قد يوصي الطبيب في بعض الحالات باستعمال دواء واحد أو أكثر لمعالجة السلس، ويكون ذلك مرافقا للمعالجة السلوكية Behavioral therapy.
وفضلا عن الأدوية، توجد بعض الأجهزة الطبية التي تساعد على معالجة السلس، لاسيما عند النساء؛ وقد تستخدم هذه الأجهزة لوقف تسرب البول أو لضبط المثانة الضعيفة؛ كما تعد إجراءات النزح اليدوية، مثل القسطرة الذاتية Self-catheterization بديلا آخر لكلا الجنسين.
الأدوية Medications
هناك العديد من الأدوية التي تستخدم لمعالجة جميع أنماط سلس البول، حيث تعد الأدوية الوسيلة الأكثر فائدة لأولئك الذين يعانون من فرط فعالية المثانة، بينما يعالج سلس الإجهاد Stress incontinence في الغالب بالمعالجات السلوكية كتدريب عضلات قاع الحوض، ويعود السبب في ذلك بشكل جزئي إلى أن المعالجات السلوكية تعطي نتائج مرضية لدى الكثير من المرضى، أما الجزء الآخر من السبب فيعود إلى عدم وجود دواء خاص لمعالجة سلس الإجهاد حتى الآن.
لكن تتوفر في الوقت الحالي أدوية جديدة تستعمل في معالجة كل من سلس الإجهاد والمثانة المفرطة النشاط أو الفعالية، وتكون هذه الأدوية – ولله الحمد – أسهل استخداما وتأثيراتها الجانبية أقل من الأدوية القديمة؛ ونتيجة ذلك، فإن استخدام الأدوية في معالجة السلس في الوقت الحاضر أصبح أكثر فعالية مما مضى.
ولا بد من أن يستعرض المريض مع طبيبه الأدوية التي يستعملها لأية حالة أخرى بدقة، بما في ذلك الأدوية التي تستعمل من غير وصفة طبية أو الأدوية العشبية، لأن بعض الأدوية قد تفاقم من السلس (حسب نمط السلس الذي يعاني منه المريض)، ومنها ما يتأثر أو يتفاعل مع أدوية السلس بطريقة تزيد معها الأعراض؛ وفي جميع الحالات، يساعد الطبيب مريضه في اللجوء إلى الخيار الأفضل.
وفيما يلي الأنماط الرئيسية للأدوية المستخدمة في تدبير سلس البول:
● مضادات الفعل الكوليني Anticholinergics.
● الإستروجين Estrogen.
● محصرات المستقبلات الأدرينية ألفا Alpha-adrenergic blockers.
● ناهضات المستقبلات الأدرينية ألفا Alpha-adrenergic agonists.
ومن الأدوية المستعملة أيضا الإيميبرامين Imipramine (أحد مضادات الاكتئاب Antidepressants)، والدزموبريسين Desmopressin الذي يستخدم في حالات بول الفراش عند الأطفال غالبا.
مضادات الفعل الكوليني Anticholinergics
لو قدر لك إلقاء نظرة فاحصة على خلايا جسمك لشاهدت مستقبلات دقيقة على السطح الخارجي لكل خلية، حيث تعمل هذه المستقبلات كبوابات لعبور العديد من المراسيل الكيميائية (النواقل العصبية Neurotransmitters) القادمة من الدماغ لتوجيه عمل الخلايا، ويلائم كل ناقل عصبي المستقبلة المناسبة له تماما مثل المفتاح في القفل.
ويعد الأسيتيل كولين Acetylcholine الناقل العصبي الذي يؤثر في الخلايا العضلية للمثانة مسببا تقلصها؛ وبما أن فرط فعالية المثانة يتميز بتقلصات غير طبيعية تجعل الشخص يرغب في التبول حتى عندما لا تكون المثانة ممتلئة، فإن الأدوية المضادة للفعل الكولينيAnticholinergics تعمل على إحصار تلك المستقبلات التي يرتبط معها الأسيتيل كولين في الأحوال العادية (المستقبلات المسكارينية Muscarinic receptors)، وينجم عن هذا الإحصار النتائج الثلاث التالية:
● نقص التقلصات غير الإرادية للمثانة.
● نقص قوة التقلصات غير الإرادية.
● زيادة السعة التخزينية للمثانة.
ونتيجة لذلك، تستقبل المثانة عددا أقل من الرسائل غير المرغوبة التي تأمرها بالتقلص، مما يقلل من إلحاح التبول وتكراره؛ كما يقلل ذلك من عوارض السلس.
وهناك دواءان هما أكثر الأدوية المضادة للفعل الكوليني وصفا للمرضى هما الأكسيبوتينين Oxybutynin (الديتروبان Ditropan) والتولتيرودين Tolterodine (الديترول Detrol)، وكلاهما يتوفر بأشكال مديدة التأثير Extended-release تتميز عن الأشكال السريعة التأثير Immediate-release بمزيتين؛ أولاهما أن المريض يحتاج إلى تناول الدواء مرة واحدة كل يوم بدلا من أخذه عدة مرات يوميا، وثانيهما قلة التأثيرات الجانبية لهذه الأشكال؛ ولكن، مع ذلك، تبقى الأشكال السريعة التأثير مفيدة في الحالات التي يعاني فيها المريض من السلس في أوقات معينة فقط، كالسلس الليلي مثلا.
ولقد وجدت دراسة أعدت لمقارنة الشكلين المديدي التأثير لكل من الأكسيبوتينين Oxybutynin والتولتيرودين Tolterodine أن لهما الفعالية نفسها، رغم أن الأكسيبوتينين يبدو أفضل نوعا من ناحية التخفيف العام للأعراض، وقد وجد أن التأثيرات الجانبية بسيطة بشكل عام.
ويتوفر الأكسيبوتينين أيضا بشكل لصاقات جلدية Skin patches تؤمن للجسم كمية مستمرة من الدواء لمدة ثلاثة أيام ونصف؛ وتشير الدراسات الأولية إلى أن فعالية اللصاقات الجلدية مماثلة لفعالية الأشكال الفموية من الأكسيبوتينين oxybutynin، بيد أن تأثيراتها الجانبية أقل.
ولقد استخدم كل من البروبانثيلين Propantheline (البروبانثين Pro-Banthine) والهيوسيامين Hyoscyamine (الليفسين Levsin) في معالجة فرط فعالية المثانة، إلا أن التأثيرات الجانبية الواضحة لهما حدت من استخدامهما كثيرا.
تعد الأدوية المضادة للفعل الكوليني الخيار الأمثل عند النساء اللواتي يعانين من فرط فعالية المثانة، ولكن حد من متابعة الأبحاث حول استعمال الأدوية المضادة للفعل الكوليني عند الرجال حقيقة أن أعراض فرط فعالية المثانة عند الرجال تتزامن أو تتداخل مع أعراض تضخم غدة الموثة (البروستات)، وهو ما يعرف بفرط التنسج البروستاتي الحميد Benign prostatic hyperplasia BPH، حيث نهدف في هذه الحالة إلى معالجة البروستات المتضخمة، فيزول السلس عادة. وقد يوصي الطبيب باستعمال محصرات المستقبلات الأدرينية ألفا Alpha-adrenergic blockers في الحالات التي لا يكون فيها سبب أعراض المثانة هو فرط التنسج البروستاتي الحميد أو الانسداد بورم مثلا؛ وقد يقرر الطبيب استعمال أحد مضادات الفعل الكوليني عند عدم جدوى تلك الأدوية وعدم الرغبة بالجراحة، وذلك بالرغم من الحاجة إلى أبحاث أكثر لتحديد مدى فعالية هذه الأدوية عند الرجال.
التأثيرات الجانبية والمحاذير
يعد جفاف الفم أكثر التأثيرات الجانبية لمضادات الفعل الكوليني شيوعا؛ وللتغلب على ذلك، ينصح بمص قطعة من الحلوى أو مضغ اللبان للتحريض على إفراز اللعاب بكمية أكبر؛ ومن التأثيرات الجانبية الأخرى الأقل شيوعا الإمساك وحرقة الفؤاد (اللذع) Heartburn وتشوش الرؤية واحتباس البول والتأثيرات الجانبية المعرفية Cognitive side effects، مثل الدوام Dizziness والتخليط الذهني Confusion.
أما أكثر التأثيرات الجانبية للصاقات الأكسيبوتينين Oxybutynin شيوعا فهي تهيج الجلد، لذا قد يوصي الطبيب بتغيير مكان اللصاقة بحيث لا يستخدم المكان نفسه إلا بعد أسبوع.
ويجب التنبيه إلى ضرورة تجنب استعمال مضادات الفعل الكوليني عند الشكوى من احتباس البول أو الانسداد الهضمي (المعدي المعوي) أو الزرق الضيق الزاوية Narrow angle glaucoma غير المضبوط؛ كما يجب الحذر لدى استعمال مضادات الفعل الكوليني عند من يعانون من مشاكل كبدية أو كلوية.
الإستروجين Estrogen
تحتوي المثانة والإحليل عند المرأة على مستقبلات لهرمون الإستروجين، حيث يساعد الإستروجين في المحافظة على قوة النسج ومرونتها في هذه الناحية، إلا أنه بعد الإياس (سن الياس) Menopause يقل إنتاج جسم المرأة للإستروجين؛ ويبدو من الناحية النظرية أن هذا النقص في مستوى الإستروجين يساهم في تردي النسج الداعمة المحيطة بالمثانة والإحليل، مما يترك تلك النسج ضعيفة، ويؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى حدوث سلس الإجهاد Stress incontinence.
ومن المعلوم أن الإستروجين يحسن من جريان الدم ويعزز الوظيفة العصبية، كما يصحح من التردي النسيجي في منطقة المثانة والمهبل؛ لذلك، فإن تطبيق الإستروجين على شكل كريمات (رهيمات) مهبلية أو حلقات أو لصاقات قد يساعد على تقوية هذه الناحية وإعادة الحيوية لها، كما يخفف من أعراض سلس الإجهاد، ولكن قد لا ينطبق ذلك على الإستروجين الفموي مقارنة مع الكريمات والمراهم الموضعية.
ويمكن القول بشكل عام بأنه لا توجد الكثير من البراهين العلمية التي تدعم فكرة استعمال الإستروجين في معالجة سلس البول، بل لقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن استعمال الإستروجين ليس أفضل بكثير من استعمال الأدوية الغفل (الموهمة) Placebo، وذلك بالرغم من قيام الإستروجين بدور ما عند استخدامه مع بعض المعالجات الأخرى، مثل تدريب عضلات قاع الحوض.
التأثيرات الجانبية والمحاذير
دلت الدراسة التي قام بها المعهد الوطني للصحة National Institute of Health – والتي تعرف بتعزيز صحة المرأة Women’s Health Initiative – على أن استعمال مزيج من المعالجة بإعاضة الهرمونات Hormone Replacement Therapy (الإستروجين والبروجستين Estrogen plus progestin) قد يزيد من بعض المخاطر الصحية بشكل نادر، مثل أمراض القلب والسكتة Stroke وسرطان الثدي Breast cancer والخرف Dementia، وفضلا عن ذلك، فإن دراسة أخرى كبيرة أجريت حول استعمال مزيج من المعالجة بإعاضة الهرمونات وصحة الجهاز القلبي الوعائي دلت على أن المعالجة بإعاضة الهرمونات قد تزيد في الواقع من سوء سلس البول.
وعلى ضوء ذلك، يمكن القول بأنه لا ينصح بشكل عام باستعمال مزيج من المعالجة بإعاضة الهرمونات في حال سلس البول، ولا ينصح بذلك إلا عندما تفوق الفوائد الأخطار المحتملة له فقط. ومن جهة أخرى، فإن استعمال الإستروجين على شكل مراهم أو حلقات مهبلية يؤثر بشكل موضعي أكثر مما يفعله الإستروجين الفموي، فضلا عن أن جزءا قليلا منه فقط يدخل مجرى الدم، وهذا ما يجعل من غير المتوقع أن يؤدي استعماله إلى حدوث المخاطر الكلية المرافقة للمعالجة الهرمونية الفموية.
حاصرات المستقبلات الأدرينية ألفا Alpha-adrenergic blockers
طورت هذه الأدوية في الأساس لمعالجة ارتفاع ضغط الدم، إلا أنها استخدمت أيضا في معالجة تضخم البروستات عند الذكور، كما وجد أنها تخفف من أعراض فرط فعالية المثانة والسلس الفيضي Overflow incontinence؛ وتقوم هذه الأدوية التي تعرف أيضا بمحصرات المستقبلات – ألفا Alpha-blockers بإرخاء العضلات الملساء لعنق المثانة والإحليل عن طريق منع الناقل العصبي المسمى نورإبينفرين Norepinephrine من الارتباط بالمستقبلات الأدرينالية – ألفا الموجودة في هذه المناطق، مما يؤدي إلى زيادة جريان البول (كمية البول الخارجة عند كل تبول) ونقص عدد مرات التبول.
وقد يوصي الطبيب باستعمال أحد تلك الأدوية في حال وجود أعراض فرط فعالية المثانة، وإن لم يوجد انسداد في المثانة، كما هي الحال عند تضخم غدة البروستات عند الذكور؛ ومع ذلك، يصعب تحديد التأثيرات الصحيحة لهذه الأدوية في فرط فعالية المثانة، لأن أغلب التجارب السريرية درست أعراض فرط فعالية المثانة والانسداد بشكل مشترك، مما يجعل تحديد التأثيرات المميزة لكل دواء بشكل منفصل والتأثيرات الخاصة بفرط فعالية المثانة أمرا صعبا.
ومن الأمثلة على محصرات المستقبلات الأدرينية ألفا Alpha-adrenergic blockers ما يلي:
● التامسولوسين Tamsulosin (الفلوماكس Flomax).
● الألفوزوسين Alfuzosin (اليوروكساترال Uroxatral، الزاترال Xatral).
● الدكسازوسين Doxazosin (الكاردورا Cardura).
● التيرازوسين Terazosin (الهيترين Hytrin).
● البرازوسين Prazosin (المينيبريس Minipress).
التأثيرات الجانبية والمحاذير
قد تؤدي محصرات المستقبلات الأدرينية ألفا إلى حدوث انخفاض مفاجئ في ضغط الدم عند تغيير الوضعية، كالقيام من السرير أو من الكرسي، ويعرف ذلك بانخفاض ضغط الدم الوضعي Postural hypotension، ويصبح ذلك أكثر وضوحا عند استعمال هذه الأدوية بالتزامن مع أدوية العنانة Impotence، مثل السيلدينافيل Sildenafil (الفياغرا Viagra) والفاردينافيل Vardenafil (الليفيترا Levitra) والتادالافيل Tadalafil (السياليس Cialis).
وللتقليل من مخاطر تلك التأثيرات الجانبية، يوصي الأطباء بالبدء بجرعة قليلة من محصرات المستقبلات – ألفا Alpha-blockers، ثم زيادة تلك الجرعة بشكل تدريجي إلى حين بلوغ النقطة المناسبة؛ كما قد يقوم الطبيب بمراقبة التأثيرات الجانبية إذا كان المريض يستعمل من قبل أدوية ارتفاع الضغط (خافضات ضغط الدم Antihypertensive).
ناهضات المستقبلات الأدرينية ألفا Alpha-adrenergic agonists
تعاكس ناهضات المستقبلات الأدرينية ألفا Alpha-adrenergic agonists محصرات المستقبلات الأدرينية ألفا Alpha-adrenergic blockers؛ فبدلا من إحصار المستقبلات الأدرينية – ألفا في عنق المثانة والإحليل، تقوم هذه الأدوية بتنبيه تلك المستقبلات عن طريق محاكاة النورإبينفرين Norepinephrine، مما يؤدي إلى تقلص العضلات الملساء للإحليل، فتحكم بذلك المصرتان البوليتان ويتوقف تسرب البول.
ومن الأمثلة على ناهضات الأدرينيات – ألفا الإيفيدرين Ephedrine والسودوإيفيدرين Pseudoephedrine والفينيل بروبانولامين Phenylpropanolamine PPA (وهذا الدواء موقف في الوقت الحالي)؛ ويذكر أن هذه الأدوية غير مصممة لمعالجة السلس بشكل خاص، بل إننا كثيرا ما نجد الإيفيدرين Ephedrine والسودوإيفيدرين Pseudoephidrine بين أدوية السعال التي تباع من غير وصفة ومضادات الهيستامين Antihistamines ومثبطات الشهية Appetite suppressants. ورغم أن هذه الأدوية تفيد في الحالات الخفيفة من سلس الإجهاد، إلا أن استخدامها في مثل تلك الحالات قل بسبب تأثيراتها الجانبية المحتملة الخطورة.
التأثيرات الجانبية والمحاذير
طلبت منظمة الدواء والغذاء (The Food and Drug Administration FDA) في العام 2000 من شركات الأدوية التوقف عن تسويق المنتجات التي تحتوي على الفينيل بروبانولامين Phenylpropanolamine (PPA) بعد أن دلت إحدى الدراسات على أنه يزيد من خطر حدوث السكتة stroke، لاسيما عند النساء؛ ومن الممكن أن يكون للإيفيدرين Ephedrine والسودوإيفيدرين Pseudoephedrine التأثيرات نفسها، لذا يجب استعمال تلك الأدوية بحذر.
ومن التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية الهياج والأرق والقلق وجفاف الفم والصداع؛ كما يجب تجنب استعمال ناهضات الأدرينيات – ألفا Alpha-adrenergic agonists في حالات الزرق Glaucoma وداء السكر Diabetes وفرط الدرقية Hyperthyroidism وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
الأدوية الأخرى
هناك بعض الأدوية الأخرى تعد جزءا من ترسانة الأدوية المستخدمة في معالجة سلس البول، ومنها:
الإيميبرامين Imipramine
يعد الإيميبرامين(التوفرانيل Tofranil) أحد مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات Tricyclic antidepressants التي تحدث تأثيرات مضادة للفعل الكوليني Anticholinergic والفعل الأدريناليني – ألفا، وبذلك تؤدي إلى إرخاء عضلات المثانة وتقلص العضلات الملساء لعنق المثانة، وهذا ما يجعل من الممكن استعمالها في السلس المختلط – السلس الإلحاحي وسلس الإجهاد؛ وبما أنها تسبب النعاس، فقد تساهم أيضا في تحسين السلس الليلي، كما أنها قد تكون مفيدة عند الأطفال الذين يعانون من بول الفراش الليلي (سلس البول الليلي Nocturnal enuresis).
ويمكن أن يسبب الإيميبرامين تأثيرات جانبية خطيرة في الجهاز القلبي الوعائي، مثل نقص ضغط الدم الوضعي Postural hypotension واضطراب ضربات القلب، ويكون الأطفال هم الأكثر عرضة لهذه التأثيرات؛ ومن التأثيرات الجانبية الأخرى جفاف الفم وتشوش الرؤية والإمساك، فتتشابه بذلك مع التأثيرات الجانبية لمضادات الفعل الكوليني. كما أن مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات Tricyclic antidepressants تتأثر بالعديد من الأدوية، لذا يجب على المريض أن يحرص على إبلاغ الطبيب بكافة الأدوية التي يتناولها قبل الشروع في استعمال الإيميبرامين.
الديزموبريسين Desmopressin
وهو دواء تركيبي معدل من الهرمون المضاد لإدرار البول Anti-diuretic hormone (ADH) الذي يفرزه الجسم بشكل طبيعي، ويؤدي هذا الهرمون إلى التقليل من إنتاج البول؛ ويذكر أن الجسم ينتج هذا الهرمون بشكل أكبر ليلا مما يقلل من الحاجة إلى التبول ليلا.
وقد يكون سبب حدوث سلس البول الليلي Nocturnal enuresis عند الأطفال هو نقص إنتاج الهرمون المضاد لإدرار البول Anti-diuretic hormone (ADH) ليلا؛ لذلك، يستخدم الديزموبريسين عادة لمعالجة سلس البول الليلي عند الأطفال، كما أنه يتوفر على شكل بخاخ أنفي أو حبوب تستعمل قبل النوم.
ولقد اقترحت دراستان أجريتا أن الديزموبريسين قد يقلل أيضا من السلس الليلي عند البالغين من الذكور أو الإناث؛ ومع أنه لا يوجد للديزموبريسين تأثيرات جانبية شائعة، إلا أن هناك خطرا لحدوث احتباس الماء ونقص الصوديوم في الدم (نقص صوديوم الدم Hyponatremia)، لاسيما عند كبار السن.
الدولوكسيتين Duloxetine
يعدالدولوكسيتين من الأدوية الجديدة التي تتمتع بموافقة مشروطة على استخدامها في معالجة الاكتئاب Depression؛ كما يخضع هذا الدواء في الوقت نفسه للتقييم لاستعماله في معالجة سلس الإجهاد بشكل خاص.
ويقع الدولوكسيتين Duloxetine ضمن طائفة من الأدوية تعرف بمثبطات استرداد النورإبينفرين والسيروتونين الانتقائية Selective serotonin and norepinephrine reuptake inhibitors (SNRIs)، حيث تتأثر هذه الأدوية مع الناقلين العصبيين “السيروتونين والنورإبينفرين”. وتعد هذه الأدوية انتقائية، لأنها تؤثر بشكل خاص في السيروتونين والنورإبينفرين، بينما تؤثر بشكل محدود في بقية النواقل العصبية.
عندما ترسل خلية عصبية ما رسالة إلى خلية عصبية أخرى عبر أحد النواقل العصبية، فإنها تطلق ناقلا عصبيا نحو تلك الثغرة (المشبك Synapse) الموجودة بين الخلية المرسلة والخلية المستقبلة؛ وبعد أن يرتبط الناقل العصبي مع المستقبلات المناسبة بالخلية المستقبلة، يعود مرة أخرى إلى الخلية المرسلة، وتدعى هذه العملية بالاسترداد Reuptake.
ويعمل الدولوكسيتين Duloxetine على تثبيط استرداد السيروتونين والنورإبينفرين، مما يبقي هذين الناقلين العصبيين في المشبك فترة أطول مع بقائهما فعالين واستمرارهما في إطلاق الرسائل؛ ومن التأثيرات المترتبة على ذلك الفعل تشجيع ارتخاء العضلة المثانية وزيادة قوة المخرج المثاني (المصرة الإحليلية)، مما يزيد السعة التخزينية للمثانة ويقلل أو يحد من تسرب البول.
ولقد تبين من خلال العديد من التجارب السريرية المضبوطة والمختارة عشوائيا أن الدولوكسيتين Duloxetine يخفف بشكل ملحوظ من السلس عند النساء، وذلك بالمقارنة مع الحالة لدى استعمال الغفل (الدواء الموهم) Placebo؛ كما أن نوعية الحياة قد تحسنت في معظم الحالات. ويعد الغثيان Nausea أكثر التأثيرات الجانبية شيوعا لهذا الدواء، إلا أن ذلك غالبا ما يكون خفيفا ويزول في غضون أسابيع قليلة.
ومع أن الدولوكسيتين Duloxetine طور أساسا لمعالجة سلس الإجهاد، إلا أنه قد يفيد أيضا في حالات السلس المختلط.
مضادات الفعل الكوليني الانتقائية Selective Anticholinergics
إن أحد الأسباب التي تحد من استعمال مضادات الفعل الكوليني الحالية هو تأثرها أو تفاعلها مع عدد من المستقبلات في مختلف أنحاء الجسم، مثل الغدد اللعابية والجهاز العصبي المركزي، فضلا عن المثانة؛ ويؤدي ذلك إلى حدوث تأثيرات جانبية كبيرة، مثل جفاف الفم والدوام (الدوخة).
ويعد الداريفيناسين Darifenacin (الإينابلكس Enablex) والسوليفيناسين Solifenacin (الفيزيكير Vesicare) والتروسبيوم Trospium (السانكشر Sanctura) من مضادات الفعل الكوليني المصرح باستعمالها حديثا والتي تستهدف مستقبلات معينة في عضلات المثانة، وذلك لمعالجة فرط فعالية المثانة. وبما أن هذه الأدوية انتقائية في نوعية المستقبلات التي تتأثر معها، لذلك تكون تأثيراتها الجانبية أقل من تلك التي تسببها أدوية أخرى، مثل الأكسيبوتينين Oxybutynin (الديتروبان Ditropan) والتولتيرودين Tolterodine (الديترول Detrol) والتي لها الفوائد نفسها.
الكابسايسين (خلاصة الفليفلة) والريسينيفيراتوكسين Capsaicin and Resiniferatoxin
أشارت بعض الدراسات إلى أن الكابسايسينCapsaicin (العنصر أو المكون اللاذع في الفلفل الحار) ذو تأثير مخدر في المثانة المفرطة الحساسية؛ فبعد أن تملأ (أو تقطر) المثانة بخلاصة الفليفلة باستخدام قثطار، تقوم تلك الخلاصة في البداية بتنبيه الأعصاب الحسية للمثانة، ثم تعمل على حدوث مقاومة طويلة الأجل للتنبيه الحسي Sensory Activation والتي قد تستمر مدة تتراوح بين شهرين إلى سبعة أشهر. ولقد استعملت خلاصة الفليفلة بنجاح في معالجة فرط فعالية المثانة المترافقة مع اضطرابات في الأعصاب (اضطرابات عصبية المنشأ Neurogenic Disorders)، مثل التصلب المتعدد Multiple Sclerosis والإصابات النخاعية الرضحية Traumatic Spinal Injuries.
ومن التأثيرات الجانبية المؤقتة لتقطير خلاصة الفليفلة الإحساس بالانزعاج والشعور بالحرقان في منطقة العانة، ويمكن التقليل من ذلك بتقطير الليدوكايين Lidocaine قبل خلاصة الفليفلة.
الريسينيفيراتوكسين Resiniferatoxin هو خلاصة نبات شبيه بالصبار Cactus، وهو ذو تأثيرات مشابهة لخلاصة الفليفلة، إلا أنه أقوى منها بآلاف المرات؛ كما أنه لا يؤدي إلى حدوث أي حرقة في منطقة العانة عند تقطيره في المثانة. كما تشير الدراسات إلى أن الريسينيفيراتوكسين Resiniferatoxin لا يؤدي إلى حدوث تفاقم مؤقت في أعراض المثانة مثلما يشاهد في حالة خلاصة الفليفلة، وتستمر فوائده إلى ثلاثة أشهر تقريبا.
ولقد استعمل الريسينيفيراتوكسين Resiniferatoxin بنجاح في التجارب السريرية لمعالجة فرط فعالية المثانة المترافقة مع اضطرابات عصبية المنشأ، إلا أنه لم تشاهد بعد تأثيرات مماثلة في فرط فعالية المثانة غير العصبية المنشأ Non-neurogenic Overactive Bladder.
النمط A من ذيفان الوشيقية Botulinum Toxin Type A
لقد أفاد حقن النمط A من ذيفان الوشيقية Botulinum Toxin Type A (البوتوكس Botox) في عضلات المثانة عند الأشخاص الذين يعانون من فرط فعالية المثانة المترافقة مع أذية عصبية (فرط نشاط المثانة العصبي المنشأ Neuropathic Bladder Overactivity) كإصابات الحبل النخاعي Spinal Cord Injuries والسنسنة المشقوقة Spina Bifida عند الأطفال.
ولقد وجد أن البوتوكس Botox يقوم بإحصار الأسيتيل كولين Acetylcholine، ولذلك يشل عضلات المثانة؛ ويحقن البوتوكس بواسطة أداة طويلة ورفيعة تحمل كاميرا صغيرة عند ذروتها، مما يمكن الطبيب من رؤية جوف المثانة (منظار المثانة Cystoscope).
وقد أشارت الدراسات الأولية إلى أن البوتوكس Botox يخفف من أعراض السلس بشكل واضح، ويؤدي إلى حدوث تأثيرات جانبية قليلة جدا؛ كما تستمر تأثيراته المفيدة 6-9 أشهر؛ وفي دراسة أجريت على 15 طفلا يعانون من فرط فعالية المثانة الناجم عن السنسنة المشقوقة، تبين أن 13 طفلا من بينهم قد تخلصوا من البلل (السلس) نهائيا بعد استخدام البوتوكس Botox. كما دلت دراسات أخرى على أن استعمال البوتوكس Botox يقلل بشكل ملحوظ من الحاجة إلى استعمال الأدوية والقثطرة Catheterization عند الأشخاص الذين يعانون من فرط فعالية المثانة ذات المنشأ العصبي. ويبدو أن البوتوكس يعطي فوائد أكبر بالمقارنة مع الريسينيفيراتوكسين Resiniferatoxin.
ويرى العلماء بأن البوتوكس Botox قد يفيد أيضا الأشخاص الذين يعانون من أعراض شديدة لفرط فعالية المثانة غير المترافق مع حالة عصبية والذين استجابوا لأدوية أخرى.
الأجهزة الطبية Medical Devices
يتوفر عدد من الأجهزة الطبية التي تساعد الشخص على البقاء جافا أو تقلل على الأقل من تسرب البول؛ ومن هذه الأجهزة ما يمكن استخدامه وإزالته بحرية، ومنها ما يستعمل طوال الوقت؛ ويشار إلى أن غالبية هذه الأجهزة مصممة للنساء، ولكن توجد بعض الأجهزة الخارجية التي قد يستخدمها الرجال أيضا.
وترجع فائدة تلك الأجهزة إلى إمكانية التحكم باستعمالها؛ ورغم أنها لا تشفي السلس، لكنها تساعد على تدبيره؛ أما الجانب السيء لهذه الأجهزة فيكمن في أنها قد تكون مزعجة لبعض الأشخاص وقد تكون مؤلمة. ولا بد على أية حال من سؤال الطبيب عن كل ما يخطر بالبال حتى يتمكن من تحديد الجهاز المفيد للمريض.
الغرزات داخل الإحليل Urethral Inserts
وهي أجهزة صغيرة شبيهة بالدكك أو الدحسات أو السدادات تستعمل مرة واحدة (نبوذة) Tampon-like disposable devices، بحيث تغرزها المرأة في الإحليل لمنع تسرب البول؛ ومما يذكر أن الغرزات داخل الإحليل لا تستعمل يوميا، لذا فهي تفيد بشكل أكبر النساء اللواتي يتوقع حدوث السلس عندهن عند القيام ببعض الأنشطة، مثل لعب التنس، حيث يوضع الجهاز قبل القيام بالنشاط، ويمكن إزالة الجهاز بسهولة عند الرغبة بالتبول؛ كما يمكن الحصول على تلك الغرزات بوصفة طبية.
ومن الأمثلة على الغرزات داخل الإحليل الفيموسوفت FemoSoft Insert؛ وهي جهاز مصنوع من السيليكون يطرح بعد استخدامه مرة واحدة فقط، ويكون على شكل أنبوب له نهاية تشبه البالون من طرف وله شفة من الطرف الآخر، ويغلف ذلك الأنبوب بغمد مملوء بزيت معدني؛ وبعد أن يغرز الجهاز داخل المثانة باستخدام مطباق، تتجه معظم السوائل إلى النهاية البالونية؛ وبما أن هذه النهاية لينة ومملوءة بالسوائل، فإنها تطابق شكل المثانة وتنشئ سدادة حول عنق المثانة، مما يمنع تسرب البول؛ ولإخراج الجهاز، نمسك بالشفة التي تبقى خارج المهبل ونسحب الجهاز.
الفرزجة Pessary
قد يوصي الطبيب في بعض الأحيان باستعمال الفرزجة؛ وهي جهاز مصنوع من السيليكون أو اللاتكس، ويكون على شكل حلقة أو طبق يغرز عادة داخل المهبل، ويمكن استعماله طوال اليوم؛ ويساعد هذا الجهاز على تثبيت المثانة التي تقع بالقرب من المهبل، مما يمنع من تسرب البول، لذا فإن المرأة قد تستفيد من الفرزجة في الحالات التي يكون فيها سبب السلس عائدا إلى هبوط (تدلي Prolapsed) المثانة أو الرحم.
ويقوم الطبيب بوضع الفرزجة وتثبيتها في مكانها عادة، مع التذكير بضرورة معالجة أية عدوى في منطقة الحوض قبل تثبيت هذا الجهاز، وذلك تجنبا للمضاعفات المحتملة؛ ومن غير الضروري أيضا إزالة الجهاز عند كل تبول، ولكن يجب إخراجه بانتظام من أجل تنظيفه. ومن التأثيرات الجانبية التي قد تحدث بسبب استعمال هذا الجهاز التفاعلات الأرجية (التحسسية) Allergic reactions بسبب اللاتكس أو السليكون والعدوى وقرحات الضغط (النواقب) Pressure sores التي تشيع بعد سن اليأس (الإياس) عادة؛ ويعود سبب ذلك في الغالب إلى أن نسج المهبل تصبح أكثر حساسية وأقل مرونة بعد سن اليأس، وقد يفيد في هذه الحالة استعمال مراهم الإستروجين المهبلية.
الحوائل الخارجية External Barriers
تلائم الأجهزة التي تستعمل بشكل خارجي الذكور والإناث، حيث تصمم هذه الأجهزة بأشكال مختلفة، وترمي إلى وقف جريان البول.
بالنسبة إلى الإناث
تتوفر دكك رغوية ذاتية اللصق ومعدة للاستخدام مرة واحدة فقط؛ ومن الأمثلة على ذلك الميني غارد Miniguard واليوروميد UroMed والإيمبريس Impress. وتلصق هذه الدكك بفتحة الإحليل مما يحد من تسرب البول، وتكون بحجم الطابع البريدي تقريبا، مما يمكنها من الثبات بين الشفرين؛ ويجب إزالة الدكة عند الرغبة بالتبول ووضع واحدة أخرى بعد ذلك.
ومن الحوائل الخارجية أيضا القلنسوة السيليكونية Silicone cap (البارد كابشور Bard CapSure، الفيماسيست FemAssist) التي تثبت حول فتحة الإحليل، وتبقى في مكانها عن طريق المص أو الشفط؛ ويمكن غسل هذه الأجهزة بالماء والصابون وإعادة استعمالها لفترة قد تصل إلى أسبوع.
بالنسبة إلى الذكور
يتوفر نوعان من الأجهزة هما ملاقط القضيب Penile clamps والحلقات الضاغطة Compression rings، حيث يثبت ملقط القضيب حول القضيب، ويمكن التحكم بمقدار تضيقه حتى يتوقف جريان البول؛ وغالبا ما يستخدم ملقط كونينغهام Cunningham clamp الذي يزود بوسائد إسفنجية من الداخل وبغلاف معدني من الخارج؛ أما الحلقات الضاغطة فهي تنفخ حول القضيب، كما أنها تعمل على تقليل جريان البول.
ولا بد من التذكير بعدم استعمال هذه الأجهزة لأكثر من ساعتين إلى ثلاث ساعات في كل مرة، لأن تركها لفترة طويلة قد يؤدي إلى تضرر النسج وحدوث التورم والألم.
القساطر Catheters
قد يوصي الطبيب باستعمال القثطار Catheter في الحالات التي تخفق فيها سبل المعالجة الأخرى أو ترفض، أو عند الحاجة إلى المساعدة ريثما تجرى معالجة ما كالجراحة مثلا؛ والقثطار ما هو إلا أنبوب رفيع يوضع في الإحليل لكي يسمح للمريض بنزح المثانة يدويا؛ ويمكن أن يقوم بذلك شخص آخر، كما يمكن أن يعلم المريض كيفية القيام بذلك؛ وقد يترك القثطار مثبتا في بعض الحالات؛ كما أنه يكون موصولا بكيس خارجي لجمع البول ويفرغ عند الحاجة.
وقد يفيد استعمال القثطار بانتظام عند الذين يعانون من أذية عصبية، أو عند الرجال الذين يعانون من مشاكل في المثانة بسبب تضخم غدة البروستات، حيث إنه يساعد على تفريغ المثانة بشكل كلي، ويمنع حدوث السلس الفيضي Overflow incontinence نتيجة لذلك.
ومن التأثيرات الجانبية الشائعة لاستخدام القثاطر عدوى السبيل البولي Urinary tract infection وتهيج الجلد Skin irritation، ومن شأن الاتباع الدقيق لطرق التعقيم في أثناء وضع القثاطر أن يحد من هذه المشاكل.
كما يمكن للذكور استعمال جهاز نزح خارجي يسمى القثطار العازل Condom catheter، حيث يثبت هذا الجهاز حول القضيب مثل العازل الذكري Condom لجمع البول. ويتوفر هذا الجهاز بأشكال تستعمل مرة واحدة فقط، وأخرى تستعمل عدة مرات، ومن مزايا القثطار العازل أننا لا نحتاج إلى وضع قثطار داخل الإحليل، وهذا ما يقلل من عدوى السبيل البولي، بينما يبقى احتمال حدوث تهيج الجلد موجودا بسبب الاحتكاك بين القثطار والقضيب.