التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

الحزن والقلق والخوف لدى الأطفال

تعد الأشياء المثيرة للحزن والقلق والخوف جزءا من مرحلة الطفولة، فالطفل الرضيع بعد عامه الأول يشعر بالحزن ويتوقف عن تناول الطعام إذا غابت عنه أمه بسبب عملها ليومين، والطفل ذو الأربعة أعوام يقلق من أن أفكاره الغاضبة قد تؤذي أباه حقا أو تجعل أبيه يؤذيه، وقد ينتاب طفل الخامسة من عمره الرعب من فكرة أنه قد يتناول حقنة لقاح الإنفلونزا. وتعد هذه اللحظات الشعورية الصعبة طبيعية للغاية، ويستطيع معظم الأطفال التغلب عليها فيكبرون وهم أكثر قوة.

ولكن في بعض الأحيان تكون هذه المشاعر قوية للغاية بشكل يعجز الطفل عن التعامل معه، فقد يرحل مثلا أحد الأبوين للأبد ربما إلى مدينة أخرى أو إلى السجن، أو قد يتعرض الطفل لحادثة مرعبة حقا مثل تعرض أحد أبويه لعنف جسدي، أو أن يشاهد حادث إطلاق نار، أو يتعرض لهجوم عنيف في المدرسة.تنتشر هذه الصدمات على نحو واسع في حياة الأطفال الذين ينشئون في ظروف فقيرة، ولكنها تحدث في كل مكان.

وقد يتعرض الطفل لأحداث مثيرة للتوتر العاطفي أقل حدة مما ذكرناه، مثل: أن يكون لديه أخ أو أخت يسيئان التعامل معه من الناحية الشعورية، أو يعاني من اضطراب غير ملحوظ في التعلم، أو أن أمه في كل مرة تتعرض للاكتئاب، أو المخاوف بشأن العمل، فتغرق شعوريا فيما تشعر به وتنفصل عنه لأيام.

عندما يكون العبء الذي يتحمله الطفل من جراء الحزن أو القلق أو الخوف لأي سبب من الأسباب أكبر بكثير من قدرته على التحمل، فقد يصاب الطفل بالاكتئاب أو بنوع من اضطرابات القلق، وهذه المشكلات ليست نادرة، ولكن لا يتم تشخيصها في الغالب.

اضطرابات القلق

يظهر القلق بأشكال مختلفة لدى الأطفال. فمن الطبيعي أن يواجه الأطفال في سن ما قبل المدرسة بعض المخاوف، وقد يقلق طفل في الثامنة من عمره من أن شيئا سيئا قد يحدث لأمه وهو في المدرسة، لدرجة أنه لا يستطيع أن يركز في دروسه، وقد يصيب فتاة في العاشرة من عمرها الرعب إذا تم استدعاؤها وهي في الفصل لدرجة تجعلها تتقيأ. وهناك طفل في الثانية عشرة يقلق ببساطة من كل شيء طوال الوقت، ولا يمكنه أن ينام، ويعاني من آلام في جسده بسبب التوتر.

وتتضمن اضطرابات القلق الأخرى نوبات هلع يواجه خلالها الطفل المراهق فجأة إحساسا قويا بأنه يموت أو يفقد عقله. وتتضمن أيضا اضطراب الوسواس القهري الذي يؤدي بالطفل إلى الانخراط في مجموعة من الطقوس مثل أن يطفأ الأنوار ويشغلها لعدة مرات، أو يغسل يديه بشكل متكرر، وذلك لأنه يشعر بداخله بأن شيئا مريعا قد يحدث إذا لم يفعل ذلك. وهناك أيضا المخاوف الحادة التي تمنع الأطفال من القيام بأشياء عادية، مثل: الخوف من استخدام المصاعد، أو من التواجد في الأماكن المزدحمة، أو غيرها من الاضطرابات المماثلة.

هناك شيئان قد يرشداك إلى احتمالية وجود نوع من اضطرابات القلق لدى طفلك، أولهما: أن تكون هناك مشكلة من مشكلات القلق في العائلة، فالآباء والأمهات المصابون بالقلق قد ينقلون إلى أطفالهم الجينات التي تجعلهم عرضة لمشكلات القلق، وربما يعلمون أطفالهم دون أن يدركوا كيف يقلقون، أما الشيء الآخر فيتمثل في وجود علامات على أي اضطراب سلوكي أو شعوري آخر، مثل: اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه أو الاكتئاب مثلا، لأن القلق غالبا ما يكون جزءا من صورة أكبر.

ومثله مثل الاكتئاب يعد القلق مرضا يمكن علاجه، إما بالأدوية أو بالعلاج الكلامي، أو باستخدام الطريقتين معا. وعندما يعالج الآباء والأمهات قلقهم يتحسن أيضا الأطفال غالبا.

الخوف من الكلام

هناك عدد مذهل من الأطفال يخشون أن يتحدثوا خارج المنزل، أو إلى شخص غريب عن العائلة. فهم يثرثرون بشكل طبيعي داخل المنزل، ولكن إذا زار شخص غريب البيت يصمتون على الفور. وربما يظلون صامتين في المدرسة لدرجة قد تجعل مدرسيهم يظنون أنهم متأخرون بشكل حاد. وعلى عكس الأطفال الذين يخجلون الخجل الطبيعي أو الذين يحتاجون إلى وقت أطول حتى يندمجوا مع الغرباء، لا يشعر الأطفال المصابون بالصمت الاختياري أبدا بالأريحية الكافية حتى يتحدثوا مع الأشخاص الذين يقعون خارج إطار منطقة الراحة الخاصة بهم ويتفاعلوا معهم. وأي محاولات لرشوة هؤلاء الأطفال أو الضغط عليهم أو إغراهم بالتحدث تزيد من قلقهم وتزيد من سوء المشكلة، ولكن العلاج المتخصص قد يفيدهم.