الانفعالات هي المشاعر التي تعيشها خلال اليوم، كل يوم؛ مشاعر مثل السعادة، الحزن، الارتياح، الغضب، الفرح، والخوف. غالباً ما يكون من الصعب على المدمنين تحديد عواطفهم في مرحلة مبكرة من المعالجة، مما يجعل الشعور بالراحة وإقامة علاقات مع الآخرين والبقاء في حالة الصحو أشد صعوبة عليهم.
انفعالات التعاسة مثل الاكتئاب، والقلق، والغضب هي بشكل خاص انفعالات إشكالية بالنسبة إلى المدمنين: فالكدر العاطفي والشعور بانقطاع التواصل مع الآخرين هما من أوّل الأسباب التي تدفعهم للبدء بالشرب أو بتعاطي المخدرات من جديد. إنها عودة إلى الأيام الجميلة الخوالي، فقد كنت تملك طريقة سهلة لمعايشة الانفعالات المفعمة بالألم، والمحيّرة، والمخيفة كالكآبة والقلق والغضب، ألا وهي: احتساء كأس أو تعاطي مخدرٍ. فهما طريقتان سريعتان، بسيطتان، وفعالتان في آن. لعلك لم تعرف سبيلاً آخر للتعامل مع هذه المشاعر. وقد تكون قد خلطت بينها وبين الرغبات الملحّة. فجلّ ما كنت تتمناه هو أن تزول عنك هذه المشاعر بعيداً. كان تعاطي المخدرات أو معاقرة الكحول طريقة سريعة لتحويل المشاعر السيئة إلى مشاعر طيبة، وتخفيف القلق، ومحو الكآبة، وطرد الألم. على كل حال، الآن وبما أنك صاحٍ، بات عليك أن تواجه المشاعر المزعجة وتتعامل معها حين تطفو على السطح خلال طور الشفاء وخلال الحياة اليومية.
يمكن أن يكون هذا صعباً لأن أكثر المدمنين هم خارج نطاق ممارسة التعامل مع الانفعالات؛ بل غالباً ما يكون لديهم مشكلة حتى في معرفة الانفعالات التي يعيشونها في أثناء سنوات الإدمان. الآن وهم في مرحلة الاستشفاء لا يدركون غالباً واقع أنهم يعيشون الانفعالات الطبيعية اليومية: فهم يظنون أن ما يشعرون به هو رغبة جامحة. أضف إلى ذلك أن الكحول والمخدرات يستطيعان تغيير طريقة عمل المخ وخلط الانفعالات. خلال فترة الشفاء قد تشعر بالهيجان أو قد تنتابك مشاعر رائعة، ومرد ذلك هو الأذى اللاحق بالدماغ وغير المعالج بعد.
تحدث الانفعالات سواء أأردت لها أن تحدث أم لا: لأنها جزء طبيعي من الكيان الإنساني، وهي ليست بالجيدة ولا بالسيئة. ولدى تطبيق ما تتعلمه في هذا الفصل وفي أي مكان آخر في هذا الكتاب وبخاصة الفصل الثاني، فبإمكانك أن تتعلم السيطرة على مشاعرك وانفعالاتك وكذلك كل ما تفعله حيالها. افترض مثلاً أن سائقاً لامبالياً يقطع طريقك ويجبرك على الضغط بعنف على المكابح كي (بالكاد) تتفادى الاصطدام. سيغضب كثير من الناس؛ وهذا طبيعي تماماً. ولكن في حين أن بعضهم يصرخون أو يشتمون أو يطاردون سيارات أشخاص آخرين ويقطعون عليهم الطريق “ليلقّنوهم درساً”، نجد أن بعضهم الآخر يختارون أن يفتحوا المذياع ليستمعوا إلى أنغام هادئة ويدعوا المشاعر السلبية تتلاشى على وقعها.
للأسف، يجد المدمنون صعوبة في التعامل مع الانفعالات القوية من دون مساعدة موادهم الإدمانية التي يتعاطونها. فهم حقيقة يفسرون الانفعال على أنه مؤشر للبدء بالشرب أو بالتعاطي، ناسين أن لديهم خيارات في أن يغضبوا أو ألاّ يغضبوا وفي أن يشربوا ويتعاطوا أو ألا يفعلوا ذلك. لهذا السبب، من المهم جداً أن تتعلم كيفية التعرّف إلى الانفعالات حين تظهر، وأن تتعامل معها بأمان. ليس هذا بالأمر السهل، ولكنه حتماً أمر ممكن وضروري جداً إن أردت الحفاظ على صحوك.
فيما يلي أكثر الانفعالات مشقة وإزعاجاً وكيفية التعامل معها (اضغط على رابط الموضوع للتفاصيل)
- التعامل مع الكآبة والمكتئب: علاج الإدمان ج11
- التعامل مع القلق: علاج الإدمان ج12
- التعامل مع الغضب: علاج الإدمان ج13
- تحمل المسؤولية: علاج الادمان ج14
اشعر بالتحسن الآن!
آمل أنك الآن بت تفهم أن أفكارك تتسبب في ردود أفعال انفعالية تُديم الإجهاد والكآبة والقلق والغضب. في الماضي، كنت تعاقر الكحول والمخدرات كي تتعامل مع هذه الحالات الانفعالية المزعجة. ولكنك الآن، بمجرد تغييرك لأفكارك غير الدقيقة بأُخرى دقيقة، بت تملك الأدوات لتغيير انفعالات الكآبة والقلق والغضب المزعجة وغير الضرورية، وتنفي الحاجة إلى موادّ تعدل العقل.
أنت تحاول أن تكسر عادات استبدت بك طويلاً، لذا، كن لطيفاً مع نفسك وأنت تتعلم هذه المهارات الجديدة. وإذا أخطأت وعدت إلى السلوك السيّئ الذي لا تحبه، لا تقرّع نفسك على ذلك. فهذا يجعل الأمور أسوأ. حلل الأمور التي جرت بشكل غير صحيح. قل لنفسك إنك انزلقت، وإنك ستكون أكثر حذراً في المرة القادمة. استمر في قطع دورة الغضب وستتحسّن فعلاً بمرور الوقت.
حقق مهمتك في تحويل مزاجك السلبي إلى مزاج إيجابي بتخطيط سلوكيات تنظم المزاج ضمن جدولك اليومي. يوجد الكثير من هذه السلوكيات التي قد تساعد على الحفاظ على توازنك جسدياً، وعقلياً، وانفعالياً. أدخل الكثير من السلوكيات، الواردة فيما يلي، في صميم حياتك اليومية، وبخاصة حين تتملكك الرغبة الجامحة باحتساء الشراب أو تعاطي المخدرات. يشكل العديد من هذه السلوكيات أيضاً طرائق ممتازة لرفع مستويات طاقتك وتحريرك من التوتر، والعصبية، والقلق، مما يشكل المدخل الأمثل لتحويل مزاج سيّئ إلى مزاج جيد.
سلوكيّات تعدّل المزاج
– مارس التمارين الرياضية.
– استمع إلى الموسيقى.
– تكلّم مع صديق داعم لك.
– شاهد التلفاز أو فيلم فيديو تفضله.
– اكتب.
– اقرأ.
– اذهب إلى الحديقة.
– قم بالتسوّق.
– انتقع بالحمام.
– حاول الاسترخاء ومارس تقنيات إدارة الإجهاد.
– انظر إلى صور التقطت في أوقات سعيدة.
– انفخ فقاعات في الهواء.
– اعمل.
– قم برحلة طريق.
– غنّ.
– افعل شيئاً غبياً (القفز، الرسم بالأصابع، اللعب بالأرجوحة).
– تناول الطعام.
– تحدّث عبر الهاتف.
– اذهب في رحلة سيراً على قدميك.
– العب مع حيوانك المدلّل.
– تنفّس بعمق.
– العب ألعاب الفيديو.
– شاهد أو شارك في الألعاب الرياضية.
تستطيع من دون شك أن تفكر في أنشطة أخرى تستمتع بها بشكل خاص وتساعدك على خفض إجهادك، وكآبتك، وغضبك، وقلقك. أضفها إلى اللائحة واحتفظ بها في مكان تستطيع أن تراها فيه كل يوم. قبل أن تحتسي أي مشروب آخر أو تتعاطى المخدرات، قم بفعل شيئين من هذه اللائحة على أقل تقدير. وهناك فرصة بأنك ستجد الرغبة الملحة بالشرب أو بالتعاطي تتلاشى بعيداً.
نقاط مفتاحية للمراجعة
– تكون الكآبة أحياناً أمراً طبيعياً أحياناً، ولكنها تصبح مشكلة حين تتداخل مع قدرة الفرد على التفكير، والعمل، وتناول الطعام، والنوم، والاستمتاع بوجوده مع الآخرين، أو الانشغال بالعناية الذاتية.
– الكآبة هي سبب رئيس للانتكاس.
– يمكن إدارة الكآبة بتعلم زيادة الوعي، وتغيير طريقتك في التفكير في نفسك وفي العالم، واستخدام تقنية حل المشكلات، وتغيير مستوى نشاطك، والتخطيط لأنشطة ضمن جدولك اليومي، والتفاعل مع الآخرين، وأن تكون متفائلاً.
– إذا شعرت أنك لست بخير، فستعاني على الأغلب من أفكار مشوّهة. لذا، فمن المهم أن تتعلم إيجاد أفكار دقيقة تستمدها من الوقائع الحقيقية للمواقف.
– حين تشعر أنك مكتئب، قد لا ترغب بفعل أي شيء، لكن ممارسة النشاط ستجعلك تشعر بتحسن.
– القلق ردّ فعل طبيعي على صعوبات الحياة، ولكنه خطر بالنسبة إلى المدمنين في مرحلة الشفاء لأنهم قد يخلطون بينه وبين الرغبات الملحة مما قد يحفز الانتكاس.
– غالباً ما ترفع نسبة القلق بتغذيته بالأفكار السلبية.
– تستطيع أن تكسر دائرة القلق بزيادة وعيك، وبتغيير حوارك الداخلي السلبي الذي يزوّد دائرة القلق بالوقود ويزيده استعاراً.
– التمرينات، وتقنيات الاسترخاء، وتبسيط حياتك، والعناية بنفسك جسدياً، والاتصال بنظام دعمك، وإبهاج نفسك، هذا كله يساعدك على إدارة الإجهاد والسيطرة على قلقك.
– الغضب انفعال طبيعي وصحي. وحين يتمّ التعبير عنه بشكل مناسب، فإنه يساعدك على تفريغ الإجهاد والإحباط.
– قد لا تكون مسؤولاً عن كل شيء يحصل لك، ولكنك مسؤول عن ردود أفعالك وتصرفاتك.
– إذا كنت ترى نفسك ضحية شريكك، أو ضحية النظام، أو المجتمع، أو مجموعة من الظروف، فإنك ترمي بقوتك الشخصية بعيداً. إنك تتيح لهم أن يجعلوك غاضباً وأن يقودوا سلوكك الدفاعي.
– أنت تسيطر على نفسك. باختيارك دائماً أفعالك وردود أفعالك تجاه الظروف أو تجاه سلوك الأشخاص الآخرين.
– يمكنك أن تتعلم إدارة غضبك بتغيير طريقة تفكيرك في المواقف المزعجة، وذلك بالنظر إلى هذه المواقف من زاوية أخرى، بسؤال نفسك إن كانت أفكارك واقعية، وبالتفكير في الأوقات السعيدة بدلاً من التركيز على المزعجات الحالية.
– يتطلب الشفاء سلسلة من الخيارات القاسية على مدى طويل. لحسن الحظ، تستطيع أن تختار توجيه اهتمامك بعيداً عن الأفكار السلبية ونحو أفكار حيادية أو حتى إيجابية.