تتضاعف حالة واحدة من كل ألف حالة حمل بحدوث السرطان؛ وبالرغم من أنه لا يوجد دليل على أن خطر إصابة المرأة بالسرطان يزداد في أثناء الحمل, إلا أن بعض أنواع السرطان يمكن أن تصيب النساء في سن الحمل، مثل سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وسرطان المبيض، بالإضافة إلى أحد أنواع سرطانات الجلد والمسمى بالورم الميلانيني melanoma.
يطلق مصطلح السرطان على مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأمراض تجمعها صفة مميزة، وهي النمو الزائد لأحد أنواع خلايا الجسم؛ ففي الأحوال الطبيعية، تنمو الخلايا وتنقسم لإنتاج خلايا أخرى يحتاجها الجسم ولكن في بعض الأحيان تستمر تلك الخلايا بالانقسام مشكلة خلايا زائدة تكون كتلة نسيجية تسمى الورم tumor.
تكون الأورام الحميدة benign غير سرطانية، ومن النادر أن تشكل خطرا على الحياة؛ كما يمكن إزالتها من دون حدوث مشاكل مستقبلية؛ أما بالنسبة للأورام الخبيثة (السرطانية) malignant فهي تحتوي على خلايا تنقسم بشكل غير متحكم به, كما يمكن أن تنتقل إلى أجزاء الجسم الأخرى مسببة تلفا في أنسجة الجسم وأعضائه، مما يهدد الحياة.
إذا كان لديك قصة سرطانية سابقة أو كنت خاضعة لمعالجة سرطانية في الوقت الحالي، فمن الأفضل تأخير الحمل؛ فأولئك النساء اللواتي يعانين من سرطان الثدي – على سبيل المثال – نقوم بحثهن على منع الحمل حتى بعد انتهاء العلاج؛ وحتى أولئك اللواتي أصبن بسرطان الثدي في الماضي، ينصحن بالانتظار ومراقبة ما إذا كانت هناك عودة للسرطان قبل محاولة الحمل؛ وتكون أعلى نسبة خطورة لعودة السرطان خلال السنوات الثلاث الأولى التي تلي العلاج.
في بعض الحالات، تعيق المعالجة السابقة للسرطان الخصوبة؛ ففي سرطان المبيض مثلا، يستأصل أحد المبيضين (اللذين يؤمنان بيوض المرأة) أو كليهما جراحيا؛ وإذا كان السرطان بحالة متقدمة، فقد نستأصل البوقين (قناتي فالوب) مع الرحم والعنق, ولا يمكن للمرأة في مثل تلك الحالات الحمل مرة أخرى.
تدبير السرطان في أثناء الحمل
يعتمد علاج السرطان في أثناء الحمل على عدة عوامل تشتمل على نوع السرطان ومدى تقدمه ونوع العلاج المفضل وعمر الحمل عند تشخيص السرطان؛ ويوجد العديد من الوسائل لعلاج السرطان.
تكون المعالجة الكيميائية chemotherapy, وهي وسيلة علاجية شائعة، هي الأكثر خطورة في الثلث الأول من الحمل، إذ يمكن أن تسبب تشوهات جنينية؛ أما في الثلثين الثاني والثالث، فقد تقلل من وزن الطفل, وتختلف درجة الخطورة تبعا لنوع العقاقير المستخدمة.
أما الإشعاع radiation فقد يؤثر أو لا يؤثر في الطفل، ويعتمد تأثيره في الطفل على قوة الإشعاع ومكانه وعلى العمر الحملي للجنين؛ ولكن الإشعاع الموجه إلى الصدر أو البطن من المؤكد تأثيره في الجنين؛ كما أن التعرض لجرعات عالية من الإشعاع يمكن أن يؤدي إلى مشاكل بسبب الشذوذات العضوية والتخلف العقلي أو إعاقة نمو الجنين، وذلك بالاعتماد على وقت تعرض الطفل للإشعاع، حيث تكون أكثر الفترات خطورة بين الأسبوعين الثامن والخامس عشر من الحمل.
وغالبا ما تكون الجراحة ممكنة في أثناء الحمل، ويفضل إجراء الجراحة في أثناء الحمل إذا كانت لا تضر بالرحم بدلا من الانتظار لما بعد الحمل؛ ولكن إذا أدت الجراحة إلى التهاب أو عدوى في البطن، فإن ذلك يزيد من نسبة خطورة ولادات الخدج preterm labor.
إن القيام ببعض المعالجات في أثناء الحمل قد يؤدي إلى الكثير من المضاعفات؛ فمثلا، يزيد استئصال نسيج سرطاني من عنق الرحم في أثناء الحمل خطورة النزف وولادات الخدج والإجهاض.
كما أن السرطان المنتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم يمكن أن يضع الطفل في موضع خطر؛ فمثلا، يمكن أن ينتقل الورم الميلانيني Melanoma إلى المشيمة أو إلى الجنين؛ كما أن الحالات المتقدمة من السرطان قد تهدد حياة الأم إذا علق العلاج أو أجل من أجل استمرار الحمل. ومن غير الواضح ما إذا كان الحمل يؤثر مباشرة في تقدم السرطان، ولكن في الكثير من الحالات يعقد الحمل عملية المعالجة أو ينقص الخيارات المتاحة، مما يؤثر في المردود النهائي للمعالجة، وهذا ينطبق بشكل خاص على حالات سرطان الثدي المتقدم وسرطان عنق الرحم واللمفومة Lymphoma.
يكون المآل في حالة سرطان الثدي عند الحوامل هو نفسه عند غير الحوامل؛ وعلى أية حال، يكون من الضروري بدء المعالجة، حيث أن التشخيص والمعالجة المتأخرين في أثناء الحمل يكونان شائعي الحدوث. وقد لا تخضع النساء الحوامل اللواتي يعانين من سرطان ثدي متقدم للأساليب نفسها في العلاج عند رغبتهن في الاستمرار في الحمل، فالإشعاع مثلا لا يستخدم غالبا، إذ من الممكن أن يؤثر في الطفل إذا كانت المنطقة المعرضة قريبة من الرحم؛ وبالاعتماد على مدى امتداد المرض، قد نختار الجراحة مع المعالجة الكيميائية.
ومع أن المعالجة قد تعرض الجنين للخطر، إلا أن سرطان الثدي المتقدم يجب أن يعالج بشكل جيد لتحسين النتيجة بالنسبة للأم، فالتأخير أو التعديل في المعالجة قد ينقص من معدلات النجاة، وهذا ينطبق على حالات سرطان عنق الرحم المتقدم أو الغزوي invasive.
من النادر أن يؤدي سرطان المبيض في المراحل الأولى إلى ظهور أية أعراض أو علامات، لذلك غالبا ما يشخص في مراحل متقدمة، مما يؤدي إلى إنذار سيء؛ ولكن حدوثه في أثناء الحمل أقل، لأنه أكثر شيوعا لدى النساء المتقدمات في السن. وقد يكتشف سرطان المبيض في مراحل مبكرة في أثناء الحمل، وذلك مصادفة عند إجراء التصوير بفائق الصوت ultrasound، كما قد تجرى الجراحة لاستئصال المبيض المصاب في أثناء الحمل؛ وقد يؤجل ذلك الإجراء في بعض الحالات لما بعد الولادة، ولكن في الغالب فإن التأخير غير ضروري أو لا ينصح به؛ وتكون أورام المبيض الحميدة أكثر شيوعا من الأورام الخبيثة في أثناء الحمل.
يعد الورم الميلانيني الخبيث Malignant Melanoma سرطانا غازيا يبدأ في خلايا الخال mole (الوحمة nevus)؛ وتعتمد البقيا فيه على موضع الآفة السرطانية وحجمها؛ ولا يبدو أن الحمل يؤثر في تقدم المرض، ولكن قد يؤخر التشخيص؛ وتشكل الجراحة المعالجة الأولية للورم الميلانيني، حيث تحمل جراحة الجلد خطرا بسيطا جدا على الطفل؛ ويجب استئصال الآفات الجلدية المشبوهة عند اكتشافها حتى في أثناء الحمل.
ويكون عليك قبل الحمل وفي أثنائه القيام بفحوص طبية منتظمة للتحري عن السرطان، ويبدو ذلك ضروريا بشكل خاص في حال وجود قصة عائلية لذلك المرض أو عوامل خطورة لمرض معين؛ فعلى سبيل المثال، تنصح في أثناء الحمل النساء بالقيام بفحص الثدي الذاتي والتقصي عن حبات الخال غير المنتظمة والتي يمكن أن تكون علامة دالة على الورم الميلانيني الخبيث؛ ويكون السرطان في أثناء الحمل نادرا، ولكن تلك السرطانات التي لا تكتشف إلا في مراحل متأخرة تكون معالجتها أكثر صعوبة، لذلك من الضروري ألا تؤجل الحامل أو طبيبها أيا من الاختبارات التشخيصية أو المعالجة في أثناء الحمل.