إن بحثت عن علاج للربو في الطب الطبيعي، قد تجد علاجا أسوأ من الحالة نفسها. ويعتقد أن مقاربة الطب الحديث لهذا المرض غير ملائمة لا بل وخاطئة بشكل رهيب. فأدوية الربو غالبا ما تؤدي إلى تفاقم الحالة على المدى البعيد، لأنها تعالج الأعراض وليس المشكلة بحد ذاتها، وقليلون هم الأطباء الذين طوروا علاجا شاملا يركز على العلاج والوقاية.
دليل العناية الطبية
تحذير: لا تستعمل العلاجات البديلة المذكورة إلا كجزء من برنامج علاج يقوده ويشرف عليه طبيب مؤهل بالاشتراك مع طبيب بديل مؤهل، كلاهما خبير في العناية بحالتك. واستشر طبيبك التقليدي قبل تغيير العلاجات الطبية أو الأدوية التقليدية أو إيقافها، وأبق جميع أطبائك التقليديين و/أو البديلين مطلعين على جميع أنواع العلاج التي تتلقاها.
الربو هي حالة مرضية مزمنة ومعقدة تتطلب عناية مختصة من قبل طبيب خبير في علاجها. وهذا صحيح لأن مرضى الربو يحتاجون إلى متابعة عدة أشياء في وقت واحد، بما في ذلك آثار الأدوية، مهيجات الربو كالتحسس مثلا، ونظام غذائيّ سليم يؤمن لهم كافة المغذيات التي يحتاجون إليها.
فإن عانيت من قصر في النفس، نوبات سعال حاد، أزيز في النفس، ضيق في الصدر، تثاؤب مفرط، أو تعب شديد، اتصل بالطبيب على الفور. وإن أصبت بنوبة ربو، استعمل جهاز الاستنشاق الذي وصفه لك الطبيب على الفور، ثم ابتعد عما أثار النوبة، إن أمكن. وإن تواصلت صعوبة التنفس، اطلب رقم الطوارئ أو اطلب نقلك إلى غرفة الطوارئ فورا.
المغنيزيوم: يفتح المجاري الهوائية
“إن كنت لأصف مغذيا واحدا لمرضى الربو، لوصفت الماغنيزيوم”، هذا ما يقوله د. فيرشاين. إذ يؤدي هذا المعدن دورا موسعا للشعب الهوائية يريح ويفتح القصبة الهوائية، وهي المجرى الهوائي الذي يؤدي إلى الرئتين والذي يتقلص أثناء نوبات الربو. وهو ينصح بتناول مكمل عيار 500 ملغ يوميا من أسبارات الماغنيزيوم أو سيترات الماغنيزيوم. وهو يقترح استعمال هذا المكمل يوميا لستة أشهر.
الأحماض الدهنية: تخفف التهاب الرئة
تلتهب الرئتان أثناء نوبات الربو مما يعيق عملية التنفس. لتخفيف الالتهاب بشكل طبيعي، استعمل أحماض أوميغا – 3 الموجودة في السمك وزيت بزر الكتان.
ويشرح فيرشاين قائلا: “يشتمل الربو على استجابتين، إحداهما التهابية حادة والثانية التهابية ثانوية متأخّرة تطرأ بعد مدة قد تصل إلى 24 ساعة وتدوم لأسابيع. ويعتقد اليوم بأن الاستجابة المتأخرة هي المسؤولة عن الربو المزمن وتلف الأنسجة، ويمكن إيقافها بأحماض أوميغا – 3 الدهنية”.
وهو ينصح بأكل سمك الماء البارد الغني بزيوت أوميغا – 3، كالسلمون والتونا والماكريل، ثلاث أو أربع مرات بالأسبوع. ولا بأس أيضا بتناول 6 كبسولات من زيت السمك (تعادل الكبسولة 1000 ملغ عادة) في اليوم.
وإن كنت لا تحب السمك، ضاعف جرعة زيت السمك إلى 12 كبسولة يوميا. وإن كنت نباتيا أو لا ترغب ببساطة باستعمال زيت السمك (فكثير من الناس لا يحبون رائحة السمك التي تخرج مع التجشؤ بعد ابتلاع الكبسولات)، يمكنك الاستعاضة عنه بزيت بزر الكتان الغني بأحماض أوميغا – 3 تناول 3 ملاعق كبيرة في اليوم. وتستطيع متابعة هذا البرنامج لمدة سنة.
ولكن ثمة مجموعة من الاحتياطات التي يجب اتخاذها. فحوالى 10 بالمئة من مرضى الربو (الحساسين تجاه الأسبيرين) تسوء حالتهم بعد تناول زيت السمك. فإن كنت حساسا تجاه الأسبيرين، لا تستعمل زيت السمك إلا بإشراف طبيبك وموافقته. وإن كنت معرضا جدا لخطر الإصابة بالجلطة الدماغية إضافة إلى الربو، استشر الطبيب قبل استعمال زيت السمك، لأن زيت السمك قد يضاعف خطر الإصابة بالجلطة الدماغية لدى البعض.
مضادات التأكسد: تحارب الجذور الحرة المتلفة للجسد
ينتج الجسد بطبيعته ذرات غير ثابتة تتلف الخلايا وتعرف بالجذيرات الحرة. ويرتفع معدل هذه الجذيرات عند وجود التهاب في الجسد. وبما أن الربو هو مرض التهابي، يعتقد د. فيرشاين بأن الجذيرات الحرة مسؤولة عن معظم التلف الذي يصيب الجسم.
وللسيطرة على الجذيرات الحرة والحد من ضررها يمكنك استعمال مكمل يحتوي على مضادات تأكسد، كالبيتا – كاروتين والفيتامينات ج وهـ. ويوصي د. فيرشاين باستعمال مكملات تحتوي على 400 وحدة دولية من الفيتامين هـ و3000 ملغ من الفيتامين ج (تقسم على ثلاث جرعات) و15 ملغ من البيتا – كاروتين يوميا. ويمكن استعمال هذه المكملات لمدة سنة، وبعدها تستشير الطبيب في موضوع خفض حجم الجرعة، اعتمادا على مدى تحسن حالتك.
ن – أسيتيلسيستيين NAC: يطرد الجذيرات الحرة
يعتبر الحمض الأميني ن – أسيتيلسيستيين (n-acetylcysteine) أو NAC، فعالا في تنظيف الجسد من الجذيرات الحرة.
إنه يشكل أيضا حجر أساس للغلوتاثيون (glutathione) وهو الأداة الأقوى التي يملكها الجسد لتنظيف نفسه من الجذيرات الحرة. كما يساعد الحمض الأميني NAC في منع البلغم من التراكم في الرئتين. وينصح د. فيرشاين بتناول 500 ملغ منه مرتين في اليوم.
الكيرسيتين QUERCETIN: يساعد في حالات التحسس
يرى د. فيرشاين أن التحسس غالبا ما يساهم في تفاقم الربو. فإن كنت تعاني من التحسس، يوصيك باستعمال الكيرسيتين، وهو مركب من عائلة البيوفلافونويد. ويؤكد قائلا: “تم توثيق الكيرسيتين علميا لمواصفاته المضادة للتحسس وللهيستامين”. وينصح بتناول 100 ملغ منه ثلاث مرات في اليوم. كما يوصى باستعماله لستة أشهر، خاصة في فصل التحسس.
عشبة زهرة الغمد أو زهرة السجّاد COLEUS: ترخي عضلات الشعب الهوائية
استعملت عشبة زهرة الغمد لقرون من قبل ممارسي تقنيات الأيورفيدا، وهي نظام قديم يرتكز على العلاج الطبيعي كان يمارس في الهند، لإرخاء المجاري الهوائية. ويوصي د. فيرشاين بابتياع مستحضر معير يحتوي على 18 بالمئة من الفورسكولين، وهو المركب الناشط في الكوليوس. تناول 50 ملغ مرتين أو ثلاث في اليوم لمدة سنة. ولكن، بما أن الكوليوس قد يزيد من تأثير بعض أدوية الربو، عليك أن تستشير طبيبك قبل استعماله.
السوس: شبيه بالستيروييد
يعتبر السوس بشكله النقي مضادا للالتهاب، “ذا تأثير شبيه بتأثير الكورتيزول”. (والكورتيزول هو عقار شائع الاستعمال للسيطرة على الالتهابات الناجمة عن الربو). وهو ينصح باستعمال شكل السوس الذي يحمل الأحرف “DGL”، أي deglycyrrhizinated، الذي لا يرفع ضغط الدم كبعض أشكال السوس الأخرى. استعمله ثلاث مرات يوميا وذلك بإضافة 20 إلى 40 نقطة من صباغ السوس إلى فنجان من الماء الساخن واترك المزيج يبرد إلى حرارة الغرفة قبل تناوله.
عشبة القراص NETTLE: لتخفيف التحسس
يصف د. فيرشاين عشبة القراص لمرضى الربو الذين يعانون من مشاكل في الجيوب أو من تحسس أنفي. إذ تحتوي العشبة على أحد أشكال الهيستامين التي تساعد على السيطرة على حالات التحسس. وهو يوصي بتناول كبسولتين عيار 400 ملغ ثلاث مرات في اليوم.
ويضيف: “عليك توخي الحذر كي تجد مستحضر جيد من القراص الذي تم قطفه بطريقة صحيحة في الربيع. فتلك هي الفترة التي تحتوي فيها الأوراق القارصة على مركباتها الفعالة”.
التنفس: لتسكين نوبة الربو
من شأن التركيز الصحيح على التنفس أن يساعد على تهدئة نوبة الربو. ويتم ذلك بطرق عدة. فعندما تسحب كمية أكبر من الهواء إلى رئتيك ويسترخي جسدك وتسيطر على الانفعال والذعر اللذين ينتابانك، تتمكن من تقليص حدة النوبات. وإليك ما يوصي به د. فيرشاين.
اجلس فور بدء النوبة. افتح إحدى راحتيك وضعها على معدتك. استعمل إبهام وسبابة اليد الأخرى لجس نقطة النبض في رسغ اليد المقابلة. استرخ، ثم زامن تنفسك مع وتيرة قلبك. اشهق مع كل سبع دقات وازفر بعد تسع دقات. أخرج الهواء كله من شفتيك المقلصتين ودع جسدك يحس بوتيرة نفسك وقلبك. واصل التنفس بهذه الطريقة من 10 إلى 15 دقيقة. فهذا التمرين يهدئ كثيرا ومن شأنه أن يمنع تفاقم النوبة.
الرياضة: مارسها لمدة قصيرة مع مجهود كبير
غالبا ما يستفيد مرضى الربو من التمارين الهوائية المنتظمة. إلا أن د. فيرشاين يعتقد بأن الرياضة السريعة – أي التمارين العنيفة والقصيرة – هي الأفضل. ويقول: “أجد بأن الدورات العنيفة والسريعة من الرياضة والاسترخاء غالبا ما تفيد مرضى الربو الذين يملكون قدرة رئوية محدودة ويخشون ممارسة الرياضة لفترات طويلة.
أولا، استعمل مقياسا للقدرة على التنفس وتحقق من حالتك. ويمكن للطبيب أن يساعدك على اختيار النوع والحجم الملائمين لك، ويحدد لك الأرقام التي تسمح لك بممارسة الرياضة.
• تمرن لمدة 5 دقائق بالمشي أو الهرولة أو ركوب دراجة ثابتة أو القفز على الحبال أو أي تمرين هوائي آخر تفضله، ثم تحقق من أرقامك ثانية. استرخ حتى يعود الرقم إلى طبيعته. تلك هي دورة واحدة.
• ابدأ بعد ذلك دورة أخرى. ويقول د. فيرشاين أنك تستطيع القيام بما شئت من الدورات وممارسة أي تمرين خلالها، ولكن اهدف إلى أربع دورات على الأقل مدة كل منها 5 دقائق. فهذا سيوفر لك الفائدة الهوائية الأقصى.
• وقد يجد بعض مرضى الربو بأنهم يحتاجون إلى استعمال جهاز للاستنشاق قبل ممارسة الرياضة. بينما يحتاج آخرون إلى تناول الإنتال (Cromolyn) أو التيلاد (Nedocromil)، وهي أدوية تستعمل للسيطرة على نوبات الربو الناجمة عن الرياضة.
الأدوية: حاول تخفيفها
يحتاج كثير من مرضى الربو لاحقا إلى استعمال الستيروييد، إما عن طريق الاستنشاق أو فمويا، للسيطرة على الالتهاب الرئوي. وتعرف هذه الأدوية بأنها اختيارية لعلاج الربو. ولكنه ليس خيارا مثاليا.
من شأن الستيروييد، إن هي استعملت على المدى الطويل، أن تؤذي أو تدمر أو تمزق فعليا كل عضو من أعضاء الجسد. ومن التلف الذي تحدثه أنها تحرم الجسد من مجموعة متنوعة من المغذيات.
والأشخاص الذين يتبعون نمط حياة معين لعلاج الربو يمكنهم التوقف تماما عن استعمال الستيروييد (بموافقة أطبائهم طبعا). ولكن عليهم قبل ذلك استعادة المغذيات التي يسلبهم إياها الستيروييد. ويؤكد د. فيرشاين أنها “خطوة بغاية الأهمية.
• البوتاسيوم: تناول كبسولة عيار 500 ملغ في اليوم (بإشراف طبيبك)، وكل الفاكهة الغنية بالبوتاسيوم، كالموز.
• البروتين: استهلك كمية أكبر من السمك والحليب والصويا، ويمكنك أن تتناول شرابا يوميا من بودرة البروتين، متبعا التعليمات على العبوة.
• الكالسيوم والماغنيزيوم: تناول يوميا 500 ملغ من سيترات الكالسيوم و500 ملغ من سيترات الماغنيزيوم أو من أسبارات الماغنيزيوم.
واحرص أيضا على استعمال مكملات أخرى خاصة زيت السمك أو زيت بزر الكتان، الفيتامينات ج وهـ، والبيتا – كاروتين.
غذاء مضاد للربو
بصفتي أنا نفسي مريض ربو وطبيب يعالج مرضى الربو، وجدت بأن بعض الأطعمة تملك منافع كبيرة لهذه الحالة. وإليك ما يوصي به في هذا المجال.
• السمك، الذي يحتوي على زيت يخفف من التهاب المجاري الهوائية الناجم عن الربو.
• البصل والزنجبيل والثوم، وهي أطعمة تقوي الجهاز المناعي، والفلفل الحلو، الذي يرقق المادة المخاطية.
• الفواكه والخضار، التي تحتوي على جرعة كبيرة من الكيميائيات النباتية. وتساعد هذه المركبات الغذائية الشافية على السيطرة على ذرات الجذيرات الحرة في الجسم. حاول تناول 6 حصص منها في اليوم على الأقل.
• أعشاب البحر، التي تحرر كثيرا من البروتينات والمعادن. وتشتمل على أعشاب أرامي (arame)، الدّلسي (dulse)، هيجيكي (hijiki)، كومبو (kombu)، والنوري (nori)، المتوفرة في متاجر الأطعمة الصحية وأسواق المآكل ومحلات البقالة الآسيوية.
• الأطعمة الكاملة، وهي خلافا للأطعمة المكررة أو المصنعة، تزود الجسد بالنسب الأفضل من المغذيات والسكر المركب والنشويات والألياف.
• الشاي الأخضر الآسيوي الذي يحتوي على مواد توسع الأنابيب الهوائية. ولكن تجنب الشاي الأخضر إن كنت تعاني من الحساسية تجاه العفن.
• الأطعمة الغنية بالماغنيزيوم، كالتوفو ورشيم القمح والشمندر السويسري والسبانخ والقطيفة(amaranth) والشمندر والبامية وبراعم الفاصولياء. فالماغنيزيوم يساعد الأنابيب الهوائية على الاسترخاء.
• الأطعمة الغنية بالفيتامين ج والبيتا – كاروتين، كالخضار الورقية الداكنة الخضرة، الشمام، والقرع. فهذان الفيتامينان يساعدان على محاربة الالتهاب.
• التوابل الصحية، كالغومازيو (سمسم محمص مع ملح البحر) وعصير الليمون والتوابل الطازجة وخردل ديجون والتاماري القليل الصوديوم الخالي من المواد الحافظة، وهو شبيه بصلصة الصويا. أما التوابل الغنية بالدهون والملح فهي غير صحية لمرضى الربو (وغيرهم!).
الطبيب الذي شفى نفسه
لقد شارف هذا الطبيب على الوفاة بسبب نوبة الربو.
غادر ريتشارد فيرشاين، دكتور في طب العظم، للتو غرفة الطوارئ التي دخلها بعدما أخفق الرذاذ الطبي في إيقاف نوبة الربو التي أصابته. وقد تمكن الأطباء من إنقاذه واستقر وضعه. وكان يقف عند إحدى الزوايا خارج المستشفى بعدما غادرها حين صادف مرور حافلة ركاب أمامه نفثت دخانها العادم في وجهه. فاستنشق د. فيرشاين نفسا واحدا وتوقف عن التنفس.
عاد إلى غرفة الطوارئ وعلق له مصل مليء بالستيروييد وغيره من الأدوية القوية. وكان تنفسه محدودا لدرجة أنه لم يكن يسمع له أزيز حتى، لقد فرغت رئتاه من الهواء فعليا.
نجا د. فيرشاين من تلك الأزمة المميتة ولكنه كاد أن يندرج ضمن إحصائيات مرعبة. ذلك أن معدل الوفاة الناجمة عن الربو ارتفع إلى أكثر من الضعف منذ عام 1978.
وبعد 20 عاما من استعماله أدوية الربو التي أخفقت في تحسين وضعه، قرر د. فيرشاين علاج مرضه بنفسه – طبيعيا ومن دون فرط استعمال الأدوية.
وقد نجح في ذلك فعلا. إذ تمكن من السيطرة على مرضه عبر استعمال المكملات الغذائية والأطعمة الكاملة والأعشاب والرياضة والتنفس وتقنيات العقل والجسد، فضلا عن تجنبه المحسسات التي تثير نوبات الربو. بعدها بدأ بوصف برنامجه البديل لمرضاه المصابين بالربو، وهم يعدون اليوم بالآلاف.