تعتبر إعاقة التوحد واحدة من خمس إعاقات تندرج تحت مظلة الإعاقات الإنمائية
المتداخلة التي تتضمن (التوحد، متلازمة اسبرغر، متلازمة رت، اضطراب الطفولة
الترجيعي، والإعاقات النمائية غير المحددة ولكل واحدة منها معايير تشخيصية خاصة.
يعرف التوحد وفقاً للجمعية الأميركية للتوحد على انه إعاقة نمائية معقدة تظهر أصلا
خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل نتيجة لاضطراب عصبي يؤثر على وظيفة الدماغ،
وتقدر نسبة حدوث إعاقة التوحد والأعراض السلوكية المصاحبة لها بـ 2-6 من كل 1000
طفل، وهي أكثر بين الذكور وبنسبة عالية تمثل 4.1، ولا يتأثر حدوث الإعاقة بأية
خصائص ثقافية أو عرقية أو اجتماعية، أو بمستوى الدخل الأسري، أو المستوى التعليمي
أو نمط الحياة.
ويلاحظ ان هذا العدد في ازدياد مضطرد حيث ان معدل زيادة نمو إعاقة التوحد من 10 ـ
17% سنوياً، كما يلاحظ ان نسبة الانتشار ثابتة في معظم دول العالم.
لاشك بأن اللغة تمثل احد أهم وسائل التواصل بين البشر، وعادة ما يعبر عنها بصور
وإشكال متعددة منها الصور اللفظية وغير اللفظية. ومن هنا فإن أي اضطراب في اللغة
يعني اضطراباً في التواصل يؤدي بالضرورة إلى تعرض الفرد لمشكلات اجتماعية ونفسية
تعيق نموه وتطوره السوي.
وينطبق ذلك بدرجة كبيرة على أطفال التوحد، حيث يندرج التوحد تحت اضطرابات التواصل،
فطبقاً لمحكات التشخيص المتعارف عليها فان أطفال التوحد يظهرون تأخراً واضطراباً في
النمو اللغوي، وبالتالي ضعفاً في النمو الاجتماعي، ويتميزون أيضا بالعزلة وفقدان
القدرة على الاستجابة للآخرين حيث يبدو أنهم يعيشون مع أنفسهم دون أن يعيروا أي
انتباه لوجود الآخرين أو لعدم وجودهم. وقد نجد ان لدى البعض منهم القدرة على ممارسة
الكلام، ولكنهم مع ذلك يستخدمونه بطريقة غريبة أو غير مناسبة.
وتؤكد الدراسات بأن نصف أطفال التوحد تقريباً لا تنمو لديهم القدرة على ممارسة
الكلام بصورة مفيدة، حيث يعكس البعض منهم الضمائر، وقد يستخدمون الكلام بصورة محددة
وغير مألوفة، بحيث يأتي كلامهم غير واضح وعديم المعنى.
ويمكننا تلخيص الخصائص العامة للأطفال المصابين بالتوحد في النقاط التالية:
1- ضعف التواصل الاجتماعي:
– عدم التفاعل مع الآخرين بالطرق نفسها الطبيعية للتفاعل.
– عدم الاهتمام بالآخرين إطلاقا.
– انعدام الالتقاء البصري أو الاكتفاء بالنظرة الجانبية.
– الرغبة في الانعزالية والوحدة.
ـ صعوبة في فهم مشاعر الآخرين أو التعبير عن مشاعرهم.
ـ لا يحب ان يحضنه احد.
ـ مشكلة في الارتباط مع الآخرين.
– عدم الاستجابة لطرق التعلم الطبيعية.
– انعدام الخوف من الأخطار.
2- ضعف التواصل اللفظي وغير اللفظي:
– صعوبة البدء في المحادثة أو الاستمرار فيها.
ـ محادثة قصيرة جداً.
ـ استخدام مدى محدد من وسائل الاتصال، حيث يركز على وظائف لغوية محددة، مثل
الاحتجاج.
– صعوبة في الربط بين الشكل والمحتوى، فعلى سبيل المثال استخدام كلمة في غير موضعها
كاستخدام كلمة مرحباً عند الانصراف.
ـ التحدث في مواضيع خارجة عن السياق.
ـ إعادة كلام المتحدث أو ترديد الكلام، فهذه الظاهرة موجودة في كثير من اضطرابات
التواصل حيث يعيد المصاب بها تقريباً كل ما سمعه دون إدراكه لما هو مطلوب منه،
وتنتشر هذه الظاهرة لدى الأطفال الذين يعانون من عرض التوحد وقد تكون هذه الإعادة
لحظية ـ مباشرة أو إعادة متأخرة ـ غير مباشرة ومن الممكن ان تكون الإعادة جزئية أو
كاملة مع الاحتفاظ بالنغمة نفسها، ويكون التكرار الآني أو اللحظي متغيراً.
ـ جمل روتينية حيث يتبع الطفل روتيناً معيناً في كلامه.
ـ صعوبة في تغيير الأسلوب إذ يجد الطفل المصاب بالتوحد صعوبة في تغيير أسلوب الحديث
مع تغير الأشخاص فعلى سبيل المثال عندما يتحدث مع والده أو مع مدرسه يجد صعوبة في
تغيير أسلوب حديثه.
ـ غياب التواصل البصري وقد يكتفي الطفل المصاب بالتوحد بالنظرة الجانبية.
ـ استخدام الأسئلة بكثرة.
ـ استخدام بعض الإيماءات، فالطفل المصاب بالتوحد يعاني من ضعف في مهارات التواصل
غير اللفظية.
ـ عدم القدرة على استعادة الكلمات من الذاكرة.
ـ الإجابة عن الأسئلة بطريقة غير مناسبة.
ـ ضعف في العلاقات التي تربط بين المعاني (العلاقة بين الكلمة والكلمة، العلاقة بين
الصوت والصوت).
ـ صعوبة في التصريف خصوصاً في استخدام الضمائر والأفعال.
ـ جمل سطحية وبدون معنى واقل تعقيداً بالمقارنة مع أقرانهم.
ـ التركيز على ترتيب معين للجملة.
ـ الإبدال في نفس الصوت بأخطاء لفظية.
ـ الترتيب التطوري في اكتساب الأصوات يشبه الأطفال العاديين.
ـ التطور الصوتي عادة ما يكون الجزء الأقل تأثراً في اللغة.
ـ تأخر في الاستيعاب بشكل عام خصوصاً في الحديث المتصل مثل المحادثة.
3ـ السلوكيات النمطية والروتين:
ـ سلوكيات متكررة.
ـ الإصرار على الأشياء نفسها، مقاومة التغيير.
ـ نوبات غضب متكررة.
ـ اللعب المستمر بطريقة شاذة غريبة.
ـ تدوير الأشياء.
ـ تعلق غير طبيعي بالأشياء.
ـ تفاوت في المهارات الحركية الكبيرة والدقيقة.
ـ خمول شديد أو إفراط ملحوظ في النشاط الزائد.
تأخر النطق
إن النسبة الأكبر من الأطفال المصابين بالتوحد والتي تتراوح ما بين 25% الى 60%
يبقون بدون كلام (غير ناطقين) مما يجعلهم غير قادرين على التواصل مع الآخرين، وتبقى
النسبة الأكبر من هذه الفئة دون اتصال مع الآخرين ما لم يتم تدريبهم على وسائل
الاتصال التي يمكننا اعتبارها صوت هؤلاء الأطفال وكلامهم.
ويطلق على هذه الوسائل وسائل الاتصال البديلة التعويضية والتي تعرف على أنها شكل من
أشكال التواصل التي يمكن تقديمها لبعض الأشخاص الذين لا يملكون القدرة على الكلام،
أو الذين تكون محاولاتهم التواصلية اللفظية غير واضحة، والذين يحتاجون مساعدة
للتغلب على صعوبة إيجاد الكلمات.
فإذا كان لدى الطفل المصاب بالتوحد بصعوبة في النطق وعدم مقدرة على الكلام او عدم
مقدرة على التواصل كلاميا مع الآخرين، فيجب علينا كفريق تربوي إيجاد الوسيلة
المناسبة لهذا الطفل بعد ان يتم تدريب الطفل على الكلام واللغة التعبيرية فترة
تتراوح ما بين 6-12 شهراً.
وفي حالة عدم وجود تقدم او كان تقدم الطفل بطيئا نقوم بتعليمه على استخدام وسائل
الاتصال البديلة مثل ألواح الاتصال، كتب الاتصال، لغة الإشارة، الحاسب (جهاز
الكمبيوتر) مما قد يساعدنا مستقبلاً على تطوير القدرات التعبيرية للطفل.
ان الهدف الرئيسي من إضافة التواصل البديل هو زيادة الكلام وليس إيقافه. ويجب ان
نتذكر بأن هذا النظام قد يستغنى عنه إذا وجدت اللغة اللفظية الكافية. فاستخدامنا
لوسائل الاتصال يفيدنا في تحفيز المهارات التواصلية في مختلف الأعمار والمستويات
الوظيفية للأطفال المصابين بالتوحد. ومن الأمثلة على تلك الوسائل:
الجداول المكتوبة أو الصور
حيث توضع مجموعة الصور أو المجسمات أو الكلمات على شكل جدول يوضح ما هو مطلوب من
الطفل خلال اليوم.
لوح الاتصال
هو شكل تقني منخفض الأداء من أشكال التواصل التبادلي التعويضي ومن الممكن ان
يستخدمه الأشخاص الذين لا يملكون القدرة على الكلام او يملكون نتاجا لفظياً محدداً
أو غير واضح. ويمكن استخدامه كوسيلة مؤقتة للتواصل حتى تتحسن قدرة الطفل على
التواصل اللفظي. وقد يحتوي هذا اللوح على صور أو رموز أو كلمات أو جمل قصيرة،
اعتماداً على ما يمكن للطفل ان يفهمه بشكل أفضل ويلبي حاجاته الأساسية.
وضع الأعمال الروتينية على بطاقات قابلة للقلب
حيث توضع الأعمال التي يقوم بها الطفل بشكل روتيني على بطاقات قابلة للقلب باستخدام
صور او كلمات أو رموز.
كتاب التواصل
هو عبارة عن كتاب يحتوي على مجموعة من الرموز على شكل كلمات أو صور، توفر وسيلة
اتصال للطفل غير القادر على الكلام ولديه القدرة على استخدام التأشير باليد وتقليب
الصفحات، وعادة ما يكون على عدة أشكال منها البوم الصور، أو الكلمات، أو ميدالية
تحمل باليد.
محفظة المواضيع
حيث تحتوي هذه المحفظة على مجموعة من البطاقات، وكل بطاقة تمثل موضوعاً معيناً من
خلال كلمة أو صورة موجودة على تلك البطاقة.
لوح الاتصال المحدد
مثل لوح الأوقات، لوح المطعم، لوح الأعمال الروتينية.. الخ.
لوح الكتابة القابل للمحي (الإزالة)
يكون متصلاً بلوح التواصل الخاص مما يتيح الفرصة للطفل حرية أكثر للتواصل مع
الآخرين.
مما سبق نرى أهمية الدور الذي يلعبه اختصاصي النطق واللغة بالتعاون مع مختلف
التخصصات في تنمية مهارات التواصل لدى الطفل المصاب بالتوحد والتي تعتبر المحك
الأساسي لعملية التشخيص حيث يركز على النقاط التالية:
ـ تقييم قدرات الطفل التواصلية للطفل والعمل مع التخصصات المختلفة على إيجاد
الوسيلة المناسبة للتواصل.
ـ تطوير استخدامات اللغة وعلاج المشاكل الموجودة عند الطفل ذات العلاقة باستخدام
اللغة مثل إعادة كلام المتحدث.
– معرفة الخلل اللغوي عند الطفل ومقارنته بالتطور الطبيعي ومعالجته حسب ما تقتضيه
حالة الطفل.
– زيادة المحصول اللغوي والطلاقة الكلامية عند الطفل وذلك من خلال التعرف مثلاً على
المجموعات المختلفة كالخضروات والفواكه والمواصلات، والحرف والأدوات المنزلية.
ـ تقييم وتشخيص ومعالجة الاضطرابات المصاحبة مثل:
1ـ العته الكلامي والذي يعرف على انه اضطراب في النمط الحركي اللازم لإنتاج الكلام.
2ـ عسر الكلام يقصد به مجموعة من الاضطرابات التي تنتج عن ظروف عصبية محددة والتي
تتسم باضطرابات في التنفس وإصدار الأصوات والتنغيم والاضطراب اللفظي.
ولعل دمج جميع التخصصات والتي يشترك فيها كل من اختصاصي النطق النفسي والعلاج
الوظيفي مع معلم التربية الخاصة لتنمية قدرات الطفل المصاب بالتوحد في إطار واحد من
خلال جلسات لعب جماعية تسهم في تنمية مهارات الطفل الاجتماعية والتواصلية حيث ان
الأطفال المصابين بالتوحد قادرون على الاندماج في اللعب إذا كان اللعب منظماً مع
وجود الكثير من التلقين فمن هنا جاءت فكرة مركز دبي للتوحد بتطبيق برنامج العلاج
باللعب مما كان لهذا الأثر الواضح على تطوير الأطفال والذي نأمل من الله ان يكلله
بالنجاح.
إن الأطفال المصابين باضطرابات النمو العصبي غالباً ما يعانون من صعوبات في مختلف
جوانب حياتهم اليومية، مما يشكل عبئا وضغطاً نفسياً على روتين الحياة الطبيعي
للأسرة ومن هذه الصعوبات والاضطرابات:
1ـ اضطرابات النوم:الكثير من الأطفال المصابين بالتوحد عادة ما يبقون مستيقظين إلى
ساعات متأخرة أو كل الليل، وهذا النظام في النوم يشكل مشكلة كبيرة، لذلك سوف يقدم
هؤلاء الخبراء الزائرون التوصيات حول كيفية تقليل هذه الاضطرابات.
2ـ الاضطرابات الحسية:يعتبر تحليل المدخلات الحسية جانباً آخر من الجوانب التي يجد
فيها الأطفال المصابون بالتوحد الكثير من الصعوبات، فقد يكون لديهم خوف أو عدم راحة
من أصوات معينة أو روائح أو ملامس أو حتى الاستحمام.. الخ. أو قد يصابون بالهوس
بإحساسات معينة. وهناك طرق للتعامل مع مثل هذه المشاكل فعيادات العلاج الوظيفي سوف
تقدم النصيحة والتوصيات حول ذلك.
3ـ اضطرابات النطق والتواصل:حيث تسبب اضطرابات النطق والتواصل الكثير من الإحباط
للطفل والأسرة على حد سواء، فعدم القدرة على التعبير عن المشاعر والحاجات بأي طريقة
يؤدي إلى سلوكيات عدوانية وإحساس بالعجز من جهة الأهل، وسوف توفر الجلسات مع
اختصاصي النطق واللغة المساعدة والدعم لهذا الجانب.
4ـ السلوكيات الصعبة:هي عامل آخر يؤدي إلى عزل الأسرة كأنها غير مقبولة مع المجتمع،
وذلك لإحساسهم بالحرج والخجل.
مركز دبي للتوحد