تحتل دراسة المخاوف عند الطفل أهمية خاصة لدى علماء النفس حيث يمثل سلوك الطفل الأساس المهم لسلوك الراشد. ولهذا يعتقد الكثير من علماء النفس أن المخاوف وما يتصل بها من حالات الاضطراب النفسي والقلق تشكل جزءا كبيرا من الدوافع البشرية التي تزداد في مرحلة الطفولة.
هناك الخوف الطبيعي الذي هو شعور أو إحساس بالخوف. ويكون طبيعيا، ويظهر كرد فعل لمؤثر خارجي يتخذ الطفل إزاءه أسلوبا وقائيا أو دفاعيا، فمخاوف الأطفال هي مخاوف محسوسة، والمقصود هنا المخاوف الحقيقية وأسبابها حقيقية وواقعية يعبر عنها الطفل بسهولة ووضوح. وهناك المخاوف المرضية، حيث لا يكون لها سبب حقيقي معروف، وتكون شديدة، مبالغ فيها، وتستمر لفترة طويلة من أشياء أو مواقف أو أشخاص. وهذه المخاوف ليس لها ما يبررها في الواقع، وتسبب لصاحبها القلق والشعور بالعجز.
تعريف المخاوف المرضية
الخوف حالة شعورية وجدانية يصحبها انفعال نفسي وجسمي بسبب مؤثر خارجي أو داخلي نتيجة الإحساس بالخطر الذي يتهدد الحياة والبقاء. وتعبير الخوف يظهر في حركات وصراخ وتغيير لون الجلد وضيق التنفس وغير ذلك. يقوم الطفل بردود فعل جسدية مختلفة للتخلص من المثير الذي يؤلمه أو يتهدد حياته. والاختلاف بين الخوف الطبيعي والخوف المرضي هو اختلاف في الدرجة والشدة وفي المثير الذي يثير الخوف، وقد لا يكون واقعيا.
أسباب الخوف عند الأطفال
1. الصدمات الانفعالية الشديدة والمؤلمة: قد تكون مخاوف الأطفال ذات علاقة بموقف مؤلم مخيف كأن يذهب الطفل مع أمه أو أبيه إلى المستشفى، ويشاهد هناك الطبيب يقوم بعمل يثير الألم الشديد عند الطفل، أو يرى الدم ينزف من طفل في المشفى فيقوم الطبيب بخياطة الجرح، والطفل يصرخ ويتألم. كما أن الخبرة الصادمة في حالة الأطفال الصغار مع كلب يمكن أن تؤدي إلى تعميم للخوف من جميع الكلاب، وجميع الحيوانات ذات الفراء.
2. تخويف الأطفال: قد يلجأ الوالدان إلى تخويف الأطفال إذا تأخر الطفل عن النوم بعد ذهابه للفراش، فيلجأ الوالد أو الوالدة إلى تهديد الطفل بأنه سوف يحضر له أحد الحيوانات المفترسة أو أن هذا الحيوان المفترس ينتظره خارج الباب، وسوف يأكله إذا لم ينم. فكيف لمثل هذا الطفل أن ينام نوما هادئا وهو مهدد بهجوم من مثل هذا الحيوان عليه. وهكذا فإن الطفل الصغير يصدق هذا التهديد، ويستجيب لأمه وهو يتألم من الخوف ويبقى هذا التأثير إذا لم يعالج يؤثر في شخصية الطفل حتى نهاية الحياة. فإن حشو دماغ الطفل بمثل هذه الخرافات والأوهام وإرهابه بالحيوانات المفترسة والأشباح والشعوذة يجعله يقضي وقته في التفكير في هذه الخرافات، مما يبدد طاقته الذهنية في أمور لا جدوى منها.
3. التقليد: الخوف انفعال يكتسبه الطفل من البيئة التي يعيش فيها، تماما مثلما يتعلم أخلاقه وميوله واتجاهاته المختلفة، فالأطفال يكتسبون مخاوف والديهم عن طريق التقمص أو التعلم بالملاحظة. ومخاوف الأطفال التي يتم اكتسابها تأخذ شكلا من الثبات في الشخصية.
4. المشاهدات التي يراها الطفل في وسائل الإعلام: كالتلفاز والقصص التي تحتوي على أشكال العنف. والتأثير السلبي لمثل هذه المشاهد يجعل الطفل يعتقد أن ما يراه حقيقة، وليس مجرد تسلية.
5. الأسباب الأسرية: الظروف الأسرية المضطربة والتي يسودها التوتر والمشاحنات بين أفراد العائلة تؤدي إلى شعور بعدم الأمن، ويتطور هذا الشعور ويتضخم عند الطفل ليصبح على شكل خوف مرضي بالإضافة إلى أساليب التربية المتزمتة أو العطف الزائد وعدم المساواة بين الأطفال يتطور ليصبح على شكل خوف مرضي وفقد الثقة بكل المحيطين.
أنواع المخاوف عند الأطفال
1. المخاوف الليلية: عند الطفل هي نوبة هذيانية أساسية. إنها تحدث ليلا، وأسبابها هي نفسها الأسباب التي يتأثر فيها الأطفال بالمشاهد التلفزيونية المرعبة وبالقصص التي يسمعونها. وأحيانا يستيقظ الطفل من نومه وهو يبكي، أو يصرخ هربا من حلم مزعج أو أشباح مخيفة.
2. الخوف من الظلام: إذا كان الظلام حالكا، يصبح المكان في إدراك الطفل مجردا من الحدود والنهايات. وإذا كان الظلام جزئيا، فإن ما به من جزئيات يسهل أن تتحول في نظر الطفل إلى أشباح غريبة.
3. الخوف من الموت: الموت مظهر من مظاهر العزلة. فالموت حادث يعانيه الشخص على انفراد. والطفل الصغير يتألم أشد الألم من مظاهر العزلة التي يتصف بها. فهو يبكي على الحيوان الصغير الذي يموت عنده، ويحرم من تدليله.
إن الطفل محب بطبيعته للاستطلاع واستكشاف غوامض الأشياء، وخاصة إذا ما اقترنت بتغير وتبدل.
أشكال الخوف المرضي
• خوف من المرتفعات والأمكنة العالية.
• خوف المرض والموت.
• خوف الأمكنة الواسعة المنعزلة.
• خوف الأشباح والظلام والشياطين.
• خوف من الحيوانات بأنواعها.
• خوف الأماكن المغلقة والاحتجاز.
علاج الخوف عند الأطفال
1. تمكين الطفل من المهارات اللازمة لمواجهة المخاوف الناتجة عن ضعف خبرته عن الكائنات والأشياء والواقع.
2. الألفة: ألفة الشيء أو الوضع كفيلة بالقضاء على المخاوف، ولا سيما فيما يتعلق بالمخاوف من الأماكن المظلمة والمرتفعة والخوف من الحيوانات الأليفة.
3. المواجهة: فكثير من الأطفال تخلصوا من مخاوفهم حين رأوا الكبار لا يخافون منها، ويواجهونها. كما أن النضج الكافي كفيل بأن يزيل كثيرا من المخاوف. وكذلك تمثيل شخصيات الأقوياء والأبطال.
تأليف: أنس شكشك