إن الانتقال من الطفولة إلى البلوغ ليس أقل سهولة من الناحية البيولوجية مما هو عليه من الناحية النفسية. خلال سن البلوغ يخضع الجسد لتغييرات سريعة تتطلب تغذية مثلى من أجل تجنب الآثار الجانبية؛ وهي تشمل البثور والسمنة المفرطة، الأكل، مشاكل فكرية وسلوكية. وتعتبر هذه دلالات شائعة على عدم تكيف الشخص مع التغييرات كما ينبغي.
إن الفتيات والفتيان يحتاجون نسبياً على حدٍ سواء إلى كمية أكبر من الفيتامينات A، D وB6، بيوتين، زنك، كالسيوم، مغنيزيوم وأحماض دهنية أساسية خلال سن البلوغ. خلال وضع الحاجات الغذائية فإن هذه المغذيات تزيد بين أعمار الرابعة عشر والسادسة عشرة. متى ما بلغ الطفل سن الرابعة عشر تصبح احتياجاته هي نفسها من حيث الجوهر كما البالغين، مع تشديد أكبر على هذه المغذيات، إضافة إلى حاجة متواصلة للبروتين الكافي لأن البالغ ما زال ينمو ويكبر.
من بين هذه المغذيات، فإن الزنك والمغنيزيوم غالباً ما يتوفران بكمية ناقصة. ويعتبر الزنك ضرورياً للنضوج الجنسي لدى كلا الجنسين إلا أن الفتيان يحتاجونه أكثر. إن الانحدار النسبي في معدل النمو لدى الفتيان خلال البلوغ هو على الأرجح عائد جزئياً إلى الكمية دون المثلى من الزنك – إن كمية الزنك الموجودة لديهم تؤخذ للنضج الجنسي بدلاً من النمو. مشاكل النمو، «آلام النمو» وحب الشباب (البثور) هي كلها دلالات محتملة على وجود نقص في الزنك.
ترتبط سنوات البلوغ أيضاً بـ «حرية طعام» متزايدة، ومن الضروري أن يتعلم المراهق أو البالغ كيفية تغذية نفسه. إذا لم يتم إعطائه تربية غذائية في المدرسة أو من قبل الأهل فإنه يختار الأطعمة لذيذة الطعم، بدلاً من الأطعمة التي تجعله في صحة جيدة. إن حلقة الوصل بين الطعام، البشرة الجيدة والقوة البدنية والعقلية ينبغي التشديد عليها، منذ أن كانت كل هذه الميزات مرغوبة والكل يتمناها. إن العادات الرئيسية لتشجيع المراهقين هي:
- أكل البذور، ربما ملعقة كبيرة من البذور المطحونة فوق الحبوب. فهي غنية جداً بالزنك، المغنيزيوم والأحماض الدهنية الأساسية.
- يفضل أكل الفاكهة على الحلوى والوجبات الخفيف الدهنية والسكرية.
- الحصول دائماً على بعض الخضار مع وجبة الطعام. غالبية المدارس لا تملك فكرة حول كيفية جعل الخضار تستهوي المراهقين وهم غالباً ما ينفرون منها خلال السنوات المدرسية.
- تناول وجبات حقيقية بدلاً من التزود باستمرار كل مرة.
التغلب على أعراض ما قبل الحيض من خلال الغذاء
لقد كانت مشاكل ما قبل الحيض، حتى عهد قريب نسبياً، مقبولة على أنها قسمة المرأة. غير أن هذه الأعراض – والتي تتضمن الإحباط، التوتر، وجع الرأس، ليونة الصدر، احتباس الماء، الانتفاخ، قلة الطاقة وسرعة الانفعال – يمكن في غالبية الحالات تجنبها. من المعروف أنها تحدث خلال الأسبوع السابق للحيض، مع وجود نسبة قليلة من النساء اللواتي يصبن بالأعراض عند منتصف الدورة الشهرية حيث تتصادف مع الإباضة. بما أن مشاكل ما قبل الحيض ما هي إلا نتيجة لتغيرات هرمونية، فقد تم استعمال علاج الهرمون من أجل إصلاحها. لكن استعمال هكذا علاج بالعقاقير يجب البحث فيه بدقة، كونه يؤدي إلى إحداث خلل في كيمياء الجسم وقد ارتبط بازدياد خطر الإصابة بالسرطان.
لقد ثبتت فعالية الفيتامين B6 في بعض الدراسات حيث تبين أنه يساعد 70% من المصابات بأعراض ما قبل الحيض. لكن الباحثين وجدوا لاحقاً أن B6 مع الزنك، الذي يعتبر ضرورياً لتحويل الأول إلى صيغته الفعالة، كان أكثر فعالية. واكتشف د. غي إبراهامز فيما بعد فعالية المغنيزيوم خصوصاً في التقليل من أعراض ليونة الصدر والانتفاخ. منذ فترة قريبة، ركزت الأبحاث على دور (Gamma Linolenic Acid) GLA وهو حامض دهني أساسي موجود في زيت زهرة الربيع المسائية ولسان الثور. إن معدل نجاح GLA الذي يقارب 60% يعود حتماً إلى دوره في صناعة Prostaglandins نحن نعلم الآن أن الفيتامين B6، الزنك والمغنيزيوم هي أيضاً ضرورية لصناعة الـ Prostaglandins. وربما لهذا السبب ظهر أنها تساعد اللواتي يعانين من أعراض ما قبل الحيض.
إن تناول هذه المغذيات بمفردها يمكنه بسهولة التقليل من الأعراض حتى النصف، كما اكتشفنا من خلال اختبار أجري في معهد التغذية المثلى. في هذا الاختبار الذي تناول المريضات بأعراض ما قبل الحيض، حيث قام كل من المريضات وأطبائهن بتصنيف درجة التحسن لديهن، فكانت كل مشكلة صحية متعلقة بما قبل الحيض يقابلها تحسن كبير بنسبة 55 – 85%. بالمتوسط، فإن المرأة التي تتبع برنامجاً مكملاً من هذا النوع يمكنها أن تتوقع في غضون ثلاثة أشهر حصول تحسن في كل مشكلة نسبته 66%.
بالنسبة إلى بعض أنواع أعراض ما قبل الحيض، فإن التغيرات الهرمونية تؤدي إلى الإخلال بضبط السكر بالدم وتسبب تغيرات في السكر والمنبهات، بالإضافة إلى أعراض من التعب وسرعة الانفعال. من خلال اتباع حمية دقيقة خالية من السكر والمنبهات، مع تناول كربوهيدرات مركبة أو فاكهة، بشكل قليل ومتكرر، فقد يحدث كل الاختلاف. إن النظام الغذائي، إلى جانب المكملات، يمكنه في كثير من الأحيان التخفيف من جميع أعراض ما قبل الحيض.
إن هذه الأعراض، لدى نسبة قليلة من النساء، تدل على وجود خلل هرموني أكثر وضوحاً ولا يمكن إصلاحه من خلال نظام غذائي والمكملات وحدها. إن هكذا خلل غالباً ما يعود إلى سيطرة الإستروجين ونقص نسبي في البروجسترون. هذه الحالة قد تحدث في فترة زمنية تم خلالها تناول حبوب تحديد النسل، وتحتاج إلى الفحص والتصحيح من قبل استشاري تغذية مؤهل أو طبيب.
التغلب على انقطاع الطمث
يعتبر انقطاع الطمث انتقالاً طبيعياً من مرحلة حمل الأطفال لدى المرأة. ويحدث هذا الانقطاع في أغلب الأحيان بين عمر الـ 45 و50، وأحياناً من دون حدوث أي أعراض مؤلمة وأحياناً مع مجموعة كاملة منها؛ إن الأعراض الأكثير شيوعاً هي احمرار أو تورد ساخن، عرق في الليل، جفاف بالمهبل، إنهاك، أوجاع رأس، سرعة انفعال، إحباط وآلام في المفاصل. وقد تحدث فقط لبضعة أشهر أو تصل حتى ثمانية عشر شهراً، أما العامل الأكثر خفاء فهو الخطر المتزايد لهشاشة العظام أو تخلخل العظام.
هناك دليل متزايد على أن التغذية المثلى قد تخفف العديد من هذه الأعراض وتقصر من مدتها. أما العوامل التي تبين أنها مساعدة فهي تشمل إصلاح اختلالات السكر بالدم الأساسية أو الحساسيات، والتكملة بالفيتامين E، مركب B، مغنيزيوم وزنك. وقد تكون الأحماض الدهنية الأساسية كزيت زهرة الربيع المسائية أيضاً مساعدة على التخفيف من تلك الأعراض. لقد وجدت دراسة أجريت في معهد التغذية المثلى أن إضافة الفيتامين E يخفف منها. كما وجد اختبار آخر أجري لاحقاً نتائج أفضل حتى من خلال استعمال مزيج من الكالسيوم، المغنيزيوم والفيتامينات D وE. في هذه الدراسة سجل وجود انخفاض نسبته 62.7% في الأعراض المذكورة لدى مجموعة من 19 امرأة خلال فترة 12 أسبوع. علماً بأن النظام الغذائي المحسن قد يساعد، فإن الغذاء إلى جانب المكملات يبدو أكثر فعالية.
HRT المصنع أو الطبيعي؟
إن النظرة التقليدية المعروفة تقول بأن أعراض انقطاع الطمث تحدث بسبب نقص الإستروجين. هناك بعض الشك في أن توقف الحيض يعود إلى تدني معدلات الإستروجين، التي تعتبر ضرورية لتنشيط عملية الإباضة. لهذا السبب يتم إعطاء HRT إستروجين. مع ذلك، ما إن تبدأ المرأة بالحصول على الدورة من دون إباضة، فإنه لا يتم إنتاج البروجسترون (ذلك لأن البروجسترون ينتج في الحويصلة التي تترك بعد إطلاق البويضة) وهذا غالباً ما يحدث عدة سنوات قبل انقطاع الدورة. مع انحدار معدلات الإستروجين – إنها لا تنقطع – فإن إنتاج البروجسترون يهبط إلى الصفر. وقد ثبت أن الزيادة النسبية المتواصلة من الإستروجين إزاء البروجسترون، إلى جانب نقص هذا الأخير، هي السبب الرئيسي وراء أعراض انقطاع الطمث.
إن الزيادة في كل من HRT استروجين والبروجسترون الطبيعي (الذي يعطى بكمية قليلة من خلال كريم للبشرة مرتين يومياً) قد تؤدي إلى توقف الأعراض. مع ذلك، فإن HRT المعهود يناسب القليل من النساء و70% يتوقفن في غضون سنة من بدئه، عادة بسبب حدوث أعراض مؤلمة أو افتقار في النتائج. في حين أن الأستروجين أو HRT بروجسترون المصنع مرتبط بتزايد خطر سرطان الثدي، ان البروجسترون الطبيعي يعتبر مضاداً للسرطان وأكثر فعالية بنسبة أربع مرات في تبديل حالة تخلخل العظام. لكن يفضل الحصول على نصيحة مختصة، تشمل الفحوصات، من أجل إصلاح الإختلالات الهرمونية. رغم ذلك، فإن مزج النظام الغذائي، المكملات، مع كميات صغيرة من البروجسترون الطبيعي عند الحاجة يمكنه أن يحول معاناة المرأة مع حالة انقطاع الطمث.