في رحلته من القلب إلى كافة الأنسجة في جسمك، يدور الدم عبر الجهاز الوعائي؛ ويتكوّن الجهاز الوعائي من الأوعية الدموية – الشرايين والأوردة؛ وتكون الأوعية المتصلة بالقلب هي أكبر الأوعية في جسمك، وهي تشبه في قطرها خرطوم الحديقة. وتتفرّع الشرايين إلى أوعية أصغر خلال سيرها في أنسجتك، وتصبح في نهاية المطاف شعيرات تسمح بمرور كرية حمراء واحدة فقط في كل مرة.
يجري تنظيم الجريان الدموي عند الأفراد الأصحّاء، بحيث تتلقّى الأجزاء المختلفة لجسمك المقدار التي تحتاج إليه من الدم بالضبط؛ وعندما تقوم بالتمرين، يجري المزيد من الدم إلى عضلاتك؛ وعندما تأكل، يسري المزيد من الدم إلى معدتك وأمعائك؛ أما عندما تتعرّض للحرارة، يجري دم إضافي إلى الطبقات الخارجية من جلدك للمساعدة على تبديد الحرارة؛ أما عندما يكون جسمك باردا، يتحرّك الدم إلى الأوعية العميقة بعيدا عن جلدك للمساعدة على حفظ الحرارة.
تعمل الشرايين على حمل الأكسجين والعناصر المغذّية إلى الدماغ والأعضاء الأخرى والعضلات؛ أما الأوردة فتعمل بشكل رئيسي كقنوات تحمل الدم غير المؤكسج عائدة به إلى القلب.
ولإنجاز هذه المهام، تكون بنية الشرايين والأوردة مختلفة؛ وتحتوي الشرايين على عضلات في جدرها لتتمكّن من التوسّع والسماح للدم بالعبور فعليا إلى الأجزاء المختلفة من الجسم. وبما أنّ الأوردة تحمل الدم عائدة به من الأعضاء والجسم إلى القلب، فهي تعمل في ظل شروط من الضغط المنخفض كثيرا؛ وتكون الأوردة رقيقة، وتعمل بشكل منفعل أكثر من الشرايين، ولا تمتلك القدرة على العصر أو التضيّق مثل الشرايين. ويمكن أن تتأثّر الشرايين والأوردة بالأمراض، لكن أمراض هذين النمطين من الأوعية المختلفة مختلفة أيضا؛ كما أن شرايين الرئتين تصاب بالأمراض.
الخثار الشرياني والانصمام الشرياني
يؤدي تجلّط الدم (الخثار) داخل الشريان إلى انسداده؛ وتدعى الجلطة الدموية التي تتشكّل وتبقى في مكان منشئها داخل الوعاء الدموي (أو القلب) بالخثرة Thrombus؛ ويمكن أن تسدّ الخثرة الشريان جزئيا أو كليا، وتمنع الجريان الدموي الكافي.
عندما تتشكّل جلطة دموية في مكان ما، لكنها تتجزّأ وتسير عبر الوعاء الدموي إلى موضع آخر في الدوران حيث تستقر، تدعى المشكلة الناتجة عن ذلك باسم الانصمام الخثري.Thromboembolism
الجلطة الدموية الحقيقية هي صمة خثرية، وغالبا ما تدعى الصمة Embolus؛ كما قد تنشأ الصمات من خلايا مصابة بالعدوى في الدوران (الصمات الإنتانية (Septic Emboli أو من خلايا سرطانية دخلت الدوران (الصمات الورمية) أو من خلايا دهنية دخلت مجرى الدم (الصمات الدهنية)، لا سيّما بعد كسور العظام الكبيرة.
قد يحدث انسداد مفاجئ عندما تستقر صمة في أحد شرايينك؛ وقد تنشأ الجلطات الدموية من حجرات القلب، أو تظهر في شرايين كبيرة وتستقر في شرايين أصغر بعد أن تتجزّأ؛ وغالبا ما تحدث هذه العملية عند تفرّع الشرايين أو تشعّبها.
أعراض الانصمام
عندما تسدّ الشرايين بشكل مفاجئ، لا يكون هناك متسع من الوقت لظهور الشرايين الرادفة، ويتوقّف الجريان الدموي إلى النسج وراء الانسداد؛ ويقود هذا الانسداد إلى ألم أو شحوب أو ضعف أو نخز أو نمل أو برودة تحت موضع الانسداد في أحد أطرافك؛ وإذا استقرت الصمة في شريان في الدماغ، تحدث السكتة؛ كما قد تؤدي صمة الشريان الإكليلي إلى احتشاء العضلة القلبية (النوبة القلبية).
ما هي خطورة الانصمام؟
عندما ينقطع الجريان الدموي عن الطرف أو الإصبع أو أصبع القدم (الأبخس) لأكثر من بضع ساعات، يمكن أن يحدث للعضل والجلد في الطرف المصاب ما يعرف بالموات أو الغنغرينا؛ وإذا لم يزل الانسداد أو تحلّ الخثرة بسرعة، يمكن أن يموت النسيج تحت مستوى الانسداد ويتطلّب البتر.
التعايش مع العرج – ما هي المساعدة؟
رغم أن العرج المتقطّع لا يؤثّر في متوسط عمرك، لكنه قد يؤثّر في طراز حياتك؛ وتشتمل الخيارات العلاجية على برنامج للسير والأدوية وتصحيح الانسداد الشرياني بالجراحة أو رأب الأوعية.
إذا أثّر المرض في مشيك، فقد ينصحك طبيبك ببرنامج مشي منتظم. إن المشي المنتظم لمدة 30 دقيقة (والتوقف للراحة عند الضرورة) على مدى 5 أيام من كل أسبوع قد يزيد قدرتك على المشي أو صعود الأدراج أو إتمام المهام الفيزيائية المعيشية اليومية الأخرى؛ يحرّض المشي المنتظم ظهور الأوعية الرادفة، بالإضافة إلى الجريان الدموي إلى العضلات المصابة؛ وهذا ما قد يقود إلى تحسّن فعلي في الجريان الدموي، ويمكن أن يبطئ من تطوّر المرض.
يمكن للأدوية التي تنقص لزوجة الدم، أي تزيد من سهولة جريانه عبر الأوعية المتضيّقة، أن تحسّن الارتياح خلال المشي.
غالبا ما تكون الجراحة أو رأب الأوعية (توسيع الموضع المتضيّق من الشريان بقثطار مزوّد ببالون) انتقائيا (خياريا)؛ فهو يعتمد على حاجتك أو رغبتك بالمشي أكثر؛ وإذا كنت مصابا بقرحة جلدية غير شافية أو ألم خلال الراحة نتيجة الانسداد الشديد في الجريان الدموي الشرياني، عندئذ يوصى بتحسين الجريان الدموي برأب الوعاء أو الجراحة لتفريج الأعراض والحد من خطر البتر.
العلاج
يمكن أن تظهر الجلطات الدمويّة في مواضع أخرى للتصلّب العصيدي، مثلما يحدث في الشرايين الإكليلية؛ وقد تسدّ الوعاء بسرعة (الخثار Thrombosis) أو تتجزّأ إلى قطع وتسد فروعا وعائية بعيدة (الانصمام Embolism)؛ ويؤدّي ذلك إلى توقّف جريان الدم بشكل مفاجئ نحو المناطق التي يمدّها الشريان وفروعه بالدم.
عند حدوث انسداد مفاجئ، لا يكون هناك متسع من الوقت لظهور الشرايين الرادفة؛ ولا يستطيع الجسم التعويض عن هذا النقص في الجريان الدموي، وقد يحتاج الأمر إلى رعاية طبّية إسعافية.
قد تشمل المعالجة تذويب الجلطة الدمويّة بعامل حال للخثرة (شبيه بالأدوية المذيبة للخثرة في احتشاء العضلة القلبية) أو باستئصال الجلطة الدموية جراحيا؛ وينبغي استئصال الجلطة خلال بضع ساعات وإلاّ قد يموت النسيج المزوّد بالشريان المسدود، ويمكن أن يكون البتر Amputation ضروريا.
الأدوية
يمكن أن تعطى الأدوية المذيبة للخثرة التي تذيب الجلطة عبر قثطار في المنطقة المصابة مباشرة؛ فإذا كنت مصابا بخثار أو انصمام شرياني أو في خطر من حدوث ذلك، عندها تعطى مميعات الدم (مضادّات التخثّر) للحدّ من احتمال تجلّط الدم وحدوث مشاكل في المستقبل.
المعالجة الجراحية
غالبا ما يمكن استئصال الجلطة الدمويّة التي تنحشر في أحد الشرايين بتمرير قثطار وراء الجلطة (أبعد منها) ونفخ بالون صغير في نهايته؛ وعند سحب القثطار، تجرّ الجلطة إلى حيث يمكن استئصالها بسهولة.
يمكن أن يستأصل الجرّاح الجلطة المتشكّلة في الشريان بإجراء فتحة صغيرة أعلى موضع الانسداد، ويدخل قثطارا منتهيا ببالون أبعد من مكان الجلطة (تكون الجلطة ليّنة)؛ وبعد أن يصبح البالون أبعد من موضع الجلطة، يقوم الطبيب بنفخه ويجرّ القثطار خلفا إلى الفتحة في الشريان؛ فيسحب البالون الجلطة الدموية عكس مجرى الدم حيث يمكن استئصالها؛ ويكون من الضروري أحيانا استبدال الوعاء المسدود أو تجاوزه.