وجود الخدم في المنزل نعمة ونقمة في الوقت نفسه، وأغلب الأشخاص في البلاد
العربية يرونهم ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها ويأخذون هذا القرار دون معرفة
المشكلات الصحية والنفسية والاجتماعية التي يخلقها وجود الخدم في المنزل، ولمناقشة
موضوع الخدم من الناحية الصحية، والنفسية، والاجتماعية التقت «الصحة أولاً» مجموعة
من الأطباء والاختصاصيين لأخذ فكرة أشمل وأوسع عن الموضوع.
بداية مع الدكتور علي المرزوقي من إدارة الرعاية الصحية الأولية من دائرة الصحة
والخدمات العامة، والذي قال:
«إن معظم الخادمات يأتين من دول يكون الوعي الصحي فيها قليلاً أو دون المستوى،
ويكون قليلاً حتى على مستوى النظافة الشخصية، لذا يجب على الأسرة التي تأتي
بالخادمة إجراء الفحوصات اللازمة منذ لحظة وصولها المطار وعدم تأجيلها إلى نهاية
الفترة المحددة والتي تستمر شهرين لعمل هذه الفحوصات،
لأنه يوجد أمراض تنتقل بسرعة عن طريق التنفس مثل مرض السل الرئوي، ويوجد أمراض
طفيلية جلدية تنتقل عن طريق اللمس والمخالطة مع الخادمات، وأيضاً أمراض الكبد
الوبائي التي تنتقل عن طريق استخدام الأدوات أو الحمام المستخدم من قبل الأسرة،
وبعد التأكد من خلوها من جميع الأمراض التي يمكن أن تؤثر على صحة وسلامة المنزل
والأطفال، يجب مراقبتها وتدريبها جيداً على عادات وتقاليد المنزل من الناحية
الصحية، وإذا كانت الخادمة تقوم بإعداد الطعام،
على ربة المنزل تدريبها على غسل الخضار والفواكه جيداً لأن الفواكه بشكل عام
والخضار بشكل خاص إذا لم يتم غسلها جيداً تنقل العديد من الجراثيم المضرة على
الجهاز الهضمي للإنسان، وبعد التدريب يجب على ربة المنزل الاستمرار في المراقبة،
حتى تتأكد من توفر الشروط الصحية في خادمتها».
أما الدكتور محمد اسبيته فيرى: «أن الخادمة نعمة ونقمة في الوقت نفسه، ويقول إنها
نعمة في حال تحديد الهدف والمراد من وجودها في المنزل، وتوظيفها في المكان المناسب،
وأن تكون مساعدة لربة المنزل فقط وألا يتعدى دورها المساعدة، لأنها إذا أصبحت هي
ربة المنزل أصبح كل شي بيدها وهي الآمرة الناهية، وأضاف أنه يجب قبل أن تأتي
الخادمة للمنزل أن يجلس الأب والأم مع بعضهما البعض ويحددا مهامها في المنزل
وإعطائها العمليات التي تخصها فقط،
على شرط ألا تتعدى مسألة التنظيف والغسيل، وأن تكون مسألة الطهي والعناية بالأطفال
من واجبات الأم، وأضاف قائلاً: أن للخادمات سلبيات كبيرة أولها على الأطفال ومنها
اكتساب الطفل عادات وتقاليد غربية، وصفات دخيلة على مجتمعنا. وأضاف ان الخادمة تأتي
من بلدها تحمل كل مشكلات وهموم أسرتها وتقوم بنقلها بشكل غير مباشر إلى الأسرة
القادمة لها، والأكثر تأثراً بهذه المشكلات هم الأطفال لأنهم الأقرب إلى الخدم،
وذلك يعود إلى أنهم يجلسون معهم وقتاً طويلاً،
ويمكن أن يصاب الأطفال أيضاً بأنواع مختلفة من الاضطرابات، منها اضطراب السلوك، أو
تعلم، أو تكوين الصداقات، أو العنف الذي يتكون جراء تخويف هذه الخادمة للطفل، سواء
بالضرب، أو باستخدام النار، أو غيرها من مظاهر العنف، ويمكن ألا تظهر أي تغيرات أو
اضطرابات بشكل مباشر، وإنما تظهر في وقت متأخر على شكل عقد نفسية.
ويوجد أطفال يتعلقون بخادمتهم أكثر من الأم، ويتأثرون لغيابها، وبعض الأطفال يتكلم
لغة الخادمة ولا يتكلم لغة أهله. وهنا يجب على الأم إبعاد الخادمة حتى تستطيع إعادة
طفلها لها، وعليها الجلوس معه والتركيز على اهتماماته والاندماج معه في عالمه حتى
تعود الأمور إلى مجراها الطبيعي، ويدرك الطفل من هي أمه الحقيقية.
أما بالنسبة لتأثير الخادمة على الزوج فقال الدكتور علي: «إن الخادمة أول شخص
يستيقظ في الصباح وآخر شخص يرقد في المساء، وهي التي تعد كل طلبات الزوج من مأكل،
ومشرب، وكي ملابس. فعندما يجد الزوج أن الخادمة هي التي تقوم مكان الزوجة بكل شيء،
عدا شيئ واحد، تبدأ المشكلات بين الأزواج، وبعض الرجال يتزوجون بخادماتهم، وهذا حدث
فعلاً في مجتمعنا، ما عدا بعض الأمهات الواعيات اللائي يسعين إلى المحافظة على
أسرهن».
أما من ناحية تأثيرهن على المجتمع قال: «إن الخادمات في مجتمعنا لهن شكلان: الأول
اللائي يعملن وقتاً إضافياً ويتنقلن من منزل إلى آخر، وهن أكثر خطورة من المقيمات،
لأن معظمهن يعمل من دون ترخيص وهن يحملن أمراضاً مختلفة يقمن بنقلها إلى منازل
الذين يعملن بها، إضافة إلى مشكلات أخلاقية وأمنية من سرقة وغيرها،
هن يظهرن في الشوارع بأشكال لا تدل على أنهن خادمات من أجل إبعاد الشبهة عنهن، وهذا
النوع من الخدم لا يؤثر تأثيراً سلبياً كبيراً على المنزل من الناحية النفسية
والاجتماعية، لأنه لا يجلس وقتاً كبيراً في المنزل، أما الشكل الثاني للخدم فهم
الذين يقيمون بالمنزل بشكل مستمر، ولكن لديهم يوم إجازة واحد أسبوعياً أو كل خمسة
عشر يوماً، وأغلبهم يتواجدون عند العائلات الأجنبية،
فيقمن يوم الإجازة بأعمال حدث ولا حرج والتي تسيئ للمجتمع ويمكن أن تؤدي إلى انتشار
الأمراض والجرائم، فقبل سنتين قام أحد الأشخاص بطعن شخص من أجل خادمة، وهذا فضلاً
عن العلاقات التي تقيمها مع صاحب البقالة، والناطور، وصاحب المغسلة. وأضاف عند جلب
الخادمة للمنزل يجب على العائلة ألا تدور على المكاتب الرخيصة، وأن تجلب خادمة
مسلمة إذا كانت الأسرة مسلمة، ويوجد خادمات يحملن شهادات ومثقفات».
أما هدى حسن الاختصاصية الاجتماعية في مستشفى راشد قالت: «إن الخدم لا يمكن
الاستغناء عنهم في وقتنا الحاضر رغم كل المشكلات التي قد يسببنها لأسرنا والأطفال
هم الأكثر تعرضاً لهذه المشكلات، فمن الناحية الاجتماعية يتعلم الطفل طريقة اللبس،
والأكل، واللغة من الخادمة، ويتعلق بها لأنها هي التي ترافقه في أغلب الأماكن،
فهو لا يستطيع اللعب من دونها، لذا نجد الطفل يذهب إلى خادمة أخرى إذا كانت تشبه
خادمته، ومن الناحية الصحية تقوم الخادمات بنقل أنواع كثيرة من الفيروسات
والجراثيم، بسبب قلة التعود على النظافة، وخاصة أن معظم الخدم من بلاد آسيوية لا
تعرف النظافة ولا الطهارة، لأنهن من بلاد غير إسلامية،
أما المشكلات النفسية هي تعلق الطفل بصدر خادمته والتعود على وجهها أكثر من وجه
والدته، وخاصة في حال مغادرة الخادمة المنزل، قد يصاب الطفل بمرض نفسي ومن ثم عضوي
ولا يمكن علاج المرض العضوي إلا بعد علاج المرض النفسي، وبعض الخادمات يتحرشن
بالأطفال جنسياً مما يؤدي إلى انحراف الطفل وتعلم أشياء كبيرة جداً على سنه».
أما رأي بعض العائلات في الخادمات فيختلف بعض الشيء فقد قالت ميثاء عبد الجليل: «إن
وجود خادمة شي مهم في البيت، ولا يمكنني الاستغناء عنها من أجل ابني، لأنني أعمل
خارج المنزل ووقت عودة ابني للمنزل لا أكون فيه، وأضافت ان اختيار الشخص المناسب
للعمل لا يؤثر نهائياً على المنزل، فخادمتي لم تستطع أن تدخل أي عادات على منزلي،
وابني يحبها كثيراً، ورغم ذلك فهو غير متعلق بها، والدليل على ذلك وقت وجودي لا
يفارقني ويطلب مني عمل جميع احتياجاته».
أما أم حسين فتقول: «إن الخادمة شر لا بد منه، لأننا خمسة أشخاص في المنزل، وجميعنا
نعمل خارج المنزل، لذا نحن بحاجة لمن يراعي نظافة وترتيب المنزل وإعداد الطعام لنا
عند عودتنا للمنزل، وأضافت اننا نساعد الخادمة وقت وجودنا في المنزل، وهي لم تستطع
التأثير علينا، بل نحن أثرنا عليها وعلمناها طريقة إعداد طعامنا وعاداتنا وتقاليدنا
في المنزل، وتطبيعها. فمثلاً ممنوع أن تطهي الطعام وشعرها غير مربوط، وأن ترتدي
ملابس خاصة للتنظيف، وملابس خاصة للطهي، وأصبح لها عندنا مدة طويلة، ومع ذلك نستمر
بمراقبتها، وتعليمها».
وقالت أم شمس: «أنا أم لابنتين توأم تبلغان من العمر 11 شهراً، وأنا أعمل خارج
المنزل وأغيب عنه نحو ثماني ساعات يومياً، لذا أنا بحاجة لمن يعتني بأطفالي، ولا
أفضل الحضانة لأنه عن طريقها ينتقل الكثير من الأمراض، فالمنزل آمن وأنظف لهم،
وأطفالي متعلقون بالخادمة،
وأنا فخورة جداً بهذا التعلق، لأنه دليل حب لها، وهي تعتني بهم بالشكل الصحيح،
والمطلوب من دون إيذاء، وفي الوقت نفسه الخادمة ساعدتني على أن أكون أماً وموظفة في
وقت واحد، وعن علاقتي مع زوجي لم تتأثر أبداً، بل على العكس وجود الخادمة أعطاني
فرصة ووقتاً أكبر من أجل الاهتمام بنفسي وزوجي، وأضافت ان المعاملة الحسنة للخادمة
هي التي تحدد تصرفات الخادمة في المنزل».
سمانا النصيرات