تساهم الرياضة في تحسين طريقة استعمال الجسم للأنسولين. فالأنسولين هو المادّة التي تساعد الجسم على تعديل مقدار السكّر في الدم.
فحين تتناول وجبة معيّنة، يرتفع معدّل السكّر في دمك، ويعمد الجسم إلى تحرير الأنسولين، الذي يسمح للخلايا بتخزين السكّر على شكل طاقة كامنة. ولكن لدى بعض الأشخاص مقاومة ضدّ الأنسولين، ما يعني بأنّ الأنسولين لا يقوم بوظيفته لديهم، وأنّ معدّل السكّر يرتفع في دمهم.
فيستجيب الجسم لهذه الحالة بإفراز مزيد من الأنسولين في مجرى الدم في محاولة للسيطرة على سكّر الدم. وقد تستمرّ هذه الحالة لبعض الوقت، وهي تعرف في هذه المرحلة باسم مقاومة الأنسولين، لأنّ الجسم يقاوم نسبيّاً مفعول الأنسولين ويطلب كميّة أكبر منه لإنجاز العمل المطلوب. وبعد مدّة من الوقت، يعجز الجسم عن إنتاج ما يكفي من الأنسولين للاستجابة لهذا الطلب، فيبدأ معدّل السكّر بالارتفاع. وفي حال استمرّ ذلك، يصاب المريض بالنوع الثاني من داء السكر وبجميع الحالات القلبيّة الجانبيّة المقترنة به. بالتالي فإنّ مرضى النوع الثاني من السكر يعانون قبل سنوات من ظهور المرض من مقاومة الأنسولين ويملكون معدّلات من الأنسولين في دمهم أكثر ارتفاعاً ممّا لدى الحالات الطبيعيّة.
ويعمل الأنسولين على نحو أكثر فاعليّة إن تمكّنتَ من التخلّص من الدهون الزائدة.
وربّما سبق لك أن سمعت بتأثير مكان تركّز الوزن الزائد على خطر اعتلال القلب التاجي. فالمرء يكون أكثر عرضة للإصابة باعتلال القلب إن كان يحمل النسبة الأكبر من وزنه حول وسطه، كشكل التفاحة، مقارنة بمن يحملون وزنهم الزائد حول الأرداف والمؤخّرة والفخذين، كشكل الإجاصة. ولذلك سبب علميّ، مرتبط بالعلاقة بين الأنسولين والرياضة.
وثمّة في الواقع طريقتين مختلفتين لتخزين الدهون. الأولى تؤدّي إلى ازدياد حجم البطن والثانية تخزّن الدهون تحت الجلد. اعتبر الدهون وكأنّها عضو إضافيّ، شبيه بالكبد أو الأمعاء. ذلك أنّ للدهون تأثير على المشاكل الأيضيّة، كأجهزة الجسم الباقية تماماً.
والجدير بالذكر أنّ الأحماض الدهنيّة الحُرّة تصنع الشحوم الثلاثيّة، ووجود كميّة فائضة من هذه الأحماض الدهنيّة يزيد من إنتاج الأنسولين. بتعبير آخر، إن وجود فائض من هذه الأحماض الدهنيّة الحرّة في الدم يدفع الجسم إلى طلب مزيد من الأنسولين للتعامل معها. ومن المثير للاهتمام أنّ مخزون الدهون يستجيب على نحو مختلف بين شخص وآخر للأنسولين. فالدهون المخزّنة في البطن هي أكثر مقاومة للأنسولين من الدهون المخزّنة تحت الجلد. بالتالي، على الجسم أن يستمرّ بطلب الأنسولين ليتعامل مع الدهون المخزّنة في البطن – ما يعني بأنّ مزيداً من الأنسولين المسبّب للتصلّب العصيدي سيحرّر في مجرى الدم إن كنت من ذوي الوزن الزائد حول الخصر.
والواقع أنّ الرياضة تؤدّي مفعول بعض أدوية داء السكر، ذلك أنّها تخفّف من نسبة الأحماض الدهنيّة الحرّة. ففي الدقائق الأولى من التمرين، يحرق الجسم سكّر الدم قبل أن ينتقل إلى مخزون الدهون، حيث يحوّل الدهون إلى طاقة ويحرقها. وبما أنّ الأحماض الدهنيّة الحرّة هي التي تحفز إنتاج الأنسولين، فإنّ هؤلاء الأشخاص الذين يملكون كميّة مرتفعة من الدهون حول بطونهم – ومقاومة أكبر للأنسولين – يكسبون فائدة كبيرة من تخلّصهم من تلك الأحماض الدهنيّة الحرّة.
وهذا واحد من الأسباب التي جعلت الرجال يستفيدون من الرياضة أكثر بقليل من النساء. فكما لاحظت على الأرجح، يميل الوزن الزائد لدى الرجال إلى التركّز في منطقة البطن فيما يزداد وزن النساء في منطقة الردفين والفخذين – وهي منطقة أقلّ خطورة لتخزين الدهون لأنّها أقلّ مقاومة للأنسولين. وبما أنّ الرجال الذين يحملون وزنهم الزائد حول الوسط هم أكثر مقاومة للأنسولين، فإنّهم يستفيدون أكثر من حرق تلك الأحماض الدهنيّة الزائدة التي تحفز إنتاج الأنسولين.
وإن كنت لا تمارس الرياضة ولديك مقاومة ضدّ الأنسولين، فإنّ جسدك ينتج مزيداً من الأنسولين للتعامل مع تلك الأحماض الدهنيّة الزائدة. ممّا لا شكّ فيه بأنّ الأنسولين هو مادّة مسبّبة للتصلّب العصيدي، كما أنّه يرتبط أيضاً بالمشاكل التي تعقب جراحة ترميم الشرايين لأنّه يحفز نموّ العضل الليّن. إذ تحاط الشرايين بالعضل الليّن، وحين يتكاثر هذا العضل على نحو غير طبيعي، فإنّه يساهم في سدّ الشريان التاجي الذي تمّ فتحه مؤخّراً. بالتالي فإنّ كلّ من يعاني من ارتفاع معدّل الأنسولين يمكنه أن يستفيد من الرياضة.