الحياة صعبة بما فيه الكفاية ولا تحتاج لإضافة المزيد من الصعوبات إليها بأن تتخذ مواقف أو عادات غير مفيدة. ومن السبل البسيطة لاكتشاف ما إذا كنت تزيد من عرقلة أمورك أم لا أن تراجع ما إذا كان أي من الأمور الآتي ذكرها يجعلك تشعر بالتوتر أو بتقلب المزاج:
• الجلوس دون عمل أي شيء.
• البدء في تيار معين من الأفكار.
• التحدث إلى شخص آخر عن مشكلة لديك.
• التفكير في نفسك وفيما تفعله في حياتك.
• التفكير في المقربين إليك.
لو كان أي من الأمور التي ذكرناها لتونا يجعلك تشعر بالتوتر، فإن هناك احتمالات أنك تفتقر إلى احترام الذات أو تفتقر إلى احترام الغير. إذا انتهى بك الأمر إلى الشعور بتعكر المزاج أو التوتر، فمن الواضح أن لديك بعض عمليات التفكير الاعتيادية التي لا تحقق صالحك وإنما تعمل ضد مصلحتك.
اللوم والتعميم
الأفكار السلبية الاعتيادية عادةً ما تتضمن إلقاء اللوم والتعميم، وتقع ضمن واحدة من تلك الفئات الثلاث:
الفئة الأولى: إلقاء اللوم على نفسك
وهناك أنت منغمس في أفكار لا تقدر فيها نفسك حق قدرها فتقوم بجلد ذاتك وتقريعها لأنك لم تحقق ما كان ينبغي عليك تحقيقه أو لأنه من غير المحتمل أن تحقق أي شيء في المستقبل. هذه الأفكار التي تنم عن عدم تقدير للذات موجودة دائماً، ولكنها عادة ما تُدفع بعيداً نحو خلفية الذهن أثناء انشغالك بأمور أخرى. وبمجرد جلوسك وعندما لا يوجد شيء آخر ليشتت ذهنك، تقفز تلك الأفكار نحو مقدمة الصورة، وهذا هو الذي يجعل حالتك المزاجية تنهار. وإذا كنت بالفعل في موقف متوتر، فإن موقفك السلبي حيال ذاتك سوف يجعل الأمور تسير نحو الأسوأ. وسوف ينتابك شعور فظيع تجاه ذاتك، فتقلل من شأن ذاتك ويصيبك الإحباط، وفتور الهمة والاكتئاب؛ وهي ليست بالحالة المثلى لو كنت تريد التغلب على التوتر!
أما السبب وراء استمرار تلك الأفكار الهادمة للذات في إلحاحها عليك فعادة ما يكون شخص ما أو شيء ما وقع في الماضي علّمك أن تفكر بهذه الطريقة. ففي الغالب لا يحتاج الأمر سوى لحالة فشل مصيرية واحدة أو شخص كثير الطلبات ليجعلك تبدأ في الاعتقاد بأنك لست بالكفاءة الكافية. وحتى بعدها بسنوات، قد تظل هذه الرسالة القديمة قوية ومحبطة تماماً مثلما كانت في اليوم الذي عشتها فيه لأول مرة.
إذن ما الذي يمكنك عمله إذا ظل الماضي يطاردك؟
• اعترف بأنك لست كاملاً ولن تكون كاملاً أبداً، وهنئ نفسك على انضمامك أخيراً إلى الجنس البشري! والأمر يستلزم قدراً كبيراً من الضغط حتى تتوقف عن تقريع ذاتك.
• اتخذ قراراً بأن تعمل أفضل ما في وسعك في حياتك، ولكن ليس أكثر من هذا.
• اعترف بأنك فعلت كل ما في وسعك.
• إذا احتجت لمساعدة، فاعترف بذلك واحرص على طلبها.
الفئة الثانية: افتراض أن الآخرين سوف يخذلونك
إن عدم احترامك للآخرين يحمل نفس القدر من الضرر الذي يحمله عدم احترامك لذاتك. من الصحيح بالطبع أن أفعال غيرنا من الناس قد تسبب لنا ضيقاً شديداً، وارتباكاً وألماً مبرحاً. فإذا سيطر هذا الألم علينا بحيث شعرنا بالخطر يتهدد حياتنا اليومية بسببه، فسوف يتعين علينا حينئذ معالجة هذا السلوك غير المقبول. وإذا وقعنا في موقف متوتر وتوقعنا أن ننال المساعدة ولم ننلها، فإننا بحاجة لأن نسأل أنفسنا عن سبب ذلك.
في هذه الحالة فإن الإجابة التلقائية المعتادة والتي تتدخل فيها العواطف بشكل كبير هي لأن س لا يهتم بي! ولكن توقف لحظة؛ هل هذا صحيح حقاً؟ هل أنت قلت بوضوح إنك في حاجة للمساعدة؟ أم أنك توقعت أن يعلم الشخص الآخر بطريقة تلقائية أنك في حاجة للمؤازرة؟ إن ما يبدو بديهياً لك قد لا يكون بديهياً على الإطلاق لشخص آخر، لهذا أرجوك ألا تحزن لأنهم لم يستطيعوا قراءة أفكارك! إنها مسئوليتك أنت كشخص بالغ أن تطلب ما أنت بحاجة إليه، وأن تكون واضحاً في طلبك هذا. فهناك عبارات مثل: أنت لست معاوناً جيداً أو شكراً جزيلاً لأنك تركتني أقوم بكذا وكذا بمفردي تماما، وإبداء الامتعاض لا يمكن اعتبارها طلباً للمساعدة. ومن غير المفيد كذلك وبنفس الدرجة، بل إنه في الحقيقة غير ذي فائدة على الإطلاق أن تقول للآخرين إنهم لا يفكرون سوى في أنفسهم. فهذا بالتأكيد لن يغير الأمور نحو الأفضل!
أما ما يحقق لك النتائج فهو أن تطلب المساعدة بشكل مباشر مع التعبير عن ذلك بأسلوب مهذب. وليكن مثلاً على هذا النحو: هذه الحقيبة ثقيلة عليّ للغاية. هلا حملتها عني من فضلك؟ أو إني أشعر بإرهاق شديد الآن. فهلا ذهبت واستلمت الأطفال بدلاً مني اليوم من فضلك؟. فقط في حالة طلبك للمساعدة بصورة مباشرة (ومهذبة في الوقت نفسه) وعدم حصولك عليها، يمكنك أن تتشكك في مدى استعداد الطرف الآخر لتقديم يد العون. إذا لم تتقدم بطلب واضح المعالم، فأنت بذلك تدمر نفسك وتمنع الطرف الآخر من فهم احتياجاتك بشكل صحيح.
إذا شعرت بأنك عاجز عن التقدم بطلب مباشر، فسوف تحتاج لمراجعة موقفك. ما الذي يمكنك عمله عندما تجد صعوبة في طلب المساعدة؟
• ابدأ طلبك بالافتتاحية التالية: إني أجد صعوبة بالغة في طلب المساعدة، ولكن هلا تفضلت بـ….
• كف عن قول لا شيء إذا سألك أحدهم عما بك. (فهذا أسلوب طفولي).
• اعلم أن كثيراً من الناس يحتاجون إلى التمرين على تقديم المساعدة. وهذا الأمر قد ينطبق على شريك حياتك بنفس القدر الذي ينطبق على أطفالك وزملائك في العمل. فمن الأفضل أن تطلب المساعدة بطريقة مباشرة، بادئاً بالشخص الذي يرجح أن يوافق على تقديم العون أكثر من غيره.
الفئة الثالثة: إلقاء اللوم على الحياة بصفة عامة
الأفكار المعتادة في هذه الفئة هي الحياة تخلو من الإنصاف، أو إني دائماً ما يجانبني التوفيق، أو الناس يتسمون بالفظاظة، أو الحياة صعبة. غير أن أية عبارات تعميمية مثل تلك هي عبارات خاطئة بالتأكيد. فالحياة قد تكون بعيدة عن الإنصاف بالطبع في بعض الأحيان، وبعض الناس قد يتسمون بالفظاظة معظم الوقت، ولكن لا شيء له طبيعة الدوام، سواء كان خيراً أو شراً. وإذا أنت انغمست في تعميمات سلبية، فإنك بذلك تتنصل من مسئوليتك الشخصية نحو عمل شيء لمعالجة موقفك المحدد. فإذا أقررت بأن الحياة مليئة بالتوتر، فإنه لا يوجد داع حينئذ للقيام بأي شيء حيالها. ولكن لو كان هناك موقف بعينه أو حتى عدة مواقف تملي عليك التوتر في الوقت الراهن، فإن بإمكانك معالجتها واحداً تلو الآخر حتى تحلها فتحصل على قدر أكبر من صفاء الذهن.
ما الذي يمكنك عمله حتى تترك وراء ظهرك العادات القديمة المتمثلة في التعميم والاحتفاظ بالسلبية؟
• أضف شيئاً ما إلى تعميماتك. فإذا وجدت نفسك تقول: الحياة ليست منصفة، فأضف عبارة: ولكن ليس دائماً.
• راجع أي المواقف المحددة ذلك الذي جعلك تظن أو تعبر عن هذا التعميم. وأين أنت الآن وما الذي يمكنك أن تفعله حيال ذلك؟
• عندما تجد نفسك آخذاً في تذكر قائمة بالأحداث والوقائع الأخرى التي تثبت عدم إنصاف الحياة، فأوقف نفسك وابذل قصارى جهدك لذكر قائمة بكل الأمور التي حدثت لك في حياتك والتي كانت علامة على إنصافها. ومن هذه بالطبع المواقف التي لم تكن فيها مستعداً لدخول الامتحان وبالتالي رسبت فيه!