يسلط هذا الموضوع الضوء على طرق منتظمة أثبتت فعاليتها لمساعدة الوالدين اللذين يتعرضان لصعوبة ما في ضبط سلوك أولادهما. قد ينتج عن هذا أمور هامة، حيث إن الوالدين قد ينتهي بهما الأمر إلى الإرهاق أو الاكتئاب. من الجائز أن يسبب سلوك أولادهما خارج المنزل خجلهما. وقد يؤدي داخله إلى توتر علاقتهما الزوجية؛ وقد يؤدي بهما في نهاية المطاف إلى عقوبة مجحفة لطفلهما حين يسعيان إلى إثبات سلطتهما عليه. في بعض الأحيان، عندما يكون تصرف الأولاد غاية في الإحباط لوالديهما يصبح هؤلاء الأولاد هدفا لغيظ الوالدين ونقمتهما؛ ثم يتهمون بتقويض حياتهما.
هناك الآن أدلة دامغة على أن الأبوة الفاشلة تتسبب في أثر دائم على طبيعة الولد أو الطفل. ينمو الأطفال الذين يتعرضون إلى مستويات عالية من النقد والعداء بشكل يكونون معه أقل ثقة بأنفسهم ونجاحا في حياتهم.
نتج عن دراسة تمت في المملكة المتحدة أن الأفراد الذين كانت أمهاتهم كثيرات النقد والعداوة حينما كانوا في سن العاشرة لا يملكون الآن إلا القليل من الثقة بالنفس. وقد كان لهذا الأثر السيئ على تمتعهم بالحياة، وعلى من اختاروا من الزوجات أو اخترن من الأزواج، وعلى أدائهم في العمل. يزداد كثير من اضطرابات الطفل سوءا بسبب الأبوة السلبية، وهناك براهين قوية تقترح أن اضطراب الصدام والتحدي الدائمين والأشكال الأخرى من السلوك المعادي للمجتمع تنتجعن أبوة غير مناسبة. إن “اضطراب السلوك” هو التعبير الطبي النفسي لهؤلاء الأولاد الذين يعادون المجتمع بشكل دائم، فعلى سبيل المثال: يتشاجرون دوما مع الآخرين ويتسببون في الدمار ولا يطيعون الأوامر، وقد يكذبون أو يسرقون. ينمو هؤلاء ليصبحوا في عداد كبار السن الفاشلين، ذوي سجلات إجرامية غير مقبولة، وتكون علاقاتهم الاجتماعية شديدة العنف، وأداؤهم الدراسي أو المهني سيئا.
– ليس ضروريا أن يعلم الأبوان كيف يتوليان الأطفال بشكل طبيعي، ولكنهما بمقدورهما التعلم بسرعة.
– قد تتضمن أسباب الصعوبة في هذا الشأن عوامل تتعلق بالطفل، كتقلب مزاجه وإفراطه في الحركة والنشاط، بدلا من الاعتبارات المتعلقة بالوالدين.
– تكون النتائج المرجوة للأطفال الذين تمت تنشئتهم من قبل والدين صارمين دائمي الانتقاد سيئة للغاية، حيث إنه من الصعوبة بمكان أن ينجحوا ويرضوا عن عملهم أو علاقاتهم الاجتماعية.
– بينت التجارب المضبوطة أن البرامج التي يسهم فيها الوالدان والمبنية على السلوك المرضي أنها قادرة على تحسين الأثر الذي تتركه الأبوة السيئة على الطفل، وتحسين أدائه الاجتماعي.
– تؤكد البرامج الناجحة على ضرورة تطوير علاقة إيجابية مع الطفل، بدلا من تعليمه سبل السلوك الجيد فقط. على أي حال، يزول العديد من الصعوبات السلوكية لدى الطفل حين تقام العلاقة المذكورة أعلاه.
– يظهر تقييم البرامج الإنسانية وتلك المبنية على نصائح الوالدين أنها بالرغم من كونها محببة لهما، لا تسفر على الغالب عن تغيير تصرفاتهما أو تحسن تصرف الطفل.
– هناك ضرورة للمزيد من تدريب المحترفين والجمعيات الخيرية الطوعية على برامج مجدية ولزرع ثقافة لتقييم نتائج العلاجات.
– من الممكن أن تبرهن البرامج الذاتية، عن طريق قراءة الكتب ومشاهدة أفلام الفيديو الوثائقية على نجاحها، وبشكل يدعو للدهشة، هذا إن كان لدى الأبوين الدوافع الكافية.
قد ينجم عن الأبوة القاسية والمهملة أطفال جانحون
عندما تكون الأبوة ظالمة بشكل واضح يتشكل عندها الخطر من حدوث عواقب مادية وخيمة، كالتحطم والفشل في تأمين المعيشة، لأن الظلم الجسماني والعاطفي كثيرا ما يترافقان. يطرح هنا السؤال نفسه: ما الدرجة التي يجب أن تصل الحدود معها تحت بنود القانون (لعام 1989) كي يلفت انتباه السلطات الاجتماعية للتحقيق مع العائلة. أما في ظل صعوبات أبوة أقل قسوة، فعلى المحترف أن يقرر ما يجب عمله، وأين يجب على الأبوين السعي لإيجاد المساعدة.
كيف يمكن للأبوين أن يتسببا بمشكلات لأطفالهما
أظهرت دراسة دقيقة لباترسون أن ردود الفعل التي يقوم بها الأبوان بين الحين والحين تجاه أطفالهما تترك أثرا قويا على سلوكهم. كثيرا ما يتعرض الأطفال في عائلات تعصف فيها المشكلات إلى التجاهل إن تصرفوا بشكل لائق، وإلى النقد والصياح والتوبيخ إن أساؤوا التصرف. تكون النتيجة في هذه الحالة أنهم، في محاولة منهم لكسب الانتباه، يسيئون التصرف عمدا. قد يعجب البعض من أن الأطفال يفضلون الانتباه السلبي من الآخرين بدلا من فقدانهم الانتباه كليا, وهم مستعدون لقبول التوبيخ، وأحيانا ما هو أقسى لجلب النظر إليهم. وبشكل مغاير، إن الأطفال الذين يتلقون قدرا معقولا من الانتباه الإيجابي في عائلاتهم لا يميلون إلى التصرف بشكل يتهددهم بانتباه سلبي. يمكن تلخيص كل هذا بأنه “قانون الانتباه” القائل بأن الأطفال سيتصرفون بأية طريقة كي يحصلوا على قدر معقول من الانتباه.
تقوي طرق أخرى من تصرف الأبوين -بشكل عفوي- من احتمال تسبب الفوضى في سلوك الطفل. فقد يتسبب التوقف عن الإصرار على طفل ما للقيام بأمر غير مستساغ (كترتيب ألعابه أو دماه، مثلا) بمكافأته بشكل غير مقصود على انتحابه ورفضه القيام بهذا العمل، وعلى هذا يجعل من النحيب والرفض أمرا أكثر احتمالا عند طلب هذا الأمر منه في المستقبل. وللموافقة على منحه شيئا محببا عند طلبه إياه (كالحلوى مثلا) نفس النتائج.
لقد كان هناك تأكيد، وما زال حتى يومنا هذا، على الأثر الضار الذي يخلفه التصرف السلبي في نظرية التعلم الاجتماعي. ولكن البحوث الأكثر حداثة قد وضحت أن التصرف الأبوي الإيجابي هو على القدر نفسه من الأهمية. يهمل والدا الأطفال الذين يتصرفون بشكل مناهض للمجتمع معظم الوقت، ولا يتجاوبون مع طلب أطفالهم المديح منهم عندما يتصرفون بشكل لائق. لا يجعل هذا الأمر التصرف أو النشاط الهادئ أقل احتمالا فحسب، لأنه ليس هناك من انتباه متوقع للطفل، ولكنه لا يوفر أيضا للطفل أي نموذج قد يتعلم منه مهارات اجتماعية كالمبادرة إلى لعب الأدوار وكيفية التفاوض.
هناك دلالات على قوة النماذج التفاعلية ذات أهمية بعيدة المدى. يجب على المرء أن يعتبر أن الطفل يرد على الوضع الذي هو فيه ويتجاوب معه، بدلا من أن يعتبره عدائيا بشكل ذاتي، أو أن شخصيته هي شخصية غير اجتماعية بشكل غير قابل للتغيير. فإن قمنا بتغيير هذا الوضع يمكن أن ننجح في تغيير تصرف الطفل. قد يستغرق هذا دقائق أو ساعات فقط، وقد ينتج عن هذا تفاؤل بجدوى العلاج، بسبب أنه عندما نقوم بتغيير احتمالات رد الفعل من الطفل يمكننا عندها أن نتوقع تحسنا في نوعها.
تطبيقات البرامج الأبوية
لقد تم البرهان تكرارا على أن البرامج الأبوية المبنية على السلوك وأثناء تجارب جيدة التنفيذ تؤثر إيجابا على نهج الأبوة وسلوك الطفل. فيما يلي أدناه ملخصا لمضمون برنامج نموذجي حديث، وهناك تفصيلات أخرى في مراجع أخرى.
العناصر الجوهرية للبرامج الأبوية
العمل على تعزيز السلوك الجيد للطفل من خلال:
– اللعب
– المديح والهدايا
الحد من التصرفات غير اللائقة من خلال:
– الإرشادات الواضحة
– عواقب الرفض وعدم الانصياع
– التجاهل وتحويل انتباه الطفل
– التعليق (المؤقت للتعزيز الإيجابي)
منع نشوء المصاعب من خلال:
– التعرف إلى النماذج والتخطيط المسبق
– الاستماع وتسوية الحل الوسط
– مساعدة الطفل كي يصبح قادرا على حل المشكلات
– التعامل الحسن مع وضعيات قد تتكرر
– المقاييس العامة للأبوة
الجزء الأول من البرنامج الأبوي: العمل على تعزيز السلوك الجيد للطفل
اللعب
تبدأ معظم البرامج باللعب، الذي قد يكون الوجه الجوهري الأول لتحسين العلاقة مع الطفل. يطلب من الوالدين أن يسمعا اقتراحات الطفل بدلا من فرض آرائهما. ويطلب منهما أن يصفا ما يقوله الطفل ويفعله أثناء لعبه بدلا من أن يصدرا الأوامر، أو يقوما بتعليمه وسؤاله شتى الأسئلة المحرجة أثناء اللعب. والهدف هو أن يعطيا أربع “ملاحظات وصفية” في الدقيقة. إذا وجد أحد الوالدين صعوبة في أداء دوره اقترح عليه الطبيب ما ينبغي عليه أن يفعل، كأن يقول له: “أريد منك أن تقول لآدم: لقد التقطت قطعة القرميد الصفراء”. وفور قول الوالد هذا يستأنف الطبيب قائلا: “لقد كانت تلك ملاحظة وصفية جيدة”.
تنتهي تلك المسرحية في غضون عشر أو خمس عشرة دقيقة. ثم يختلي الطبيب بالوالد، ويناقشان الموضوع سوية. يتم في تلك الفترة التحري عن أمور تشبه ما كان الوالد يشعر أثناء أداء دوره في المسرحية، ويتم أيضا نقاش حول الصعوبات والتحفظات التي كانت قد نشأت. ويدرك الوالد عندها الأثر الذي خلفه النشاط الذي كان قد تم على الطفل. يتطامن الطفل أثناء اللعب ويمضي وقتا أطول من المعتاد وهو يلعب، بشكل هادف، لعبة واحدة عوضا عن التنقل غير المجدي بين نشاط وآخر، وتخف عادة حدة التصرف السيئ عما هو مألوف. تخلف تلك التجربة الحميمة والخالية من المراقبة والنقد أثرا قويا على الأطفال، حيث يشعرون بأنهم فعلا قرة أعين والديهم. يصبح اللعب هذا خطوة أولى هامة في إصلاح العلاقة التي كانت قائمة بين أحد الوالدين والطفل والتي ما كانت إلا سلسلة من المضايقات والتذمر. كثيرا ما يكون من المفيد للوالد أن يرى أنه بالإمكان أن يمضي وقتا ممتعا مع الطفل، وأنه من الممكن أن يشعر بأثر إيجابي نحوه مرة أخرى. يطلب من الوالدين أن يلعبوا مع أطفالهم لفترة عشر دقائق كل يوم مستخدمين التقنيات الآنفة الذكر.
يتم في الجلسة الثانية بعد أسبوع نقاش “الفرض المنزلي” للعب الذي فرض على الوالد في الأسبوع المنصرم بشكل غاية في التفصيل، وذلك لفترة عشرين دقيقة. وعلى الغالب يكون هناك بعض الأسباب العملية التي منعت الوالد من أداء هذا الفرض كانصرافه لأداء مهمات ضرورية أخرى كالعناية بباقي الأطفال، وليس هناك من يعينه، وفي تلك الأحوال يشجع الوالد على إيجاد حل لتلك المشكلة. قد تتضمن الحلول هذه أن يقوم الوالد باللعب مع الطفل المريض بعد ذهاب الآخرين للنوم أو الطلب من أكبر الأولاد العناية بالرضيع أثناء لعب الوالد مع ولده المريض أو الطلب من أخت الوالد أن تهتم بشؤون المنزل أثناء فترة اللعب. قد تتواجد هناك عوائق عاطفية تعترض هذا البرنامج كأن يقول الوالد بأنه يشعر أن هذا اللعب هو ضرب من ضروب الخطأ، فما من أحد لعب معه وهو طفل. يجب حل مثل تلك العقبات قبل البدء بجلسات اللعب المذكورة. يتأكد للوالدين أن الطبيب مصر على أن يصل الجميع إلى التغيرات المطلوبة عندما يقوم الطبيب بالتعرض لما قد يحصل من مشكلات، ثم السعي الهادئ لحلها. وبطريقة ما يختبر الوالدان ما سيكون تصرف الطبيب إذا لم يقوما هما (بدلا من الطفل) بالعمل المطلوب منهما وفقا للقواعد المحددة. ينتج عادة عن التغلب على عائق الكسل لدى الوالدين حس بالنشاط المكتسب ويشعران ببعض السعادة جراء إنجاز عمل ما.يتم بعد هذا، اللعب الفعلي (الطبيعي) مع الطفل. يتم هذا الشكل من اللعب عادة بعد انتهاء فترات اللعب التدريبية مباشرة، وتتحسن مهارات الوالدين في اللعب. يشجع الوالد هذه المرة لتجاوز وصف تصرف الطفل، ولإبداء رأيه عن المزاج المحتمل للطفل، فعلى سبيل المثال قد يقال له إنه يبذل مجهودا كبيرا لتسلق القمة، أو “يسبب هذا اللغز لك كثيرا من السأم”. تفيد تلك الطريقة الوالد والطفل على حد سواء، فالوالد يحسن من مقدرته على ملاحظة واستيعاب التفاصيل التي تخص تصرف الطفل، وتجعل الاثنين أكثر إدراكا لمزاج الطفل. لتلك المقدرة أهمية – خصوصا إذا أردنا النمو الفعال للأبوة السريعة الاستجابة – التي يحتاجها الأبوان المفتقران إلى المهارة، وعلى هذا تكون المشكلة مشكلة فقدان الإدراك الحسي ونقص في المهارة. يشعر الأطفال في تلك الأحيان بأنهم مقدرون لما يقومون به من عمل، كما هو المجهود الذي يقومون به، وما قد يتعرضون له من خيبة أمل. يصبح الأطفال بفضل العملية أقدر على فهم ووصف أوضاعهم العاطفية، وهذا ما يعتبر خطوة باتجاه مقدرتهم على تمالك أنفسهم في الظروف الصعبة. ليس لدى الأطفال القليلي الثقة بأنفسهم والذين يربون في محيط أبوة عديمة الإحساس، المقدرة على التعبير عن مشاعرهم، حتى المتعلق منها بأكثر الأمور أساسا (وهو ما يدعى “alexithymia”).
لكل الجلسات اللاحقة ذات الطابع:
مراجعة الفرض المنزلي للأسبوع المنصرم
التدريب المباشر على التفاعل مع الطفل
نقاش ما تم في الأسابيع المنصرمة.
يعتبر التقدم في هذا المضمار قياسا للسرعة التي تتم به.
المديح والهدايا
هناك مقولة عن هذا البرنامج، وهي: “اضبطهم. وهم يتصرفون بشكل حسن ثم أثن عليهم”. وهناك من الدراسات المبنية على التجربة الفعلية ما يظهر أن أطفال العائلات التي قد فقدت السيطرة عليهم، يتم تجاهلهم حينما يتصرفون بشكل لائق اجتماعيا. ينتج عن هذا أن الطريقة الوحيدة التي يتمكن معها الطفل من الحصول على انتباه الآخرين هو عن طريق تصرفه بشكل سيئ. ينتهي المطاف بهذا الوالد بأنه ينشط، دونما قصد، بتدريب أطفاله على تصرف غير اجتماعي. على الوالد – إن رغب في عكس هذا الوضع – أن يقوم بالثناء على هذا الطفل عندما يتصرف بشكل مقبول فيما يتعلق بالعديد من الأمور اليومية البسيطة كاللعب بهدوء، وتناول الطعام بصورة حسنة، وارتداء ملابسه فور الطلب منه فعل هذا. يزداد مع هذا الترتيب تردد السلوك المراد. بالرغم من هذا يجد بعض الآباء هذا أمرا صعبا. قد يقولون في بادئ الأمر “ولكن عليه أن يقوم بتلك الأمور دونما تشجيع أو مديح ليس له مسوغ” وقد يكونون في مزاج غاضب، لأن طفلهم كان قد أساء التصرف آنفا، ولا يستطيعون الثناء عليه عندما يتصرف بشكل حسن لاحقا. وبعضهم يشعر بأنه يقوم بشيء غريب عندما يثني على طفله، ولو شعر بالرغبة في فعل هذا، وعلى الغالب لم يقم أحد بالثناء على هؤلاء في طفولتهم. على الطبيب أن ينفرد بالوالد في هذه الحالة، ويقوم بتدريبه على كيفية التحدث مع طفله، وغالبا يتحسن الوضع مع تكرار تلك الجلسات.
الجزء الثاني من البرنامج الأبوي: الحد من التصرفات غير اللائقة
الإرشادات الواضحة
يعتبر السيل المتدفق من الطلبات المتذمرة غير المجدية من الطفل كي يقوم بشيء ما هو السمة المميزة للأبوة الفاشلة. يطلب من الأبوين أن يحدا من عدد تلك الطلبات، ويجعلا ما بقي منها أكثر حزما وتفسيرا. يتم هذا عن طريق تغيير الأسلوب الذي يتم به الطلب وفحوى هذا الطلب. ينبغي على الأسلوب أن يصبح قويا ومؤثرا. فليس -على سبيل المثال- بالجلوس على كرسي في إحدى زوايا الغرفة والطلب من الطفل بصوت ضعيف منخفض، ولكن بالوقوف أمامه والتحديق بالعينين والطلب منه ما نشاء بصوت واضح وحازم. على نبرة الصوت أن تكون هادئة ودونما صياح أو توجيه نقد. وعلى الطلب أن يكون واضحا ومباشرا مثل “أريد منك أن…” وليس على شكل سؤال أو شكل غير مباشر مثل “هل لك أن…”. وعلى الطلب أن يكون محددا بشكل يفهمه الطفل مثل “يجب أن تبقي الرمل في الصندوق” بدلا من الجملة التي قد يجدها غامضة مثل “يجب أن تكون مرتبا”. وعلى الطلب أن يكون بسيطا، أي طلب شيء واحد محدد وليس سلسلة من الأوامر، وأن يكون قابلا للتنفيذ فورا. يجب أن تصاغ الأوامر بشكل يقرر ما يريده أحد الوالدين من الطفل أن يفعل وليس ما لا يريده أن يفعل. فعلى سبيل المثال يجب أن يقال للطفل “الرجاء أن تتكلم بهدوء” بدلا من “توقف عن الصراخ”. إن كان الطفل في غمرة نشاط ما، يجب على الوالد عندها ألا يطلب منه التوقف فورا وعلى حين غرة ولكن عليه أن يحذره، فيقول له على سبيل المثال “سيكون عليك الذهاب إلى سريرك في دقيقتين”. وأخيرا بدلا من تهديد الطفل بنتائج غامضة وخيمة مثل “ستكون آسفا جدا إن فعلت هذا”، يجب اللجوء إلى صياغة أوضح مثل “يمكنك أن تشاهد التلفاز إذا أعددت المائدة”.
عواقب الرفض وعدم الانصياع
يجب أن يطبق نهج عواقب عدم الانصياع في وقت مبكر من عمر الطفل ويجب أن ينفذ التهديد بإجرائها على الدوام، حيث إن الأطفال يحسبون بسرعة المعدل الذي يتم بموجبه تنفيذ العقوبات، فإن تم تنفيذها مرة واحدة كل ثلاثة تهديدات أدرك الطفل أنه يستطيع أن يفعل ما يريد في باقي الأوقات. يجب على ولي الأمر أن يبتكر نتائج منطقية أو عقوبات محددة لكل الأوضاع اليومية المحتملة، فإن قذف الطفل بالماء خارج المغطس في الحمام أوقف عملية الاغتسال، وإن رفض تناول طعامه لا يقدم له الحلوى. يجب أن يكون هناك انسجام بين “المخالفة أو الخطأ والعاقبة”، فالعاقبة لا ينبغي أن تكون عقوبة شديدة أو طويلة الأمد، كمنع الطفل من ركوب دراجته لمدة شهر كامل مثلا، حيث إن هذا سيقود الطفل إلى حالة من اليأس تجعله يفقد الأمل للحصول على ما يريد إذا أحسن التصرف. يمكن التخطيط المسبق، بما في ذلك تحذير الطفل من مغبة عدم الانصياع، يمكن الطفل من الاختيار حين ينوي أن يتصرف بشكل من الأشكال، ويعلمه أن هناك من يراقب ويتحكم في تصرفاته. فعلى سبيل المثال قد يقال للطفل: “إن لم تجمع ألعابك قبل السابعة فلن تحصل على أية حلوى ولن تسمع مني أية أقصوصة”. إن الثبات في تطبيق هذا النهج من التقويم هو أمر ضروري لنجاحه.
التجاهل وتحويل انتباه الطفل
قد يبدو هذا الإجراء سهلا، ولكنه صعب التدريس للوالدين. لا يشعر الأطفال بأي خطر حين يتعرضون للتذمر أو السباب أو نوبات الغضب من أبويهم، ومن السهل عليهم تجاهل الآخرين. لهذا الأسلوب أثر بالغ إذا ما طبق، فسرعان ما يدرك الأطفال أن ليس لتصرفاتهم غير المرغوب فيها أي نتيجة مرضية ويتوقفون عنها بعد فترة وجيزة. والعكس هنا صحيح، فإن أدركوا أن تصرفاتهم هذه تجلب لهم شيئا من الانتباه وأنه بمقدورهم الحصول عليه بمضايقة والديهم، فسوف يمضون في شحذ مهاراتهم هذه. التجاهل هنا هو عبارة عن تجنب النقاش مع الطفل، أو النظر إليه، والابتعاد عنه، ولكن دون مغادرة الغرفة والبقاء فيها للمراقبة. فإن بدأ الطفل بعد حين بالتصرف بشكل مرض وجب الانتباه إليه وكيل المديح، وهذا أمر مركزي في صياغة التصرف المنشود لدى الطفل، حيث إن التجاهل يحد من تصرفاته غير المرغوبة. وهذا شيء آخر يجب أن نأخذه بالحسبان. يجد العديد من الآباء صعوبة في تنفيذ هذه الطريقة لكونهم عادة في حالة من الغضب تجاه الطفل. يفيد تحويل انتباه الطفل إلى شيء آخر إذا كان في عمر يتراوح بين الثانية والرابعة، فبعد تجاهله للحظات يتم صرف نظره إلى نشاط آخر جدير باهتمامه.
التعليق المؤقت
إن الاسم الكامل لهذا الأسلوب هو “التعليق المؤقت للتعزيز الايجابي”، والفكرة خلفه هي وضع الطفل في مكان مضجر بعيدا عن أي جو سار. قد لا تصلح إحدى غرف المنزل لهذا الغرض، حيث إن وضعه وحيدا في غرفة ما قد يكون مدعاة للفرج وليس للعقاب، وللغرفة المليئة بالألعاب المفعول ذاته. وعلى هذا يجب أن يتم التعليق في مكان يدعو للضجر كآخر ممر ما أو شرفة من الشرفات أو المرحاض. وذلك لسبب من الأسباب المتفق عليها مسبقا كضرب الأشياء أو كسرها، وليس للمخالفات البسيطة، ولفترة قصيرة من الزمن كدقيقة واحدة لكل سنة من عمر الطفل. على الطفل أن يبقى صامتا دون صراخ حتى آخر دقيقة؛ فإن استمر في الصراخ فعليه أن يبقى في مكانه حتى يتوقف عنه لدقيقة. قد تكون تلك الفترة بادئ ذي بدء ثلاثين أو أربعين دقيقة أو أطول – كي يختبر الطفل هذا النظام الجديد – ولكنها سرعان ما تنخفض لمدة لا تتعدى البضع دقائق فقط. يجب على الوالدين أن يقاوما صياح الطفل أو سخريته المهينة خلال فترة التعليق، لأن هذا سيعزز من مكانته عن طريق الانتباه. يوفر التعليق هذا لولي الأمر أيضا بعض الوقت كي يهدأ. لا يستحق الطفل أي توبيخ إضافي عند انقضاء فترة التعليق، لأنه قد نال ما يكفي من ذلك. إذا كان سبب التعليق هو رفض الطفل تنفيذ عمل من الأعمال وجب أن يطلب منه القيام به مجددا وإلا فإنه سيتعلم أنه يستطيع تجنب الطاعة برفضه تنفيذ الأوامر. يجب ألا يتعدى عدد فترات التعليق المرتين أو الثلاث في الأسبوع، فإن تجاوزت المدة الأسبوعية الساعتين كانت تلك الطريقة دون جدوى، وعلى الوالد أن يحقق في هذا الأمر. لا يمضي معظم الأطفال أكثر من بضع دقائق من التعليق في الأسبوع وبعضهم لا يتعرض له أبدا، حيث إن مجرد معرفتهم بوجوده كاف لجعلهم يمتثلون لما يريده الوالد.
الجزء الثالث من البرنامج الأبوي: منع نشوء المصاعب
التعرف إلى النماذج والتخطيط المسبق
يطلب من الوالدين أن يحتفظا بيوميات أو مذكرات عن جدول حصول تصرفات أولادهما الشاذة، وما الذي أدت إليه، وماذا تم بعدها. ويتعلما من هذا أن نوبات الغضب لا تحصل بشكل عشوائي، بالرغم من أنها كانت تبدو على هذا النحو، وأن هناك حالات وأوقات ذات خطورة شديدة. يدركان أيضا الدور الذي لعباه في التسبب في تلك الحالات من التصرف السيئ. من الممكن تجنب العديد من الأوضاع الصعبة عن طريق إعادة ترتيب برنامج الطفل اليومي، فباستطاعة الجدة الاهتمام به عندما تذهب الوالدة أو الوالد للتسوق، والاستغناء عن الحمام بمرش الماء، وتأجيل المكالمات الهاتفية الطويلة إلى المساء، وغير ذلك من الأمور.
الاستماع وتسوية الحل الوسط
إنه لمن المدهش حقا أن كثيرا من الآباء لا يعرفون تخوفات أولادهم ورغباتهم وتوقعاتهم في حياتهم اليومية. يبدو الأولاد وكأنهم مصدر تعب لوالديهم لا يفعلون ما يطلب منهم. ولكنهم مع ذلك كثيرا ما يتعرضون إلى سيل مربك من الطلبات غير المعقولة ويمنعون بشكل مزعج -دون أي إنذار- من متابعة نشاطاتهم المحببة. يجد الأبوان في الاستماع إلى رغبات أطفالهم وتخوفاتهم نوعا من الإلهام. ويتم بعدئذ التفاوض معهم على كيفية التوفيق بين رغبات أولادهم والمجريات اليومية للعائلة. يؤدي إشراك الولد بتلك الخطة واستشارته بشأنها إلى سلوك أكثر هدوءا ورضاء.
مساعدة الطفل كي يصبح قادرا على حل المشكلات
تساعد الإستراتيجية الإضافية أعلاه الطفل على التوقف عن القيام بردات فعل ونزوات تجاه ما قد يجده مزعجا، وعلى أن يتمهل ويستنبط حلوله الخاصة به وتنمي -على المدى البعيد- استقلاليته. هناك برامج خاصة من هذا القبيل يقوم بتدريب الطفل عليها مباشرة محترفون، ومن الممكن أن يطلب من الوالدين استخدام هذه الطريقة مع أولادهما. ينجم عن هذا فائدة إضافية، هي أن الوالدين سيقومان بالتفكير على هذا النحو أيضا. إن الخطوة الأولى في هذا الأسلوب هي الاستماع إلى رواية الطفل للمشكلة، أما الخطوة الثانية فهي تشجيع الطفل على توليد العديد من الحلول لها -وإن كانت على شيء من السخافة- كصفعه أو حرمانه من لعبته أو الابتعاد عنه، ثم التدرج إلى حلول أكثر تعقلا كمنحه لعبة أخرى. ويتم في الخطوة الرابعة انتقاء الحل الأمثل وتطبيقه. وأخيرا يتم في الخطوة الخامسة مراجعة الحل المختار وتعديله عند الضرورة.
التعامل الحسن مع وضعيات قد تتكرر
هناك العديد من الحالات المتكررة لتصرف الأطفال التي قد تكون صعبة لعائلة ما كتناول الوجبات، أو عند الخروج إلى مكان عام، أو عندما يكون أحد الأبوين في مكالمة هاتفية، أو صعوبات الذهاب إلى النوم، أو الاستيقاظ أثناء الليل، أو الكذب والسرقة، أو التنافس بين الأولاد. يتم التعامل مع هذه الوضعيات بموجب الإستراتيجيات المدرجة أعلاه.
الأبعاد العامة للأبوة
نغطي في هذا الحيز مظاهر إستراتيجية إضافية تتخطى التفاعل الذي يقوم بين اللحظة والأخرى. ندرج على سبيل المثال الإشراف وكيفية تغييره مع نمو الطفل. فمثلا ما المدة التي نسمح بها للطفل أن يكون بعيدا عن الأنظار وهل يجب ألا تتخطى الدقيقتين؟ كيف يجب على أحد الوالدين أن ينظم أوقاته كي يتمكن من مراقبة الطفل؟ هل يسمح لولد في الثامنة من العمر أن يلعب مع زميل له لمدة نصف ساعة، وهما في طريقهما من المدرسة إلى البيت؟ وندرج هنا أيضا التخطيط لنشاطات مختلفة، والتخفيف من حدة التنافس بين الأطفال، وتنمية الصداقات مع الأطفال الآخرين، وكيفية التصرف مع المدرسة والمدرسين.
هل نعمل بشكل انفرادي أو جماعي؟
الأسلوب الانفرادي
بالرغم من صعوبته الفائقة إن الأسلوب الانفرادي الذي يشاهد فيه الوالدان والطفل يعملون سوية لتحسين وضع هذا الأخير يمكن المرء من اتباع خطوات الوالدين ومراقبة الكيفية التي يتعاملان بها مع الطفل ويقومان بتعديل نمط التدخل هذا وفقا لملاءمة سيره. من الممكن أن تكون تلك الطريقة مفيدة بشكل خاص إذا كان الطفل يختلف عن الآخرين – كأن يكون على سبيل المثال مفرطا في نشاطه، أو أن لديه مشكلة في السمع أو التعلم، أو أنه يميل إلى الوحدانية والتخيل. تمكن هذه الطريقة أيضا من العمل أكثر على موضوعات أخرى قد تؤثر سلبا على الأبوة، كتوافق الأبوين والعلاقة القائمة بين الأطفال، والوصول إلى نتيجة ما إذا كان لأحد الأبوين طفولة تعيسة. هناك شواهد كثيرة على نجاح هذه التجارب المنضبطة.
الأسلوب الجماعي
بالرغم من صعوبته المتوسطة، قد يكون العمل الجماعي مع الوالدين فقط عملا مؤثرا. إن البرنامج الذي يتم تنفيذه في عيادتنا يشتمل على جلسة واحدة أسبوعية مدتها ساعتان من أجل الوالدين الذين لديهم من ستة إلى ثمانية أولاد. تظهر أشرطة الفيديو والدين يتعاملان مع أولادهما بالطريقة الصائبة والطريقة الخاطئة، ثم يستدعيان كي يقوما بلعب الدورين أمام الجمع وتطبيقهما في المنزل. إن من بين الفوائد التي يقدمها الأسلوب الجماعي هي كلفته القليلة والدعم المتبادل بين الوالدين. أما سيئاته فهي أن الأبوين لا يشاهدان مع أولادهما بشكل مباشر، وهناك النزر اليسير من الفرص لاكتشاف الموضوعات الشخصية العميقة لأحد الوالدين أمام الجمع. أظهرت تجربة منضبطة قد تمت مؤخرا في المملكة المتحدة نتائج باهرة في تحسين المشكلات التي كانت تهم الوالدين، بالإضافة إلى تحسن ملحوظ في سلوك الطفل غير الاجتماعي. وحقق البرنامج نجاحا بخصوص عائلات ذات ظروف سيئة شتى وأولاد بسلوك معاد للمجتمع شديد.
البرامج المنفذة شخصيا
تعتبر البرامج المنفذة شخصيا بمثابة نعمة من النعم، إذا أخذنا بعين الاعتبار صعوبة الانضمام إلى برامج يشارك فيها الأبوان. هناك لمعظم البرامج الواسعة الانتشار شكل معد كي ينفذ شخصيا بالإضافة إلى كتيب يستعين به الوالدان، وقد أظهرت التحقيقات أنها تسفر عن نتائج طيبة. كما أظهرت دراستان قام بهما “ساتون” في المملكة المتحدة أن إرسال كتيب كالمذكور أعلاه إلى الوالدين – ومتابعة هذا بمكالمات هاتفية مرادفة وداعمة – أسفر عنه تقدم ملحوظ من خلال كراسات الاستبيان المعدة للوالدين ومن خلال المراقبة المباشرة. وقد قامت السيدة “وبستر-ستراتون” في الولايات المتحدة الأمريكية بدراسة أوسع عن برنامج تم فيه دعوة الأبوين إلى العيادة بشكل منتظم لمشاهدة أشرطة الفيديو المعدة من قبل السيدة المذكورة ومتابعة بنود برنامج شخصي بحضور فريق طبي يدعمهما ويجيب على الأسئلة. يجب أن نمحص أكثر – بالرغم من هذا – كي نستدل على إمكانية العائلات الأسوأ وضعا من الإفادة عن طريق زيادة عدد المكالمات الهاتفية. قد تكون تلك الطريقة هي المثلى – من حيث الكلفة – لنشر برامج الوالدين في جزء أوسع من المجتمع.
مضادات الاستطباب
ليس هناك من مضادات استطباب مطلقة، ومع هذا يجب علينا توخي الحرص قبل الشروع المتسرع في عمل من الأعمال يتعلق بالأبوة. من المهم جدا أن يتم تقييم الطفل والعائلة تقييما لا يهمل الشروط المرافقة الأخرى التي قد تقود إلى سبل علاج أخرى. ومن تلك الشروط ميل الطفل إلى النشاط المفرط. وقد يستدعي هذا التداوي بالعقاقير، وعدم المقدرة على التعلم، والميل إلى الوحدانية والتخيل، ومشكلتي النطق واللغة. تؤدي تلك الأعراض إلى السلوك الفوضوي لدى الطفل. قد تكون البرامج التي تشتمل على الوالدين مفيدة شرط عدم إهمال الشروط المرافقة الأخرى.
قاعدة الأدلة
هناك المئات من التجارب لبرامج الوالدين المتعلقة بالسلوك الفوضوي للأطفال وعدد من المراجعات المكتوبة عنها. يمكننا كل هذا من الاستنتاج أن للبرامج المبنية على السلوك أثرا كبيرا حتى في الحالات البالغة الشدة. ومع هذا يجب أن نتوخى الحذر، لأن بعض البرامج تختلف عن مثيلاتها، ولا تطبق بالدرجة الكافية من المهارة أو الأمانة للخطة الأصلية. لا تؤدي البرامج العامة المتعلقة بتصرفات الأطفال غير اللائقة اجتماعيا إلى نتائج باهرة بالرغم من أن الأبوين قد يكونان راضيين عنها. تركز البرامج الأكثر جدوى على مشاعر الأبوين ومعتقداتهما، وتستخدم أسلوبا يتعاون فيه الكل، ولكنها تقدم -بالرغم من هذا- سلسلة طويلة من الإستراتيجيات للتعامل مع أطفالهما. وبطريقة مماثلة عندما ينحدر مستوى التطبيق يتدنى مفعوله. لا تحسن البرامج سلوك الأطفال وتحد من نشاطهم المفرط فحسب، ولكنها تحسن أيضا نمط الأبوة واكتئاب الأم إن وجد.
إمكانية التطبيق عبر جهات متعددة
ليس هناك الآن ما يكفي من برامج الأبوة الأكيدة الأثر ليلبي الطلب عليها. لكن عددها يتكاثر بسرعة لا بأس بها، ويزمع المعهد القومي للجودة العيادية (NICE) أن يقرر فيما إذا كان من الواجب جعل هذه البرامج جزءا من البرنامج العام للعناية بالصحة. ولكن – لو قام (NICE) بالتوصية بهذا الدمج، فلا يمتلك مركز الخدمة القومية للصحة (NHS) المقدرة المالية على تنفيذه. ولحسن الحظ هناك العديد من الجهات والمشروعات لمن يرغب في التدخل في هذا الأمر. فالمبادرة التي تقوم بها “شورستارت” (Sure Start) تتجه نحو تقديم برامج الأبوة في المناطق المحرومة، كما يقوم بهذا العديد من المؤسسات الطوعية في المملكة المتحدة. ومن الممكن الحصول على تلك الخدمات من خلال “منتدى الأبوة والدعم”. وهو عبارة عن الجهة التي تتمكن بواسطتها البرامج الأبوية العائدة للقطاع الطوعي أن تقدم الخدمات.
خلاصة
أظهر التقييم الصارم – الذي يستخدم الاختبارات العشوائية المنضبطة – أن البرامج الأبوية القائمة على شؤون السلوك تحسن إلى حد بعيد من جودة الأبوة وسلوك الأطفال. تقوم البرامج المؤثرة بالتعرض إلى دقائق الأمور المتعلقة بعناية الأبوين بأطفالهما، وأيضا إلى المظاهر الأخرى العائدة إلى حياتهم التي قد تكون عائقا أمام الأبوة الجيدة. والغاية الآن هي نشر التدخلات المؤثرة، وإقناع اللاجئين إليها بجدواها الإنساني والمادي.