تحافظ الصمامات على جريان الدم باتجاه واحد، مثل البوّابات باتجاه واحد؛ فهي تفتح عندما يدفعها ضغط الدم باتجاه الأمام، وتنغلق عندما يدفعها الضغط على الجهة الأخرى إلى الخلف؛ وقد تكون الصمامات المريضة متيبّسة بشدّة بحيث لا تفتح بسهولة أو قد تخفق في الانغلاق بشكل تام؛ ويمكن أن يكون كلّ صمام من الصمامات الأربعة (التاجي والأبهري في الجهة اليسرى من القلب، وثلاثي الشرف والرئوي في الجهة اليمنى) عرضة للانسداد (التضيّق) إذا كان متيبّسا كثيرا، وللتسريب الخلفي الاتجاه (القلس) إذا كان أخفق في الانغلاق بشكل صحيح.
قد تصبح فتحة الصمام متضيّقة ومشدودة، وتحدّ هذه الحالة من الجريان الدموي عبره وتؤدي إلى احتجاز الدم والسوائل خلفه وكأنهما وراء سدّ؛ ويقود هذا الاحتباس إلى أعراض قصور القلب الاحتقاني وتوسّع الحجرات القلبية وفرط نمو العضل القلبي مما يقود إلى الذبحة؛ كما يمكن أن تظهر اضطرابات مختلفة في النظم القلبي أيضا.
قد لا تنغلق الصمامات بشكل صحيح، ولذلك تسمح للدم بالتسرّب راجعا بالاتجاه الخاطئ (القلس)؛ ولا يعني الصمام «المسرّب» أن الدم يتسرّب خارج القلب، إنما يعني تسرّب الدم بشكل عكسي عبر الصمام؛ وهذا ما يؤدّي إلى توسّع حجرات القلب وضخ الدم بشكل غير كاف، لأن فائض الدم يجب ضخّه إلى الأمام للتعويض عن كمية الدم المتسرّبة بشكل عكسي مع كل ضربة قلبية؛ ومرة أخرى، قد يقود ذلك إلى قصور القلب الاحتقاني والتعب وبعض اضطرابات النظم القلبي.
تتراوح أسباب المرض الصمامي بين عيوب خلقية إلى ترسّبات كلسية تتراكم على الصمام مع تقدّم في عمرك، وعدوى.
قد تمرّ عقود قبل أن يظهر ضرر في الصمام، كما قد يصل المرض الصمامي إلى مرحلة متقدّمة قبل ظهور الأعراض، لأن جسمك يعاوض أو يتكيّف معه؛ غير أن هذا التكيّف – كما سبق أن ذكرنا – قد يخفق في نهاية المطاف، مما يقود إلى قصور القلب.
لذلك، إذا أصبت بداء صمامي، يكون من المهم معالجة المشكلة قبل أن تتقدم بحيث لا يعود إصلاحها أو تبديل الصمام ممكنا؛ ويعدّ توقيت القيام بإصلاح الصمام المريض أو تبديله هاما، لأن طبيبك يكون قادرا على الموازنة بين المخاطر المحتملة للجراحة واحتمال تفاقم المشكلة وعدم القدرة على إصلاحها.
النفخات القلبية البريئة
إذا أخبرك طبيبك بأن طفلك لديه نفخة قلبية «بريئة»، فليس هناك ما يدعو إلى القلق؛ حيث لا تؤدّي هذه النفخات بالتحديد إلى مشاكل.
تشيع النفخات البريئة في الأطفال، فقد تختفي وتعاود الظهور، لكنها غير ضارّة؛ إذ تزول معظم النفخات البريئة بشكل دائم عندما يصل طفلك سن البلوغ.
يمكن أن يسمع الطبيب نفخات بريئة لدى طفلك بالإصغاء إلى قلبه من خلال السمّاعة؛ وتعدّ النفخات أصوات ناجمة عن اضطراب الدم المتحرّك عبر حجرات القلب وصمّاماته أو عبر الأوعية الدموية القريبة من القلب؛ كما يطلق طبيبك على هذه النفخات اسم «النفخات الوظيفية» أو «النفخات الاهتزازية».
قد يرغب طبيبك بإخضاع طفلك لاختبارات أخرى للتأكّد من براءة النفخة؛ وعندما يقوم بذلك ويخبرك بأن النفخة سليمة، يمكنك الإطمئنان، حيث لا توجد مشكلة قلبية لدى طفلك، ولا حاجة لقيود على نشاطه، فهو صحيح الجسم وسليم.
التهاب الشغاف
تكون الصمامات المتضرّرة أو المضعفة عرضة لحالة مرضية تدعى التهاب الشغاف Endocarditis؛ وهو عدوى Infection في شغاف القلب الذي يمثّل الغشاء الذي يبطّن الوجه الداخلي للحجرات القلبية الأربع والصمامات؛ وينجم الالتهاب عادة عن عدوى فعلية في الصمام بالجراثيم أو غيرها من الأحياء المجهرية.
يمكن أن يحدث التهاب الشغاف في كل مجرى تجول فيها الجراثيم في مجرى الدم؛ وتميل بعض الجراثيم (والأحياء المجهرية الأخرى) إلى الاستيطان والتكاثر على صمامات شاذّة متضرّرة حيث يكون الجريان مضطربا؛ وهو يؤدي دائما تقريبا إلى تفاقم حالة الصمام بسبب التلف الإضافي له؛ وقد تحتاج معالجة التهاب الشغاف إلى 6-4 أسابيع أو أكثر من الاستخدام الوريدي للمضادات الحيوية، بالاشتراك مع المعالجة الجراحية غالبا.
تصبح بعض الأحياء الممرضة المسبّبة لالتهاب الشغاف مقاومة للمضادات الحيوية، ربما بسبب فرط استعمالها في أمراض معدية بسيطة أو الاستعمال الواسع لها في طعام الحيوانات؛ ويبدي الأطبّاء اهتماما بهذا الأمر، وهناك أبحاث قائمة على أدوية جديدة.
ما الذي يسبّب التهاب الشغاف؟
يمكن أن ينجم التهاب الشغاف عن جراثيم معيّنة غالبا ما توجد في الفم والسبيل التنفّسي العلوي؛ ويمكن أن تدخل الأحياء الممرضة مجرى الدم خلال الإجراءات المتعلقة بالأسنان أو الجراحية، مثل خلع سن أو استئصال اللوزتين؛ وما تزال معظم حالات التهاب الشغاف لا تتلو إجراء جراحيا أو سنيا مباشرة، وإنما الأغلب أن تحدث بعد ضرر لثوي بسيط أو نتيجة نقص النظافة السنية؛ ولذلك، تأكّد من العناية السنّية الشاملة الدورية إذا كنت في خطر من التهاب الشغاف.
كما يمكن أن تدخل الجراثيم الموجودة في السبيل المعوي، وهي المكوّرات المعوية Enterococci، إلى مجرى الدم خلال فحص البروستات (الموثة) أو المثانة أو المستقيم أو أعضاء الحوض الأنثوي أو خلال إجراء جراحي عليها.
يمكن أن يحدث التهاب الشغاف عند الأشخاص الذين يتعاطون المخدّرات، ويستعملون الإبر الملوّثة لحقن الأدوية في الوريد.
كما قد يظهر التهاب الشغاف لدى الأشخاص الذين لديهم نقص في المناعة تجاه العدوى بسبب أحياء ممرضة أخرى، مثل الفطريات.
من هم في خطر من الإصابة بالتهاب الشغاف؟
إذا كان قلبك سويا وسليما، فمن غير المحتمل أن تصاب بالتهاب الشغاف؛ حيث تميل الأحياء الممرضة إلى الالتصاق والتكاثر في الصمامات المشوّهة أو المتضرّرة بسبب الحمّى الروماتيزمية (الرثوية).Rheumatic Fever
وتكون في خطر من التهاب الشغاف غير الفعّال في الحالات التالية:
• عندما تولد بعيب في قلبك أو صماماته.
• عند وجود ندبات في صمامات قلبك بسبب الحمى الروماتيزمية أو أمراض أخرى.
• عند وجود صمام قلبي صناعي.
يعدّ تدلّي الصمام التاجي الشديد (مع تسرّب الصمام) الاضطراب القلبي الأكثر ترافقا مع التهاب الشغاف؛ كما قد يحدث التهاب الشغاف في الحالات الأخف من التدلّي أيضا.
وحتى وإن لم تؤد حالتك القلبية إلى أية أعراض، أو خضعت لإصلاح العيب الذي لديك وأصبحت بصحة جيّدة، قد تبقى في خطر من هذه العدوى الخطيرة؛ ويعدّ طبيبك أفضل شخص ينصحك حول هذا الخطر بسبب أن الخطر يعتمد على العيب نفسه الذي جرى إصلاحه.
ما مدى خطورة التهاب الشغاف؟
التهاب الشغاف مرض خطير جدّا كان من الماضي مميتا بشكل دائم تقريبا قبل ظهور المضادات الحيوية؛ ورغم توفّر المضادات الحيوية الفعّالة اليوم، لكن قد تحدث مضاعفات، ويمكن أن تكون المعالجة صعبة، كما تكون النتائج غير متوقّعة؛ لذلك، يعتقد الأطباء أن الوقاية هي الأسلوب المفضّل.
كيف يمكن الوقاية من التهاب الشغاف؟
يمكن أن تنقص المضادات الحيوية خطر إصابتك بالتهاب الشغاف المعدي من خلال تخريب أو السيطرة على الجراثيم المؤذية؛ وينصح الكثير من الخبراء باستعمال هذه الأدوية قبل الإجراءات التي قد تسمح للجراثيم بدخول مجرى الدم والوصول إلى القلب وإحداث العدوى.
الاحتياطات الواجبة اتخاذها إذا كنت في خطر من التهاب الشغاف
الإجراءات الجراحية السنية وجراحة الفم أو السبيل التنفّسي
قبل خضوعك لأي إجراء على أسنانك (بما في ذلك التنظيف الروتيني في عيادة طبيب الأسنان) أو حلقك يمكنه أن يؤدي إلى نزف، قد يصف لك الطبيب أو طبيب الأسنان الأموكسيسيلين Amoxicillin فمويا؛ ويجب أن تتناوله قبل ساعة من الإجراء.
إذا كانت لديك حساسية للبنسلين (الأموكسيسيلين هو أحد أنماط البنسلين)، يمكنك تناول مضاد حيوي آخر مثل السيفالوسبورين Cephalosporin أو الكلنداميسين Clindamycin أو الأزيثروميسين Azithromycin؛ أما إذا كان الخطر كبيرا، فقد يصف لك الطبيب مضادا حيويا بالحقن.
الإجراءات الجراحية البولية أو الجراحة المعدية المعوية أو الفحص بالأدوات الطبية
تشتمل الإجراءات الجراحية البولية على عمليات المثانة واستئصال البروستات عبر الإحليل والإجراءات الجراحية النسائية؛ أما الإجراءات الجراحية المعدية المعوية فهي – على سبيل المثال – استئصال البواسير والسليلات (البوليبات) واستئصال جزئي للقولون.
قد تكون الجراثيم في أمعائك مقاومة جزئيا للمضادات الحيوية من نمط البنسلين عندما يكون خطر التهاب الشغاف مرتفعا؛ ويمكن أن يصف لك الطبيب مجموعة من المضادات الحيوية القابلة للحقن قبل الإجراء مباشرة وبعده بثماني ساعات؛ أما إذا كان الخطر منخفضا، فقد تكون المضادات الحيوية الفموية كافية.
العدوى الرئوية والجلدية
عند إصابتك بعدوى رئوية أو جلدية، قد يصف لك الطبيب معالجة بالمضادات الحيوية للوقاية من التهاب الشغاف.
التفكير بالوقاية
من المهم الاهتمام بنظافة فموية جيدة يوميا والقيام بعناية سنية مهنية دورية. ويقوم ذلك على تنظيفها بالفرشاة واستعمال خيط تنظيف الأسنان «النصاح» Flossing بشكل روتيني للأسنان واللثتين وإجراء فحص دوري.
يجب أن يدرك طبيب أسنانك وكل طبيب تزوره أنك في خطر من التهاب الشغاف؛ ويستعمل الكثير من الناس بطاقات يدوية من جمعية القلب الأمريكية لهذا الغرض.
تدلّي الصمام التاجي والتهاب الشغاف
تدلّي الصمام التاجي هو حالة شائعة في عدد صغير من الأشخاص المؤهّبين لالتهاب الشغاف؛ ولا يترافق تدلّي الصمام التاجي غير المصحوب بالقلس (التسريب الصمامي) – حيث يسمع الطبيب نفخة أو يظهر ذلك على مخطّط صدى القلب – مع التهاب الشغاف، ولا يتطلّب إعطاء المضادات الحيوية قبل الإجراءات المتعلقة بالأسنان أو الجراحية. ومن جهة أخرى، يعدّ تدلي الصمام التاجي مع تثخّن شرفتيه أو قلسه الواضح عامل خطر لالتهاب الشغاف، وبذلك فهو يحتاج إلى إعطاء المضادات الحيوية الوقائية.
إن ما اعتدنا عليه أن يكون سيئا قد يصبح أفضل؛ فقد بدأ مصنّعو الأغذية بتقديم منتجات مهندسة بشكل خاص حديثا أطلقوا عليها اسم «الأطعمة الوظيفية»؛ وهذه المنتجات الجديدة، مثل المرغرين والعجينة المجفّفة والأطعمة المجمّدة والخبز والحبوب وشرائح البطاطا المشوية والكعك، ذات مقوّمات تهدف إلى تأمين فوائد صحية نوعية أكثر من التغذية الأساسية؛ كما طوّر مصنّعو الأغذية أطعمة مخفضة للكولستيرول، وهو العامل المساهم في الأمراض القلبية الوعائية التي تعدّ السبب الرئيسي للوفاة في الولايات المتحدة والبلدان الصناعية.