عندما تخرج الضغوط عن سيطرتنا، ونفقد القدرة على تقليلها، يجب علينا البحث عن طرق للتخفيف من حدتها. ويعد التخفيف من حدة الضغوط أمرًا مختلفًا؛ حيث إنه يعني استبعاد الضغوط، وليس إدارتها. وهو يعتمد على الوعي الأساسي بالأمور التي تسبب لنا الضغوط، وإرسال هذه الضغوط إلى منطقة العدم. وهذا ليس أمرًا سهلًا، ولكن يجب القيام به، إذا كانت الضغوط تحكم حياتنا في الوقت الحالي. وتعد الكيفية التي تقوم من خلالها بتخفيف حدة الضغوط وإبقائها بعيدًا جزءًا مهمًّا من هذه العملية.
التحدي
يعد وجود بعض الضغوط في حياتنا شيئًا جيدًا، ولكن كثرة الضغوط، أو الضغوط التي تأتي من مصادر سيئة، يمكن أن تؤدي إلى الاكتئاب، والقلق، ومجموعة متنوعة من الأوجاع الجسدية. فإذا كانت الضغوط الموجودة في حياتك قد وصلت إلى هذا المستوى، فاعلم أنك لم تعد تملك خيار تقليلها. ويجب عليك البحث عن طرق من أجل التخفيف من حدتها، سواء كانت تتضمن استبعاد مثيرات الضغوط من حياتك أو التوصل إلى آليات التأقلم التي تجعل الضغوط تبتعد، بطريقة أو بأخرى. وعندما تختفي الضغوط الضارة، ستصبح أفضل قدرة على التعامل مع متطلبات الحياة اليومية، وعيش حياة ذات جودة أفضل مع تأثيرات ضارة أقل على صحتك النفسية والجسدية، وعائلتك، ومكان عملك. ويتمثل التحدي في استيعاب مفاهيم تخفيف حدة الضغوط، والمواضع التي تنبع منها الضغوط السيئة، وسبب اختلافها عن الضغوط الجيدة، ووضع قائمة بالضغوط وتأثيرها، ثم العمل مع متخصصين على التخفيف من حدتها؛ بحيث يمكنك المضي قدمًا. إن التخفيف من حدة الضغوط ليس عملية سهلة، ولكنها مهمة بالتأكيد، ويجب أن تكون مستعدًّا للقيام بما يلزم من أجل أداء آلية التأقلم هذه.
الحقائق
إن التخفيف من حدة الضغوط يختلف عن تقليلها؛ حيث يتوجه تخفيف الضغوط نحو تلطيفها، إما عن طريق تغيير أسباب الضغوط، أو تغيير كيفية التعامل معها. وحالما يتم التخفيف من حدة الضغوط، فإنها تبتعد عن حياتنا من الناحية النظرية، أو على الأقل تصبح في مكان يمكن إدارتها منه على نحو أكثر سهولة. ولا يعني هذا أنها عملية أكثر صعوبة من تقليل الضغوط، ولكنها تستطيع أن تجعل حياتنا أفضل بكثير.
إننا نعلم أننا نشعر بالضغوط في مواضع مزعجة، عندما تنتابنا الهواجس حيال الضغوط أو حيال أنها تترك آثارًا موهنة على أجسادنا. وربما تظهر هذه الآثار نفسها كآلام وأوجاع، وتزايد في ضربات القلب، والتنفس السطحي، ونقص النوم، والنوم كثيرًا، والإحساس العام بالاستياء. ويمكنك التخفيف من حدة الضغوط في أية بيئة تقريبًا، من مكتبك إلى منزلك، إلى سيارتك حتى عندما تعلق في زحام المرور، التي تعد أحد المصادر الرئيسة للضغوط المؤقتة. ويتمثل الأمر الأساسي في البحث عن طرق تعمل معك بشكل جيد في تخفيف حدة الضغوط التي تواجهها.
ويعد وجود درجة لطيفة من الضغوط أمرًا مفيدًا، ولكن تجب عليك معرفة حدودك بالنسبة للضغوط، وكيفية موازنة الضغوط مع الاتجاه الصحي نحو حياتك. وهذا يعني الاسترخاء، وليس الاستغراق في مثيرات الضغوط.
وتقدم الموسيقى، والدعابة، والعطور طرقًا جيدة لضبط الشعور بالضغوط والتخفيف من حدتها, فيمكنك الاستماع إلى الموسيقى، أو غناء بعض الألحان الموسيقية أو النغمات وحدك. عزز الموسيقى بالصور العقلية التي يمكنها المساعدة على تخفيف حدة الضغوط. ويؤدي الحفاظ على حس الدعابة حيال ما نواجهه من مواقف إلى إضافة التوازن إلى حياتنا. وتمثل العطور بعض أقوى الذكريات الحسية التي نمتلكها، وينمو العلاج العطري كطريقة للتخفيف من حدة الضغوط عن طريق العطور الجذابة.
ويعمل التدليك على منح جسدك شعورًا أفضل، علاوة على أنه يستطيع التخفيف من حدة الضغوط عن طريق التأثير على مشاعرك. ويرتبط عقلك وعضلاتك مع الربط بين النظام العصبي المركزي والنظام العصبي الخارجي. ويمكن للتدليك أن يطلق الإندورفينات التي يمكنها تهدئة انفعالاتك. كما أنه يزيد سرعة دوران الدم وسرعة التخلص من السموم من الجسم، ويقلل مستويات هرمونات الضغوط. ويستطيع العلاج بالتدليك تحسين النوم، وتقليل الاكتئاب الذي يصيب النساء بعد الولادة. عليك أن تتأكد فحسب من قيامك بزيارة معالج معتمد في التدليك وحاصل على تدريب شامل.
وتمثل اليوجا سلسلة من التدريبات الشخصية التي يمكن أن تتخذ أشكالًا متعددة. ولقد صممت كل أشكال اليوجا من أجل الجمع بين ذواتنا الجسدية، والعقلية، والروحية. ويعود أصل كلمة يوجا إلى اللغة السنسكريتية، وهي تعني الاتحاد. وتعلمك اليوجا سلسلة من الأوضاع الثابتة والمتحركة التي تسمى أسانا، وأحد أشكال التحكم في التنفس، الذي يسمى براناياما. وتعمل اليوجا على إبطاء نشاطك الجسدي، وإطالة جسدك بطرق تقوم بتدليك أعضائك الداخلية. وتتضمن فوائد اليوجا بالنسبة للجسد والعقل ما يلي:
– تحسن المرونة، والقدرة على الحركة المشتركة؛
– تقوية العضلات وتنسيقها؛
– زيادة القدرة على التحمل؛
– تحسين عملية الهضم؛
– تقليل الكوليسترول ومستويات سكر الدم؛
– تحسين الدورة الدموية؛
– تعزيز الاستجابة المناعية؛
– زيادة الوعي الجسدي الإيجابي؛
– تخفيف حدة أنماط الضغوط المزمنة؛
– استرخاء العقل والجسد؛
– تمركز الانتباه؛
– زيادة التركيز؛
– التحرر الروحي.
الحلول
يواجه عقلك معظم الضغوط، ولذلك فإنك بحاجة إلى البحث عن أفكار للاسترخاء يمكنها مساعدتك على التعامل مع الضغوط. وربما يتضمن هذا دمج مجموعة من الطرق من أجل التواصل مع أفكار الاسترخاء، مثل رؤية المشكلات فرصًا، وتجنب أخذ مثيرات الضغوط على محمل شخصي، وإدراك أنه لا يوجد شيء مثالي، وعدم المبالغة في التعميم، والتصرف على سجيتك.
وإلى جانب الدخول إلى عقلك، توجد أنشطة معينة يمكن القيام بها من أجل التخفيف من حدة الضغوط. وتتضمن هذه الأنشطة ممارسة التدريبات الرياضية، والتأمل، والنوم في وقت القيلولة، والحصول على تدليك، والاستماع إلى موسيقى هادئة، واستخدام التصورات الموجهة من خلال الشرائط، والقيام بأي شيء من الذهاب إلى تمشية قصيرة إلى أخذ إجازة، والابتعاد عن الأخبار السيئة في العالم.
ويتمثل أحد أساليب التخفيف من الضغوط، التي تزداد شعبية في الوقت الحالي، في التغذية الراجعة الحيوية المقرونة بالعلاج بالإيحاء. وتستخدم التغذية الراجعة الحيوية أجهزة إلكترونية لرؤية ما يحدث في جسدك، ومدى التقدم الذي تحققه في التهدئة. ويستخدم العلاج بالإيحاء متخصصًا يقوم بإحداث حالة من فقدان الوعي تساعدك على الاسترخاء، ويمكنه إعطاؤك اقتراحات بعد التنويم المغناطيسي حيال طرق استثارة استجابة التخفيف من حدة الضغوط.
فإذا كنت عالقًا في سيارتك أو وراء مكتبك، أو تجد نفسك واقعًا في مشكلات النوم، يمكنك التخفيف من حدة الضغوط عن طريق أساليب الاسترخاء المتدرج؛ حيث تقوم بقبض عضلات مختلفة في جسدك بنمط معين، ثم إرخائها. ويتسم هذا الأسلوب بأنه سهل في تعلمه، وبسيط في أدائه. والأفضل من ذلك، فقد أشارت نتائج إحدى الدراسات إلى نجاح هذا الأسلوب؛ حيث حدث انخفاض في الألم والتكرار، لدى الأشخاص الذين يعانون الصداع المزمن، بنسبة 50% بفضل استخدام هذا الأسلوب.
ويظهر أحد أكثر أشكال التخفيف من حدة الضغوط ببساطة في نشاط لاإرادي نقوم به: التنفس, فيمكنك التحكم في تنفسك من أجل التخفيف من حدة الضغوط. جرب أن تضع تنفسك تحت سيطرتك من خلال القيام بالزفير بشكل كامل، والشهيق من خلال أنفك ببطء، وتوسيع حجابك الحاجز من أجل إدخال الهواء في الجزء الأسفل من جسمك، وتوسيع صدرك، ورفع كتفيك إلى آخرهما، ثم حبس الأنفاس فترة قصيرة، وفي النهاية الاسترخاء وترك الهواء يتدفق بسلاسة وبشكل كامل من خلال فمك.
وربما تستغرق أساليب التخفيف من حدة الضغوط بعض الوقت في تعلمها وتنفيذها. ورغم ذلك، هناك طرق تمكنك من التخفيف من حدة الضغوط بطريقة فعالة وعلى نحو أسرع:
– الصلاة.
– التدرب على أساليب التنفس.
– الاستماع إلى بعض الموسيقى.
– القيام بنشاط ممتع؛ كممارسة إحدى الهوايات.
– قراءة رواية أو شعر، تجنب قراءة الأعمال الواقعية المعاصرة.
– قضاء 10 دقائق في التأمل.
– التخطيط لإجازة وقضاؤها.
– تعلم كيفية الفصل بين الحياة العملية والحياة المنزلية.
– تأسيس نظام للدعم يتكون من أصدقائك، أو أفراد عائلتك، أو زملائك في العمل.
وتتمثل إحدى أكثر الطرق فاعلية في التخفيف من حدة الضغوط في أحد أكثر الأمور بساطة وبداهة: العد حتى الرقم 10. فكر في حياتك كشريط تسجيل يمكنك الضغط فيه على زر الإيقاف المؤقت لثوان معدودة، ثم التشغيل مرة أخرى لكي تبدأ نشاطك الحياتي من جديد. خذ وقتًا في العد حتى الرقم 10، وتذكر أن هذا يمكن أن يساعدك على الابتعاد عن الضغوط؛ فهو أحد أشكال التخفيف الفعالة للغاية. ويمكنك تعزيز العد، عن طريق القيام بتمشية قصيرة أو إطالة الجسم.