التصنيفات
القلب | جهاز الدوران | أمراض الدم

التصوير المقطعي، التصوير بالرنين المغناطيسي – فحوصات تشخيص مرض القلب – الجزء7

رغم توفر اختبارات تشخيصية معقدة لدراسة بنية قلبك ووظيفته، يمكن أن تعطي الاختبارات المعتمدة تكنولوجيا حديثة أكثر تطورا المزيد من المعلومات عنه. وتشتمل هذه الإجراءات على التصوير المقطعي المحوسب، التصوير بالرنين المغناطيسي و التصوير المقطعي بقذف البوزيترون.

التصوير المقطعي المحوسب CT

هو طريقة تصوير بالأشعة السينية، استعملت على نطاق واسع في تفحص الدماغ والأعضاء الأخرى؛ ويجري إنتاج الصورة في التصوير المقطعي بتسليط حزمة من الأشعة السينية عبر جسمك. لكن هذه التكنولوجيا تعطي من المعلومات أكثر مما تعطيه الأشعة السينية الاعتيادية.

ويعود السبب في ذلك إلى طريقة تجميع الصورة ومعالجتها، حيث يدور جزء من آلة التصوير بالأشعة السينية بسرعة حول جسمك، فنحصل على صور من كافة الزوايا، ثم يقوم حاسوب بمعالجة هذه الصور وجمعها لإنتاج صورة مقطعية مفصلة لجسمك؛ وهذه ما يظهر البنى الجسدية التي لا يمكن رؤيتها بالأشعة السينية العادية؛ كما يسمح لطبيبك برؤية البنى الحشوية لجسمك، بما في ذلك القلب والتامور والرئتين والأوعية الدموية بمقاطع عرضية.

بما أن القلب يكون في حركة دائمة، لذلك جرى تطوير معدات خاصة للتصوير المقطعي تسمح برؤية القلب بوضوح ومن دون تشويش. وتدعى هذه الطرائق التصوير المقطعي السينمائي أو التصوير المقطعي السريع.

يمكن أن تظهر طريقة التصوير التي تدعى التصوير المقطعي المحوسب السريع تفاصيل دقيقة للكثير من البنى في جسمك؛ كما تستطيع إظهار أجزاء الشرايين الإكليلية والتمييز بين السوية منها (الأسهم في الصورة العلوية) وتلك المحتوية على ترسبات كلسية (الأسهم البيضاء في الصورة السفلية)؛ حيث قد تشير الترسبات الكلسية إلى وجود تصلب عصيدي وانسداد جزئي في أحد الشرايين.

 

يكون الجهاز المستعمل في إجراء التصوير المقطعي المحوسب كبيرا، وقد تبدو التكنولوجيا الكامنة وراءه معقدة؛ لكن هذا الإجراء بمنظور المريض مباشر وبسيط، حيث يبدو المفراس المقطعي المحوسب مثل كعكة كبيرة، وحيث تحتوي حلقة الكعكة على أداة التصوير، وهي تحيط بجزء من جسمك الذي يجرى التصوير عليه. تتمدد أنت منبطحا على طاولة متحركة تنزلق في «ثقب» الكعكة. ويوجه الجهاز الأشعة السينية في قوس من خلال قطع أو أجزاء جسمك؛ ويكون الإجراء غير مؤلم، وكل ما تحتاج إليه هو البقاء مستلقيا، ويمكن في بعض الأحيان حقن مادة ظليلة من خلال أحد الأوردة لتعزيز وضوح الصورة.

تقوم الصور المقطعية المحوسبة على التعرض لكمية صغيرة من الإشعاع خلال الإجراء. وتتجاوز الفوائد كثيرا الخطر البسيط الذي يرافق هذا المستوى المنخفض من التعرض للإشعاع.

التصوير بالرنين المغناطيسي MRI

هو طريقة أخرى يمكن أن تفيد في استقصاء الأمراض القلبية؛ فبدلا من استعمال الأشعة السينية لإنتاج الصورة، يقوم التصوير بالرنين المغناطيسي على استعمال الحقول المغناطيسية والموجات الراديوية؛ ويستطيع الجهاز كشف إشارات الطاقة الصغيرة الصادرة عن الذرات التي تتركب منها الأنسجة في جسمك، ثم يقوم بإعادة بناء الصور اعتمادا على هذه المعلومات؛ وتكون الصور الناتجة عن التصوير بالرنين المغناطيسي مماثلة لتلك الملتقطة بالأشعة السينية، لكنها قد تظهر أنسجة مختلفة قليلا.

يمكن اللجوء إلى هذا الإجراء لكشف العيوب الولادية (الخلقية) والأورام، ولتقييم المرض القلبي الإقفاري (بنقص المدد) وأمراض الصمامات القلبية والتامور؛ وتوحي الأبحاث الحديثة بأن التصوير بالرنين المغناطيسي يمكن أن يكشف لويحات التصلب العصيدي التي تكون عرضة للتمزق في الشريان السباتي والأبهر الصدري وربما في أحد الشرايين الإكليلية؛ ولكن لم تدرس هذه الطريقة بما يكفي لتكون وسيلة معيارية يستعملها الأطباء؛ غير أنها قد تمكن اختصاصيو أمراض القلب في المستقبل من تشخيص الأمراض في الناس من ذوي الخطر المرتفع بالنسبة إلى النوبة القلبية أو السكتة، والبدء بالمعالجة قبل حدوث ذلك.

لا يقوم هذا الإجراء على استعمال الإشعاع المؤين، مثل التصوير بالأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب، وليس هناك أخطار معروفة للتصوير بالرنين المغناطيسي؛ وبما أن الجهاز يعمل في وسط مغناطيسي، لا يمكن إخضاع بعض المرضى لهذا التصوير، بمن في ذلك الذين لديهم نواظم كهربائية Pacemakers أو بعض الأجسام المعدنية الداخلية؛ أما المرضى الذين لديهم صمامات قلبية صناعية فيمكن تصويرهم بأمان.

التصوير بالرنين المغناطيسي MRI هو طريقة أخرى تستطيع إظهار التشريح القلبي بكثير من التفاصيل.

 

التصوير المقطعي بقذف البوزيترون PET

هو طريقة تصويرية حديثة نوعا ما ومكلفة تكشف الأشعة الصادرة عن الجسيمات تحت الذرية في جسمك،. وتكشف هذه الانبعاثات بكاشفين مختلفين موضوعين على جانبي جسمك.

يستعمل التصوير المقطعي بقذف البوزيترون PET لقياس الجريان الدموي والاستقلاب في الأنسجة بشكل رئيسي، مثل العضلة القلبية؛ وتتصف هذه الطريقة بالقدرة على توصيف طريقة استعمال النسيج القلبي للطاقة فعليا. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى رؤى جديدة بشأن استقلاب الخلايا القلبية وكيفية استخدام الأكسجين لإنتاج الطاقة اللازمة للتقلص القلبي.

تعد المعدات والمواد الخاصة بهذا الإجراء باهظة التكاليف، وهذا ما يبرر استعمال التصوير المقطعي بقذف البوزيترون للاستقصاءات العلمية بشكل رئيسي.

وضع الاختبارات في المنظور

رغم تعقيد الإجراءات الاختبارية والمعلومات القيمة التي تقدمها، فإنه من الخطأ الاعتقاد بأن هذه الاختبارات تعطي الإجابة النهائية عن تشخيص الأمراض القلبية؛ فكافة الاختبارات تتصف بفروق أساسية في الدقة، ولا يوجد اختبار دقته %100 حتى في أفضل الظروف. وتذكر أن الاختبارات ليست تشخيصا بحد ذاتها، بل هي تعطي معلومات تقود إلى التشخيص عندما تضاف إلى المعلومات الأخرى.

إن أهم مشاركة يقوم بها الأطباء عند تقييم حالتك الصحية ليست قدرتهم على الترتيب لإجراء الاختبارات أو القيام بها، وإنما تكون في اختيار الاختبارات التشخيصية وتفسيرها حسب المشكلة الموجودة؛ ولا بد من أن يضع الأطباء في حسبانهم – لتحقيق ذلك – كافة المعطيات المتوفرة عنك، حيث ينبغي أن يعرفوا ماذا يمكن أن يظهر الاختبار وما لا يمكن أن يظهر، بالإضافة إلى علاقة نتائج الاختبار بالمرض الحقيقي؛ ويحدد الاهتمام والمهارة المطبقان خلال القيام بالاختبار التشخيصي وتفسير نتائجه قيمة هذا الاختبار في إرشاد الطبيب إلى التشخيص والمعالجة الملائمة.

قبل المضي قدما في الاختبار التشخيصي، راجع مع طبيبك ما يمكن القيام به بالنسبة إلى نتائج الاختبار؛ فإذا كان التصرف هو نفسه بصرف النظر عن نتائج الاختبار، فقد لا تكون هناك ضرورة لهذا الاختبار؛ ويكون السؤال الأساسي هو ما هي المعلومات الإضافية التي يقدمها الاختبار.

وعندما تأخذ كل ذلك بعين الاعتبار، لا يكون من المستغرب أن تجد حتى الخبراء لا يتفقون أحيانا بشأن المعالجة المفضلة للحالة؛ وتشتمل الحالات التي قد يكون فيها الخيار الثاني فكرة جيدة على:

•    عندما يكون التشخيص خطيرا جدا.
•    إذا كانت المعالجة التي نصحك بها الطبيب خطرة أو تجريبية أو خلافية.
•    عندما تحتاج إلى إجراء جراحي كبير.

هناك خيارات ثانية تكون مفيدة أحيانا عندما يبدو التشخيص واضحا، لكن خيار المعالجة غير واضح؛ وغالبا ما تتوفر عدة معالجات مختلفة بشكل واضح للمرض نفسه؛ كما قد تحتاج إلى الحصول على رأي ثان إذا لم تستفد من المعالجة جيدا مثلما تتوقع، أو إذا شعرت بأن طبيبك لم يعطك المعلومات الكافية حول التشخيص وطرق العلاج؛ وغالبا ما تشترط شركات التأمين رأيا ثانيا قبل تطبيق المعالجة.

وفي النهاية، ينبغي أن ينبع أي «رأي ثان» هام حول القرار الصحي منك شخصيا؛ فأنت تعرف أولوياتك وما هو تأثير الاختبار والمعالجات في حياتك، مع المخاطر والفوائد؛ وحتى يكون الرأي الثاني ذا معنى، يجب أن تكون على علم كامل بنتائج الاختبارات، تماما مثل ما استعلم منك طبيبك الأول عن سيرتك المرضية وأعراضك.

استعمال التصوير المقطعي المحوسب للتحقق من تكلس الشرايين الإكليلية

لقد أوليت طريقة «تصوير الشرايين الإكليلية» الكثير من الاهتمام لكشف الكالسيوم فيها، وهو مؤشر هام على داء الشرايين الإكليلية وربما خطر النوبة القلبية لديك.

لماذا يعد كشف وجود الكالسيوم هاما جدا؟ تعتمد الإجابة على طبيعة التصلب العصيدي، فهو عملية مزمنة لإصابة جدران الأوعية الدموية لديك، ومن ثم حدوث الالتئام أو الشفاء لاحقا. ويقوم جزء من عملية الشفاء في الوعاء (وفي أجزاء أخرى من الجسم) على ترسب الكالسيوم في المنطقة أو الناحية المتأذية.

يظهر الكالسيوم واضحا على الأشعة السينية، لأنه صلب يصعب على هذه الأشعة اختراقه؛ ويكون باستطاعة الأطباء تقدير خطر داء الشرايين الإكليلية من خلال هذه المزية، وذلك بطريقة تدعى التصوير المقطعي للتكلس الإكليلي أو التصوير المقطعي المحوسب بالحزم الإلكترونية EBCT، وفيما يلي كيفية القيام بذلك:

تؤخذ سلسلة من الصور بالأشعة السينية ذات استبانة كبيرة جدا لقلبك. ويقوم الحاسوب ببناء صور متعددة ضمن صورة تظهر عليه. ثم يتفحص الأطباء هذه الصور بحثا عن نقاط التكلس في مناطق الشرايين الإكليلية الرئيسية المتوضعة ضمن قلبك؛ إذ تترافق زيادة كميات التكلس بوجود تصلب عصيدي؛ ويستطيع التصوير المقطعي المحوسب بالحزم الإلكترونية كشف التصلب العصيدي قبل حدوث انسداد وعائي هام.

يعد التصوير المقطعي المحوسب بالحزم الإلكترونية قادرا على كشف المرض القلبي باكرا، مما يمكن الأطباء والمرضى من اتخاذ خطوات للحيلولة دون ظهوره لاحقا؛ لكن قد لا يكون هذا الاختبار مفيدا لكل شخص؛ حيث إن كافة الرجال بعد عمر 65 سنة في الولايات المتحدة – والنساء فوق عمر 75 سنة – لديهم بعض التكلس الإكليلي، مما يعني أن التفريسة قد لا تميز المصابين بالمرض القلبي عن غير المصابين به في هذه الفئة العمرية؛ ويبدو حتى الآن أن هذا الاختبار هو الأكثر ملاءمة للمرضى الشباب الذين هم في خطر مرتفع من الإصابة بالتصلب العصيدي.

يكون للتصوير المقطعي المحوسب بالحزم الإلكترونية قيود. فهو لا يستطيع رؤية الأوعية بوضوح كاف ليصبح بديلا عن تصوير الأوعية الإكليلية (التاجية) إذا كان الاختبار ضروريا؛ كما أن قيمة المعلومات التي يقدمها ما تزال غير مؤكدة؛ فإذا أخبر المرضى الشباب بأنهم في خطر من الإصابة بداء قلبي، هل يساعد ذلك على إنقاص النوب القلبية؟ يعد دور التصوير المقطعي المحوسب بالحزم الإلكترونية في كشف المرض القلبي واعدا، ويحتاج إلى المزيد من الدراسة؛ لكن دوره الآن في الوقاية من المرض القلبي ما يزال غير واضح.

معلومة

تعد مراقبة الكولستيرول هامة، لكن الأبحاث العلمية ترى أنه قد يكون من الأفضل مراقبة مدخولك من الدهون المشبعة؛ فالدهون المشبعة – في الواقع – ترفع كولستيرول الدم لديك أكثر من أي شيء آخر تأكله؛ ويؤدي إنقاص مدخول الدهون المشبعة هذه إلى خفض مدخول الكولستيرول في الوقت نفسه، لأن الكولستيرول الغذائي موجود في الكثير من الأطعمة الغنية بالدهن المشبع.

معلومة

قد تجد نفسك في قسم الطوارئ أو وحدة العناية المركزة أو مركز للطوارئ حين يقرر الطبيب إجراء اختبار دموي لك. وغالبا ما تستطيع هذه الاختبارات التي تبدو غير مرغوب بها إثبات (أو استبعاد) الشكوك حول حالتك القلبية والتي ظهرت في التقييم الأولي.

وتشتمل الاختبارات الدموية الأكثر إثباتا لوجود أذية في العضلة القلبية على كيناز الكرياتين CK ونازعة هيدروجين اللاكتات LDH، حيث قد تتسرب مثل هذه الإنزيمات الموجودة في القلب – بعد النوبة القلبية – إلى الدم من الخلايا العضلية المصابة؛ وتقيس الاختبارات الأخرى مستوى البروتينات العضلية القلبية، لا سيما التروبونين T والتروبونين I. وتسيطر هذه البروتينات على التآثرات (التفاعلات) بين الأكتين والميوزين، والتي تقلص العضلة القلبية.