يعد ضغط الدم القوة التي يضغط بها الدم على جدران الشرايين، ويتغير هذا الضغط ليواكب حاجة الجسم المتغيرة بتغير الوضعية والنشاط؛ فعندما يرتفع الضغط جدا، تسمى هذه الحالة ارتفاع ضغط الدم (فرط ضغط الدم Hypertension).
إن ارتفاع الضغط المزمن Chronic Hypertension – والذي يمكن أن يحدث قبل الحمل – ينشأ بسبب مجموعة من الأسباب؛ ويعتقد أن الوراثة والغذاء ونمط الحياة لها دور في تلك الحالة، ولكن هناك حالات مزمنة أخرى يمكن أن تؤدي إلى ظهور الضغط المزمن؛ وتشتمل هذه الحالات على أمراض الكلية وخلل الوظيفة الدرقية Thyroid Dysfunction ومتلازمة كوشينغCushing’s Syndrome وانقطاع النفس النومي Sleep apnea؛ ويمكن أن يكون للسبب الأولي وراء ارتفاع الضغط أثر كبير في طريقة تدبير الحالة؛ ومهما كان السبب، فإن ضغط الدم المرتفع يمكن أن يؤدي إلى النوبة القلبية Heart attack والسكتة Stroke والفشل الكلوي Kidney Failure والموت المبتسر Premature death، لذلك من الضروري معالجة ارتفاع الضغط.
تدبير ارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل
إن أكثر النساء اللواتي لديهن ارتفاع في الضغط يمكن أن يمررن بحمل صحي، ولكن تلك الحالة تتطلب مراقبة عن كثب وتدبيرا يقظا طوال فترة الحمل، حيث يمكن أن يسوء ارتفاع ضغط الدم المزمن بشكل كبير مسببا المشاكل لكل من الأم والطفل، ويكون ذلك صحيحا بشكل خاص عندما يضاف مرض ارتفاع الضغط الحملي (مقدمات الارتعاج preeclampsia) إلى ارتفاع الضغط المزمن. وتشتمل المضاعفات المتوقعة بالنسبة للأم على قصور القلب الاحتقاني Congestive Heart failure والنوبات الصرعية Seizures واختلال وظائف الكلية أو الكبد والتغيرات في الرؤية والسكتة Stroke. ويمكن أن يهدد ارتفاع الضغط الوخيم Severe Hypertension في أثناء الحمل الحياة. ويمكن أن يظهر لدى الكثير من النساء اللواتي يعانين من ارتفاع الضغط مشاكل في الحمول المقبلة.
ومن المشاكل المحتملة بالنسبة للطفل والمتعلقة بارتفاع ضغط الدم اختلال النمو (تعوق النمو داخل الرحم Intrauterine growth restriction)، وظهور خطورة أكبر بالنسبة لمشاكل التنفس قبل أو في أثناء الولادة، وخطورة أكبر لانفكاك المشيمة عن الرحم قبل الولادة (انفكاك المشيمة الباكر Placenta abruption)، بالإضافة إلى الآثار المحتملة للعقاقير التي تستخدمها الأم لعلاج ارتفاع الضغط.
إذا كنت ممن يعاني ارتفاعا مزمنا في ضغط الدم، فمن الأفضل مراجعة طبيبك قبل محاولة الحمل كي يقرر ما إذا كانت حالتك مضبوطة وليعيد النظر في أدويتك، إذ إن بعض العقاقير المستخدمة لخفض الضغط آمنة الاستخدام في أثناء الحمل، بينما يمكن أن يضر البعض الآخر – مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين Angiotensin-converting enzyme (ACE) inhibitors بطفلك؛ ولهذا السبب، فقد يرغب طبيبك بتغيير نوع أو جرعة العقاقير التي تستخدمينها في أثناء الحمل.
في العادة، يتغير ضغط الدم كجزء من تأقلم الجسم مع الحمل؛ ويمكن لضغط الدم المرتفع قبل الحمل أن يسوء في أثناء الحمل، لا سيما في الثلث الأخير؛ ولكن المساق الطويل المدى لارتفاع ضغط الدم لا يتأثر بالحمل، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن مضاعفات كامنة الخطورة يمكن أن تظهر في أثناء الحمل والولادة؛ وقد يكشف الحمل في بعض الأحيان عن ارتفاع ضغط غير معروف من قبل.
إن معالجة الأم أمر ضروري في أثناء الحمل، كما يبدو أن الطفل يجب أن يراقب عن كثب، بغض النظر عن مدى جودة التحكم بضغط الأم؛ ومن أجل مراقبة صحة الطفل ونموه، يجب القيام بزيارات متعددة وإجراء تصوير متكرر بفائق الصوت وذلك لتقييم نمو الجنين ومدى توزع الجريان الدموي في جسمه. وتجرى في الثلث الأخير من الحمل بعض الفحوص لإبقاء عين فاحصة على سلامة الطفل؛ وقد تحتاج الحامل ذات ضغط الدم المرتفع في غالب الأحيان إلى الولادة قبل الموعد المحدد بأسابيع قليلة، وذلك لتجنب حدوث أية مضاعفات.