التصنيفات
العظام | المفاصل | العضلات

الحالة النفسية والجسدية مع التهاب المفاصل والروماتويد

الفكر والجسد وحدة متكاملة لا يمكن الفصل بينهما؛ إذاً فإنَّ الطريقة التي ينظر فيها المرء إلى نفسه ومرَضِه وحياته بشكل عام تؤَثِّر تأثيراً قوياً ومباشراً عليه وعلى صحته. وسواء أكان متفائلاً أم متشائماً فإنَّ نظرته إلى الحياة ومجابهته لمشاكلها تعتمد على ثقته بنفسه وقدرته على السيطرة عليها.

لذلك نقول وبكل بساطة إنَّ التفكير الإيجابي والتفاؤل الدائم مفيد جداً للصحة. فالمتفائلون مقتنعون كلّ القناعة أنَّهم يستطيعون تسيير الأمور على النحو الذي يريدون لأنَّ ردَّة فعلهم الإيجابية تزيل عنهم الضغط وتعينهم على حسن التصرّف ومواجهة منزلقات الحياة وسهامها بأمل دائم. أما الأفكار المتشائمة أو السلبية فتزيد من الضغط والألَم وتؤَدِّي إلى إضعاف الجهاز المناعي؛ والمتشائم يصاب دائماً بالاكتئاب والقلق ويشعر بالعجز واليأس أمام المصاعب.

للعلاقة الفكرية / الجسدية أوجه عدَّة. أولاً، إذا كنت تشعر بأنَّك تسيطر على الأوضاع تتمكَّن من الاعتناء بنفسك فتأكل الطعام الصحيّ وتمارس الرياضة السليمة وتؤَمِّن لجسدك الراحة الضرورية له وهذا أفضل من الاعتقاد بأنَّ كلّ ما تفعله عديم المنفعة. ثانياً، أظهرَت الدراسات أنَّ الشعور بالعجز يضعف الجهاز المناعي لأنَّه يؤَثِّر على خلايا الدم البيضاء والخلايا القاتلة التي تهاجم الأجسام الدخيلة كالبكتيريا والفيروسات والخلايا السرطانية. ثالثاً، يلجأ المتشائمون في معظمهم إلى العزلة ويحرمون أنفسهم من الصداقة والحب وما لهما من فوائد صحية ودعم معنويّ.

أمَّا فيما يخص التهاب المفاصل فقد أظهرَت الدراسات أنَّ الاستجابة للعلاج تعتمد على المجهود الشخصيّ بقدر اعتمادها على مجهود الأطباء والمعالجين المختصين. إذا كنتَ تعتقد انَّك قادر على مكافحة التهاب المفاصل بالسيطرة على الألَم والتعب فسوف تستفيد حتماً من مصادر العلاج الطبي أكثر من الذين لا يؤمنون بقدرتهم على مقاومة المرض. في الواقع، إذا كنتَ تعاني وشخص آخر من المشاكل الجسدية نفسها وحافظتَ أنتَ على قدرتك على مجابهتها فستشعر بآلام أخفّ من آلامه وستتمكَّن من متابعة أعمالك اليومية.

تطلَّبَ إثبات أهمية ما يتعلَّمه الإنسان منذ الصغَر سنوات عديدة من الأبحاث العلمية. فإذا كان متشائماً شديد التوتر (كالدجاجة الصغيرة) فهوَ يعرِّض جسده باستمرار للضغوطات والأضرار التي توصله إلى الشعور بالعجز وعدم القدرة على متابعة الحياة اليومية. أمَّا إذا كان إيمانه بنفسه وقراراته متيناً فسيجد نفسه قادراً على تحقيق إنجازات مهمة ومكافحة الالتهاب والتوصل إلى العيش الهانئ. لكَ أن تختار بينهما.

الشفاء من الداخل

يهتمّ علم المناعة النفسية العصبية بالتفاعل الحاصل بين الضغط والعواطف والجهاز العصبيّ ومناعة الجسد والأعراض. يحافظ الجهاز المناعي على صحتك ويساعدك على الشفاء عبر محاربة الأجسام الدخيلة كالفيروسات والخلايا المريضة. لكن الجهاز العصبي يؤَثِّر بدوره عليه عبر اتصال الأعصاب بأعضاء تختص بالمناعة كالطحال والغدد اللمفية والغدة الصعترية وعبر إفراز الهرمونات.

عند تعرّضك للضغط، يستعد جسمك للمجابهة أو الهرب فتستحث مناطق من الدماغ وتطلق الهرمونات في الدم. ويبدأ هذا الشعور الذي نخبره عند الخوف أو الحماس فتزداد سرعة دقات قلبك وكذلك نفسك ويرتفع ضغط الدم وتتشنَّج العضلات. ومثل ردَّة الفعل هذه تلك التي تساعد على اجتياز امتحان أو إلقاء خطاب؛ لكنها لا تخلو من مخاطر كبيرة فقد أثبتت الدراسات أنَّ المواد الكيميائية التي يفرزها الجسد أثناء فترات الضغط يمكن أن تضعف المناعة وتعرِّضك لأمراض كثيرة.

عندما تكون مصاباً بمرض مزمن كالتهاب المفاصل يضعف الضغط قدرتَكَ على مواجهة التحديات. ولعلَّ أسوأ تأثير للضغط عليك هوَ تشنج العضلات وبالتالي زيادة الآلام التي تحدّ من قدراتك على المقاومة وتشعرك بالضعف وبانفعالات أخرى كالغضب والقلق والانزعاج والكبت ينتج عنها الاكتئاب الذي يضاعف شعورك بالعجز ويدخلك في حلقة مفرغة فتستسلم لليأس.

صحيح أنَّ الضغط جزء من الحياة وأنَّ الإنسان لا يستطيع أن يسيطر على بعض الأحداث القاهرة (كموت حبيب مثلاً) أو حتى المناسبات السعيدة (كالزواج أو الترقية في العمل) التي تتسبب به. إلاَّ أنَّه قد يتولَّد من داخله ولا يمكن لجمه إلاَّ عن طريق تغيير ردَّة فعله على المؤَثِّرات الخارجية. وهذا الحلّ الوحيد لكسر الحلقة وتعلّم كيفية معالجة الضغط.

تلبية حاجات الجسد

تقتضي الخطوة الأولى لكسر هذه الحلقة المفرغة (من ضغط وتزايد للألم وتقلّص للقدرات واكتئاب) إدراك المرء للواقع الذي هو معاناته من الضغط. يختلف شعور الناس بالضغط؛ إليك بعض مؤَشِّراته:

● تعب
● تشنج عضلات وألَم
● قلق
● عصاب
● سرعة غضب
● آلام في المعدة
● اضطرابات في النوم
● تغيّر في الشهية
● صداع
● برودة راحة اليد وتعرّقها
● إطباق الفكين وصرّ الأسنان

إذا شعرت بأيّ من هذه العلامات أو الأعراض ولم تكن مصاباً بالأنفلونزا فقد تكون ناجمة عن الضغط؛ عندها يساعدك الطبيب على تحديده واكتشاف الأسباب الكامنة وراءه. وهيَ قد لا تكون بالضرورة كبيرة وهامَّة (كالطلاق أو موت أحد الأقرباء) بل قد تكون وبكل بساطة تراكمات لأحداث يومية توقظ فيك ردة فعل متعبة.

انتبه إلى المسائل التي تزيد من سرعة نبضك وارتفاع ضغط الدم عندك. هل هيَ المشاجرة مع ابنك المراهق أم الوقوف وسط زحمة السير أم تحمّل الكثير من الالتزامات أم كلّ هذه الأمور مجتمعة؟ دوِّنها على دفتر ملاحظاتك اليومية حتى تضَع يدك على النقاط التي تتعب أعصابك.
إنَّ إدراك الأعراض ومسبباتها يسمح بالبدء بعملية السيطرة على الضغط عبر تغيير الأوضاع (إذا كان ذلك ممكناً) أو تغيير ردَّة الفعل عليها.

التشديد على النواحي الإيجابية

أنتَ مصاب بالتهاب المفاصل، هذا صحيح! ولكنه ليس سبباً كافياً لتعتبر نفسك مريضاً.
تخبرنا جوزان بوريسنكو – عالمة نفسية وعالمة أحياء الخلايا ومتخصصة في طب الفكر والجسد – في كتابها “الاعتناء بالجسد، إصلاح الفكر” قصَّة بطل تزلّج أولمبي خسِر مهنته بسبب إصابته بداء التصلّب المتعدِّد. غرِق هذا البطل في البداية ببحر من الكآبة. ثمَّ اكتشف أنَّ أمامه خيارَين: إمَّا أن يكون رجلاً طبيعياً مصاباً بالتصلّب المتعدِّد أو أن يكون رجلاً معتلاًّ مصاباً به. فقرَّرَ ممارسة التمارين والتأمل يومياً وتحسين نوعية غذائه. وصارَ يرى نفسه رجلاً طبيعياً أصيب بالتصلّب المتعدِّد.

كيف تنظر إلى نفسك؟ لكَ الخيار: التحسّن عن طريق العناية بالنفس والتغذية السليمة وممارسة التمارين والراحة الكافية؛ أو العجز والاستسلام للأفكار السلبية والانتقال من سيئ إلى أسوأ.

لا يتوقف عقلك عن التفكير حتى عندما لا تعي ذلك. توقف وراقب أفكارك، لا بدَّ وأنَّ فيها الكثير من السلبية. قد تبدأ مثلاً بممارسة رياضة المشي وبدل أن تركز على حسنات هذه الرياضة تستمرّ بالتحسر على قلَّة لياقتك. أو أنَّك قد ترَدِّد بينك وبين نفسك قبل إلقاء محاضرة في العمل عبارات مثل “لا أقدر”، “لا أجيد هذا”، “سوف يظنون أنني غبيّ”… هذه الأفكار أوتوماتيكية سلبية يتولَّد عنها معظم الضغط وهيَ غالباً ما تكون غير واقعية ومشوهة.

قال العالم النفسي ألبرت إليس (صاحب طريقة العلاج العاطفية – المنطقية) إنَّ الضغط لا يأتي مما يصيبنا بل من ردَّة فعلنا عليه. وردَّات الفعل تنبع في معظمها من معتقدات بعيدة كلّ البعد عن الواقع (مثل “يجب ألا أخطئ أبداً”، “يجب أن أنال إعجاب الجميع”، “من الخطأ دائماً أن أغضب”؛ لاحظ الكلمات “يجب”، “أبداً”، “دائماً “).

إذاً، فالعودة إلى الواقعية وتغيير المعتقدات البعيدة عن المنطق تساهم كثيراً في تخفيف الضغط. المهم إدراك المعتقدات الخاصة وكيف أنها توَلِّد الأفكار الأوتوماتيكية. احذر ممَّا تحدثك به نفسك. فبالنظر إلى التهاب المفاصل هل تتساءَل مثلاً “لماذا أنا؟” أو تقول لنفسك “حياتي منتهية”؟ كلَّما وجدتَ نفسك غارقاً في هذه الأفكار السلبية توقَّف وخذ نفساً عميقاً وفكِّر جيِّداً بتأثيرها عليك ثمَّ ابدأ بالتفكير الإيجابي لطردها من رأسك. فبدل أن تقول مثلاً “لم أعد قادراً على القيام بالأشياء التي أرغب بها” قل لنفسك “سوف أعتني جيِّداً بنفسي كي أتمكن من القيام بما أريد” أو “ربما يجب أن أتمهَّل ولكنني لن أستسلم”.

يؤمن الدكتور دافيد بيرنز – وهو طبيب نفسي – أنَّ المزاج ومنه الاكتئاب ينبع من طريقة التفكير بالأحداث وليس من الأحداث نفسها. ويوصي بإعادة تنظيم التفكير السلبي عبر كتابة الأفكار فور ورودها إلى الذهن. كلَّما شعرت بالفشل حيال عجزك عن القيام بشيء مهما كان سخيفاً اكتب الأفكار التي تمرّ في رأسك. ثمَّ جابهها بالدفاع عن نفسك. فإذا خطر ببالك مثلاً “إنني دائماً أشكل عبئاً على الآخرين” استبدلها بفكرة أكثرَ موضوعية مثل “اليوم أنا بحاجة إلى المساعدة؛ غداً سأكون أفضل حالاً”. لا تكذب على نفسك لأنَّه لا بدَّ لك أن تؤمن بالأفكار المنطقية حتى تتمكن من تغيير ردَّات فعلك. يقترح الدكتور بيرنز أخيراً اعتماد هذه الطريقة لمدَّة ربع ساعة يومياً على مدار عدَّة أشهر حتى يحلّ التفكير المنطقيّ تدريجياً محلّ الأوتوماتيكية المشوَّهة.

تخفيف الضغط: وسائل الاسترخاء

بعد تنظيم الأفكار وإبعاد تلك التي تتسبب بالضغط، يمكن البدء بعملية الاسترخاء التي يمكن الوصول إليها عبر العديد من التقنيات. وقد ذكرنا سابقاً أنَّ الاسترخاء يساعد على تخفيف تشنج العضلات. فأنتَ إذا وجدتَ التقنية التي تسمح لك بالاسترخاء تكون قد حصلت على وسيلة لإزالة الألَم وزيادة الصفاء الذهنيّ.

تحتاج تقنيات الاسترخاء إلى التعلّم والممارسة الدورية. ومنها رياضات اليوغا وغيرها من الرياضات الشرقية التي تتضمَّن وضعيات معيَّنة وحركات متكررة. إنَّ التمارين المتكررة والهادئة تهدف إلى إزالة الضغط عبر إيقاظ الجسد. تؤَدِّي الممارسة المستمرة إلى النظر بتجدد إلى طرق تخفيف الضغط عبر تغيير الأولويات أو طرق التفكير؛ فالتمارين وسيلة قوية لتبديل الأفكار.

ولكن قبل التعرف إلى بعض هذه التقنيات المعروفة توقف أولاً عند هذه الملاحظات الهامة:
يحتاج التدليك إلى اختصاصيّ؛ يمكن تعلّم التنويم الإيحائي الذاتي؛ يجب المثابرة على استخدام تقنيات المساعدة الذاتية في حال اختيارها؛ هنالك في الأسواق الكثير من أشرطة الفيديو حول التأمل الموجه والخيال الموجه؛ اختر مكاناً وزماناً هادئين لا تتعرَّض فيهما للإزعاج؛ مارس التقنية التي تختارها يومياً لمدَّة 15 إلى 20 دقيقة؛ عليك بالصبر فالنتائج قد لا تظهر إلاَّ بعد أسابيع عدَّة.

التأمل

سميَّ فيما سبق “تحول حالة الوعي” و “حالة الاسترخاء الفريدة” ووسائله عديدة قد تصل إلى عدد الناس الذين يتأملون. ولكنها تدور كلها حول فكرة واحدة هيَ الجلوس بهدوء والتركيز على شيء معيَّن (العدم، التنفس، بعض الكلمات أو العبارات التي تردَّد باستمرار) وطرد الأفكار المشوِّشة من الذهن باستمرار. يدخلك التأمل في حالة سكينة عميقة تزيل ردَّات فعلك على الضغط. تتضمَّن رياضة التأمل أشكالاً عدَّة كالتأمل الذهني واستجابة الاسترخاء والتأمل التصاعديّ. يتشابه عمل هذه التقنيات. وتؤَدِّي ممارستها دورياً إلى استرخاء التنفس وإبطاء موجات الدماغ وتقليص التشنجات العضلية وتخفيف النبض كما يمكنها أن تخفف من تجاوب الجسد للمواد الكيميائية التي يفرزها أثناء الضغط كالأدرينالين والتي تؤَثِّر سلباً على الصحة.

الخيال الموجَّه (التخيّل)

هوَ تقنية تسمح بالدخول إلى حالة استرخاء تتولَّد عن التأمل أو التنويم الإيحائي الذاتي. تتخيَّل في هذه الحالة صوراً تختبرها بحواسك وتساعدك على التخلّص مما تشعر به من أعراض جسدية.
أثبتت الدراسات العلمية أنَّ مناطق الدماغ التي تستثيرها عادةً بعض الأحداث والمواقف يمكن استثارتها عبر تخيّل هذه الأحداث أو المواقف. يتلقَّى الدماغ رسالة من الخيال فيرسلها إلى مراكز أخرى في الدماغ وإلى الأجهزة الصماء والودية ونظير الودية التي تتحكَّم بدقات القلب وضغط الدم. هذا يفسِّر كيف أنَّ مجرَّد تخيل حدوث أمر سيء يؤَدِّي إلى ارتفاع ضغط الدم وسرعة النبض وتشنّج العضلات وكأنَّ هذا الأمر قد حدث فعلاً.
الاسترخاء العضليّ التدريجيّ: وهيَ ترتكز على النظرية الآتية: يعتمد تعلّم كيفية الاسترخاء على اختبار الشعور بالتشنّج. من هنا فإنَّ هذه الطريقة تعلِّمك كيف تشدّ عضلاتك تدريجياً ثم ترخيها بدءاً بالعضلات الصغيرة وصولاً إلى مجموعات العضلات التي تؤَلِّف الجسد كلّه. تركز أثناء التمارين على إحساسك بتشنّج العضلات. ثمَّ تستطلع كخطوة ثانية – هيَ الأهم – الجسد حيث يتمّ التركيز على مجموعة العضلات كلّ على حدة لاكتشاف التشنج والعمل على التخلص منه دون القيام بشد العضلات أولاً.

التنويم الإيحائيّ

حالة استرخاء تعزز قدرتك على التركيز وتجعلك منفتحاً على الآراء المختلفة التي تسمعها من غيرك أو من نفسك. يعدّل التنويم الإيحائي موجات الدماغ كما تفعل تقنيات الاسترخاء الأخرى فيسمح بتخفيف الضغط وبالتالي إزالة الألم وتحسين طريقة التصرف. تنجح هذه الطريقة مع حوالي 80٪ من البالغين. لا ينصَح بها لمرضى التهاب المفاصل لأنَّ مفعول التخدير الذي ينتج عنها (والذي يشبه تأثير الأدوية المخدرة) قد يسبب لهم – دون أن يشعروا – إصابات في المفاصل. يشبه التنويم الإيحائي الذاتي تقنيات الاسترخاء الأخرى وقد يساعدك على مواجهة الضغط والألَم.

التدليك

يعتمد هذا العلاج على منابلة أنسجة الجسد. هنالك عدَّة أشكال منه كالتمسيد التقليدي (التدليك السويدي) أو الضغط على نقاط الوخز بالإبر (تدليك شياتسو). تخفف هذه اللمسة المعالجة النبض وتعزز الدورة الدموية وترخي العضلات وتحسن مدى الحركة وتزيد إفراز الأندروفن الذي يخفف الألَم والقلق. أما التدليك فيساهم في إزالة الضغط والاكتئاب والقلق وفي تحفيز التيقظ وتخفيف إدراك الألم. وقد أثبتت التجارب أنَّه يخفف آلام المفاصل. ونجاحه مرتبط كثيراً بالجوّ الذي تمارسه فيه فالمكان الهادئ والدافئ والخالي من الضجيج والمقاطعات يزيل تشنج العضلات. كما أنَّ الموسيقى الهادئة تساعد على استرخاء العضلات. ويلجأ المعالج عادةً إلى استخدام الزيوت المعدنية المليِّنة التي تمنع الاحتكاك وتسهِّل عملية التدليك. لا تخضع لجلسات التدليك إذا كنتَ تعاني من تقرّحات أو التهابات جلدية. استشِر طبيبك إذا أصبت بجروح.

كتابة اليوميات

تساعدك كتابة يومياتك المتعلِّقة بأفكارك ومشاعرك على تنفيس الاحتقان الداخليّ وتعزيز الثقة بالنفس وتحديد المشاكل التي تعاني منها ووضع حلول لها. توصي مؤَسسة التهاب المفاصل باعتماد دفتر اليوميات. هكذا تستطيع الاحتفاظ ببيان مفصَّل عن الأعراض التي تشعر بها وكيفية حدوثها مما يجعلك تتفهَّم المرض ويسهِّل عليك شرح ما يتعلَّق به للطبيب أو غيره. وفقاً لمصادر مؤَسَّسة التهاب المفاصل فإنَّ المرضى الذين يسجلون يومياتهم حول مرضهم المزمن هم أقلّ عرضة للاكتئاب من غيرهم مما يقلِّص عدد زياراتهم للطبيب وغيابهم عن العمل ويحَسِّن مزاجهم.

طلب المساعدة: لست وحدك

يساعدك وجود الأصدقاء والأحبة حولك على الشعور بالأمان واكتساب القوة اللازمة لمواجهة ما يسببه التهاب المفاصل من ألم ومصاعب ومتاعب. فأنت ستشعر بالرغبة بالاهتمام بنفسك إذا وجدت من يهتم بك. وقد دلَّت الدراسات على أهمية مساعدة الآخرين لك في تخفيف الضغط عنك. يعينك الأصدقاء على حماية نفسك من آثار الضغوطات الجسدية؛ وكلما زاد عددهم استفدتَ منهم. كذلك أثبتت الدراسات أنَّ مجموعات المساعدة تمنحك الفوائد نفسها مع فارق واحد هوَ أنَّ التعبير عن المخاوف العميقة أمام الغرباء أسهل لأنَّه يخلو من الخوف على مشاعرهم كما هو الحال مع الأحباء. ويمكنك نظراً لطبيعة المجموعة مجابهة المشاكل المستعصية والحصول على المساعدة لتغيير نظرتك إلى المرض والإفادة من تجارب الآخرين ومشاركتهم مشاكلهم وحلولهم. ولا تستفيد إفادةً تامة إلاَّ بالتعبير لهم عن أفكارك وتجاربك الشخصية ومشاركتهم تجاربهم ومشاكلهم والتقرّب منهم. يدلك طبيبك أو مؤَسسة التهاب المفاصل على طريقة الانتساب إلى هذه المجموعات. من جهة أخرى، يمكنك اللجوء إلى الاستشارة الشخصية إذا كنتَ لا ترتاح إلى مثل هذه المجموعات وتشعر في الوقت نفسه بالحاجة إلى التعبير عن مشاكلك. يدلك طبيبك على المعالج المناسب.

تبسيط أمور الحياة

نشأت في العقد الماضي ظاهرة اجتماعية سميَت بالتبسيط التطوعي يهدف إلى تبسيط أمور الحياة عبر إعادة تقييم الالتزامات بالوقت والمكاسب المادية. ما من أحد يرغب طبعاً الاستقالة من العمل أو الانتقال من بلده؛ إلاَّ أنَّ التهاب المفاصل قد يجبره على تخفيف حجم أعماله وتخصيص المزيد من الوقت للراحة. وقد يرغب عندها بالالتفات إلى الأمور الحياتية التي تبعث عنده مشاعر الرضى والمتعة.
يقترح كلّ من العالمة النفسية باربرا ك. بروس والطبيب ستيفان ريشتشافن (صاحب كتاب “تبديل الوقت: تكريس المزيد من الوقت للاستمتاع بالحياة”) ما يأتي:

إعادة تقييم النجاح

قد لا يكون ارتقاء سلم النجاح في العمل خياراً صائباً. صحيح أنَّ وصولك إلى مركز متقدم كمدير للمدرسة قد يكسبك المركز المرموق الذي ترغب فيه لكنه لا يبرر أبداً الضغط الشديد والتعب النفسي الذي قد ينجم عنه. قد تضطر إلى التخلي عن بعض أنماط عملك مقابل تخصيص وقت أكبر لنفسك بهدف إعطاء بعض المعنى لحياتك. هل يشغل عملك وقتك كلّه؟ فكِّر بالإفادة أكثر من وقتك حتى ولو أدَّى ذلك إلى خسارة بعض المال.

تقبل الأمور التي لا يمكن تغييرها

لم تعد قادراً على القيام بالأمور التي كنت تقوم بها قبل إصابتك بالتهاب المفاصل. إنَّ طبيعة التهاب المفاصل الرثياني (الروماتويد) وتنوع أعراضه يمنعانك من التخطيط السليم ويؤَدِّيان بك إلى الشعور الدائم بالإرهاق والعجز عن الاهتمام بالمسائل كافة. لا تحاول مقاومة وضعك بل حدِّد الأولويات. ضَع المسائل الأساسية وتلك التي ترغب القيام بها على رأس أولوياتك. أما ما تبقى، فيمكنك تركه أو توكيل أحد آخر به أو طلب المساعدة لإنجازه.

النفس العميق

يتسبب الضغط بتسريع النفس الذي يصبح سطحياً. أمَّا التنفس الصحي فهو عميق وبطيء. يمكنك الاسترخاء عن طريق ممارسة التنفس العميق فتقوم بالشهيق وأنتَ تعد إلى أربعة ثم بالزفير للمدَّة نفسها. استخدم هذه الطريقة دائماً (عندما ننتظر على الهاتف أو في الصف أو عندما تكون عجلة من أمرك). اجعَل من رنين الهاتف إشارته لك لتتنفس بعمق قبل الإجابة.

الاعتياد على الرفض

لا يمكنك القيام بكلّ المهام خاصة إذا كنت تعاني من التهاب المفاصل. إذا طلب أحدهم منك المساعدة فكِّر ملياً قبل أن توافق. هل لديك متسَّع من الوقت؟ هل لديك التزامات أخرى؟ هل سيؤَدي ذلك إلى تخلّيك عن عمل ترغب القيام به؟ هل تشعر بالضغط أو التعب؟ إياك وأن تشعر بالذنب، لك حق الرفض فأنتَ بكل الأحوال لن تتمكن من مساعدة أحد إذا كنت عاجزاً عنها.

التخلص من كل ما هو غير ضروري

يحتاج كلّ ما نحضره إلى البيت – غير الطعام – إلى وقت وجهد للعناية به والحفاظ عليه. قد يصل بك الأمر إلى التخلص من أشياء كنت تهواها: هل يشعرك بالسعادة؟ هل هوَ من ضمن ما تحمله معك إذا اضطررت إلى إخلاء منزلك خلال ساعة؟ فكِّر بالتخلص من كلّ ما لا يعنيك. فإذا مرَّ عام على غرض ولم تستخدمه فالأولى لك وضعه في التخزين أو التخلص منه. لا تشترِ أشياء لا تحتاجها.

البقية هي الراحة

تحدثنا في هذا الموضوع عن مسائل يمكنها مساعدتك على السيطرة على التهاب المفاصل وتحسين نوعية حياتك. والراحة لا تقلّ أهمية عنها نحن نعيش في مجتمع لا يعير النوم أهمية ويفصل الإنجازات عن العناية بالنفس. حتى أنَّ بعض الناس يفتخرون بعدم حاجتهم إلى النوم. إلاَّ أنَّ الدراسات تؤَكِّد يوماً بعد يوم أنَّ لقلَّة النوم تأثيرات سلبية على المجتمع بأسره. أمَّا بالنسبة إليك فإنَّ التهاب المفاصل يحتِّم عليك تلبية حاجات جسدك وإعطائه ما يريد خصوصاً الراحة.

متى يجب الخلود إلى الراحة؟ عندما تكون متعباً طبعاً يعرِّضك التهاب المفاصل وخاصة الرثياني منه إلى المزيد من الإرهاق. اعرَف حدودك. لا تتردَّد بأخذ قسط من الراحة في مقعد وثير أو أخذ قيلولة أثناء النهار. واسعى جاهداً لكي تنام لمدَّة كافية ليلاً (وفق ما تحتاج إليه وليس وفق ما تظنه كافياً). لن تفيدك قلَّة النوم بل ستزيد أعراض التهاب المفاصل سوءاً. يستطيع المرء أن ينام كثيراً. فإذا أصيب بالاكتئاب لجأ إلى النوم هرباً منه. لا مانع عندها من أن تكون قيلولته صغيرة حتى لا تؤَثِّر على نومه ليلاً. كما يمكن الاستعاضة عن القيلولة بالتمدّد على كرسي مريح دون النوم حتى ولو استمر الشعور بالتعب قليلاً. المهم إلحاق الراحة بالتمارين والنشاطات المختلفة.

السيطرة على الأمور

سمى العلماء الاعتقاد بالقدرة على السيطرة على مجريات الأمور التي تؤثر على الحياة بالفعالية الذاتية. وقد أثبتت الدراسات التي أجريَت في جامعة ستانفورد أنَّ هذه الفعالية (القدرة على تحقيق النتائج المرجوة) هي مؤشر هام يدل على التجاوب للعلاج والقدرة على التعايش مع التهاب المفاصل. يعزز النجاح بتحقيق الضغط والاسترخاء ومشاهدة المرضى القادرين على السيطرة على مرضهم الثقة بالنفس ويزيد الفعالية.

تذكر الآية الكريمة {{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}}
يمكنك التغلب على التهاب المفاصل