رغم أن مركز التحكم في ساعة النوم البيولوجية موجود في المخ، فإن هناك رأيًّا يقول إننا نمتلك أيضًا ساعات أصغر في أجزاء أخرى من أجسامنا، وتتلقى هذه الساعات المعلومات من الساعة الرئيسية ويفترض أنها تعدلها، وكذلك تعمل بشكل مستقل. قد يمتلك بعض الأشخاص ساعة نوم بيولوجية رئيسية تختلف إلى حد ما عن ٢٤ ساعة، وقد يكون من الصعب جدًّا إعادة ضبطها.
حين نغير بيئتنا ونمط حياتنا، تحاول ساعة النوم أن تعيد ضبط نفسها من أجل مساعدتنا على العيش في راحة. وقد تم مراقبة باحثين في القطب الشمالي خلال فترة من النهار المستمر، ووجد أن الغالبية منهم أنشأ دورة نوم واستيقاظ أطول من ٢٤ ساعة.
هذا وتنقسم اضطرابات ساعة النوم البيولوجية في العموم إلى فئتين: النعاس مبكرًا/ والاستيقاظ مبكرًا؛ والنعاس متأخرًا/ والاستيقاظ متأخرًا. وكانت أكثر الاضطرابات شيوعًا التي تتردد على عيادتي هي النوم المتأخر والرغبة في الاستيقاظ المتأخر؛ حيث يخبرني بعض المرضى المتعبين بأنهم ببساطة يحبون الاستيقاظ متأخرًا، رغم أن القليل منهم يقول إنهم لا يحبون الذهاب إلى السرير. قد يكون الليل هو وقت استمتاعهم واسترخائهم، حين يشعرون بحريتهم في فعل ما يريدون، أو “فترتي الخاصة”.
هناك الكثير من أمور التسلية المثيرة لتفعلها في الليل مقارنةً بما كان يمتلكه الناس منذ ستين عامًا، حين كانوا معتادي الجلوس وتجاذب أطراف الحديث أو التحديق إلى نيران المدفأة، أو حياكة الملابس أو لعب ألعاب التسلية. ومع ذلك، فإن المشكلة هي أن الانغماس في التسلية الليلية لا يتسق مع الاستيقاظ مبكرًا للذهاب إلى العمل أو لتوصيل الأطفال إلى المدرسة. ومن هنا يجب وضع حد لهذا التساهل الليلي، إلا إذا كان بمقدورك الاستيقاظ متأخرًا في اليوم التالي؛ لأن الحرمان من النوم لفترات طويلة يمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية واجتماعية. إذا كنت في هذه الفئة، فأنصحك باتباع النصائح المدرجة تحت عنوان “الافتقار إلى النظام في النوم”. وأول إستراتيجية لإعادة التدريب هي أن تستيقظ مبكرًا إلى حد ما عما هو معتاد وتخرج إلى ضوء الصباح الباكر. ويمكن أيضًا أن تجعل غرفة نومك أكثر متعة، مثل أن تنام على مفرش مرتبة مصنوع من جلود الغنم أو وسادة الخزامي، أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة أو ربما كتب صوتية.
أما أولئك الذين يأوون إلى مضاجعهم في وقت مبكر جدًّا، ومن ثم يستيقظون مبكرًا جدًّا، فلا يبدو هذا مشكلة وقد تستمتع بقضاء ساعة أو أكثر مع نفسك في الصباح. ومع ذلك ربما يَحُول نمط نومك بينك وبين التواصل مع عائلتك وأصدقائك، وقد يحد من حياتك الاجتماعية. يمكن أن تجرب التعرض إلى أضواء ساطعة جدًّا في الليل لمدة ساعتين، والفكرة في التعرض للضوء في أثناء الليل هي خداع ساعتك البيولوجية، بحيث تعتقد أن الوقت ما زال وقت نشاط. ابدأ الذهاب إلى الفراش ١٥ دقيقة متأخرًا، وخلال أشهر يمكن أن تحاول زيادة الوقت. فتغيير عقود من عادات النوم أمر تدريجي وعملية صعبة في الغالب.
ورغم أن ساعة نومك البيولوجية تحتمل بعض الانحرافات، فإنها تؤدي وظيفتها بشكل أفضل إذا تم الحفاظ على انتظام أوقات النوم والاستيقاظ، حتى في عطلة نهاية الأسبوع والإجازات. وتذكر أن الوقت المثالي للنوم هو ما بين العاشرة مساءً والسادسة صباحًا؛ لأن ذلك يحسن من وظيفة المخ.
في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، هناك أنواع مختلفة من وحدات العلاج الضوئي المتاحة لعلاج اضطرابات إيقاع الساعة البيولوجية، والإرهاق المصاحب للسفر. ويشار أحيانًا إلى هذه الوحدات باسم “صناديق الضوء”، وتحتوي على أنابيب فلوروسينتذات الطيف الكامل أو البيضاء الهادئة التي تبلغ شدتها الضوئية ٢٥٠٠ لوكس، وهو ما يعادل خمسة أضعاف مستوى الإضاءة الداخلي المعتاد. وبناءً على نوع الاضطراب وشدته، يجلس المريض أو يعمل بالقرب من الضوء لوقت محدد، ولكن ليس من الضروري أن يحدق إلى الضوء. غير أن الخبراء الأستراليين الذين تحدثت إليهم لا يدعمون صناديق الضوء، وأنا لا أعتقد أنها ضرورية؛ لأن الضوء الخارجي قوي بشكل ملحوظ في أستراليا، حتى في الأيام الغائمة.