باحثون أميركيون يكتشفون أنزيما طبيعيا في التفاح يقلل من مضاعفاتها
الرياض: «الشرق الأوسط»
فيما يُعد خبراً ساراً للملايين، أعلن العلماء من قسم خدمات أبحاث الزراعة التابع
للإدارة الحكومية للزراعة في الولايات المتحدة الأميركية في الحادي والعشرين من هذا
الشهر اكتشافهم أن أنزيماً طبيعياً يتوفر في التفاح يعمل على تقليل تفاعل الحساسية
لدى تناول من لديهم حساسية من الفول السوداني، وهو من الأنواع الشائعة للحساسية،
وفي الولايات المتحدة فقط هناك ما يزيد على 3 ملايين شخص مصاب بالحساسية من الفول
السوداني، وهي الحالة التي قد تهدد الحياة أحياناً.
وأنزيم بولي فينول المؤكسد هو نفس الأنزيم الذي تحدث عنه العلماء، يعمل أيضاً على
تحويل لون لب التفاح بتفاعل الأكسدة من اللون الأبيض إلى اللون البني.
ويعتقد العلماء أن الفول السوداني لا يحتوي على هذا الأنزيم المؤكسد، الأمر الذي لو
أضيف إلى الفول السوداني لعمل على تعطيل مفعول البروتينات الموجودة فيه والمسببة
للحساسية لدى بعض الناس. الاكتشاف يُعد في مراحله الأولى، وسوف يقوم الباحثون
بدراسة أمرين، الأول تأثير إضافة هذا الأنزيم إلى حبوب الفول السوداني على طعمها
ودرجة تقبل المستهلك لها، والثاني إجراء اختبارات التأكيد لهذا المفعول المثبط
للحساسية منها على حيوانات التجارب ثم على الإنسان. الفول السوداني.
والتسمية العربية للفول السوداني ربما هي أدق من التسمية الإنجليزية، لأنه يُعتبر
من البقول ابتداء وليس من ثمار المكسرات. وسبب الحساسية هي بروتيناته التي يتعامل
جسم الإنسان المُصاب بالحساسية منها على أنها مواد ضارة عليه، فيحاربها بعنف كما
يُحارب الميكروبات ابتغاء حماية الجسم منها بدلاً من أن ينظر إليها كمادة مغذية
صديقة ومفيدة له! من هنا يُفرز الجسم مواد كيميائية تُسمى «أجسام مُضادة»، وهي ما
تثير تفاعل خلايا المناعة كلما لمحت بروتينات الفول السوداني داخل الجسم بعد
تناوله، الأمر الذي يُؤدي إلى إفراز مادة الهيستامين، وهي ما تُسبب بالتالي الأعراض
التي تعتري العينين والأنف والحلق والرئتين والجلد والجهاز الهضمي.
ودرجة التفاعل تتفاوت بين الناس ولدى نفس الشخص من حين إلى آخر ما بين خفيف إلى
عنيف، وكذلك تتفاوت المدة الزمنية بين التعرض للمادة وظهور الأعراض التي ربما تبدأ
بسيلان إفرازات الأنف والطفح الجلدي ووخز اللسان أو الشفاه، ثم ضيق الصدر وصعوبة
التنفس مع بحة في الصوت وظهور صفير أثناء خروج الهواء من الرئتين مع سعال وشمول
الأمر أعراض الجهاز الهضمي من الغثيان والقيء وألم البطن وربما الإسهال.
لكن أشد درجات تفاعل الحساسية هي حالات التفاعل الشديد المهددة للحياة، التي تظهر
بشكل مفاجئ وتتطور أحداثه بسرعة وتشمل التأثير الأعضاء المهمة المساعدة على التنفس
مع تأثر الجهاز الدوري من القلب والأوعية الدموية، الأمر الذي يستلزم معالجة سريعة
وقوية للحيلولة دون الوفاة بالذات. وكان مما آثار الالتفات إلى الأمر هو حصول حالة
وفاة فتاة كندية لم تتجاوز الخامسة عشرة من العمر في نوفمبر الماضي بطريقة خفية
وغريبة، إذْ انها توفت نتيجة تفاعل حاد وكبير للحساسية بعد تقبيلها صديقها الذي كان
قد تناول شطيرة زبدة الفول السوداني قبل ساعات من لقائه بها، الأمر الذي عرضها
لبروتينات الفول السوداني التي تعاني من حساسية لها.
وبحسب الإحصاءات الرسمية في الولايات المتحدة هذا العام فإن الحساسية من الفول
السوداني تتسبب في وفاة 100 شخص وزيارة 30 ألف شخص لقسم الإسعاف في المستشفيات
سنوياً. وتصيب حوالي 2% من الأطفال، وتعتبر من أكثر أسباب فرط تفاعل الحساسية
المهددة للحياة لديهم. لكن هناك نسبة من الأطفال المصابين بهذا النوع من الحساسية
تتجاوز 25% يتلاشى لديهم تفاعل الحساسية مع مرور الوقت لكن هناك احتمال ضئيل
لمعاودة الأمر، ويصعب على الوالدين أو الطبيب توقع من سيتخلص منها، لكن بعض
الباحثين يرون أن تدني مستوى نوع معين من الأجسام المضادة من فئة «إي» الخاص
بالحساسية من الفول السوداني هو مؤشر على حصول التحسن بخلاف الأطفال ممن ترتفع نسبة
هذا الجسم المضاد في الدم لديهم، ويعتقد بعض الباحثين أيضاً بموجب دراسة صدرت العام
الماضي وذكرتها نشرات مايوكلينك هذا الشهر أن تعويد الطفل على دوام تناول الفول
السوداني بانتظام وتحديداً مرة كل شهر يقلل من فرص عودة الحساسية بعد انقطاعها
بخلاف ما لو امتنع الطفل عن تناوله مطلقاً.
هذا الأمر يتم لدى الطبيب المختص بحالات الحساسية بعد شكوى المرء من ملاحظة علاقة
كظهور طفح جلدي أو حكة أو ضيق التنفس عند تناول الفول السوداني مثلاً، او وجود
حالات حساسية لدى أحد الأقارب.
اختبار الحساسية يتم في العيادة لمعالجة أي تفاعلات تظهر عند تعرض منطقة الاختبار
في الجلد للمادة التي يُفحص مدى الحساسية لها، كالمواد المستخلصة من الفول السوداني
أو غيرها من المواد. كما أن بعض المختبرات لديها القدرة على إجراء فحوصات للدم بغية
التعرف على نسبة الأجسام المضادة من نوع إي أو غيرها من المواد في الدم.
ويعتمد العلاج بالأساس على الوقاية عبر تحاشي تناول المواد الغذائية المحتوية على
الغذاء أو مشتقاته التي تتسبب في الحساسية، ومن الضروري أن يتحسب المرء البالغ أو
والدا الطفل لمعالجة الحالات الطارئة والتي أهمها حقنة أدرينالين لتخفيف حدة ظهور
الأعراض الخطيرة. دور الأدوية المضادة للهيستامين هو دور محدود في الحالات الخطيرة،
لكنها تخفف من الأعراض البسيطة، والأهم دوماً سرعة التوجه إلى المستشفى عند بدء
ظهور الأعراض وعدم التهاون في هذا