التصنيفات
الطب البديل والتكميلي

الاضطراب العاطفي الموسمي: العلاج البديل

حلّ الشتاء. فصارت الأيام أقل إشراقا، وكذلك مزاجك. تشعر بالثقل والكسل عند النهوض من الفراش، وتجر جسدك جرا طيلة النهار وكأنه كرة من حديد معلقة بسلسلة. كما تجد صعوبة في التركيز على عملك أو حتى على الأعمال المنزلية الصغيرة. تتوق إلى الطعام النشوي الحلو. كما يسبب تناولك الوجبات الخفيفة باستمرار زيادة في الوزن.

والأسوأ من هذا كله هو أنك تشعر بالاكتئاب: بالحزن بكل معنى الكلمة.

أنت على الأرجح واحد من 10 ملايين أميركي يعانون من الاضطراب العاطفي الموسمي، كما يقول نورمان إ. روزنذال، دكتور في الطب، أستاذ سريري في طب النفس في الكلية الطبية في جامعة جورجتاون في واشنطن، العاصمة. وقد كان يعاني من هذه الحالة قبل أن يتمكن من التغلب على مشكلته.

ربما تؤدي الوراثة والإجهاد النفسي وغيرهما من العوامل دورا في ذلك، ولكن المسؤول الأول عن الاضطراب العاطفي الموسمي هو قلة التعرض للنور، برأي د. روزنذال. وبالرغم من أن أحدا لا يعرف الآلية الصحيحة، تقول النظرية بأن قلة الضوء تخل بوظيفة السيروتونين، وهو مادة كيميائية في الدماغ تؤثر على الدماغ والطاقة والنوم والشهية وعلى التركيز أيضا. وهذا ما يسبب بدوره واحدا أو أكثر من أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي، بما في ذلك التعب، فرط الأكل، اضطرابات النوم، انخفاض الشهوة الجنسية، تشوش الفكر، فضلا عن مشاكل جسدية كالصداع وألم الظهر، وطبعا الحزن.

وتتفاوت هذه الأعراض حدة. فيرى د. روزنذال بأن اكتئاب الشتاء الطويل والحاد الناتج عن الاضطراب العاطفي الموسمي يتطلب عناية أخصائي. أما النوع الأقل حدة والذي يدعوه بكآبة الشتاء فيمكن علاجه ذاتيا. والخطوة الأولى لعلاج هذه الحالة لا تتمثل بالضرورة في مضاد الاكتئاب، بل في أكثر العلاجات طبيعية على الإطلاق، ألا وهو الضوء.

دليل العناية الطبية

إن كنت تعاني من أعراض معتدلة إلى حادة من أعراض الاكتئاب خلال الشتاء، يجب عليك ألا تجرب وسائل العناية الذاتية. أنت بحاجة في هذه الحالة إلى مساعدة أخصائي، كما يعتقد نورمان إ. روزنذال، دكتور في الطب، أستاذ سريري في طب النفس في الكلية الطبية في جامعة جورجتاون في واشنطن، العاصمة.

ويقترح د. روزنذال استعمال العلاج بالضوء، تحت إشراف أخصائي مؤهل خبير في هذا العلاج، للمشاكل التالية.

خلل وظيفي، كشعور متكرر بصعوبة في النهوض والذهاب إلى العمل في الوقت المحدد أو عجز عن تأدية المهام التي تقوم بها بسهولة عادة.

مشاعر اكتئاب، كالشعور بالذنب والتشاؤم والاعتقاد بأن الحياة غير جديرة بالاهتمام، هذا فضلا عن أفكار سلبية عن نفسك لا تراودك في أوقات أخرى من السنة والشعور بالحزن أو الإصابة بنوبات بكاء.

اضطراب واضح في الوظائف الجسدية، كالحاجة إلى مزيد من النوم، رغبة بالتمدد أثناء النهار، وفقدان السيطرة على الأكل.

الضوء: دع الشمس تنير حياتك

إن العلاج بالضوء يعيد بكل بساطة الضوء الذي نفقده خلال أيام الشتاء القصيرة القاتمة. “إنه يساعد الأشخاص الذين يعانون من الاضطراب العاطفي الموسمي على بلوغ حالة ذهنية أكثر نشاطا وبهجة، شبيهة بالطريقة التي يشعرون بها في الصيف”، كما يشير د. روزنذال.

وتشتمل الطرق البسيطة للحصول على نسبة أكبر من الضوء على تمضية فترة أطول خارج البيت في الأيام المشمسة واستعمال عدد أكبر من المصابيح في البيت والمكتب، كما يقترح د. روزنذال. ولكن أكثر الطرق فاعلية برأيه هي باستعمال مصباح خاص يدعى صندوق الضوء يحاكي فجر أيام الصيف في صباح أيام الشتاء. وإليك ما تحتاج إليه لاستعمال العلاج بالضوء.

صناديق الضوء هذه هي عادة بطول 71 سم تقريبا وبارتفاع 45 سم، مع أضواء فلورية خلف شاشة بلاستيكية. (فالمصابيح الفلورية تنشر الضوء على مساحة أكثر اتساعا. أما المصابيح المتوهجة فهي ليست مقبولة أو مناسبة لهذه الحاجة، كما يشير د. روزنذال.) ابحث عن مصباح يحرر 2500 إلى 10000 وحدة إضاءة (مقياس حدة الضوء). وتبلغ كلفة أكثر المصابيح فاعلية $300 إلى $500، وهي كلفة وجدها كثير ممن يعانون من كآبة الشتاء مقبولة نظرا للنتائج الحسنة التي حصلوا عليها، كما يقول.

ومن الأهمية بمكان تعديل كمية الضوء التي تستعملها بحسب الأعراض والوقت من السنة. ” فإن بدأت العلاج بالضوء في مستهل فصل الشتاء، مع أولى الأعراض، قد يكفيك التعرض لضوء المصباح 10 دقائق في اليوم”، كما ينصح د. روزنذال. أما في أواسط الشتاء، فقد تحتاج إلى 45 دقيقة مرتين في اليوم. وإن كنت بين هذين الحدين، استعمل حكمك الخاص واختر مدة تتراوح بين 10 إلى 90 دقيقة يوميا. وإن لاحظت بأن مقدار التعرض يخفف الأعراض، التزم به. وفي حال تواصلت الأعراض لأكثر من أسبوعين، ارفع مقدار التعرض إلى 90 دقيقة، وهي مدة التعرض القصوى. أما إن لم تشعر بالتحسن، فاقصد أخصائيا.

وتجدر الإشارة إلى أنك حين تستعمل صندوق الضوء، لست بحاجة إلى التحديق به مباشرة. بل اجلس على بعد 30.5 سم إلى 91.5 منه وواجهه وعيناك مفتوحتان. ويمكنك القيام أثناء ذلك بأعمال كتابية أو بمخابرات هاتفية أو بالقراءة أو بممارسة الرياضة. ويقول د. روزنذال: “أنا أملك صندوقا ضوئيا أضعه أمام دواسة المشي وأجد مزيج العلاج بالضوء والرياضة منشطا للغاية”.

ومع أن العلاج بالضوء ليس له آثار جانبية شائعة، استنادا إلى د. روزنذال، إلا أن الأمر ممكن. فإن عانيت من صداع أو ضغط في العينين، خفض مدة التعرض إلى 15 دقيقة ثم ارفعها تدريجيا بمقدار 5 دقائق يوميا أو ما إلى ذلك، إلى أن تبلغ المقدار العلاجي على مدى أسبوع أو اثنين. وإن أصبحت عصبيا، خفض مدة التعرض. أما إن عانيت من الأرق، وهو أمر يحدث عادة مع الأشخاص الذين يستعملون الضوء في وقت متأخر من الليل، غير وقت العلاج إلى الصباح.

ووفي حال عانيت من جفاف في العينين أو المجاري الهوائية، استعمل مرطبا للجو واشرب سوائل دافئة أثناء التعرض للضوء. وإن كانت بشرتك حساسة وتصاب بحروق الشمس بسهولة، استعمل مستحضرا واقيا قبل أن تعرضها للضوء. أخيرا، إن كان لديك تاريخ باعتلال في العين، كالتحلل البقعي أو التهاب الشبكية الصّباغي، اعرض نفسك على طبيب عيون قبل أن تباشر العلاج بالضوء.

زيادة الجهد الكهربائي للعلاج

“بالرغم من أن معظم الأشخاص الذين يعانون من كآبة الشتاء يستفيدون من العلاج بالضوء، إلا أن كثيرا منهم لا يشعرون في الشتاء بالراحة التي يشعرون بها في الصيف”، كما يقول د. روزنذال. وفيما يلي طرق أخرى يوصي بها للمساعدة على مكافحة أعراض الحرمان من الضوء.

الدفء: شغل جهاز التدفئة

يقول د. روزنذال: “أخبرني كثير من المرضى بأن اقتران الضوء مع الدفء يساعد كما يبدو على مكافحة كآبة الشتاء”. شغل بالتالي جهاز التدفئة أو استعمل بطانية كهربائية وتناول مشروبات دافئة.

عشبة القلب St John’s wort: تكافح الكآبة

تساعد عشبة القلب المضادة للاكتئاب على مكافحة كآبة الشتاء، كما يشير د. روزنذال. وهو يوصي بتناول 300 ملغ منها ثلاث مرات في اليوم. وأفضل المستحضرات هو Kira، برأيه، لأنه الاسم التجاري الذي استعمل في الدراسات الأوروبية التي أثبتت فاعلية العشبة. كما ينصح أيضا بعدم استعمال عشبة القلب إلا تحت إشراف أخصائي مؤهل.

الميلاتونين: الكميات الصغيرة أكثر إفادة

من شأن هرمون الميلاتونين أن يساعد على إعادة ضبط الساعة البيولوجية، مما يخفف أعراض كآبة الشتاء. ويكمن سر نجاح العلاج في تناول كمية ضئيلة جدا بعد الظهيرة، كما يوصي د. روزنذال. استعمل 100 مكغ (10/1 ملغ). وإن لم تتمكن من إيجاد الميلاتونين بهذه الكمية، يقترح د. روزنذال كسر قرص عيار 200 مكغ إلى نصفين. ولكن لا تستعمل المكمل إلا تحت إشراف أخصائي طبي مطلع على هذا النوع من العلاج.