بالنسبة لمعظم الناس، قد تتحول المشكلة الشخصية في حياتهم إلى النقطة المركزية للاهتمام التي يدور حولها كل شيء آخر. فعندما تكون هناك قضية في حياتنا تبدو وكأنها تؤرقنا ؛ نسعى لإعادة للتواؤم معها بأنفسنا بداية، ثم نسعى للتعرف على المشكلة، لكي نتبين أية دلائل قد تشير إلى أسلوب حلها، ونسعى لفهم مسبباتها في المقام الأول، ونأمل أن ننجح في القضاء عليها من خلال هذه البصيرة. فإن عجزنا، نسعى في نهاية الأمر إلى طلب المساعدة المتخصصة آملين أن يضع ذلك حداً للمشكلة التي نعاني منها.
مهما كانت الوسيلة التي نتبناها ؛ فمن الضروري أن نبذل أقصى جهدنا. فإن كانت المشكلة مشكلة صحية ؛ فسوف يكون من الأمور الأساسية أن نراقب كل أفعالنا لنتبين إن كان من بينها ما يسبب المشكلة أو يسهم في تفاقمها. أما إن كنا نعاني من مشكلة نفسية، أو عاطفية تصيبنا بالضيق والتعاسة ؛ فهذا يعني أننا في هذه الحالة بحاجة لأن نكون على استعداد لاختبار ما يمكننا عمله لمساعدة أنفسنا على تخطي هذه المشكلة. فعند حد معين نكون بحاجة لأن نكف عن إلقاء اللوم على آبائنا أو شركاء حياتنا، والشروع في فعل إيجابي لخلق الظروف المواتية التي تجعلنا أكثر سعادة.
النقاط الأساسية في تطبيق التفكير الإيجابياً لكي تحيا حياة سعيدة ومشبعة
أنت بحاجة إلى:
• تحمل مسئولية سلامتك.
• النضال لتحقيق أفضل العلاقات في حياتك (الزوج، الأصدقاء).
• التخلص عن العلاقات المدمرة.
• النضال لكي تكون نفسك.
• العناية بصحتك.
• استخدام أقصى إمكانات عقلك.
• تفهم ما يجعلك أفضل حالاً.
• تخصيص وقت لنفسك.
• فعل الأشياء التي تضفى على حياتك معنى.
بعبارة أخرى: لكي تكون سعيداً، أنت بحاجة لأن تخلق المناخ الذي تستطيع من خلاله أن توظف كل إمكاناتك. إن كنت سوف تفعل ذلك بالطريقة التي أقترحها ؛ فلن تجد إلا حيزاً ضيقاً متبقياً لإلقاء اللوم على الآخرين، على الرغم من أنهم قد يكونون بالفعل مستحقين لهذا اللوم لكونهم السبب في تعاستك في المقام الأول. إن الحياة ليست عادلة. وسواء كنت تؤمن بإعادة التجسيد أم لا ؛ فأنت بحاجة لأن تتواءم مع كل معطيات حياتك الآن. إن كل دقيقة تقضيها في إلقاء اللوم على الآخرين هي دقيقة كان بوسعك أن تقضيها في التفكير في كيفية تغيير وضعك إلى الأفضل. هناك بعض الأشخاص من حولك الذين ربما قد أساءوا إليك، وسوف تكون مطالباً بأن تتناسى أمرهم ؛ لأنهم يحولون دون أن تكون أنت ذاتك، ويحرمونك من السعادة. أما البعض الآخر فربما يكون قد ألحق بك ضرراً مادياً أو جسمانياً. فإذا شعرت بأن الأمر خطير يمكنك أن تلجأ إلى الإجراءات القانونية لكي تقاضيهم على ما اقترفوه بحقك. أما ما دون ذلك ؛ فيجب أن تواصل طريقك، وإلا فسوف تلحق بنفسك الضرر. أما إن كان أحد الأشخاص قد أضر بك نفسياً ؛ فاذهب إلى محلل نفسي جيد لكي تعالج مشاعرك الناتجة عن أحداث الماضي، ثم واصل حياتك.
مساعدة الجسم على مساعدة نفسه
إن أجسامنا تعد معجزات حقيقة تنم عن قوة الحياة. فعندما تبدأ في التفكير في كل العمليات التي تحدث داخل جسمك في كل دقيقة من حياتك ؛ سرعان ما سوف يتبين لك أنه لا توجد أية آلة من صنع الإنسان ـ مهما كانت متطورة ـ تقترب من الارتقاء الذى يضاهى التعقيد الذي يكوِّنه جسم الإنسان. بينما تجلس لقراءة هذه الصفحة ؛ فإن قلبك يخفق، وحجابك الحاجز في حالة حركة مع الرئتين، الأمر الذى يمد أجهزة الجسم والعقل بالأكسجين ؛ أما معدتك، وجهازك الهضمي فسوف يعملان بصورة مستقلة، حال تناولك شيئاً من الطعام مؤخراً ؛ بينما يتدفق الدم في كل أنحاء جسمك، أما حرارة جسدك فهي تتعرض للتعديل وإعادة التعديل، وغير ذلك من مئات الآلاف من الأشياء الأخرى التي تحدث، والتي قد تعجز حتى عن مجرد إدراكها. وتواصل كل هذه العمليات وظائفها، حتى إن لم نكن نولي أجسامنا الرعاية الكافية، حيث قد لا نمارس ما يكفي من الرياضة لكي نساعد النظام الليمفاوي على إنجاز عمله، ونفرط في تناول الطعام الضار، وعادة لا نتناول ما يكفي من الماء مما يصيبنا بالجفاف ؛ وعلى الرغم من ذلك تواصل أجسادنا عملها. ومن المدهش أن ندرك كم المخاطر التي أفلتنا منها. فنحن نفرط في العمل ؛ ونسيء معاملة أجسامنا من خلال تناول المنبهات، ولا نحصل على ما يكفي من الراحة، ونسمح للضغوط بأن تتراكم من خلال تجاهلنا لفترات الاستراحة التي يجب أن نحصل عليها، ثم نتساءل بعد كل ذلك عن سر معاناتنا من قلة النوم، ونوبات الهياج، والإحباط، إلى غير ذلك من كل أنواع الإشارات التي تدل على وجود خلل جسماني أو نفسي.
إن الجسم عبارة عن جهاز غاية في الدقة يملك القدرة على استعادة توازنه عند الضرورة.
إن ما يحتاجه الجسم منا في محاولة الحفاظ عليه يتمثل في الآتى:
• أطعمة جيدة ومغذية.
• الكثير من الماء.
• الهواء.
• الضوء.
• ممارسة التمرينات الرياضية باعتدال.
إن أمددنا أجسادنا بهذه المتطلبات الأساسية ؛ فسوف يكون قادراً على أن يعمل على نحو جيد، وسوف تزيد فرصته كثيراً في استعادة توازنه في أوقات الضغوط.
أما الأشياء التي تدمر انسيابية عمل الجسم فتتمثل في:
• الإفراط في تناول السكريات (سواء الطبيعية أو الصناعية) في الأطعمة، والمشروبات.
• الإفراط في تناول الأطعمة التي تنتج الأحماض في الجسم (اللحوم)، وعدم تناول ما يكفي من الأطعمة القلوية (الخضر).
• الإفراط في تناول الأطعمة المعالجة.
• الإفراط في تناول الطعام.
• تكبيل الجسم بالمنبهات (الشاي، والقهوة، والتبغ، والكحول، والعقاقير الترويحية).
• عدم تناول ما يكفي من الماء.
• عدم استنشاق ما يكفي من الهواء المنعش.
• عدم التعرض بما يكفي لضوء النهار.
• عدم ممارسة ما يكفي من التمرينات الرياضية.
ليس من الضروري أن تتناول دائما الطعام الصحيح، فهذا يفوق قدرة أي شخص، ولكن من الضروري بالقطع أن تناضل من أجل تناول أكبر كم ممكن من الأطعمة الصحية في أغلب الأوقات. كما أن الماء لا يمكن استبداله بأي مشروب آخر. إن عصير الليمون، وغيره من المشروبات الخفيفة كلها تحتوي على السكريات من أي نوع، أي أنها تعالج داخل الجسم تماما مثل الطعام داخل المعدة، حتى مشروبات الأعشاب ـ إلا إذا كانت خفيفة للغاية فإنها بحاجة لأن تُعالج داخل الجسم. أما الماء، في المقابل، يكون في صورته السائلة فيمكن أن يدخل في أجهزة الجسم بشكل مباشر وألا يكون شديد البرودة، حيث يساعد الأعصاب وكل أعضاء الجسم على العمل بشكل أفضل.
إمداد الجسم بالأكسجين
نحن نتنفس طوال الوقت ؛ أثناء الليل والنهار ؛ في اليقظة والنوم. والتنفس يحدث من تلقاء نفسه ونحن لا نلتفت كثيراً إليه إلا إن زادت سرعته بشكل لافت للنظر. قد يحدث ذلك أثناء الشعور بالغضب، أو بعد ممارسة بعض أنواع الرياضة، أو عندما نتعرض لأي هجوم أو اعتداء يثير فينا مشاعر الخوف أو الذعر. وما لم نتعرف على السبب المنطقي الذي تسبب في زيادة سرعة التنفس ؛ فسوف نميل إلى الشعور بالتخوف. ويعتبر التنفس إحدى الوظائف الأساسية للجسم، فإن تعرض للضرر ـ في حالة الإصابة بالربو مثلاً ـ فسوف تكون حياتنا مهددة.
على مستوى أدق يمكن القول إن النمط الذي نتبعه في التنفس يتشكل وفقاً لطبيعة شخصيتنا، وطرازنا الخاص، وتجاربنا الماضية. فإن كنت تقضي وقتاً طويلاً في حالة عصبية أو خوف ؛ فسوف تميل بشكل تلقائي إلى حبس أنفاسك كثيراً حتى إن لم تكن تتعرض لضغوط. إن الجسم يكتسب بعض أنماط التوتر أثناء الأوقات الضاغطة، ومن ثم يشرع في التشبث بهذا النمط لكي يكون في حالة ” تأهب “. وعلى الرغم من ذلك ؛ فإن لم تكن تتنفس بشكل منتظم ؛ فلن يصل ما يكفي من الأكسجين إلى عقلك، وهذا يعني أنك لن تفكر على الوجه الأمثل. وقد يتسبب هذا بدوره في سهولة اقتراف بعض الأخطاء مما قد يجعلك أكثر قلقاً…. إنها دائرة مفرغة.
لذا، فإن الأمر يستحق أن تولي التنفس المزيد من الاهتمام.
” الأطعمة البطيئة ” ـ توحيد العقل والجسد معاً
إن سرعة إيقاع الحياة التي نعيشها اليوم تبدو وكأنها تتطلب طعاماً يمكن تجهيزه وتناوله سريعاً. إن أسرع طريقة هي تناول الأغذية المعلبة الجاهزة (مثل رقائق البطاطس، والبسكويت، والشيكولاتة)، أو زج أية عبوة داخل الفرن، أو الميكروويف (من قبيل: الوجبات جاهزة الطبخ، والأطعمة المصنعة). إن معظمنا في الواقع يتناول هذه الأطعمة المصنعة، من آن إلى آخر. أنا شخصياً أفعل ذلك. ولكن البعض قد يتناوله طوال الوقت، بل إن الطعام المصنع الذي يحتوي على السكر، والدهون قد أصبح يمثل النمط الغذائي المميز للمراهقين اليوم.
أما الوضع الأمثل فهو ألا تتناول أي طعام عديم القيمة كهذا بالمرة، ولكن المشكلة في واقع الأمر لا تكمن في هذا الطعام عديم القيمة. إن أي جسم صحيح يمكن أن يتعامل مع كمية معينة من تلك الأطعمة غير المناسبة طالما يحصل على كميات كبيرة من الأطعمة النافعة، بمعنى الطعام الطبيعي غير المصنع مثل: الفاكهة والخضر ؛ الذي يمثل وجه القصور في الأنماط الغذائية التي يتبعها معظم الناس.
وعلى وجه الخصوص، فإن لم تكن صحيحاً مائة بالمائة ؛ فلن يكون بوسعك تحمل تناول الأطعمة المصنعة (أو المعالجة). إن كان جسمك يعاني من حالة عدم توازن بسبب مرض ما، أو جراحة، أو حساسية، أو أية أزمة نفسية، فأنت بحاجة إلى تناول الطعام الطبيعي ؛ فهذه الأطعمة سهلة الهضم كما أنها تتحول بسهولة إلى طاقة. أما الأطعمة المصنعة ـ وخاصة تلك التي تحتوي على السكريات، والدهون ـ فهي تضر أجهزة الجسم وتحد من كفاءتها، وتقلل أو قد تحول تماماً دون عملية التعافي. إن الاقتصار على تناول الأغذية المصنعة سوف يسلمك في النهاية إلى المرض. إن لم تكن تتمتع بصحة جيدة على المستوى النفسي والبدني ؛ فإن تناول الأطعمة ” البطيئة ” مثل الفاكهة، والخضر سوف يمنح الجسم فرصة لاستعادة توازنه.
ليست هناك طريقة وحيدة لتناول الطعام والشراب يمكن القول أنها مثالية للجميع. فبالنسبة للبعض قد يكون من المناسب أن يكونوا نباتيين، وبالنسبة للبعض الآخر قد يكون من الأمور المدمرة لصحتهم أن ينقطعوا عن تناول اللحوم كلية. هناك بعض الأشخاص الذين يستطيعون أن يتناولوا عشرة أقداح من القهوة يومياً، ويناموا نوماً هانئاً تماماً مثل الأطفال، في الوقت الذي قد يعاني فيه شخص مثلي من الأرق على مدى ثلاث ليال متواصلة إن تناول قدحاً واحداً من القهوة…..
أما إحدى الحيل التي يمكن أن تبقيك في صحة جيدة فهي أن تنصت إلى جسدك، مما سيمنحك الكثير من الإشارات التحذيرية عادة قبل أن تصاب بالمرض. ولكننا لا نملك الوقت أو الصبر الكافي للإنصات إليه ؛ لذا فإنه من المفيد أن تركز على عملية تناول الطعام فقط أثناء تناولك له بدلاً من أن تشغل نفسك بمشاهدة التلفاز في نفس الوقت. إن التركيز على ما تأكله لا يمكنك فقط من هضم الطعام على نحو أفضل، وإنما يجعلك أيضا تلاحظ الحد الذي سوف تشعر عنده بالشبع، أداة رائعة لإنقاص الوزن، أليس كذلك ؟! إليك بعض القواعد الأساسية التي سوف تساعدك إن كنت ترغب في تناول الطعام من أجل الحصول على الطاقة العقلية والبدنية:
• تناول المزيد من الأطعمة البطيئة، والتى تعد المقابل للأطعمة السريعة. إنها الأطعمة الأقرب من الحالة الأصلية للطعام مع أقل قدر ممكن من التدخل الصناعي، وهي تشمل: الفاكهة، والخضر، وأنواع المكسرات والحبوب.
• تناول المزيد من الأطعمة الخالية من أية إضافات.
• تناول المزيد من الأطعمة الحيوية إن كان بوسعك أن تتحمّل ذلك مادياً. حتى على الرغم من أن الأطعمة الحيوية ليست خالية تماماً من أي تلوث ؛ فهي تبقى أفضل من الطعام المعالج بالمبيدات الحشرية، والمخصبات الصناعية، وغير ذلك من المواد الكيماوية.
• تناول المزيد من الماء. تناول أفضل نوع من الماء يمكنك أن تحصل عليه. تناول الماء المعبأ في زجاجات أو المياه المرشَّحة على أن تشرب ثمانية أكواب كبيرة يومياً. إن كنت تتناول القهوة أو الشاي ؛ فعليك بتناول كوب من الماء مع كل كوب من القهوة أو الشاي. هذا بالإضافة إلى الثمانية أكواب الكبيرة من الماء ! أما السبب في زيادة نسبة الماء الذي يجب تناوله حال شرب القهوة أو الشاي، فهو أن مثل هذه المنبهات تصيب الجسم بالجفاف.
• إن كان عليك أن تتناول الطعام السريع عديم الجدوى ؛ فاستمتع به. ليس هناك أي مبرر لأن تستسلم للشعور بالذنب لأنك قد تناولت الكولا، والطعام المقلي على الإفطار. ركِّز أثناء تناول الطعام، واستمتع به، ثم فكرِّ في الوجبة التالية التي يمكن أن تغذي جسمك وتكون وجبة نافعة. في معركة المذاق الجيد مقابل الصحة، لا تضع نفسك تحت ضغط توبيخ النفس على الأشياء غير الصحية التي شربتها أو أكلتها. إن ذلك الضغط سوف يدفعك فقط إلى تناول المزيد من الأطعمة غير الصحية. عندما توازن بين الأطعمة غير الصحية، والأطعمة البطيئة ؛ فسوف تبقى في مأمن.
• تناول نطاقاً أوسع من الأطعمة المتنوعة. إنك بما أن تكتشف نوعية الطعام الذي تحبه ؛ سوف تميل إلى تناوله مراراً وتكراراً. فإن اقتصر غذاؤك على أنواع محدودة من الأطعمة والمشروبات، سوف يصبح ذلك نمطك الغذائي، وقد يتسبب في إصابتك بالحساسية تجاه هذه النوعية من الأطعمة. أما الأصح فهو أن تتناول مجموعة متنوعة من الأطعمة المختلفة بالتوالي على مدى الأسبوع. فعلى سبيل المثال يمكنك أن تتناول الحبوب الغذائية على الإفطار، وبعض الخبز المحمص، والمربى في صباح اليوم التالي، وبعض الفاكهة في صباح اليوم الثالث، وهكذا. لا تعكف على أنواع معينة وثابتة من الطعام لفترة طويلة من الوقت، بل اكتسب عادات غذائية جيدة يمكنك أن تحافظ عليها على مدى حياتك.
مصدر قوة العقل الباطن
إن الأشياء التي نصدقها عن أنفسنا، والعالم من حولنا سوف تتجلى في واقعنا. إن كنت تؤمن أنك ـ لسبب ما ـ لست شخصاً مهماً ؛ فلن تعيش حياتك فقط على أنك شخص غير مهم، وإنما سوف تتوقع أن يعاملك الآخرون بلا احترام. ربما تكون قد حرمت من الاهتمام الإيجابي في مرحلة الطفولة، أو ربما تعيش مع زوج لا يحترم آمالك ومشاعرك. ومهما طال أو قصر الوقت الذي مضى على تشكل هذا المعتقد لديك ؛ فهو يمكن أن يبقى كامناً بداخلك حتى الممات، أو إلى أن تفعل شيئاً لكي تغيره.
إن أي شيء نتعلمه في الحياة سوف يتم تخزينه في عقلنا الباطن. فإن كنت مقتنعة بأنني عديمة القيمة أو الأهمية ؛ فسوف أرى العالم من خلال هذا المعتقد الذي يقول ” أنا عديم القيمة “. لذا فإن أجبرنى أحد الأشخاص على انتظاره ؛ فسوف أعرف أن السبب هو أنني عديمة القيمة. أما احتمال أن يكون شريكي في العمل قد تأخر بسبب تأخر القطار فإنه مبرر لن يقنعني بالمرة. أما إن جاملني أحد الأشخاص ذات مرة على عمل قمت به ؛ فلن أصدقه، ذلك أنني أدرك أنني ” عديمة القيمة “، وهذا يعني أن الشخص الذي يجاملني إما أنه أحمق، أو أنه غير صادق في إطرائه على عملي. بعبارة أخرى: إن كل شيء أعيشه في حياتي سوف يتم تقييمه من خلال معتقداتي، فإن كانت المعلومة الواردة متفقة مع معتقدي ؛ فسوف يتأكد لدي هذه المعتقد بدرجة أكبر. أما إن تعارض مع المعتقد ؛ فلن أتقبل ببساطة ما يقال لي، وهذا يعني أن المعتقد إن كان سلبياً، فلن تمنح نفسك أبداً الفرصة لكي توازن بين السلبية من خلال التجارب الإيجابية ؛ لأن المعتقد السلبي الكامن في عقلك الباطن لن يسمح لك بذلك.
إن العقل الباطن هو خزانة كل الذكريات، والمعتقدات، والمشاعر، والاستجابات البدنية التلقائية. إن عقلنا الباطن هو الذي يدير حياتنا، ويحدد مدى سعادتنا ونجاحنا. وحتى على الرغم من أننا لا نعمد بشكل واعٍ إلى التأثير على اللاوعي، فهذا من الأمور التي يسهل تحقيقها. إليك بعض التقنيات البسيطة التي سوف تساعدك على السيطرة عليه.
التأكيدات
إنها عبارات قصيرة وإيجابية تمنحك دفعة. يجب أن تكون عبارات إيجابية، أما أفضلها فهي تلك التي تصاغ في الزمن الحاضر.
أمثلة
المشكلة: الإفراط في تناول الطعام.
التأكيد: ” شهيتي بدأت تقل شيئاً فشيئاً “، أو ” بدأت أشعر بالشبع مع تناول كميات أقل من الطعام “.
المشكلة: التدخين.
التأكيد: ” يمكنني أن أتخلى عن كل ما هو زائد في حياتي ” أو ” يمكنني أن أتعلم أن أحافظ على هدوئى، واسترخائى عندما أصبح شخصاً سعيداً غير مدخن “.
يجب أن تستخدم التأكيدات كثيرا على مدار اليوم، أي ما لا يقل عن ثلاث مرات يومياً على مدى عشر مرات متتالية. ويمكنك أن تستخدمها في شكل:
• أفكار.
• كلمات منطوقة بصوت مرتفع.
• كلمات مكتوبة.
إن كيفية تكرار التأكيدات لا يهم في واقع الأمر، الأهم هو أن تكررها كثيراً، وبشكل متواصل على مدار أسبوعين، أو ثلاثة أسابيع. كذلك فليس من المهم أن تقولها أو تفكر بها أثناء الجلوس، أو الاستلقاء، أو الوقوف، أو بعينين مغمضتين أو مفتوحتين. فما سوف يجدي بحق فهو أن تقولها، أو تفكر فيها وأنت مستشعرها، ومؤمن بها.
هناك شيئان يحدثان عندما تردد تلك التأكيدات، أولاً: سوف تنطبع رسالة جديدة في عقلك الباطن. فمن خلال التأكيد على نفس الرسالة الإيجابية ؛ سوف تترسخ هذه التأكيدات في عقلك الباطن كذكريات، وسوف يتحول ذلك في نهاية المطاف إلى معتقد جديد يساعدك على تحقيق الهدف المختار. وثانياً: أنت بالتفكير في هذا التأكيد لا تبعث برسالة داخلية إلى عقلك الباطن فقط، وإنما تبعث برسالة خارجية إلى العالم من حولك تعمل على اجتذاب كل الظروف المواتية التي تساعدك على تحقيق هدفك. فعلى سبيل المثال: قد تصطدم بالشخص الذي يرشدك إلى الوجهة الصحيحة لعملك الجديد الذي تبحث عنه، أو قد تقابل أحد الأشخاص الذي يدعوك إلى حفل تلتقي فيه بالزوج المناسب.
نصائح وحيل
1. بعد أن شكلت تأكيداتك الخاصة ؛ احرص على صياغتها بشكل إيجابي، فعبارة مثل: ” لقد تخلصت من الخوف من العناكب ” قد تبدو عبارة مناسبة، ولكنك تُبقى الصلة قائمة بين الشعور بالخوف والعناكب. إن ما يجب أن تسعى إليه بحق هو أن تبقى هادئاً ومسترخياً في وجود عنكبوت بالقرب منك ؛ لذا فإن التأكيد الأكثر فاعلية في هذه الحالة يمكن أن يكون كالتالى: ” يمكنني أن أتعلم أن أبقى هادئاً، ومسترخياً في وجود العناكب “.
2. احرص على صياغة التأكيد في الزمن المضارع. تجنب كلمات مثل “سوف أفعل ” ؛ “قد أفعل “، ” يجب أن أفعل “. يجب أن تطبع رسالة إيجابية في عقلك الباطن الآن وليس غداً، أو الأسبوع المقبل.
مثال: عبارة غير فعالة: سوف أصبح هادئاً ومسترخياً في وجود العناكب عما قريب.
إن هذا التأكيد يوحي لك بأنك سوف تشعر بالهدوء في المستقبل. وفي كل يوم تستخدم فيه هذا التأكيد، سوف تدفع بالمشاعر التي تود أن تعيشها إلى المستقبل.
العبارة الفعالة: يمكنني أن أكون هادئاً ومسترخياً في وجود العناكب.
في هذا المثال ؛ أنت تشرع في بناء معتقد إيجابي عن قدرتك في تحقيق هدفك على الفور.
النص
النص هو أقوى حافز للتفكير الإيجابي ؛ فهو يشمل مجموعة متنوعة من الرسائل الإيجابية الموجهة لمساندتك في تحقيق هدفك. إن النص يعتبر في أحد جوانبه مجموعة من التأكيدات المرتبطة ببعضها البعض من خلال قصة تصف تقدمك نحو هدفك.
مثال ـ زيادة الوزن
النص: ” مع كل يوم تقل شهيتي شيئاً فشيئاً. أتناول كمية أقل من الطعام الذي اعتدت تناوله في الماضي، وكأن معدتي قد بدأت تضيق فلا تقبل إلا الكميات البسيطة. عندما أتناول طعاماً أقل أشعر بمزيد من المتعة. فأنا أمضغ الطعام جيداً حتى أشعر بمذاقه جيداً، وأستمتع به تمام الاستمتاع، بل إنني قد بدأت أحياناً أخلف بعض الطعام في طبقي وهو أمر جيد. مع كل يوم يقل الوزن الزائد شيئاً فشيئاً ؛ بتؤدة ولكن بثقة “.
إن العقل الباطن يعشق الصور. وهذا يعني أنك عندما تعرض عليه صوراً لمعدة أقل حجماً وبراعم تذوق أكثر سعادة واستشعاراً للمذاق، وجسداً أكثر نحافة، فسوف تصله الرسالة بشكل أوضح من التأكيدات وحدها. أما الذاكرة التي يتم تحفيزها في العقل الباطن، فسوف تساعد على تشكيل معتقد إيجابي بشكل أكثر إيجابية. وكلما آمنت بأن شهيتك بدأت تقل ؛ فسوف تقل بالفعل، وسوف تساعدك في المقابل على التخلص من الوزن الزائد.
إن أفضل طرق لتطبيق هذه النصوص تكون إما بتسجيلها على شريط كاسيت والاستماع إليها من خلال مسجلك الخاص، أو تدوينها على قطعة ورق منفصلة تحملها معك وتقرأها عدة مرات يومياً.
السيناريو
من خلال السيناريو سوف تتخيل أنك قد حققت الهدف بالفعل. سوف ترى نفسك، وقد تحولت إلى الشخصية التى ترجوها، وهو أن تصبح شخصاً واثقاً، أو نحيفاً، أو غير مدخن، أو أي شيء آخر تضعه كهدف. إن كنت مريضاً ؛ فيمكنك أن تتخيل جسدك وقد تعافى، وصحتك وقد تحسنت. وبالنسبة للسيناريو ؛ فإن أفضل شيء هو أن تغمض عينيك.
السيناريو: أغمض عينيك وتصور نفسك تفقد كل الوزن الزائد. تصور نفسك وأنت تقف أمام مرآة مرتدياً ملابس أقل مقاساً وتناسبك بشكل رائع. راقب النتيجة في عقلك، واستشعر السعادة، أو المشاعر المتأججة التي سوف تجتاحك عندما تحقق هذا الهدف ؛ تصور أنك تتلمس بيديك حدود ومحيط جسمك الذي أصبح أكثر نحافة.
وظف أكبر كم ممكن من حواسك وأنت تدير هذا السيناريو في عقلك. وكلما دعمت خيالك بحواسك (البصر، والسمع، واللمس، والتذوق)، زاد كم المعلومات الإيجابية التي سوف تترسخ في عقلك الباطن.
نصائح وحيل
هناك طريقة جيدة تستطيع من خلالها أن تتبين ما إذا كان التأكيد، أو النص، أو السيناريو متوافقاً معك (وبالتالي يكون فاعلاً)، وهى أن تتبع الآتي:
• اجلس، وأغمض عينيك وضع يدك على منتصف بطنك.
• والآن فكِّر في التأكيد، أو النص، أو السيناريو، وأمعن التفكير قدر الإمكان. فإن شعرت أنه قد اجتاحك شعور بالسعادة يسرى في المنطقة التى تضع يدك عليها، فهذا يعني أن التأكيد، أو النص، أو السيناريو جيد. أما إن ظل الشعور محايداً وغير مريح، فأنت بحاجة إلى تغيير التأكيد، أو النص، أو السيناريو إلى أن تشعر بالسعادة وهي تسري في بدنك عندما تفكر في أحد هذه الأمور الثلاثة.