البروكولي هو نوعٌ معروف من عائلة الخضار الصليبية (cruciferous family)، هذه المجموعة من الخضار التي عُرفت بقدرتها الكبيرة على محاربة مرض السرطان. فإذا أردنا أن نُعرِّف عن بقلةٍ أو نبتةٍ ما بأنها المحارب الأول والأقوى لمرض السرطان فإنّ البروكولي هي بالتأكيد تلك البقلة، وذلك بإجماع علماء التغذية والنبات.
والسبب في ذلك هو أنّ البروكولي يحتوي على نسبٍ مرتفعة من العناصر الكيميائية الدوائية المُحاربة للسرطان التي تعمل متضافرةً فيما بينها وبكل ما أوتيت من قوة على الحدّ من نموّ الخلايا السرطانية في أماكن متعدّدة من الجسم، وبشكلٍ أخصّ في الثدي والرحم والرئة والبروستات والقولون.
هذه القدرات العظيمة المنسوبة للبروكولي كمحاربٍ قويٍّ للسرطان هي في الأساس بسبب مُركّبين كيميائيين موجودين بوفرةٍ فيه؛ الأول هو السولفورافان Sulforaphane المتوفر أيضاً في الملفوف والقرنبيط والخضار الصليبية الأخرى، أمَّا المُركّب الآخر فهو الإيندول – 3 – كاربينول (Indole-3-carbinol) أو باختصار (I3C) وهو أيضاً متوفر في الخضار الصليبية وهو ما يُكسبها قدراتها المحاربة للسرطان هذه.
والبروكولي من حيث الشكل شبيه بالقرنبيط إلى حد كبير باستثناء لونه الأخضر الغامق أو البنفسجي، كما إنّ قوامه مختلف فسيقانه قاسيةٌ في حين أنّ زهيراته على خلاف القرنبيط طريةٌ بشكلٍ غريب وغير متناسق مع السيقان ما يستدعي الدقَّة في أثناء الطهي، وذلك لكي لا تكون بعض أجزائه قاسية والأجزاء الأخرى ناضجة وطرية أكثر من اللزوم، ومع قليل من الدقة والمهارة فإنَّ البروكولي هو من الأصناف اللذيذة على المائدة مضافاً إلى فوائده الكبيرة في الوقاية من أمراض خطيرة كالسرطان وأمراض القلب والشرايين.
إنّ الموطن الأصلي للبروكولي هو المناطق الساحلية لحوض البحر المتوسط حيث كان ينمو بشكله البري، أما الآن فهو يُزرع في جميع دول العالم.
فوائد البروكلي
• المحارب الأول والأقوى للسرطان
• لعظام قوية ومتينة
• للوقاية من الكاتاراكت
• مصدر غني بالفيتامينات والمعادن
• مصدر مهم للفولات الحامي للقلب والجنين
المُركَّبات الدوائية الفعَّالة
• Indole-3-carbinole
• Lutein
• Sulforaphane
• Zeaxanthin
• Betacarotene
• Folic acid
• Pholyphenols
• Vitamin C
• Coenzyme Q10
• Vitmin E
• Calcium
• Vitamin K
• Phosphorus
• B-complex
• Iron
• vitamins (B3 B5 B9)
• Protein
• Zinc
مكونات البروكلي
إنّ أهمّ ما يحتوي عليه البروكولي وما يعطيه قيمته العلاجية الكبيرة هو مركّبان كيميائيان ثبُت علمياً أنّ لهما قدرة كبيرة على محاربة مرض السرطان الخطير.
المُركّب الأول هو الإيندول – 3 – كاربينول (الإندول-3-carbinole) الذي يعمل كمضادٍّ للإستروجين (anti-estrogen) في جسم الإنسان، وهو يعمل بشكل إيجابي على تعديل مستويات الإستروجين في الدم ما يؤدي إلى تشكيل درع حماية لمنع الإصابة بالسرطانات المرتبطة بالهرمون وأهمها سرطان الثدي.
أما المُركّب الآخر فهو السولفورافان الذي تُعقد عليه حالياً آمالٌ كثيرة لأنَّ له قدرات كبيرة على وقف نمو الخلايا السرطانية وذلك عن طريق زيادة بعض الأنزيمات الفعَّالة في محاربة السرطان السرطان، وهذه الأنزيمات تعمل على التخلُّص من المواد المسبّبة للسرطان ودفعها إلى خارج الجسم.
هذان المُركّبان موجودان في البروكولي بنسبة كبيرة كما في بقية عائلة الخضار الصليبية كالملفوف والقرنبيط وقُرّة العين، وهما المسؤولان عن المذاق الحادّ والرائحة المميّزة الغير مستحبّة نوعاً ما لهذه الخضروات.. وربَّ ضارَّةٍ نافعة.
ولو كان هذا فقط ما يحتويه البروكولي لكفى.. كيف وهو من أغنى المصادر الغذائية بالفيتامينات والمعادن الأساسية التي بدورها لها دورٌ مهمٌ وأساس في الوقاية من الأمراض والعلل كافَّة.
ويحتوي البروكولي على ثروة مهمة من الفيتامين A على صورة بيتاكاروتين (Betacarotene) والفيتامين C (100 ملغ في الحصة الواحدة) والفيتامين E (103 ملغ في الحصة) والفيتامين K (من أغنى مصادره: 185 ميكروغرام في الحصة أي أكثر من حاجة الجسم اليومية لهذا الفيتامين)، ومجموعة فيتامينات B المركّبة وخصوصاً الفيتامينات B3، B5، B9 أو الفوليك أسيد. فالبروكولي هو من أغنى المصادر بحامض الفوليك حمض الفوليك (143 ملغ في الحصة)، هذا الفيتامين الضروري في كل المراحل العمرية، وهو ضروري بشكلٍ خاص لنموّ الجهاز العصبي لدى الجنين وللوقاية من ولادة أطفال ذوي عيوب خلقية.
والبروكولي هو أيضاً من المصادر الغنية بالأملاح المعدنية الأساسية فهو واحد من أغنى المصادر الغذائية بالكالسيوم (128 ملغ في الحصّة الواحدة) والفسفور (72 ملغ / الحصّة) كما يحتوي على نسبٍ جيدة من البوتاسيوم (375 ملغ / الحصّة) والحديد (1.8 ملغ / الحصّة) والزنك (0.6 ملغ / الحصّة) والمغنيزيوم (23 ملغ / الحصّة) والمنغنيز (0.2 ملغ / الحصّة).
كما يحتوي البروكولي على نسبة عالية من البروتين Protein (4.2 غرام / الحصّة الواحدة) والألياف (4.2 غرام في الحصّة). ويتميّز البروكولي أيضاً باحتوائه على مضادّ المؤكسدات المعروف بـ Coenzyme Q10، هذا المُركّب الذي يعمل كمضادّ للأكسدة، في الجلد خاصةً، في مواجهة ما تسبّبه أشعة الشمس من آثار مُخرّبة على الجلد من قبيل التجاعيد المبكرة والتصبّغات الجلدية كالكلف والنمش وغيرها؛ ومُركّب المشارك Q10 غير متوفّر بنسبٍ كبيرة إلا في نوعين من الخضار هما البروكولي والسبانخ فقط.
ولدينا البوليفنولات (Polyphenols) أيضاً بنسبة كبيرة في البروكولي، وتلعب هذه الأخيرة دوراً مهماً في الحماية من الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
البروكولي: المحارب الأوَّل والأقوى للسرطان
يحتوي البروكولي على عددٍ من المركبات الكيميائية أو الفيتوكيميكال (phytochemicals) النافعة في الحماية من أكثر الأمراض فتكاً بالإنسان ألا وهو مرض السرطان الذي لم يُكتشف له دواءٌ فعَّال وقاطع حتى يومنا هذا.
وحتى إشعارٍ آخر، فإنَّ كل ما يُشكِّل حمايةً أو وقايةً من الإصابة بهذا المرض العضال هو الدواء الأمثل حالياً، وكما يقول المثل الشعبي «درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج»، فكيف إذا كانت هذه الوقاية مستندة إلى أدلّةٍ حسية وملموسة وثابتة يؤكد عليها غالبية العلماء والأطباء.
ولعلَّ أحد أهم طرق الحماية هذه تناول البروكولي بانتظام لما يحتويه هذا الأخير من مُركَّباتٍ كيميائية فعَّالة في القضاء على الخلايا السرطانية، ومنعها من التكاثر والانتشار.
من أهمّ هذه المُركّبات، السولفورافان، وهو واحدٌ من مجموعة الإيزوسيانيت (Isocyanates) أو ما يُعرف أيضاً بالزيوت الخردلية (mustard oils)، وهي عناصر كيميائية تصنِّعها النباتات ومنها البروكولي والملفوف لأجل الدفاع عن نفسها في مواجهة الحشرات المُهاجمة، ما يجعل الأخيرة تهرب وفمها مليء بالمرارة.
هذه المُركَّبات أي الإيزوسيانيت وفي مقدّمتها السولفورافان هي نفسها التي تعمل على محاربة مرض السرطان عند الإنسان كما الحيوان. وهناك دراسات كثيرة حديثة تُثبت هذا الأمر، منها دراسةٌ أُجريت في جامعة جون هوبكنز في بالتيمور حيث أُعطيت مجموعة من الحيوانات مادة السولفورافان قبل أن تُعرّض لمواد مسبِّبة للسرطان، في حين عُرِّضت مجموعة أخرى من الحيوانات المخبرية لهذه المواد المُسرطِنة نفسها من دون إعطائها السولفورافان. وفي النتيجة، تبيَّن أن نسبة 26٪ فقط من الحيوانات التي أُعطيت السولفورافان أُصيبت بسرطان الثدي في مقابل 68 بالمئة (لاحظ الفرق) أُصيبوا بهذا المرض الخطير في المجموعة الأخرى التي لم تُعطَ مادة السولفورافان.
وهناك مُركّب آخر في البروكولي لا يقلّ قدرةً عن السولفورافان في محاربة مرض السرطان إن لم يكن أقوى منه، المقصود هنا مُركّب الإيندول – 3 – كاربينول الذي يعمل على تنظيم نِسب الإستروجين في الجسم حيث يُخفّض من نسبة الإستروجين الضار وبالعكس فهو يرفع من نسبة الأشكال غير الضارة للإستروجين، أي غير المسبِّبة لسرطان الثدي.
صحيح أنَّ الإستروجين يُشار إليه على أنّه واحدٌ، إلا أنّ هناك شكلاً منهُ يُدعى 16 – ألفا – هيدروكسي سترون 16-alpha-hydroxyestroneهو الذي ارتبط اسمه فعلياً بسرطان الثدي؛ وفي المقابل، هناك أشكال أخرى من الإستروجين كالنوع المُسمّى 2 – هيدروكسي ستيرون 2-hydroxyestrone لم يثبُت أنّ لها أيّ ارتباط بالتسبّب بالمرض.
من هنا، فإنّ تناول المصادر الغنية بهذه المادّة كالبروكولي والملفوف هو من أنفع وأنجع الطرق للوقاية من الإصابة بسرطان الثدي والسرطانات الأخرى المرتبطة فعلياً بهرمون الإستروجين. وليس عجيباً أبداً أن يوضع البروكولي في رأس لائحة الأغذية المضادة للسرطان، كما ليس غريباً أن يُصنّف على أنّه الأوَّل والأقوى بين هذه الأغذية المفيدة كلّها في الوقاية من هذا المرض العضال.
وبحسب الدراسات فإنّ البروكولي يفيد كما بقية الخضار الصليبية في الحماية من الإصابة بمرض السرطان على أنواعه وفي مختلف أنحاء الجسم، إلا أنّه يفيد بشكل أخصّ في الوقاية من الإصابة بسرطان الثدي والرئة والقولون والبروستات. إنَّ أهم ما في الأمر هو أنَّ بعض هذه الدراسات تشير إلى ضمور حجم الأورام السرطانية الموجودة أصلاً بعد إعطاء الحيوانات المصابة مُركّبات السولفورافان والإيندول، وهذا ما يزيد من الأمل باكتشاف أدوية جديدة ومؤثّرة لعلاج مرضى السرطان….
البروكولي: لعظام قوية ومتينة
من المهم معرفة أنّ البروكولي هو واحدٌ من أهمّ الأغذية البنَّاءة للعظام وذلك لما يحتويه من نسبٍ عالية من الكالسيوم والفسفور، هذين العنصرين الأساسيين لبنية عظميةٍ سليمة وقوية. والأهمّ من ذلك كلّه هو أنَّه بخلاف مصادر الكالسيوم الأخرى كالحليب والألبان والأجبان، يمكنك عن طريق الإكثار من تناول البروكولي أن تُحصِّل كمياتٍ كبيرة من الكالسيوم والفسفور والأملاح الأخرى الضرورية بأقل كلفةٍ ممكنة.. أي بأقل سعرات حرارية ممكنة.
كما يحتوي البروكولي أيضاً على كميةٍ وافرة من الفيتامين C الضروري لبناء عظامٍ قوية ومتينة، فهو – أي الفيتامين C – يتدخّل في صنع ألياف الكولاجين (collagen) والإيلاستين (Elastin) وكذلك أساس العظام (bone matrix)، وهذه جميعها مسؤولةٌ عن القوة والصلابة للعظام، وبنفس الوقت المتانة والترابط وعدم القابلية على الانكسار بسهولة وهو ما يُميّز العظام السليمة.
من هنا، يُنصح بتناول البروكولي كغذاءٍ مقوٍّ للعظام، للصغار وللكبار على حدٍّ سواء، للصغار الذين هم في طور النمو وهم في حاجة لكلّ ما يعوزه الجسم والعظام خاصةً في هذه المرحلة الحساسة، وللكبار من أجل الحفاظ على البنية العظمية لديهم وللوقاية من الإصابة بداء ترقّق العظام (Osteoporosis) وما ينتج عنه من كسور ومشاكل ترافق كبار السن وتؤرقهم.
البروكولي: للوقاية من الماء الأبيض Cataract
من المواد الكيميائية المهمة التي يحتوي عليها البروكولي مادتي اللوتيين (Lutein) والزيكزانتين (Zeaxanthin) من مجموعة الكاروتينوئيدات (carotenoids)، ومن هذه المجموعة أيضاً البيتاكاروتين (Betacarotene) الشهير الموجود بدوره في البروكولي بنسبة جيدة.
تعمل هذه المواد جميعاً على حماية العين والحفاظ على حدّة البصر، فالبيتاكاروتين والفيتامين C مضادان قويان للأكسدة (antioxidant)، وتشير الأبحاث إلى أنّ هناك رابطاً معكوساً بين استهلاكهما وبين الإصابة بالكاتاراكت، وهو المرض الذي يصيب عادةً كبار السن الذين غالباً ما يشكون من غشاوة البصر إلى أن يذهب بصرهم بشكل كامل.
أمَّا ما يُسبِّب الغشاوة في هذه الحالة فهو ترسُّب البروتينات نتيجة تخريب الراديكالات الحرة في عدسة العين مسبِّباً إعتام البصر مع مرور الوقت؛ وتكون الوقاية بالإكثار من تناول الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة كالبيتاكاروتين والفيتامين C، والأكثر أهميةً اللوتئين والزيكزانتين، وكذلك بالاستفادة من النظارات الشمسية. وتشير الدراسات إلى أنّ استهلاك 300 ملغ يومياً من الفيتامين C يؤدي إلى خفض نسبة الإصابة بالكاتاراكت حتى 70 بالمئة أقل، وهناك دراسات كثيرة تؤكد على هذا الأمر، وكذلك الأمر بالنسبة للبيتاكاروتين.
أما اللوتئين والزيكزانتين (Lutein-zeaxanthin) فهما الملاكان الحارسان للعين من دون مبالغة، وهما عبارة عن الملوِّن الأصفر الطبيعي الموجود في بعض النباتات ومنها الخضار والفواكه وكذلك الأزهار الصفراء اللون والطحالب.
ويوجد اللوتئين والزيكزانتين أيضاً في منطقة البقعة (macula) في شبكية العين (retina) وكذلك في عدسة عين الإنسان (lens) ولهذا فهما يسميان أيضاً باسم الأصفر الماكولي (macularyellow). ويعمل اللوتئين والزيكزانتين على تصفية (فلترة) الضوء الداخل إلى العين، وبهذا فهما يحميان العين من الآثار المُخرِّبة للأشعة ما فوق البنفسجية التي تتعرض لها العين لحظة بلحظة، وتتسبّب مع مرور الوقت، ومع كل أشعةٍ ضوئية واردة إلى العين بتغييرات تدريجية سلبية على عدسة العين وبقية الأجزاء المتعلقة بالإبصار.
كما تعمل هذه العناصر وأهمها اللوتئين والزيكزانتين كمضادات للأكسدة، فتُحارب وتتخلّص من الراديكالات الحرّة الضارة (free radicals) المُتولّدة في الجسم والتي تعمل على مهاجمة الخلايا السليمة ومنها الخلايا البصرية فتسلب منها الإلكترونات التي تفتقدها لأجل أن تستقرّ بذاتها، مؤديةً إلى دمار وتخريب هذه الخلايا في أثناء مرورها بها.
وخلاصة الأمر، فإنَّ الإكثار من تناول المصادر الغنية بمضادات الأكسدة هذه وفي طليعتها السبانخ والبروكولي، هو من أهمّ طرق الوقاية من الإصابة بالكاتاراكت وإعتام البصر حيث أنَّ هذه الكاروتينوئيدات النافعة ومعها الفيتامين C تتمركز كلّها في نسيج العين وفي ذلك حكمة.. لتشكّل درعاً واقياً في وجه العوامل المُخرِّبة في أكثر المناطق حاجة إليها.
البروكولي: والفولات الحامي للجنين وللقلب
يحتوي البروكولي من ضمن ما يحتويه على ثروةٍ مهمة من حمض الفوليك (folic acid)، واحد من مجموعة فيتامينات B الشهيرة، بل هو أكثرها شهرةً على الإطلاق.
والفوليك أسيد متوفّر على شكل أقراص (tablets) في الصيدليات، وهو كثيراً ما يوصف للنساء الحوامل بل يُنصَح بأخذ جرعاتٍ مقوية منه لكل امرأةٍ تخطّط لكي تُرزق بطفلٍ حتى من قبل أن تصبح حاملاً بأشهرٍ عدة، وذلك للوقاية من ولادة الطفل بعيوبٍ خَلقية (birth defects)، ومن أهمّ هذه العيوب الحالة المسمّاة (السنسنة المشقوقة Spina bifida)، وهي حالةٌ لا يتم فيها الانغلاق الكامل للمجرى العصبي في أثناء نموّ الجنين بل يبقى هذا المجرى أو الكانال العصبي مفتوحاً باتجاه الخارج حيث تبدو منه الخلايا العصبية ظاهرةً للعيان في الرأس أو في الظهر.
والأدلة والبراهين كثيرة ومتعددة وجميعها تؤكّد على أنّ للفوليك أسيد الدور الأساس في الحماية من ولادة أطفالٍ ذوي عيوب خَلقية كعدم انغلاق الكانال العصبي. كما تشير بعض هذه الدراسات إلى أنّ له دوراً محتملاً في الوقاية من حالات أخرى عديدة من قبيل عدم اكتمال الشفّة واللثّة أو ما يقال له الشفّة الأرنبية (Orofacial clefts)، وكذلك بعض حالات العيوب الخَلقية في القلب والجهاز الوعائي (cardiovascular anomalies).
من هنا، فإنّ تناول الأغذية الغنيّة بالفولات كالبروكولي والسبانخ والهليون وأغلب الخضار المورِقة له كبير الأثر في الوقاية من هذه المشاكل والعيوب الخَلقية لدى المولود. ليس هذا فقط بل إنّ للفوليك أسيد دوراً مهماً في الوقاية من عددٍ من الأمراض الخطيرة كأمراض القلب والشرايين وبعض أنواع السرطان ومرض الألزهايمر (Alzheimer’s disease) والكآبة.
ويعمل الفوليك أسيد على خفض نسبة الهموسيستئين (homocysteine) في الدم وذلك عن طريق تحويله إلى ميتيونين (methionine). وهناك أدلة كثيرة على أنّ الهموسيستئين المرتفع في الدم هو عامل مسبِّب لأمراض القلب والشرايين والسكتات الدماغية والقلبية وذلك بمعزلٍ عن وجود عوامل أخرى كالكوليسترول المرتفع وضغط الدم المرتفع والسكري والتدخين.
لذا فإنّ تناول المصادر الغنية بالفولات هو من أهمّ طرق الوقاية من الإصابة بأمراض القلب والشرايين وأهمها السكتات القلبية والدماغية.
كيف تحصل على أقصى الفائدة من البروكلي؟
● اشترِ البروكولي الغامق اللون
عند زيارتك لمتجر البقّال قد تجد أحياناً البروكولي بلونٍ غامقٍ جداً حتى يقال أنّ لونه بنفسجي؛ هذا هو بالضبط ما يُنصَح بشرائه، فكلَّما كان لون البروكولي غامقاً أكثر كان محتواه من البيتاكاروتين والعناصر الغذائية والدوائية الأخرى أكبر. وعلى العكس من ذلك فإن كان البروكولي فاتحاً أو أصفر اللون فامتنع عن شرائه لأنّه ليس طازجاً، وقد مضى وقتٌ طويل على قطافه وتحلّلت أكثر عناصره المفيدة.
● اطبخه قليلاً، على البخار
إنّ أفضل طريقةٍ لطبخ البروكولي، هي طبخه على البخار لوقتٍ قليلٍ فقط، فبهذه الطريقة يحتفظ بلذّة طعمه وبمحتواه من المُركّبات الكيميائية النافعة كالإيندول إندول المُحارِب للسرطان، وبنفس الوقت فإنّ تعريضه للحرارة لوقتٍ قليل ينفع في تحرير البيتاكاروتين ليؤدّي دوره بشكلٍ أفضل. أما إذا طُبخ البروكولي لوقتٍ طويل فإنَّ ذلك يؤدّي إلى تدمير هذه المواد الفعَّالة فيه، عدا عن أنّ ذلك يجعل منه غذاءً عديمَ الطعم، ولعلَّ هذا ما يجعل بعض الناس ينفرون من تناوله.
لذا، اطبخ البروكولي قليلاً، وعلى البخار فقط، فهو ألذُّ وأنفع بالتأكيد.
● استفد من براعم البروكولي (Sprouts)
قليلٌ من الناس من يعرف أو قد سَمع ببراعم البروكولي أو لعلَّه لم يسمع به أحدٌ في منطقتنا. براعم البروكولي هي نبتة البروكولي الفَتيّة جداً أي عمرها عدّة أيام فقط، وهي ليست متوفّرة في المتاجر بشكلٍ عام إلا أنّها حالياً صارت متوفّرة نوعاً ما في بعض المتاجر الكبرى في الدول الغربية ولا أدري إن كانت موجودة في بلادنا بل لا يضر السؤال أبداً. ففي أبحاث أُجرِيَت في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور في أميركا تبيَّن أنّ براعم البروكولي هذه تحتوي على أضعاف أضعاف الكمية الموجودة فيه من المواد الكيميائية النافعة (ما يقارب 20 إلى 50 ضعفاً) مقارنةً بالنبتة البالِغة (mature).
كما تُعَدُّ براعم البروكولي هذه من أغنى المصادر الغذائية بالكالسيوم الضروري للعظام والأسنان، وكذلك بحمض الفوليك الضروري لصحة الأم والجنين، ومن المفيد طبعاً الاستفادة منها من حين إلى آخر في السلطات والأنواع المختلفة من اليخنات والشوربات.