تختلف أمراض الأوردة عن أمراض الشرايين بسبب الفوارق البنيوية؛ فالانسداد قد يحدث في الأوردة، لكنه ينجم عادة عن جلطات دموية (خثرات) وليس عن التصلّب العصيدي؛ وعندما تتشكّل خثرة في الوريد، لا يستطيع الدم الرجوع نحو القلب؛ ويؤدي تجمّع الدم إلى زيادة الضغط، ويقود ذلك غالبا إلى تورّم وإيلام (مضض).
فعلى سبيل المثال، تؤدي الجلطة الدموية في وريد عميق في الربلة إلى تورّم وإيلام في الربلة والقدم؛ وتدعى هذه الحالة خثار الوريد العميق Deep-vein Thrombosis؛ وتبقى الساق تتلقى كفايتها من الأكسجين والعناصر المغذّية من الشرايين، لذلك لا يكون هناك خطر عليها، لكن الانزعاج قد ينجم عن الضغط الراجع للدم غير العائد وتسرّب السوائل نتيجة لذلك إلى الأنسجة المحيطة (الوذمة). ويميل تجلّط الدم إلى الحدوث في كل مرة يكون فيها الجريان الدموي في الأوردة بطيئا أو راكدا؛ ويحدث ذلك بشكل نمطي في الساقين عندما تكون ساكنا، كما في الرحلة الطويلة في السيارة أو الطائرة، وعند ملازمة السرير باستمرار بسبب مرض أو عملية جراحية، أو بعد إصابات الساق.
يتمثّل الخطر الرئيسي لتشكّل الجلطات الدموية وإحداثها خثار الأوردة العميقة في أن الجلطة الدموية يمكن أن تكبر وتمتد في الوريد نحو الأعلى؛ فإذا تجزّأت الجلطة، يمكن أن تتحرّك ضد تيار الدم وتنحشر في القلب أو الرئتين؛ وكما هو الأمر في الدوران الشرياني، يدعى هذا الاضطراب الانصمام الخثاري؛ وتسير الجلطة أو الخثرة التي تفلت من أوردة الساق عبر أوردة أكبر فأكبر إلى أن تصل الجهة اليمنى من القلب؛ ثم تدخل من هناك الشريان الرئوي وتنحشر في أحد فروعه وتسد الجريان الدموي إلى الجزء الخاص به من الرئة؛ وتسمى الجلطة في الدوران الرئوي باسم الصمة الرئوية.
يمكن أن تقي المعالجة بمضادات التخثّر (مميّعات الدم)، في المراحل الباكرة من خثار الأوردة العميقة، من كبر الجلطة وتقلّل احتمال حدوث الانصمام الرئوي.
التهاب الوريد الخثاري
يعني التهاب الوريد الخثاري تجلّط الدم (خثرة) وحدوث التهاب في الوريد، لا سيّما في الساقين؛ ويدعى التهاب الوريد فقط غالبا، كما قد يصيب الأوردة العميقة أو السطحية.
أعراض التهاب الوريد الخثاري
عندما تصاب الأوردة العميقة، يمكن أن تصبح ساقك ضعيفة ومؤلمة ومتورّمة؛ كما قد تشكو من الحمى؛ أما عندما يصاب وريد سطحي، يمكن أن تظهر كتلة أو حبل ضعيف وأحمر وقاس تحت سطح الجلد.
من يصاب بالتهاب الوريد الخثاري؟
يزداد خطر الإصابة بالتهاب الوريد الخثاري عندما تبقى بلا حركة لفترات طويلة؛ وكثيرا ما يحدث التهاب الوريد الخثاري بعد الجراحة أو النوبة القلبية أو كسور الورك والساق أو بعد ملازمة السرير أو التوقف عن النشاط لفترة مديدة (كالجلوس لفترة طويلة في الطائرة أو السيارة)؛ كما يكون الخطر مرتفعا عند مرضى السرطان والمصابين بالسمنة واللواتي يستعملن حبوب منع الحمل الفموية وعند المصابين بميل كبير إلى التجلّط.
ما مدى خطورة التهاب الوريد الخثاري؟
إذا كان التهاب الوريد الخثاري في وريد سطحي واقع تحت الجلد مباشرة، تكون المضاعفات الخطيرة نادرة في العادة؛ والاستثناء هو التهاب الوريد الخثاري في الأوردة السطحية قرب الأربية.
عندما يحدث التجلّط في وريد عميق، يمكن أن تتضرّر الصمامات في الأوردة، ويؤدي ذلك إلى مشاكل مستقبلية على صعيد تورّم الساقين؛ وإذا ما انفلت جزء من الخثرة، يمكن أن يسير نحو الرئة ويؤدي إلى انصمام رئوي.
إذا كان التهاب الوريد الخثري في وريد سطحي، يمكن أن يوصي طبيبك بتطبيق الحرارة على المنطقة المصابة ورفع الساق واستعمال مضادات الالتهاب الدوائية؛ أما إذا كان التهاب الوريد الخثري في وريد عميق، فقد تتطلّب المعالجة دخول المستشفى، لا سيّما إذا كان التورّم شديدا؛ ويمكن في بعض الأحيان التعامل مع التهاب الوريد الخثري على أساس مرض خارجي بإعطاء الهيبارين المنخفض الوزن الجزيئي، وهو مميّع للدم (دواء مضاد للتخثّر).
إذا دخلت المستشفى، توقّع أن تحتاج إلى رفع ساقك واستعمال دواء مضاد للتخثّر وريديا؛ ولكن إذا لم تعط هذا العقار لسبب ما، يمكن أن يحتاج الأمر إلى وضع «مرشحة Filter» ضمن الوريد الأجوف السفلي (وهو الوريد الذي يعود بالدم إلى القلب) للوقاية من تحرّك الجلطة نحو قلبك؛ ويمكن إدخال المرشحة بواسطة قثطار أو من خلال إجراء جراحي.
معلومة
لا تدلّ الذبحة الصدرية دائما على الحاجة مستقبلا إلى مجموعة من الإجراءات المؤلمة والطويلة؛ فقد يستعمل الأطباء طريقة غير جراحية تدعى النبضان المقابل الخارجي External Counterpulsation لتحسين الوظيفة القلبية.
وتقوم هذه الطريقة التي ما تزال قيد البحث على استعمال سلسلة من النافخات التي تشبه جهاز الضغط على الساقين لإنقاص الضغط الذي يضخ القلب تجاهه؛ ويؤدي ذلك إلى زيادة كمية الدم والأكسجين المتجهين إلى الشرايين الإكليلية، مما ينقص عمل القلب خلال نبضانه.
نصائح للوقاية من الجلطات الدموية خلال السفر
عندما تسافر بالطائرة، تكون محشورا بين جمع من الركّاب، وقد تستغرق الرحلة 7 ساعات إلى حين وصولك إلى مبتغاك؛ فإذا بقيت في مقعدك بلا حركة كل هذه المدة، يزداد خطر تعرّضك للإصابة بجلطات دموية.
تعيق الجلطات الدموية الجريان الدموي، ويمكن أن تتجزّأ وتتحرّك إلى أحد الشرايين في رئتيك؛ كما قد تتشكّل الجلطات خلال جلوسك لفترات طويلة في أماكن ضيّقة؛ وقد تحدث هذه المشكلة خلال أي شكل من أشكال السفر، لكنها أكثر شيوعا في رحلات الطيران الطويلة، لا سيّما إذا جلست في المقصورة السياحية؛ ولذلك، يسمّيها الأطبّاء «متلازمة الدرجة الاقتصادية (السياحية)».
رغم اسم متلازمة الدرجة الاقتصادية، فقد تظهر بصرف النظر عن جلوسك في الدرجة الأولى أو المقصورة السياحية؛ ففي رحلات الطيران البعيدة، اتبع النصائح التالية:
• ارتد ثيابا فضفاضة ومريحة وحذاء واسعا؛ وغالبا ما توفر الخطوط الجوية لزبائنها في مقصورة الدرجة الأولى جوارب قصيرة؛ ومن السهل أن تحضر مثلها، فهي تساعد على جعل قدميك دافئتين وغير محشورتين أو محصورتين كما تفعل الأحذية.
• مدّد ساقيك أحيانا، حتى خلال وجودك في المقعد، وحرّك قدميك إلى الأعلى والأسفل.
• شدّ وارخ عضلات بطنك وإليتيك من حين إلى آخر.
• تنفّس بعمق وبطء بشكل دوري.
• قم من مقعدك وامش في الممر مرة كل ساعة على الأقل.
• اسأل طبيبك عما إذا كان من المناسب تناول الأسبرين خلال السفر؛ فقد تساعد الجرعات الصغيرة من الأسبرين على الوقاية من حدوث الجلطات. تذكّر أن تستشير طبيبك أولا، إذ لا يعطى الأسبرين لكل شخص.
• إذا كان لديك مشاكل مع التهاب الوريد الخثري سابقا، ارتد جوارب داعمة مرنة عند عدم تمكّنك من الجلوس لفترة طويلة؛ وقد يتطلّب ذلك استعمال سروال الدعم لفترة طويلة من الوقت؛ وتتوفّر جوارب الدعم المرنة لكل من الرجال والنساء.
• تجنّب التجفاف (نقص السوائل) Dehydration؛ فقد يزيد خطر الجلطات الدموية، كما قد يقود إلى اضطرابات أخرى مثل الغشي الوعائي المبهمي أو بانخفاض ضغط الدم والمغص الكلوي بسبب الحصيات الكلوية؛ وابتعد عن المشروبات الكحولية، فهي سبب رئيسي للتجفاف؛ ويفيد المدخول الدوري من السوائل غير الكحولية في الوقاية من التجفاف وتشجيع الحركة في الذهاب إلى دورة المياه.