يزداد السخط الشديد بداخلك عندما يقوم أحدهم بقول أو فعل ما يؤذي مشاعرك بشدة، ويعلق الشعور بعقلك، فلا تستطيع أن تصرفه. ويشغل تدريجيا مساحة كبيرة في عقلك حتى يلوّن بالكامل طريقة تصرفك وتعاملك مع هذا الشخص. في النهاية، سيتحول هذا السخط الشديد إلى كراهية، فتبغض من آذاك. ويتحول بذهنك إلى شخص سيئ، وشرير، ومخيف إلى درجة لا يمكن تغييرها.
الخطوة الرئيسية لإنهاء هذا السخط بداخلك هي العفو. كرم منك أن تعفو عمن آذاك، وهو كرم لا يمكن للطرف الآخر اكتسابه. فعندما تقرر أن تصفح عمن أمامك، تُركز على الجوانب الإنسانية فيه دون التفكير في مدى إيذائه لك. لكن التسامح ليس بالحل الفوري أو السهل. لذا إليك الخطوات التالية حتى تكون بداية جيدة لك على طريق التسامح:
• اتخذ قرارا واضحا وواعيا لمسامحة من آذاك.
• توقف عن لومه لتسببه في تعاستك.
• توقف عن التفكير بارتكاب أي خطأ باسم الانتقام.
• تخلَّ عن مطالب الاعتذار وما شابهها، وتنازل عما يدين به لك.
• فكر في الأمور الجيدة التي قام بها، بدلا من الأمور السيئة.
• تخيل ماذا سيحدث لو أنك أفسحت له مجالا إلى قلبك من جديد.
ماذا لو تخلصت من الكراهية وأبدلت مكانها التسامح؟ وماذا ستفعل إذا لم تكن مستعدا بعد للمسامحة؟ أليس من الممكن أن تعجز عن مسامحة الشخص من الأساس؟ هل مسامحته تعني عودة العلاقات بينكما إلى طبيعتها مرة أخرى؟
المسامحة عملية طويلة وبطيئة. هذا لأن من آذاك تسبب لك في جروح عميقة. ومن الطبيعي أن تسامحه على فترات. في البداية، تتخذ قرارا واعيا بأن تسامحه وتتخيل أنك نجحت في ذلك، ثم يجتاحك من جديد تيار الغضب والعنف تجاه ذلك الشخص. لا تُحبط، فهذا أمر طبيعي. فالمسامحة ليست علمية تحدث في مرحلة واحدة أو تفشل نهائيا؛ وإنما هي سلسلة من المجهودات التي تبذلها حتى تستطيع في النهاية تحقيق السلام الداخلي الدائم.
ربما لا تكون مستعدا لمسامحته، لا بأس. فلا تدع أيا من كان يخبرك بأن عليك مسامحته الآن. فالتسامح له نتائجه السيئة إذا كان شاقا بالنسبة لك. لكنك ستعرف عندما تكون جاهزا، ستسمع تلك الرسالة آتية من داخلك لتبلغك بأن الوقت قد حان لتعفو عنه وتستمر بحياتك.
ماذا لو لم تكن قادرا على مسامحته؟ لعلك حاولت عدة مرات من قبل لكنك فشلت. حتى إنك تغضب تماما في كل مرة تفكر به. لا زال لديك اختيارات عدة لتختار من بينها ما سيساعدك في عدم السماح لمن آذاك بأن يشغل مساحة من عقلك مجانا. من بين تلك الخيارات الالتهاء. يمكن أن تبقي نفسك منشغلا، بأن تفكر في أمور أخرى، وأن تتابع حياتك بصفة عامة. أما الخيار الآخر، فهو التجاهل العاطفي لما قام به ذلك الشخص. ويتحقق هذا عندما تتذكر ما حدث دون أن يحرك بك ساكنا.
من بين الأسباب التي تجعل الناس يتجنبون العفو عمن أخطأ بحقهم، هو الاعتقاد الخاطئ الذي لديهم بأنهم بمسامحته ستعود الأمور لما كانت عليه في السابق. وهذا غير حقيقي، يمكنك أن تسامح من شئت دون أن تصالحه. فمثلا، إذا قام أحد أصدقائك باقتراض عدة آلاف من الجنيهات منك وأهدرها في أمر تافه ولم يردها. يمكنك العفو عنه دون أن تعودا صديقين من جديد. فمن السذاجة بالتأكيد أن تجعل هذا الشخص قريبا من مالك مرة ثانية. بالطبع يمكنكما أن تصبحا صديقين مرة أخرى، لكن بعدما يكون قد عالج مشكلته وأصلح حاله. فالتصالح ينبني على الثقة والتسامح، لذا لن ترغب في التصالح حتى يكون لديك سبب جيد لتعود ثقتك إليه.
تمرين. إذا كنت ممن يعانون من السخط تجاه أمر ما، ففكر في جميع الخيارات الأربعة التالية: الالتهاء، والتجاهل العاطفي، والمسامحة، والتصالح. ولتسأل نفسك أيها يناسبك الآن، وتحرك في اتجاهه.