مرض الذئبة الحمراء الجهازية أو الذئبة الحمامية Systemic Lupus Erythematosus – SLE هو مثال تقليدي لمرض مناعي ذاتي.
وفي مرض الذئبة يقوم جهاز المناعة خطأً بإنتاج اجسام مضادة لمكونات معينة لنوى الخلايا، مثل الحمض النووي DNA.
يعمل هذا المرض على مهاجمة النسيج الضام في الجسم كما لو كان غريبآ، مما يؤدي إلى إصابة، وفي بعض الحالات تدمير اعضاء حيوية مثل المفاصل والكلى والمخ والقلب.
مرض الذئبة يمكن أن يصيب أي جزء بالجسم تقريبآ. فإذا أصاب الجلد فقط، فإن هذه الحالة تسمى إما الذئبة الحمراء الجلدية تحت الحادة وإما الذئبة شبه القرصية بناء على نوع الطفح الموجود.
في اغلب المرضى يكون مرض الذئبة طفيفآ، وحوالي 20% من المرضى يشفون منه تلقائيآ. وكثيرون آخرون يعيشون حياة شبه طبيعية رغم وجود الاعراض المزمنة.
ويعتقد الباحثون أن مرض الذئبة يتسبب عن مجموعة من العوامل، وتشمل الوراثة الجينية وربما حالة عدوى أو تغيرات هرمونية.
يصيب المرض واحدآ من كل 3000 إلى 4000 شخص تقريبآ في الولايات المتحدة. وهو يصيب السود أكثر مما يصيب البيض بمعدل ثلاث مرات تقريبآ.
الغالبية العظمى من المصابين به هم من النساء في مرحلة الانجاب.
الاعراض
تتفاوت اعراض الذئبة الحمراء الجهازية بدرجة كبيرة تبعآ لنوع الانسجة المصابة ودرجة اصابتها، وتكون الاعراض المبكرة للذئبة غير متخصصة، بمعنى أنها يمكن أن تعزى إلى عدد من الحالات المختلفة فهي لا تكفي لتشخيص المرض.
تكون الحمى والاعياء والاوجاع والالام الجسمية وفقدان الشهية ونقصان الوزن والغثيان والتوعك من ضمن الاعراض التي يعانيها معظم مرضى الذئبة، وبالاضافة إلى ذلك فإن كل المرضى يعانون من آلامآ وأوجاعآ بالمفاصل والعضلات.
كثر منهم ينشأ لديهم تورم بالمفاصل يسبب عدم الارتياح واحيانآ ما يحدث تلف مفصلي دائم.
أغلب مرضى الذئبة تكون لديهم أيضآ مشكلات بالجلد، وبعضهم يعاني حساسية غير طبيعية لأشعة الشمس حتى بعد التعرض المحدود لها، مع حدوث اعراض مثل الطفح الشديد والحمى (للحصول على نصائح لتجنب أشعة الشمس).
يصاب آخرون من مرضى الذئبة بقروح بالفم وتقرحات جلدية شبيهة بقطع النقود (شبه قرصية)، وسقوط الشعر وظهور طفح جلدي يشبه الفراشة على الانف والجنتين على جانبي الوجه، ويمكن أن يحدث اندلاع لاعراض الذئبة في أي وقت، ويُقدح زناد تلك الاعراض غالبآ من جراء التعرض للأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس، أو الضغوط العاطفية أو الاعياء أو عوامل أخرى.
اكثر مضاعفات الذئبة خطورة تشمل ما يقوم به جهاز المناعة من تدمير لاعضاء رئيسية بالجسم خاصة الكلى، وإذا اصيبت الرئتان، يمكن أن يحدث التهاب ببطانة أو غشاء الرئتين (ذات الجنب).
في بعض المرضى تصيب الذئبة صمامات القلب و/أو عضلة القلب ذاتها، وأحيانآ ما يسبب هذا هبوطآ بالقلب.
كما يمكن أن تسبب الذئبة التهابآ بالغشاء المحيط بالقلب (التهاب التامور) واضطرابات في ايقاع القلب.
إذا اصابت الذئبة المخ والجهاز العصبي، فإنها يمكن أن تسبب الصداع والنوبات التشنجية والهلاوس ونقصان الحركة أو الاحساس، ومع ذلك فالاكثر شيوعآ هو حدوث خلل وظيفي ذهني أقل شدة مثل الاكتئاب أو تدهور التركيز الذهني.
كما أن مرضى الذئبة يكونون أيضآ عرضة لاضطرابات في خلايا الدم، وهذا يعزى بصفة جزئية إلى الاجسام المضادة التي تهاجم وتدمر خلايا الدم المتخصصة وتشمل خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفيحات الدموية. وقد تتكون جلطات دموية في الاوردة والشرايين مسببة لعواقب وخيمة مثل السكتة المخية.
النساء الحوامل اللاتي يصبن بالذئبة يكون اكثر عرضة لحدوث الاجهاض. ومع ذلك، فمعظم النساء يكن قادرات على الاستمرار في الحمل حتى موعد الولادة مع توقعات جيدة لكل من الام والمولود، خاصة إذا كان قد تمت السيطرة على حالة الذئبة قبل حدوث الحمل واثناءه.
خيارات العلاج
ان غموض وتقطع اعراض مرض الئبة الحمراء علاوة على الافتقار إلى وجود اختبار تشخيصي قاطع يجعل هذا المرض يشتهر بصعوبة تشخيصه، وقد وجدت إحدى الدراسات أن هذا المرض يستغرق ثماني سنوات في المتوسط حتى يمكن الوصول إلى تشخيص محدد له لدى المصابين به !
قد يجري لك طبيبك اختبارات دم متعددة وتشمل اختبارآ لاجسام مضادة غير طبيعية تسمى الاجسام المضادة لنوى الخلايا Antinuclear Antibodies (ANAs) وهذه الاجسام المضادة لنوى الخلايا توجد في غالبية مرضى الذئبة، ولكنها توجد أيضآ في اشخاص آخرين يعانون من حالات مرضية أخرى.
في الواقع، فإن ما يصل إلى 30% من الاشخاص الاصحاء لديهم مستويات منخفضة من الاجسام المضادة لنوى الخلايا في دمائهم. وهكذا، فإن ظهور نتيجة ايجابية لاختبار الجسم المضاد لنوى الخلية لا يعني بالضرورة أنك مصاب بالذئبة، ولكن ظهور نتيجة سلبية يكون دليلآ قويآ على أنك لست مريضآ به.
كما يوجد نوعان آخران من الاجسام المضادة غير الطبيعية لدى بعض مرضى الذئبة وهما: الاجسام المضادة للحمض النووي DNA، والاجسام المضادة للفوسفوليبيد Sm. هذه الاجسام المضادة توجد أساسآ في مرضى الذئبة فقط، ولكن لسيت توجد في جميع مرضى الذئبة.
إذا وجدت تلك الاجسام المضادة لا يعني عدم وجود هذا المرض.
وعلاج مرض الذئبة يتم تكييفه تبعآ لظروفك وتوجيهه على أساس أعراض وعلامات حالتك المرضية.
قد يعالج الألم المفصلي بالعقاقير اللاستيرويدية المضادة للإلتهاب.
وقد يتم علاج الالتهاب البلوري أو الالتهاب المفصلي الشديد بالعقاقير الكورتيكوستيرويدية التي غالبآ ما تحقق تحسنآ سريعآ وقويآ رغم انها يمكن أن تسبب آثارآ جانبية.
العقاقير المثبطة لجهاز المناعة مثل أزاثيوبرين أو سيكلوفوسفاميد يمكن أن تساعد على الاقلال من إعتمادك على الكوتيكوستيرويدات، وقد تقلل التلف الذي يصيب الاعضاء الملتهبة مثل الكليتين.
بالنسبة للمرضى الذين يعانون من ألمآ مفصليآ أو أعراضآ جلدية أو أعراضآ عامة مثل الاعياء، فإن المضادات الحيوية المضادة للملاريا مثل الهيدروكسي كلوروكوين قد تكون فعالة، رغم أن طريقة عملها غير معروفة.
يمكنك أيضآ أن تتبع وسائل الرعاية الذاتية للإقلال من نوبات تأجج الحالة وتقلل التوتر، وتجاهد من أجل تحقيق التوازن بين الراحة والمجهود، وتأكل طعامآ صحيآ.
في نسبة قليلة من مرضى الذئبة تتعذر السيطرة على المرض وتكون آثاره مدمرة.
وفي حوالي 2 إلى 3 % من المرضى يكون المرض قاتلآ رغم كل الجهود العلاجية المبذولة.