توم، مبرمج حاسوب، يبلغ من العمر سبعاً وخمسين سنة، كافح الكآبة سنين طويلة. وكان بشكل طبيعي يظهر تشاؤماً تجاه الحياة، وبدا أنه لا طاقة لديه ولا دوافع. أحياناً كان يصبح مهتاجاً جداً من دون سبب ظاهر. وفي أحيان أخرى كان يجد نفسه ينتحب من دون أن يفهم السبب.
وبالرغم من أن توم كان يشعر، عملياً، بالتعب معظم الوقت، لكنه واجه متاعب جمة في النوم. خلال العقد الثاني من عمره عندما اكتشف أن الأمفيتامينات يمكن أن تطرد مشاعره القاتمة وأن تجعله يشعر بالراحة، على الأقل بشكل مؤقت. غير أنه لسوء الحظ، ما إن يتلاشى تأثير النشوة حتى كان توم يشعر بالسوء أكثر من ذي قبل. ومع استمراره في استخدام الأمفيتامينات لمعالجة كآبته، لاحظ أن فترات الارتياح التي يشعر بها باتت أقصر بينما ازدادت جرعة الدواء التي يحتاج إليها لأجل هذا الغرض. لم يطُلِ الوقت حتى وجد توم نفسه مرهقاً بعادة تعاطي المخدرات.
من الطبيعي أن يشعر المرء بالحزن، أو بظلم الحياة، أو بالاكتئاب من وقت إلى آخر. الحزن رد فعل طبيعي على الخسارة، أو على الكفاح في الحياة، أو تقدير الذات الممتهن.
إنما أحياناً تكون هذه المشاعر شديدة وتجثم على صدر الإنسان وقتاً طويلاً – غالباً أكثر من شهر – بحيث تتداخل مع قدرتك على التفكير، والعمل، وتناول الطعام، والنوم، والاستمتاع بالتواجد مع الآخرين، أو الاهتمام بنفسك. هذا ما يسمّى الكآبة الرّئيسة، اضطراب نفسي/عصبي حقيقي يتسبب به خلل كيميائي في أنظمة معينة للناقلات العصبية في الدماغ.
الكآبة شائعة بين المدمنين خلال فترة العلاج وهي مرتبطة غالباً بتأثيرات الكحول، والمخدرات، والأسرة، والعمل، والظرف المالي، والمشكلات الأخرى التي يسببها الشرب أو التعاطي. إنها تستنزف طاقتك، وتخفض من دوافعك للتغيير، وتزيد من شعورك باليأس، كل ذلك في الوقت ذاته. للأسف يعاود الكثيرون التماسهم العزاء في الكحول والمخدرات مرة أخرى، وبالتالي يقعون في براثن الزلل والانتكاس. على كل حال، ليست العودة إلى الشرب والتعاطي بالوسيلة الفعالة لمواجهة متاعب الكآبة، لأنها تفضي إلى جعلك أكثر اكتئاباً على المدى الطويل. بالتعريف، تتضمن اضطرابات الكآبة مشاعر العجز واليأس. والتفكير السلبي المرتبط بالكآبة يمكن أن يجعل الأمر صعباً للغاية لاتباع الخطوات الضرورية للعلاج.
تشتمل أعراض الكآبة الأخرى على ما يلي:
– الشعور بهبوط في الطاقة.
– الزيادة في تناول الطعام أو عدم تناول الطعام.
– امتلاك أفكار حزينة.
– توقف الأنشطة العادية، مثل العمل، وتنظيف المنزل.
– فقدان الاهتمام بمهنتك أو بهواياتك.
– النوم أكثر من المعتاد أو أن تجد صعوبة في النوم.
– فقدان الاهتمام بالجنس.
– ازدياد التفكير في الشرب والتعاطي.
– إيقاف برنامج تدريباتك اليومي.
– تحاشي الأنشطة الاجتماعية.
– الشعور بالضجر، والاهتياج، والغضب.
– التعرض لنوبات من البكاء.
– امتلاك أفكار وأفعال انتحارية.
هل أنت مكتئب؟
لا يدرك كثير من الناس أنهم مكتئبون، لأنه ما من شعور بالكآبة يمكن تمييزه بسهولة، ولأن التغييرات العصبية الكيميائية تحدث ببطء شديد، وبالتالي تقترب منك كثير من الأعراض خلسة. بالفعل، إذا كنت مكتئباً فقد تظن أن المشكلة تقع بعيداً عنك وليست في داخلك. غالباً، فقط حين تتأمل كيف تشعر بنفسك، وبالآخرين، وبالعالم، وكذلك كيف تشعر بنفسك جسدياً، قد تتحقق من أنك مكتئب. في حالات أخرى، فإنك تتحقق من أنك مكتئب فقط حين يلاحظ الآخرون ذلك ويخبرونك به.
هل أنت مكتئب؟
في اللائحة التالية تجد ثمانية عشراً من أعراض الكآبة. فلتنظر في غضون الشهر المنصرم، كم من هذه الأعراض كانت تنطبق عليك:
1. أشعر باليأس.
2. تغمرني مشاعر الحزن والأسى.
3. أشعر أنني بلا قيمة.
4. لم أعد أستمدّ أي متعة من الأمور التي كانت تبهجني قبلاً.
5. أنام أكثر بكثير مما يجب أو أقل بكثير من اللازم.
6. لست متحمساً للأمور بالطريقة التي كنت عليها.
7. إنني في مزاج سيّئ.
8. أشعر أنني ثائر أو تتملكني طباع رديئة.
9. إنني إنسان مشكك أو متشائم.
10. ليس لدي أي طاقة.
11. إن كنت أرغب بإتمام أمر بشكل صحيح، فيجب أن أقوم به بنفسي.
12. أشعر بالغضب من دون سبب ظاهر.
13. لا أتوقع من الآخرين معاملتي باحترام.
14. أشعر بالذنب من دون أي سبب واضح.
15. لقد تغيرت شهيتي مؤخراً.
16. يتراءى لي أن الأشياء تتطلب مجهوداً كبيراً جداً.
17. ليس لدي أي طاقة.
إن كانت إجاباتك وقعت على أنك غالباً أو دائماً قد تعرضت خلال الشهر المنصرم لأكثر من خمسة من الأعراض التي عددناها، لكنّها لم تدم الشهر كله، فأغلب الظن أنك تعاني من الكآبة. أما إذا تعرضت لأكثر من خمسة من الأعراض وامتدت الأعراض طيلة الشهر كله أو أكثر، فهذا يعني أنك في وسط حلقة كآبة رئيسة. إذا كنت تعتقد أنك مصاب باضطراب اكتئابي رئيس، اتصل بطبيبك في أقرب وقت ممكن للتأكد من الأمر.
أسباب الكآبة
تستطيع عوامل عديدة أن تسبب الكآبة أو أن تجعل احتمال مواجهتها كبيراً. تضم هذه العوامل ما يلي:
– تاريخ الكآبة في الأسرة.
– الحزن لخسارة أحد الأحبة.
– النزاعات الشخصية مثل النزاع مع فرد من أفراد الأسرة.
– سوء المعاملة الجسدية، أو الجنسية، أو العاطفية، في الوقت الحاضر أو في الماضي.
– حصول تغيرات كبيرة في الحياة مثل الانتقال، أو التخرج، أو تغيير العمل، أو الطلاق، أو الزواج، أو ولادة طفل.
– مرض خطير يصيبك أو يصيب أحد أقاربك.
– الإدمان على المواد الإدمانية.
إن التعرض لواحد من هذه العوامل يمكن أن يحفّز الكآبة، ولكن خطر الكآبة بالنسبة إليك يتنامى أسىً وحزناً مع تداخل عواملها.
أحياناً يكون الإجهاد هو السبب. فنحن نعيش في زمن يتزايد فيه تسارع التغيرات الاجتماعية، التكنولوجية، السكانية، والاقتصادية وترهقنا الطلبات التي علينا تلبيتها. إن الإجهاد الذي تسببه ضرورة التلاؤم مع هذا الكمّ في فترة قصيرة من الزمن يمكن أن ينهكك؛ وقد تفقد مرونتك وتجد صعوبة في الهروب من المحن. فتبدأ بالانسحاب بعيداً عن الآخرين، وتتناقص طاقتك، وتسقط في أتون الكآبة.
هناك أسباب أخرى للكآبة، تشمل تنوعاً واسعاً من الأدوية والقضايا الطبية، مثل مرض القلب، والسرطان، ومرض السكّري. إن الكآبة هي في الواقع أحد المضاعفات الأكثر شيوعاً في الأمراض المزمنة مثل السكّري والسرطان. تأكد من قيام طبيبك بفحص جسمك فحصاً شاملاً ليستطلع ما إذا كان سبب كآبتك مرده إلى مرض ما و/أو إلى أدوية ما.
التعامل مع الكآبة
الكآبة مشكلة بحدّ ذاتها. وهي مشكلة حادة بشكل خاص بالنسبة إلى المدمن في فترة الاستشفاء بما أنها تشكل إضافة إلى حالات المزاج السلبية الأخرى سبباً رئيساً للانتكاس. وطبعاً، لا تشكل العودة إلى الشرب أو التعاطي وسيلة فعالة لتحمّل الكآبة، إذ إن جلّ ما تفعله هو زيادة كآبتك على المدى البعيد.
تبقى الكآبة، سواءً أكانت العادية التي تتضح بذاتها، أو الاضطراب الاكتئابي الرئيس الذي يتطلب تشخيصاً طبياًً ومعالجة، عاملاً خطيراً بالنسبة إلى الإدمان والعودة إليه. ومن المهم أن تحصل على المعالجة، في حال كانت ضرورية، وأن تتقن طرائق التعامل مع الكآبة بالاعتماد على ذاتك.
فيما يلي عدة مهارات للتكيف مع الكآبة والتي أثبتت أنها تساعد على تولي حالات الكآبة الخفيفة إلى المعتدلة. كما يمكن لهذه المهارات أن تكون ذات فائدة كجزء من علاج الاضطراب الاكتئابي الرئيس.
1 – زد وعيك:
حين تكون غارقاً في الإدمان، فإنك لا تعي المعلومات المهمة في العالم حولك، وكذلك الحال لما يجول في داخل رأسك. فلتراقب إشارات الكآبة الوشيكة كي تتمكن من اتخاذ خطوات لتفاديها.
– انتبه لتغيرات مزاجك. حين تبدأ بالشعور بأنك حزين، كئيب، خجول، ضجر، وحيد، أو مرفوض، فانتبه لما يجري. فهذه دلائل هامة على منحى تفكيرك.
– امتلك مشاعرك. فإذا كانت لديك مشكلة في تمييز مشاعرك، فابدأ بالحديث عنها، وأخبر أحدهم بما تشعر به تماماً وفي الوقت المناسب.
– كن يقظاً تجاه لغة جسدك. فهي تفصح عن انفعالاتك. لاحظ وقفتك، تعبير وجهك، وكيفية مشيك وحركتك.
– ميّز ما بتَّ تتجنبه. تحرى فيما إذا بت تتجنب الأشخاص، الأماكن، والأنشطة (التي تتميز بالصحو) التي كنت في يومٍ ما تستمتع بها ولكنك أصبحت تتجنبها الآن. لا تحاول تحليل الأسباب، فقط كن واعياً لتجنبها.
– انتبه للأوقات التي تتلاشى فيها ثقتك بنفسك. هل هناك أوقات وأماكن تشعر فيها بالنقص أو تعتمد فيها على الآخرين للمساعدة؟ واسأل نفسك ما إذا كنت قادراً من قبل على معالجة هذه المهمة، تحديداً، بنفسك. تذكر أن فقدان الثقة يمكن أن يكون من أعراض الكآبة.
– ابحث في الأنشطة التي تستنفذ منك مجهوداً كبيراً. هل تجبر نفسك على القيام باتصال هاتفي أو أن تجيب على المكالمات الهاتفية؟ هل لديك مشكلة في إتمام مهامّ تتعلق بالمنزل؟ إن أحد أعراض الكآبة الرئيسة هي اللامبالاة ونقص الاهتمام بالأنشطة. فأنت ببساطة لم تعد لديك الرغبة بالقيام بالأعمال مطلقاًً، حتى تلك التي كنت تستمتع بها سابقاً.
– كن مدركاً للأوقات التي تجد فيها مشكلة في التركيز أو في اتخاذ القرارات. هل تتردد في اتخاذ القرارات البسيطة ثم تعود وتشكك في نفسك؟ قد يكون الأمران كلاهما من أعراض الكآبة.
تذكّر أن كل شخصٍ قد يمر ببعض هذه الأعراض، من وقتٍ إلى آخر؛ هذا أمر طبيعي تماماً. تظهر المشكلات فقط حينما تدفعك الأعراض الفردية نحو الانتكاس، أو حينما تعاني أكثر من عارض واحد في الوقت ذاته.
2 – غيّر طريقة تفكيرك في نفسك وفي العالم:
سمة الكآبة الأولى هي الميل إلى رؤية نفسك والعالم من منظور مشوّه اكتئابي. وكما كنا نناقش في الفصل الثاني، فإن طريقة تفكيرك تؤثر فيما تشعر به، لذا، فمن المهم أن تتفحص أفكارك لتكتشف كيف تضاعف مشاعر حزنك وكآبتك. وكي تفعل هذا، عليك بداية أن تصبح واعياً للأفكار التي تحبطك. ثمّ سل نفسك، لماذا تراودك هذه الأفكار. وأخيراً، بدّل هذه الأفكار المشوّهة والكئيبة بأفكار أكثر واقعية وسلامةً، واعمل بحسب الأفكار الجديدة. إذا اتّبعت هذه الخطوات، سيكون بمقدورك أن تقطع شوطاً طويلاً نحو تجاوز أعراض الكآبة.
3 – استخدم تقنيات حل المشكلات:
تكمن إحدى طرائق التعامل مع الكآبة الناجمة عن الأفكار المشوهة السلبية، في استخدام التقنية العامة في حل المشكلات. يمكن أن يساعدك هذا في شعورك بأن لك تأثيراً في مشكلاتك وبأنك مسيطر عليها. وما إن تبدأ النظر إلى مشاكلك من زاوية أخرى، وتشرع بحلها، حتى تأخذ الكآبة بالتلاشي وتبدأ بالشعور أنك بحالٍ أفضل.
4 – غيّر مستوى نشاطك:
حين تكون مكتئباً، فإنك تعمل أقل، وتلوم نفسك لأنك تعمل أقل، حتى إنك تصبح أكثر اكتئاباً ولامبالاةً. تشكل زيادة نشاطك طريقة رئيسة لتغيير تفكيرك ومشاعرك كليهما. إذ يحسّن النشاط المزاج، ويُذهب التعب، ويزيد من المقاومة، ويشحذ القدرة العقلية. وعلى الأغلب سيشجّع الآخرون محاولاتك كي تضحي أكثر نشاطاً بشكل إيجابي، من خلال تعزيزهم للتغير المستمر. وحين يكون الأمر متاحاً، فلتمارس التدريبات الرياضية، اذهب إلى السينما أو إلى مشاهدة لعبة كرة القدم برفقة صديق، شارك بأنشطة اجتماعية أو دينية، وما عدا ذلك انشغل بالحياة. وتوضح الدراسات أنّ الأشخاص المغرقين في الاكتئاب يشعرون بحالٍ أحسن حين يصبحون أكثر نشاطاً.
5 – ضع خطة:
كيف تصبح مندمجاً في الأنشطة؟ وكيف تبقى مواظباً على ذلك؟ ضع خطة.
– توجّه نحو مهمة ما. بشكل عام يمكنك أن تجدول ثلاثة أنواع من الأنشطة: أشياء ينبغي لك القيام بها يومياً (مثل تناول الطعام، وارتداء الملابس، وتجهيز الأطفال للمدرسة، وغيرها)؛ أشياء تمنحك المتعة (كالذهاب إلى السينما، وقراءة كتاب جيد)؛ وأشياء تسبغ عليك إحساساً بالرضا (كالرد على المكالمات الهاتفية أو الرسائل، أو إنهاء مشروع ما). تذكّر أن هدفك الأساسي هو اتباع الجدول الذي وضعته لنفسك. وبؤرة التركيز هي في جعلك أكثر نشاطاً.
– التزم بالخطة ولكن ابقَ مرناً. احرص على أن يكون في خطتك مكان للبدائل إذا لم تنجح الأنشطة التي خططت لها على نحو مفاجئ. مثلاً، إذا خططت لرحلة إلى حديقة الحيوانات، إلا أنها أمطرت، فبدلاً من أن تضحي معنوياتك في الحضيض اذهب إلى السينما. ثمّ تابع ما تبقى في جدولك.
– جدول أنشطة تستمر من نصف ساعة حتى ساعة. الرحلة التي تستمر ست ساعات إلى المتحف المحلي هي طويلة جداً لنشاط واحد فقط. إذا جعلت النشاط طويلاً جداً أو معقداً جداً، فإن هذا يغري بصرف النظر عن النشاط كله. ومن الناحية الأخرى، فإن خمس عشرة دقيقة تصرفها في تقليم أظافرك قد لا تزودك بالنشاط الكافي. ثلاثون إلى ستين دقيقة من الزمن هي مدة جيدة لنشاط ما.
– لا تصبح محدداً جداً ولا عاماً جداً. فبدلاً من أن تذهب/تذهبين لشراء لون معين من طلاء الأظافر، خطط/خطّطي ببساطة للذهاب إلى مركز التسوق لمدة ساعة. فقط الخروج والمشي عبر مركز التسوق هو أهم من الذهاب إلى متجر مُخصَّص للبحث عن شيء محدد. (وعلى كل حال، أن تفعل هذا خير من ألا تفعل شيئاً).
– خطط لأجل الكمية وليس لأجل النوعية. حين تكون مكتئباً، تذكر أن أي شيء يستحق أن تقوم به هو جدير بقيامك به مهما كانت نتيجته. فإن ذهبت لتلعب البولينغ، فحصولك على 75 نقطة هو جيد تماماً مثل 300 نقطة كاملة إذا أخرجك هذا الأمر من البيت ومن سجن تفكيرك المكتئب. إذا لعبت الغولف، فإحراز 150 نقطة هي جيدة تماماً مثل الحصول على معدل. الشيء المهم هو أنك تفعل شيئاً ما.
– ربّت لنفسك مشجعاً. بعد إكمال يومٍ كنت قد خططت أنشطته، حلل إنجازاتك. وانظر في أي الأفعال أصبت وفي أيها يمكنك أن تتحسّن. إذا كنت قد أنجزت معظم المهامّ التي خططتها، هنّئ نفسك وضع أهدافاً جديدة للغد.
إذا كنت تلاقي صعوبة في تطوير دافعك لديك لوضع خطة، اطلب من صديق (صاحٍ) المساعدة. يستطيع الصديق أو الصديقة اختيار الأنشطة وربما حتى مرافقتك في نشاط أو نشاطين كي تنطلق.
فيما يلي خطة نشاط أعدّها أحد مرضاي. إنها تبدو بسيطة ولكنها فعّالة.
خطة نشاطي:
التاريخ:…….
النشاط 1: أذهبُ إلى مركز تسوق، وأشتري المثلجات، وأستعرض واجهات المحال خلال تناولها.
البديل: إن كان مركز التسوق مزدحماً، أشتري المثلجات من متجر وأتمشى حول المتنزه.
سأذكر نفسي: كل ما علي فعله هو أن آكل المثلجات التي أحبها، وأنظر إلى المحالّ وهو أمر أحبه أيضاً.
……………
……………
سأعلم أنني قد نجحت إذا: استمتعت بالمثلجات والمشي.
……………
……………
النشاط 2: قراءة كتاب….. لثلاثين دقيقة.
سأذكر نفسي: لطالما استمتعت بالقراءة، إنني أحب هذا الكتاب بالذات، وأنا أقرأ تحديداً لأجل الاستمتاع، لا كي أحفظه وأؤدي فيه امتحاناً.
سأعلم أنني قد نجحت إذا: استغرقت في قراءتي ومر الوقت على جناح السرعة.
خطط نشاطين لنفسك كلّ يوم، مستخدماً نسخاً من استمارة خطة نشاطي أو استمارة من تصميمك الشخصي. قم بهذا كلّ يوم لعدة أسابيع وقد تجد أن كآبتك قد خفّت إلى حدٍّ كبير!
6 – تفاعل مع الآخرين:
من الممكن أن يكون الوجود مع الناس مفيداً جداً، لأنه يساعد على إخراجك من عزلتك ويشغلك بمحادثات وأنشطة. حاول أن تكون مع أشخاص آخرين. امنح أحدهم ثقتك، أخبرهم كيف تشعر (ولكن لا تثقل عليهم بسرد مطول مبالغ فيه عن مشاكلك). دع أسرتك وأصدقاءك يساعدونك. ليس بالضرورة أن يخففوا عنك، بل يكفي فقط أن يكونوا معك.
7 – كن متفائلاً بل وواقعياً:
من السهل القول إنك لن تكون سعيداً مرة أخرى، ولكن مع الوقت و/أو المعالجة الصحيحة، هناك فرصة جيدة لتشعر بالانشراح. تطلّع لأن تكون سعيداً من جديد، ولكن توقّع لمزاجك أن يتحسن تدريجياً بمرور الوقت. الشعور بالتحسن يحتاج إلى الوقت، ونادراً ما يخرج الناس سريعاً من الكآبة. ستشعر بالتحسن يوماً إثر يوم. إنما في هذه الأثناء، أجّل اتّخاذ القرارات المهمة إلى أن تزول عنك الكآبة. قبل أن تتخذ قراراً حول إجراء أي تغيير أو نقلة مهمة – مثل قبول عمل جديد، أو الزواج، أو الطلاق – ناقش الموقف مع الآخرين الذين يعرفونك جيداً ويملكون نظرة أكثر موضوعيةً حول وضعك.
أخيراً أصبح توم، مبرمج الحاسوب الذي تكلمت عنه في بداية هذا الفصل، قادراً على التوقف عن استخدام الأمفيتامين من خلال نظام علاج بروميتا، والتسجيل في برنامج علاج خارجي، وحضور اجتماعات المدمنين المجهولين على الكحول بانتظام. لكنه كان يحتاج أيضاً إلى السيطرة تماماً على كآبته. في النهاية قرر توم بحكمة أن يركز على تغيير شيء واحد فقط: ألا وهو مستوى نشاطه. فقد انضمّ إلى مركز للألعاب الرياضية وبدأ برنامج تمرين بمساعدة مدرب، والتزم بالتدريب يومياً مدة عشرين دقيقة على الأقل إن لم يكن لمدة أطول. بعد اتّباعه برنامج تمريناته بأسبوعين فقط، لاحظ توم زيادة في شعوره بالارتياح بشكل واضح، وتحسناً في تركيزه، وانخفاضاً في إحساسه بالإجهاد. وأحرز، كمكافأة إضافية، تحسناً في النوم، فقد أخذ ينام بشكل أفضل مما كان عليه خلال سنوات مضت؛ وهو بحد ذاته ما جعل التغيير أمراً يستحق الجهد المبذول. وبينما كان لا يزال أمام توم طريق طويلة ليقطعها قبل أن يسيطر على كآبته، إلا أنه قد وضع القطعة الأولى من لوحة الشفاء في مكانها الصحيح.
إذا كنت لا تزال تشعر بالكآبة…
تكون الكآبة أحياناً قاسية جداً إلى درجة يصعب التعامل معها بهذه الأدوات، وترتبط أحياناً بمرض عضوي. فإن استمرّت كآبتك حتى بعد تعاملك معها من خلال هذه الأدوات والتقنيات، اسأل طبيبك إن كنت مرشّحاً لتناول أدوية مضادة للاكتئاب.