الخلل المعرفي المعتدل mild cognitive impairment حالة تؤثر على استرداد ذكريات الفرد، وأدائه البصري المكاني، وتصبح مهاراته اللغوية وانتباهه أقل من الأداء العادي لقدرة الفرد المعروفة، لكن من دون إضرار كبير بوظائف يومية. حُدّد نوعان فرعيان من الخلل المعرفي المعتدل: فقدان ذاكرة (خلل يؤثر على الذاكرة) وعدم فقدان ذاكرة (لا تتأثر الذاكرة كثيراً).
يصبح الخلل المعرفي المعتدل غالباً مصدر قلق نتيجة تحقيق الذات؛ لأن أفراداً يبدؤون الظنَّ أن قدرتهم العادية سليمة نوعاً ما. يتمتع هؤلاء الأفراد عادة بتبصّر حسن وفهم جيد لقدراتهم، وهم غالباً أول من يعرف أنه يقول شيئاً لا يبدو صحيحاً، ويشتكون إلى مراكز الرعاية الأوّلية بأن أداءهم أقل مما يتوقعون أنفسهم، وهذه شكاوى مرتبطة بإحدى سمات حياتهم فقط (مثال: ذاكرة أو لغة) لا اثنتين أو ثلاث. ستنقل مشكلتان أو أكثر هؤلاء الأفراد إلى فئة تتضمن تشخيص عته. من ثم، ميزة الخلل المعرفي المعتدل هي أنه عجز في منطقة وظيفية واحدة لا عدّة مناطق، بخلاف، مثلاً، داء ألزهايمر حيث ينبغي أن يصيب الخلل منطقتين أو أكثر لتشخيص الإصابة به.
كما لوحظ آنفاً، هناك حالياً نوعان فرعيان من هذا المرض. يشير الخلل المعرفي المعتدل للذاكرة إلى حقيقة أن الفرد يعاني مشكلة مرتبطة تماماً بصفة ذاكرة، لكن لا تُلحظ حالات عجز أخرى خارج هذا النطاق. في الخلل المعرفي المعتدل خارج الذاكرة، ترتبط المخاوف بمنطقة معرفية لا تعتمد على الذاكرة، مثل الانتباه، وقدرة إيجاد اللغة، أو حركات موجّهة بصرياً. تذكّر أن هذه المخاوف ينبغي أن تكون خارج نطاق العادي وأن تؤثر كثيراً في قدرة المرء على الإنجاز عند مستوى طبيعي ويومي. هذا لا يعني، مثلاً، أنك إذا نسيت مكان وضع مفاتيح سيارتك مرتين في الأسبوع الماضي، فستكون مصاباً بخلل معرفي معتدل، ومهم أن نتذكر أن الحال ينبغي أن تؤثر كثيراً على وظائفك اليومية، وأن تبدو، بناءً على وظائفك “العادية”، خارج نطاق العادي إلى حد أن تلاحظ تأثيرها على حياتك. قد يكون أحد الأمثلة نسيان أين وضعت مفاتيحك أربع مرات أسبوعياً في الأسابيع القليلة الماضية، وملاحظة أنها تظهر في المجمّدة أو المايكرووايف. إذا لم تنسَ مفاتيحك إطلاقاً من قبل وهذا يؤثر في قدرتك على تنفيذ نشاطات يومية، فقد يكون هذا مصدر قلق وينبغي أن تخضع لتقويم خلل معرفي معتدل أو مرض آخر. أرجو أن تتذكر أنني قد قدّمت هذا المثال على أنه نوع السلوك الذي قد يقع في مجال الخلل المعرفي المعتدل أو العته الممكن.
نحن البشر نشخّص المعلومات في جهدٍ لفهمها وجعلها منطقية. من ثم، عند تشخيص الإصابة بخلل معرفي معتدل، مثلاً، لا نسأل غالباً عن نوع المرض الذي يصيب دماغي، وعادة ما نرغب بمعرفته هو كيف سيؤثر علينا (أي سلوكياً). كيف ستكون وظائفي كل يوم؟ ما الذي يحمله المستقبل؟ ماذا يمكن أن أفعل؟ هل سيكون هذا ملحوظاً لكل من حولي؟ هذا غيض من فيض أسئلة يطرحها أفراد غالباً حين يواجهون هذا التشخيص، وسأجيب عن هذه الأسئلة في نهاية هذا الموضوع، لكن أولاً لنركّز على الدماغ ونفهم مرَضياً ما يجري ليمنحنا بعض الأفكار عمّا قد يسهم في عجز خلل معرفي معتدل.
علم أمراض الخلل المعرفي المعتدل
ستكون كتابة هذا الموضوع سهلة جداً إن استطعنا القول إن (أ) يسبّب (ب). على كل حال، مثل معظم الأشياء في علم الأعصاب، ليس هذا بسيطاً، وأظن أن مجموعة من الباحثين أجادت القول حين أكّدت “عدم وجود رصاصة فضّية” في هذا الوقت تلائم مجموعة أحداث مَرَضية، وجزيئية، وخلوية تجري في دماغ مصاب بخلل معرفي معتدل. هناك عدد من الأحداث السيئة التي تجري حين يتقدّم دماغك وجسدك بالعمر، وقد تؤثر بعضها على قدرتك المعرفية وتؤدي إلى تلف معرفي مثل خلل معتدل، أو بنحو أكثر سوءاً، مرض مرتبط بعته. لا تُعرف بالتأكيد الأحداث المسؤولة تحديداً عن الإصابة بعجز خلل معرفي معتدل، وفي الواقع يستغرق الأمر عدداً من الأحداث التي تجري معاً (تآزراً) لتسبب تقدم التلف المعرفي. إضافة إلى هذا، يمكن أن تتأثر استجابة دماغ شخص لهذه الأحداث “السلبية”، كما أظن، بما قد فعله الفرد ويفعله حالياً لحماية صحته أو صحتها (دماغاً وجسداً). بوصفنا باحثين، لسنا واثقين بما يُحدث الخلل المعرفي المعتدل، وقد يكون شيئاً واحداً أو عدّة أشياء، تؤدي إلى سلسلة قضايا ينتج عنها اضطراب معرفي في دماغ المرء. لن يعرف أفراد ما يجري، مثلاً، على مستوى كيميائي في أدمغتهم، وربما يتلقون، على كل حال، تغذية سلوكية راجعة عبر انخفاض قدرات معينة. في حال الخلل المعرفي المعتدل يمكن التقليل من هذا التأثير السلوكي الذي قد يعدُّ علامة تحذير عما يلوح في الأفق في الأقسام التالية، وسأسلّط الضوء على بعض هذه الأحداث التي ربما تجري. على كل حال، أرجو أن تتذكّر أن هذه أمثلة عما قد يجري (وليست بأي وسيلة قائمة شاملة)، ومجدداً، كل فرد هو كذلك – فرد – وربما تكون استجابة الدماغ مختلفة تماماً من شخص إلى آخر.
تشابكات لييفية عصبية
في علم أمراض داء ألزهايمر، يُشار حالياً، بناءً على فحوص تالية للوفاة لأدمغة عدّة أفراد كانوا مصابين بداء ألزهايمر وظهرت عليهم أعراض تشابكات لييفية عصبية في أثناء تقدّم المرض، بأن المرض يسلك مسار عملية مرحلية معينة. تتأثر مناطق انتقائية بهذه التشابكات لدى أفراد مصابين بخلل معرفي معتدل، وهي ليست واسعة الانتشار كما قد ترى في حالات داء ألزهايمر، والمناطق المصابة في أفراد الخلل المعرفي المعتدل هي أساساً في قرن آمون؛ منطقة مهمة للذاكرة، والمناطق الجدارية، المهتمة بالإدراك الحسّي، واللغة، والتكامل الحركي الحسّي (الذي قد يؤثر على حركاتك الموجّهة بصرياً). يلائم علم الأمراض (المتعلّق فقط بالتشابكات اللييفية العصبية) التفسيرات السلوكية المقدّمة آنفاً التي قد تكون إحدى القضايا الرئيسة في دماغ مصاب بخلل معرفي معتدل.
النشاء
صفائح نشاء بيتا، حين تنتشر كثيراً عبر الدماغ، هي إحدى الروابط الرئيسة في فهمنا لما يؤثر على النقل العصبي في داء ألزهايمر. فيما يتعلق بالخلل المعرفي المعتدل، هذه الصفائح موجودة، لكن تأثيراتها تكون محدودة جداً إلى أن تنتقل إلى العصبونات. في الواقع، ظهرت في أدمغة أفراد مصابين بخلل معرفي معتدل وبعض مرضى حالات الخلل غير المحدّدة كميات مهمة من صفائح نشاء بيتا في فحوصات بعد وفاتهم، لكن من دون التلف المعرفي الذي يُلحظ، مثلاً، في فرد مصاب بداء ألزهايمر، من ثم الصلة بين المرض والسلوك غير واضحة. لا تبدو محاولة استخدام نشاء بيتا على أنه إشارة بيولوجية لتمييز فرد عادي عن آخر مصاب بخلل معرفي معتدل عملية موثوقة. على كل حال، ما يبدو مهماً بشأن هذه الصفائح هو أنها عندما تنتقل إلى مناطق معينة في الدماغ، وتؤثر على العصبونات مباشرة (صفائح التهابات الأعصاب)، وتتحرّك عميقاً في القشرة، يختبر أفراد على الأرجح صعوبات معرفية، وتظهر عليهم من ثم حالات عجز سلوكية يمكن تعريفها بأنها خلل معرفي معتدل، ودور صفائح النشاء هذه هو إيقاف النقل بين أجزاء الدماغ. على كل حال، تتمتع أدمغة نشيطة بأكثر من قناة ترسل عبرها معلومات بين أجزائها، من ثم قد يكون تطور كمية أكبر من الصفائح (تحديداً صفائح التهابات عصبية) في بعض الأفراد سبباً في إحداث اضطراب سلوكي. من دون هذا التغيير السلوكي، لن يقلق أفراد على الأرجح من إصابتهم بمرض أو أن يتوثقوا في الواقع من خلوهم من أعراض مرتبطة بعته.
الخلل المعرفي المعتدل، والمرونة، والعصبونات
يلعب تخلّق النسيج العصبي (أو تخلّق الممسّات العصبية) دوراً مهماً في الحفاظ على دماغ سليم. نتمتع جميعنا بالقدرة على إنشاء عصبونات جديدة، ولدينا كلنا مقدرة مرونة دماغية في أي عمر. هذه القدرة، من وجهة نظر علم الأمراض العصبية، تضطرب غالباً في نماذج من أمراض تنكّس عصبي مثل داء ألزهايمر أو خلل معرفي معتدل. في الواقع، أظهر البحث أن المرونة الدماغية تتأثر في حالات داء ألزهايمر والخلل المعرفي المعتدل نتيجة انخفاض في بروتينات مثل بي-إس-دي-95 (PSD95) وإف-أكتين (F-actin)، ويلعب كلاهما دوراً مهماً في تحفيز تخلّق النسيج العصبي. من ثم، إبطاء أو إبطال تخلّق النسيج العصبي قد يكون نتيجة عدم توازن عصبي (عمليات دماغية جيدة تتأثر بعادات سيئة ضمن دماغ المرء) – لكن إلى حد معين فقط، بحيث لا تكون تأثيرات حالة مرضية كاملة ظاهرة تماماً. إضافة إلى هذا، ما قد يكون أكثر وضوحاً في هذه الحالات هو القضايا الوعائية (أي تضرر الشرايين الدموية أو تدفق الدم). تُربط عدّة أنواع فرعية من العته الآن بمشكلات وعائية دموية صغيرة أو كبيرة، وربما تحدّد هذه الاعتلالات بداية مرحلة تطوّر خلل معرفي معتدل أو مرض عته أكثر خطورة. مع مضي باحثين وأطباء قُدماً، يمكن وينبغي أن يُفحص هذا في كل حالة فرد.
قضية أخرى تُفحص حالياً في أفراد مصابين بخلل معرفي معتدل هي ما يجري في مناطق المستقبلات بين عصبونات يمكن أن تتواصل مع بعضها بعضاً. يحاول باحثون معرفة إن كانت العصبونات المرسلة (النقل العصبي) تعاني مشكلات في بعث رسائل، أو أن العصبونات المستقبلة (التوصيل) تعاني خللاً في استقبال الرسالة، وهناك طبعاً عدّة أنواع من المستقبلات وأنواع مختلفة من المواد الكيميائية (نواقل عصبية) التي تُنقل بين عصبونات. على كل حال، الاهتمام الرئيس لكل من داء ألزهايمر والخلل المعرفي المعتدل هو الأستيل كولين (يُلفظ أستيل-كولين)، الذي يُخبر العصبون الآخر بأن يعمل ويرسل الإشارة، وينبغي أن يفعل هذا بسرعة؛ لأن حياته قصيرة وينتهي بسرعة بالأستيل كولينستيراز. في داء ألزهايمر دُرس هذا بنحو شامل، والعديد من الأدوية الحالية المستخدمة لمكافحة أعراض العته مصممة لزيادة الأستيل كولين المتوافر، وهذه محاولة لزيادة الإشارات بين عصبونات. في الخلل المعرفي المعتدل، على كل حال، ليس هناك عدد كبير من الأبحاث المنجزة عن هذه الحالات، وقد أظهر البحث أنه إذا عانى فرد مصاب بخلل معرفي معتدل عجزاً في موقع التوصيل (موقع استقبال الرسالة)، فسيتطوّر لديهم على الأرجح داء ألزهايمر. لا يُعرف حالياً سبب هذا، لكن إذا استطعنا إجراء أبحاث أفضل لتحديد ما يُحدثه في مرحلة باكرة من الخلل المعرفي المعتدل، فقد يزوّدنا ذلك ببعض الأدلّة عن طريقة إيقاف العملية أو ربما عكسها.
تحديد خلل معرفي معتدل
إحدى القضايا الرئيسة في تحديد أشخاص مصابين بخلل معرفي معتدل هي أن حالاتهم قد تتطوّر غالباً إلى أمراض أخرى، ولا يعني هذا بالتأكيد أن الخلل المعرفي المعتدل رابطة إلى أمراض عصبية أخرى، لكن في حالات عديدة حُدّد على أنه نذير لها. توخَّ الحذر؛ لأن الحال ليست كذلك دائماً، وسيحافظ بعض الأفراد على تشخيص خلل معرفي معتدل مدّة حياتهم ولا ينتقلون من ثم إلى حال مرضية مختلفة. على كل حال، تتنوّع الحجج بشأن هذه العملية كثيراً.
بالرغم من المعلومات المتوافرة، أحد الأسئلة الرئيسة التي يطرحها الأفراد الذين شُخّص مرضهم بأنه خلل معرفي معتدل هو: إذا كنت مصاباً بهذا الخلل، فهل سيتطور الأمر تلقائياً إلى داء ألزهايمر؟ حسناً، الجواب السريع هو أن الخلل المعرفي المعتدل لن يتطوّر في كل الأفراد المصابين به إلى مرض مرتبط بالعته، لكن هؤلاء يكونون في دائرة خطر كبير. يتعرّف أشخاص أن تلفاً معرفياً، وفيه أعراضه، قد يكون وثيق الصلة بداء ألزهايمر، من ثم هناك خوف كبير، وصحيح أيضاً، بين هؤلاء الأفراد، فهم يحتاجون ويرغبون بأن يعرفوا ما يعنيه هذا لهم. هناك اختلافات كبيرة في تعريفات الإصابة بخلل معرفي معتدل، وأدناه أوجز تحديداً بعض الأدلّة عن صلة بين هذا الخلل وداء ألزهايمر.
لقد أظهر باحثون أن مزيج أشياء قد يدلُّ على إمكانية تطور إصابة شخص من خلل معرفي معتدل إلى داء ألزهايمر، وإحدى الأمثلة البارزة هي المؤشرات الحيوية (دليل بيولوجي يؤخذ، مثلاً، من مجموعة عينات سائل دماغي شوكي). لقد أظهرت النتائج أن خطر التطوّر إلى داء ألزهايمر قد ازداد كثيراً في مرضى شُخّصت إصابتهم بخلل معرفي معتدل وظهرت لديهم تركيزات مرَضية من تاو-ت (T-tau) (مادة جينية تسد مسارات تغذية العصبونات)، وأبيتا42 (Abeta42) (صفائح تؤثر على إشارات العصبونات). ينتج عن مزيج من تاو-ت وأبيتا42 في السائل الدماغي الشوكي حساسية 95 بالمئة وخصوصانية 83 بالمئة لاكتشاف داء ألزهايمر أوّلي. من ثم، يدلُّ مزيج هذه المواد، إذا لوحظ في خلل معرفي معتدل، على وجود احتمال جيد لإصابتك بداء ألزهايمر. حدّد باحثون أن هذه الشواذ الجينية تُكتشف تحديداً عبر فحص سائل المرء الدماغي الشوكي؛ سائل جسدي موجود في النخاع الشوكي وأماكن حول الدماغ (المساحة العنكبوتية) وداخله (القسم البُطيني)، وهذا السائل يعمل أساساً على أنه حماية للدماغ. يُجرى بزل قطني للحصول على عينة من السائل الدماغي الشوكي، والعملية تُنجز غالباً بنحو صحيح في عيادة طبيب. عندما تُشخّص حالتك بخلل معرفي معتدل، يمكن لمؤشرات حيوية أن تقدّم دليلاً عن إمكانية إصابتك بداء ألزهايمر، لكن بوصفك مريضاً ينبغي أن تهتم بالسبب الذي تُفحص لأجله وما يجري تقويمه. لا ينطوي إجراء بزل قطني، لأنه يجري في نهاية النخاع الشوكي في الفقرتين ل3/ل4 حيث توجد نهايات أعصاب فقط، على خطر كبير في إحداث شلل، وهناك مبالغة كبيرة في هذا الخطر بناءً على موقع السائل النخاعي الشوكي. على كل حال، الخطر في عدّة بيئات سريرية منخفض جداً، ولا يقوم أطباء عامون ممارسون عادة ببزل عينة سائل دماغي شوكي، وإذا فعلوا، فلن يكون لديهم على الأرجح مختبر يتمتع بالخبرة لتقويم العينة وتحديد مستويات الخطر والعلامات الجينية المذكورة سابقاً. مهم، على كل حال، الاهتمام بهذه المؤشرات الحيوية، التي قد تساعد فرداً في الاستعداد لما هو قادم وفهمه. أخيراً، ينبغي أن أذكر أيضاً أن البزل القطني عملية مؤلمة جداً وقد تتضمن تأثيرات جانبية مثل صداع وتيبّس شديدين، لذا فهم كل خياراتك وهدفك النهائي مهم قبل المتابعة.
هناك، طبعاً، طرق أخرى يستطيع بها باحثون تقويم احتمال تطوّر إصابة فرد من خلل معرفي معتدل إلى داء ألزهايمر، وإحدى أفضل الطرق وأبسطها لفعل هذا هي عبر مؤشرات تخطيط أعصاب. قاس باحثون سماكة القشرة في نقاط دماغية معينة لتحديد احتمال استمرار تطوّر إصابة فرد إلى داء ألزهايمر كامل، ويُستخدم هذا النوع من القياس عادة، مع أخرى غيره، بالتوازي مع مقاييس سلوكية في جهدٍ لتحديد العلاقات بين ما يمكن رؤيته في الدماغ وما يعنيه هذا سلوكياً. فحصت دراسة صور رنين مغناطيسي لتحديد سماكة القشرة في مرضى، من ثمَّ تحديد فاعلية أدائهم لفهم احتمال إصابة أفراد معينين بداء ألزهايمر. المثير للاهتمام أنهم اقترحوا أن انخفاض سماكة القشرة في الفص الصدغي السفلي الأيمن للشخص، وتدنّي نقاطه السلوكية (أقل من 15.67) على مقياس تقويم داء ألزهايمر سيكون مؤشراً جيداً على احتمال إصابته بداء ألزهايمر. في الواقع، أشاروا إلى معدّلات متوسطها 92.7 بالمئة للإصابة بداء ألزهايمر عند هذا المستوى من النقاط السلوكية، ومعدّل 88.8 بالمئة للإصابة بداء ألزهايمر إذا انخفضت سماكة قشرة شخص بنحو كبير (أصغر من 2.56 ملم3). كما هي الحال مع السائل الدماغي الشوكي، لا يزال تقويم سماكة قشرة شخص شيئاً صعباً، خاصة إن لم يكن لدى طبيبك العام معدّات التصوير بالرنين المغناطيسي أو الخبرة الضرورية لقياس سماكة القشرة بنحو ملائم. كما ذُكر آنفاً، سيتضمن تشخيص صحيح لداء ألزهايمر محتمل أو ممكن فحص تخطيط أعصاب، يتوثّق المرء في مرحلة منها من سماكة القشرة في أجزاء دماغية معينة. على كل حال، يجري هذا النوع من التقويم غالباً في حالات الخلل المعرفي المعتدل، ونظراً إلى الضغط الكبير على موارد الرعاية الصحية، قد يكون الحصول على رعاية من هذه الطبيعة صعبة أو محدودة جداً.
الخلل المعرفي المعتدل والحياة اليومية
أخيراً، لإنهاء هذا الموضوع، أودُّ الإجابة عن الأسئلة التي طرحتها سابقاً: كيف سأؤدي وظائفي كل يوم؟ ما الذي يحمله المستقبل؟ ماذا يمكن أن أفعل؟ هل سيكون هذا ملحوظاً لكل من حولي؟ هذه بعض الأسئلة التي يطرحها أفراد غالباً حين تُشخّص إصابتهم بخلل معرفي معتدل. حسناً، أولاً، النبأ السار بشأن الخلل المعرفي المعتدل هو أنه تلف معتدل، من ثم لا يكون هناك عموماً تأثير كبير على حياة المرء، كما هي الحال مع تشخيص بالعته. الشكوى العامة التي يبلغ عنها أفراد مصابين بخلل معرفي معتدل هي إدراكهم أنهم لا يؤدون وظائف بمستوى طبيعي، ولهذا لا يدرك أفراد حولهم على الأرجح أي قضايا إلا إن أشار الفرد إليها. فيما يتعلق بأداء الوظائف يومياً، ولأن أفراداً مصابين بخلل معرفي معتدل يدركون عموماً نقاط ضعفهم، يمكنهم استنباط استراتيجيات للتعويض عن ذلك وقت الضرورة. مثلاً، إذا كانوا معتادين على أن يتذكّروا ضمنياً وقت موعد لهم، يمكن أن يعدّلوا سلوكهم باستخدام أداة خارجية مثل نظام جدولة رقمي لتذكيرهم بمواعيدهم. إذا كان تذكّر معلومات عامة مثل عنوان صديق يبدو صعباً، يمكن أن يعوّضوا ذلك بحمل ورقة معلومات قياسية لتسجيل معلومات مهمة معينة.
فيما يتعلق بمستقبل المرء، هذا سؤال صعب. هل يستطيع شخص الاستمرار مع خلل معرفي معتدل وقتاً طويلاً؟ بالتأكيد. هل يمكن أن يصاب أو تصاب بمرض مرتبط بعته؟ الجواب أيضاً نعم. فيما يتعلق بما يستطيع المرء فعله، يمكن أن يزيد نشاطه، معرفياً وبدنياً، إضافة إلى مراقبة ما يأكله وفهم فوائد نشاطات وأغذية معينة.