إن الجذور الحرة ليست نوعاً فوضوياً من المواد، لكنها في الحقيقة أكثر خطراً وأكثر شيوعاً. إنها المنتجات الثانوية لعملية التمثيل الغذائي للخلايا، وعلى هذا لا يمكن أن نتجاهلها. وهي لسوء الحظ يمكنها أن تدمر الخلايا إلى حد أن تأثيرها قد يكون مميتاً إذا فشل الجسم في تحييدها. إن لدينا الآن دلائل متزايدة على أنه في أغلب الأمراض الخطيرة يعود معظم التلف الأساسي إلى الجذور الحرة. فأثناء حدوث النوبة القلبية ـ على سبيل المثال ـ عندما ينقطع إمداد الأكسجين والجلوكوز إلى عضلات القلب، فإن كميات ضخمة من الجذور الحرة يتم تكونها، وهذه الجذور هي التي تسبب التلف الحقيقي لخلايا القلب. إن أي التهاب من أي نوع سوف ينتج عنه أيضاً الجذور الحرة، ولكن هناك جدال فيما إذا كانت الجذور الحرة نفسها هي التي تسبب الالتهاب، أم أنها نتيجة له، بيد أنها في كلتا الحالتين تعمل على زيادة سوء حالة التهاب المفاصل الروماتويدي (الروماتويد). في كل ثانية طوال اليوم تواجه خلايا الجسم هجوماً من الجذور الحرة، ولكن لحسن الحظ يمكننا أن نقاتلها بما يمنحنا فرصة عدم معاناة عواقب هجومها.
في الحقيقة يقوم الجسم بكثير من العمل الشاق هنا، فنحن ننتج كميات كبيرة من الإنزيم تسمى فوق الأكسيد وهو إنزيم محول يقوم بتحويل الجذور الحرة إلى بيروكسيد الهيدروجين. ولأن الأخير سام، فإنه يتم تكسيره إلى ماء وأكسجين بواسطة إنزيمان آخران وهما: بيروكسيد الكاتاليز، والجلوتاثيون. ويتم إرسال تعليمات للجسم لصنع هذه الإنزيمات من الشفرة الجينية. والذين يعرفون انتقائية عملية التطور يفهمون أن الطبيعة لا تفعل شيئاً مثل هذا إلا إذا كان هناك سبب قوي. والسبب هنا هو أن الجذور الحرة ضارة بالنسبة لنا.
إن خلاصنا يكمن في شكل مضادات الأكسدة. فالتلف الذي يحدث يكون ناتجاً عن عملية الأكسدة، فيعرف الهجوم على خلايانا من قبل الجذور الحرة باسم الضغوط المؤكسدة. ومضادات الأكسدة تحد من هذا التلف. وأكثر المواد الفعالة هو فيتامينات (جـ، هـ). وفيتامين (هـ) ـ والذي يعرف باسم توكوفيرول ـ هام بصفة خاصة لأنه يذوب في الدهون ومعظم التلف الذي تسببه الجذور الحرة يحدث للجزئيات المحتوية على الدهون، ولكن فيتامين (جـ) قابل للذوبان في الماء ولذلك يتم توزيعه على كل أجزاء الجسم. وكلا الفيتامينين معاً يشكلان وحدة قوية.
ومرة أخرى، فمن الملائم أن نؤكد على أنه كلما كانت نوعية الوقود الذي ندخله في أجسامنا أفضل كلما كانت الفائدة أعظم لصحتنا. إن الغذاء الذي سيحتوي على تناول مقدار يومي من الفاكهة، والخضروات الطازجة ـ وكلاهما غني بمضادات الأكسدة ـ هو أفضل وسيلة لمساعدة الجسم في صراعه المتواصل ضد الآثار الضارة للجذور الحرة.
لكي تقلل من التلف الذي تسببه الجذور الحرة للجسم، عليك أن تتناول الفاكهة والخضروات الطازجة. لا تدخن، واجعل غذاءك متكاملاً بتناول فيتاميني (جـ، هـ).
تناول مضادات الأكسدة
ما مضادات الأكسدة؟ إنها مواد بسيطة تعتبر ذات أهمية حاسمة لصحتنا على المدى الطويل، مثل أي مكمل غذائي، أو الأطعمة الصحية الطبيعية الأخرى. في جوهرها، فإن مضادات الأكسدة هي فيتامينات (أ، جـ، هـ) بالإضافة إلى السيلنيوم (معدن) ومجموعة تعرف بالكاروتين ومن بينها « بيتاكاروتين « وهو أكثرها شيوعاً ـ وهي أصباغ تضيف اللون إلى كثير من الفواكه والخضروات.
ويُعتقد أن مضادات الأكسدة تعتبر فعالة في المساعدة على الوقاية من الأمراض المزمنة، ولذلك فهي في غاية الأهمية، كما إنها تبطىء من تدمير الخلايا في الجسم من خلال معادلة الجذور الحرة التي تسبب هذا التلف. وتوجد الجذور الحرة في الجو الملوث (سواء كان هذا التلوث جوياً، أو كيماوياً) ودخان السجائر. ولقد زُعم أن تكونها السريع هو الذي يزيد من ظهور التجاعيد وآثار الشيخوخة عند المدخنين الشرهين أكثر من غير المدخنين في نفس العمر. والأهم من ذلك، يعتقد بعض الأطباء أن التغيرات السرطانية في الخلايا قد يتم استثارتها جزئياً في البداية من خلال التدمير الذي تسببه الجذور الحرة.
نحن نتسم بالمهارة في عمل الأشياء « الخارجية « التي نعتقد أنها تبطىء من آثار الشيخوخة. فنحاول أن نحصل على قسط أوفر من النوم، ونشرب كميات كبيرة من الماء، ونمارس التدريبات الرياضية بانتظام، ونكثر من وضـع الكريمات الحديثة المضادة للتجاعيد الباهظة الثمن (ليس أنا شخصياً)، ولكننا نميل إلى نسيان أن الخلايا يتم تزويدها بالوقود من الداخل، وأن ما يجب أن نفعله هو أن نزود أجسامنا بكثير من الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة. وكلما كان الطعام طازجاً بقدر الإمكان ـ وكلما كان عضوياً أيضاً ـ وكلما كان أفضل. والأمثلة على هذه الأطعمة هي:
▪ الفواكه مثل: الخوخ، والعنب، والتفاح، والتوت، والموز، والموالح، وعصائرها الطازجة.
▪ عيش الغراب، والمكسرات.
▪ الخضروات ذات الأوراق الداكنة، والكرفس، والبصل، والبنجر، والجزر، والبروكلي.
▪ البطاطس المشوية.
ألا يجب علينا جميعاً أن نتناول جرعات كبيرة من مضادات الأكسدة؟ ليس تماماً، فمازال هناك الكثير من الجدل الدائر عن الفئات التي تستفيد من تناول مكملات مضادات الأكسدة ـ إذا كان هناك من يستفيدون منها أساساً. ولقد أظهرت بعض الدراسات أن المدخنين الذين يتبعون نظم غذائية عالية الكاروتين (صبغات)، يقل لديهم معدل الإصابة بالسرطان عن نظرائهم من المدخنين الذين يتناولون الكاروتين بنسبة أقل، ولكن هذا البديل تم إلغاؤه نتيجة للدراسات التي تؤكد أن من يتناولون بعض “ البيتاكاروتين “، وأولهم المدخنون، يرتفع بينهم معدل الوفيات. ولقد أقرت أبحاث أخرى أن النظم الغذائية الغنية بالكاروتين قد تكون مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي.
لذلك، بدلاً من اعتبار أن كل شخص يحتمل أن يستفيد من مضادات الأكسدة، فإنه من الأكثر حكمة أن نقول إن كبار السن (خاصة الذين لا يتناولون طعاماً جيداً)، والذين يكثرون من تناول الأسبرين، والمدخنين، والذين يعانون ضعفاً في جهاز المناعة قد يستفيدون من تناول مكملات مضادات الأكسدة بشكل يومي. ولكن مثل هذه الأدوية المكملة لا يجب أن تستخدم كبديل لغذاء متوازن صحي وطازج، ولا يجب أن ننسى أننا قد نفرط في المكملات بالفعل، أي نتناول أكثر كثيراً مما يوصَى به من الكمية اليومية من فيتامينات ومعادن معينة. إن فيتامينات “ أ، هـ “ هي فيتامينات قابلة للذوبان في الدهون، وهذا معناه أن الكميات الزائدة يتم تخزينها في الكبد والأنسجة الدهنية، بدلاً من تخلص الجسم منها سريعاً. لقد رأيت في الواقع أحد المرضى في عيادتي وكان لونه برتقالياً واضحاً بسبب تناول الكثير من الجزر. نعم عليك أن تستخدم المكملات ولكن بحكمة.
تعتبر مضادت الأكسدة وسيلة قوية لتقليل الآثار الضارة للجذور الحرة على أجسامنا. وهي موجودة في الفاكهة الطازجة، والخضروات، ويبدو أنها تساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان.