تستخدم كلمة دائخ لوصف مجموعة متنوعة من المشاعر والإحساسات – توهم بالحركة وخفة في الرأس وضعف وفقدان التوازن وشعور بالإغماء وتشوش الذهن وعدم الثبات على القدمين. تشعر أحيانا أنك تتقلب أو تدور أو أن الأشياء المحيطة بك تفعل ذلك. هذا ما يسمى بالدوار. أما عدم التوازن فهو الشعور بضرورة لمس الأشياء أو التمسك بها للمحافظة على التوازن.
وأسباب الدوخة متعددة. يتعلق العديد منها باضطراب في مكان ما من نظام التوازن المعقد. ومن الأجزاء المهمة في نظام التوازن هذا التيه الدهليزي الذي يتواجد مع الحلزون في الأذن الداخلية. هذا ما يفسر حدوث نقص السمع والدوخة نتيجة بعض اضطرابات الأذن الداخلية.
تعتبر الدوخة ثالث الأسباب الشائعة التي تدفع بالأشخاص الذين تجاوزوا الـ 65 من العمر إلى زيارة الطبيب. فالشيخوخة تزيد من مخاطر حدوث الحالات التي قد تتسبب بالدوخة. نادرا ما تدل الدوخة على حالة خطيرة تهدد الحياة مع أنها يمكن أن تتسبب أحيانا بعجز مؤقت. يستطيع الأطباء تحديد سبب الدوخة في 75 بالمئة من الحالات وتستمر الإشارات والأعراض عند معظم الناس لفترة قصيرة. وحتى مع غياب السبب أو استمرار الدوخة يستطيع الطبيب وصف الأدوية أو العلاجات الأخرى للتخفيف من الأعراض وجعلها محمولة.
كيف يعمل نظام التوازن؟
يسمح لك نظام التوازن بالبقاء مستقيما عند الجلوس والوقوف والحركة. كما يبقي أيضا الرؤية واضحة عند تحريك الرأس ويبقيك مدركا لوضعية رأسك بالنسبة إلى الأرض.
يهتم الدماغ بتنسيق المعلومات الحسية الآتية من العينين والأعصاب العضلية الصقلية والأذن الداخلية للمحافظة على الشعور بالتوازن قبل أن يرسل إشارات إلى العضلات على امتداد الهيكل العظمي للسيطرة على ردة فعلها والمحافظة على الوضعية.
عينيك
تساعد الإشارات البصرية على تحديد موضع جسمك في الفضاء مهما كانت وضعيتك – إذا كنت جالسا أو واقفا أو نائما أو كنت تسير منتصبا أو منحنيا -. حين يصيب الضوء الخلايا الحساسة للنور في الناحية الخلفية للعين يطلق تفاعلات كيميائية تولد إشارات كهربائية. تنتقل هذه الإشارات إلى الدماغ عبر العصب البصري. يفهم الدماغ هذه الإشارات على أنها صور كصفحة كتاب أمامك. يستعمل هذه الصور أيضا ليحتسب مثلا كم يرتفع الكرسي عن الأرض وما سرعة السيارة التي تسير أمامك.
جهازك العصبي
توجد الملايين من الخلايا العصبية (عصبون) في الجلد والعضلات والمفاصل. حين تستثار هذه الخلايا عبر اللمس أو الضغط أو الحركة ترسل إشارات كهربائية إلى الدماغ حول ما يقوم به الجسم كالإستلقاء على فراش ناعم أو التسلق على سلم. أما بالنسبة إلى المعلومات حول حركة الرقبة والكاحل فهي ضرورية جدا لأنها تخبر الدماغ إلى أية جهة يستدير الرأس ومدى ثباتك على الأرض.
التيه الدهليزي
التيه الدهليزي هو عضو التوازن الموجود في الأذن الداخلية على طول الحلزون. يستخدم الدماغ التيه الدهليزي ليحدد وضعية الرأس بالنسبة إلى الجاذبية وما إذا كان الرأس أو الجسد يستديران. يعتبر التيه الدهليزي الجزء الأهم الذي يعتمد عليه الدماغ لتحقيق التوازن خاصة حين تفقد المعلومات من العينين مع العلم أن إدراكك له أقل من إدراكك للعينين وللأعصاب العضلية الصقلية.
جهازك الدهليزي أثناء العمل
يوجد التيه الدهليزي مباشرة فوق الحلزون. يتكون من ثلاثة أجزاء لولبية الشكل ومملوءة بالسوائل تدعى الأقنية الهلالية.
يوجد عند قاعدة كل قناة هلالية بنية تحسس تدعى الأمبولة. تقوم هذه الأخيرة بمد الدماغ بالمعلومات حول الحركات الدائرية للرأس. يؤدي ذلك بدوره إلى جعل العينين تتحركان في الإتجاه المعاكس للرأس حتى تبقى الصورة التي تنظر إليها مركزة على شبكة العين.
تتصل الأقنية الهلالية الثلاث بالدهليز. يوجد داخل الدهليز حجرتان تدعيان القريبة والكييس. توصل القريبة وهي الحجرة العليا الأقنية الهلالية الثلاث. أما الكييس فهو الحجرة السفلى التي تقع بقرب الحلزون. تساعد الحجرتان على مراقبة وضعية الرأس بالنسبة إلى الجاذبية والحركة المستقيمة كالتوجه صعودا أو نزولا في مصعد أو التحرك إلى الأمام وإلى الخلف في السيارة. تحتوي كل حجرة على رقعة من الخلايا الحسية مطمورة بمادة هلامية. تحتوي هذه الرقعات على جزيئات صغيرة تدعى الغبارات الأذنية.
عندما تنحني لالتقاط شيء ما تشد الغبارات الأذنية في القريبة – المسؤولة عن التنبه للحركة العمودية – نحو الأسفل بفعل الجاذبية. عندما تسير إلى الأمام ترجع الغبارات الأذنية الموجودة في الكييس – المسؤول عن التنبه للحركة الأفقية – إلى الوراء. في كلتي الحالتين، تجذب الغبارات الأذنية المادة الهلامية معها. تقوم هذه الأخيرة بدورها بلوي الخلايا الهدبية المطمورة فتنبعث إشارات عبر الممرات العصبية إلى الدماغ حول الحركات العمودية والأفقية.
يستجيب الدماغ لهذه الإشارات بغض النظر عما تفعل فينسق حركة العين والرأس لتبقى الرؤية واضحة. كما يعلم الدماغ العضلات الصقلية لتستجيب سريعا في المحافظة على التوازن.
قد تنشأ مشاكل التوازن من أي مكان من هذا النظام المعقد المكون من العينين والأعصاب العضلية الصقلية والتيه الدهليزي. وحتى تستطيع المحافظة على التوازن يجب أن يعمل إثنان من الأجهزة الثلاثة على الأقل بشكل جيد. فإغلاق العينين مثلا أثناء الإستحمام لا يعني أنك ستفقد توازنك. لأن الإشارات من الأذن الداخلية والأعصاب العضلية الصقلية تساعد على إبقائك منتصبا. لكنك قد تختبر فقدانا في التوازن إذا كان الجهاز العصبي المركزي غير قادر على تحليل الإشارات أو إذا كان هنالك تضارب في الرسائل أو إذا كانت الأجهزة الحسية لا تعمل جيدا.
أسباب الدوخة
من منا لم يختبر في وقت ما نوبات قصيرة من الدوخة؟ غالبا ما يكون سبب الدوخة العابرة تغييرات سريعة في المحيط. تتم المحافظة على الشعور بالتوازن عادة في اللاوعي بالإرتكاز إلى سنوات من الممارسة والإدخال الحسي السليم. يتميز الطفل الذي يتعلم المشي مثلا بعدم الثبات وبفقدان التوازن باستمرار. مع التقدم في العمر يصبح التنسيق بين العين والعضلات الضرورية للمشي أمرا طبيعيا لا تفكر به لحظة واحدة.
حين يدرك الدماغ وجود إدخال حسي غير إعتيادي – كوجودك للمرة الأولى على متن باخرة أو حين تقف فجأة بعد فترة جلوس طويلة – تصاب بالدوخة. قد يحدث الأمر نفسه حين تتلقى معلومات حسية متضاربة. إذا كنت مثلا جالسا في السينما تشاهد عن قرب مرورا سريعا لقطار تسجل العينان حركة فيما تشير العضلات والأعصاب والجهاز الدهليزي إلى استقرارك في مكانك. قد يشعرك هذا التضارب بالدوخة.
كما يسبب التقلب أو الحركة المفاجئة شعورا بالدوخة. يحدث ذلك عندما يتأخر السائل الهلامي في الأقنية الهلالية باللحاق بالحركة. عندما تتوقف عن الحركة يستمر السائل بالإهتزاز فتشعر بالدوخة. وحين يهدأ السائل عن الحركة تزول الدوخة.
ليست الدوخة التي تسببها تغيرات في الأجواء خطيرة. لكن النوبات المفاجئة والعنيفة أو الفترات الطويلة من الدوخة أو الشعور بالإغماء أو خفة الرأس أو الدوار قد تكون أعراضا لمرض أو اضطراب غير ظاهر كاضطراب الجهاز الدهليزي وغيره من الأسباب:
● ضغط دم منخفض. يشعرك الضغط المنخفض بخفة رأس أو إغماء حين تجلس أو تقف بسرعة.
● دورة دموية سيئة. يشعرك نقص تدفق الدم إلى الدماغ بخفة الرأس. قد يتسبب دفق الدم المنخفض إلى الأذن الداخلية بالشعور بالدوار. يعود اضطراب الدورة الدموية إلى حالات عديدة من أمراض القلب كالشرايين المسدودة وأمراض عضلة القلب (إعتلال عضلة القلب) وضربات القلب غير المنتظمة (لا نظمية القلب).
● نواقص حسية متعددة. يشعرك نقص الإدخال من العينين والأعصاب والعضلات والمفاصل بعدم الثبات. تتضمن بعض الأمثلة ضعف النظر وتضرر الأعصاب في الذراعين والرجلين (الإعتلال العصبي المحيطي) والإلتهابات العظمية المفصلية وضعف العضلات.
● أمراض القلق. تتضمن هذه الأمراض نوبات ذعر أو الخوف من مغادرة المنزل والتواجد في الأماكن المفتوحة الرحبة (رهاب الفضاء). فهذه الأمراض تجعلك تشعر بعدم التركيز وخفة الرأس.
● فرط التنفس. يؤدي التنفس السريع غير الطبيعي الذي يرافق عادة أمراض القلق إلى الشعور بخفة الرأس والإغماء.
● أمراض الجهاز العصبي المركزي. تتضمن هذه الأمراض التصلب المتعدد والأورام.
متى يجب أن تراجع الطبيب بشأن الدوخة؟
تستدعي، بشكل عام، أية دوخة غير مفسرة أو متكررة أو قوية زيارة الطبيب. فهي وإن كان ذلك نادرا جدا قد تدل على وجود مرض خطير. راجع الطبيب فورا إذا شعرت بالدوخة أو الدوار مع الأعراض المرافقة التالية:
● صداع جديد أو مختلف عن السابق أو شديد.
● غشاوة على النظر أو رؤية مزدوجة.
● نقص سمع.
● اضطراب في النطق.
● ضعف في الذراع أو الرجل.
● فقدان الوعي.
● سقوط أو صعوبة في المشي.
● خدر أو إحساس بالوخز.
● ألم في الصدر أو تباطؤ ضربات القلب أو سرعتها.
قد تشير هذه الإشارات والأعراض إلى وجود مشكلة أكثر خطورة كأورام الدماغ أو جلطة دماغية أو مرض باركنسون أو التصلب المتعدد أو مرض في القلب.
الفحوصات التشخيصية
قد يطلب إليك الطبيب حين تزوره من أجل مشكلة في التوازن إجراء عدة فحوصات لتقييم سلامة الأذن الداخلية وجهاز التوازن. يقوم إختصاصي تقويم السمع بإجراء هذه الفحوصات. تساعد النتائج على تحديد ما إذا كانت الإصابة تشمل أذن واحدة أو الأثنين معا ومدى قدرة كل من الأذن الداخلية والعينين والعضلات والمفاصل على العمل سويا لجمع المعلومات الحسية وما إذا كنت مرشحا لنوع من العلاجات يسمى إعادة تأهيل الدهليز.
قد تضطر إلى الامتناع عن الأكل أو أي نوع من أنواع المنومات أو المهدئات أو مضادات الإكتئاب أو المسكنات لمدة 24 ساعة قبل الفحص. ويستحسن أيضا ارتداء الملابس المريحة كالسروال أو بدلة تعرق بما أن أحد الفحوصات (تصوير الوضعية) يتطلب استعمال حزام توثيق. ليست هذه الفحوصات خطيرة لكنها تؤدي أحيانا إلى الدوخة أوالغثيان أو القلق. لا تتردد في طرح الأسئلة التي تخطر على بالك على إختصاصي تقويم السمع قبل الفحص أو أثنائه أو بعده. قد يتضمن الكشف الطبي واحدا أو أكثر من الفحوصات المبينة أدناه.
فحص السمع
غالبا ما تترافق مشاكل الحلزون مع مشاكل التيه الدهليزي كونهما جزءا من بنية واحدة. يساعد فحص السمع على تقييم الأذن الداخلية.
تخطيط الرأرأة الكهربائي
هل تذكر كيف تتحكم المعلومات التي يرسلها الجهاز الدهليزي إلى الدماغ بحركة العين عند إدارة الرأس؟ تخطيط الرأرأة الكهربائي هو في الواقع مجموعة من الفحوصات التي تقيم التفاعل بين الأذن الداخلية وعضلات العين ما يعرف بالمنعكس الدهليزي البصري. يعتبر هذا الأخير من أهم الطرق للتحقق من آلية التوازن في الأذن الداخلية.
يتم لصق أقطاب كهربائية متصلة بكومبيوتر على الوجه لإجراء الفحص. أو قد تضع نظارات خاصة مزودة بكاميرا صغيرة تعمل بالأشعة ما تحت الحمراء تلاحق باستمرار مواقع بؤبؤ العين. يمكن أن يطلب إليك ما يلي لتحديد مدى تجاوب حركة العينين مع إشارات الأذن الدخلية:
● التحديق باستمرار بنقطة أو بضوء.
● مشاهدة ضوء يتحرك عبر قضيب.
● متابعة دوران نقاط ضوئية بعينيك.
● الإستلقاء في الفراش في وضعيات مختلفة مع تسجيل حركة العينين.
يتضمن جزء آخر من تخطيط الرأرأة وهو الفحص الحراري إدخال ماء دافئ أو بارد أو هواء عبر أنبوب طري في مجرى السمع الظاهر. يراقب إختصاصي تقويم السمع حركة العينين مع استثارة درجات الحرارة المختلفة للأذن الداخلية.
فحص “ديكس- هالبايك”
يستعمل فحص “ديكس- هالبايك” لتحديد ما إذا كنت تعاني من الدوار الحركي الحميد الحاد. أثناء الفحص تجلس على طاولة الكشف حيث يتم تحريك رأسك إلى اليمين والشمال بزاوية 45 درجة. ثم تنتقل بسرعة من وضعية الجلوس إلى الإستلقاء مع تدلي الرأس عن حافة الطاولة لكن بالزاوية نفسها. يطلب إليك إبقاء عينيك مفتوحتين طوال الوقت ليتمكن إختصاصي تقويم السمع من مراقبة حركاتها.
إذا كنت مصابا بالدوار الحركي الحميد الحاد ربما تختبر دوارا بعد ثانيتين إلى 10 ثوان. قد يستمر هذا الشعور من 30 ثانية إلى دقيقة واحدة. ثم يعاد الفحص للأذن الأخرى. أما الأذن المصابة فهي تلك المتوجهة نحو الأرض عند الشعور بالدوار. ينجح عادة إجراء ما يسمى بإعادة موضعة حصيات الأقنية في علاج الدوار الحركي الحميد الحاد.
فحوصات الدوران
تقيس فحوصات الدوران أيضا المنعكس الدهليزي البصري لكنها أكثر تحسسا لمشاكل التوازن التي تصيب الأذنين. يمكن استعمالها لمراقبة حس التوازن عند تناولك بعض الأدوية التي قد تؤدي إلى مشاكل في الأذن الداخلية (الأدوية السمية للأذن)، والتي تصيب الأذنين معا بشكل خاص.
قد يستخدم إختصاصي تقويم السمع أثناء فحص الدوران أقطاب كهربائية أو كاميرات بالأشعة ما تحت الحمراء لمراقبة حركة العين خلال دوران جسمك في اتجاهات مختلفة. تجلس غالبا في كرسي يتحكم به الكومبيوتر ويتحرك ببطء شديد لدورة كاملة. مع ازدياد السرعة يتحرك إلى الخلف وإلى الأمام وفق قوس صغير. تكون غرفة الفحص مظلمة معظم الوقت لكن يسمح لك كل من الميكروفون وسماعة الرأس بالمحافظة على الإتصال باختصاصي تقويم السمع.
قد يطلب إليك التركيز على شيء ما ثم تحريك رأسك إراديا من جهة لأخرى أو من فوق إلى تحت لفترات وجيزة. في بعض الحالات يشاهد إختصاصي تقويم السمع بكل بساطة حركة العين حين يقوم بتحريك رأسك أو قلبه على مهل في كرسي متأرجح.
تصوير الوضعية
يقيس تصوير الوضعية قدرتك على دمج المدخلات الحسية من سائر أجزاء جهاز التوازن ومنها العينين والأعصاب العضلية الصقلية والجهاز الدهليزي.
يساعد هذا الفحص على تحديد أجزاء النظام التي تعتمد عليها أكثر والأجزاء التي يمكن أن تسبب مشاكل.
يطلب إليك أثناء هذا الفحص الوقوف على منصة حساسة للتغيرات في كيفية توزيع الوزن على القدمين. يساعد ذلك على احتساب حركة مركز الكتلة الجسمية. ثم يطلب إليك المحافظة على التوازن في حالات يتم فيها إلغاء أو تعديل المصادر الحسية. مثلا يطلب إليك إغماض عينيك أو يتم تحريك المنصة تحريكا خفيفا.
هنا تأتي أهمية الثياب المريحة لأنه سيتم توثيقك بحزام أمان فوق الثياب لحمايتك من السقوط.
فحوصات أخرى
يمكن للتصوير بالرنين المغناطيسي أن يظهر وجود ورم أو تحديدا ورم عصبي سمعي. يمكن استخدام التصوير الطبقي المحوري (سكانر) للتحقق من كسور في العظم الصدغي أو تشوهات في الجمجمة. قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات مخبرية للدم للتحقق من وجود إلتهابات أو فحوصات قلب للتحقق من صحة القلب والأوعية الدموية.
الإضطرابات الدهليزية
قد تتسبب مشاكل الأذن الداخلية بالدوخة. غالبا ما يرافق الدوار تحديدا – الشعور بأنك تتقلب أو تدور أو أن الأشياء المحيطة بك تفعل ذلك – الإضطرابات الدهليزية. يمكن أن تنشأ المشاكل بسبب التهابات في الأذن الداخلية أو بسبب الغبارات الأذنية الطافية في التيه الدهليزي.
قد تصاب بالغثيان أوالتقيؤ أو تغيير في النبض وضغط الدم أو خوف أو قلق أو حتى ذعر إذا كنت تعاني من اضطراب دهليزي. تشعرك هذه التأثيرات بأنك متعب ومكتئب وفاقد للتركيز. تكون المشكلة حميدة في معظم الأحيان ما يعني أنها ليست خطيرة أو مهددة للحياة ويستطيع الطبيب وصف العديد من الوسائل لمعالجة مؤشراتها وأعراضها. تجد فيما يلي وصفا لبعض الإضطرابات الدهليزية الشائعة.
الدوار الحركي الحميد الحاد
يعرف الدوار الحركي الحميد الحاد باختصاره في اللغة الإنكليزية بأحرف BPPV. تعتبر هذه الحالة من الأسباب الشائعة للإصابة بالدوار رغم أنها تصيب بشكل أكبر البالغين الذين تجاوزوا الخمسين. تتميز هذه الحالة بنوبات قصيرة ومفاجئة من الدوار – تستمر عادة أقل من دقيقة – تحدث خاصة عند تغيير وضعية الرأس. قد تشعر بأنك تدور أو تطفو عندما تستلقي على جنب أو آخر أو حين ترجع رأسك إلى الخلف. تتحرك العينان ذهابا وإيابا بشكل لا إرادي (رأرأة) عند حدوث ذلك. قد تشعر أيضا ببعض الغثيان ونادرا بالتقيؤ وبقليل من التعب والقلق. قد يستمر الدوار المرافق للدوار الحركي الحميد الحاد بالظهور والإختفاء لأسابيع وحتى سنوات بشكل لا يمكن تكهنه.
رغم أن أسبابه لا تزال مجهولة يسود الإعتقاد أن الدوار الحركي الحميد الحاد هو نتيجة طبيعية للتقدم في السن بسبب التنكس التدريجي في الجهاز الدهليزي. كما يسبق الحالة أحيانا إصابة رضحية على الرأس. سواء نجمت الحالة عن الشيخوخة أو الإصابة فقد لاحظ العلماء أن الغبارات الأذنية البالغة الصغر والتي تتواجد عادة في قريبة التيه الدهليزي تتفكك وتتراكم أكثر الأحيان في أحد الأقنية الهلالية. تتسبب بعض الحركات – كالتقلب في الفراش أو الجلوس أو النظر إلى أعلى أو الإنحناء إلى الأمام – بجعل الجزئيات تدفع بالسائل في الأذن الداخلية فتلوي الخلايا الهدبية وتؤدي إلى نوبة قصيرة من الشعور بالتقلب والدوران.
قد يكون الحل في كثير من الأحيان القيام بإجراء بسيط لمعالجة الدوار الحركي الحميد الحاد. يتضمن إجراء إعادة موضعة حصيات الأقنية مناورات بسيطة لوضعية الرأس. يهدف ذلك إلى تحريك الغبارات الأذنية المتواجدة في غير مكانها باتجاه القريبة. قد يكون من الضروري إعادة هذا الإجراء عدة مرات قبل زوال الشعور بالدوار. تحتاج بعد ذلك إلى ابقاء الرأس منتصبا حتى أثناء النوم لمدة 48 ساعة. يساعد ذلك على إبقاء الجزيئات مستقرة في القريبة. قد تصل نسبة نجاح هذا الإجراء إلى 90 % نادرا ما تعود المؤشرات والأعراض إلى الظهور. أما في حال عودتها، فإن تكرار هذا الإجراء يفيد في العادة.
مرض منيير
وهو اضطراب في الأذن يمكن أن يصيب البالغين من كافة الأعمار. يتميز بنوبات مفاجئة من الدوار قد تستمر ما بين 20 دقيقة إلى يومين تشعرك بالغثيان وتتسبب بالتقيؤ. تتضمن المؤشرات والأعراض الأخرى نقص سمع وطنينا وشعورا بالإنسداد في الأذن المصابة. يكون الدوار عادة الجزء الأسوأ. قد تحدث النوبات بشكل يومي وقد لا تتكرر إلا مرة في السنة. لا تشعر بالدوار بين نوبة وأخرى. رغم تقلب السمع مع النوبات فقد يسوء تدريجيا. يصيب مرض منيير عادة أذنا واحدة لكنه يمكن أن يصيب الأذنين معا عند بعض الأشخاص.
لا تزال الأسباب الحقيقية للمرض مجهولة لكن يعتقد العلماء أنه يترافق مع تغيرات في حجم سوائل الأذن الداخلية وتركيبتها. يمكن لزيادة السوائل أن تتسبب بالضغط على أغشية الأذن الداخلية فتشوهها وتمزقها أحيانا. يؤدي ذلك إلى اضطراب الإحساس بالتوازن والسمع.
تتم معالجة مرض منيير بتناول الأدوية المضادة للدوخة والغثيان وتناول طعام قليل الملح. يساعد التخفيف من تناول الملح على تخفيض مستوى السوائل في الجسم ومن ضمنها سوائل الأذن الداخلية أملا بتخفيف تكرر النوبات. قد يصف الطبيب مدرا للبول لإتمام هذا الأمر.
إذا كنت تعاني من تكرار نوبات الدوار فقد يحقن الطبيب كمية صغيرة من مضاد حيوي يسمى جنتامايسين في الأذن الوسطى. يستطيع الجنتامايسين أن يتسبب بأضرار في الأذن الداخلية لكن إذا استخدم بكميات مراقبة يمكن أن يهدئ من عمل الجهاز الدهليزي ويسيطر على الدوار دون المساس بالسمع. إذا وصلت الدوخة إلى حد تعطيل الحياة اليومية يمكن عندها اللجوء إلى جراحة الأذن الداخلية.
إلتهاب التيه
يصيب هذا الإلتهاب الأذن الداخلية المعروفة أيضا بالتيه فيؤثر على التوازن والسمع معا. وهو يلي عادة عدوى أذن بكتيرية أو مرض فيروسي للمجاري التنفسية العليا. وقد يحدث نتيجة إصابة الرأس أو دون أسباب ظاهرة أو أمراض مرافقة.
تتضمن إشارات وأعراض إلتهاب التيه دوارا مفاجئا وشديدا قد يستمر أياما بالإضافة إلى غثيان وتقيؤ ورأرأة ونقص سمع وطنين. أما إذا ترافقت الحالة مع إلتهاب بكتيري فقد تفقد السمع بالكامل في الأذن المصابة.
يساعد جمود الحركة وتجنب الحركات المفاجئة على عدم تدهور تأثيرات التهاب التيه- يصح ذلك في مرض منيير والتهاب العصب الدهليزي. يزول الإلتهاب من تلقاء نفسه خلال بضعة اسابيع غير أن مراجعة الطبيب ضرورية. قد يصف الطبيب مضادا حيويا إذا كان المسبب التهابا بكتيريا للتخلص من الجرثومة. تعطى الستيرويدات غالبا في حال عدم وجود إلتهاب بكتيري. إذا تم تشخيص الحالة خلال 72 ساعة من بدئها قد يصف الطبيب مضادات للفيروس. كما ينصح الطبيب بأدوية للتخفيف من الدوخة والغثيان. تستدعي بعض الحالات دخول المستشفى لمدة قصيرة بسبب التجفاف الناجم عن التقيؤ المستمر.
إلتهاب العصب الدهليزي
يشبه التهاب العصب الدهليزي إلتهاب التيه بما يسببه من حدوث مفاجئ للدوار المصحوب بالغثيان والتقيؤ والرأرأة. في الواقع تستخدم العبارتان وكأنهما تعنيان أمرا واحدا. قد يكون السبب في الحالتين إلتهابا فيروسيا لكن التهاب التيه هو التهاب في الأذن الداخلية فيما التهاب العصب الدهليزي هو التهاب في العصب الذي يربط بين التيه الدهليزي والدماغ (العصب الدهليزي). قد يؤدي التهاب التيه إلى نقص السمع لأنه يمكن أن يصيب الحلزون. أما التهاب العصب الدهليزي فلا يؤثر على السمع.
يمكن أن تستمر الأعراض والإشارات من أيام إلى أسابيع تبدأ شديدة ثم لا تلبث أن تتحسن. قد تحدث النوبة مرة واحدة أو عدة مرات على مدى عام أو أكثر. غالبا ما يحدث التهاب العصب الدهليزي إثر انفلونزا أو حالات أخرى من الإلتهابات الفيروسية في جهاز التنفس. يشفى معظم الناس تماما من التهاب العصب غير أن البعض قد يعاني من خلل بسيط في التوازن بعد انتهاء الإلتهاب. قد يصف الطبيب بعض الأدوية التي
تثبط الدوار والغثيان والستيرويدات كالبريدنيزون لمساعدة الجسم على التغلب على الإلتهاب. ويستطيع الطبيب أيضا وصف نوع من العلاج الطبيعي يسمى إعادة تأهيل الدهليز يساعد على الشفاء.
ردود الأفعال على الأدوية
قد يؤدي مفعول بعض الأدوية إلى إلحاق الضرر بأعضاء السمع والتوازن في الأذن الداخلية. لذلك تسمى هذه الأدوية أدوية سمية للأذن ototoxic علماً أن oto تعني أذن. تعتمد تأثيرات الأدوية التي تتراوح بين المتوسطة والشديدة على الجرعة والمدة الزمنية التي تتناولها فيها وعوامل أخرى كوظيفة الكلى والكبد والوراثة. يمكن لإعادة تأهيل المصاب بتأثيرات الأدوية أن تحقق شفاء هاما بما أن الجهاز البصري والأجهزة الأخرى تعوض النقص الدهليزي.
تأكد من إطلاع الطبيب على أية مشاكل توازن أو سمع سابقة أو أية معاناة من تأثير بعض الأدوية. يساعد ذلك على تجنب تناول الأدوية السمية والتعرض لها دون ضرورة. تتضمن المؤشرات والأعراض السمية في الأذن التي يجب مراقبتها:
● حدوث صوت رنين في أذن واحدة أو الإثنتين معا (الطنين).
● ازدياد الطنين الموجود سوءا.
● الشعور بانسداد أذن أو الاثنتين معا.
● دوخة أو شعور بالتقلب يترافق مع غثيان.
● فقدان التوازن.
الورم العصبي السمعي
الورم العصبي السمعي المعروف بالشوفانية الدهليزية هو ورم حميد وبطيء النمو ينشأ من العصب القحفي الثامن المكون من العصبين السمعي والدهليزي مجتمعين معا. ينمو الورم بسبب تكاثر بعض الخلايا المعروفة بالخلايا الشوفانية والتي تغلف الأعصاب وتعزلها. لا يزال سبب هذا الورم مجهولا.
بما أن الورم العصبي السمعي يصيب كلا من العصبين السمعي والدهليزي فمن الطبيعي أن تكون أبرز أعراضه نقص سمع في أذن واحدة وطنين وعدم ثبات. قد يؤثر النمو المتزايد للورم على أعصاب أخرى تغذي الوجه متسببا بخدر في الوجه وضعف.
رغم أن الورم العصبي السمعي ينمو ببطء بشكل عام لكنه يمكن أن يصل إلى حجم كبير فيضغط على جذع الدماغ ويؤثر على الوظائف الحيوية. قد يكتشف الطبيب هذا الورم بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي. يمكن استئصال الورم جراحيا أو معالجته بواسطة الأشعة.
ناسور اللمف المحيط
وهو التعبير الطبي لتمزق الغشاء الذي يغلف النافذة البيضاوية أو النافذة الدائرية الموجودة بين الأذن الوسطى والداخلية. ينجم عادة عن إصابة الرأس وقد يحدث أيضا نتيجة تغير سريع في الضغط الجوي – كالذي يحدث أثناء الغطس أو عند القيام بمناورات بالطائرة – أو الإجهاد الشديد – كالذي يحدث عند رفع الأثقال أو أثناء الولادة.
تتضمن إشارات وأعراض ناسور اللمف المحيط الدوار وعدم التوازن والغثيان والتقيؤ. كما يمكن للناسور التسبب بالطنين ونقص السمع. تسمح ملازمة الفراش وتجنب الحركة المفاجئة بشفاء التمزق تلقائيا. إذا لم يفلح ذلك يتم اللجوء إلى الجراحة لإصلاح الفتحة.
تصدع القناة الهلالية العليا
يشبه تصدع القناة الهلالية العليا ناسور اللمف المحيط كونه يمثل فتحة غير طبيعية في الأذن الداخلية. تتواجد هذه الفتحة غير الطبيعية في المنطقة العليا لأحد الأقنية الهلالية في التيه الدهليزي حيث ينقص جزء من العظم التي تغلف القناة. يرافق هذه الحالة عارض رئيس هو عبارة عن دوخة أثناء الشد كرفع الأثقال مثلا أو عند سماع أصوات عالية كنباح كلب. قد يتضمن العلاج الجراحة.
إعادة تأهيل الدهليز
يزول الدوار والدوخة تلقائيا في كثير من الأحيان. ويستمر في أحيان أخرى. إذا استمرت عندك المؤشرات والأعراض المعطلة للإضطرابات الدهليزية لأسابيع أو أكثر قد يحولك الطبيب إلى إختصاصي علاج طبيعي لإعادة تأهيل الدهليز. يستخدم هذا البرنامج العلاجي تمارين خاصة للتخفيف من الدوخة والمساعدة على استعادة إحساس التوازن. ينصح كثيرا باعتماد إعادة تأهيل الدهليز أيضا بعد جراحة الأذن الداخلية. يمكن أن يكون هذا البرنامج بالغ الفعالية إذ تصل نسبة التحسن في بعض الحالات ما بين 90% إلى 100%.
التعويض
ترتكز فكرة إعادة التأهيل على آليات تكيف طبيعية داخل الدماغ والجهاز العصبي المركزي والجهاز العضلي الصقلي تعرف بالتعويض. عند إصابة الجهاز الدهليزي بالضرر يتلقى الدماغ في البدء رسائل متناقضة حول حركات الجسم وموضعه في الفضاء مما يؤدي إلى الدوخة أو الدوار. يبدأ الدماغ مع الوقت عملية تكيف حيث يعيد ضبط نفسه على استخدام أقصى ما يمكن من المصادر الحسية الأخرى للتعويض عن نقص معلومات التوازن الآتية من الأعضاء المصابة. إذا كانت الأذن الداخلية اليسرى لا تعمل كما يجب مثلا يقوم نظام التوازن بالإعتماد تدريجيا على الأذن اليمنى للحصول على البيانات الضرورية للمحافظة على التوازن. هذا هو التعويض.
يحتاج الدماغ إلى الإستمرار بتلقي المعلومات من أعضاء التوازن وإلى القدرة على التكيف من أجل التعويض. يحدث التكيف طبيعيا في معظم الأحيان حين تتابع التحرك والقيام بالأعمال اليومية. وعند اكتمال التعويض نادرا ما تشعر بعدم التوازن.
قد ترغب في البدء بتجنب الحركات المفاجئة كي لا تشعر بالدوخة. إلا أنك قد تحرم الدماغ من الإشارات اللازمة لتعلم أنماط جديدة إذا ما بقيت في حالة من الجمود لفترة طويلة. من المحتمل الا يتمكن الدماغ من التعويض بشكل كامل رغم القيام بالحركات العامة. تلعب الأدوية المضادة للدوار دورا حيويا في التخفيف من الدوخة لكنها من الأدوية المنومة بطبيعتها ويمكن على المدى البعيد أن تؤخر عملية التعويض. ينصح بعدم استعمال الأدوية المضادة للدوار لفترة طويلة.
تصبح إشارات وأعراض اضطرابات التوازن مزمنة في بعض الأحيان. يزيد ذلك من احتمالات السقوط والإصابات. يعتبر السقوط من أهم الأسباب المؤدية إلى العجز والموت عند المسنين. لذلك فإن إعادة تأهيل الدهليز والوقاية من السقوط قد تصبح جزءا هاما من العلاج.
ماذا في برنامج العلاج؟
عندما تنتسب إلى برنامج إعادة تأهيل الدهليز أول ما يتم إجراؤه عادة تقييم معمق لمشاكل التوازن عندك. وهذا ما يساعد المعالج الطبيعي على تصميم برنامج تمارين خصيصا لك ولحاجاتك. يتضمن تقييم التوازن بشكل خاص ما يلي:
● فحص الجهاز العضلي الصقلي لتقييم القوة والتناغم ومهارات الليونة.
● تقييم التوازن والمشي ومقارنتهما مع من هم في سنك لفحص التفاعل بين أعضاء التوازن جميعها.
● أسئلة حول تكرر الأعراض وشدتها، متى تحصل وأين وما هي العوامل التي تحفز زيادة في الأعراض والإشارات.
● تصنيف مستوى الدوخة عند تحركك في وضعيات مختلفة.
بعد حصول المعالج على صورة شاملة عن وضعك يقوم بمناقشة أهداف العلاج معك كتحسين التنسيق بين العينين والعضلات وزيادة مستوى النشاط وكيفية تحقيق ذلك.
يطلعك المعالج بشكل عام على عدد من التمارين التي يمكن ممارستها في المنزل دوريا بين الزيارات لمركز العلاج الطبيعي. يطلب إليك مثلا ممارسة تمارين العين حيث تركز على هدف بصري على بعد 10 إلى 20 قدما أثناء انتقالك من وضعية الجلوس إلى وضعية القيام وهكذا دواليك مع إبقاء العينين مفتوحتين. ثم قد يطلب إليك إعادة التمرين نفسه مع إغماض العينين.
قد تتسبب لك هذه التمارين في البدء بالدوخة فلا تكرر المحاولة إلا قليلا. أما لاحقا فيعتاد الدماغ على هذه التمارين – يجد طرقا للتعويض عن الإصابة الدهليزية – وتستطيع زيادة مدة التمارين وقوتها تدريجيا. تبدأ إشارات وأعراض الدوخة والدوار بالزوال.
قد تعطى تمارين لزيادة قوة استجابة العضلات وتنسيقها لتحسين السيطرة على التوازن. قد يتضمن ذلك برنامجا للمشي اليومي.
المحافظة على النشاط
من الضروري أن تحافظ على مستوى عال من النشاط الجسماني حتى بعد الإنتهاء من برنامج العلاج الرسمي. إذا مررت بمرحلة من قلة النشاط كما يحصل أثناء الإصابة بالإنفلونزا أو بعد جراحة بسيطة فإن الدماغ قد ينسى بعض وسائل التعويض وقد تحتاج إلى إعادة تمرين جهاز التوازن من جديد. يمكن إتمام ذلك بممارسة التمارين التي وصفت لك أولا بشكل دوري حتى تزول المؤشرات والأعراض التي تختفي عادة بشكل أسرع في المرة التالية.
جراحة الإضطرابات الدهليزية
يتم علاج الدوار وأعراض الإضطرابات الدهليزية الأخرى معظم الأحيان بواسطة أدوية أو عن طريق إعادة التأهيل إلا أن الجراحة تبقى خيارا مطروحا في أحيان أخرى. يعتمد ذلك على تكرر المؤشرات والأعراض وقوتها ومستوى السمع ووضعك الصحي بشكل عام ورغباتك. تتضمن العمليات الجراحية الشائعة للإضطرابات الدهليزية ما يلي:
● رتق تمزق في النافذة البيضاوية أو المستديرة التي تصل الأذن الوسطى بالداخلية (ناسور اللمف المحيط).
● وضع بعض الأنسجة فوق تمزق في أحد الأقنية الهلالية (تصدع في القناة الهلالية العليا).
● إبعاد وعاء دموي يتسبب بالضغط على العصب الدهليزي.
● سحب السائل الفائض (جراحة تحويل اللمف الداخلي). تجرى هذه العملية عبر سحب كيس من السائل (اللمف الداخلي) يتواجد قرب العظم الخشائي خلف الأذن. تتم أحيانا جراحة تخفيف ضغط اللمف الداخلي التي تسمح بانتفاخ أكثر لكيس اللمف الداخلي.
● قطع العصب الدهليزي (بضع العصب الدهليزي). يقطع العصب قبل نقطة التقائه بعصب السمع لتكوين العصب القحفي الثامن. من حسنات ذلك انه يؤدي إلى إزالة الدوار دون المساس بالقدرة السمعية. قد تكون هذه الجراحة خيارا معقولا لشاب يافع يعاني من أعراض شديدة لمرض منيير دون مشاكل صحية كبيرة أخرى.
● تدمير الأذن الداخلية (قطع التيه). تعتبر هذه العملية أسهل واقل خطرا من قطع العصب الدهليزي. بما أن الجراحة تؤدي إلى تدمير التيه فهي مخصصة لمن فقد السمع بشكل شبه كامل في الأذن المصابة. يعوض الدماغ تدريجيا بعد الجراحة فقدان توازن الأذن الداخلية على تلك الجهة بالإعتماد على الأذن السليمة بما يتعلق بكافة معلومات التوازن.