تعلمنا منذ الصغر أن نسيطر على أنفسنا، وألا نتحدث بصوت عال أو بطريقة فظة مع الآخرين. وهذا يعني أن نقوم كثيرًا بكبت مشاعرنا السلبية، إلى أن تصبح كثيرة للغاية وتسبب لنا مشكلات عقلية وجسدية. وربما تدفعنا هذه المشاعر السلبية نحو الانفجار في بعض الأوقات، ودائمًا ما لا نعرف كيفية التعامل معها. وربما يكون البحث عن طرق للتنفيس عن المشاعر مفيدًا للغاية في الحفاظ على التوازن العقلي، والتعامل مع الضغوط بطريقة إيجابية. وربما يعني هذا نبذ أنواع معينة من السلوكيات وآليات التأقلم، واكتشاف أن القيام بالتنفيس عن المشاعر ربما يكون أمرًا مفيدًا، إذا تم تنفيذه بطريقة صحيحة لا تهدف إلى إيذاء الآخرين.
التحدي
إذا لم نقم بالتنفيس عن مشاعرنا من وقت لآخر، فربما نشعر بأننا على وشك الانفجار. وهذا يعني أننا سنضحي بطرق إيجابية في التنفيس عن مشاعرنا، ونتبع أساليب سلبية ربما تتضمن الصياح والانفجار غضبًا بشكل أساسي. وربما تكون أضرار هذه الأنماط أكثر من فوائدها، ونادرًا ما تؤدي إلى طرق للتخفيف من حدة الضغوط. ولقد تكيفنا مع الاعتقاد بأن إحدى علامات الضعف أن نبحث عن طرق للتنفيس عن مشاعرنا، وأن الأشخاص الأقوياء يجب أن يكونوا قادرين على الحفاظ على التوازن وكبت الشعور بالضغوط، والاستمرار في حياتهم. وتؤدي كل أعمال التحكم الذاتي هذه إلى الشعور بأننا نفقد التحكم في مشاعرنا وحياتنا, فنبحث بقلق عن طرق للتنفيس عن مشاعرنا، وإذا لم نجد فكرة أو خطة عمل جيدة، فربما نشعر بتنامي الشعور بالإحباط، الذي قد يؤدي إلى آثار موهنة ويزيد من شعورنا بالضغط. ولكن توجد العديد من الطرق والمصادر التي يمكننا استخدامها للتنفيس عن مشاعرنا بشكل إيجابي، والتي يمكنك استخدامها أيضًا للمساعدة في هذا. ويتمثل التحدي في معرفة الوقت الذي نحمل فيه الكثير من المشاعر السلبية، وكيفية تأثير هذه المشاعر على حياتنا، والبحث عن طرق إيجابية للتنفيس عنها؛ بحيث يمكننا الشعور بإحساس أفضل دون إلقاء الأعباء على الآخرين. وحالما نصل إلى اتفاق حول أهمية التنفيس عن مشاعرنا وفوائده، يمكننا الانتقال إلى مكان نشعر فيه بصحة أفضل، وتقليل الضغوط التي نشعر بها، والمضي بحياتنا قدمًا؛ فكل ما يجب علينا القيام به هو بذل الجهد، واكتشاف كيف أن التنفيس عن المشاعر السلبية ربما يكون ذا فائدة عظيمة، وأن القيام به ليس بهذه الدرجة من الصعوبة.
الحقائق
رغم أننا سنركز على المشاعر السلبية في حياتنا – الإحباط واليأس والغضب – فإن المشاعر الإيجابية أو المحايدة ربما تتراكم بداخلنا. ويجب علينا أن نفصل بينها وبين المشاعر السلبية، ونتعلم كيفية وضعها في الإطار المناسب, فيمكننا مشاركتها مع الآخرين، والبحث عن طرق من أجل تعزيز فوائد هذه المشاعر الإيجابية. وربما يكون البحث عن طريقة للاستفادة من مشاعرنا الإيجابية في مثل أهمية البحث عن طرق للتعامل مع مشاعرنا السلبية.
إن التنفيس عن المشاعر مهارة يجب علينا جميعًا العمل على تطويرها، ولكنها ربما تكون ذات أهمية خاصة بالنسبة للعزاب, فربما يجد الأشخاص الذين يحظون بوجود مجموعة دعم قوي – مثل الأصدقاء، أو الصديقات، أو الزوجة، أو الزوج – التنفيس عن المشاعر أكثر سهولة بشكل نسبي؛ لأننا نأتمن هؤلاء الأشخاص على مشاعرنا. وربما يتسبب العيش وحيدًا في جعل هذه العملية أكثر إثارة للتحدي قليلًا.
وعادة ما تتخذ المشاعر السلبية مسارًا يمكن تغيير اتجاهه في أي وقت قبل أن تصبح مشاعر هدامة بالفعل, فنحن ننتقل من الاعتراف بوقوع شيء سلبي لنا في عملنا أو في حياتنا اليومية، إلى تذكر التجربة مرة أخرى والكيفية التي كان يجب علينا أن نتعامل بها معها، ويتطور هذا إلى شعور خفيف بالسخط على ما حدث لنا، وتتفاقم الأمور لتصل إلى ذروتها، لنشعر في النهاية بالإحباط والغضب. وسرعان ما نجد أنفسنا نفكر فيما حدث حتى نفقد القدرة على النوم، أو نعاني الشعور بالصداع أو اضطرابات مزمنة في الهضم.
واعلم بأنه ليست هناك مشاعر سيئة، ولكن هناك طريقة سيئة في التعامل مع المشاعر. ضع هذه الأفكار نصب عينيك عندما تتعامل مع المشاعر السلبية، ولا تعذب نفسك بسبب وجودها:
– جرب الاعتراف بانفعالاتك القوية.
– صف مشاعرك بدلًا من إظهارها.
– تذكر أنه من حقك أن تشعر بأي شيء ترغبه، ما دمت أنك لا تؤذي شخصًا آخر.
– قدم الشكر للمساعدة التي يقدمها لك شخص تُنَفِّسُ عن مشاعرك السلبية له، وأخبره بأنك تقدر حضوره ومساعدته كثيرًا.
– لا تخش الاعتراف بالشكوك حول ما تشعر به؛ فربما تؤذي نفسك أكثر مما تنفعها، عندما تتظاهر بأنك تعرف ما يجري لك، رغم أنك لا تعرف في الحقيقة.
– ليس من الضروري أن تحتاج دائمًا إلى الكلمات من أجل التنفيس عن المشاعر السلبية؛ ففي بعض الأوقات، ربما يعمل التواصل البشري، مثل الإمساك بيد شخص ما أو الجلوس في صمت، بشكل جيد مثل التحدث.
– إنك لست الشخص الوحيد الذي يقوم بأشياء يندم عليها في حياته؛ فكل شخص يفعل هذا، ويجب على المقربين منك الاستماع إليك.
– ابكِ إذا كنت تشعر برغبة في البكاء؛ فالبكاء ليس علامة على الضعف، ولكنه علامة على الرقة, وربما يشعر الأصدقاء الجيدون بالرضا لأنك تشعر بالراحة بما فيه الكفاية لكي تبكي، إذا كان هذا هو ما تشعر به.
الحلول
هناك العديد من الأشخاص الذين يمكننا اللجوء إليهم من أجل التنفيس عن مشاعرنا، بمن فيهم:
– أفراد العائلة، الذين يبدون الاستعداد لقضاء الوقت في الاستماع إلينا، وعدم إصدار الأحكام علينا بسبب صدقنا؛
– الأصدقاء، الذين نعرف أنهم سيبدون التعاطف معنا ويساعدوننا على التعامل مع المشاعر التي تنتابنا في حياتنا، اعتمادًا على خبراتهم الشخصية ومعرفتهم الصادقة بنا؛
– المتخصصون، مثل المعالجين، أو علماء النفس، أو الأطباء النفسيين.
إذا كنا نتعامل مع المشاعر السلبية التي ترتبط بأنماط معينة من السلوك، فإنه يمكننا التوجه إلى مجموعات الدعم لمساعدتنا على العمل مع أشخاص يتشاركون أنواع المشكلات نفسها، ومساعدتنا على التعامل معها. وتعد مجموعات إدارة الغضب مثالًا جيدًا على هذا؛ حيث يعمل الأشخاص – الذين يعتقدون أنهم يعبرون عن مستويات غير مناسبة من الغضب – معًا على تقليل هذه الدوافع، والبحث عن طرق من أجل التعبير عن الغضب من خلال طرق أقل هدمًا.
تسير حياتنا، في معظم الأوقات، بشكل جيد للغاية. وتعد معظم الأشياء التي تحدث لنا وتثير المشاعر إيجابية، ولكنها من الممكن أن تُدفع جانبًا على أثر التفكير في المشاعر السلبية. ويتمثل جزء من التنفيس عن مشاعرنا في وضعها في السياق المناسب، وإدراك أن الكثير مما يحدث لنا، خاصة في العمل، لا يتعلق بنا بشكل شخصي. ومن السهل أن نقبل المشاعر السلبية ونبقيها قريبًا منا، ولكن التنفيس عنها أمر ضروري من أجل الحفاظ على التوازن في حياتنا.
وتعتمد كيفية تعاملك مع المشاعر السلبية كثيرًا على ماهية الموقف، وما يجري في حياتك، ولكن بشكل عام، هناك عدة طرق نافعة للتنفيس عن المشاعر السلبية:
– عليك أن تدرك خطورة الانفعالات الطائشة؛ حيث تستطيع المشاعر السلبية الجامحة أن تنهك جسدك ونظامك العصبي إلى أن تشعر بالمرض. ونادرًا ما يؤدي شعورك بالألم تجاه السلبيات إلى حل المشكلة.
– غالبًا ما نشعر بأنه يتوجب علينا أن نشعر بالقلق حيال جروحنا ومشاعرنا السلبية طالما أردنا ذلك. ورغم ذلك، فمن الأسهل أن نتعامل مع المشاعر السلبية عن طريق وضع مهلة تتعلق بمدة شعورنا بها. أخبر نفسك بأنك ستقوم بالتعامل مع المشاعر السلبية بقدر معين من الوقت، وأن كل دقيقة تقضيها على السلبيات تأخذ من وقت الإيجابيات. لا تَحْتلْ على المهلة المحددة، وعندما يظهر الموضوع مرة أخرى، أخبر نفسك بأن هناك طرقًا إيجابية أخرى تقضي فيها وقتك.
– اشغل عقلك بشيء آخر. تمشَّ قليلًا، قم بواجب منزلي، شارك في أنشطة اجتماعية مع الأصدقاء، أو مارس إحدى الهوايات. قم بأي شيء يأخذ درجة من التركيز من أجل إبعادك عن مشاعرك السلبية.
– حول الموقف إلى قوة عليا. ربما تكون هذه القوة نوعًا من الأمور الروحية، ولكن هذا المفهوم يمثل عنصرًا أساسيًّا في برامج الخطوات الاثنتي عشرة، وربما يكون مهمًّا في تبديد المشاعر السلبية.
– لا تتوقف عن التنفيس عن الأمور السلبية، وتوقع أنها لن تتلاشى على الفور؛ فهي مهارة تتطلب وقتًا لتعلمها، وإذا لم تحقق النجاح على المدى الطويل، فجرب مرة أخرى. اعمل على تحقيق قليل من التقدم في كل مرة تقوم فيها بالتنفيس عن مشاعرك.
ربما تساعدك الكتابة على التنفيس عن مشاعرك السلبية، دون أن تثقل كاهل الآخرين بالأعباء. دع أفكارك تتدفق دون تنقية، وخصص وقتًا كافيًا خلال اليوم للكتابة، وابحث عن مكانٍ يمكنك فيه التركيز والشعور بالأمان، واستخدم الموسيقى، إذا كانت لا تشتت انتباهك، واسترخ من خلال التنفس، واجعل الأمر بسيطًا، وأظهر ما تشعر به، ولا تخبر أحدًا.