التصنيفات
الغذاء والتغذية

الزنك والنحاس ودعم المناعة

يعتبر الزنك عنصراً مهماً لكثير من المنظومات الإنزيمية في الجسم.. ويحتاج إلى هذا العنصر في النمو والتطور ومن أجل هضم البروتينات وإنتاج الطاقة وامتصاص فيتامين (أ) بشكل فعال.. إن سلامة وصحة الموثة (البروستاتة)، والجهاز التناسلي تعتمد على كفاية الجسم من الزنك.. ولكن هذا العنصر أخذ شهرته والاهتمام به من الدور الذي يلعبه في وظيفة الجهاز المناعي. المستويات المرتفعة من النحاس – وهو معدن آخر ضروري للجسم – يمكن أن تثبط مستويات الزنك.

أهمية الزنك للمناعة

يحتاج الجهاز المناعي الزنك من أجل محاربة الأخماج.. فالزنك مهم لتكوين الدنا (DNA)، الذي يُحتاج إليه من أجل تكوين خلايا مناعية جديدة. بجانب ذلك فالزنك يعزز نشاط الخلايا المناعية. يؤدي عوز الزنك إلى خلل في المناعة، ونتيجة ذلك زيادة في قابلية الإخماج بالفيروسات والجراثيم والفطور.. يمكن أن تؤدي هذه الأخماج إلى الموت، وخاصة إذا تم تخريب الجهاز المناعي.

عادة ما يحسّن إعطاء مكملات الزنك من مناعة الأفراد الذين كان لديهم نقص في هذا المعدن.. لقد وجدت الدراسات أن المسنين، الذين غالباً ما يكون لديهم نقص في مستويات الزنك، يظهرون نقصاً في نسبة الإصابة بالأخماج إذا ما تناولوا الجرعات الموصى بها (RDA) من الزنك لمدة شهر أو شهرين.. كما لوحظ أن الزنك والسيلينيوم على شكل مكملات، إذا أعطيت للأفراد، فإنها تدعم المناعة وتقلل الإصابة بالأخماج الرئوية عند المسنين.. ووجد أيضاً أن إعطاء مكملات من الزنك قد أطال من البقيا عند المسنين، بعد إصابتهم بتلك الأخماج.

يحتاج الأطفال إلى الزنك لدعم مناعتهم أيضاً.. في دراسة حديثة أجريت في الهند، أعطى الباحثون مجموعة من الأطفال – (679 طفل) – ذوي الأعمار من ستة شهور إلى ثلاث سنوات، مكملاً من عنصر الزنك، على شكل جلوكونات تحتوي على (10 مغ) من عنصر الزنك.. ومجموعة أخرى أعطيت خليطاً من الفيتامينات دون الزنك، واستمرت الدراسة أربعة أشهر. ارتفعت مستويات الزنك عند المجموعة التي تتناوله، وانخفض المستوى لدى المجموعة التي تتناول الفيتامينات الخالية من الزنك. وقد وجد أن المجموعة التي تتناول الزنك قد انخفضت لديها الإصابة الحادة بأخماج جهاز التنفس السفلية.

ظهر بعض التناقض في الأبحاث التي درست استعمال حبوب الزنك من أجل تخفيض أعراض البرد، ولكن أكثرها استنتج أن هذه الحبوب على شكل جلوكونات أو أسيتات الزنك قللت من الأعراض وأنقصت مدة الإصابة.. في إحدى الدراسات الحديثة، لاحظ المرضى – (50 مريضاً) – الذين أخذوا حبوباً من أسيتات الزنك (تحتوي الحبة 12.8 مغ)، كل (3-2 ساعات) في مدى 24 ساعة، لاحظوا أن أعراض نزلة البرد تحسنت في أقل من خمسة أيام، في حين كان متوسط المدة التي تحسن فيها المرضى الذين تناولوا حبوب غُفل placebo، ثمانية أيام.

إن الدور الذي يلعبه الزنك في المناعة يساعد في شرح قدرته على تثبيط الفيروسات – (ويشمل ذلك بعض فيروسات الحلأ)، من أجل ذلك يوصف هذا المعدن لمرضى الإيدز – (طبعاً مع المعالجات التقليدية الأخرى)، وخاصة أنه لديهم غالباً نقص في مستويات الزنك في الدم.. وطريقة عمل المعدن تكون بتثبيط إنزيم بروتياز هام جداً لانقسام فيروس الإيدز.. من ناحية أخرى يوفر الزنك حماية ضد أنواع مختلفة من السرطان، وربما يعود ذلك، جزئياً على الأقل، بسبب دعم الجهاز المناعي.

الوقاية من سرطان الموثة (البروستاتة)

يحتوي نسيج الموثة (البروستاتة) الطبيعي السليم على أعلى مستويات الزنك عند جميع الأنسجة الرخوة الأخرى.. يشير ذلك إلى أن هذا المعدن ربما يلعب دوراً هاماً في الموثة (البروستاتة)، وربما تكون الوقاية من السرطان ضمن هذا الدور.

ينقص بشكل واضح مستوى الزنك في سرطانة الموثة (البروستات) مقارنة مع الأنسجة الأخرى، في دراسة حديثة على الخلايا البشرية المزروعة التي نشرت في مجلة الموثة (البروستاتة) Prostate أوضحت أن عنصر الزنك يعزز عملية انتحار الخلايا السرطانية Apoptosis، ويثبط نمو خلايا الموثة (البروستاتة) السرطانية. وفي دراسة أخرى أجريت على (697 شخص) مصاب بسرطان الموثة (البروستاتة)، وهؤلاء كان تناولهم للزنك وفيتامين (ج) و (ه) ضئيلاً في السنين السابقة لتشخيص السرطان.. خَلُصَ الباحثون إلى أن هذه المواد الغذائية لو أخذت بالكميات الكافية. ربما كان لها قدرة واقية من حدوث سرطان الموثة (البروستاتة). هناك دلائل قوية أن عدم الاستمرار في أخذ الدعم الكافي من الزنك ربما يحرض ويكوّن خلايا سرطانة الموثة (البروستاتة).

يُحتاج إلى الزنك من أجل التطور الجنسي، والتناسل بما في ذلك المساعدة على إنتاج هرمون التستوستيرون، وتكوين النطاف. يميل مستوى الزنك أن يكون منخفضاً عند الرجال العقيمين، كما وجد أن هناك ارتباطاً بين نقص مستويات التستوستيرون مع المستويات المنخفضة من الزنك، وأكثر من ذلك أن ميزة الزنك المضادة للأكسدة ربما تعمل على إزالة الجذور الحرة التي تنتجها النطاف المعيبة بعد عملية القذف.. وفي الحقيقة يعتبر الزنك مادة أساسية للحفاظ على أنسجة (الموثة) البروستات والخصية.

تعتبر الصحة القلبية أحد مجالات البحث الهام المتعلقة بدراسة الزنك. يحمي هذا المعدن جدار الخلية، ويبدو أنه يحمي جدران الأوعية الدموية من الأذية التي تساهم في تصلب الشرايين.. بجانب ذلك، وجد أن إعطاء (25 مغ) من الزنك يومياً ولمدة ثلاثة أشهر قلل من أكسدة شحوم الدم، وفق ما جاء في دراسة حديثة أجريت على الرجال والنساء الإيطاليين – (تذكر أن أكسدة شحوم الدم تساعد على حدوث تصلب الشرايين) – لقد خَلُصَ الباحثون إلى أن تناول كمية كافية من الزنك قد يكون مهماً في منع أو الحد من الأمراض المتعلقة بالشيخوخة.

التصلب العصيدي Atherosderosis

هذا وصف لتراكم أنواع من الشحوم على بطانة الأوعية الدموية المتأذية، مما يؤدي إلى تكوين لويحات تعيق مجرى الدم في تلك الأوعية.

وجدت دراسة أخرى أن الزنك مرتبط بشكل إيجابي مع كولستيرول (HDL) المفيد في مجموعة كبيرة من الأمريكيين من أصل أفريقي.. ووجد أن السيدات من أصل أفريقي اللائي يتناولن كمية عالية من الزنك لديهن مستويات مرتفعة من (HDL) المفيد، أعلى من النساء اللائي يأخذن كمية صغيرة من الزنك.. بمعنى آخر، يمكن أن يحمي الزنك من الإصابة بالمرض القلبي وذلك بتحسين مستوى الكولستيرول.. أما الدراسات التي تمت على الأمريكيين من أصل أوربي فكانت متضاربة.

العلاقة أكثر وضوحاً بين أخذ مكملات من الزنك ومرض ويلسون، لدرجة أن منظمة الغذاء والدواء (FDA)، قد وافقت على استعمال أسيتات الزنك في علاج هذا المرض الذي يحدث نتيجة تراكم عنصر النحاس والانسمام منه خاصة على نسيج الكبد، وتأثيره على بعض أنوية الجهاز العصبي.. إن الدواءين الذين وافقت على استعمالهما منظمة الغذاء والدواء لهما آثار جانبية، بجانب أنهما قد يؤذيان الجنين.. ولكن في دراسة حديثة وجد أن الزنك آمن بالنسبة للأم الحامل والجنين – (يجب استشارة الطبيب على كل حال في حال الحمل والإرضاع) – يعمل الزنك عن طريق تحريض ثيونين الزنك على الاتحاد مع النحاس داخل الأمعاء، ويمنع امتصاصه ودخوله الدم.

تأمين الاحتياجات الكافية من المعدن

هناك بعض المصادر الجيدة للزنك في الطعام الذي تأكله مثل: بذور اليقطين ولحم الديك الهندي والحبوب الكاملة والمحار النيئ. إلا أنك قد تحتاج إلى كميات أكبر مما تأخذه عن طريق الطعام.. لقد وجد الباحثون في مركز الوقاية والتحكم في الأمراض أنه بالكاد أكثر من نصف الأمريكيين يأخذون كفايتهم من الزنك سواء في الطعام أو المكملات، وأن أكثر الفئات العمرية تضرراً هي الفئة من (3-1 سنوات)، والبنات في سن المراهقة، وكبار السن الذين تفوق أعمارهم سبعين عاماً.

تشمل أعراض عوز عنصر الزنك: تأخراً في النمو، وفقد في الشهية، والإسهالات، والعنانة، وزيادة القابلية للإصابة بالأخماج.. الكمية الموصى بها من الزنك (RDA)، هي (8 مغ) يومياً بالنسبة للنساء، و (11 مغ) بالنسبة للرجال.. إلا أن بعض الممارسين يصفون حتى (50 مغ يومياً). إذا أخذ أكثر من ذلك فعادة ما تظهر بعض أعراض الانسمام. وتشمل الإسهالات، والإزعاج المعوي.

حاول أن تجد الزنك في شكل سترات أو جلوكونات أو البروتينات الخالبة للزنك. يجب أن تحوي الأقراص ما بين (25-15 مغ) من عنصر الزنك لكل قرص. وفَضِّل النوع المحلى بالجليسين (لأنه يسهل الامتصاص خيراً من المحلى بالسربيتول أو المانيتول أو حمض الليمون). استحلب القرص في الفم كل ساعتين لمدة تصل إلى سبعة أيام إذا شعرت بالتعرض لنزلة برد.

تأكد من حصولك على عنصر النحاس أيضاً

يحفز النحاس بعض الإنزيمات الأساسية، ويساعد في تكوين (ATP) وهو مصدر الطاقة في الجسم. يعمل النحاس أيضاً، بالإضافة إلى الزنك في تكوين أنزيم مضاد للأكسدة يدعى سوبر أكسيد الديسموتاز (SOD) superoxide dismutase، والذي يحارب الجذور الحرة. بجانب ذلك يشارك النحاس في تكوين بعض الهرمونات، وكذلك مادة الكولاجين، وهو البروتين الذي يتسبب في تماسك النسيج الضام. من ناحية أخرى يُحتاج إلى النحاس في تكوين الخضاب الدموي، وهو البروتين المسؤول عن حمل الأكسجين في الدم.

بعض الفوائد المرتقبة من أخذ المكملات من عنصر النحاس هي قدرة هذا العنصر على تخفيف حدة الالتهابات، وكذلك تخفيف أعراض التهاب المفاصل الرثيانية. لقد وجدت الدراسات على الحيوانات أن إعطاء مكملات من النحاس له مفعول مضاد لالتهاب المفاصل، وهو عكس ما اعتقد في السابق من أنه يزيد من شدة المرض.

أخذ كفايتك من النحاس يمكن أن يساعد الصحة القلبية أيضاً، وإن عوز النحاس قد يسيء إلى الصحة القلبية، لأن العوز يساهم في ارتفاع ضغط الدم، وزيادة الالتهابات، وتصلب الشرايين، وفقر الدم. نقص كمية النحاس في الجسم يقلل من فعالية الكثير من الإنزيمات، وبالتالي فالعوز قد يؤدي إلى آثار سلبية على القلب، والخلايا الدموية، وكل ذلك وفق ما جاء في كثير من الأبحاث.

معظم الناس يحصلون على كفايتهم من النحاس وذلك بسبب وفرة وجوده في الكثير من الأطعمة.. تناول مكملات النحاس فقط حينما يوصي بذلك طبيبك، لأن الزيادة في هذا المعدن يمكن أن يؤدي إلى الانسمام.. وأخيراً تجدر الإشارة إلى أن الأفراد الذين يتناولون كميات كبيرة من الزنك، عليهم أن يتناولوا (2-1 مغ) من عنصر النحاس في اليوم