السبب في كون التوصية العامة بأكل المزيد من الحبوب الكاملة غير حكيمة أن الكثير منا يصارع مقاومة الأنسولين أو الليبتين (هرمون مثبط للشهية). كما ترى، حتى الحبوب الكاملة “الصحية” هي كربوهيدرات. والكربوهيدرات، حتى تلك التي تأتي من الحبوب الكاملة، تؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم والتي من ثم تحفز إفراز الأنسولين في الجسم.
دور الأنسولين هو المساعدة في دفع السكر من مجرى دمائك إلى خلاياك، حيث يمكن استخدامه للحصول على الطاقة. لكن خلاياك لديها قدرة محدودة على استخدام وتخزين السكر. إذًا عندما تأكل بانتظام السكر والكربوهيدرات بإفراط، فإن السكر الزائد يتراكم تدريجيًا في دمك. عندما يحدث هذا، ينتج جسمك المزيد من الأنسولين لخفض نسبة السكر في الدم؛ لأنه يعلم أن السكر الزائد في دمك هو ضار وأنه إذا ارتفع بما فيه الكفاية، فإنه سيقتلك. عندما ينتج الجسم المزيد والمزيد من الأنسولين لأنك تتناول السكريات و/أو الحبوب باستمرار، فإن مستقبلات الأنسولين في خلاياك تتحمل الأنسولين بشكل متزايد. هذا يتسبب في جعل جسمك ينتج حتى المزيد من الأنسولين ليخفض نسبة السكر في دمك. تستمر هذه الحلقة المفرغة على مدى سنوات عديدة، وهي السبب الرئيسي لمقاومة الأنسولين، أو بعبارة أدق، انخفاض حساسية مستقبلات الأنسولين خاصتك للأنسولين.
هناك أدوية لعلاج مقاومة الأنسولين. الطريقة الوحيدة لوقف إدامة استخدامها هي تغيير النظام الغذائي الخاص بك وممارسة التمارين الرياضية. العديد من الأطباء حائرون بشدة إزاء هذه الحقيقة ويعطون الأنسولين لمرضى السكري من النوع 2 لخفض نسبة السكر في دمهم، الأمر الذي يجعل في الواقع مقاومتهم للأنسولين أسوأ، ويسهم في وفاتهم المبكرة.
تحدث نفس العملية مع مقاومة الليبتين. الليبتين هو هرمون يفرزه نسيجك الدهني الذي يساعد مخك على تنظيم تناولك للطعام ووزن جسمك. لأن علاجات مقاومة الليبتين والأنسولين متطابقة، فإن العديد من الخبراء ببساطة يشيرون إلى مقاومة الأنسولين، حيث إنها معروفة بشكل أفضل.
يجب عليك تجنب الحبوب سواء كنت مقاومًا للأنسولين أو الليبتين.
كيف يمكنك معرفة إذا كنت مقاومًا للأنسولين أو الليبتين؟
الطريقة الأكثر دقة لمعرفة ذلك هي قياس مستوى الأنسولين في دمك. كلما كان مستواك أكثر انخفاضًا، كان ذلك أفضل. المستوى الأقل من ثلاثة يشير إلى أنه ليست لديك مقاومة للأنسولين. باعتبارها بديلًا أقل تكلفة -وأقل عناءً- لاختبار الدم، يمكنك تقييم أعراضك.
قد يكون لديك عنصر مقاومة الأنسولين أو الليبتين إذا كان لديك أي من الحالات التالية:
– زيادة الوزن – أكثر من 10 في المائة من وزن جسمك المثالي
– مرض السكري من النوع 2 أو مستوى سكر في الدم أثناء الصيام أكبر من 100
– ارتفاع ضغط الدم
– نسب الكوليسترول في الدم أقل من مثالية
– السرطان
– أزمة قلبية، أو ذبحة صدرية، أو سكتة دماغية، أو هجمات نقص إمداد دموي عابرة
إذا كانت لديك إحدى هذه الحالات، فلست وحدك. حوالي 85 في المائة من السكان يعانون على الأقل من إحداها. مقاومة الأنسولين والليبتين ليست هي السبب الوحيد في هذه الحالات، لكنها تلعب دورًا رئيسيًا في جميع الحالات تقريبًا. عندما يتعلق الأمر بالكوليسترول، فإن الإشارات الخاطئة للأنسولين والليبتين تؤشر لأن يصبح كوليسترول إل دي إل (الكوليسترول “السيئ” الذي يتراكم داخل الشرايين، مما يؤدي إلى تصلب الشرايين وأمراض القلب) أصغر حجمًا وأكثر كثافة، مما يجعله أكثر عرضة للانضغاط في الشقوق بين الخلايا في الشرايين، حيث من ثم يتأكسد ويساهم في الالتهاب.
في حالة السرطان، يشجع الأنسولين نمو الخلايا، والسرطان هو تكاثر للخلايا التي تنمو بسرعة. على الرغم من أن الآلية التي تسبب تشكيل السرطان ونموه معقدة، ربطت دراسات عديدة مقاومة الأنسولين بأنواع معينة من السرطان. في الواقع، وجدت مراجعة في عام 2009 لدراسات شملت أكثر من 500 ألف من الأشخاص زيادة في خطر السرطان، والوفاة بسبب السرطان، لكل وحدة إضافية من الجلوكوز في الدم.
إذا كانت لديك علامات مقاومة الأنسولين أو الليبتين، إذًا فتناول الحبوب -نعم، حتى الحبوب العضوية الكاملة المطحونة حديثًا بالحجر- سيجعل صحتك أسوأ في الواقع ويؤدي إلى السمنة، التي هي في حد ذاتها مؤشر للأمراض المزمنة.
الرابط بين الحبوب والوزن هو كالآتي: الأنسولين هو أساسًا هرمون تخزين، تطور ليضع جانبًا السعرات الحرارية الزائدة من الكربوهيدرات في شكل دهون في حالة المجاعة في المستقبل. إذًا عندما يتطلب جسمك المزيد والمزيد من الأنسولين لمعالجة الكربوهيدرات من الحبوب، فإنه يتلقى المزيد والمزيد من الإشارات لتخزين الدهون. إذا كنت تأكل الحبوب ثلاث مرات يوميًا -حتى لو كانت تلك الحبوب هي مما يسمى بالأطعمة الخارقة مثل الأرز البني- فإن جسمك يحصل على ثلاثة أوامر صريحة لنقل تلك السعرات الحرارية إلى خلاياك الدهنية. كل يوم.
انتظر – يصبح الأمر حتى أسوأ من ذلك. تشير مقاومة الأنسولين أيضًا لجسمك ألا يحرق أية دهون مخزنة. وهذا يجعل من الصعب جدًا، إن لم يكن من المستحيل، أن تتمكن من استخدام دهون جسمك المخزنة للحصول على الطاقة. لذا عندما تكون مقاومًا للأنسولين/أو الليبتين، فإن الكربوهيدرات من الحبوب في نظامك الغذائي لا تجعلك سمينًا فقط، بل إنها تبقيك سمينًا أيضًا. إنها ضربة مزدوجة، ويمكن أن تكون قاتلة. (من المهم أن تلاحظ أنه يمكن أن تكون لديك مقاومة الأنسولين أو الليبتين حتى لو لم تكن تعاني من زيادة الوزن.
مخاطر الجلوتين
بطبيعة الحال، القمح من الحبوب، لذلك كل ما كتبت للتو عن الحبوب الكاملة أعلاه يخص الخبز والمكرونة المصنوعين من القمح الكامل بنسبة مائة في المائة اللذين قد سمعت أنك يجب أن تأكلهما. ولكن هذه الأطعمة الصحية الزائفة تمثل مشكلة إضافية: الجلوتين.
الجلوتين هو بروتين أساسي يوجد في القمح، والحنطة، والشعير، والجاودار. حتى الآن، القمح هو نوع الحبوب الأكثر شيوعًا والذي تتناوله على أساس يومي. من خبرتي، هناك وباء من عدم التحمل الخفي للقمح. يفترض معظم الناس أن الحساسية تجاه الجلوتين تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي فقط مثل الانتفاخ، والغازات، والإمساك، والإسهال، ولكن لا شيء يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة من ذلك. حساسية الجلوتين يمكن أن تسبب أعراضًا أخرى، بما في ذلك التعب الشديد بعد وجبة الطعام، وغشاوة الدماغ، والدوار، ومشاكل ما قبل الحيض، وآلام المفاصل، وتقلب المزاج، ومشاكل الانتباه، والصداع النصفي.
السبب هو أن القمح، حتى القمح الكامل العضوي، يحتوي على بروتينات مثل الجليادين والجلوتين. عندما يتكسر هذان الاثنان إلى بروتينات صغيرة خلال عملية الهضم، يمكنهما أن يجدا طريقهما إلى مجرى دمك من خلال ثقوب مجهرية في جهازك الهضمي. هنا تكمن المشكلة. إذا كنت حساسًا لهذه البروتينات -وما يصل إلى 75 في المائة من السكان لديهم أرجيات أو حساسيات غذائية غير مشخصة- فإن جسمك سوف يهاجم الخلايا التي قد علقت بها هذه البروتينات، ويعامل تلك الخلايا على أنها غاز أجنبي. جهازك المناعي يقوم بعمله وحسب، ويهاجم الغازي، ولكن أعضاءك تصبح الأضرار التبعية. هذه الهجمات تسبب تفاعلات سامة والتي بدورها تثير الاستجابة الالتهابية.
إذا كنت تأكل الجلوتين بانتظام، فمن المحتمل أن يصبح هذا الالتهاب مزمنًا ولديه القدرة على بدء، أو مفاقمة، العديد من المشاكل الصحية الأخرى في أنحاء جسمك. هذا هو السبب في إمكانية أن يكون للجلوتين مثل هذا التأثير المدمر على صحتك العامة.
لا تقع في خطأ التفكير بأنه يجب أن تكون لديك نسخة المناعة الذاتية من حساسية الجلوتين، المسماة بالداء البطني، لتصاب بالأعراض. هذا ليس صحيحًا. إذا كنت بدينًا و/أو مقاومًا للأنسولين أو الليبتين، أنصحك بأن تتوقف عن تناول جميع أشكال القمح بحيث يمكنك إزالة الجلوتين من نظامك الغذائي.
عادة عندما يزيل الناس الأطعمة المسببة للأرجيات (مثل الجلوتين) من وجباتهم، فإن شغفهم للحلويات يقل، ويتحسن مزاجهم، وينخفض وزنهم، وتتحسن حالتهم الصحية الإجمالية. يمكن أن تشمل المزايا الأخرى انخفاض آلام المفاصل، وتحسن الهضم. وزيادة صفاء الذهن.
بمجرد أن يكون وزنك صحيًا وخاليًا من ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، وارتفاع الكوليسترول، إذًا يمكنك أن تلعب مع إعادة تقديم الحبوب بشكل دوري وراقب مدى قدرتك على تحملها.
أطعمة يفضل تجنبها
• الشعير
• الذرة البيضاء
• الشوفان
• الأرز الابيض والبني
• الجاودار
• الحنطة
• الحبوب المبرعمة
• القمح
خيارات أفضل
• دقيق اللوز (في الخبز)
• الحنطة السوداء المطحونة (مطهوة على البخار كبديل للأرز أو مطحونة إلى دقيق. الحنطة السوداء ليست حبوباً ولكنها بذور)
• شعرية الحنطة السوداء (مصنوعة 100 في المائة من الحنطة السوداء)
• القرنبيط، إما مطهو على البخار ومفروم، وذلك لتقديم بديل للأرز، أو مطهو على البخار ومهروس مع الزبدة كبديل للبطاطس المهروسة
• دقيق جوز الهند (في الخبز)
• البطاطا الحلوة
تفضل الأطعمة على القائمة الثانية عن الحبوب؛ حيث إنها لا تملك نفس التأثير على نسبة السكر في الدم كما تفعل الحبوب. لكن إذا كنت حقًا مقاومًا للأنسولين، فإن تناول هذه الأطعمة بصورة منتظمة سيقوم بإبطاء رحلتك إلى الشفاء دون عناء بشكل كبير – قد تستغرق من ضعفي إلى ثلاثة أضعاف المدة لشفاء قدرة جسمك على معالجة الأنسولين والليبتين. إذا كنت مقاومًا للأنسولين و/أو الليبتين، فأنا أشجعك للحد من جميع الأطعمة النشوية حتى تتمكن من جني ثمار الشفاء دون عناء بشكل أسرع.
بمجرد أن تختفي أي من العلامات السريرية لمقاومة الأنسولين المذكورة أعلاه، يمكنك إرخاء القيود التي تفرضها على الكربوهيدرات. عند هذه النقطة يمكنك إعادة تقديم المزيد من الكربوهيدرات والفواكه والحبوب اللاجلوتينية تدريجيًا وتقليل دهونك. قد يكون من الحكمة الحفاظ على مستوى البروتين الخاص بك والاستمرار في تجنب السكريات والأطعمة المصنعة. راقب وزنك بدقة – إذا بدأ في الصعود مرة أخرى، فضع إذًا في اعتبارك استئناف خطتك الغذائية الأصلية.