الكثير من الأطفال اليوم يعانون من آثار سلبية بسبب استهلاك مأكولات أو مشروبات معينة. ومن المهم أن تفرقي بين حالات الاستهداف، والحساسية، وعدم تحمل الطعام، إذ إن لها أسباباً مختلفة ونتائج متباينة وتختلف في شدة التفاعلات التي تسببها.
الاستهداف للطعام Food allergy
هي استجابة من الجهاز المناعي للطعام؛ فهو يتفاعل مع الطعام بشكل خاطئ، كأنه شيء غريب ضار يغزو الجسم. ويمكن أن تكون حالة خطيرة جداً ولا يجب الاستهانة بها. ويمكن أن تكون التفاعلات الناتجة عن الاستهداف للطعام سريعة (في غضون ساعتين، وأحياناً في خلال دقائق أو حتى ثوانٍ) وعنيفة، وحتى مميتة في بعض الأحوال. وقد تشمل الأعراض حدوث التهاب جلدي فوري، أو تورم للوجه، أو الحلق، أو اللسان، أو صعوبة في التنفس.
إلا أن غالبية الأطفال المصابين بتفاعلات للطعام، يعانون ما يطلق عليه اسم “الاستهداف المتأخر للطعام”. وهذه الحالة قد يطلق عليها أحياناً وبشكل خاطئ اسم “عدم تحمل الطعام”، ولكن المصطلح الصحيح هو “الحساسية للطعام”.
الحساسية للطعام Food sensitivity
هي تفاعل من الجهاز المناعي مثل الاستهداف للطعام، ولكنها أخف حدة. وأعراضها غالباً ما تكون مبهمة، مثل نوبات الصداع، أو كثرة المخاط، أو الإعياء، أو المشكلات الهضمية. ويعتبر اكتشاف الحساسية للطعام أمراً صعباً بعض الشيء، لأن الأعراض قد تحدث بعد أكل الطعام المسبب للحالة بثلاثة أو أربعة أيام ولأن ذلك الطعام قد لا يثير تفاعل الحساسية في كل مرة يؤكل فيها.
ومما يثير العجب أن أكل الطعام المسبب للحساسية يمكن حتى أن يجعل المرء الحساس له يشعر بتحسن مؤقت. وهذا يحدث أساساً حينما يدخل بروتين الطعام إلى مجرى الدم دون أن يهضم ويكون له تأثير يشبه المورفين (أي أنه يولد أحاسيس بالانتعاش) حينما يصل إلى المخ. بل أحياناً يتوق الجسم إلى نفس الطعام الذي يعاني من حساسية له!
وكذلك، فإن كثيراً من الأطفال الذين تظهر عليهم أعراض الاستهداف أو الحساسية للطعام قد لا تكون أجسامهم بالضرورة متفاعلة مع الطعام ذاته ولكن لأي من الكيميائيات التي قد تكون أضيفت له: مثل الجلوتومات أحادية الصوديوم MSG أو E المرقمة.
عدم تحمل الطعام Food intolerance
يختلف عن الاستهداف وعن الحساسية للطعام لأن الجهاز المناعي لا يشارك في هذه الحالة. بل إن عدم تحمل الطعام هو عدم قدرة الجسم على هضم نوع معين من الطعام، وتنتج هذه الحالة غالباً عن نقص أو غياب لكيميائيات أو إنزيمات معينة بالجسم. فمثلاً، حالة عدم تحمل اللاكتوز تنتج عن نقص في كميات إنزيم اللاكتاز المطلوب لهضم اللاكتوز.
أكبر 10 مسببات لحالات الاستهداف والحساسية للطعام
فيما يلي قائمة بأسماء 10 أطعمة تعد الأكثر اشتباهاً في تسببها في هذه الحالات، مرتبة ترتيباً تنازلياً: الأشد ثم الأقل شدة. حاولي أن تتجنبيها إذا اشتبهت في أن طفلك يتفاعل معها أو عرضة لتفاعلات للطعام. وكقاعدة عامة، من الأفضل عدم إدخال الخمسة الأولى المسببة للاستهداف في النظام الغذائي لطفلك بصفة يومية.
1. اللبن البقري
2. القمح
3. الجلوتين (نوع من البروتين يوجد في أغلب الحبوب)
4. الخميرة
5. بياض البيض
6. مكسرات الكاشو (البلاذر الأمريكي)
7. صفار البيض
8. الثوم
9. فول الصويا
10. الجوز البرازيلي
الأعراض الشائعة لحالات الاستهداف، والحساسية، وعدم تحمل الطعام
• نوبات الصداع
• الإرهاق، نقص الطاقة
• الاكتئاب، القلق
• الزكام، رشح الأنف
• حمى القش
• حكة العينين
• انتفاخ الوجه
• دوائر سوداء حول العينين
• قروح متكررة بالفم
• ألم في العضلات
• الإكزيما/حكة بالجلد
• الربو أو صعوبة التنفس
• القيء، الغثيان
• متلازمة الأمعاء المتهيجة
• الإسهال/الإمساك
• انتفاخ البطن، خروج الريح، احتباس الماء
• مرض كرون
• آلام المفاصل
• حالات توق لأطعمة معينة (مثل منتجات القمح ومنتجات الألبان)
الأسباب المحتملة
إن أسباب جميع هذه الحالات ليست محددة المعالم بوضوح، ولكنها على الأرجح توليفات من كثير من العوامل المختلفة مثل تناول الأطفال لأطعمة مسببة للاستهداف في مرحلة مبكرة جداً من حياتهم، أو تعرض أجهزتهم المناعية لتحديات من مختلف اللقاحات والسموم، وأخيراً وليس آخراً، تناول طعام تم تعديله جينياً أو مملوء بالكيميائيات والمبيدات.
فما الذي يجعل الأطفال أكثر عرضة لحالات الاستهداف والحساسية للطعام؟
• تناول أطعمة مسببة للاستهداف بانتظام يمكن أن يؤدي إلى حدوث حالات من الاستهداف أو الحساسية لها. وأكثر الأطعمة تسبباً في هذه الحالات هي منتجات القمح والألبان.
• تناول نفس النمط من الطعام بصفة منتظمة (مثل تناول نفس الإفطار كل يوم) يمكن أن يثير حالة حساسية للطعام. وذلك أحد الأسباب التي تضفي أهمية على عملية تنويع اختيارات وجباتك كل فترة.
• الضغط أو المرض يمكن أن يضعف الجسم ويجعله أكثر عرضة لحالات الاستهداف والحساسية.
• التعرض بدرجة عالية للكيميائيات والسموم والأدوية يمكن أن يربك البيئة الداخلية للقناة الهضمية ويزيد احتمال عبور طعام غير مهضوم جدار الأمعاء إلى مجرى الدم.
ونظراً لأن حالات الاستهداف والحساسية تتضمن حدوث تفاعل مناعي، فإن ضعف جهاز المناعة يمكن أن يزيد قابلية الطفل للإصابة بتلك الحالات. ومن الشائع جداً أن تبدأ أجسام بعض الأطفال في التفاعل تجاه أطعمة معينة بعد تعرضهم لنوبة من المرض.
الاختبارات والفحوصات
الاستهداف للطعام
• اختبار للدم للكشف عن الأجسام المضادة للجلوبولين المناعي من نوع (IgE) والذي يقوم به ويحلله الطبيب الأخصائي.
• اختبار وخز الجلد للكشف عن حالة الاستهداف للطعام. إذ يقوم الطبيب بحقن كمية ضئيلة من المادة المسببة للاستهداف في الجلد، ثم يلاحظ الحالة لاكتشاف أي تفاعل يحدث.
الحساسية للطعام
• اختبار للدم للكشف عن الأجسام المضادة للجلوبولين المناعي من نوع (IgG) والذي يقوم به ويحلله الطبيب الأخصائي.
• النظام الغذائي الاستبعادي: يتم استبعاد الأطعمة المشتبه بها لمدة أسبوعين أو ثلاثة ثم يتم إعطاؤها مرة أخرى بشكل فردي واحداً تلو الآخر بينما تجرى ملاحظة دقيقة للتفاعلات التي تحدث لكل طعام.
عدم تحمل اللاكتوز
• منع اللاكتوز: عادة ما يكون ظهور رد فعل إيجابي لمنع اللاكتوز كافياً لتشخيص حالة عدم تحمل اللاكتوز، لاسيما لدى الأطفال الصغار.
• اختبار عدم تحمل اللاكتوز: هو اختبار للدم يقيس مستويات الجلوكوز قبل وبعد شرب 50 جراماً من اللاكتوز، يقوم به ويحلله الطبيب الأخصائي.
• اختبار الهيدروجين في هواء الزفير: وهو اختبار يقيس مستويات الهيدروجين في هواء الزفير، والذي يمكن أن يتكون كناتج ثانوي لنشاط بكتريا القولون التي تؤثر على اللاكتوز غير المهضوم (الهيدروجين يتم امتصاصه من خلال جدر الأمعاء ويسري مع الدم حتى يصل إلى هواء الزفير). وفي هذا الاختبار يشرب المريض مشروباً غنياً باللاكتوز ثم يجرى تحليل لهواء الزفير على فترات منتظمة.
• اختبار حموضة البراز: وهو اختبار للبراز يقيس كمية الحمض (أو الجلوكوز في بعض الأحوال) الذي ينتج عن اللاكتوز غير المهضوم.
ما يمكنك فعله
إذا اشتبهت في إصابة طفلك بحالة استهداف أو حساسية أو عدم تحمل للطعام، فمن الأفضل أن تلجئي إلى أخصائي في هذا المجال لكي يشخص لك الحالة ويجري برنامجاً خاصاً لاستبعاد الأطعمة، ثم عليك اتباع الإرشادات الطبيعية التالية:
• لكي تعالجي أي مشكلات استهدافية أو حساسية، يجب أن تعملي على بناء مناعة طفلك، لأن حالات كل من الاستهداف والحساسية، كما ذكرنا سابقاً، هي من تفاعلات الجهاز المناعي.
• حالات تأهب الاستهداف atopy مثل الربو، والإكزيما، وحمى القش تستجيب بشكل جيد جداً لجرعات زائدة من فيتامين ج وزيت زهرة الربيع المسائية.
• كذلك، نظراً لأن حالات الاستهداف والحساسية غالباً ما تكون مرتبطة بصحة الجهاز الهضمي، فإن تحسين الهضم له أهمية قصوى.
• إذا كان طفلك يعاني حالة استهداف محددة، فإن العلاج الحقيقي الوحيد حينئذ هو استبعاد الطعام المسبب لهذه الحالة طوال العمر. ولكن تأكدي أولاً من أن التشخيص دقيق بأن تذهبي إلى أكثر من أخصائي واحد. ومع ذلك، قد تكتشفين أن بعض الأطفال يتجاوزون تلك الحالات الاستهدافية مع استمرارهم في النمو، لأن أجهزتهم المناعية تكون قد نضجت وقويت بمرور الزمن.
• إذا كان طفلك يعاني حالة من الحساسية العادية للطعام، فإن استبعاد ذلك الطعام طوال العمر لا يكون ضرورياً دائماً. فالحساسية للطعام غالباً ما تتحسن بعد مرور ثلاثة إلى ستة أشهر من استبعاد الأطعمة المسببة للحالة، مما يساعد الأمعاء على الشفاء ثم إعادة تقديم أحد الأطعمة تدريجياً في كل مرة مع مراقبة الطفل لاكتشاف أي أعراض قد تعاوده.
• إذا كان طفلك يعاني حالة من عدم تحمل الطعام (مثل عدم تحمل اللاكتوز)، فإن أمامك حلين هما: استبعاد الطعام المسبب أو اللجوء إلى مقدم الرعاية الصحية الذي تتعاملين معه لكي يصف المكملات أو الإنزيمات الضرورية لمساعدة طفلك على هضم ذلك الطعام. وفي بعض الأحيان، قد تنتج حالة عدم تحمل الطعام عن مشكلة هضمية مثل الإسهال أو فيروس بالجهاز الهضمي، وعادة ما تتحسن بعد استبعاد ذلك الطعام لمدة أربعة أو خمسة أيام.