أنت تتبع نظاما غذائيا صحيا للقلب وتمارس الرياضة البدنية بانتظام، ولكن ضغط دمك ومستوياتك من الكوليسترول – هذا عدا عن مستوياتك من التريغليسيريد والبروتين التفاعلي – C والهوموسيستيين – لم يبلغا بعد المستوى المطلوب. ورغم أن اتباع أسلوب حياة صحي يمكن أن يلغي أو يحسن معظم العوامل الخطرة لاعتلال القلب، إلا أنك كلما تأخرت في تبني عادات صحية، كلما كنت أكثر احتمالا لأن تحتاج إلى مساعدة الأدوية الموصوفة من قبل طبيبك.
لو أن الجميع تبع نظاما غذائيا أمثل وبرنامج تمارين رياضية منذ الطفولة الباكرة، لكانت النوبات القلبية والسكتات الدماغية نادرة الحدوث. وعلاوة على ذلك، كانت ستقل الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة الأخرى في العالم الغربي إلى حد كبير. كلما انتظرنا أكثر لتحقيق تغييرات بناءة في أسلوب الحياة، كلما كان من المرجح أكثر أن هذه التدابير لوحدها لن تكون كافية لإبطال التلف الذي سببته سنوات عديدة جدا من الأكل السيئ والحياة القليلة الحركة. هنا تصبح الأدوية الصحيحة منقذة للحياة.
يمكن أن تحدث الأدوية أيضا فرقا كبيرا لدى الناس الذين لديهم استعداد وراثي قوي لاعتلال القلب. لقد لاحظت عبر السنوات العديد من الحالات التي أخر فيها أسلوب الحياة الأمثل للمريض – ولكنه لم يمنع – الجينات السيئة من زيادة التصلب العصيدي والتسبب بألم صدري أو نوبة قلبية. إن إضافة الأدوية لأسلوب الحياة الصحي لدى هؤلاء الناس يمكن أن تعيد ترتيب الأوراق الجينية لصالحهم.
كيف تعرف إن كنت قد وصلت إلى مرحلة لم يعد فيها أسلوب الحياة الصحي كافيا وأصبحت بحاجة إلى دواء أو اثنين لمنع اعتلال القلب؟ يعتمد هذا في جزء كبير منه على صيغتك من العوامل الخطرة. بمجرد وجود التصلب العصيدي – أي إذا كانت نتيجة الكالسيوم لديك مرتفعة مثلا أو إذا اختبرت بالفعل نوبة قلبية – فأنا أعتقد بقوة بوجوب استعمال الأدوية. كما أوصي بالأدوية أيضا للناس المعرضين لخطر متوسط، ولكن عواملهم الخطرة لا تستجيب على نحو ملائم لتغييرات أسلوب الحياة فيصابون بالتصلب العصيدي نتيجة لذلك. إن قرار تناول دواء يجب أن يتخذ دوما بالتشاور مع طبيبك، ولكن كلما زادت معرفتك بخياراتك، كلما كان من الأسهل على طبيبك أن يشير عليك بما يجب أن تفعله.
يتخذ العديد من المرضى موقفا عدوانيا إذا اقترحت وصف أدوية لهم، لأنهم يحسبون أن جميع الأدوية لها تأثيرات جانبية. في حين أن التأثيرات الجانبية، بالإضافة إلى الفاعلية، كانت دوما موضع اعتبار عند موازنة الإيجابيات والسلبيات للمعالجة الدوائية، إلا أن تقدما حقيقيا قد تحقق في نوعية الأدوية. عندما بدأت بممارسة الطب قبل أكثر من 30 سنة، كان هناك عدد قليل نسبيا من العقاقير المتوفرة لمعالجة اعتلال القلب، وتلك التي كان بإمكاننا أن نختار منها لم تكن فعالة جدا. كنا نضطر إلى وصفها بجرعات قصوى تؤخذ عدة مرات في اليوم كي تعطي نتيجة. أما اليوم فلدينا المزيد من الخيارات الأخرى. الغالبية العظمى من عقاقير القلب الحالية يجب ألا تؤخذ سوى مرة واحدة في اليوم، وهي أكثر فاعلية وذات تأثيرات جانبية أقل من الأدوية الأقدم عهدا. فضلا عن ذلك، تم توثيق منافعها وضآلة خطرها جيدا في العديد من التجارب السريرية (الطبية) الكبرى.
اليوم تفوق منافع تناول الأدوية، في معظم الحالات، مخاطرها بدرجة كبيرة، وهي نقطة لا تزال غير مستوعبة من قبل العديد من الناس. أجد أحيانا أن الشك الصحي عادة للمرضى بشأن تناول الأدوية يتجاوز الحد، وهو ما يمكن أن يتداخل مع القرار الحاسم لتناول عقار يمكن أن يكون منقذا للحياة. أو إذا قرر المريض على مضض أن يأخذ العقار، فيمكن أن يؤثر على مطاوعته لأن يتناوله بصورة منتظمة.
أدى توفر عقاقير الستاتين الفعالة المخفضة للكوليسترول في السنوات الأخيرة (مع أدوية أخرى مثل النياسين الموصوف ومثبط الأنزيم المحول للأنجيوتنسين angiotensin-converting enzyme inhibitor (مثبط ACE)) إلى جعل احتمال الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية أقل من أي وقت مضى، حتى بين المرضى المعرضين لخطر عال. والأكثر من ذلك، وبفضل الاختبارات التشخيصية الحديثة مثل تفريسة القلب واختبار الدم المتقدم، نستطيع أن نعين على نحو أفضل أولئك الذين سينتفعون لأقصى حد من العلاج الدوائي وأن نكون أكثر دقة بشأن العقاقير المستخدمة.
إذا كان طبيبك قد تحدث إليك بالفعل بشأن استعمال أدوية موصوفة، ولكنك غير واثق إن كان يجدر بك اتباع نصيحته، فأنا آمل أن يساعدك هذا الموضوع في الإجابة عن بعض من أسئلتك. إذا كان طبيبك لم يفتح موضوع الأدوية، ولكنك مدرك لاحتمال كونك معرضا لخطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، فاسأل طبيبك إذا كانت الأدوية ستقلل من ذلك الخطر. يحتمل أنك قد تحتاج لأكثر من عقار لبلوغ أفضل النتائج. أنا عادة أجمع عقارين أو أكثر لتخفيض كوليسترول LDL الضار لمرضاي ذوي الخطر العالي إلى المستوى الأمثل البالغ 1.8ميلي مول/ليتر أو أقل أو لأعالج المرضى الذين لديهم عوامل خطرة متعددة مثل الكوليسترول العالي، وضغط الدم المرتفع، والتريغليسيريد المرتفعة.
بالإضافة إلى وصف الأدوية كما يلزم، أنا أوصي أيضا بالمكملات الغذائية… بتحفظ. فخلافا للعقاقير التي تتبع أنظمة مفروضة، لا تتبع المكملات أنظمة مفروضة ويمكن بالتالي أن يتم تسويقها للعامة دون الخضوع للمعاينة العلمية الصارمة المطلوبة لمنتجات مصنعي العقاقير. لهذا السبب ولأسباب أخرى، أنا أفضل أن يحصل الناس على مغذياتهم من الطعام. ومع ذلك، وفي حالات نادرة، أنا أوصي بالفعل بمكملات ثبت علميا أنها آمنة وفعالة على حد سواء.
الأدوية المخفضة للشحوم
صممت الأدوية المخفضة للشحوم لتقليل مستويات الدهون الضارة في دمك. أحدثت هذه الأدوية ثورة في مهنة طب القلب ولها تأثير ضخم على التاريخ الطبيعي لاعتلال الشريان التاجي. مشكلتها الوحيدة هي أنها لا يتم استخدامها كثيرا كما يجب، ولا تؤخذ عادة في جرعات كبيرة بما يكفي. أصف على الصفحات التالية بعض العقاقير التي تساعد على إعادة شحوم الدم إلى مستوياتها المثالية. ورغم أن الهدف الرئيسي لبعض من هذه العقاقير قد يكون خفض دهون الدم، إلا أنها تملك عادة منافع إضافية مثل تقليل الالتهاب والمساعدة في منع تمزق اللويحة الطرية التي تستحث نوبة قلبية.
عقاقير الستاتين
ما كان باستطاعتي أبدا، قبل اكتشاف عقاقير الستاتين، أن أقول جازما بأن الغالبية الساحقة من النوبات القلبية يمكن تفاديها. لقد غيرت عقاقير الستاتين، مع غيرها من الأدوية، التكهن بعاقبة المرض لعشرات الملايين من الأفراد المعرضين لخطر الإصابة باعتلال القلب أو المصابين به فعليا.
تعمل عقاقير الستاتين (أو مثبطات الريدوكتاز HMG-CoA) بتثبيط أنزيم يدعى HMG-CoA، والذي يلعب دورا حاسما في إنتاج الكبد للكوليسترول. إذا كنت تملك مستويات عالية من كوليسترول LDL الضار، فيجب أن تتحدث مع طبيبك عما إذا كان تناول عقار ستاتين سيكون مفيدا. للأسف، إن نصف إجمالي الأفراد المعرضين لخطر عال والذين سينتفعون من تناول عقاقير الستاتين يحصلون عليها فعليا. بجميع المقاييس، لا يتم وصف عقاقير الستاتين كما يجب. ليس لدي شك في أنه لو كان المزيد من الناس يتناولون عقاقير الستاتين، لكان هناك عدد أقل بكثير من النوبات القلبية والسكتات الدماغية ولقلت الحاجة كثيرا إلى عملية رأب الوعاء وجراحة المجازة.
مع ذلك، هناك أطباء قلب متحمسون جدا بشأن عقاقير الستاتين إلى حد أن البعض منهم يقول غير هازل إنها يجب أن توضع في إمدادات المياه! أنا لا أتجاوز الحد لهذه الدرجة في موافقتي. وهذا لأن تناولها من قبل الناس ذوي الخطر المنخفض هو أمر مكلف ماديا ويعرضهم إلى احتمال التأثيرات الجانبية بشكل لا موجب له. ولكن بالنسبة لأولئك ذوي العوامل الخطرة المتعددة أو المصابين فعليا باعتلال القلب، فإن عقاقير الستاتين هي معجزة حقيقية.
بالاعتماد على الجرعة والعلامة التجارية الخاصة، وجد أن عقاقير الستاتين تخفض خطر الإصابة بالنوبة القلبية بنسبة 20 إلى 40 بالمائة. وعلاوة على ذلك، بإمكان عقاقير الستاتين أن تخفض مستوى كوليسترول LDL الضار بنسبة 20 إلى 60 بالمائة. وهذا هو تأثيرها الرئيسي والأكثر أهمية. كما يمكنها أيضا أن تخفض إلى حد ما مستوى التريغليسيريد وترفع مستوى كوليسترول HDL المفيد، رغم أنها لا تستخدم بصورة رئيسية لأي من هذين الغرضين.
لكن يجب أن نتذكر بأن عقاقير الستاتين لا يمكنها أن تزيد بصورة ملحوظة حجم جسيمات HDL أو LDL الصغيرة. الخطوة الأولى نحو زيادة حجم جسيمات HDL وLDL تتمثل بإحداث تغييرات في أسلوب الحياة. ولكن عندما لا يؤدي تعديل أسلوب حياتك إلى إحراز نتيجة إيجابية وتكون بحاجة لمزيد من المساعدة، فإن النياسين، وبدرجة أقل الفيبراتات يمكن أن يكونا مفيدين.
هناك علامات تجارية عدة لعقاقير الستاتين وكل منها مختلف عن الآخر. وهي تشمل البرافاستاتين (ليبوستات)، والسيمفاستاتين (زوكور)، والفلوفاستاتين (ليسكول Lescol)، والأتورفاستاتين (ليبيتور)، والروسوفاستاتين (كريستور). من بين جميع هذه العقاقير، يملك السيمفاستاتين والأتورفاستاتين الدليل الأقوى على أنهما لا يخفضان الـ LDL فحسب، ولكنهما أيضا يمنعان النوبات القلبية والحاجة إلى إجراءات باضعة.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الأتورفاستاتين يبدأ بالعمل لمنع النوبات القلبية أبكر من عقاقير الستاتين الأخرى، ربما نتيجة لمنافع يملكها عدا عن مجرد تخفيض الـ LDL. يبدو أن البرافاستاتين قد سجل أقل حدوث للأوجاع والآلام العضلية. كان الفلوفاستاتين أقل عقاقير الستاتين ثمنا، ولكن السيمفاستاتين متوفر الآن كعقار سائب (غير مصون عن طريق التسجيل في دائرة العلامات التجارية (generic)) وسعره معقول جدا. وفي ما يتعلق بفاعلية تخفيض كوليسترول LDL عند الجرعات القصوى، فإن الروسوفاستاتين هو الأول، ويتبعه الأتورفاستاتين، والسيمفاستاتين، والبرافاستاتين، وأخيرا الفلوفاستاتين (بالنسبة للمرضى المصابين فعليا باعتلال القلب أو أولئك الذين هم عند خطر ملحوظ، فإن هدفي هو أن أخفض الـ LDL إلى أقل من 1.8 ميلي مول/ليتر). وفي تجربة أستيرويد Asteroid الحديثة والمشجعة جدا، تبين أن الروسوفاستاتين يقلص اللويحات العصيدية الطرية.
يبدو أن عقاقير الستاتين تملك تأثيرا إيجابيا على اعتلال القلب عدا عن تأثيرها على الكوليسترول. بإمكان عقاقير الستاتين، وخاصة لدى جمعها مع عقاقير أخرى أو مع النياسين الموصوف، أن تسبب نكوص اللويحات الطرية التي هي السبب الرئيسي لاعتلال القلب. كما باستطاعة عقاقير الستاتين أيضا أن تقلل الالتهاب وتحسن الصحة الإجمالية للأوعية الدموية.
يرفض بعض مرضاي تناول عقاقير الستاتين لأنهم قلقون بشأن تأثيراتها الجانبية. في حين أنني لم أر أبدا مشكلة خطيرة في الكبد أو الكلية بسبب أي من عقاقير الستاتين المتوفرة في السوق، إلا أنني رأيت مرضى أصيبوا بنوبة قلبية لأنهم رفضوا تناول عقار ستاتين بسبب خوفهم من المضاعفات. أريد أن أؤكد على أن احتمال الإصابة بتلف كبدي من جراء تناول عقار ستاتين هو ضئيل إلى أقصى حد، وبأنني لم أر أبدا حالة كهذه خلال ممارستي لمهنة الطب. في حين أن أنزيمات الكبد قد ترتفع، فإن التوقف عن تناول عقار الستاتين يعيدها مرة أخرى إلى المستوى الطبيعي (أو يمكنك أن تجرب أيضا عقار ستاتين آخر كبديل). التأثيرات الجانبية الأخرى الأقل خطورة مثل التشنجات العضلية، وخاصة في أصابع القدمين أثناء الليل، بالإضافة إلى الآلام العضلية العامة هي شائعة إلى حد ما وفقا لخبرتي. يمكن عزو هذه الآلام العضلية إلى حقيقة أن عقاقير الستاتين قد تستنفد الخلايا العضلية من مساعد الأنزيم Q10 (CoQ10)، وهو مضاد تأكسد ينتجه الجسم ويدخل في عملية إنتاج الطاقة. لقد وجدت بأن تناول المكمل CoQ10 الذي يباع في العديد من الصيدليات ومتاجر الطعام الصحي كدواء غير موصوف، يمكنه أحيانا أن يخفف هذه الآلام.
توقف عن تناول عصير الكريب فروت
إذا كنت تتناول عقار ستاتين أو دواء لضغط الدم، فيجب أن تسأل طبيبك عما إذا كان شرب عصير الكريب فروت يشكل خطرا بالنسبة لك. تحتوي ثمرة الكريب فروت على مواد كيميائية طبيعية تثبط الأنزيم CYP3A4الذي يشترك في استقلاب (أيض) نحو نصف العقاقير الموصوفة إجمالا. وكنتيجة لهذا، يمكن أن يؤدي شرب عصير الكريب فروت إلى زيادة فعالية الدواء، وقد يؤدي شرب الكثير منه إلى تأثيرات جانبية محتملة. على سبيل المثال، يؤدي الجمع بين عصير الكريب فروت وبعض عقاقير الستاتين إلى زيادة خطر الإصابة بالتسمم العضلي. لا حاجة للقلق بشأن عصير الكريب فروت إذا كنت لا تتناول عقار ستاتين، كما لا داعي للقلق بشأن عصير الحمضيات الأخرى، لأنها لا تحتوي على نفس المادة الكيميائية المثبطة للأنزيم الموجودة في عصير الكريب فروت.
المضاعفة الأكثر خطورة لعقاقير الستاتين هي التهاب وتحلل الليف العضلي المعروف بالانحلال العضلي المخطط. هذه الحالة هي نادرة للغاية لدى المرضى المعافين، ولم أر أبدا حالة منها لدى المرضى الذين يستخدمون عقاقير الستاتين المتوفرة حاليا. تتسم هذه المضاعفة بضعف عضلي وخيم وألم يشبه ذاك الذي تشعر به عندما تستيقظ وأنت تعاني من أنفلونزا حادة جدا بالكاد يمكنك معها أن تنهض من السرير. هذه المشكلة هي قابلة للعكس كليا بالانتباه الفوري. إذا، إذا كنت تتناول عقار ستاتين ولديك أية مخاوف، فتوقف عن تناول الدواء واستشر طبيبك. تتطلب معالجة الكوليسترول تناول الدواء لأشهر وسنوات. إن التوقف لبضعة أيام أو أسابيع عن تناول الدواء ليس بالأمر الهام.
النياسين
يعرف أيضا بحمض النيكوتينيك، وهو واحد من فيتامينات B (فيتامين B3) الذي يمكنك أن تشتريه دون وصفة طبية، ولكنني أوصي أن يتم تناوله بناء لوصفة طبية بسبب ضمان النوعية للصناعة الصيدلانية. النياسين رافع فعال للـ HDL، وتحديدا جسيمات HDL الكبيرة المرتبطة مع الحماية القصوى من التصلب العصيدي المتزايد. وسواء تناولته بمفرده أو مع عقار ستاتين، فقد ثبت أن النياسين يبطئ أو يعكس التصلب العصيدي، ويمنع تكرار حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
يتوفر النياسين الموصوف بشكل بطيء الإطلاق slow-release يدعى نياسبان، والذي خضع لاختبارات علمية صارمة. في الحقيقة، إنه واحد من العلاجات القليلة المعتمدة على الفيتامين والمصادق عليها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية. بما أن صناعة المكملات لا تخضع لأنظمة مفروضة، فأنا أشعر بثقة أكبر لأن أصف منتجا يضمن احتواؤه على ما تذكره لصيقة المحتوى. في حين أن هناك علامات تجارية جيدة متوفرة من النياسين غير الموصوف، إلا أن بعض العلامات التجارية تفتقر إلى الفاعلية أو تبين أنها خطرة. إذا، إذا اخترت الشكل غير الموصوف، فرجاء افعل ذلك بالتشاور مع طبيبك. من المهم أيضا أن يراقب طبيبك استجابتك للنياسين، بما في ذلك الإجراء الدوري لاختبارات الوظيفة الكبدية.
إليك بعض الطرق التي يستطيع النياسين من خلالها أن يحسن شحوم دمك:
● إنه واحد من العلاجات القليلة التي ثبت أنها ترفع كوليسترول HDL المفيد، ويمكنه أن يرفعه بنسبة تتراوح بين 15 إلى 24 بالمائة.
● لا يخفض كوليسترول LDL الضار بنسبة تتراوح بين 5 إلى 25 بالمائة فحسب، ولكنه يكبر جسيمات LDL الصغيرة الكثيفة التي تنتقل إلى داخل جدر شرايينك بسهولة جدا.
● يمكنه أن يغير حجم جسيمات كوليسترول HDL الصغيرة إلى حجم كبير يستطيع إزالة المزيد من الكوليسترول من جدران أوعيتك.
● بإمكانه أن يخفض مستويات التريغليسيريد بنسبة تتراوح بين 20 و50 بالمائة. وكما شرحت سابقا، التريغليسيريد هي نوع من دهن الدم المرتبط بمقدمة داء السكر وله علاقة بجسيمات LDL وHDL الصغيرة والمستويات المنخفضة من كوليسترول HDL الكلي.
● هو الدواء الوحيد الذي يخفض بفاعلية مستوى البروتين الشحمي (أ) الذي لا يتأثر بالحمية أو ممارسة الرياضة البدنية.
ليس كافيا للأطباء أن يوصوا بدواء له تأثيرات إيجابية على شحوم الدم إلا إذا استطعنا أن نبين أيضا بأن له التأثيرات السريرية المتوقعة مثل إبطاء التصلب العصيدي ومنع النوبات القلبية. ينجح النياسين في هذا الاختبار على نحو عظيم، كما أظهرت دراسة علاج التصلب العصيدي – HDL (المعروفة بتجربة HATS) للدكتور ب. غريغ براون. اشتملت الدراسة التي نشرت في العام 2001 على 160 مريضا بالتصلب العصيدي والذين لديهم مستويات منخفضة من كوليسترول HDL، بلغ معدلها 0.8 ميلي مول/ليتر (أي رقم أقل من 1.0 ميلي مول/ليتر يعتبر عاملا خطرا للإصابة بالنوبة القلبية). جمعت الدراسة النياسين مع عقار ستاتين هو السيمفاستاتين (زوكور). كانت الدراسات السابقة قد أظهرت بالفعل أن عقاقير الستاتين لوحدها يمكن أن تقلل خطر الإصابة بنوبة قلبية بنسبة 20 إلى 40 بالمائة. ولكن أولئك الذين تناولوا النياسين مع عقار ستاتين قللوا عدد النوبات القلبية والسكتات الدماغية بنسبة مذهلة بلغت 90 بالمائة مقارنة بأولئك الذين كانوا يأخذون دواء إرضائيا بلاسبو (حبة دواء زائفة!).
كانت نتائج تجربة HATS جيدة للغاية إلى حد أن الجمعيات الوطنية الأميركية للصحة أطلقت تجربة أكبر تشتمل على أكثر من 3000 مريض. هذه التجربة التي أطلق عليها اسم اطمح عاليا: النياسين مع الستاتين لمنع الإصابات الوعائية، ستتابع المرضى على مدى خمس سنوات، وستنشر النتائج في العام 2010.
في دراسة أخرى تدعى تجربة ARBITER-2، والتي نشرت في مجلة الدورة الدموية Circulation في العام 2004، تم تقييم قدرة النياسين على إبطاء التصلب العصيدي في الشرايين السباتية المؤدية للدماغ. ضمت الدراسة 167 مريضا بالقلب، أضاف بعضهم علاج النياسين عالي الجرعات إلى نظام دوائهم المشتمل على الستاتين. بينما تناول الآخرون عقار ستاتين بمفرده. تم إجراء تصوير فوق صوتي للشريان السباتي لقياس سماكة بطانة الشرايين السباتية في مجموعتي المرضى على السواء. كلما كانت بطانة الشريان السباتي أكثر سماكة، كلما كان مقدار التصلب العصيدي أكبر، وكلما زاد خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. كانت سماكة بطانة الشريان السباتي لدى المرضى الذين كانوا يتناولون عقار ستاتين مع نياسين أقل بنسبة 68 بالمائة منه لدى المرضى الذين كانوا يتناولون الستاتين فقط، ما يشير إلى أن النياسين قد أبطأ تقدم التصلب العصيدي. ظهر أيضا بأن النياسين فعال تحديدا في إبطاء معدل زيادة السماكة لدى أولئك المرضى الذين لديهم مقاومة إنسولين. والأكثر إدهاشا أن المجموعة التي أضافت النياسين إلى علاجها قد أظهرت زيادة في كوليسترول HDL نسبتها 21 بالمائة. وبالنظر إلى صعوبة رفع كوليسترول HDL، تعتبر هذه الزيادة هامة جدا. يبدو أن النياسين شريك مثالي لعقاقير الستاتين لأن تأثيراته الأقوى هي على شحوم الدم الأقل تأثرا بعقاقير الستاتين.
إذا، إذا كان النياسين مفيدا لهذه الدرجة، لماذا لا يتناوله المزيد من الناس المعرضين لخطر الإصابة باعتلال القلب؟ يرجع السبب في ذلك إلى تأثيراته الجانبية المزعجة ولا سيما التفاعل الاحمراري الذي يتسبب به النياسين على نحو شائع بعد عدة ساعات من تناوله، ويستمر لنحو 45 دقيقة وقد يترافق مع حكاك. يحدث هذا التأثير الجانبي غير السام بسبب توسيع النياسين للأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي الجلد. يمكن الحد من التفاعل الاحمراري بتناول النياسين مع الطعام وحبة أسبرين، وغالبا ما يختفي مع الاستعمال المستمر. ولكن عندما لا يتم تحذير المرضى بشأن احتمال حدوث الاحمرار ولا تتم طمأنتهم بأنه ليس تفاعلا تحسسيا (أرجيا)، فغالبا ما يصيبهم القلق ويتوقفون عن تناوله. عندما أخبرهم بما يمكن أن يحدث مقدما، أجد أن معظم المرضى لا يبالغون في رد فعلهم للاحمرار ويؤول أمرهم إلى احتمال النياسين بصورة جيدة.
من التأثيرات الجانبية الأخرى الأقل شيوعا والتي يمكن أن تحدث نتيجة لتناول النياسين هناك الطفح، والألم البطني، وارتفاع مستوى أنزيمات الكبد. كما أن بعض منتجات النياسين غير الموصوفة كانت ترتبط في الماضي بمشاكل كبدية أكثر خطورة (والتي لم تكن مشاكل ملحوظة في حالة النياسين الموصوف). قد يزيد النياسين أيضا سكر الدم بشكل طفيف، ولكن نادرا ما تصبح هذه مشكلة. إجمالا، وجدت النياسين دواء آمنا وفعالا، ولكن سواء أتناولته بناء لوصفة طبية أم لا، يجب أن تكون حتما مراقبا من قبل طبيبك.
إزيتيميب Ezetimibe (إزيترول Ezetrol)
الإزيتيميب هو صنف جديد من العقاقير المخفضة للشحوم والذي يعمل بواسطة إعاقة امتصاص الكوليسترول في الأمعاء الدقيقة. الاسم التجاري للإزيتيميب هو الإزيترول، ومن الممكن استعماله بمفرده (من قبل أولئك الذين لا يحتملون عقاقير الستاتين) أو مجتمعا مع عقاقير الستاتين لتدبر الكوليسترول العالي.
الإزيتيميب مفيد للمرضى الذين لا يستطيعون تخفيض مستوياتهم من كوليسترول LDL إلى حد كاف بتناول عقاقير الستاتين بمفردها، أو الذين لا يعتبرون مرشحين جيدين للنياسين بسبب تأثيراته الجانبية. عندما يجمع مع عقار ستاتين، يخفض الإزيتيميب كوليسترول LDL بصورة هائلة، وهو يفعل ذلك دائما تقريبا دون إحداث أي تأثيرات جانبية. بالنسبة للمرضى الذين يواجهون مشكلة في تناول ما هو أكثر من الجرعة الدنيا لعقار ستاتين، غالبا ما تتيح لهم إضافة الإزيتيميب أن يحققوا الهدف المتمثل في تخفيض كوليسترول LDL إلى أقل من 1.8 ميلي مول/ليتر.
بالإضافة إلى المساعدة في تخفيض الـ LDL، بإمكان الإزيتيميب أن يخفض أيضا مستويات البروتين التفاعلي – C (CRP)، وهو واسم للالتهاب. وكما ناقشت سابقا، المستويات العالية من الـ CRP هي عامل خطر مهم للإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية. وجدت إحدى الدراسات بأن الإزيتيميب، عند جمعه مع عقار ستاتين، تكون قوته المخفضة للـ CRP مساوية لضعفي قوة عقار الستاتين بمفرده.
الأخبار السارة بشأن الإزيتيميب هو أنه سهل الاحتمال ولا يلزمك تناوله إلا مرة واحدة في اليوم. التأثير الجانبي الخطير والوحيد هو تفاعل تحسسي (أرجي) نادر يترافق مع طفح.
الفيبراتات Fibrates
الفيبراتات هي صنف من العقاقير التي كان يتم وصفها قبل عهد عقاقير الستاتين الذي بدأ في العام 1987. تم سحب الفيبرات الأول، وهو الكلوفيبرات، من السوق بعد عدة سنوات من استعماله بسبب تأثيراته الجانبية المعاكسة. ومع ذلك، تتوفر حاليا أربعة من عقاقير الفيبراتات في السوق في المملكة المتحدة وهي الجيمفيبروزيل (لوبيد)، والفينوفيبرات (ليبانتيل)، والسيبروفيبرات (مودالين)، والبيزافيبرات (بيزاليب)، والتي يتم احتمالها جميعا وهي آمنة تماما. مضى على وجود الجيمفيبروزيل الفترة الزمنية الأطول وهو يؤخذ مرتين في اليوم. ولأنه متوفر كعقار سائب (غير مصون من طريق التسجيل في دائرة العلامات التجارية (generic))، فهو في حدود الميزانية المادية للجميع تقريبا. الفيبرات الأحدث هو الفينوفيبرات الذي يؤخذ مرة واحدة في اليوم وهو آمن بشكل عام عند استعماله مجتمعا مع عقاقير ستاتين، وهي خاصية هامة.
الفيبراتات فعالة للغاية في تخفيض التريغليسيريد. كمأ أنها تزيد الـ HDL وحجم جسيمات HDL وLDL، رغم أنها لا تؤدي هذه الوظيفة بنفس كفاءة النياسين. ومثل النياسين، تكمن نقاط قوتها في المجالات التي تكون عقاقير الستاتين ضعيفة فيها، ما يجعل المجموعة المؤتلفة من عقاقير الستاتين والفيبراتات جذابة.
لكن ماذا عن سجل المتابعة للفيبراتات في التجارب السريرية التي تظهر انخفاضا فعليا في حدوث النوبات القلبية؟ رغم أنه غير واسع النطاق كالدليل لعقاقير الستاتين، إلا أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن الفيبراتات يمكن أن تخفض خطر الموت من اعتلال قلبي وعائي. هذا صحيح تحديدا لدى المرضى الذين لديهم مشاكل بالشحوم نتيجة لمقدمة داء السكر وداء السكر. في المتابعة التي استغرقت 18 سنة لدراسة هلسنكي للقلب المنشورة في العام 2006 في مجلة سجلات الطب الداخلي، تبين أن مرضى القلب ذوي مؤشر كتلة الجسم المرتفع (BMI) ومستوى التريغليسيريد المرتفع (وهما عاملان خطران لمقدمة السكري) والذين كانوا يتناولون الجيمفيبروزيل قد انخفض خطر موتهم من اعتلال الشريان التاجي بنسبة 71 بالمائة وخطر موتهم من جميع الأسباب الأخرى بنسبة 33 بالمائة. إنها نتائج مثيرة جدا.
في حين أنها عادة ما تكون محتملة جدا، إلا أن الفيبراتات تسبب بين الحين والآخر انزعاجا في المعدة ونادرا ما تسبب ضعفا عضليا. يجب أن تتم مراقبة وظيفة كبدك من قبل طبيبك.
عازلات الأحماض الصفراوية Bile Acid Sequestrants
كانت عازلات الأحماض الصفراوية، المعروفة أيضا بالرواتين (جمع راتين)، من بين أول الأدوية المخفضة للكوليسترول التي تم تطويرها. استخدمت في دراسة كانت بمثابة نقطة تحول وعرفت باسم تجربة عيادات البحث الشحمي للوقاية التاجية الرئيسية Lipid Research Clinics Coronary Primary Prevention Trial (LRC-CPPT)، وهي دراسة استغرقت 10 سنوات وأنجزت في العام 1983، وكانت أول دراسة توضح أن تخفيض الكوليسترول قد نتج عنه انخفاض ملحوظ إحصائيا في اعتلال القلب. في حين أن التجربة قد أظهرت فعليا انخفاضا صغيرا جدا في معدلات حدوث نوبات القلب، إلا أن عازلات الأحماض الصفراوية كانت أفضل العقاقير المتوفرة لتخفيض الكوليسترول آنذاك، رغم أنها كانت باهظة الثمن وصعبة التناول. لحسن الحظ، لقد قطعنا شوطا طويلا منذ دراسة LRC-CPPT.
تعمل عازلات الأحماض الصفراوية عن طريق الالتصاق (الارتباط) بالأحماض الصفراوية المحتوية على الكوليسترول في الأمعاء وطرحها في البراز، مانعة بالتالي امتصاصها في مجرى الدم. ومثل الإزيتيميب، هي تعمل حصريا في الأمعاء، ولكنها خلافا للإزيتيميب لا بد أن تؤخذ عدة مرات في اليوم، كما أنها أكثر احتمالا لأن تسبب مشاكل بطنية، كالألم والنفخة بشكل رئيسي. تباع حاليا تحت الأسماء التجارية كويستران (كولستيرامين cholestyramine)، وكولستيد (كولستيبول colestipol)، وولكول (كولسيفيلام colesevelam).
تستطيع عازلات الأحماض الصفراوية أن تخفض كوليسترول LDL بنسبة تصل إلى 20 بالمائة عندما تؤخذ بمفردها، وبنسبة تصل إلى 40 بالمائة عندما تؤخذ مجتمعة مع عقاقير الستاتين و/أو النياسين الموصوفة من أجل نتائج أفضل. ومع ذلك، بما أن هذه الأدوية تستطيع بالفعل أن ترفع مستويات التريغليسيريد، فهي ليست ملائمة للناس ذوي المستويات العالية أو الفاصلة من التريغليسيريد.
إنني نادرا ما أصف عازلات الأحماض الصفراوية لأن مرضاي يجدونها صعبة التناول. فحين تكون على شكل مسحوق، لا بد من مزجها مع الماء أو العصير، ويجد بعض الناس صعوبة في تحضير المزيج. وحتى عندما تؤخذ على شكل حبة، لا يزال من الضروري أن يتم بلعها مع الكثير من الماء. بغض النظر عن شكلها الذي تؤخذ به، يمكن لهذه العقاقير أن تسبب أعراضا معدية معوية مزعجة أهمها الإمساك، والنفخة، والغثيان، وانقطاع النفس. وعلاوة على ذلك، بإمكان هذه العقاقير، إن لم يتم تناولها في الوقت المناسب، أن تعرقل امتصاص أدوية أخرى مثل محصرات بيتا، ومرققات الدم، ومدرات بول التيازيد.
أنا أذكر عازلات الأحماض الصفراوية هنا لأنها يمكن أن تكون مفيدة للناس المعرضين لخطر عال والذين لا يستطيعون أن يتناولوا عقاقير الستاتين ولكنهم بحاجة لأن يخفضوا مستوياتهم من كوليسترول LDL إلى أدنى حد ممكن.
أدوية ضغط الدم
لدينا اليوم بعض الأدوية الرائعة التي تساعد على ضبط ضغط الدم. ولكن لم تكن تلك هي الحالة دوما. عندما بدأت بممارسة الطب، كانت مدرات البول (حبوب الماء) هي أكثر العقاقير الموصوفة شيوعا لضغط الدم المرتفع. تعمل مدرات البول لدى تناولها بجرعات منخفضة على إرخاء جدران الشرايين، مخفضة بذلك ضغط الدم. أما عند تناولها بجرعات عالية، فهي تخفض ضغط الدم أكثر بالتقليل من حجم دمك. مع كمية أقل من الدم ليضخها القلب، لا يعود الأخير بحاجة لأن يعمل بنفس الكد وينخفض ضغط الدم.
رغم أن مدرات البول يمكن أن تخفض ضغط الدم، إلا أن هناك عدة مشاكل تتعلق بها. فمن أجل أن تكون فعالة كعلاج أوحد، لا بد من تناولها بجرعات عالية إلى حد ما، وهو ما يؤدي ليس فقط إلى خسارة الماء الزائد، بل أيضا إلى خسارة مقادير ملحوظة من معدن البوتاسيوم. ويمكن لهذا أن يكون مهددا للحياة.
بسبب العدد الكبير المتوفر اليوم من الأدوية الأخرى المخفضة لضغط الدم، فإن الأطباء لديهم الحرية في وصف مدرات البول عند جرعات أدنى بكثير، والتي هي ليست آمنة جدا فحسب ولكنها أيضا فعالة جدا. بالنسبة للمرضى الذين يكون ضغط دمهم مقاوما للأدوية الأخرى، يمكن أن تؤدي إضافة جرعة منخفضة جدا من مدر بول إلى إحداث فرق كبير. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من مجموعات الأدوية المتوفرة التي تجمع بين جرعة منخفضة من مدر بول مع دواء آخر لضغط الدم، مثل مثبط الأنزيم المحول للأنجيوتنسين angiotensin-converting enzyme inhibitor (مثبط ACE) أو محصر بيتا. يتيح هذا تناول الدواء بشكل ملائم للمريض في جرعة واحدة تؤخذ في حبة واحدة فقط في اليوم. كما أن مدرات البول قد نجحت في اختبار الزمن، بينما بطلت معظم أدوية ضغط الدم الأخرى التي كنت أستعملها خلال سنوات تدربي الأولى كطبيب.
إن أدوية ضغط الدم المشروحة أدناه كانت جزءا من ثورة حقيقية في معالجة ضغط الدم المرتفع ومنع النوبات القلبية والسكتات الدماغية. لم يعد لزاما على المرضى أن يتعاملوا مع أدوية لضغط الدم توجب تناولها عدة مرات في اليوم أو لديها تأثيرات جانبية شائعة.
مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين (مثبطات ACE) ومحصرات مستقبل الأنجيوتنسين II (ARBs)
مثبطات ACE والـ ARBs هما صنفان مرتبطان من أدوية ضغط الدم لديهما تأثيرات إيجابية عدا عن خفض ضغط الدم، وهما آمنان ويحتملهما المريض جيدا.
تعمل مثبطات ACE، التي استعملت للمرة الأولى قبل سنوات من الـ ARBs، على إرخاء (توسيع) الأوعية الدموية بحصر تكوين الأنجيوتنسين II، وهي مادة تضيق الأوعية الدموية وهي بحد ذاتها عامل خطر للإصابة بالنوبات القلبية. في تجربة تقييم نتائج الوقاية القلبية (HOPE) الكبرى التي أجريت في 267 مركزا طبيا في أنحاء العالم في الفترة من 1996 إلى 1999، وجد أن مثبط ACE المعروف باسم راميبريل (ألتاس) يمنع النوبات القلبية والسكتات الدماغية على حد سواء عدا عن قدرته على تخفيض ضغط الدم. نحن نظن بأننا نعرف السبب. فمثبطات ACE تحسن فعليا صحة البطانة الوعائية الفارشة، أي بطانة الجدار الشرياني. وجدت دراسة HOPE أيضا بأن عددا أقل من المرضى الذين تناولوا الألتاس قد أصيبوا بداء السكر مقارنة بأولئك الذين تناولوا بلاسبو (حبة دواء زائفة).
مثبطات ACE هي أيضا علاج قياسي لمرضى قصور القلب الذين لا يعانون من ارتفاع ضغط الدم. عندما يتناول هؤلاء المرضى مثبط ACE، يقل لديهم حدوث النوبات القلبية كما تقل حوادث قصور القلب. وبسبب منافعها الجلية لمنع النوبات القلبية، فأنا أصف مثبطات ACE للمرضى المعرضين لخطر عال والذين يكون ضغط دمهم في المدى المرتفع الطبيعي.
يستطيع معظم الناس أن يحتملوا مثبطات ACE جيدا، ولكن التأثير الجانبي الشائع لها هو السعال الجاف. ليس هذا السعال خطرا ولا يشير إلى مشكلة بالرئة. إنه نتيجة لزيادة الهستامين في مجرى الدم. الهستامين هو مادة كيميائية يمكنها أن تتسبب في توسيع الأوعية الدموية الصغيرة، ولكنها يمكن أن تسبب أعراضا تحسسية (أرجية) عندما تتواجد بكميات زائدة. نتيجة لتأثيراتها على الأوعية الدموية، قد تكون زيادة الهستامين في الحقيقة جزءا من الطريقة التي تعمل بها مثبطات الـ ACE. وبالتالي أنا أوقف استعمال مثبط ACE فقط عندما يجد المريض – أو شريك حياته – أن السعال بات مزعجا. هناك أيضا تفاعل معاكس هام، ولكنه نادر جدا لمثبطات ACE وهو الخزب الوعائي، وهو نوع من التفاعل التحسسي الذي يسبب انتفاخ (أوديما) الأطراف، وبشكل خاص اللسان، ويتطلب عناية طبية فورية.
من بين مثبطات ACE الموصوفة عادة هناك البينازبريل (لوتنسين)، والكابتوبريل (كابوتين)، والإنالابريل (فاسوتيك)، والراميبريل (ألتاس)، والليزينوبريل (زيستريل)، والتراندولابريل (غوبتين)، والبيريندوبريل (كوفيرسيل). تتوفر معظم هذه الأدوية الآن في شكل سائب (غير مصون من طريق التسجيل في دائرة العلامات التجارية (generic)).
ترتبط الـ ARBs بشكل وثيق بمثبطات ACE ولكنها لا تترافق تقريبا أبدا مع سعال. ومثل مثبطات ACE، يتم تناولها بشكل عام مرة واحدة في اليوم وتحتمل بشكل جيد جدا من قبل المرضى. يتوفر الآن العديد جدا من الـ ARBs إلى حد أنه من الصعب أن تبقى مطلعا على الفروقات الثانوية بينها. ولكن بالرغم من احتمال وجود فروقات صغيرة بين الـ ARBs، إلا أنها تبدو آمنة وفعالة وبديلا ممتازا لمثبطات ACE. وبالإضافة إلى تخفيض ضغط الدم، قد تساعد الـ ARBs في وقاية الناس المصابين بمقدمة داء السكر من الإصابة بداء السكر، وفي وقاية أولئك المصابين فعليا بداء السكر من الإصابة باعتلال الكلية.
قد ينتفع بعض المرضى من تناول مجموعة مؤتلفة من عقار ARBs ومثبط ACE. كما تتوفر مثبطات ACE والـ ARBs في جرعات ملائمة مجتمعة مع جرعة منخفضة من مدر بول (هيدروكلوروتيازيد). ومن بين أكثر الـ RABs الموصوفة شيوعا هناك هيدروكلوريد اللوزارتان (كوزار)، والتيلميزارتان (ميكارديس)، والفالزارتان (ديوفان)، والأولميزارتان (أولميتيك)، والكانديزارتان (أتاكاند)، والإبروزارتان (تيفيتين)، والإربيزارتان (أفابرو).
حاصرات بيتا
محصرات بيتا هي صنف من العقاقير تعمل بإحصار (إعاقة) فعل هرمون الإبينفرين (المعروف أيضا بالأدرينالين). هرمون قاتل أو اهرب هذا هو الذي يسبب التغيرات العديدة المترافقة مع الإجهاد، بما فيها المعدل السريع لنبض القلب، وزيادة ضغط الدم، والتعرق، والرجفة، والقلق. يعزز الأدرينالين أيضا قدرة دمك على التخثر ويساعد في تعزيز تضيق الشرايين، وكلاهما أمران حاسمان في مواجهة إصابة رضحية حادة.
محصر بيتا الأول الذي أصبح متوفرا في سبعينيات القرن الماضي هو البروبرانولول (إنديرال). استخدمته أثناء تدربي كطبيب قلب للمرضى الذين يعانون من ألم صدري لدى بذلهم لجهد لأنه يضعف الزيادة في سرعة القلب والحاجة إلى الدم خلال التمرين البدني، مانعا بذلك حدوث خناق (ألم الصدر). كما كان البروبرانولول شائع الاستخدام أيضا لمعالجة ضغط الدم المرتفع. كان لا بد في ذلك الحين من تناول البروبرانولول عدة مرات في اليوم وفي جرعات أعلى بكثير من تلك المستخدمة اليوم بسبب غياب الأدوية الأخرى للخناق وضغط الدم المرتفع. واليوم، لا أزال أصفه للمرضى ولكن بجرعات منخفضة وأستخدم الكثير من محصرات بيتا الأخرى المتوفرة الآن كأدوية يتم تناولها مرة واحدة في اليوم.
إذا كنت قد أصبت بالفعل بنوبة قلبية، فإن تناول واحد من محصرات بيتا يمكن أن يساعد في تخفيض خطر الإصابة بنوبة قلبية ثانية. في الحقيقة، إن التوصيات الوطنية تنصح بإعطاء وصفة طبية تشتمل على محصر بيتا لمرضى النوبات القلبية لدى مغادرتهم المستشفى. ولأن محصرات بيتا تنقص قوة انقباضات القلب، فقد تم تفاديها دوما بصورة متعمدة لدى مرضى قصور القلب الناشئ عن عضلة قلب ضعيفة أو متلفة. ولكن في تسعينيات القرن الماضي، أوضحت الدراسات بأن محصرات بيتا تحسن فعليا نتيجة المرضى الذين لديهم تاريخ مرضي بقصور القلب، وبأنها الآن العلاج القياسي للمرضى الذين لديهم عضلة قلب ضعيفة.
التأثيرات الجانبية الرئيسية الناشئة عن تناول محصرات بيتا هي الإعياء، والضعف، والمعدل البطيء لسرعة القلب، والتي تترافق في الدرجة الأولى مع الجرعات المتوسطة إلى العالية. كثيرا ما أرى مرضى أكبر سنا (وأحيانا أصغر سنا) يتناولون واحدا من محصرات بيتا ويشكون من افتقارهم للطاقة، ولكن عندما أنقص جرعتهم، يحدث لديهم تحسن هائل. قد تسبب محصرات بيتا الاكتئاب أيضا لدى بعض المرضى، وفي هذه الحالة أنا أخفض الجرعة أو أستبدل الدواء بدواء آخر.
يجب أن تتم مراقبة سرعة القلب بصورة منتظمة لدى المرضى الذين يتناولون محصرات بيتا، لأن سرعة القلب يمكن أحيانا أن تتباطأ بما يكفي لتسبب أعراضا. قد يكون لمحصرات بيتا أيضا تأثير معاكس على الشحوم، وتحديدا من جهة تخفيض كوليسترول HDL المفيد. ولكن محصر بيتا الجديد نسبيا والمعروف باسم كارفيديلول (كوريغ) هو بمثابة استثناء. فبالإضافة إلى عدم إحداثه لتأثير معاكس على الشحوم، فهو يحسن حساسية المريض للإنسولين، ليكون له بالتالي تأثير إيجابي على المرضى المصابين بداء السكر أو بمقدمة داء السكر.
تتوفر حاليا العديد من محصرات بيتا، وبعضها متوفر بصيغ سائبة (غير مصونة من طريق التسجيل في دائرة العلامات التجارية (generic)). كما أصبحت محصرات بيتا أكثر ملاءمة من جهة تناولها، حيث تؤخذ الجرعة مرة واحدة أو مرتين في اليوم. وبالإضافة إلى البروبرانولول والكارفيديلول، تشمل محصرات بيتا التي يتم وصفها غالبا الأتينولول، والبيسوبرولول، والميتوبرولول.
حاصرات الكالسيوم القنوية
تعمل محصرات الكالسيوم القنوية (المعروفة أيضا بمضادات الكالسيوم) على توسيع الشرايين، ما يؤدي إلى تحسين تدفق الدم وتخفيض ضغطه. كما تستخدم أيضا لمعالجة الخناق (ألم الصدر)، ويتم وصف بعض أنواعها لمعالجة نظم القلب اللاسوية (لا نظمية القلب). لا تربكنك كلمة كالسيوم في محصرات الكالسيوم القنوية، فهي تشير إلى طريقة عملها، ولكن لا تأثير لها على مستويات الكالسيوم في الدم.
يتم احتمال محصرات الكالسيوم القنوية على نحو جيد من قبل المرضى، وتؤخذ مرة واحدة في اليوم، ويمكن استعمالها بفاعلية بجمعها مع العديد من أدوية ضغط الدم الأخرى المناقشة هنا. إن تأثيرها المتمثل بمنع النوبات القلبية لم يتم توثيقه جيدا بقدر ما هو في الأصناف الأخرى من أدوية ضغط الدم، ولكن بعض الدراسات تشير إلى أن بعض صيغ محصرات الكالسيوم القنوية قد تؤخر تقدم التصلب العصيدي.
التأثير الجانبي الأكثر شيوعا الذي أراه لدى من يتناولون محصرات الكالسيوم القنوية هو انتفاخ الكاحل. وهو نتيجة لقدرة هذه المحصرات على توسيع الأوردة في الرجلين، متيحة للسائل أن يمكث هناك. ليس الانتفاخ إشارة إلى مشاكل أخرى وهو في الحقيقة ليس إلا تأثيرا ظاهريا معاكسا، ولا يجب معالجته بجرعات منتظمة من مدرات البول. إذا كان الانتفاخ مفرطا، فإن التوقف عن تناول محصر الكالسيوم القنوي أو تجربة آخر هو أمر ضروري.
من بين محصرات الكالسيوم القنوية المستخدمة على نحو شائع هناك الدلتيازيم، والنيفيديبين، والفيراباميل، والفيلوديبين، والأملوديبين.
الأسبرين
اعتادت جدتك أن تتناول الأسبيرين لجميع أوجاعها وآلامها، ولكن هذا العلاج القديم يعتبر الآن الدواء الوقائي الروتيني. على قدر شهرة ورخص ثمن الأسبيرين، على قدر ما أجد أنه من الصعب على المرضى في معظم الأحيان أن يأخذوا تأثيراته الواقية من النوبات القلبية بجدية. ترأس الدكتور تشارلز هينيكينـز الدراسة الشهيرة في هارفارد عام 1980 المعروفة باسم دراسة الصحة للأطباء Physicians’ Health Study، والتي تم فيها بوضوح إقرار الأسبيرين المنخفض الجرعة كعقار منقذ للحياة. كثيرا ما يعلق الدكتور هينيكينـز بأنه لو كان الأسبيرين أغلى ثمنا ولديه المزيد من التأثيرات الجانبية، لأخذه الناس بجدية أكثر.
الأسبيرين هو مضاد للالتهاب ومثبط لتجلط الدم (يخفض لزوجة صفيحات الدم ويمنعها من التكتل معا) على حد سواء. يعني هذا بأنه إذا تمزقت لديك لويحة بالفعل، وأصابت جدار الوعاء، واستحثت تشكل جلطة دموية، فإن الأسبيرين سيمنع الجلطة من النمو إلى حجم يحد من تدفق الدم ويسبب متلازمة تاجية حادة. بإمكان الأسبيرين أن ينقص احتمال إصابتك بنوبة قلبية بنسبة 25 بالمائة تقريبا، وهي نسبة مثيرة فعلا. لهذا السبب، أنا أعتبره سلاحا رئيسيا في القتال ضد اعتلال القلب.
أوصت جمعية القلب الأميركية منذ زمن طويل بالأسبيرين المنخفض الجرعة للناس الذين أصيبوا فعلا بنوبة قلبية، أو ذبحة صدرية (خناق) غير مستقرة، أو سكتة دماغية سببها جلطة دموية (سكتة دماغية إقفارية). كما توصي به أيضا للناس الذين أصيبوا بنوبات إقفارية عابرة (TIAs). النوبات الإقفارية العابرة عبارة عن عوائق في تدفق الدم إلى الدماغ، شبيهة بتلك في السكتة الدماغية، ولكنها تنحل كليا في غضون دقائق دون تأثيرات دائمة. ومع ذلك، يمكن أن تكون منذرة بسكتة دماغية.
منذ أن وجدت دراسة الصحة للأطباء أن الرجال الذين تناولوا 325 ميليغرام من الأسبيرين يوميا قد قللوا خطر إصابتهم بنوبة قلبية أولى بنسبة 44 بالمائة، أصبح الأطباء واثقين تماما بشأن وصف الأسبيرين للمرضى الذكور. ولكننا لم نعرف لسنوات إن كان الأسبيرين سيساعد في حالة النساء. فكما تبين، يبدو أن هناك بالفعل فرقا في الطريقة التي يؤثر بها الأسبيرين على الرجال والنساء. ففي دراسة بارزة ضمت 39,876 امرأة موفورة الصحة ونشرت في مجلة نيو إنغلند للطبفي العام 2005، وجد أن النساء فوق سن الخامسة والستين واللواتي تناولن 100 ميليغرام من الأسبيرين يوميا قد قللن خطر إصابتهن بنوبة قلبية أو سكتة دماغية بنسبة 26 بالمائة. وخلافا لتأثيره على الرجال، لم يقدم الأسبيرين في هذه الدراسة للنساء تحت سن الخامسة والستين انخفاضا في خطر الإصابة بنوبة قلبية، ولكنه خفض خطر الإصابة بسكتة دماغية بنسبة 17 بالمائة لكامل المشتركات في الدراسة.
هناك بضعة تحذيرات تترافق مع تناول الأسبيرين. لا تبدأ بتناول الأسبيرين من تلقاء نفسك دون استشارة طبيبك. بإمكان الأسبيرين أن يسبب نزيفا معديا، ولا يجب أن يتم استعماله من قبل أشخاص يعانون من قرحات معدية معوية أو معرضين للإصابة بها. إذا كنت تتناول الأسبيرين بانتظام، فيجب أن تتجنب الكحول التي يمكنها أيضا أن تهيج بطانة المعدة. ولأن الأسبيرين هو عقار مضاد للالتهاب غير محتو على الستيرويد (NSAID)، فلا يجب أن يؤخذ مع عقاقير NSAID أخرى، مثل الإيبوبروفين (نيوروفين) أو النابروكسين (نابروسين). ولأنه يستطيع أن يرقق الدم، فتجنب تناوله مع أدوية مضادة للتجلط مثل الورفارين.
أحسب أنك قد قرأت نصيحة تخبرك بأن تتناول حبة أسبيرين إذا ظننت أنك تختبر نوبة قلبية من أجل إذابة (تفكيك) الجلطة. يجدر بك فعلا أن تأخذ حبة أسبيرين كاملة للراشدين (325 ميليغرام) ويفضل أن تكون غير مغلفة، إذا ظننت أنك تختبر نوبة قلبية. ولكن إذا ظننت أنك تختبر سكتة دماغية، فلا تأخذ الأسبيرين. بعض السكتات الدماغية سببها نزيف في الدماغ. يؤدي تناول الأسبيرين إلى زيادة النـزيف فقط.
تأليف الدكتور آرثر أغاتستون