يبدو أن التعب والإرهاق الشديدين هما من أعراض العالم الصناعي المتطور الذي نعيش فيه. ولقد اختفت حيويتي وطاقتي الخارقة بعد أن تعرضت بجهل إلى المواد الكيميائية السامة لأمد طويل، وإذا تعرضت هذه الأيام بالمصادفة لهذه السموم، أشعر بالتعب الذي قد لا تظهر أعراضه إلا في اليوم التالي، ولكنني لست حالة شاذة؛ فهناك العديد من الناس الذين يتأثرون بهذه المؤثرات نفسها، وفي الواقع يتأثر الجميع بدرجة أو أخرى بالمواد الكيميائية السامة الموجودة في العالم في يومنا هذا.
نحن جميعًا نعرف أننا إذا أصابتنا عدوى أو فيروس، فإن رد الفعل الفوري للجسم هو الشعور بالتعب؛ حيث يحتاج الجسم إلى الراحة، لكي يتمكن جهاز المناعة من محاربة هذه الميكروبات التي تغزوه، وبالمثل، عندما يمتص الجسم المواد الكيميائية السامة، يحشد آلياته الدفاعية الكيميائية الحيوية، حتى ينقي الجهاز المناعي، ويشعر العديد من الناس بالتعب بعد البقاء وقتًا طويلًا في غرفة مليئة بالدخان، أو في غرفة مطلية حديثًا، و/أو فرشت أرضيتها بالبساط؛ حيث يتناقص الأكسجين الموجود في الهواء عند وجود أدخنة سامة، فيحصل الجسم على أكسجين أقل، ويحصل في الوقت نفسه على جرعة من المواد الكيميائية السامة، وفي المرة المقبلة التي تتعرض فيها إلى أدخنة سامة، دوِّن رد فعل جسمك الذي يحدث نتيجة لذلك.
يتفاعل الجسم مع المواد السامة من خلال إنتاج الجذور الحرة، وهي تدمر الأغشية البيولوجية التي تعتمد الخلايا على وظائفها البيولوجية، ما يؤثر سلبًا في مسامية الخلية، وأيض الطاقة، ويتسبب في إلحاق الضرر بالمادة الوراثية، وبات من المقبول الآن بشكل عام أن ينظر إلى الشيخوخة الطبيعية، شأنها شأن بعض الأمراض، باعتبارها نتيجة الضرر التدريجي الذي يحدث لإنتاج الطاقة داخل الميتوكوندريا؛ والسبب في ذلك هو النسب الصغيرة جدًّا من الجذور الحرة التي لم يتم القضاء عليها من خلال الآليات الدفاعية للجسم، كما يرتبط التغيير في جينات الميتوكوندريا (الحمض النووي) بعدد من الأمراض، بما فيها الاعتلال العضلي، والاعتلال العصبي.
وبمقدور مضادات الأكسدة أن تساعد على الحد من نشاط الجذور الحرة، ولكنَّ الوقاية خير من العلاج.
ومن الحكمة أن نخلص منازلنا وأماكن عملنا من المواد الكيميائية قدر المستطاع؛ حتى نستطيع الحفاظ على طاقتنا، وتقليل فرص الإصابة بالمرض؛ حيث تؤثر المواد الكيماوية في كيميائنا الحيوية، مثل التعرض للفوسفات العضوي، ومبيدات الكربامات (المبيدات الحشرية) التي تعيق الإنزيمات الخلوية، حيث تقوم الخصائص السمِّية في هذه المبيدات بحصر الإنزيمات الأساسية في الجهاز العصبي للحشرة، وقد توصلت الدراسات الآن إلى أن هذه المبيدات تحديدًا، المكونة من الغازات العصبية التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية، تؤثر في أنظمة إنزيمية أخرى في الجسم، أنه من المنطقي أن نعي أخطار المبيدات الحشرية على صحتنا ومستوى طاقتنا.
ومن الضروري بذل مجهود لتنقية بيئتنا إذا كنا نريد أن يكون مكان عملنا ومنزلنا وحديقتنا أماكن صحية، فإذا حاولنا التخلص من المواد الكيميائية السامة، فسوف يكون أمام حيويتنا ونشاطنا فرصة أكبر للاستمرار عمرًا طويلًا، كما سوف نحد من فرص الإصابة بالأمراض السرطانية التي أصبحت شائعة للغاية في عالمنا اليوم.
ربما تقول: “ما كل هذا الهراء؟ أنا بخير! فلديَّ منزلي، ومكتبي المرشوش بالمبيدات الحشرية بانتظام، ولم أتأثر، كما أستخدم مذيبات ومنظفات كيميائية قوية في المرحاض والمطبخ، وأرش حديقتي بانتظام للتخلص من الآفات”، فكر في الأمر، ربما لا تجد أعراضًا ضارة الآن، أو ربما شعرت بالتعب بعد التعرض لهذه المواد الكيميائية، ولكنها تُحدث أثرها في مرحلة ما. لقد رأيت أطفالًا صغارًا متأثرين تأثرًا شديدًا بالمواد الكيميائية.
احذر المادة الكيميائية المعروفة باسم إكسينوستروجين التي لها التركيب الكيميائي نفسه للإستروجين البشري، ويمكن أن تحاكي أثر الإستروجين الطبيعي لدينا، وتمزق التوازن الهرموني في أجسامنا، خاصةً أن مادة الإكسينوستروجين ملوثة للبيئة، وينتشر وجودها في الطعام والهواء ومياه الشرب، كما أنها موجودة في أشياء مثل البلاستيك والمبيدات الحشرية. وتتسلل تلك المادة إلى أجسامنا عبر الطعام، متمركزة في الخلايا الدهنية، خاصة في الأعضاء التناسلية، وأنسجة الثدي، والمخ، والكبد، والغدد الهرمونية، وقد تزيد من خطر الإصابة بالسرطان في هذه الأماكن في أجسامنا.
في هذه الأيام التي تنشط فيها الدعاية الذكية، أصبحنا عن جهل “ضحايا المواد الكيميائية” والتلوث؛ فلقد أفهمونا أن منازلنا ومكاتبنا لن تكون نظيفة إلا باستخدام المنظفات الكيميائية، والمنتجات المطهرة للجراثيم، والمبيدات الحشرية، وأن كل حشرة هي خطر محتمل يجب التخلص منه، في حين أن الذين ينتفعون من هذا هم فقط صانعو عشرات الآلاف من المنتجات الكيميائية وبائعوها الذين يعرضونها على رفوف محالهم، وبدلًا من دعم صناعة المنتجات السامة، دعونا نميِّز وندعم هؤلاء الذين يهتمون بأمرنا وبيئتنا، فهناك بدائل أكثر أمنًا قائمة على المكونات الطبيعية. اقرأ الملصقات، واعلم أن العديد من متاجر الطعام الصحي تبيع منظفات عضوية الصنع.
منتجات وأشياء يجب تجنبها
– مستحضرات التجميل نفاذة الرائحة المعتمدة على البتروكيماويات، وأدوات تنظيف المرحاض، ومستحضرات غسيل الشعر (الشامبو)
– منتجات التنظيف والملمعات المذيبة
– المبيدات الحشرية الخاصة بالمنازل والمكاتب
– المباني حديثة الدهان، والمفروشة حديثا بالبساط – أخرج الغازات بالتسخين والتهوية قبل شغلها
– رائحة الدهانات التي تحتوي على رصاص
– المطهرات المصنوعة من الفينول
– مطهرات قمل الرأس التي تحتوي على اليندين أو الملاثيون
– الأقراص القاتلة للحشرات التي تحتوي على ثنائي الكلوروفوس
– مبيدات حشرات وفطريات بالحدائق.
ربما تسأل: “كيف يمكن أن أعيش دون هذه الأشياء؟”، أجيبك ببساطة: “بكل سهولة”، ففي النهاية كان أجدادنا يحافظون على نظافة منازلهم باستخدام صابون الغسيل وبيكربونات الصوديوم والخل واللافندر للقضاء على الحشرات، كما كانوا يستخدمون الخل والسكر لحفظ الطعام.
وقد اضطررت إلى تغيير أسلوب حياتي منذ اثني عشر عامًا، ولو عاد بي الزمن إلى الوراء لفعلت الشيء نفسه دون أدنى تفكير، فمن المثير أن أعرف أن العديد من المواد الكيميائية التي تسببت في إعيائي، تندرج الآن في قائمة المواد المسرطنة الصادرة عن الهيئة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
قائمة بالبدائل غير السامة
التنظيف العام
استخدم بيكربونات الصوديوم وصابون الغسيل، مستعينًا بإسفنجة مبللة وادعكها بالصابون، ثم انثر عليها بيكربونات الصوديوم، كما تفعل مع المساحيق المنظفة، وبهذا يكون لديك معجون يمكنك أن تنظف به أي سطح.
تنظيف العفن
انثر بيكربونات الصوديوم على البلاط، ثم رش الخل (ستتكون رغوة)، اتركها طوال الليل، ثم افركها، ثم اغسل برفق. يعمل الملح والليمون على قتل العفن، كما هو يقوم بهذا أيضًا زيت شجرة الشاي.
تنظيف الثلاجة والفرن
امسح المبرد باستخدام بيكربونات الصوديوم والماء، ثم اغسله جيدًا، ثم أضف القليل من الفانيليا. أما بالنسبة إلى الفرن، فاصنع عجينة من بيكربونات الصوديوم والماء، واغمس إسفنجة في هذا المعجون وامسح سطح الفرن، ثم دفّئ الفرن، وامسحه حتى ينظف. غط الإسفنجة بطبقة رقيقة من معجون البيكربونات والماء مرة أخرى، واتركه دون أن تمسحه بينما تطهو، فمن شأن ذلك أن يصنع عازلًا، ويجعل التنظيف أسهل في المرة المقبلة.
تنظيف الأسطح المدهونة
إن صابون الغسيل مع الماء، بالإضافة إلى بعض البخاخات المذيبة للدهون أفضل من المطهرات.
تنظيف الأطباق
يفضل استخدام المنظفات المعتمدة على زيت جوز الهند بدلًا من البنزين، كذلك يفضل استخدام الماء والصابون مع بيكربونات الصوديوم لإذابة الدهون. ارتدي قفازات دائمًا وأنت تنظفين، وذلك لأن الصابون ومنتجات التنظيف تتسبب لكِ في جفاف الزيوت الطبيعية بالجلد.
الغسيل
اسكب مسحوق الصابون (غير المعطر) أو سائل الغسيل العضوي، ثم أضف بضع قطرات من زيت شجرة الشاي لإزالة البكتيريا من ماء الغسيل قبل تشغيل الغسالة، وضع زيت شجرة الكينا على البقع الدهنية قبل الغسيل حتى يزيلها، كما يمكنك أن استخدام بضع قطرات من زيت شجرة الكينا، أو زيت شجرة الشاي، أو زيت اللافندر للحفاظ على الصوف وحمايته.
إزالة الجراثيم
استخدم زيت شجرة الشاي، أو بضع قطرات اليود.
التلميع
يمكن تلميع الأثاث باستخدام شمع العسل وزيت الليمون.
الحشرات المزعجة
ضع كمية من مسحوق البورق والعسل بنسبة ٥٠ إلى ٥٠ على أثر النمل، ولكن احفظه بعيدًا عن متناول الأطفال والحيوانات المنزلية، كما يمكن استخدام بودرة التلك للقضاء على النمل.
أما الصراصير، فانثر البورق وراء الأدوات المنزلية بعيدًا عن متناول الأطفال، أو ضع أوعية مدهونة الأطراف في الخزانة، املأ قاع الأوعية بالخل والسكر البني، أو بطعام الحيوانات الأليفة، وعندها ستتسلق الصراصير الأوعية وتموت هي وبيضها داخلها، وتوجد مصائد مماثلة (غير سامة) متاحة في متاجر الأغذية الصحية؛ حيث تلتصق بها الصراصير وبيضها، حيث يتصلب كل من جبس باريس والسكر الناعم في أمعائها، ولكنها يمكن أن تضع بيضها قبل أن تموت، فتستمر الدائرة. احم ملابسك داخل الخزانة من العثة والحشرات باستخدام السيترونيلا، أو اللافندر، أو شجرة الكينا. اقضِ على الذباب باستخدام السيترونيلا، أو اللافندر، واحتفظ بمضرب الذباب، فهو يعتبر أداة رياضية تساعدك على ممارسة المزيد من التمارين اليدوية! كما يمكن عمل مصائد الذباب من زجاجات البلاستيك بثقب فتحات بمساحة 2.5 سم٢ على الجانب، واملأ الزجاجة بخليط الفانيليا والماء ومعجون فيجمايت.
ولتجنب البعوض، افرك جلدك بالنعناع الطازج أو السيترونيلا، ونم أسفل الناموسية.
الحشرات المزعجة للحيوانات الأليفة
تتوفر منتجات عشبية لحماية الكلاب والقطط؛ حيث تعتبر خميرة البيرة وسيلة رائعة للقضاء على البراغيث، ويمكنك دهنها بفرشاة على فراء الحيوان ونثر ملعقة صغيرة منها يوميًّا على طعامه.
حشرات الحديقة
يقضي رماد الخشب على العفن. يمكنك أن تضع صفحات الجرائد بين صفوف الشجر لإغراء الحلزونات والدود للاختباء في أثناء النهار، وعندها يسهل جمعها ووضعها في مكان بارز لتقديمها للطيور لتتغذى عليها، ولحماية نباتات الظل من الحشرات، انثر الفلفل على أوراقها، أو رشها بخليط من الفلفل الحار والماء ومنظف لطيف، كذلك يقضي رذاذ الثوم على العديد من الحشرات.