التصنيفات
الطب البديل والتكميلي

الإنهاك: تغييرات حياتية بسيطة

يميل خبراء الصحة إلى الاتفاق على أنه، وبالرغم من وجود أسباب عدة ومختلفة للإنهاك، يبقى السبب الأساسي نفسيا لا جسديا. ويرى البعض أنه اصطدام بين الآمال والواقع. إذ تصطدم توقعات المثالي الحالم (أكان ممرضا أم عاملا اجتماعيا أم مدرسا) بالحدود القاسية للوظيفة وتتحطم مسببة الإحباط والخيبة.

ويقول آخرون بأنه مشكلة عجز. إذ تفقد السيطرة على كثرة أعمالك أو جدولك اليومي. أو يبدو لك، بالرغم من الجهد الذي تبذله، بأن مديرك أو بيروقراطية الوظيفة أو غيرها من العوامل التي لا يمكن التحكم بها، تمنعك من الوصول لنتائج إيجابية ملموسة. فتبدأ بالابتعاد عاطفيا عن الزملاء والزبائن وينتابك شعور بالاكتئاب.

بيد أن الخبراء لديهم رأي بديل. فهي تعتقد بأن التفسيرات النفسية التقليدية للإنهاك لا تصيب قلب المشكلة، وغالبا ما تمنع الناس من الحصول على المساعدة اللازمة.

إن الإنهاك هو مشكلة جسدية – متلازمة الاستنزاف. فحين تتكبد مجهودا جسديا وعاطفيا كبيرا لفترة طويلة من دون هوادة، يعجز جسدك عن المتابعة بكل بساطة، ويظهر عليه واحد أو أكثر من أعراض الإنهاك.

وتشتمل هذه الأعراض على تعب، تهيج أو اكتئاب، عدم تركيز، أرق، تشكيك بالذات، وقلق. لا بل إن المصاب قد يعاني من مشاكل جسدية مرتبطة بالإجهاد، كالإصابات المتكررة أو حالات التحسس أو المشاكل الهضمية أو الصداع.

ويحتاج التغلب على الإنهاك إلى إحداث ظروف يتمكن معها الجسد من استعادة قوته. ومعظمها تغييرات حياتية بسيطة. ومع تحسن الجسد، من شأن الأعراض النفسانية أن تختفي تماما.

وفيما يلي بعض العلاجات البديلة التي يقترحها الخبراء لإصلاح الضرر الجسدي للإنهاك:

دليل العناية الطبية

إن شعرت بتعب شديد يمنعك من ممارسة الرياضة أو عانيت من أرق متواصل، فربما تخطيت المرحلة التي يمكنك فيها علاج الإنهاك بالتغييرات الحياتية البسيطة.

وإن عانيت من ألم في أحد المفاصل أو العضلات أو من مشاكل هضمية أو صداع أو إصابات متكررة، عليك أن تقصد الطبيب لاستبعاد حالات أكثر خطورة. والمرحلة النهائية من الإنهاك – إعياء جسدي، ذهني، وعاطفي تام – شبيهة جدا بحالة الإحباط السريري وتحتاج عادة إلى عناية طبية.

وللحصول على العلاج الأكثر فاعلية، يوصى باستشارة طبيب ذي توجه بديل يفهم الطبيعة الجسدية للإنهاك وقادر أيضا على استبعاد المشاكل الطبية.

الطعام: تجنب السكر المكرر

من شأن الغذاء أن يساعد حتما على إصلاح التلف الجسدي، فالغذاء الغني بالكربوهيدرات، بما في ذلك المعكرونة والخبز اللذان يستهلكان على نطاق واسع هذه الأيام، لا يناسب كثيرا الأشخاص الذين يحاولون الشفاء من الإنهاك. إن الغذاء الغني بالكربوهيدرات يسبب ارتفاعا كبيرا في معدل سكر الدم.

حاول بالتالي التوقف عن استهلاك السكر والنشويات، بما في ذلك الخبز والأرز والبطاطس، وتجنبها إلى أن يتضاعف مستوى طاقتك. وسرعان ما ستكتشف كم يمكنك أن تأكل من السكر والنشويات قبل أن تضرك.

في الوقت نفسه، ركز على الطاقة البطيئة الاحتراق التي تستمدها من البروتين والدهون الصحية الموجودة في أطعمة كسمك الماء البارد (السلمون والماكريل والتروتة والتونا) والزيوت المعصورة باردة (زيت بزر الكتان وزيت الزيتون وزيت العصفر) والمكسرات والبزور. فهذه الدهون الصحية تتواجد بصورة طبيعية في الأطعمة التي نأكلها. يحذر من الدهون المعدلة تحت تأثير الحرارة، كالقلي العميق (المقابل للقلي مع التحريك)، وتلك المصنعة والمحولة إلى منتجات صلبة أو منتجات طويلة المدة (الزيوت المهدرجة).

واتباع هذه الحمية لن يساعد على علاج الإنهاك حاليا فحسب، بل سيساعد على الوقاية منه في المستقبل.

الراحة: سر الشفاء

لتخطي الإنهاك بصورة طبيعية، أنت بحاجة إلى مزيد من الراحة، إما على شكل ساعات إضافية من النوم ليلا أو قيلولة قصيرة يوميا أو مجرد بعض الوقت الهادئ مع نفسك. وللأسف، قد يكون الأرق من إحدى مشاكل الإنهاك. فإن كنت تعاني من صعوبة في النوم، ينصح بعلاج هذه المشكلة أيضا.

وبما أن كثرة المشاكل العاطفية والجسدية تسبب الإنهاك، لا عجب في أن تخفيف مصادر الإجهاد الخارجية والحصول على حاجتك من الراحة سيساعدانك على الشفاء. ويقترح رفض الطلبات الإضافية وتجنب الظروف أو النشاطات التي تزعجك أو تتعبك.

وهي تضيف: “تعلم التأمل أو غيره من تقنيات الاسترخاء يساعد على تسريع عملية الشفاء أيضا. وستشعر حتما بالتحسن إن حصلت على راحة كافية”.

التنفس: التنفس العميق

إن التفكير بأمور مقلقة، كمشاكل العمل أو فقدان الوظيفة أو الحاجة إلى المال، هو واحد من أكثر أسباب – وأعراض – الإنهاك شيوعا.

إن أفضل ترياق ضد القلق الناجم عن مشاكل العمل موجود معك طيلة الوقت – إنه رئتاك. فبمقدورك إيقاف تفاقم القلق بأخذ أنفاس عميقة من الحجاب الحاجز وتدريب ذهنك على السكون.

للتنفس من الحجاب الحاجز، تنفس ببطء من أنفك واسحب الهواء عميقا إلى قعر الرئتين، واشعر ببطنك يتمدد. ثم ازفر ببطء من فمك.

ويوصى بإدخال التنفس العميق مسبقا في جدول أعمالك كلما أمكنك لمدة دقيقتين في كل مرة. إن مفعوله المهدئ يثير الدهشة.

التمارين الرياضية: ترياق ضد إجهاد المكتب

حين يكثر العمل في المكتب، ينصح بممارسة نوع من أنواع الحركة الجسدية أو تمارين الشد لتغيير الطاقة. فتمارين المشي والشد مجانية وسهلة.

احتفظ بزوجين من أحذية المشي في المكتب أو السيارة وقم بنزهة طويلة على الأقدام عند الغداء – لمدة 20 دقيقة على الأقل.

الاسترخاء: أحط نفسك بعطور مهدئة

الرائحة المناسبة من شأنها أن تنقلك فورا إلى حالة من الاسترخاء والتجدد للعقل والجسم. جرب عطورا مختلفة لاكتشاف العطر الذي يريحك أكثر من غيره (الخزامى والفانيلا مفضلان على نطاق واسع).
ضع بعض المستحضرات المرطبة أو السائلة حول المنطقة التي تعمل فيها لتشمها كلما عانيت من ضغوط العمل. وإن كان أحد مرطبات اليدين يهدئك، أبقه معك في مكان العمل وخصص دقيقة من وقتك لتدليك يديك به حين تشعر بالإجهاد.

خذ الوقت الكافي لاكتشاف الروائح التي تدفعك على الاسترخاء.

الطقوس: خصص وقتا لإزالة الضغط

من الأهمية بمكان الفصل بين العمل وباقي النواحي الحياتية. ويوصى بتخصيص فترة لإزالة الضغط بعد العمل، أكان بالتأمل أم بأخذ حمام دافئ أم بتركيب قطع بازل (puzzle) أم بممارسة هواية.

ومهما كان خيارك، حوله إلى نمط تصرف منتظم. خطط لممارسته وقم به يوميا في الموعد نفسه. فحين تحوله إلى نمط تصرف منتظم، تبدأ بممارسته بشكل طبيعي.