة إيجابية, ولكن عليك أن تعرف كيف تقوم بهذا فحسب.

الحقائق

غالبًا ما نلجأ إلى استخدام الأدوية، أو تُوصف لنا، كطرق تساعد على استرخاء الجسد. وربما تتضمن هذه الأدوية، التي يصفها لنا الطبيب أو المعالج النفسي، مضادات الاكتئاب أو المهدئات، مثل فاليوم. وربما تكون هذه الأدوية فعالة في مساعدتنا على الاسترخاء، ولكن يتمثل خطرها في زيادة الاعتماد عليها وضبط جرعتها. وربما تكون هناك آثار جانبية، مثل النعاس، التي يجب علينا التعامل معها. ومن الأفضل، إذا كان ذلك ممكنًا بأي شكل من الأشكال، أن تبحث عن أساليب أخرى، بخلاف الأدوية، من أجل استرخاء الجسد، مع إبقاء احتمال تناول الأدوية في بيئة تخضع للإشراف كشيء نلجأ إليه، إذا لم تقم الأساليب الأخرى بالعمل المطلوب.

لا تساوِ بين النوم واسترخاء الجسد؛ فرغم أهمية النوم المؤكدة بالنسبة لصحتنا العامة، ورغم أنه يساعدنا على الشعور بالانتعاش، فإن الإفراط في النوم سيزيد من الضغوط التي نشعر بها. وغالبًا ما يعد الإفراط في النوم بشكل مزمن إحدى علامات الشعور بالاكتئاب، فهو لا يجعلنا نشعر بالراحة بشكل أفضل بالفعل, فجودة النوم الذي نحصل عليه، وليست كميته، هي التي تساعدنا على مقاومة مثيرات الضغوط في حياتنا.

وتوجد مجموعة متنوعة من الأساليب المنهجية التي يمكننا تعلمها وممارستها في بيئة فصلية، أو من خلال الأسطوانات الرقمية أو المواقع الإلكترونية، بما في ذلك:

–  تدريبات البيلاتس التي تستخدم معدات أو سجادة مصممة بشكل خاص وتعليمات خاصة، ويمكنها بناء القوة دون الحجم، وإطالة العضلات وخلق الوعي بوضع الجسم؛
–  رياضة اليوجا، وهي سلسلة من الأوضاع التي تتم ممارستها مع التركيز على التنفس واسترخاء الجسد، وتعزيز الاسترخاء العميق، والوعي الجسدي، والقوة، والمرونة؛
–  رياضة التشي جونج (علم الطاقة) التي تستخدم التأمل، والتصور، والتنفس والحركات البطيئة السهلة من أجل استعادة التوازن المنعش، ومساعدتك على الشعور بالاسترخاء، ولكن بحيوية ونشاط مع تعزيز التنفس، والمرونة، والقوة؛
–  أسلوب الإسكندر، الذي تؤدي فيه مهام أساسية، مثل الوقوف والمشي، بينما يقوم المدرب بإعطائك تلميحات والقيام بتعديلات لمساعدتك على التحرك بشكل أكثر سهولة؛ مما يساعد على تحرر العضلات من التوتر واستعادة التوازن والوضع الجيد للجسم.

الحلول

غالبًا ما يمكننا تلقي دورات أو حضور ندوات تدور حول استرخاء الجسد؛ فهذا سيساعدنا على تعلم أساليب الاسترخاء، ولكننا سنظل بحاجة إلى ممارستها وحدها. وتتضمن بعض الأساليب أو البرامج، التي ربما نستخدمها من أجل تحقيق استرخاء أجسادنا:

–  دورات التدريب التي تساعدنا على التحرر من الضغوط مع تقوية أجسادنا؛
–  أشكال متنوعة من دورات اليوجا، التي تتيح لنا تعلم أساليب الإطالة، التي تستطيع بدورها تحقيق استرخاء أجسادنا؛
–  الندوات قصيرة المدى، التي يمكن حضورها لتعلم بعض الأساليب الأساسية في الاسترخاء.

ويعد الاسترخاء العضلي المتدرج أحد أكثر أساليب تحقيق استرخاء الجسد استخدامًا، وأكثرها فاعلية. ويمكن تنفيذ هذا الأسلوب في العديد من الأماكن، من المنزل إلى العمل، ولكن يجب عليك إعداد البيئة المناسبة لاسترخاء الجسد, وهذا يعني البحث عن مكان هادئ نسبيًّا يمكنك البقاء فيه دون إزعاج لمدة 15 دقيقة تقريبًا. استخدم مقعدًا مريحًا يمكنك الجلوس عليه باعتدال مع وضع قدميك على الأرض. استرح في جلستك، وانتبه جيدًا لما تشعر به، مع البدء والتقدم عبر التدريبات. لاحظ وجود أي تيبس أو شد، وما إذا كنت تشعر بأية آلام أو أوجاع. وعندما تعلم ما تشعر به قبل أن تبدأ الاسترخاء، سوف تعرف ما تشعر به عندما يسترخي جسدك.

عندما تشعر بالضغوط، فمن السهل أن تصاب ذراعاك بالتوتر والإجهاد؛ لذا، عليك بإراحتهما عن طريق:

–  التنفس ببطء، مع إبقاء عينيك مغلقتين؛
–  اثنِ يدك اليمنى للخلف من عند المعصم، واحتوِ التوتر لوقت قصير. أرح يدك، ثم قم بالشيء نفسه مع يدك اليسرى.
–  ضم كلتا يديك على شكل قبضة، واحتوِ التوتر، حتى تشعر بأن التوتر يسري نحو مرفقيك، ثم استرح.
–  أثنِ كلتا ذراعيك من عند المرفق، ثم ارفع يديك نحو كتفيك. اشدد عضلاتك العضدية الثنائية، واثبت ثم استرح.
–  إذا كنت تتجنب إدارة ذراعيك، فسوف تشعر بمزيد من الاسترخاء فيهما.
–  ومن الممكن أن يشعر وجهك بالضغوط ويعبر عنها. وحتى دون أن تعرف، ربما تتوتر عضلات الوجه، وربما تكون سببًا للشعور بالصداع. ويمكنك إراحة عضلات وجهك عن طريق:
–  رفع حاجبيك إلى أعلى ما تستطيع، واثبت على ذلك، ثم استرح؛ فهذا يساعد على إراحة العضلات في جبهتك.
–  أغلق جفنيك بقوة, واحتوِ التوتر، ثم استرح.
–  عض على أسنانك بقوة. انتبه للتوتر الذي يسري حول الفك. وأرح عضلات الفك. واحترس من صرير الأسنان.
–  اثن رأسك للأمام، وكأنك تحاول أن تجعل ذقنك يلمس صدرك. اشعر بالتوتر في الجزء الخلفي من الرقبة، ثم استرخ. سوف يؤدي هذا إلى إراحة العنق والوجه أيضًا.

حول انتباهك إلى الجزء العلوي من جسمك؛ فهو غالبًا ما يعمل كجهاز مراقبة مستوى الضغوط في جسدك بأكمله. ويمكنك إراحة عضلات الجزء العلوي من جسمك عن طريق:

–  ارفع كتفيك إلى أعلى ما تستطيع، ثم اتركهما يسقطا فجأة واسترح.
–  افعل شيئين بصدرك على الفور. خذ نفسًا عميقًا، ثم اكتم أنفاسك، بينما تحاول أن تجعل عظم الكتفين يتلامسان معًا عن طريق سحب ذراعيك إلى الوراء, واثبت على هذا، ثم استرح.
–  اشفط معدتك، وكأنك تحاول أن تلمس عمودك الفقري، ثم استرح.
–  اجعل ظهرك على شكل قوس بعيدًا عن كرسيك، وستشعر بالتوتر يسري عبر العود الفقري.

وفي النهاية، حول انتباهك إلى رجليك وقدميك. يمكنك مساعدتها على الاسترخاء عن طريق:

–  ضع قدميك على الأرض، واضغط لأسفل، واشعر بالتوتر يسري عبر الجزء الخلفي من رجليك, ثم استرح.
–  أرح فخذيك عن طريق البدء بالرجل اليمنى ورفعها لأعلى أمامك. لاحظ سريان التوتر، ثم استرح, وافعل الشيء نفسه مع الرجل اليسرى.
–  اثن أصابع قدميك لأعلى، وكأنها تشير نحو السقف، واشعر بالتوتر حول قدميك وكاحليك. كرر التمرين، ثم استرح.

ويمكن استخدام التنفس العميق على غرار الاسترخاء العضلي المتدرج، ويمكن تنفيذه في كل مكان تقريبًا. وبإمكان التنفس العميق تحقيق استرخاء العقل أيضًا بالإضافة إلى جسمك, وتتمثل إحدى طرق القيام بالتنفس العميق في التالي:

–  ارقد على ظهرك مع وضع وسادة تحت رأسك. اثنِ ركبتيك، مع وضع وسادة أسفل منهما في حالة الضرورة، وسوف تشعر معدتك بالاسترخاء.
–  ضع يدًا على معدتك تحت القفص الصدري تمامًا.
–  خذ نفسًا ببطء من خلال أنفك. إذا عمل هذا بشكل صحيح، فسوف تشعر بأن معدتك ترتفع.
–  ازفر ببطء من خلال فمك، وأفرغ رئتيك تمامًا. سوف تشعر بأن معدتك تسقط.
–  كرر ما قمت به عدة مرات إلى أن تشعر بالهدوء والاسترخاء يسريان في جسدك. جرب ممارسة هذا الأسلوب بشكل يومي.