نقلنا الخبراء في السنوات القليلة الماضية من الادعاء الذي يقول بأن جميع الدهون سيئة ومضرة، إلى موقف أكثر واقعية يقول: “إن بعض الدهون جيدة ومفيدة”، هذه هي الرؤية العقلانية الحالية.
المشكلة أن هذا التحول – كمعظم التحولات في بدايتها – ترك نوعاً من الاضطراب والتشوش، فكيف يمكن أن نتصور أن زيت الزيتون أكثر فائدة للصحة من سائر الزيوت النباتية وهو يشبهها! وأيّهما الأكثر نفعاً للصحة، المارجارين أم الزبدة؟ ما السمات التي تجعل دهناً ما مفيداً، ودهناً آخر مضراً؟ كيف يمكن لأي فرد أن يعرف الإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها، وهل يستلزم ذلك أن يكون خبيراً أو دارساً للكيمياء؟
يكتشف العلماء في كل يوم أن حصولك على ما يكفي من الدهون المفيدة، والإقلال من الدهون الأقل فائدة، له فائدة حاسمة على صحتك من عدة اتجاهات.
كثير من الخبراء يعتقدون أن بعض أكثر الأمراض شيوعاً هذه الأيام يمكن التحكم في مسارها أو حتى يمكن تحاشيها، إذا تمكنا من تناول الدهون المناسبة.
تظهر الأبحاث أن الدهون الجيدة أو المفيدة يمكن أن تؤثر على طيف واسع من المشكلات الصحية، تشمل أمراض القلب، وبعض أنواع السرطان، وارتفاع ضغط الدم، وبعض الالتهابات، والنمط الثاني للداء السكري، والداء الرثياني، والفُصال العظمي osteoarthritis، وأمراض الكلية، وبعض اضطرابات الجهاز الهضمي (مثل داء القولون التقرحي، وداء كرون)، والربو، والاضطرابات العاطفية والنفسية، والوظيفة الدماغية، وأخيراً وليس آخراً البدانة والتحكم في وزن الجسم.
قد يبدو ذلك غريباً، إلا أنها الحقيقة، أن ملايين الناس في العالم، و% 60 من الأمريكيين الذين يعانون من البدانة أو زيادة الوزن، يمكن أن يساعدهم اختيار الدهون المناسبة في علاج مشكلتهم. وكيف يتسنى لهم ذلك؟ لأن الدهون الجيدة تعتبر العامل الأساسي في إنقاص الوزن وتدبيره.
الحفاظ على وزن مثالي صحي ليس مجرد مظهر جميل يدعو إلى التباهي، فأي زيادة في الوزن، ما هي إلا رصفٌ للطريق نحو الكثير من العلل الصحية التي ذكرت آنفاً. ويمكنها أن تعرض الصحة إلى الأخطار، من عدة اتجاهات. وفي واقع الأمر، إن البدانة الزائدة أصبحت تشكل في الكثير من المجتمعات، أحد أهم الأسباب التي يمكن معها، بعد التدخين، حدوث الوفاة.
يعدد الخبراء عدة أسباب لموجة البدانة التي تنتشر في العالم، وربما أحد أسبابها، التي تدعو إلى السخرية هي الانفجار الناجم من عرض الأطعمة “الخالية من الدهون”، أو “الفقيرة في محتواها من الشحوم” على رفوف المحلات في السنوات الأخيرة، هذا الذي يسمونه ” الأطعمة الصحية “، والذي أصبح يمثل حجماً فلكياً من الاستثمارات بلغت عدة بلايين من الدولارات، وفي نفس الوقت، تزداد بدانة الفرد، ويفشل في أن يصبح أكثر تمتعاً بالصحة – وبكل صراحة – هناك خطأ ما يحدث في تلك المعادلة.
أحد أوجه المشكلة أن كثيراً من المستهلكين كانوا ضحية الوهم بأن أي طعام تقل فيه نسبة الدهون يكون أكثر فائدة بالنسبة لصحتهم، وربما يساعدهم على إنقاص وزنهم، ولكن في الحقيقة، العكس تماماً هو الصحيح! حتى يعوضوا فقدان النكهة (والدهون تعطي نكهة طيبة) من الطعام، يضطر منتجو هذه الأطعمة أن يضيفوا سكريات، وهذه الكربوهيدرات البسيطة تضيف كمية كبيرة من السعرات الحرارية، وتفقدها في نفس الوقت الكثير من القيمة الغذائية، وعلى هذا الأساس، فليس من المستغرب أن الناس يستهلكون دهوناً أقل، ولكنهم يضيفون إلى وزنهم أرطالاً أكثر.
في الوقت نفسه، فشلت خطة إزالة الدهون من الأطعمة في أن تعطي الفوائد التي بشر بها أصحاب هذه الخطة، فأمراض القلب والسرطان، والسكتة (الجلطة) الدماغية، مازالت على رأس الأسباب المسببة للوفيات في الولايات المتحدة الأمريكية وفق إحصاءات مركز مراقبة الأمراض. ففي سنة 1999 كانت نسبة الوفيات بسبب الأمراض الثلاثة هي نفسها تقريباً كما كانت في سنة 1981 وبدا من الواضح أن خطة تخفيض الدهن في الأطعمة لم تخفض من نسبة خطورة حدوث هذه الأمراض الأكثر شيوعاً.
الجزء الثاني من المشكلة التي تخص هذا التشوش في مسألة الدهون، هو أننا أخبرنا في المرحلة الأولى، أن نتخلص قدر الإمكان من الدهون في طعامنا. ثم جاءت مرحلة أخرى خرجوا علينا بمقولة أن بعض الدهون مسموح بها ولا بأس منها، وبعض الدهون الأخرى ليست كذلك. في نفس الوقت بدء المرشدون في شؤون التغذية يتجادلون حول خطط الطعام، (هل الغنية بالبروتينات، أم الغنية بالكربوهيدرات، أم الخالية من الدهون) وازداد الجدل بينهم، وازداد التشوش بين الناس، ورفعوا أيديهم مستسلمين، وبكل بساطة يئسوا من هذا الجدل.
من الواضح، أن الإعلان أن الدهون هي العدو الأول، ما هو إلا إفراط في تبسيط الأمور. فالحقيقة أن الجسم يحتاج إلى الدهون، أو بشكل أكثر دقة أن الجسم يحتاج إلى النوع الصحيح من الدهون. وبهذه الأنواع الصحيحة، سيكون تطور خلايا الدماغ والجهاز العصبي بشكل عام أفضل، ستمتص بعض الفيتامينات بشكل أحسن، وهذا سيؤثر على الشعر والجلد، فيكونان أبهى رونقاً وشكلاً، والأنواع المناسبة من الدهون ستساعد على سلامة الجهاز القلبي الوعائي، وجهاز المناعة.
بالطبع ليست جميع أنواع الدهون متشابهة، فكما أن لبعض الدهون فوائد جمة حين تناولها في الطعام، فهناك مضار جمة لاستهلاك كمية كبيرة من الدهون السيئة الضارة. ولسوء الحظ فإن نوعية الأطعمة التي تستهلك في الولايات المتحدة، وربما في غيرها من البلدان، توفر كمية كبيرة من تلك الشحوم والدهون السيئة، مثل الوجبات السريعة، والوجبات الخفيفة (Snacks)، والأطعمة الجاهزة، والمقليات تحت الضغط (Fried)، ومما يزيد الطين بلة، أن كثيراً من المستهلكين المدققين في قراءة نشرات هذه الأطعمة، ربما يعتقدون أن ما يأكلون هو أفضل من حقيقة ما هو عليه. لماذا؟ لأن نشرات الأغذية تغفل كتابة المحتويات الدهنية المضرة ضمن مجموعة الدهون الموجودة في الطعام.
يوجد بين الدهون المفيدة للصحة، وتلك المضرة بالجسم، مجموعة من الدهون التي قوّمت بأن لها مساوئها، وفوائدها في الوقت نفسه، بعض الدهون يسبب تلطيفاً لحالات خاصة، وبعضها الآخر أدهش الباحثين بما اكتشفوه حديثاً عنها من فوائد صحية.
بالرغم من ذلك، يخبرنا بعض الخبراء أننا نستهلك كمية أكبر من اللازم من الدهون، في حين يقول آخرون أن المشكلة في عدم استهلاك الكمية الكافية من الدهون المناسبة الصحيحة، فلا عجب حينئذ أن يكون هناك الكثير من التشوش.
لماذا الاهتمام بموضوع الدهون بالذات؟
السبب في ذلك هو علاقة الدهون بكثير من المسائل الصحية، أهمها يمكن أن يوضع تحت عنوانين كبيرين. أولهما تصلب الشرايين وكل المشكلات الصحية التي تنجم عنها، وثانيهما موضوع السمنة أو البدانة وما يترتب عليها من علل وأمراض مختلفة.
إذن، هل الدهون مضرة بصحة الإنسان؟ الجواب بكل تأكيد لا!!
ولكن قد تكون الإجابة نعم. فالدهون على أشكال مختلفة، وكل هذه الأشكال مفيدة وأساسية جداً لصحة الجسم. بشرط أن تؤخذ النوعيات المختلفة بنسب معينة، وأن تكون كمية المدخول الغذائي ضمن حدود لا تتعداها.
الدهون الجيدة والسيئة والصحية
في عالم مثالي، لا ينبغي أن يكون هناك آراء متضاربة، أو أبحاث نتائجها تناقض أبحاث أخرى، أو مسائل خلافية حول موضوع بسيط مثل الدهون. ولكن عالمنا لم يقترب من المثالية بعد، ولكن ليس هذا بالعذر الذي يمنعك من أن تتمتع بصحة جيدة، لأنه لا توجد إجابات وأحكام قاطعة.
دعنا منذ البداية نصوب الأفكار الخاطئة بقولنا إن الدهون ليست بأي حال هي العدو، بل هي في الحقيقة، ومن أوجه عدة، نصيّر لنا. فهي تغلف كثيراً من أعضائنا الداخلية وتحميها، كما أنها تكون طبقة تحت الجلد وتعمل كعازل ضد تقلبات الحرارة المحيطة بنا، وربما يقدر أسلافنا في العصر الجليدي هذا الأمر أكثر منا بكثير.
الدهن واحد من ثلاثة أنواع من الجزيئات الكبرى في طعامنا، مع البروتينات والكربوهيدرات، جميع الحريرات التي يحتوي عليها طعامنا تكمن في هذه الجزيئات الكبرى، إلا أن الدهن هو أكثرها احتواءً على الطاقة. حيث يعطي ملء ملعقة من البروتينات أو الكربوهيدرات حوالي 60 سعراً حرارياً، في حين تعطي الكمية نفسها من الدهن حوالي ضعف هذه الكمية، أي 135 سعر حراري، وهذا يجعل الدهون مصدراً هاماً للطاقة. ورغم ذلك فهذا المصدر يجب استعماله باعتدال. إن معظمنا يستطيع أن يعيش لمدة تتراوح بين 30 إلى 40 يوماً على الماء فقط ودون أي طعام، وذلك ببساطة بسبب استعمالنا للمخزون الدهني في جسمنا.
الرجال والنساء والدهون
يخزن الرجال كمية من الدهون أقل من النساء، المخزون لدى الرجال حوالي 16% من الوزن الكلي في حين يمثل 25% من وزن الجسم عند النساء.
إننا نحصل على حوالي% 34 في المتوسط، من قيمة الحريرات من حرق الدهون (دهن أو زيت)، وإذا ما أخذنا بتوصيات الجمعية الأمريكية لأمراض القلب، وكذلك المعهد القومي للسرطان، ومؤسسات صحيحة كثيرة أخرى، والعديد من الخبراء فإنهم جميعاً ينصحون بأن يكون متوسط ما نحصل عليه من حريرات عن طريق الدهون في حدود% 30 فقط.
مصادر الدهن Fat Sources
إذا استهلكنا في طعامنا كمية من الكربوهيدرات أكثر من احتياجاتنا من الطاقة، فإن باقي هذه الكربوهيدرات تتحول إلى دهن تماماً كما يختزن الدهن الموجود في الطعام.
قد يبدو الفرق المتمثل في% 4 طفيفاً جداً، يبدو كأننا نبلي بلاءً حسناً في تعويد أنفسنا على تذوق الدهون، ولكن لسوء الحظ، ليس هذا هو واقع الحال، والدليل على ذلك الأعداد المتصاعدة الذين يبدون زيادة في وزنهم.
ولكن ماذا يسوء أن يحمل الإنسان عدة أرطال زيادة في وزنه؟
إن هذا يسوء أكثر من كل تصور، فالأبحاث التي تمت في بريجام Brigham، والمستشفى النسائي، وكلية طب هارفارد. حيث تم دراسة وفحص 120000 فرد في أواسط عمرهم، وجد أن الأفراد الأكثر وزناً، لديهم نسبة خطورة أعلى بحدوث أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والنمط الثاني من الداء السكري، والسكتة (الجلطة) الدماغية، وسرطان القولون، وحصوات المرارة، ووجد أن أعلى نسبة من المشكلات المرضية تحدث لدى من لديهم فرط شديد في الوزن، ولكن حتى زيادة معتدلة (عدة أرطال) تزيد من احتمالات حدوث إحدى العلل الصحية المزمنة.
النساء وأمراض القلب
بالرغم من أن ما يشغل بال النساء هو الإصابة بسرطان الثدي فإن الحقيقة أن عدد من يمتن منهن بسبب الأمراض القلبية هو عشرة أضعاف من يمتن بسرطان الثدي.
الوزن الزائد خطورة على الصحة
بالرغم من وجود هاجس يتملك أفكار الناس حول مسألة الوزن، تظهر إحصاءات مراكز مراقبة الأمراض Centers For Disease Control CDC أن أمراض الجهاز القلبي الوعائي تقف في أعلى قائمة أسباب الموت (أكثر من 700000 وفاة سنوياً)، يتبعها حالات السرطان (550000 وفاة سنوياً)، ثم الجلطة أو السكتة (166000 وفاة سنوياً)، وتلعب الدهون دوراً في الحالات المرضية الثلاثة، إلا أن الدهون الجيدة لها دورها في الوقاية من كل هذه الحالات، وفي كثير من الأحيان تُلَطِّف من أعراضها. أما الدهون السيئة فهي عوامل خطورة للأمراض الثلاثة التي تقف في أعلى قائمة أسباب الوفاة.
بطبيعة الحال، الأعداد وحدها لا تروي كل القصة، فهناك ملايين من الناس يعيشون تحت وطأة اعتلالات الجهاز القلبي الوعائي، والسرطان، واختلاطات حالات السكتة القديمة، في حين يعاني ملايين آخرين من الداء السكري، والتهاب المفاصل، والاكتئاب.
كل هذه الحالات، تلعب الدهون أيضاً دوراً هاماً في حدوثها، وما يمثله ذلك من أعباء على حياتنا.
لو أخذنا أمراض الجهاز القلبي الوعائي على سبيل المثال، سنجد أن هذا يمثل تعبيراً شاملاً يشمل الداء القلبي ذاته (ما يسمى أحياناً داء الشرايين الإكليلية)، والجلطة (السكتة)، وارتفاع ضغط الدم، وقصور القلب الاحتقاني.
لقد نشرت الجمعية الأمريكية لأمراض القلب تقريراً تقول فيه إن حوالي 62 مليون شخص أمريكي لديهم واحد من الاعتلالات الوعائية القلبية على الأقل، بل إن الكثيرين منهم يشكون من علتين أو أكثر، مثل داء الشرايين الإكليلية، وارتفاع ضغط الدم.
أحد أهم الأشياء المميزة لأمراض القلب والأوعية الدموية هو تصلب الشرايين، أو السماكات التي تصيب جدران الشرايين، تحدث هذه الحالة حينما تترسب كداسات من الصفيحات لتكون لويحة على بطانة الشرايين، ويتم ذلك بسبب ترسب مادة شبه شمعية تسمى الكولستيرول مع بعض مكونات الدم الأخرى. ويستمر هذا التكدس والتراكم، مما يؤدي إلى انسداد جزئي للمعة الشرايين، ويتباطأ جريان الدم فيه، حينما تحدث هذه العمليات في الشرايين المغذية للعضلة القلبية، تسمى الحالة (داء الشريان الإكليلي)، يمكن تشبيه ذلك بوجود صخور كبيرة أو كتل خشبية في مجرى أحد الأنهار، مع تراكم تلك الصخور أو الكتل الخشبية، يتكوّن نوعٌ من السدود يعيق جريان المياه في النهر، أما بالنسبة للشريان، فإن تراكم الكولستيرول مع الصفيحات الدموية، ومكونات دموية أخرى سينشئ في النهاية نوعاً من السد أمام جريان الدم في الشريان. هذا الشيء يحرم العضلة القلبية من الأكسجين، حينها يرسل القلب إشارات خطر بشكل ألم شديد في منطقة الصدر، وربما الكتف الأيسر والذراع. وفي النهاية يحدث ما نطلق عليه “نوبة قلبية heart attack”.
أثناء عدة عقود مضت، نصحنا الخبراء بأن أفضل وسيلة لتحاشي النوبات القلبية، والسكتة الدماغية (انسداد أحد شرايين المخ)، هي محاولة تخفيض المدخول الغذائي من الدهون، والعمل على خفض مستوى الكولستيرول في الدم، لأنه من الناحية النظرية إذا انخفضت نسبة الدهون والكولستيرول في الدم، فاحتمال انسداد الشرايين الإكليلية أقل.
معظم الناس الذين شخص لديهم ارتفاع في مستوى كولستيرول الدم، خفضوا تناول الأطعمة التي تزيد من هذه المادة في الدم مثل اللحوم الحمراء، والبيض، ومنتجات الألبان كاملة الدسم، وأُنشئت صناعة كبيرة لإنتاج الأطعمة الخالية من الدسم، أو قليلة الدسم.
بالرغم من كل ذلك بقي العدد الكلي للنوبات القلبية ثابتاً تقريباً ولم يتغير، فما السبب في ذلك؟
اكتشف الخبراء أن مجرد استبعاد الدهون من الغذاء، هو تبسيط مخل للأمور، على سبيل المثال، لاحظ الباحثون في كلية الصحة العامة التابعة لجامعة هارفارد أمرين مهمين: أولاً أن نوع الدهون في الطعام وليس الكمية الكلية، هو ما له علاقة مباشرة مع مستوى كولستيرول الدم. ثانياً أن الزيادة في كمية الدهون الجيدة (المفيدة) التي يطلق عليها “أوميجا -3″، في محاولة خلق نوع من التوازن بينها وبين الدهون السيئة (المضرة) التي تدعى “أوميجا -6″، هي الأساس في الإقلال من النوبات القلبية.
تعريفات حول الدهون
من الناحية القانونية، الغذاء الخالي من الدسم Fat free food هو ذلك الذي يحتوي على أقل من 0.5 غرام من الدهن في الوجبة الواحدة، أما الطعام قليل الدسم Low fat diet فهو الذي يحتوي على أقل من 3 غرام في الوجبة الواحدة.
إنقاص الدهون أدى إلى زيادة الوزن
في الوقت الذي تم فيه التركيز على استبعاد الدهون من الطعام، ظهرت مشكلة جديدة غير متوقعة، وهي زيادة في الوزن، ووفق تقارير مراكز مراقبة الأمراض (CDC) أن نسبة البدينين في المجتمع الأمريكي قد تضاعفت تقريباً في العقدين الأخيرين، وفي أيامنا هذه، حوالي نصف المجتمع الأمريكي من البالغين، (ومن أجل الدقة حوالي% 61)، إما لديه فرط وزن Over Weight أو لديه بدانة Obesity، وهي حالات تكلف الخزينة الأمريكية حوالي 117 بليون دولار أمريكي كنفقات للرعاية الصحية.
يستعمل خبراء الصحة تعبير “مشعر كتلة الجسم Body Mass Index” BMI للتفرقة بين من لديهم “فرط وزن” ومن لديهم “بدانة” ويتم الحصول على هذا المشعر من المعادلة التالية:
مشعر كتلة الجسم (BMI) = الوزن بالكيلو غرام ÷ مربع الطول بالمتر.
وقد اتفق على أن مشعر كتلة الجسم للإنسان السوي يتراوح بين 25-20، فإذا كان بين 29.9-25 يطلق على هذه الحالة “فرط وزن Over Weight”، أما إذا تجاوز 30 فيطلق عليها بدانة. نعود إلى التساؤل، كيف يمكن لإنقاص الدهون في الطعام أن يؤدي إلى زيادة الوزن أو السمنة؟ الحقيقة أنه في محاولتنا لتحاشي الأطعمة المحتوية على الدهون استبدلنا بمشترياتنا من هذه الأطعمة، أشياء قليلة الدهون من الكعكات المحلاة Cookies، والمعجنات، ورقائق البطاطس، واللحوم المجمدة، دون أن نلاحظ أن هذه الخيارات التي نعتقد أنها أفضل بالنسبة لنا، تحتوي في الحقيقة كميات من الحريرات مساوية، إن لم تكن أكثر من الأطعمة التي اعتدنا عليها. بمعنى آخر أننا في الحقيقة اخترنا حريرات المواد الكربوهيدراتية بدلاً من حريرات الدهون، وأكلنا من هذه الكربوهيدرات كميات أكبر لأننا اعتقدنا أن الأطعمة قليلة الدهون هي رخصة لأن نفعل ذلك.
فكرة مختصرة عن الدهون
حتى تتمكن من اختيار الدهون الجيدة، عليك أولاً أن تعرف بعض المعلومات الأولية عن الدهون.
أول شيء يجب أن تعرفه هو بعض المفردات التي كثيراً ما تقابلنا في هذا المجال، ونقرؤها على منشورات وأغلفة الأطعمة المختلفة مثل “أحادي عدم التشبع Mono unsaturated”، و”عديدات عدم التشبع Poly unsaturated”، وأخيراً “المشبع Saturated”.
هذه التعابير تقسم الدهون بحسب عدد ذرات الهدروجين المرتبطة مع ذرات الكربون في جزيء الدهن، الدهن أحادي عدم التشبع يعني وجود رابطة مزدوجة بين ذرتي الكربون لغياب زوج واحد من ذرات الهدروجين، أما الدهن الذي يغيب فيه أكثر من زوج واحد من ذرات الهدروجين (أي يحتوي على أكثر من رابطة واحدة مزدوجة) ويسمى دهناً عديد عدم التشبع، أما إذا كانت جميع ذرات الكربون مشبعة بذرات الهدروجين (أي لا يوجد أي رابطة مزدوجة)، فعند ذلك يسمى الدهن مشبعاً، وهذا الكلام ينطبق على كل الحموض الدهنية المكونة للدهن، ولكن يمكن بطريقة أسهل أن نميز مدى تشبع الدهون، عن طريق مدى صلابته عند درجات حرارة الغرفة، فالزبدة، والسمن، والشحم، ودهن اللحوم تمثل الدهون المشبعة لأنها صلبة في الحرارة الطبيعية، أما الدهون أحادية عدم التشبع فتكون سائلة عند درجة حرارة الغرفة وأهم أمثلتها زيت الزيتون، وزيت الكانولا Canola.
من أمثلة الزيوت التي يوجد بها حموض دهنية عديدة عدم التشبع: زيت الذرة، وزيت عباد الشمس، وزيت القرطم، ومعظم الزيوت النباتية الأخرى.
أيّ الدهون أكثر فائدة وأجود من الأخرى؟
أولاً: أحادية عدم التشبع أكثرها جودة
ثانياً: عديدة عدم التشبع
ثالثاً: أقلها جودة هي الأنواع مشبعة الحموض الدهنية
بالرغم من ميلنا إلى الاعتقاد أن صنف الطعام يحتوي على نوع واحد من الأحماض الدهنية المذكورة أعلاه، فإن الحقيقة غير ذلك، فجميع أنواع الحموض الدهنية موجودة في أي نوع من الدهون أو الزيوت، فعلى سبيل المثال، ظلّ الاعتقاد سائداً أن زيت الزيتون يتكون من حمض دهني أحادي عدم التشبع فقط، ولكنه في الواقع يحتوي على كميات قليلة من الحموض الدهنية المشبعة وكذلك بعض الحموض الدهنية عديدة عدم التشبع، ومثل آخر، يعتبر سمك السلمون مصدراً جيداً للدهون أحادية عدم التشبع الصحية، غير أنه يحتوي على بعض الحموض الدهنية المشبعة أيضاً، ومن أجل التبسيط، يصنف نوع الدهن بحسب النوع السائد من الحموض الدهنية الموجودة به، وهذا بدوره يصنف نوع الطعام الذي يتم تناوله.
بعض المعلومات عن الدهون السيئة
قد يكون نمى إلى علمك أن الدهون المشبعة، والموجودة بشكل أساسي في اللحوم ومنتجات الألبان، ليست من الدهون الجيدة.
لقد أتت السمعة السيئة للدهون المشبعة من حقيقة أنها تميل إلى رفع مستويات البروتين الشحمي خفيض الكثافة (LDL) صاحب السمعة السيئة، وتخفض من مستوى البروتين الشحمي رفيع الكثافة (HDL) المفيد، إلا أن لها ميزة عن غيرها في أن كل ذرات الكربون الموجودة في الأحماض الدهنية مشبعة بالهدروجين، وبالتالي فهذا النوع من الدهون أشد ثباتاً من الدهون غير المشبعة، يعني ذلك أنها تبقى طازجة لمدة أطول، لا تتزنخ بنفس السرعة التي تتزنخ فيها الدهون غير المشبعة، ولكن لسوء الحظ فرغم هذه الميزة، ليست الدهون المشبعة هي الأجود بالنسبة للصحة.
ربما تكون قد سمعت عن تعبير “الزيوت النباتية المهدرجة جزئياً”، في هذه العملية يضاف الهدروجين في وجود الحرارة، إلى الحموض الدهنية عديدة عدم التشبع الموجودة في الزيت، فيصبح قوام الزيت صلباً. والمثل في ذلك صناعة المارجرين (السمن النباتي)، والهدف وراء ذلك تحويل الزيت إلى شكل أشد ثباتاً وأقل احتمالاً أن يفسد أو يزنخ. قد يبدو أن هذه العملية سليمة وآمنة، إلا أنه في الحقيقة يحدث تحول بعض الحموض الدهنية إلى ما يدعى الحموض الدهنية المشبعة المحولة Trans-saturated fatty acids أو باختصار الدهون المحولة Trans-fat، وهذه الحموض مؤذية للقلب والشرايين، وعلى هذا الأساس يجب تجنب تناول الزيوت المهدرجة جزئياً.
دهن اللحوم هو أشهر أنواع الدهون
هناك عنصر بارز آخر في مجموعة الدهون هو الكولستيرول الذي ربما تكون قد علمت القليل أو الكثير عنه، ففي حين نسمع القول السائد “أنه من الحكمة محاولة تحاشي تناوله في أطعمتنا”، إلا أنه من المهم أيضاً أن نعرف أن الخبراء لا يعتبرون هذا النوع من الدهون مضراً بالصحة مثل الدهون المحولة Trans-fat، والسبب من في ذلك أن الكولستيرول يتكون في داخل أجسامنا، ويقوم بمجموعة كبيرة من الوظائف المفيدة بالجسم، وفي الحقيقة يعتبر الكولستيرول حيوياً لصحتنا وسلامتنا، فهو يستخدم على سبيل المثال، في تصنيع بعض الهرمونات، كما أنه يدخل في تركيب جدران الخلايا، ويساعد على مرونتها، كما يساعد الكولستيرول أيضاً في الحفاظ على سلامة الجلد، وهو مصدر هام لفيتامين D الهام في امتصاص الكلسيوم.
تعود السمعة السيئة لمادة الكولستيرول إلى المشكلات التي تنجم حينما يتكدس على البطانة الداخلية للشرايين، لأنه إذا أعيق جريان الدم داخل الشريان بسبب تراكم الكولستيرول ومكونات الدم الأخرى، مكوناً اللويحات، فربما تكون النتيجة حدوث سكتة دماغية، أو نوبة قلبية أو حالات خطيرة أخرى، بجانب ذلك، يكتشف الباحثون الآن أنه ربما توجد علاقة بين ارتفاع مستوى الكولستيرول وحدوث داء الزهيمر، وهو ذلك المرض المتزايد الانتشار والذي يخرب خلايا الدماغ.
يوجد الكولستيرول في الطعام في صورة واحدة، ولكن إن صادف وذهبت إلى طبيبك وطلب لك فحص كولستيرول الدم، ستعلم أن هناك عدة أنماط من الكولستيرول في أجسامنا، يقسم المختصون الكولستيرول في الدم إلى عدة أنواع، منها النوع المفيد (HDL) أو البروتين الشحمي رفيع الكثافة، و (LDL) أو البروتين الشحمي خفيض الكثافة، وهو النوع السيئ (أو الضار).
أنواع الكولستيرول
البروتين الشحمي رفيع الكثافة (HDL) وهو النوع المفيد والذي يحافظ على شكل الخلية، ويمنع تكون اللويحات على جدران الشرايين، ويستغل في تكوين بعض الهرمونات. والبروتين الشحمي خفيض الكثافة (LDL) الضار، يزيد من خطورة النوبات القلبية والسكتة وأمراض أخرى.
يحتاج الجسم إلى النوعين من الكولسترول (LDL) و (HDL)، ولكن بشرط أن يكونا بالنسبة الصحيحة. في الحالة المثالية، يجب أن يكون الكوليسترول الكلي أقل من 200 مغ 100 / مل. إذا ارتفع الكوليسترول الكلي عن 240 مغ 100 / مل، عندها يعتبر عامل خطورة لحدوث أمراض القلب. من ناحية أخرى فإن مستوى الكولستيرول الكلي أقل أهمية من النسبة بين (LDL) و (HDL)، يُفضِّل الخبراء أن يكون مستوى كولستيرول (LDL) أقل من 100 مغ 100 / مل، وأي شيء فوق هذا المستوى يزيد من خطورة حدوث أمراض القلب، وخصوصاً الأرقام التي تزيد عن 130 مغ 100 / مل. تطبق هذه الأرقام على كل من الرجل والمرأة، يجب أن يكون كولستيرول (HDL) عند الرجل 40 مغ 100 / مل أو أكثر، في حين يجب أن يكون المستوى عند المرأة ما بين 60-50 مغ 100 / مل.
لسوء الحظ، يؤمن طعامنا التقليدي كمية من كولستيرول (LDL) أكبر مما يحتاجه الفرد، في حين يكون الكولستيرول (HDL) أقل من اللازم. وعدم التوازن بين هذين النوعين هو الذي يدفع بزيادة معدلات المشكلات القلبية، ومشكلات صحية أخرى – الوجبات الخفيفة (Snacks)، والأطعمة المسبقة التحضير (processed food)، والوجبات السريعة، تحتوي كميات كبيرة من أسوأ أنواع الدهون، سواء الدهون المشبعة أو الدهون المتحولة، يلصق على كثير من هذه الأطعمة لصاقة مكتوب عليها “خالٍ من الكولستيرول”، وهذا حقيقي من الناحية التقنية. ولكن للأسف يدخل إلى الجسم كمية كبيرة من هذه الدهون السيئة، والتي هي بحد ذاتها تؤدي إلى إنتاج كمية كبيرة من الكولسترول في داخل الجسم. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فإن الكولسترول المنتج عن هذا السبيل يكون في الغالب من النوع السيئ، أي (LDL). وحتى يزداد الطين بلة، فإن مستويات الكولسترول المفيدة (HDL) تنخفض إذا احتوى الطعام على كميات كبيرة من الدهون المشبعة. بجانب ذلك، فإن الزيادة المفرطة في الدهون المشبعة، والدهون المتحولة يمكنها أن تمنع أجسامنا من الاستغلال الأكمل للدهون المفيدة التي يمكن أن يحتوي عليها الطعام.
حينما نتكلم عن الدهون المفيدة، ماذا يحدث لكولستيرول الدم حينما نستهلك الدهون المفيدة بدلاً من الدهون السيئة؟ كما تتوقع، قد تكون النتائج مختلفة تماما، ً في أغلب الحالات قد يساعد تناول وجبة غنية بالدهون أحادية عدم التشبع المفيدة في أن تخفض كولستيرول (LDL) الدم، دون خفض كولستيرول (HDL).
الزيوت النباتية المحتوية على حموض دهنية عديدة عدم التشبع (مثل زيت الذرة، وزيت الصويا، وزيت القرطم، وزيت السمسم، وزيت عباد الشمس)، هي أقل قيمة للصحة من الأنواع المحتوية على حموض دهنية أحادية عدم التشبع، وذلك لأنها في نفس الوقت الذي تخفض فيه (LDL)، تخفض أيضاً (HDL) المفيد. تعتبر الدهون المحتوية على حموض دهنية عديدة عدم التشبع من أكثر الدهون شيوعاً في طعامنا، فموائدنا، ومطابخنا، وبراداتنا كلها ممتلئة بالأطعمة المضاف إليها تلك الزيوت النباتية مثل السلطات والأكلات الباردة المختلفة، وهذه الزيوت أكثر نفعاً وأقل ضرراً بكل تأكيد من الدهون المشبعة والدهون المتحولة، فالجسم يعتمد على الحموض الدهنية عديدة عدم التشبع في المساعدة على التحكم وتنظيم العمليات الالتهابية، كما أنها تدخل في التركيب السليم لأغشية الخلايا وبالتالي حماية مكوناتها الداخلية.
من أجل كل ذلك، قيل لنا على مدى سنوات عديدة، أن نختار من طعامنا على الدوام الزيوت النباتية، وتقوم شركات صناعة الأغذية بالإعلان دائماً أن منتجاتها تستعمل زيت القرطم النقي أو الزيوت المشابهة، حتى تغري المستهلك بأنها تستعمل الدهون الصحية، ولكن في حقيقة الأمر، إذا قورنت تلك الزيوت النباتية الأكثر شيوعاً في الاستعمال، فإنها لن تضارع في جودتها أو فائدتها الزيوت المحتوية على حموض دهنية أحادية عدم التشبع مثل زيت الزيتون مثلاً.
من الناحية المثالية، يجب أن يمثل زيت الزيتون والزيوت أحادية عدم التشبع الأخرى من% 15-10 من مجموع الحريرات الكلية التي تستهلكها يومياً، في حين يجب أن تمثل الزيوت عديدة عدم التشبع ما بين% 10-0 فقط.
نظرة فاحصة على الزيوت أحادية عدم التشبع
تتكون الدهون أحادية عدم التشبع من حموض دهنية بها رابطة مزدوجة واحدة، وهذه الحموض الدهنية هي أبطال عالم الدهون. فهذه الحموض الدهنية أحادية عدم التشبع، المفيدة صحياً لسلامة القلب، لها مقدرة فريدة على تخفيض كولستيرول (LDL) السيئ، دون أن يؤثر ذلك على مستوى كولستيرول (HDL) المفيد، كما أن لها القدرة على حمل بعض الفيتامينات ومواد هامة أخرى، وأخيراً فهي تخفض ضغط الدم، وتحمي الجسم من بعض الأمراض مثل الداء السكري. من ناحية أخرى تحارب هذه الحموض الدهنية أحادية عدم التشبع الآليات الالتهابية التي تلعب دوراً في طيف واسع من الأمراض، من التهاب المفاصل إلى أمراض القلب.
تعاريف فحوص شحوم الدم
الشحوم الثلاثية Triglycerides، هي دهون متعادلة موجودة في الدم، الشحوم البروتينية Lipoprotein هي دهون مرتبطة مع أو محمولة من قبل بروتينات وتسير في الدم
الحموض الدهنية أحادية عدم التشبع متوفرة بكثرة في زيت الزيتون، وزيت الكانولا، وزيت الفول السوداني، كما تتوفر في اللوز، والأفوكادو، والزيتون، وجوز البقان Pecans. من كل هذه المصادر، نُركِّز الانتباه على زيت الزيتون، ربما لأنه الزيت المفضل الاستعمال في أطعمة حوض البحر الأبيض، حيث انتشرت هذه العادات الغذائية واستعمال زيت الزيتون لدى سكان اليونان، وجنوب إيطاليا، وإسبانيا. والمعروف عن سكان هذه المناطق تدني نسبة وقوع أمراض الشرايين الإكليلية، ويعزو الخبراء هذه الظاهرة إلى نوعية غذائهم المتكون غالباً من الجمع بين الخضروات، والحبوب، والسمك وزيت الزيتون، وهذا الزيت يكون% 30 من كمية المأخوذ من الحريرات اليومية.
الزيوت الفاسدة Spoiled oils
يمكن أن تفسد الدهون غير المشبعة، عملية تسمى التزنخ، إذا لم يحافظ عليها بطريقة سليمة، في البراد مثلاً، تحتوي الزيوت المتزنخة على جذور حرة ضارة، ولها رائحة نفاذة، ولا ينبغي استعمالها في الطعام.
لقد أظهرت الدراسات المتكررة أن زيت الزيتون هو في الحقيقة دهن جيد، ولقد ظهرت خلاصة منشورة في مجلة Nutrilian review جمعت ما سبق نشره من أبحاث ودراسات، مفادها أن الفوائد الصحية لزيت الزيتون تشمل خفض عوامل الخطورة للإصابة بداء الشرايين الإكليلية، والوقاية من عدد من أنواع السرطان، وتنظيم وتعديل الآليات والاستجابات المناعية والالتهابية. وكل هذه المنافع تثير الإعجاب وخاصة إذا ما كنا لا نتكلم عن دواء جديد أو عقار عجيب وكنا نتكلم عن مادة لذيذة نضيفها للأطعمة التي نتناولها يومياً.
الآن وقد زودت بأساسيات هامة في الدهون الجيدة والمفيدة، دعنا نتكلم عن موضوع آخر ضمن موضوع الدهون المتشابك، ونقصد بذلك الحموض الدهنية الأساسية Essential Fatty Acids EFAs.
أخبار سارة عن الحموض الدهنية الأساسية
ربما تكون قد سمعت عن التعبير “الحموض الدهنية الأساسية” اختصاراً (EFAs)، هذه الحموض تمثل نوعاً خاصاً من الدهون، وكما يشير إليه الاسم أنها أساسية أو ضرورية بشكل مطلق من أجل الصحة، لا يمكن للجسم أن يصنع الحموض الدهنية الأساسية. وبالتالي يجب الحصول عليها من الأطعمة أو المكملات الغذائية supplements، أثناء نوبة الجنون التي اجتاحت الدنيا في السنوات الأخيرة حول عدم تناول الدهون، حرمنا الجسم من هذه الحموض الدهنية الأساسية، يوصي الخبراء هذه الأيام بتناول الحموض الدهنية الأساسية (EFAs) في حالات مرضية كثيرة بدءاً من أمراض القلب وحتى ADHD.
يوجد ثلاث فئات من الحموض الدهنية الأساسية:
.1 فئة أوميجا -3 وتعرف أيضاً باسم حمض ألفا لينوليك (ALA).
.2 فئة أوميجا -6 وتعرف أيضاً باسم حمض لينولينيك (LA).
.3 فئة أوميجا -9 وتعرف أيضاً باسم حمض أوليك.
لا تدع هذه الأسماء ترعبك، تابع القراءة وستتعود على سماعها ومعرفتها. الفئة التي يجب أن تعيرها اهتماماً أكبر هي مجموعة أوميجا -3، ليس لأن أوميجا -6 وأوميجا -9 ضاران، ولكن لأن الحموض الأساسية أوميجا -3 هي أكثر الفئات نقصاً في طعامنا، ولا تسجل الحموض الدهنية الأساسية على لصاقات الأطعمة الموجودة في الأسواق، ولكن بعد التعريف بها ستستطيع أن تجدها بسهولة.
تعتبر الحموض الدهنية الأساسية حموضاً عديدة عدم التشبع، هناك قائمة طويلة من الفوائد التي تقدمها لنا هذه الحموض، الكثير منها مشابه للفوائد التي تقدمها لنا الدهون أحادية عدم التشبع، وكذلك عديدة عدم التشبع. تشارك الحموض الدهنية الأساسية في كل آلية حيوية من إنشاء خلايا جديدة، إلى وظائف العقل والجهاز العصبي، كذلك الصحة النفسية وأخيراً سلامة القلب. إن أهم مفتاح نحو الحصول على أعلى مردود من الحموض الدهنية الأساسية هو حينما يكون هناك توازن بين أوميجا -3، وأوميجا -6، (وهناك أيضاً أوميجا -9 وهي حيوية لصحة الجسم).
الحموض الدهنية الأساسية Essential Fatty Acids
حموض موجودة في الدهون، لها أهمية حيوية للصحة، ولكن جسمنا لا يستطيع تصنيعها، وعلى هذا الأساس لا بد للحصول عليها من الأطعمة أو المكملات الغذائية
مسرد لشرح بعض المفردات
الدهون Fats: وتسمى أحياناً الليبيدات Lipids، هي مجموعة من المواد العضوية تتصف بأنها لا تذوب بالماء، وتذوب في مذيبات الدهون مثل الكحول والبنزين والكلورفورم. وتتكون بشكل أساسي من حموض دهنية Fatty Acids (FA).
تنقسم الدهون بحسب هيئاتها إلى:
.1 دهن Fat: حينما يكون صلباً في درجة حرارة الغرفة، وهو غالباً من مصدر حيواني، مثل منتجات الألبان، الزبدة، السمن، والدهون المختلطة مع اللحوم.
.2 الزيت Oil: هو دهن يكون سائلاً في درجة حرارة الغرفة، وهو غالباً من مصدر نباتي، مثل زيت الزيتون، وزيت بذر الكتان، زيت السمسم، وزيت عباد الشمس، وزيت بذر القطن. الخ.
نقسم الدهون أيضاً بحسب نوع الحموض الدهنية الموجودة بها إلى:
.1 دهون مشبعة Saturated Fats: إذا احتوت بشكل أساسي على حموض دهنية مشبعة مثل الزبدة ودهون اللحوم.
.2 دهون أحادية عدم التشبع mono-unsaturated Fats: إذا احتوت بشكل أساسي على حموض دهنية أحادية عدم التشبع مثل زيت الزيتون، وزيت بذر الكتان، وزيت الفول السوداني.
.3 دهون عديدة عدم التشبع poly-unsaturated Fats: إذا احتوت بشكل أساسي على حموض دهنية عديدة عدم التشبع مثل زيت الصويا، وزيت السمك، وزيت بذور الذرة. الخ.
.4 دهون مهدرجة Hydrogenated Fats: هي في الأصل زيوت أجريت عليها عملية هدرجة حتى تحولت إلى دهن صلب مثل المارجرين، والسمن الصناعي.
عملية الهدرجة تحول جزءاً من الحموض الدهنية غير المشبعة إلى مشبعة، وتسمى الحموض المتحولة، وعلى هذا الأساس تسمى الدهون المتحولة.
من الجدير بالذكر أنه لا يوجد أي نوع من الدهون (دهن أو زيت) يحتوي على نوع واحد نقي من الحموض الدهنية، ولكن فيه خليط من جميع أنواعها، إلا أن نوعاً واحداً يكون غالباً على الأنواع الأخرى. ويسمى الدهن أو الزيت باسم الحمض الدهني الغالب.
الحموض الدهنية Fatty Acids
هي الوحدات البنائية التي تتكون منها الدهون بشكل أساسي، وهي سلسلة كربونية طويلة وغير متفرعة، وتقسم بحسب تشبع ذرات الكربون بالهدروجين إلى:
.1 حموض دهنية مشبعة saturated Fatty Acids: حينما تكون جميع ذرات الكربون مشبعة بالهدروجين، ويكون رمزها CH3 (CH2) COOH، ومن أمثلتها حمض البالميتيك (حمض النخيل) Palmitic Acid وحمض الستياريك Stearic Acid.
.2 حموض دهنية وحيدة عدم التشبع mono-unsaturated FA: حينما يكون هنالك عدم تشبع بين ذرتي كربون فقط، أي يوجد رابطة واحدة مزدوجة. ويكون الرمز CH3-(CH = CH) 1 (CH2) nCOOH ومن أمثلتها حمض الأوليك Oleic Acid.
.3 حموض دهنية عديدة عدم التشبع poly-unsaturated Fatty Acids: حينما يكون هناك عدم تشبع بين أكثر من ذرتي كربون، أي يوجد أكثر من رابطة واحدة مزدوجة. ويكون الرمز CH3-(CH = CH) n (CH2) nCOOH مثل حمض اللينوليك (رابطتين مزدوجتين) Linoleic Acid، وحمض اللينولينيك (ثلاث روابط) Linolenic Acid، وحمض الأراشيدونيك (أربع روابط) Arachidonic Acid.
.4 الحموض الدهنية الأساسية (الضرورية) Essential Fatty Acids: تطلق على الحموض الدهنية عديدة عدم التشبع مثل اللينوليك LA واللينولينيك والأراشيدونيك، لأنها لا تصنع في الجسم; وبالتالي لا بد من تناولها في الطعام.
.5 الحموض الدهنية المهدرجة Hydrogenated Fatty Acids: إذا أضيف عنصر الهدروجين إلى الحموض الدهنية غير المشبعة تحولت جزئياً أو كلياً إلى حموض دهنية مشبعة. وسميت أيضاً الحموض الدهنية المتحولة Trans-Fatty Acids.
.6 الحموض الدهنية أوميجا Omega Fatty Acids: هذه مجموعة من الحموض الدهنية غير المشبعة، وتضم ثلاثة أنواع:
أ) الحموض الدهنية أوميجا -3 Omega-3 Fatty Acids: (اختصاراً أوميجا – 3) هذه حموض دهنية أساسية (عديدة عدم التشبع) وتضم حمض ألف – لينولينيك Alpha Linolenic Acid ALA وحمض دوكوزاهكسانويك Docosahexaenoic Acid DHA، وحمض إيكوزابنتانويك Eicosapentanoic Acid EPA.
ب) الحموض الدهنية أوميجا -6 Omega-6 Fatty Acids: (اختصاراً أوميجا -6) هذه حموض دهنية أساسية تضم حمض لينوليك Linoleic Acid LA، وحمض جاما – لينولينيك gamma Linolenic Acid GLA وحمض لينوليك المقترن Conjuguted Linoleic Acid CLA.
ج) الحموض الدهنية أوميجا -9 Omega-9 Fatty Acid: (اختصاراً أوميجا -9) وتضم حمض الأوليك فقط. وهو حمض غير أساسي Oleic Acid OA.
رموز الحموض الدهنية أوميجا:
Omega-3
ALA: Alpha Linolenic Acid
DHA: Docosahexaenoic Acid
EPA: Eicosapentanoic Acid
Omega-6
LA: Linoleic Acid
GLA: gamma Linoenlic Acid
CLA: Conjuguted Linoleic Acid
Omega-9
OA: Oleic Acid
الدهون (الليبدات) الموجودة في الدم
تكمن أهمية دراسة وقياس مستويات الدهون (الليبدات) الموجودة في الدم في أن العديد من الأمراض الوعائية سواء القلبية أو الدماغية، أو الموجودة في أي عضو من أعضاء الجسم، يحدث كنتيجة لاضطراب استقلاب هذه الدهون، وبالتالي التغير في مستوياتها في الدم.
إن أهم الدهون التي تقاس مستوياتها في الدم هي الشحوم الثلاثية أو (ثلاثيات الجلسريد)، والكولستيرول، ولكن وجد أن هذه الدهون تسير في الدم محمولة مع بروتينات خاصة مكونة معقدات كبيرة تسمى البروتينات الشحمية، وقد وجد عدة أنواع منها، أهمها على الأقل من الناحية الصحية، هو البروتين الشحمي خفيض الكثافة Low Density Lipoprotein LDL، والبروتين الشحمي عالي الكثافة High Density Lipoprotein HDL.
من الأمور التي استحوذت على الاهتمام الطبي، هو ما تجمع من براهين على أن الاضطرابات في البروتينات الشحمية (LDL) و (HDL)، تلعب دوراً هاماً كعامل خطورة في إحداث التصلب العصيدي، وما يؤدي إليه من آفات قلبية ووعائية أخرى.
.1 الشحوم الثلاثية (ثلاثيات الجلسريد) Triglycerides: هي اتحاد ثلاثة حموض دهنية مع الجليسيريد، وهي المصدر الأساسي للطاقة من المواد الدهنية.
تبدي مستويات ثلاثيات الجليسيريد اختلافات كبيرة بحسب الجنس والسن، والحالة التغذوية، ونمط الطعام، والسمنة والأدوية. الخ.
.2 الكولستيرول Cholesterol: رغم السمعة السيئة جداً لهذا المركب، إلا إن الكولستيرول مادة هامة للجسم، ولها وظائف عديدة ضرورية للحياة. فالكولستيرول يدخل في تركيب الغشاء الخلوي ويعمل على الحفاظ على سلامته، والكولستيرول هو المادة الأولية التي يصنع منها الكثير من الهرمونات وخاصة الهرمونات الذكرية والأنثوية. كما يصنع من الكولستيرول في الكبد الأملاح الصفراوية المهمة في هضم وامتصاص واستقلاب الدهون. وأخيراً وليس آخراً يتحول الكولستيرول في الجلد إلى فيتامين (د D).
جاءت السمعة السيئة للكولستيرول من أن زيادته في الدم مرتبطة مع حدوث تصلب الشرايين وما يؤدي إليه من أمراض قلبية وجهازية أخرى.
الحقيقة أن الكولستيرول يُحمل في معقدات تسمى البروتينات الشحمية Lipo-proteins، وهي على نوعين أساسيين أحدهما يسمى البروتين الشحمي خفيض الكثافة (LDL) وهو النوع السيئ، والآخر يسمى البروتين الشحمي رفيع الكثافة (HDL) وهو النوع الجيد أو المفيد.
.3 كولستيرول البروتين الشحمي خفيض الكثافة Low Density Lipoprotein LDL
هذا النوع من البروتينات الشحمية مسؤول عن حمل الجزء الأكبر من الكولستيرول (% 70-65)، زيادة هذا المعقد في الدم عن حدود معينة، تؤدي إلى تراكمه على بطانة الشرايين الداخلية، مما يساعد على تكون لويحات، وتصلب شرايين، وتضيق في لمعة الشرايين.
هذه الحدثيات إذا أصابت شرايين القلب أدت إلى الداء الإكليلي القلبي، وإذا أصابت أعضاء أخرى من الجسم أدت إلى أمراض وخيمة (ولذلك عُرف هذا النوع من الكولستيرول (LDL) بالسيئ).
.4 كولستيرول البروتين الشحمي رفيع الكثافة High Density Lipoprotein HDL
يحمل حوالي (% 20-10) من الكولستيرول الموجود في الدم، أهمية هذا المعقد أنه يستطيع أن يحمل الكولستيرول الذي يتراكم على الأوعية إلى الكبد لاستقلابه، وبالتالي فإن زيادة هذا النوع من البروتينات الشحمية تفيد في تقليل مضار (LDL). ومن أجل ذلك عُرف كولستيرول (HDL) بالجيد أو المفيد.