التصنيفات
التوحد

البرامج المنزلية تساعد المصابين باضطراب التوحد

لا يمكن لأحد أن ينكر أنه لا سعادة توازي تلك التي يشعر بها الوالدان عند ولادة
طفل لهما، ذلك الطفل الذي لطالما كانا يحلمان به ويتوقان لرؤيته وقد رسموا في
مخيلتهم أجمل وأذكى وأقوى طفل يقوم بتحقيق كل تلك الرغبات التي يحملانها له.

لكن سرعان ما تهتز هذه الصورة عندما يلاحظان تلك التصرفات الغريبة التي يقوم بها
وبدلاً من التكلم يصدر أصواتاً غير مفهومة أو يبقى صامتا معظم الأحيان ولا يبدي
اهتماماً بألعابه الكثيرة المتنوعة أو انه لا يعرف كيفية اللعب بها ويصيبهم الذهول
عند عرض حالته على الاختصاصي ويسمعان منه كلمة (طفلكم مصاب بالتوحد)، ينتابهم
الارتباك والحيرة تصل أحيانا إلى النكران وعدم التصديق

ورغم أن هذه الحالة التي يمر بها الوالدان قد تستغرق وقتاً يختلف باختلاف طبيعة
الوالدين وخبراتهم الشخصية في الحياة إلا أنهم في النهاية يصلان إلى مرحلة تقبل
الحقيقة ويبدآن في البحث عن الحلول والطرق التي تمكنهما من مساعدة صغيرهما.

جدير بالذكر هنا أن الكثير من أولياء الأمور للأطفال المصابين باضطراب التوحد قد
كرسوا حياتهم في سبيل خدمة ومساعدة أولادهم، وبالتالي خدمة المصابين باضطراب التوحد
بشكل عام ونذكر هنا السيد والسيدة (كوفمان) واللذين صمما برنامجا تدريبيا منزلياً
يسمى برنامج (صن رايز)،

فبعد أن شخص الأطباء ولدهما (راين) البالغ من العمر سنة ونصف السنة بالتوحد وأن
حالته ميئوس منها صمما على أن يقوما هما بمساعدة طفلهما وقاما بتصميم برنامجهما
الذي يركز على تقوية التواصل الاجتماعي بالدرجة الأولى والتعلم من خلال اللعب
الجماعي ومشاركة الطفل بما يقوم به كتقليده في بعض حركاته كالتصفيق أو الرفرفة أو
الأصوات وهذا في البداية فقط لبناء العلاقة والثقة معه على أن لا يستمر ذلك لفترة
طويلة حتى لا يتم تعزيز تلك الحركات النمطية بالإضافة إلى المتعة والإثارة فأي
انجاز حتى ولو كان بسيطا يقابل من الوالدين ومن حوله بالتصفيق وكلمات التشجيع
والثناء بصوت عالٍ إلى درجة المبالغة في ذلك.

بالعودة إلى الطفل (راين) وبعد سنتين ونصف السنة من تطبيق برنامج «صن رايز» معه لم
يعد يحمل صفة توحدي بعد إعادة تشخيصه من قبل الأطباء بل كبر وتخرج من الجامعة وأصبح
يدرب أهالي الأطفال المصابين «بالتوحد في مركز والديه في ولاية»Massachusetts.
البرنامج الآخر الذي يمكن ذكره هنا هو البرنامج الذي صممته السيدة «سارة نيومان»
وهي أيضا والدة طفل توحدي وأطلقت على برنامجها اسم «برنامج المنزل».

تركز (سارة نيومان) على الأنشطة المنزلية اليومية التي يقوم بها الأهل في البيت
واستخدامها في تنمية المهارات المعرفية واللغوية والاجتماعية أو البدنية وأقصد
بالأنشطة المنزلية كالطبخ وتحضير طاولة الطعام وغسيل الأطباق وترتيب المنزل وخزانة
الثياب والاهتمام بالحديقة……. الخ).

تقول سارة: «إننا ربما لا ندرك قيمة النشاطات المنزلية كفرصة للطفل ليتعلم ويمارس
مهارات بدنية ويستخدم اللغة ويكتسب مهارات اجتماعية من خلال مشاركة أفراد أسرته في
المنزل. ربما لأننا لا نود أن نمارسها بأنفسنا وبالتالي نحرمهم أيضاً منها أو لأننا
نريد الهدوء التام أو عدم التعقيد والتأخير في إنجاز أعمال المنزل.»

فكثيراً ما تستخدم الأعمال والمهام المنزلية كنشاطات للتدريب والتطوير فمثلاً عندما
يطلب من الطفل ترتيب وفرز الجوارب فإن ذلك يعلمه مهارات المطابقة والترتيب وعند
فرزه ونشره للملابس المغسولة فإنه يتعلم التجميع والتصنيف وعندما يضع ويصف بعض
الأطعمة على المائدة فإنه يتعلم شيئاً عن الترتيب والحساب، أما كنسه لأوراق الأشجار
والأزهار المتساقطة بحديقة المنزل فهو تمرين لعضلات اليدين والكتف كما أن مشاركته
في إعداد الطعام وتوزيعه سيتعلم منها المشاركة الاجتماعية للآخرين.

تقول فاطمة وهي أم لطفلة مصابة بالتوحد: إن استخدام هذا البرنامج في المنزل سيساعد
كثيرا في تنمية مهارات مساعدة الذات وخاصة في ترتيب المواد الخاصة بالطفل بالإضافة
إلى إشغاله في مهمات مفيدة وإبعاده عن الانشغال بسلوكيات غير مرغوبة أو الانسحاب من
الواقع وأضافت أنها ستحاول القيام بتنفيذ البرنامج في البيت على الرغم من أنها
ستواجه الكثير من الجهد والمتاعب في البداية». وأخيرا وعلى الرغم أن هناك ما يبرر
تلك الحالة العصيبة التي يمر بها الوالدان بعد معرفتهما بإصابة طفلهما إلا أن هذا
لا يعني أن تستمر طويلا.

عليهما أن يواجها الواقع كما هو عليه والتكيف معه وربما بداية يجب عليهم الاسترخاء
لفترة والتفكير بروية من اجل الاستعداد والتخطيط للمرحلة المقبلة وتكون على أساس
تثقيف الذات وتجميع اكبر قدر ممكن من المعلومات حول طفلهم وأعراضه وعن التوحد وكل
ما كتب عنه بالإضافة إلى بناء علاقات واسعة مع ذوي الأطفال المصابين باضطراب التوحد
والاختصاصيين وتبادل المعلومات والآراء حول كل ما يمكن أن يخطر ببالهم والتواصل
الدائم مع اقرب مركز متخصص للتوحد أو لذوي الحاجات الخاصة في منطقتهم.

أما ومن جهتنا نحن (مركز دبي للتوحد) فنحن على استعداد دائم لاستقبالكم والتعاون
معكم وتقديم ما يمكن تقديمه.

وهذه بعض الكتب التي يمكن الاستفادة من قراءتها في التعامل مع طفلك التوحدي في
البيت:

ـ كتاب «دليلك للتعامل مع التوحد»

تأليف د. رابية حكيم

Son -Rise: the miracle continues

تأليف السيد والسيدة كوفمان

ـ كتاب إعاقة التوحد المعلوم المجهول كاملاً

طرق التدخل والعلاج

دليل عملي للمعلمين وأولياء الأمور –

إعداد: فادي رفيق شبلي

عامر عثمان

مركز دبي للتوحد