التصنيفات
الغذاء والتغذية

الدهون الضارة والسيئة التي يجب تجنبها

الآن، وقد أخذت فكرة عن الدهون الجيدة، فيما ذكرناه في المواضيع السابقة، بقي علينا أن نلقي نظرة على الدهون التي يجب تحاشيها. وهي أساساً الدهون المشبعة والدهون المتحولة.

الدهون المشبعة Saturated fat

إن أول ما يجب أن تعرفه عن الدهون المشبعة أنها ليست كلها سيئة، فبعض الخبراء يعتقدون أنها تقوم بوظيفة صغيرة، ولكنها مهمة في الوقت نفسه، وهي أنها تعطي الشعور بالإشباع والرضى بعد أكلها، هذه الدهون المشبعة تعزز نكهة الطعام كما أنها تبطئ من عملية الهضم، وبالتالي يبقى الطعام في المعدة مدة أطول. ونتيجة لذلك حينما يحتوي الطعام على القليل من الدهون المشبعة، ينتابنا الشعور بالاكتفاء والشبع أكثر مما لو لم يحتو الطعام عليها.

إلا أن الدهون المشبعة لها مساوئها أيضاً، فهي تزيد من إنتاج كوليستيرول (LDL) الضار، ووجد أن لها علاقة بحدوث تصلب الشرايين التي تساهم في إحداث الأمراض القلبية، والسكتة الدماغية، والمشكلات الأخرى المتعلقة بتصلب الأوعية.

تصلب الشرايين Atherosclerosis

هي عملية يتم فيها ترسب لويحات على بطانة الشرايين مسببة تضيقاً في لمعة الشريان، ويصبح الجدار أقل مرونة، ويزيد من احتمال حدوث جلطات دموية.

إن المصادر الأساسية للدهون المشبعة في الأطعمة هي اللحوم ومنتجات الألبان، كما أنها توجد أيضاً في زيت جوز الهند وزيت النخيل، وهي تستعمل بكثرة في الأطعمة المخبوزة، والوجبات الخفيفة Snacks. وفق ما جاء في التعليمات الجديدة الناظمة للتغذية التي أصدرها المعهد الطبي سنة 2002، يجب أن يكون المتناول من الدهون حوالي 35-20% من كمية الحريرات اليومية، وألا تزيد كمية الدهون المشبعة عن (8%) أي حوالي (18 غراماً) في اليوم.

بعض الخبراء يعتقدون أن الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم، هي أكثر احتمالاً في إحداث المرض القلبي، وتصلب الشرايين من الدهون الموجودة في منتجات الألبان، قارنت إحدى الدراسات الأوروبية الكبيرة التي تدعى (مونيكا Monica) صحة الرجال من الأعمار بين 35-64 سنة، القاطنين في جنوب فرنسا، مع هؤلاء الذين يعيشون في إيرلندا، بالرغم من أن المجموعتين تأكلان نفس الكمية من الدهون، غير أن احتمالات حدوث المرض القلبي عند الرجال القاطنين في إيرلندا ثلاثة أضعاف المرض القلبي عند الرجال في جنوب فرنسا، الفرق الوحيد الأساسي في طعام الإيرلنديين أن معظم الدهون المشبعة التي يحصلون عليها في الطعام مصدرها اللحوم، في حين أن الفرنسيين يحصلون على معظم الدهون المشبعة من منتجات الألبان مثل الأجبان، وحتى يأتي اليوم الذي تزداد فيه معارفنا عن الفروق بين الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم والألبان، فمن الحكمة أن نلتزم الحذر، ونتناول كمية قليلة من الدهون المشبعة. تدون كميات الدهون المشبعة على لصاقات معظم الأغذية المباعة في السوق، وهذا يسهل حساب ما نأخذه من هذه الدهون.

ماذا عن الزبدة؟

بدأ الخبراء في إلقاء نظرة ثانية على بعض أهم الأطعمة المحظورة، واستنتجوا أن تلك السمعة السيئة الخاص ببعضها ليس لها مبرر علمي، والمثل المهم في ذلك هو الزبدة، فإذا كان زيت الزيتون والزيوت الأخرى تحتوي على بعض العناصر المفيدة، كذلك الزبدة فيها بعض العناصر النافعة، ويشمل ذلك عنصر السيلينيوم (مضاد أكسدة قوي)، وفيتامين (أ A)، والليسيثين الذي سبق وقلنا إن له المقدرة على تخفيض مستوى الكوليستيرول في الدم.

المقارنة بين زيت الزيتون والزبدة

ملء ملعقة طعام من الزبدة تعطي (100 حريرة) وحوالي (12 غراماً) من الدهن، ولكن زيت الزيتون أغنى من الزبدة حيث يعطي (120 حريرة) ويحتوي على (14 غراماً) من الدهن.

وقد نتساءل أليست الزبدة نوعاً من الدهون المشبعة، وهي المواد التي يفترض أن نقلل من تناولها قدر الإمكان؟ والإجابة نعم، ولا!! ففي الحقيقة تحتوي الزبدة على (66%) فقط دهون مشبعة، (30%) احماض دهنية أحادية عدم التشبع، (4%) احماض دهنية عديدة عدم التشبع. بالنسبة للكوليسترول، يحتوي ملء ملعقة طعام من الزبدة على مقدار (33 مغ)، وهي كمية أقل بكثير من الحدود الموصى بها التي تقدر ب (300 مغ) يومياً. من ناحية أخرى فإن بعض الحموض الدهنية المشبعة الموجودة في الزبدة ليست من الأنواع التي تزيد من مستوى الكولستيرول في الدم بشكل ملحوظ.

السؤال المطروح، هل يباح تناول الزبدة أم لا؟ من أجل الإجابة عن هذا السؤال دعونا نلقي نظرة على الدراسة التي تمت في فرنسا لتقويم العلاقة بين الحموض الدهنية المشبعة وأمراض الشرايين الإكليلية، أوضح الباحثون أنه بالرغم مما قيل على مدى عقود إن الإقلال من تناول الحموض الدهنية المشبعة، هو أحسن الطرق لتجنب الأمراض القلبية، فإن كل الدراسات التي حاولت إثبات أن الدهون المشبعة هي العدو كانت مخيبة للآمال، فقط حينما يدعم الغذاء بالدهون المحتوية على أوميجا – 3، لوحظ انخفاض واضح في الإصابة بأمراض القلب، والنوبات القلبية.

مرة أخرى، وبكلمات واضحة، يكون التوازن بين أنواع الحموض الدهنية هو العامل الأساسي.

إذا كنت تأخذ مكملات من دهون الأوميجا – 3، فتناولك كمية معتدلة من الزبدة لا بأس منه، وإذا اعتمدنا على أن ما تحتاجه من حريرات يومية هو (2000 حريرة)، وإن (8%) منها يمكن أن يكون دهوناً مشبعة، في هذه الحالة يمكنك أن تأخذ (160 حريرة) أو مقدار ملعقة طعام ونصف من الزبدة.

حاول أن تبتعد عن الدهون المتحولة Trans-fat

الدهون المتحولة هي تلك المحتوية على حموض دهنية متحولة Trans-fatty acids TFAs، أو بمعنى مبسط الزيوت التي أصبحت سيئة، يحدث ذلك حينما تعامل الزيوت السائلة عن طريق عملية كيميائية تسمى هدرجة Hydrogenation، حينما تهدرج الزيوت تتحول إلى دهون مشبعة، وتصبح شبه صلبة عند درجة حرارة الغرفة، وبالتالي أكثر ثباتاً، ويمكن أن تبقى طازجة لفترة أطول. حينما يقال إن الزيت هدرج جزئياً Partial Hydrogenation فهذا يعني أن حوالي (60%) لا أكثر من الحموض الدهنية غير المشبعة في الزيت هي التي تحولت إلى مشبعة، الزيوت المهدرجة تجعل الأطعمة المخبوزة الجاهزة خفيفة ورقائقية، كما تضفي على الأطعمة الخفيفة Snacks سهولة المضغ أكثر من أي زيت يستعمل آخر، ورغم ذلك فهذه الزيوت المهدرجة غير صحية على الإطلاق، توجد هذه الدهون المحولة في كثير من الأطعمة مثل بعض المعجنات المخبوزة، والمرق المضاف إلى السلطات، والأكلات السريعة، ووجبات الميكرويف، وزبدة جوز الهند (النوع الذي لا يحتاج وضعه في البراد بعد فتحه)، والمارجرين، والزيوت شبه الصلبة المستعملة في المخابز، وفي كثير من الوجبات الخفيفة الجاهزة.

عملية الهدرجة Hydrogenation

عملية الهدرجة تحول الحموض الدهنية غير المشبعة في الزيوت إلى حموض دهنية مشبعة، وبالتالي تتحول من الحالة السائلة إلى الحالة الصلبة في درجة حرارة الغرفة، وتقل قيمتها من الناحية الصحية

هل كمية هذه الدهون المتحولة من الكثرة بحيث تستوجب القلق؟ وفق دراسة أجريت حديثاً فإن الجواب نعم.. لقد وجد أن الدهون المتحولة (TFAS) تمثل (25%) أو أكثر من الدهون الموجودة في أطعمة مثل الكعك المحلى المقلي (الدونات) Doughnuts، والمعجنات والفطائر الحلوة Pastries، والمقرمشات Crackers، والفشار Popcorn، ومحضرات الكيك الجاهز، كما يجب الانتباه أيضاً إلى الأطعمة المقلية تحت الضغط (بروستد) مثل المقليات الفرنسية، والأسماك المغطاة بالسميد، والدواجن…. الخ. فهذه الأطعمة هي التالية من حيث احتوائها على أعلى نسبة من الدهون المتحولة (TFAS).

لسوء الحظ، قد يكون من الصعب معرفة الأطعمة المجهزة بالدهون المتحولة، ومقدار ما تحتويه منها، وللأسف لا تحتوي اللصاقات المكتوبة على هذه الأطعمة الجاهزة أي إشارة إلى كمية ما تحتويه من هذه الدهون المتحولة، ولكن إذا وجدت عبارة “مهدرجة” أو “مهدرجة جزئياً” فهذا يعني أن الزيت المستعمل يحتوي على دهون متحولة (TFAS). وإذا كانت تلك العبارات على رأس قائمة المحتويات، فربما يعني ذلك وجود نسبة عالية من الدهون المتحولة، هناك طريقة أخرى لمعرفة كمية الدهون المتحولة في طعام معلب أو مغلف ومكتوب على المغلف نسب ما يحتويه من دهون، فإذا جمعت كميات الدهون أحادية عدم التشبع، والدهون عديدة عدم التشبع، والدهون المشبعة، ثم طرحت المجموع من كمية الدهون الكلية فإن حاصل الطرح يمثل الدهون المتحولة، ولكن يمكن فعل ذلك فقط حينما يلتزم منتجو الأغذية بكتابة نسب تلك الدهون على منتجاتهم، وهذا لا يحدث دائماً، وخاصة أن منتجي الأغذية ملزمون بذكر نسبة الدهون المشبعة فقط.

لقد أوضح المعهد الطبي بشكل لا لبس فيه أنه لا يوجد حد أمان لما يباح تناوله من الدهون المتحولة. والسبب في ذلك، أولاً أن الدهون المتحولة لها نفس مساوئ الدهون المشبعة، بمعنى أنها ترفع من مستويات الكولستيرول الكلية في الدم. ويزيد الطين بلة أن الزيادة تحدث في كولستيرول (LDL) السيئ، ويخفض من كولستيرول (HDL) المفيد.

لقد بينت الدراسة التي أطلق عليها “دراسة صحة الممرضات Nurses health study” التي أجريت على 90000 امرأة، أن أسوأ أنواع الدهون المتعلقة بحدوث النوبات القلبية هي الدهون المتحولة، وبجانب ارتباطها بأمراض القلب، فإن الدهون المتحولة (TFAS) تؤثر على طريقة الجسم في تخليقه للحموض الدهنية الأساسية (EFAS) مثل الحموض الدهنية أوميجا – 3 وأوميجا – 6، وفي الحقيقة بدأت الأبحاث تبين أن الحموض الدهنية أوميجا – 3 هي الأكثر عرضة للتخريب في وجود الدهون المتحولة (TFAS).

ينتاب بعض الخبراء شيئ من القلق حول التأثيرات الصحية الأخرى التي يمكن أن تسببها الدهون المتحولة (TFAS)، بما في ذلك السرطان. وحيث إن الشكل الكيميائي لهذه الحموض الدهنية هو بشكل أساسي غير طبيعي، فلا يعرف أحد كيف يتعامل الجسم معها، أو كيف يكونها، وحينما نتذكر أن الحموض الدهنية هي لبنات بناء أغشية الخلايا وكذلك بعض الهرمونات، وبالتالي فإن التناول المستمر لمثل تلك الحموض المحورة يمكن أن يؤدي إلى تبعات صحية لا يعلم أحد مداها حتى الآن. وحتى نكون في الجانب الآمن، يجب أن نقلل قدر الإمكان من استهلاكنا لهذه الحموض المتحولة.

قد يكون استعمال الزبدة أفضل من تلك الدهون المتحولة، لقد قارنت دراسة حديثة أجريت في جامعة تافت Tufts University تأثيرات الزبدة، وزيت فول الصويا، والمرجرين (المصنوع من هدرجة فول الصويا)، على المناعة الخلوية، والالتهاب في مجموعة من الأفراد الذين لديهم ارتفاع معتدل في مستوى الكولستيرول. لم تتأثر المناعة بأي من تلك المواد المستعملة، ولكن لوحظ ارتفاع معتبر في مستويات بعض المواد الالتهابية، ووجدت في الأفراد الذين استعملوا المرجرين، أكثر ممن استعملوا الزبدة أو فول الصويا.

لا تغر بمسألة الدهون المزيفة الاصطناعية

توجد مجموعة أخرى من الدهون يجب تجنبها، برغم حقيقة كونها ليست دهوناً بالمرة، فهي نوع من دهون اصطناعية، ولقد ملأت الأسواق تلك الدهون، وكذلك الوجبات الخفيفة التي يدخل فيها تلك الدهون الاصطناعية مثل الأولسترا olestra، يباهي منتجو ومصنعو الأطعمة التي تحتوي مثل تلك الدهون المزيفة، أنها ستساعد الناس على التحكم في تخفيض أوزانهم، لأن هذه الدهون الاصطناعية لا يتم امتصاصها في الأمعاء، وتطرح مع البراز، وتحمل معها الكثير من الحريرات الموجودة في بعض الأطعمة مثل رقائق البطاطس.

إذا وجد على لصاقات أغلفة الأطعمة الجاهزة أحد الأسماء التالية سمبلس simplesse، ألترافريز Ultra-freeze، الترابيك Ultra-bake، أوليان olean، أو اولسترا olestra، فهذا يعني وجود دهون اصطناعية مزيفة.

كيف يحدث أن هذه الدهون الاصطناعية لا تسبب زيادة في الوزن؟ حينما نأكل الدهون الطبيعية، تقوم الإنزيمات الموجودة في الجهاز الهضمي بتحليلها إلى جزيئات صغيرة يمكن أن تمتصها الأمعاء، ولكن الإنزيمات الموجودة في الأمعاء لا تستطيع أن تحلل هذه الدهون الاصطناعية المزيفة. وبالتالي تبقى كما هي في الأمعاء وتطرح في النهاية كما هي دون أي تغيير فيها، ومن أجل ذلك لا تسبب هذه الدهون أي زيادة في الوزن.

إذا قرأت الكتابة الدقيقة على ملصقات الأطعمة المحتوية على هذه الدهون الاصطناعية، سترى أن لها كثير من العيوب، أحدها أنه ليس لها أي قيمة غذائية، ثانياً، تحرم الجسم من عناصر غذائية هامة مثل الفيتامينات الذوابة من الدهون (أ، د، هـ، ك) التي تذوب فيها وتطرح في البراز معها، ثالثاً، يمكن لهذه الدهون المزيفة أن تسبب بعض المشكلات الهضمية، فجسمنا لم يهيأ للتعامل مع جزئيات دهنية كبيرة مثلها، وبالتالي ليس عجباً أن يشعر من يستعمل تلك الدهون بتقلصات معوية، وإسهالات واضطرابات أخرى. أخيراً، فإن هذه الدهون المزيفة تقع في نفس منزلة الدهون المتحولة (TFAS) إذا ما أخذنا في الاعتبار استعمالها المديد، لا أحد يعلم ما هي الآثار الضارة التي يمكن أن نكتشفها عن هذه المواد بعد سنوات من الاستعمال، إذا كنت فعلاً ممن يريدون أن ينقصوا من وزنهم فنصيحتنا أن تتحاشى استعمال الدهون الاصطناعية، والأغذية الخفيفة Snacks التي تدخل في تكوينها، ومما لاشك فيه ليست هذه أو تلك ضمن ما يمكن اعتباره مواد غذائية صحيحة.