التصنيفات
داء السكري

اعتلال الشبكية السكري Diabetic retinopathy | خيارات العلاج

يؤثر داء السكر في جسمك من أعلى رأسك وحتى أخمص قدميك. ويطال ذلك عينيك أيضاً. والواقع أن المرض الأكثر شيوعاً وخطورة للعين الناجم عن داء السكر هو اعتلال الشبكية السكري. إنه المصطلح الطبي للضرر اللاحق بالعديد من الأوعية الشعرية (الأوعية الدموية الصغيرة) التي تغذي الشبكية. وتتأثر هذه الأوعية الدموية غالباً بالمستويات المرتفعة لسكر الدم نتيجة داء السكر.

وكلما عانيت من داء السكر لفترة أطول، ازداد احتمال تعرضك لاعتلال الشبكية السكري. فبعد المعاناة من النوع 1 من داء السكر (المعروف سابقاً بداء السكر الطفولي أو المعتمد على الأنسولين) لمدة 20 عاماً، يتعرض كل شخص تقريباً لدرجة ما من اعتلال الشبكية. وبعد مرور 20 عاماً أيضاً، تبين أن أكثر من 60 في المئة من المصابين بالنوع 2 من داء السكر (المعروف سابقاً بداء السكر المستهل في سن الرشد أو داء السكر غير المعتمد على الأنسولين) يعانون أيضاً من درجة معينة من اعتلال الشبكية. والواقع أن معظم المصابين باعتلال الشبكية السكري يعانون من مشاكل خفيفة في البصر. لكن المشكلة قد تتفاقم وتهدد بصرك. بالفعل، يعتبر اعتلال الشبكية السكري السبب الرئيسي للعمى بين الراشدين في الولايات المتحدة.

ولا شك في أن خطر العمى مخيف. لكن ثمة أسباب تدعو إلى التفاؤل أكثر من الهلع. فمع الكشف المبكر للمشكلة ومعالجتها، يصبح خطر الفقدان الوخيم للبصر نتيجة اعتلال الشبكية السكري أقل من 5 في المئة. ويمكنك اتخاذ الخطوات لحماية بصرك إذا كنت تعاني من داء السكر. إبدأ بفحص عينيك سنوياً. واحرص على إبقاء سكر دمك وضغط دمك تحت أفضل سيطرة ممكنة.

أنواع اعتلال الشبكية السكري

ثمة نوعان من اعتلال الشبكية السكري. وتصاب به كلا العينان عادة، رغم أن المرض قد يتفاقم في عين واحدة أكثر من الأخرى.

اعتلال الشبكية السكري غير التشعبي nonproliferative diabetic retinopathy

إن اعتلال الشبكية السكري غير التشعبي، المعروف أيضاً باعتلال الشبكية السكري الخلفي، هو مرحلة مبكرة من المرض. إنه النوع الأكثر شيوعاً من اعتلال الشبكية، وتكون عوارضه خفيفة عادة.

وفي هذا المرض، تضعف جدران الأوعية الدموية في الشبكية. وتبرز نتوءات بالغة الصغر، اسمها الأورام الوعائية الصغرية، من جدران الأوعية. تعرف هذه الحالة أيضاً بالتكيس الخارجي. قد تبدأ الأورام الوعائية الصغرية بالارتشاح، فيصل السائل والدم إلى الشبكية. ومع تفاقم اعتلال الشبكية السكري غير التشعبي، قد تظهر علامات تلف أخرى، تشمل رقعاً من الألياف العصبية المنتفخة، المعروفة بالبقع القطنية لأنها تبدو مثل كتل القطن الزغبة.

قد لا يؤثر الشكل الخفيف من اعتلال الشبكية السكري غير التشعبي في قدرتك على المشاهدة بوضوح. والواقع أن مشاكل البصر الناجمة عن الشكل الأكثر وخامة من هذا الاعتلال تنجم عادة عن تورم البقعة (الوذمة البقعية) أو انغلاق الأوعية الشعرية، مما يخفض تدفق الدم إلى البقعة (الذوى البقعي). وحين تعجز البقعة عن العمل كما يجب، يتضاءل بصرك المركزي، فيما يبقى بصرك الجانبي طبيعياً عادة.

اعتلال الشبكية السكري التشعبي proliferative diabetic retinopathy

إن اعتلال الشبكية السكري التشعبي هو الشكل الأكثر تفاقماً من المرض. والواقع أن نصف المصابين تقريباً بالشكل الوخيم من اعتلال الشبكية السكري غير التشعبي يتعرضون لاعتلال الشبكية السكري التشعبي في غضون عام واحد. والواقع أن اعتلال الشبكية يصبح تشعبياً عند نشوء أوعية دموية جديدة غير طبيعية على الشبكية أو العصب البصري. كما تنمو الأوعية الدموية في الرطوبة الزجاجية، أي المادة الشفافة الشبيهة بالهلام التي تملأ وسط العين.

يحصل هذا النمو الشاذ بعد انغلاق الأوعية الشعرية في الشبكية نتيجة المستويات المرتفعة لسكر الدم. ويمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى فقدان البصر المركزي والجانبي على حد سواء. فالأوعية الدموية الجديدة قد ترشح الدم في الرطوبة الزجاجية، مما يغشي بصرك أو يحجبه. وثمة مضاعفات أخرى تشمل انفصال الشبكية نتيجة تكوّن ندبة وشكل من المياه الزرقاء (الغلوكوما) مرتبط بنشوء أوعية دموية شاذة في القزحية.
العلامات والعوارض

في المراحل الأولى الممكن معالجتها من اعتلال الشبكية السكري، لا تلاحظ عادة أية عوارض بصرية أو ألم. وقد يتفاقم المرض إلى مرحلة متقدمة من دون حصول تغير ملحوظ في بصرك.

أعراض اعتلال الشبكية السكري

●  “ظهور “عناكب” أو “خيوط عنبكوت” أو بقع صغيرة طافية في بصرك.
●  خطوط داكنة أو شريط أحمر يحجب الرؤية.
●  فقدان البصر، في كلا العينين عادة، وإنما في عين أكثر من الأخرى.
●  رؤية ضبابية قد تتقلب.
●  بقعة داكنة أو فارغة في وسط بصرك.
●  رؤية سيئة في الليل.
●  صعوبة في الانتقال من الضوء الساطع إلى الضوء الباهت.

الأسباب

إذا كنت تعاني من داء السكر، لا ينتج جسمك السكر (الغلوكوز) أو يستخدمه بطريقة صحيحة. والواقع أن السكر في الدم ضروري لصحتك لأنه المصدر الرئيسي للطاقة في خلايا جسمك. لكن وجود الكثير من السكر في الدم قد يسبب مجموعة من المشاكل. فقد يتلف الأوعية الشعرية التي توفر المواد المغذية لأعضاء وأنسجة مثل الدماغ والأعصاب والكليتين والعينين.

أما تلف الشبكية نتيجة ارتفاع سكر الدم فيحصل عند تكوّن أورام وعائية صغرية على جدران الأوعية الدموية الصغيرة. هكذا، تصبح جدران الأوعية نفيذة، فيرشح السائل إلى الشبكية. لكن الارتشاح المفرط قد يترك رواسب من المادة الدهنية في الشبكية. وعند حدوث تورم في البقعة، قد يتضاءل البصر أو يصبح مشوشاً.

وحين تضعف جدران الأوعية، قد تنغلق الأوعية الدموية، مما يخفف تدفق الدم ويحرم الشبكية من الأوكسيجين. قد يؤدي ذلك إلى اعتلال الشبكية السكري التشعبي، عند نشوء أوعية دموية جديدة في الشبكية المحرومة من الأوكسيجين. فهذه الأوعية الدموية الجديدة لا تزود الشبكية لسوء الحظ بدفق دم عادي، وإنما قد تؤدي بدل ذلك إلى مجموعة من المضاعفات:

النزف الزجاجي. قد تنزف الأوعية الدموية الجديدة في الرطوبة الزجاجية. وإذا كان مقدار النزف ضئيلاً، قد تشاهد فقط عدداً ضئيلاً من البقع الداكنة أو الطافيات. لكن في الحالات الأكثر وخامة، قد يملأ الدم كل التجويف الزجاجي ويحجب كل بصرك. والواقع أن النزف الزجاجي بحد ذاته لا يسبب فقداناً دائماً للبصر. فالدم يختفي في النهاية من العين – في غضون أشهر قليلة عادة – ويعود بصرك إلى وضوحه السابق، إلا في حال تضرر الشبكية.

الانفصال الشبكي المجرور. تكون الأوعية الدموية الجديدة مصحوبة غالباً بنشوء نسيج ندبة. لكن نسيج الندبة يتقلص في النهاية. وحين يتقلص، يجرّ الشبكية بعيداً عن الجدار الخلفي للعين، مما يؤدي إلى مساحات فارغة أو ضبابية في حقل البصر.

المياه الزرقاء (الغلوكوما) الوعائية الجديدة. قد يكون تشعب الأوعية الدموية في الشبكية مصحوباً بنشوء أوعية دموية جديدة شاذة في القزحية. وقد يعيق ذلك التدفق الطبيعي للسائل خارج عينك ويؤدي إلى تراكم الضغط في العين. تتمثل النتيجة في المياه الزرقاء (الغلوكوما) الوعائية الجديدة، أحد المضاعفات الخطيرة لاعتلال الشبكية السكري الذي قد يسبب الألم، وفقدان البصر، وربما فقدان العين في حال عدم معالجته بنجاح.

الرؤية الضبابية في داء السكر

تنجم الرؤية الضبابية عادة عن التقلبات في سكر الدم. فالفترات الطويلة من السكر المفرط في الدم قد تؤدي إلى تراكم السكر ومنتجاته المنحلة في العدسة. يعمل هذا التراكم على امتصاص الماء ويجعل العدسة منتفخة، مما يفضي إلى قصر البصر – أي أن الأشياء البعيدة تبدو ضبابية. واللافت أن قصر البصر هذا يختفي ما إن يصبح سكر دمك تحت سيطرة محكمة.

قد تنجم الرؤية الضبابية أيضاً عن الوذمة البقعية أو الانتفاخ البقعي، بصرف النظر عن مستوى السكر في دمك. ويدعو ذلك إلى المزيد من القلق لأن الوذمة البقعية تحدث غالباً عند المصابين باعتلال الشبكية السكري. تجدر الإشارة إلى أن الانتفاخ قد يتقلب خلال النهار، مما يجعل بصرك أفضل أو أسوأ. وفي حال نزف الأوعية الدموية في عينك، قد تلاحظ وجود طافيات في حقل بصرك بصورة مؤقتة. وتلي هذه البقع الصغيرة عادة بقع أو غيوم أكبر حجماً، في غضون أيام أو أسابيع قليلة، تكون ناجمة عن نزف أكثر غزارة.

عوامل الخطر

يكون المصابون بداء السكر عرضة لاعتلال الشبكية، سواء عانوا من النوع 1 او 2 من داء السكر. ويزداد خطر التعرض للمشكلة كلما مضى وقت أطول على معاناتهم من المرض. وهذا ما يجعل المصابين بالنوع 1 من داء السكر شديدي العرضة لاعتلال الشبكية لأنهم يصابون عادة بداء السكر في سن مبكرة. لكن إذا أصبت بداء السكر للمرة الأولى بعد تجاوزك 30 عاماً، ينخفض الخطر لديك، علماً أن اعتلال الشبكية قد يكون العلامة الأولى لداء السكر عند بعض أفراد هذه المجموعة. ومهما كان عمرك، تكون أكثر عرضة لاعتلال الشبكية إذا توجب عليك تناول الأنسولين.

وثمة عوامل خطر أخرى مسببة لاعتلال الشبكية السكري تشمل:

●  سوء السيطرة على مستويات سكر الدم.
●  مرض في الكلية.
●  ضغط دم مرتفع.
●  دهون مرتفعة في الدم (مستويات مرتفعة من الكولسترول القليل الكثافة والترايغليسريد).
●  الحمل. إذا أصبحت المرأة المصابة بالنوع 1 من داء السكر حاملاً فإنها معرضة بنسبة 10 في المئة لاعتلال الشبكية السكري غير التشعبي. أما المرأة المصابة أصلاً باعتلال الشبكية السكري غير التشعبي فقد تعاني من تفاقم المرض حين تصبح حاملاً، رغم أن الوضع يتحسن بعد الولادة. تجدر الإشارة إلى أن أقل من 10 في المئة من النساء الحوامل المصابات بالشكل الخفيف من اعتلال الشبكية السكري غير التشعبي يصبن باعتلال الشبكية السكري التكاثري.
●  البدانة
●  الالتهابات

تشخيص اعتلال الشبكية

يحتمل أن يشخص طبيب العيون اعتلال الشبكية السكري، سواء كان تشعبياً أو غير تشعبي، إذا كشف فحص العين عن أي من الآتي:

●   أوعية دموية راشحة.
●   أورام وعائية صغرية.
●   شبكية منتفخة.
●   رواسب دهنية في الشبكية.
●   بقع قطنية (مساحات من ليف عصبي تالف).
●   تغيرات في الأوعية الدموية (انسدادات، فقاعات، حلقات).
●   تكوّن أوعية دموية جديدة.
●   نزف شبكي.
●   نزف زجاجي.
●   تكوّن نسيج ندبة مع انفصال شبكي.

ثمة مفهوم خاطئ يشيع بين المصابين بداء السكر، وهو: “إذا كنت أرى جيداً، يعني ذلك عدم وجود أي خطب في عينيّ”. لكن هذا اعتقاد خاطئ. فمعظم الأشخاص الذين يفقدون بصرهم بسبب اعتلال الشبكية السكري يعانون من ذلك لأنهم لم يسعوا وراء المعالجة الطبية المبكرة. لذا، يجب التذكير دوماً بأنه إذا كنت تعاني من داء السكر، تكون معرضاً فعلاً للخطر حتى لو لم تلاحظ أية مشاكل ظاهرية في البصر. لهذا السبب، تعتبر الفحوصات المنتظمة للعين أساسية.

لكن متى يجدر بك فحص عينيك ووفق أي تواتر؟ توصي الأكاديمية الأميركية لطب العيون بالجدول التالي:

●  يجدر بالأشخاص الذين يصابون بداء السكر قبل عمر 30 عاماً أن يخضعوا لفحص شامل للعين بعد مرور 5 سنوات على معاناتهم من داء السكر أو حين يصبحون أكبر بعشر سنوات.

●  يجدر بالأشخاص الذين يجري تشخيص داء السكر لديهم في عمر 30 عاماً أو أكثر أن يخضعوا لفحص شامل للعين عند التشخيص.

●  يجدر بالنساء المصابات بداء السكر والحوامل أو اللواتي ينوين الحمل أن يخضعوا لفحص شامل للعين قبل الحمل أو في بداية الشهر الأول من الحمل، ومن ثم مرة كل 3 أشهر.

وبعد الفحص الأولي، يجدر بالمصابين بداء السكر فحص عيونهم مرة كل عام، إلا في حال معاناتهم من مشاكل تستلزم المراقبة على نحو أكثر تواتراً.

راجع طبيبك فوراً إذا شعرت بالألم أو الاحمرار في عينيك، أو تضاءل بصرك، أو شاهدت طافيات أو أضواء وامضة. وفي حال تشخيص اعتلال الشبكية السكري، يرتبط مسار العلاج بوخامة الحالة وما إذا كان بصرك متضرراً حالياً أو أنه مهدد نتيجة التغيرات الشبكية.

علاج اعتلال الشبكية السكري

إذا كنت تعاني من شكل خفيف من اعتلال الشبكية السكري غير التشعبي، قد لا تحتاج إلى المعالجة على الفور. لكن طبيب العيون يحتاج إلى فحص شبكيتك عن كثب. وثمة أشكال أكثر تفاقماً من اعتلال الشبكية تستلزم غالباً جراحة فورية. لكن العلاجين الأساسين لاعتلال الشبكية السكري هما التخثير الضوئي واستئصال الزجاجية. وفي معظم الأحوال، يكون هذان العلاجان فعالين ويبطئان تفاقم المرض لبعض الوقت أو يوقفانه. لكنهما لا يشفيان. وبما أن داء السكر يستمر في التأثير في جسمك، قد تعاني من تلف إضافي في الشبكية وفقدان للبصر في وقت لاحق.

التخثير الضوئي photocoagulation

يهدف التخثير الضوئي إلى وقف تسرب الدم والسائل في الشبكية، وبالتالي إبطاء تفاقم اعتلال الشبكية السكري. ويرتكز قرار اللجوء إلى مثل هذا الإجراء على نوع اعتلال الشبكية السكري الذي تعاني منه، ومدى وخامته، وكيفية استجابته مع العلاج.

يوصى بالتخثير الضوئي عموماً إذا كنت تعاني من:

●  الوذمة البقعية، وهو تورم يصيب وسط الشبكية أو يهدده.
●  شكل وخيم من اعتلال الشبكية السكري غير التشعبي، خصوصاً إذا كنت تعاني من النوع 2 من داء السكر.
●  اعتلال الشبكية السكري التشعبي.
●  زرق وعائي جديد.

وفي التخثير الضوئي، يستخدم شعاع ليزر قوي الطاقة لتوليد حروق صغيرة في مساحات الشبكية المشتملة على وعاء دموي شاذ بهدف وقف أي ارتشاح. تجرى هذه العملية في عيادة الطبيب أو في مركز للجراحة. لكن قبل الجراحة، يوسّع طبيب العيون البؤبؤ ويضع قطرات مخدّرة لتخدير عينك. وفي بعض الحالات، يخدّر الطبيب العين على نحو أكثر شمولاً من خلال حقن المخدر حول العين وخلفها.

يرتاح ذقنك وجبينك في مصباح شقبي، وتوضع عدسة لاصقة طبية على قرنيتك للمساعدة في تركيز ضوء اللايزر على أجزاء الشبكية الواجب معالجتها. ويمكن أن تعمل صور تخطيط الأوعية بالصباغ الفلوري بمثابة خرائط لإظهار الأماكن الواجب إخضاعها لحروق اللايزر. وأثناء هذه العملية، قد تشاهد أضواء وامضة وساطعة نتيجة الضوء الشديد الطاقة الموجه نحوك.

لمعالجة الوذمة البقعية، يتم تركيز اللايزر على الأماكن حيث ترشح الأوعية الدموية قرب البقعة. يجري الطبيب “لحماً للأماكن” لوقف التسرب. وإذا كانت التسربات بسيطة، يتم توجيه اللايزر مباشرة على نقاط معينة حيث يحدث التسرب (معالجة الليزر البؤرية Focal laser treatment). وإذا كان التسرب متفشياً، تجرى حروق الليزر في شكل شبكة فوق مساحة كبيرة (معالجة اللايزر الشبكية Scatter laser treatment).

بعد فترة وجيزة من علاج اللايزر، يمكنك العودة إلى المنزل. لكنك لن تستطيع القيادة ولذلك إحرص على ترتيب العودة إلى المنزل. يبقى بصرك ضبابياً لمدة يوم تقريباً. وقد تعاني من بعض الألم في العين أو الصداع أو الحساسية للضوء. لكن يفترض برقعة العين ومسكنات الألم الشائعة أن تساعد على التخفيف من الانزعاج.

وحتى لو نجحت جراحة اللايزر في ختم التسربات، قد تظهر مساحات جديدة راشحة في فترة لاحقة. لهذا السبب، عليك زيارة الطبيب بانتظام والخضوع عند الضرورة لعلاجات لايزر إضافية.

تجدر الإشارة إلى أنه مباشرة بعد جراحة اللايزر الهادفة إلى معالجة الوذمة البقعية، قد تظهر بقع صغيرة ناجمة عن حروق اللايزر في حقلك البصري. لكن هذه البقع تخبو عادة وتختفي مع الوقت. وإذا كنت تعاني من ارتجاج الرؤية نتيجة الوذمة البقعية قبل الجراحة، يحتمل ألا تسترد تماماً بصرك العادي.

التخثير الضوئي لكامل الشبكية

في اعتلال الشبكية السكري التشعبي، يستخدم شكل من جراحة اللايزر يعرف بالتخثير الضوئي لكامل الشبكية أو التخثير المنتشر. وفي هذه التقنية، تتم معالجة كل الشبكية، باستثناء البقعة، بحروق لايزر موزعة عشوائياً. يؤدي هذا العلاج إلى تقليص الأوعية الدموية الجديدة الشاذة واختفائها. هكذا، تتضاءل فرص النزف الزجاجي. ينجز التخثير الضوئي لكامل الشبكية عادة في جلسة واحدة أو اثنتين. ويخفف هذا العلاج كثيراُ من خطر فقدان البصر.

إذا كان العلاج شاملاً، قد تلاحظ بعده خسارة في البصر الجانبي. فالتخثير الضوئي لكامل الشبكية قائم على التناوب. بالفعل، تجري التضحية بقسم من بصرك الجانبي لإنقاذ قدر ما يمكن من بصرك المركزي. قد تواجه أيضاً المزيد من الصعوبات في الرؤية الليلية وتعاني من ارتجاج مؤقت في بصرك المركزي. تجدر الإشارة إلى أن التخثير الضوئي لكامل الشبكية لا يمنع دوماً فقدان البصر نتيجة اعتلال الشبكية السكري، حتى لو كانت العلاجات متكررة.

استئصال الزجاجية Vitrectomy

يختفي النزف الزجاجي غالباً من تلقاء نفسه. لكن التخثير الضوئي يصبح مستحيلاً إذا كان النزف شاملاً ولم يتوقف. في هذه الحالة، يصبح استئصال الزجاجية ضرورياً لاسترداد البصر أو الحؤول دون الفقدان الكامل للبصر. ويعتبر استئصال الزجاجية المبكر مفيداً خصوصاً للذين يعانون من مضاعفات النوع 1 من داء السكر.

في هذه العملية، يستخدم الجرّاح أدوات دقيقة لاستئصال الزجاجية المليئة بالدم. تتولى قاطعة زجاجية قص النسيج وإزالته من العين، الجزء تلو الآخر. وتحلّ قصيبة تسريب مكان النسيج المستأصل، على أن تحتوي على محلول ملحي متوازن للحفاظ على الشكل والضغط الطبيعيين للعين. وثمة مسبار ضوئي أيضاً ينير الجهة الداخلية لعينك. يجري الجرّاح العملية أثناء النظر عبر مجهر موضوع فوق العين. بهذه الطريقة، يتم استئصال الدم الزجاجي لاسترداد البصر الواضح.

يتم اللجوء أيضاً إلى استئصال الزجاجية للتخلص من نسيج الندبة حين يبدأ بجرّ الشبكية بعيداً عن جدار العين. ويسمح ذلك للشبكية المنفصلة بالاستقرار مجدداً والتسطح. لكن طبيبك قد يقرر عدم إجراء عملية لشبكية مفصولة بنسيج ندبة إذا كان الانفصال بعيداً عن البقعة ويبدو أنه لا يتفاقم.

أثناء استئصال الزجاجية، قد ينجز الجرّاح أيضاً تخثيراً ضوئياً لكامل الشبكية بواسطة مسبار لايزر. فهذا يحول ربما دون نشوء أوعية دموية شاذة وحدوث نزف مجدداً.

تجدر الإشارة إلى أن استئصال الزجاجية يتم عادة تحت تخدير موضعي في عيادة خارجية. وتصبح عينك حمراء ومنتفخة وحساسة للضوء لبعض الوقت بعد الجراحة. كما يتوجب عليك استعمال رقعة للعين لفترة قصيرة بعد العملية واستعمال قطرات طبية للمساعدة على الشفاء.

والواقع أن الشفاء الكامل قد يستغرق أسابيع عدة. وعند استئصال الزجاجية في حالة اعتلال الشبكية السكري التشعبي الكاشفة عن نزف زجاجي شامل، قد يبقى بعض الدم في العين أو يحدث نزف جديد. ويحتاج بصرك حينها إلى أسابيع عدّة ليعود صافياً.

بعد استئصال الزجاجية في حالة الانفصال الشبكي المجرور أو النزف الزجاجي، يتحسن البصر عند معظم الأشخاص. لكن حين تخفق الجراحة في تحسين البصر، يعزى ذلك عادة إلى تلف كبير في الشبكية نتيجة داء السكر. وقد يعزى ذلك أحياناً إلى مضاعفات الجراحة، أو عودة النزف الزجاجي، أو انفصال الشبكية أو نشوء أوعية دموية جديدة في القزحية (زرق وعائي جديد).

الرعاية الذاتية

لا شك في أن اعتلال الشبكية السكري هو مرض خطير. ولا ريب أيضاً في إمكانية اتخاذك لخطوات لإبطاء تفاقمه.

السيطرة على سكر الدم. إن السيطرة المحكمة على سكر الدم تبطئ استهلال اعتلال الشبكية وتفاقمه، وتخفف الحاجة إلى الجراحة. وتعني هذه السيطرة المحكمة إبقاء مستويات سكر الدم قريبة قدر الإمكان من المعدل السوي. تجدر الإشارة إلى أن النطاق الطبيعي قبل الأكل يراوح بين 70 و110 ملغ من السكر في كل عُشر ليتر من الدم. لكن هذا النطاق قد لا يكون واقعياً بالنسبة إلى العديد من الأشخاص. وثمة مقياس آخر للسيطرة المحكمة يتمثل في نتيجة قدرها 8 في المئة أو الأقل في اختبار الهيموغلوبين السكري (اختبار الهيموغلوبين A-1C) الذي يقيس مدى سيطرتك على مستوى سكر دمك خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر السابقة.

إلا أن السيطرة المحكمة ليست ممكنة للجميع، بمن فيهم بعض الكبار في السن والأولاد والمصابين بالأمراض القلبية الوعائية. تحدث إلى الطبيب العام أو طبيب الغدد الصم أو مستشار داء السكر للاطلاع على أفضل برنامج بالنسبة إليك. تجدر الإشارة إلى أن برنامج السيطرة ينطوي عادة على:

●  تناول الأنسولين أو أدوية أخرى.
●  مراقبة مستويات السكر في الدم.
●  اتباع برنامج أكل صحي.
●  ممارسة التمارين بانتظام.
●  الحفاظ على وزن صحي.

قد تحتاج إلى بعض الوقت قبل ملاحظة فوائد خفض مستوى السكر في دمك. ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن السيطرة الجيدة على مستوى السكر تخفض خطر تعرضك لاعتلال الشبكية لكنها لا تنفيه تماماً.

الانتباه إلى التغيرات في البصر. بالإضافة إلى الفحص السنوي للعين، إنتبه جيداً إلى كل التغيرات المفاجئة الحاصلة في البصر. إفحص عينيك فوراً إذا لاحظت:

●  تغيرات في البصر تدوم أكثر من بضعة أيام أو ليست مرتبطة بتغير في سكر الدم.
●  ألم في العين، أو احمرار، طافيات أو أضواء وامضة.

إبقاء ضغط الدم منخفضاً. أشارت الدراسات إلى أن خفض ضغط الدم قد يبطئ تفاقم اعتلال الشبكية السكري. ولخفض ضغط دمك، يتوجب عليك ربما تناول الأدوية أو إجراء تعديلات في أسلوب العيش.

التوقف عن التدخين. يعتبر التدخين مضراً جداً للذين يعانون من داء السكر لأنه يحفز انسداد الأوعية الدموية.

الحصول على الدعم عند الحاجة إليه. قد يفرض داء السكر ضريبة عاطفية وجسدية على حد سواء. بالفعل، يشيع الإجهاد والاكتئاب والقلق بين المصابين بداء السكر. وفي المقابل، قد يؤدي الإجهاد إلى تقلب مستويات السكر في الدم. لذا، لا تتردد في طلب المساعدة من مستشار أو معالج أو مجموعة دعم، علماً أن تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل، قد تكون مفيدة أيضاً.