يهتم الطب الغذائي بشدة بالجهاز الهضمي، وهذا أمر مفهوم لأنه المكان الذي نحصل منه على فائدة الأطعمة التي نتناولها، كما أنه المكان الذي نتخلص فيه من السموم التي قد تضر أجسامنا إذا بقيت داخله. وتتأثر صحة الكبد والجهاز الليمفاوي والجهاز المناعي إلى حد كبير بحالة الأمعاء.
يبدأ الجهاز الهضمي من الفم، حيث يتم مضغ الطعام ويمتزج باللعاب ويتم بلعه؛ لهذا لا يمثل بلع الطعام بسرعة دون مضغه بشكل جيد بداية جيدة للقيام بعملية هضم بشكل صحي وسليم. ويفرز الجسم من لتر إلى 1.5 لتر من اللعاب يوميًّا. ويحتوي اللعاب على بعض الإنزيمات التي تبدأ في هضم المواد الكربوهيدراتية واليزوزيم (مواد مضادة للجراثيم) وبعض الأجسام المضادة للبكتيريا “IgA”.
تعمل المعدة في الأساس على مخمضة وتخزين الطعام. ويغطَّى سطحها بطبقة سميكة من المخاط لحمايتها من أي تآكل قد يحدثه حمض الهيدروكلوريك وإنزيمات الهضم. أما الخلايا الجدارية للمعدة فتفرز عاملًا داخليًّا يتحد مع فيتامين B12 ويعزز امتصاصه في الأمعاء الدقيقة. ويعمل حمض الهيدروكلوريك، والذي تفرزه المعدة، على خفض درجة الحموضة (الأس الهيدروجينى) بين 1 إلى 3، وهذه النسبة المنخفضة تساعد على قتل الكثير من الجراثيم والبكتيريا التي لا مفر من وجودها في الطعام الذي نتناوله وفى أصابعنا، كما أنها تنشط الإنزيمات التي تعمل على هضم البروتين في المعدة. وأغلب ما يتم هضمه في المعدة المواد البروتينة، وعادة ما يبقى الطعام هناك ما بين ثلاث وأربع ساعات. ويؤدى تقلص عضلات المعدة إلى الشعور بألم الجوع، ويحدث ذلك نتيجة لعدم وجود طعام في المعدة أو لانخفاض نسبة السكر في الدم. لذلك فإنه من المهم الحفاظ على نسبة السكر في الدم بشكل جيد لتجنب الإحساس بالجوع الشديد.
تعد الأمعاء الدقيقة المكان الذي تنتهي فيه عملية الهضم وتحدث فيه عملية أغلب عملية الامتصاص. وتتكون الأمعاء الدقيقة من ثلاثة أجزاء: الاثنا عشر، والمعي الصائم، والمعي اللفائفى. وتدخل العصارة التي تفرزها المرارة والعصارة الهاضمة من قبل البنكرياس إلى الاثنا عشر عن طريق أمبولة “فاتر”. وتتحكــــم مجموعة من العضلات الدائرية، تعرف بعضلات المَصرَّة، في فتح وغلق الأمبولة، كما تفرز بطانة الأمعاء بعض الإنزيمات التي تساعد على الهضم. ويعد هذا الأمر ضروريًّا لأنه إذا أصيب بالتهاب أو تقرحات فإنه لا يتم إفراز هذه الإنزيمات، وبالتالي لا يتم هضم الطعام بشكل جيد.
لرفع قدرة الأمعاء الدقيقة على الامتصاص، تحتوي بطانتها على عدد من الثنيات التي تعرف بالزغابات المعوية (نتوءات مجهرية في بطانة الأمعاء مخملية الشكل تشبه أصابع اليد، ويتم من خلالها امتصاص العناصر الغذائية). وتحتوي كل واحدة من هذه الزغابات على شعيرات دموية وشعيرات ليمفاوية تسمى الشعيرات اللبنية الليمفاوية توجد بجدار الأمعاء. ويتم امتصاص الدهون المهضومة من قبل هذه الشعيرات ونقلها عبر الشعيرات الليمفاوية في الوقت الذي تدخل فيه بقية العناصر الغذائية الممتصة إلى الشعيرات الدموية وتذهب منها إلى الكبد. ويقوم الجهاز الكبدي البابي (مجموعة من الأوعية الدموية) بنقل الدم من الأمعاء إلى الكبد. لذلك تعد الكبد المحطة الأولى التي يتوقف الدم القادم من الأمعاء فيها، ومن ثم فإن تسمم الأمعاء يؤدى لتسمم الكبد بسرعة. وتعرف عملية إعادة امتصاص الأملاح الصفراوية والدهون والسموم من جدار الأمعاء إلى الكبد بالدوران المعوي الكبدي.
تتكون الأمعاء الغليظة من القولون والمستقيم. ويبدأ القولون بالمصران الأعور، وهو كيس تتصل به الزائدة الدودية. وهناك جزء صاعد ومستعرض وهابط، وهنا يتصل بالقولون السيني، والذي يرتبط بالمستقيم. ويستغرق الطعام من 18 إلى 24 ساعة لاجتياز القولون بكامله.
وتعد الوظائف الأساسية للأمعاء الغليظة هي:
– تكوين وإخراج البراز
– امتصاص الماء والأملاح المعدنية
– تعمل البكتيريا المفيدة التي توجد في القولون على إفراز فيتامين B1 وB2 وB12 و K. وتعمل أيضًا على منع نمو البكتيريا الضارة.
تفرز خلايا القولون مادة مخاطية لحماية جداره وجعله زلقًا. ويتسبب التهاب جدار الأمعاء في إفراز كميات كبيرة من المخاط فضلاً عن الماء والسوائل التي تتحلل بالكهرباء، وفى هذه الحالة تتم رؤية المخاط في البراز وقد يؤدى ذلك إلى الإسهال.
على الصعيد الآخر، إذا بقي البراز في القولون لمدة أطول من اللازم يحدث الإمساك، ويعاد امتصاص كمية كبيرة من السموم إلى مجرى الدم مرة أخرى. وتسمى هذه العملية التسمم الذاتي.