التصنيفات
الغذاء والتغذية

الحليب الطبيعي أم المبستر أم حليب العلب؟

إن غذاء المولود حديث العهد بالحياة مضمون في قطرات الحليب الجاهزة في ثدي أمه. وليس هناك غذاء صالح للمولود أكثر من حليب أمه.

إن طرح مدة حمل الأم للجنين من مجموع 30 شهرا، يجعل الأشهر المتبقية هي الأشهر التي ينبغي للرضيع أن يعتمد فيها اعتمادا كاملا – باستثناء الماء – على حليب الأم. ولا توجد أي أهمية لادعاءات المخالفين.

إن أقل مدة للحمل هي ستة أشهر، ومدة الرضاعة حتى الفطام سنتان. فإن امتدت أشهر الحمل إلى تسعة أشهر فينبغي أن تستمر فترة الرضاعة 21 شهرا. إن حليب الأم حسب أخصائيي طب الأطفال معجزة إلهية، وهو يشكل حسب تسلسل الشهور الغذاء الكامل والمشتمل على المحتويات كافة من الفيتامينات والدواء. إن ما تفعله بعض الأمهات اليوم من الاستعاضة عن التغذية الطبيعية الحلال التي تزيد من إفراز الحليب الطبيعي عندهن بتغذية أطفالهن بأغذية صناعية غير صحية بل ومضرة تباع بإعلانات مضللة مثل قيمته الغذائية مماثلة للقيمة الغذائية لحليب الأم ما هو إلا دليل على افتقارهن إلى مشاعر الرحمة.

الحليب ليس مشروبا حسب ما يظنه الكثيرون، بل إنه من الأطعمة. وهذا الغذاء الذي يتميز بسرعة ميله إلى الفساد يمكن تحويله إلى غذاء أكثر تحملا عبر تحويله إلى لبن، أو إلى أنواع كثيرة من الجبن. تتم إضافة الماء إلى اللبن، ثم يصب في إناء الخفق ويخفق، فتنفصل المادة الدهنية مشكّلة الزبدة، ويستخدم ما تبقى من اللبن كمشروب يسمى شنينة أو عيران. إلا أن التصنيع وبالتالي العصرنة كانا سببا لهجر الطرائق القديمة.

أي أنواع الحليب ينبغي أن نختار؟

من أكثر الأمور التي يثار الجدل حولها في أيامنا هذه قضية الحليب.فهل يجب استهلاك الحليب الطبيعي أم الحليب المبستر أم حليب العلب UHT؟

في القديم، كان أصحاب الماشية يعالجون الحليب بأنفسهم فيشتقون منه اللبن والجبن أو الزبد، ومن ثم يبيعون منتجاتهم. وكانت الأسر التي لا تملك ماشية تشتري الحليب من أصحاب المواشي يوميا، وتقوم بتحويله بنفسها إلى اللبن. إلا أن الشركات الكبيرة اليوم هي التي تقوم بشراء الحليب من أصحاب المواشي، ثم تخضعه للمعالجة في مؤسساتها العملاقة.

إن الحليب الذي يرد إلى هذه المؤسسات وتتم معالجته داخل قدور ضخمة يخضع لعمليات البسترة والتجانس، ثم يُعرّض لمعالجات أخرى كثيرة، فيفقد أثناء هذه العمليات بنيته الطبيعية.

إن أكثر أنواع الحليب طبيعية وصحية هو – على عكس ما يشاع اليوم – الحليب الذي يسمى حليب الشوارع على سبيل الاحتقار. لا بد أن الأغذية التي يقوم صاحب الماشية بتزويد ماشيته بها هي التي تحدد نوع الحليب الذي سيتم الحصول عليه من هذه الماشية. فلا يمكن أن نساوي بين حليب المواشي المحبوسة في زرائب الحيوانات والتي تزود بأغذية معدلة جينيا من الذرة والصويا وغيرها من المواد الحيوانية، بحليب المواشي التي تنمو على أعشاب متنوعة تنتشر في المراعي.

من الصعب التصديق أن حليب المواشي المسجونة في زرائب الحيوانات والتي تعطى هرمونات مثل هرمون rBGH وأدوية من أجل زيادة إفراز الحليب حليبٌ صحي.

لذلك، إن معرفة نوع الأغذية التي يعلف بها صاحب الماشية الذي تشترون منه الحليب ماشيته أمر مهم جدا. لا يمكن مقارنة القيمة الغذائية للحليب الذي تنتجه الماشية التي تتغذى شتاء بنباتات طبيعية اختلطت بأعشاب مثل بذر الكتان ونبتة الكالونا، وتتغذى في الصيف من نباتات المراعي المتنوعة بالقيمة الغذائية والصحية بحليب المواشي التي تعامل معاملة وحشية على أيدي فاقدي الإنسانية من أساطين الثروة والإنتاج.

في تكنولوجيا المعالجة بالحرارة العالية Ultra Heat Treatment والتي تسمى اختصارا (UHT) يتم تسخين الحليب لمدة ثانية واحدة على درجة حرارة 140–150 مئوية عن طريق تعريضه للرش بالبخار الساخن، ثم يتم تبريده بشكل مفاجئ، ويعبّأ في الأوعية مباشرة.

في بيان ألقاه أ. د. أحمد آيدن في تركيا قال: «إن الحليب الذي يتعرض للمعالجة من أجل زيادة مقاومته للفساد مصدر للأمراض». وقد تعرض بسبب هذه المقولة لاتهامات كبيرة من الشركات العالمية المسيطرة؛ بعد أن وحّدت موقفها وقدمت شكاوى ضده. إلا أن نزاهة الأستاذ أحمد ثبتت لدى الهيئات المعنية. لقد قام الأستاذ أحمد عبر مقالته: حليب العلب بفك شيفرة الأحداث التي تدور حول الحليب. وقد قدم حول الحليب الذي يتعرض للمعالجة الصناعية هذه المعلومات: «البسترة عملية تتم عبر تعريض الحليب للحرارة العالية لفترة قصيرة، ويطلق على هذا التطبيق (HTST)، أو تعريضها لمدة 15 ثانية لدرجة حرارة 70–74 مئوية، أو تعريضها لمدة ثانية واحدة لدرجة حرارة 90 مئوية. ويشترط من أجل نجاح عملية البسترة القضاء على كل الأنزيمات المتوفرة في الحليب! في حليب العلب (UHT) يتم استخدام معالجة حرارية فائقة جدا، حيث يسخّن هذا القسم من الحليب إلى درجة حرارة 135–150مئوية لمدة 2–4 ثوانٍ. أما عند غلي الحليب العادي، فإن درجة الحرارة تتصاعد شيئا فشيئا حتى تبلغ 95–100 درجة مئوية.

يردد صانعو الحليب والعلماء أيضا ادعاءً انتشر على نطاق واسع، ومفاده أن: «البسترة تقتل الميكروبات الضارة. ولا تلحق الضرر بالميكروبات النافعة». وكأن النار تعقل لتميز بين النافع والضار! في حين أن ما يحدث هو العكس تماما. فالميكروبات الضارة أشد تحملا من الميكروبات النافعة. ونرى ذلك في الإسهالات الناتجة عن تعاطي المضادات الحيوية. لماذا لا يتخثر الحليب المبستر والمعالج بطريقة UTH عندما يترك لفترة طويلة؟ لأن بكتيريا الحليب النافعة التي تسبب التخمر (الملبنة والبفيدوبكتيريا) قد تم القضاء عليها. حسنا، ما هي الطريقة التي تضر الحليب أكثر من غيرها؟ إنها طريقة UTH، وتليها البسترة، وبعد ذلك الغلي».

إذا وجهتم سؤالا حول الحليب إلى أي شخص ممن حولكم، فسيجيبكم أن الحليب العادي ليس موثوقا به؛ بالرغم من عدم وجود أي سبب معقول يستند إليه أصحاب هذا الرأي. إن الناس كانوا معتادين على شرب الحليب العادي واتخاذه غذاء حتى القرن الأخير. أما من يُسمون بالمختصين، فلا يذكرون أن المشكلة ليست في الحليب العادي وإنما في أنواع الماشية، والغذاء الذي تزود به الماشية، والهرمونات التي تحقن بها. في حين أن أهم ما عرّض الحليب للمشاكل هو أسلوب تغذية الماشية؛ كالهرمونات التي تحقن بها من أجل تسريع نموها وزيادة إفراز الحليب من ضروعها، والمضادات الحيوية التي تقدم إليها بشكل متتابع لكثرة ما تتعرض له من أمراض بسبب الظروف السيئة لأماكن تواجدها حيثلا تبصر النور.

إن أحد الهرمونات التي تحقن بها الماشية هو rBGH، وهو من منتجات الهندسة الجينية، ويعتبر مادة مسرطنة. تناولت جريدة الصباح قضية الهرمونات في الحليب فنشرت خبرا مفاده: «إن حليب rBGH مختلف عن الحليب الطبيعي في كونه ملوثا بالمضادات الحيوية والصديد؛ بسبب التهابات الضروع التي تسببها الهرمونات للمواشي، كما أنه مختلف عن الحليب الطبيعي في قيمته الغذائية وخاصيته العلاجية والمناعية. أما أهم ما في الأمر فهو أن حليب rBGH مليء بمادة IGF–1 (عامل نمو شبيه بالأنسولين) بنسبة عشرة أضعاف مقارنة بالحليب العادي، وأقوى منه بعشرة أضعاف أيضا.

إن مادة IGF–1 تقاوم البسترة، كما أنها تقاوم أنزيمات الهضم في المعدة، ويتم امتصاصها عبر جدار الأمعاء. ذكرت اختبارات مونسانتو التي قدمت ملخصا لنتائج أبحاث قامت بها FDA في عام 1990 م ولم تنشر بعد، أن فئرانا بالغة تمت تغذيتها لمدة أسبوعين فقط بأدنى جرعة من IGF–1، فكانت هذه الجرعة سببا لتأثيرات نبهت عملية النمو في أعضاء الفئران إلى درجة كبيرة. لذلك، إن الذين يشربون حليب rBGH معرضون لزيادة مادة IGF–1 في الدم، ولزيادة احتمال الإصابة بسرطان البروستات. وبالإضافة إلى سرطان البروستات، إن هناك أدلة على أن هذه المادة تشكل عاملا مؤثرا في الإصابة بسرطان الثدي والقولون وسرطانات الأطفال». إن التجارب تجري برعاية شركات الأدوية للتوصل إلى معرفة تأثير حقن الأبقار بحقن الهرمونات. ومهما أظهرت من نتائج، فإن مخاطر استخدام الهرمون قد ظهرت جليا في ما ذكرناه في الأعلى.

ويبيّن أ.د. متين أوزات رأيه بالهرمون IGF بقوله: «يتم صنع IGF في أنسجة الكبد والكليتين والأمعاء والغضاريف، وبفضل هذا الهرمون تنمو العضلات والغضاريف والعظام، مما يؤدي إلى زيادة الطول. إن هرمون النمو كغيره من الهرمونات يقل إفرازه مع تقدم العمر. إن تدني مستوى هرمون النمو مع تقدم العمر يكون سببا لنقص قوة العضلات وكميات الشحوم، كما أن زيادته مع تقدم العمر تؤدي أيضا إلى أضرار. عندما تم القضاء على مستقبلات هرمون النمو في تجارب أجريت على الفئران لوحظ اكتساب الفئران المزيد من طول العمر. لم تكن FDA قد سمحت باستخدام هرمون النمو لهذا الغرض. وفي تجارب أجريت على مسنين، ظهر أن هرمون النمو يسبب تجمعا للماء في الجسم ويمهد للإصابة بمرض السكري، كما يزيد من مخاطر الإصابة بمرض القلب.

وكذلك أظهرت التجارب ازدياد الألم في المفاصل، واستفحال متلازمة النفق الرسغي. كما يمكن أن يكون لهرمون النمو تأثير في زيادة استفحال مرض السرطان. وفي الوقت الذي يؤدي فيه تدني إفراز هرمون النمو إلى قصر القامة، فإن زيادته تؤدي إلى مرض ضخامة الأطراف. وقد تم الكشف عن ارتفاع مستوى IGF في الكثير من أنواع الأورام».

مقادير الحليب التي ينبغي شربها، وكيفية الشرب

يوجه أ.د. أولكاي كاندمير النصح – وخاصة للشباب البالغين – بعدم تناول أكثر من كوب واحد من الحليب يوميا، ويضيف: «إن الحليب يتخثر بمجرد نزوله المعدة، وفي حال تواجد نوع آخر من الغذاء في المعدة، فإن جزيئات الحليب المتخثر تحيط بجزيئات الغذاء وتسلبها العصارات المعدية فتؤخر بذلك عملية الهضم، وتهيئ وسطا لبدء عملية التعفن.

ولذلك، إن أول وأهم مبدأ من مبادئ استهلاك الحليب هو: إما أن تشربه بمفرده، أو لا تشربه مطلقا. إن الحليب النيء الطبيعي يحتوي على أنزيمَي اللاكتازوالليباز النشطين اللذين يؤمنان هضم الحليب.

أما الحليب المبستر الذي فقد حيويته فلا يحتوي على أنزيمَي اللاكتاز والليباز، ولا يمكن لمعدات الشباب البالغين هضمه بالشكل المناسب.

إن آلام البطن والسماط ومشاكل التنفس والغازات وغير ذلك مما يعاني منه الأطفال الذين يتغذون على حليب الزجاجة (البيبرونة) تكون مصدر ضيق مستمرا لهؤلاء الأطفال. ومما لا شك فيه أن نقص الأنزيمات وتغير البروتينات الضرورية للحياة يؤديان أيضا إلى إذابة الكالسيوم والعناصر المعدنية في الحليب».

دراسات عن الحليب

يستمر أ.د. أولكاي كاندمير في توصياته قائلا: «عندما تتم بسترة الحليب تختفي بعض الأنزيمات المفيدة التي كانت موجودة فيه. هذه الأنزيمات المفيدة أنزيمات تتطلبها عملية هضم الحليب وامتصاصه؛ مثل أنزيمات اللاكتاز والغالكتاز والفوسفاتاز. وعندما لا تتوفر هذه الأنزيمات، فنحن لا نتمكن من الحصول على الكالسيوم من الحليب، وبالتالي يصعب هضمه وامتصاصه في الأمعاء، ويقوم البنكرياس بهضم هذا الحليب المبستر بشكل قسري. وبسبب هذه العمليات القسرية، يتعرض البنكرياس بعد فترة للتلف. لذلك، ينبغي علينا استبدال استهلاك الحليب المبستر وحليب UHT باستهلاك الحليب الطبيعي (حليب الأبقار أو الخراف أو الماعز). والأمر نفسه ينطبق على الزبد، حيث علينا أن نمتنع عن استهلاك الزبد المبستر والاستعاضة عنه بالزبد الطبيعي؛ أي السمن البلدي.

إن تحويل الحليب إلى لبن ثم استهلاكه أكثر فائدة من شرب الحليب مباشرة. ولكن تخثر الحليب لتحويله إلى لبن لا بد أن يتم في البيت. إن الحليب الذي يتم تخثره في البيت يحتوي في داخله بكتيريا مفيدة. يستطيع أي فرد صناعة اللبن في البيت. وإن هذا الأمر يحمي الأطفال من المواد المسرطنة؛ فالابتعاد عن الأغذية الجاهزة المصنعة، وكذلك تناول الغذاء الطبيعي بشكل متوازن لا بد منهما من أجل الحفاظ على صحتنا. إن الحصول على الفيتامينات والمعادن من الغذاء الطبيعي بشكل مباشر أفضل من تناولها على شكل حبوب. ففي بلد يتمتع بأشعة شمس مشرقة؛ هذه الأشعة تشكل مصدرا كافيا للحصول على الفيتامين د يغني تماما عن تناول حبوب هذا الفيتامين».

هناك مشكلة أخرى، وهي مادة ثنائي الفينول أ (BPA) التي تتواجد في زجاجات حليب الأطفال الذين تتم تغذيتهم بالحليب المبستر. في تصريح لمفوض السياسة الصحية والاستهلاكية في الاتحاد الأوروبي جون دالي أوضح أن مادة (BPA) لها تأثير على النمو وعلى صحة جهاز المناعة وعلى نمو الأورام، وأعلن أنه نال دعم أكثرية حكومات الاتحاد الأوروبي لحظر استخدامها.

اللبن

إن اللبن أحد الأغذية التي تعتبر مصدرا للشفاء. لقد قامت الحكومة في قانونها الخاص بمنتجات الحليب المخثّر بتعريف اللبن بكلمات واضحة لم تدخل فيها مفردات أجنبية؛ وذلك لكي تكون مفهومة بالنسبة إلى الجميع، فقالت: «هو منتج من منتجات الحليب المخثر الذي استخدم في تخثيره بشكل خاص ستريبتوكوكوس، وثيرموفيلوس، ولاكتوباسيللوس ديلبروكي سوبسب. وتستخدم فيه أيضا مستنبتات بولغاريكوس سيمبيوتيك». ما باليد حيلة، فالحكومة أيضا تتناول من هذا اللبن. وإن كنا سنقلد الحكومة فمن المحتم أننا سنخسر اللبن. لذلك فلنترك هذا اللبن لهم؛ لرجال الحكومة.

هل تعرفون أنه بإمكاننا أن نغير وجه العالم عن طريق اللبن الذي نشتريه من رفوف المحلات؟ إن الأمر عبارة عن حسن اختيار فقط. وإن خيارنا لن يكون أكذوبة الأمن الغذائي، بل سيكون اللبن المجهز في البيوت؛ وذلك بمفرده يستطيع أن يغير نظاما. وقبل أن ننتقل إلى موضوع: كيف يصنع اللبن في البيت عليّ أن أوضح النقطة التالية. إن الغش ليس أمرا متعلقا بزماننا الحاضر فحسب. إن الغش قد بدأ من عهد قابيل ابن سيدنا آدم عليه السلام، وأصبح اليوم العنصر الأكثر سريانا في المجتمعات. فالناس اليوم أصبحوا بدل احترامهم النزيه يتجهون إلى تقديم الاحترام والتوقير لأهل الغش؛ لأن أعداد النزهاء ليست بتلك الكثرة. على سبيل المثال، نقرأ الأمر التالي في قانون النظام نامة الذي تم إعلانه في عهد محمد الرابع عام 1680 م وينص على أنه: «ينبغي تفتيش اللبن وبائعي اللبن. إذ ينبغي عدم إضافة الماء أو النشاء إلى اللبن. كما يجب مراقبة بائعي الجبن والقشدة. وينبغي تحديد الأسعار حسب الفصول».

تأتي تركيا في رأس قائمة الدول الأكثر استهلاكا للبن؛ مما يفتح شهية الشركات المسيطرة العالمية، ويشكل سببا لخوض حروب اللبن. والخاسر في هذه الحرب هو نحن كمستهلكين. أما الرابح فهو التصنيع الذي حوّل لبننا إلى سم قاتل. قال أرجوماند أوزار: «إن شكل استهلاك اللبن في تركيا مختلف عما هي عليه الحال في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الغربية. ففي الغرب، يتم تناول اللبن على الأغلب بعد تحليته وعقب وجبة الطعام. أما في تركيا فالأمر على العكس تماما. فاللبن جزء لا يتجزأ من الطعام. ويستهلك على الأغلب مملحا ومضافا إليه الثوم. تتم في تركيا تصفية ماء اللبن، ثم تناول اللبن مركّزا (اللبن المصفى). كما يُملّح اللبن ويمدد بالماء ويُشرب (العيران). كما يضاف إليه الثوم ليكون من المقبلات. ولكن، كي تستطيع أن تمارس عنادك وتجعل الناس يأكلون اللبن محلى بالفاكهة وبغيرها من الوصفات المحلاة، يجب أن تكون من الشركات الكبرى، ولديك من المال ما يكفي لإلقائه في الشارع. ولكن المنتجين بسبب قلة احترامهم للعادات المحلية، واعتمادا على موازنتهم المؤلفة من أرقام كثيرة في مجال الإعلانات، حاولوا تغيير عادات المواطنين الاستهلاكية التي ترسخت عبر قرون كثيرة».

إن هذه الشركات تحتكر السلع التي تعود ملكيتها إلى هذا البلد وكأنها اختراعها؛ كما تفعل ذلك أيضا بغيرها من السلع. في حين أن الحكومة التركية المستغرقة في النوم كان بإمكانها أن تسجل هذه القيم باسم دولتها وتمنع وقوعها في أيدي الانتهازيين.

لبن بالفاكهة

إن كل 100 غرام من هذا المنتج تحتوي على 16–18 غ من السكر، وتتمتع أغلفتها برسوم جذابة. لقد أصبح الأطفال الذين يواظبون على تناول هذا المنتج من مدمني السكر، وهجروا أكل الفاكهة والخضراوات؛ مما أدى إلى زيادة معدل نخر الأسنان لديهم، وإلى إصابتهم باضطرابات تقويم الأسنان وفرط النشاط ومرض التوحد والسكري وأمراض الحساسية وغير ذلك.

إن الخمائر التي تستخدم لصنع الألبان الصناعية تختلف عن الخميرة التي تستخدم في البيت. إلا أن الفرق لا يقتصر على ذلك. إذ إن البشر الذين يتم إبعادهم باستمرار عن ماضيهم وعن حياتهم الطبيعية أصبحوا متعبين وغير مبالين إلى درجة يعجزون فيها حتى عن صنع اللبن في منازلهم. ونحن لا يمكننا أن نتصور أن الجيل الجديد لديه أي فكرة عن عملية تخثير اللبن. حسنا! أهو ذنب الأبناء؟ أم ذنب الآباء الذين وقعوا في فخ عشق الشهادات الدراسية؟ هل حقا أستطيع أن أثق بحب أم أو حبيبة لا تفرغ نفسها خمس دقائق لتصنع لي لبنا في البيت؟

منتجات الحليب في سؤال وجواب

بعض الناس يحذرون من شرب الحليب غير المعلب. هل هم على صواب؟

تأملوا معي. هل الناس من هذا الزمن إلى عهد سيدنا آدم أصيبوا بالمرض وفارقوا الحياة لأنهم شربوا الحليب المغلي ولم يشربوا الحليب المبستر أو UHT؟ ما الفرق بين الإصغاء إلى نصيحة الرأسماليين الذين نخالفهم، وبين الإصغاء إلى نصيحة الشيطان؟

هل تنصحون بعدم شرب حليب العلب UHT والحليب المبستر؟

نعم، ننصح بذلك بكل تأكيد. تجنبوا حتما استهلاك الحليب المبستر وحليب UHT. والذين ينصحون بخلاف هذا يخفون عنكم الحقائق.

هل تقصد أن حليب الشوارع مأمون؟

لنوضح أولا ما يلي: ليس هناك حليب يسمى حليب الشوارع. هناك حليب عادي. ينبغي استهلاك الحليب من بائع موثوق، ثم شربه بعد غليه على درجة 90 درجة مئوية.

ما اللبن الذي ينبغي استهلاكه؟

لا بد من صنع اللبن في المنزل. فاللبن المصنوع في البيت يتأثر أثناء التخمر في الوسط المنزلي فيصبح صحيا أكثر. وهو بعيد عن كل أنواع الحيل. أما الألبان الصناعية فهي تحتوي على المارغرين والجيلاتين والسكر والمحليات وغيرها.

الأولاد لا يشربون الحليب ويفضلون الكولا، ولا نستطيع إقناعهم.

كما أن نصائح الآباء المدخنين لأبنائهم بعدم التدخين تعتبر غير مجدية، كذلك إن الآباء الذين لا يتناولون الحليب لن يستجيب أولادهم لنصائحهم بشأن الحليب.