يعد فهم الالتهاب الجهازي systemic inflammation والسيطرة عليه أمرا هاما جدا للوقاية من الأمراض؛ فمن خلال التقليل من الالتهاب الجهازي، ستبتر خطر المرض القلبي والكثير من أنماط السرطان إلى النصف (كما سيقلل ذلك كثيرا من الأوجاع والآلام الناجمة عن التهاب المفاصل والحالات الالتهابية الأخرى). وربما يكون الأهم من كل ذلك إمكانية أن تؤدي السيطرة على الالتهاب الجهازي في نهاية المطاف إلى إيجاد المفتاح نحو الوقاية من داء آلزهايمر Alzheimer’s disease.
الالتهاب يمكن أن يساعدك أيضا
يعد الالتهاب عند مستواه الأكثر ضرورة تفاعلا دفاعيا ضد عامل معد نوعي Specific infectious agent أو سم أو إصابة؛ وتدار الاستجابة الالتهابية على المستوى الخلوي (ثم توقف) بفعل ضروب مختلفة من المواد الكيميائية المبدئة للالتهاب والمضادة له، وهي تدعى السيتوكينات Cytokines؛ فالحمى والتورم في الوثي Sprain أو وجع الأسنان والاحمرار في التهاب الحلق Sore throat أو حرق الشمس، كل ذلك مؤشرات على تأثير السيتوكينات المبدئة للالتهاب Pro-inflammatory cytokines، حيث تعطل العوامل الممرضة وتصلح النسيج المتضرر.
ومن المنطقي بعد إصابة خطيرة أو جراحة، على سبيل المثال، أن ترتفع مستويات المواد الكيميائية الالتهابية في دمك؛ ولكن عندما تبدأ عملية الشفاء، يخمد الالتهاب، وتعود مستويات المواد الكيميائية الالتهابية في الدم إلى طبيعتها.
لكن كثيرا جدا من المرضى الذين أشاهدهم يظهرون العديد من المواد الكيميائية الالتهابية في دمهم، ولسبب طبي غير واضح؛ ويدل ذلك على التهاب جهازي أو مجموعي، وهو حالة مزمنة من الالتهاب الخفيف في كامل الجسم. ويذكر أن الالتهاب يمكن أن يتحرض بالتعرض المستمر للسموم أو الذيفانات Toxins في البيئة أو الخيارات القوتية السيئة (مثل النظام الغذائي الأميركي المعياري) أو الحالة المغذية الضعيفة أو وجود الجراثيم بشكل مستمر في الدم. ومع تقدمنا بالعمر، تميل خلايانا أيضا إلى إنتاج مواد كيميائية التهابية أكثر مما تفعل ونحن في سن الشباب.
المؤشرات الالتهابية
يمثل كل من البروتين التفاعلي C (C-Reactive Protein) ومولد الفبرين (الفبرينوجين Fibrinogen) بروتينين يعملان كمؤشرين أو واسمتين دالتين على درجة الالتهاب الموجود في الجسم؛ وفي حين لا يضمّن هذان البروتينان في كل اختبار دموي روتيني، فهما يدخلان في جداول الاختبارات الدموية الأكثر شمولية.
ويظهر تحليل هذه المعطيات اليوم أن المصابين بارتفاع مستويات البروتين التفاعلي C أو مولد الفبرين (الفبرينوجين) يزداد مدى وقوع أمراض القلب والنوبة القلبية والسكتة عدة مرات بالمقارنة مع الذين لديهم مستويات منخفضة. كما أن الارتفاع الطفيف فقط في هاتين الواسمتين الالتهابيتين يمكن أن يضاعف خطر المرض القلبي، حتى عند الذين ليس لديهم عوامل خطر أخرى للمرض القلبي، مثل ارتفاع الكولستيرول.
يمثل مرض القلب والأوعية Cardiovascular disease القاتل الأول لكل من الرجال والنساء، حيث يكون مسؤولا عن أكثر من أربع حالات من بين كل عشر وفيات. وتكفي العلاقة ما بين الالتهاب والمرض القلبي وحدها إلى الدفع نحو تحقيق السيطرة على الالتهاب المزمن كأولوية كبيرة؛ لكن البروتين التفاعلي C ومولد الفبرين (الفبرينوجين) ليسا عامل خطر قلبي فقط. ويرى الباحثون اليوم أن الالتهاب عامل مركزي في ظهور كل من السرطان وداء آلزهايمر وتقدمهما.
الاضطرابات الطبية المصحوبة بالالتهاب
• السرطان.
• المرض القلبي، النوبة القلبية، السكتة، فشل القلب الاحتقاني Congestive heart failure.
• داء آلزهايمر.
• الاضطرابات الأرجية (التحسسية) Allergic conditions، بما في ذلك التهاب الجيوب Sinusitis والإكزيمة والربو.
• اضطرابات المناعة الذاتية Autoimmune conditions، بما في ذلك الذئبة Lupus والصدفية Psoriasis والألم الليفي العضلي fibromyalgia والتهاب المفاصل الروماتويدي Rheumatoid arthritis.
• التهاب البنكرياس Pancreatitis.
• الفشل الكلوي.
• الفصال العظمي (التهاب العظم والمفصل) Osteoarthritis والتهاب الجراب Bursitis والتهاب الوتر Tendinitis.
• المضاعفات الجراحية، بما في ذلك ضعف شفاء الجروح.
مضادات الالتهاب غير الستيرويدية: بناء حالة مضادة للالتهاب
يلعب الالتهاب الجهازي دورا بارزا في الشيخوخة والمرض؛ وقد كانت حقيقة أن عددا من الدراسات الكبيرة أثبتت العلاقة القاطعة بين الواسمات الالتهابية ومرض القلب هي الأساس في هذه النظرية؛ وتمثل الجزء الكبير اللاحق من الأدلة على ذلك في حقيقة أن الأشخاص الذين يستعملون مضادات الالتهاب غير الستيرويدية Nonsteroidal anti-inflammatory drugs NSAIDs يقل لديهم خطر عدد من الأمراض كثيرا.
يعد الأسبرين Aspirin والإيبوبروفين Ibuprofen ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية الأخرى علاجا معياريا للصداع والحمى والآلام العضلية وغير ذلك من الشكاوى البسيطة نسبيا. وبما أن هذه العقاقير رخيصة وتبدو غير ضارة نسبيا، فهي تؤخذ يوميا من قبل ملايين المصابين بالتهاب المفاصل. وسواء أكانت تلك فكرة جيدة أم لا، فإن حقيقة أن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية تستعمل على نطاق واسع جدا قد أعطت كمّا كبيرا جدا من المعطيات التي يمكن الاستفادة منها في اختبار مصداقية Validity نظرية الالتهاب في الأمراض.
وعندما تدقق في المعطيات الخاصة بمستعملي مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، تجدها – كما هو متوقع – توحي كثيرا بأن استعمال هذه الأدوية المضادة للالتهاب يقي جدا من الأمراض التي ترتبط بالالتهاب؛ ويبدو أن ذلك يثبت النظرية القائلة بأن الالتهاب ليس الشيء الوحيد الموجود في هذه الأمراض، بل قد يكون بالفعل عاملا رئيسيا في ظهورها.
فالناس الذين يتناولون الأسبرين بانتظام يقل لديهم خطر عدة أنواع من السرطان بشكل ملحوظ، بما في ذلك سرطان الثدي وسرطان المريء وسرطان القولون والمستقيم وسرطان البروستاتة (لاسيما الشكل النقيلي Metastatic form من المرض). وإذا سلمنا الآن بأن الالتهاب يساهم في نمو السرطان، يبدو أن من المحتمل أن تقي مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من السرطان جزئيا على الأقل من خلال التقليل من الالتهاب.
قد تتساءل عما إذا كانت المعالجة بالأسبرين بجرعة منخفضة، مثل تلك الموصوفة للوقاية من مرض القلب، كافية للوقاية من السرطان؛ وللعلم، فقد تبين أن تناول قرص من أسبرين الأطفال يوميا (أو قرص من أسبرين البالغين “الأسبرين العادي” كل يومين) ينقص خطر النوبة القلبية والسكتة بشكل ملحوظ. ولكن لا يبدو – وللأسف – أن هذه الجرعة المنخفضة لا تكفي لتأمين وقاية هامة من السرطان؛ ففي دراسات مختلفة، لوحظ أن الاتجاه العام يبين أن الذين يتناولون جرعات منتظمة من الأسبرين بشكل أكثر تواترا (يوميا أو بشكل شبه يومي) ولفترات زمنية طويلة (عدة سنوات) يبدون أكبر قدر من انخفاض الخطر.
وتبدو التأثيرات الوقائية لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية في حالة داء آلزهايمر مذهلة أيضا؛ فإذا كان لديك أية تجربة شخصية مع هذا المرض، فأنت تعلم مقدار الألم الذي يجلبه المرض لكل من المصابين به وأسرهم. ومثلما يدرك بن وزوجته على مضض، لا يوجد في الوقت الراهن شفاء من داء آلزهايمر، كما أن المعالجات الفعالة هي في الحد الأدنى فقط.
إذا لم تكن تعرف أحدا مصابا بداء آلزهايمر، فسترى من هو مصاب به قريبا، حيث إن نصف من بلغوا من العمر 85 سنة وما فوق يعانون منه. ويرى الخبراء أنه مع تقدم العمر عند الأميركيين، ستؤدي الأعداد المتزايدة لحالات داء آلزهايمر إلى انهيار نظام الرعاية الطبية Medicare system المتبع لدينا.
غير أن الاستعمال المنتظم لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية يبدو أنه يحمي الدماغ من التغيرات المصاحبة لهذا المرض؛ فقد أظهرت عشرون دراسة على الأقل أن الاستعمال المنتظم لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية (يوميا أو بشكل شبه يومي) يمكن أن يقطع خطر داء آلزهايمر بنسبة 75٪. وكلما طال تناول هذه العقاقير وكان باكرا في الحياة عند البدء به، قل خطر إصابتك بداء آلزهايمر. ويشاهد أفضل تأثير وقائي بالجرعات البالغة 800 مغ من الإيبوبروفين أو 2.4 غ من الأسبرين على الأقل يوميا. ونكرر من جديد بأن أفضل نظرية في ذلك هي أن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية تحمي من ظهور داء آلزهايمر عبر التقليل من الالتهاب.
مضادَّات الالتهاب غير الستيرويديَّة | |
مُضادَّاتُ الالتهاب غير الستيرويديَّة المعياريَّة (بوصفة أو من دون وصفة) | مثبِّطات السِّيكلو أكسجيناز 2 COX-2 |
الأسبرين (باير Bayer، الإكْسيدرين Excedrin) | السِّيليكوكسيب Celecoxib – Celebrex |
الإيبوبروفين Ibuprofen (الأدفيل Advil، الموترين Motrin) | الفالديكوكسيب Valdecoxib (البِكْسترا Bextra) |
الإندومياسين Indomethacin (الإندوسين Indocin) | |
النَّابروكسين Naproxen (الآليفي Aleve، النَّابروسين Naprosyn) |
لا ينتمي الأسيتامينوفين Acetaminophen (التيلينول Tylenol) إلى مضادات الالتهاب غير الستيرويدية؛ ومع أنه مفرج للألم، لكنه لا ينقص الالتهاب ولم يتبين أي تأثير وقائي له من السرطان أو المرض القلبي أو داء آلزهايمر. وفي الواقع، أظهر إحدى الدراسات أن مستعملي التيلينول يزداد خطر داء آلزهايمر لديهم بنسبة 35٪ أكثر من غيرهم.
ماذا عن مثبطات السيكلو أكسجيناز 2 (الأكسجيناز الحلقية)؟
يتوسط صنف من الإنزيمات، تدعى إنزيمات السيكلو أكسجيناز (الأكسجيناز الحلقية) Cyclooxygenase COX، الالتهاب في الجسم. وتمثل مثبطات السيكلو أكسجيناز 2 COX-2 inhibitors نمطا جديدا من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية التي رخصتها إدارة الأغذية والأدوية، وتتمثل فائدتها الرئيسية في تأثيرها الأكثر انتقائية والذي يثبط الإنزيم COX-2 الالتهابي من دون التأثير في الإنزيم COX-2 الواقي للمعدة. ولهذا السبب، تعد مثبطات السيكلو أكسجيناز 2 الجديدة أقل ميلا إلى تهييج البطانة المعدية والإضرار بها (تحصر مضادات الالتهاب غير الستيرويدية المعيارية كلا من إنزيمي COX-1 و COX-2.
وخلافا لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية المعيارية التي استخدمت على نطاق واسع لعقود، لا نمتلك من الكثير من المعطيات عما إذا كانت مثبطات السيكلو أكسجيناز 2 الجديدة تستطيع إنقاص خطر الأمراض على المدى البعيد. وترى الأبحاث التمهيدية أن مثبطات السيكلو أكسجيناز 2، مثلها مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية المعيارية، يمكن أن تفيد في الوقاية من السرطان وداء آلزهايمر وربما معالجتهما.
كما أننا لا نعلم تماما مخاطر الاستعمال المديد لهذه الأدوية؛ وقد أظهر الباحثون قلقا من أن مثبطات السيكلو أكسجيناز 2 COX-2 inhibitors قد تزيد خطر الحوادث القلبية الوعائية؛ وقد سحب أحد مثبطات السيكلو أكسجيناز 2 الأكثر انتشارا (الفيوكس Vioxx) من الأسواق في أواخر عام 2204 بسبب زيادة الحوادث القلبية الوعائية عند الذين كانوا يستعملونه لمدة 18 شهرا أو أكثر.
كيف يقود الالتهاب إلى المرض؟
لقد تأكدت اليوم العلاقة بين الالتهاب والمرض أكثر فأكثر، ويكمن التحدي التالي في فهم الطرق التي يساهم من خلالها الالتهاب في المرض؛ ويبحث الكثير من الباحثين الرواد عن الأجوبة. ندرج فيما يلي بعض أكثر الآليات المحتملة:
• تقتل المواد الكيميائية الالتهابية الخلايا الدماغية
يتصف داء آلزهايمر بوجود لويحات في الدماغ، ولقد ركزت الأبحاث لفترة طويلة (وبشكل كبير ومن دون نجاح) على إيجاد معالجات للوقاية من تشكل هذه اللويحات. كما يتميز داء آلزهايمر بالتهاب هام في الدماغ، وهي حالة وصفها بذكاء اختصاصي الأعصاب دافيد بيرلموتر بأنها “الدماغ يحترق”. ويعتقد اليوم أن هذا الالتهاب هو تفاعل مناعي تجاه اللويحات. وفي الواقع، قد تكون المواد الكيميائية الالتهابية – وليس اللويحات نفسها – هي السبب الأساسي في تضرر النسيج الدماغي المحيط.
• تؤدي نواتج الالتهاب إلى تثخن الدم
يؤثر تراكم الفبرينوجين في الدم في خصائصه الجريانية، مما يجعله لزجا وثخينا؛ وتؤدي متلازمة الدم الثخين Thick blood syndrome” هذه إلى صعوبة أكبر في دوران الدم عبر الأوعية الدموية الصغيرة، مما يسبب ألم القلب (الذبحة Angina) والعضلات والضعف وضبابية التفكير والتعب.
• يؤدي الالتهاب إلى تحطم اللويحات الشريانية
يعتقد أن الالتهاب يمارس دورا مخربا في زعزعة اللويحات الشريانية Arterial plaques في حالة المرض القلبي. وبكلمة أخرى، يقود الالتهاب نفسه إلى تحطم اللويحات مسببا تحررها عن الجدر الشريانية، وانطلاقها عبر مجرى الدم، مما يؤدي إلى النوبات القلبية أو السكتات.
• يؤدي الالتهاب إلى ضرر ناجم عن الجذور الحرة
تولد الاستجابة الالتهابية أعدادا هائلة من الجذور الحرة. ولذلك، يمكن أن يؤدي الالتهاب الجهازي المزمن Chronic systemic inflammation إلى نضوب خطير في مدخرات الجسم من المغذيات المضادة للتأكسد. وتكون خلايانا أكثر عرضة للطفرات التي قد تقود إلى السرطان من دون وجود ما يكفي من مضادات التأكسد.
• تغذي إنزيمات الالتهاب نمو السرطان
تبرمج الخلايا السرطانية لإنتاج مقادير كبيرة من إنزيم COX-2 الالتهابي؛ وقد تزيد مستويات إنزيمات COX-2 في النسيج السرطاني حتى 60 مرة على مستوياتها في النسيج السليم؛ ثم تستعمل الخلايا هذا الإنزيم كوقود للانقسام الخلوي السريع الذي يمثل واسمة مميزة مميتة في السرطان. وقد يقوم جزء كبير من قدرة مضادات الالتهاب غير الستيرويدية على الوقاية من السرطان وتحسين البقاء على قيد الحياة (البقيا) survival عند المصابين به، على تثبيط الإنزيم COX-2.
ومما لاشك فيه أنه ما زال أمامنا الكثير لنفهمه عن الآليات الدقيقة التي تحمينا بها الأدوية والمغذيات المضادة للالتهاب من المرض؛ لكن الأبحاث تسير بسرعة، مع ظهور ما هو جديد كل يوم، ومن هذا الجديد ما اكتشف حديثا من علاقة بين الأدوية الخافضة للكولستيرول والنقص في داء آلزهايمر.
الآثار الجانبية للأدوية المضادة للالتهاب
إذا كنت من الأشخاص الذين يتناولون مضادات الالتهاب غير الستيرويدية أو الأدوية الستاتينية الخافضة للكولستيرول Statin drugs، يمكن أن تنقص هذه الأدوية خطر السرطان والمرض القلبي وداء آلزهايمر لديك؛ أما إذا كنت لا تستعمل هذه الأدوية حاليا، قد تتساءل عما إذا كان من الواجب البدء بتناولها كوقاية من المرض، سواء أكنت بحاجة إليها أم لا.
من الواضح أن الأدوية التي تنقص الالتهاب يمكن أن تساعد على الوقاية من العديد من أمراض الشيخوخة؛ ولكن نؤكد من جديد أن لهذه الأدوية تأثيرات جانبية؛ فمضادات الالتهاب غير الستيرويدية يمكن أن تمزق بطانة معدتك، وتؤدي إلى ألم ونزف داخلي. وفي الواقع، يمثل النزف الناجم عن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية سببا رئيسيا لفقر الدم عند المسنين. كما أن كلا من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية والأدوية الستاتينية يزيد العبء الواقع على كبدك، ويمكن في حالات نادرة أن يؤدي إلى التهاب كبدي محرض بالأدوية أيضا Drug-induced hepatitis.
المكملات المضادة للالتهاب
يوجد عدد من المغذيات التي يمكنها أن تنقص الالتهاب في جسمك بشكل قوي من دون تأثيرات جانبية.
• خلاصة ورق القراص Nettle leaf extract. تثبط إنزيمات السيكلو أكسجيناز (مثلما تفعل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية)، كما تثبط السيتوكينات الالتهابية.
• الحموض الدهنية الأساسية، بما في ذلك حمض الإيكوسابنتينويك EPA Eicosapentaenoic acid وحمض غاما لينولئيك GLA Gamma-linoleic acid، والدوكوساهكسينويك DHA Docosahexaenoic acid بشكل خاص، فهي تثبط السيتوكينات الالتهابية، ويمكن أن تنقص كلا من البروتين التفاعلي C والفبرينوجين.
• البروميلين Bromelain. هو إنزيم هاضم للبروتين Protein-digesting enzyme يوجد في الأناناس Pineapple، يقلل الالتهاب ويحطم الفبرينوجين.
• الزنجبيل Ginger. مثبط طبيعي للسيكلو أكسجيناز 2، حيث يثبط المسلك الالتهابي نفسه الذي يؤثر من خلاله السيليبركس Celebrex؛ كما أنه ينقص تشكل السيتوكينات.
• الكركمين Curcumin. مكون فعال في الكركم التابل Spice turmeric (لا يوجد في الكمون Cumin)؛ وهو يثبط السيتوكينات الالتهابية والفبرينوجين.
• الديهيدرو إيبي آندروستيرون DHEA Dehydroepiandrosterone. هرمون مضاد للشيخوخة، وهو مضاد للالتهاب أيضا. وبما أن مستويات هذه الهرمون تميل إلى الانخفاض مع تقدم العمر، يزداد الالتهاب والمرض. ويمكن أن يؤدي إعطاء الديهيدرو إيبي آندروستيرون إلى تثبيط نشاط السيتوكينات الالتهابية، وقد ينقص البروتين التفاعلي C والفبرينوجين.
• الفيتامين K. له دور متميز في مقاومة أمراض الشيخوخة، كما يثبط إنتاج السيتوكينات الالتهابية.
• خلاصة الجنكة ذات الفصين Ginkgo biloba extract. لها فوائد في تعزيز الوظيفة الدماغية والقدرات الاستعرافية (الإدراكية) والمحافظة عليها؛ كما أنها ذات تأثيرات مضادة للالتهاب، وتنقص فائض الفبرينوجين.
يمكن استعمال هذه المغذيات بتوليفات أو مشاركات مختلفة للتقليل من الالتهاب، فضلا عن الاستفادة من فوائدها الأخرى. وسنعرض فيما يلي النظام العلاجي الأساسي المضاد للالتهاب والذي يناسب معظم الناس. وبما أن الجنكة والفيتامين K والديهيدرو إيبي آندروستيرون ذات تأثيرات متعددة في الجسم، فلا بد من استعمالها بدقة في بعض الظروف.
البروتوكول الأساسي المضادُّ للالتهاب | |
المغذي | الجرعة اليومية |
خلاصة ورق القراص | 900 مغ |
كبسولات زيت السمك
أو كبسولات الديهيدرو إيبِي آندروستيرون |
3000 مغ
1000 مغ |
البروميلين | 2000 مغ |
الزَّنْجَبيل
أو الكركمين |
900 مغ
900-1800 مغ |
تعقب الالتهاب بالاختبارات الدموية
هناك بعض الاختبارات الدموية النوعية جدا (والمكلفة) والتي تستطيع قياس مستويات السيتوكينات الالتهابية كل على حدة، مثل IL-6 Interleukin-6 وIL-1b Interleukin-1 beta وعامل نخر الورم ألفا TNF-a Tumor necrosis factor alpha؛ فإذا كان أي من هذه السيتوكينات مرتفعا بشكل شاذ، يدل على نوع ما من العملية الالتهابية.
ولكن الأكثر شيوعا أن نستعمل اختبارات أقل تكلفة لقياس مستويات الواسمتين الالتهابيتين، البروتين التفاعلي C والفبرينوجين؛ وتكون هذه الاختبارات البسيطة عند معظم الأشخاص أكثر من كافية للتحقق من أن الالتهاب عامل خطر أم لا. وينبغي أن تكون مستويات هاتين الواسمتين الالتهابيتين كما يلي حتى نحقق أعلى قدر من الوقاية من الأمراض المرافقة للالتهاب:
• البروتين التفاعلي C: أقل من 0.5 مغ/ل.
• الفبرينوجين: أقل من 300 مغ/دسيليتر.
تقييم الخطر لديك وإنقاصه
بما أن الالتهاب الجهازي خطر وصامت غالبا وسهل المعالجة، فأنا أوصي بشدة باختبار الواسمات الالتهابية كجزء من تقييم الأخطار الأولي؛ ولا يلقي هذا التقييم الضوء على نواحي مثيرة للقلق بشكل خاص وحسب، ولكنه يوفر أساسا للمقارنة أيضا.
عندما تظهر الاختبارات الدموية الأولية لديك ارتفاعا في الواسمات الالتهابية، قد ترغب بإعادة الاختبارات الدموية بعد 8-12 أسبوعا للتأكد من أن البرنامج الذي تعتمده يكفي للتقليل من خطر الأمراض المحرضة بالالتهاب. وبما أن الجسم يستجيب بشكل مختلف بين الأشخاص، ليس هناك وصفة واحدة لكل فرد. ولكن، إذا ما استمر الالتهاب بحيث يشكل قضية لديك، ستقوم أنت ومستشارك الطبي بتعديل برنامجك عبر إضافة مغذيات مضادة للالتهاب أخرى أو زيادة مقادير المغذيات التي تتناولها.
النظام الغذائي المضاد للالتهاب
يكون لما تأكله يومياَ تأثير كبير في كل أوجه صحتك، بما في ذلك مستوى الالتهاب في جسمك؛ ويمكن أن تساعدك التعديلات القوتية التالية – ضمن أشياء أخرى – على اتقاء الالتهاب المفرط.
• ركز على الدهون الأحادية غير المشبعة Monounsaturated fats
تتحول بعض الدهون، لاسيما تلك الموجودة في السمك وزيت الزيتون والبذور والأفوكادو Avocados، إلى مركبات تشجع إنتاج المواد الكيميائية المضادة للالتهاب؛ أما الدهون الأخرى، لاسيما تلك الموجودة في اللحوم والمنتجات اللبنية، فتعزز إنتاج المواد الكيميائية المحرضة للالتهاب Pro-inflammatory chemicals.
• كل القليل على مستوى منسب سكر الدم Glycemic index
تعزز الأطعمة الكربوهيدراتية (السكرية) التي تسبب ارتفاعا سريعا في الأنسولين حدوث الالتهاب. ويمثل منسب سكر الدم نظاما تقديريا يحسب تأثير مختلفة الأطعمة في إنتاج جسمك للأنسولين؛ فالأطعمة الغنية أو المرتفعة على منسب سكر الدم، مثل الخبز الأبيض والباستا والرز والحلويات وعصير الفواكه، تميل إلى تعزيز الالتهاب؛ ولذلك، يساعد اختيار الكربوهيدرات الفقيرة أو المنخفضة على منسب سكر الدم، مثل الحبوب الكاملة والخضار الطازجة، على إنقاص الالتهاب.
• تجنب الأطعمة الغنية بحمض الأراكيدونيك Arachidonic acid
حمض الأراكيدونيك حمض دهني يعد طليعة للسيتوكينات المحرضة للالتهاب. وتكون بعض الأطعمة، مثل البيض واللحوم العضوية، غنية بحمض الأراكيدونيك بشكل خاص. ولكن لهذه الأطعمة فوائد صحية أخرى، ويمكن تناولها باعتدال باستثناء أولئك الذين يشكل الالتهاب مشكلة خاصة لديهم.
الدَّلائلُ الإرشاديَّة للنظام الغذائي (القوت) المضاد للالتهاب |
|
الأطعمةُ التي يمكن الاستمتاع بها | الأطعمةُ التي ينبغي تجنُّبُها |
السَّلَمون والأسماك الدهنيَّة الأخرى | الشرائح الدهنيَّة واللحم الأحمر |
الأفوكادو | محُّ البيض (صَفَاره) |
زيت الزيتون | الخبز الأبيض والباستا |
الجوز والبزور | البطاطا |
الخضار والفواكه الطازجة | عصير الفواكه |
الحبوب الكاملة، بما في ذلك دقيق الشوفان | الرز الأبيض وكعك الرز |
العلاقة بين القلب واللثة
فضلا عن تجنب الأطعمة المحدثة للالتهاب وتناول المكملات المضادة للالتهاب، تأكد من العناية الجيدة بأسنانك؛ فمرض اللثة Gum disease حالة التهابية بشدة تتجاوز عواقبها الفم. ويمكن للسيتوكينات الالتهابية التي تصاحب مرض اللثة أن تساهم كثيرا في المشاكل المرافقة للالتهاب الجهازي. ويكون المصابون بمرض اللثة أكثر ميلا للمعاناة من مرض القلب على سبيل المثال. ويؤدي التنظيف الدوري للأسنان بالخيط والعناية الاحترافية بها إلى الحد كثيرا من خطر مرض دواعم السن Periodontal disease. ومن غير المستبعد كما يبدو أن يكون تنظيف الأسنان بالخيط Flossing جزءا هاما من برنامج وقايتك من الأمراض.