عندما تكون في طريقك إلى مركز للتسوق، هل تفكر بالموقع الدقيق لكل مرحاض قبل أن تصبح هناك؟ وحينما تكون خارج المنزل وتضحك مع أصدقائك، هل تكبح جماح الضحك لديك خوفا من تبليل ثيابك (بالبول)؟ وعندما تدخل المفتاح في قفل باب بيتك أو شقتك، هل تشعر بالارتباك نتيجة الإلحاح غير المضبوط للتبول؟ هل تسرب بولا عند السعال أو العطاس؟
إذا أجبت بنعم عن أي من هذه الأسئلة، قد تكون مصابا بسلس البول Urinary incontinence – أي عدم القدرة على حبس البول إلى حين بلوغ المرحاض؛ وقد تعاني من تسرب البول أو تقاطره قليلا في أحيان نادرة، أو تكون مشكلتك شديدة جدا بحيث تبلل نفسك بشكل متكرر. ويعرف سلس البول بوجه عام على أنه تبول لاإرادي يكون من الشدة بحيث يكفي للتسبب في مشكلة على المستوى الاجتماعي ومستوى النظافة الشخصية. ويضع الأطباء تشخيص سلس البول عندما يكون تسرب البول كافيا للتأثير سلبا في طبيعة الحياة، لاسيما في المواقف الاجتماعية.
سلس البول حالة طبية
هذه هي الحقيقة! سلس البول ليس جزءا طبيعيا من الحمل أو الشيخوخة؛ وله عدة أسباب، بعضها بسيط نسبيا ومؤقت، وبعضها الآخر أبعد مدى وإصابة. ومع أن سلس البول مشكلة طبية، لكنه قد يؤثر أيضا في الأوجه الأخرى لحياتك، بما في ذلك نفقاتك المالية وسلامتك النفسية.
يمكن معالجة سلس البول عادة، كما يمكن التخلص منه تماما في الكثير من الحالات. وحتى عندما لا يكون التخلص منه تماما ممكنا، قد تؤدي المعالجة المناسبة إلى تخفيف الانزعاج والضيق الناجمين عن السلس، وتحسين نوعية الحياة؛ ومع التقدم الطبي اليوم، يمكن مساعدة معظم المصابين بسلس البول بطريقة ما.
يقدر ما ينفق على معالجة سلس البول وتدبيره في الولايات المتحدة بنحو 20 مليار دولار سنويا؛ ويصرف معظم هذا المال على الرفائد والوسائد الماصة Absorbent pads والمنتجات الأخرى الخاصة بتدبير الحالة، بينما ينفق نحو 10% منه على التشخيص والمعالجة. فإذا كنت ممن يعانون من سلس البول، فقد تعرف جيدا مقدار تأثير هذه الحالة في مواردك المالية.
كما يمكن أن يؤدي سلس البول Urinary incontinence إلى اضطراب انفعالي، فالارتباك المصاحب لهذه الحالة يسبب انسحابا اجتماعيا Social withdrawal واكتئابا وقلقا، وتؤدي إلى خلل الوظيفة الجنسية Sexual dysfunction أيضا؛ ففي إحدى الدراسات لوحظ أن النساء المصابات بسلس البول الشديد كانوا أميل إلى المعاناة من اكتئاب هام بنسبة 80% بالمقارنة مع النساء اللواتي لم يكن مصابات به. وفي دراسة أخرى، وجد الباحثون أن الرجال والنساء – ممن لديهم سلس البول – يتعرضون لخطر أعراض القلق أكثر بنسبة 50% من أولئك الذين لا يعانون منه.
إذا كان لديك مشكلة مع سلس البول، يمكن أن تمانع التحدث إلى الطبيب بشأن ذلك. وترى الدراسات أن ما لا يقل عن نصف الأشخاص الذين يصارعون سلس البول لا يذكرون هذه المشكلة لأطبائهم أو مهنيي الرعاية الصحية الآخرين. وقد يتحرجون من الحديث عنه، مثل الكثير من الناس، أو يمكن أن تقنع نفسك بأن سلس البول أمر ينبغي التكيف معه في الحياة. وقد يؤمن البعض بالمفهوم الشائع القائل بأن سلس البول نتيجة محتومة للحمل Childbearing أو الإياس (سن اليأس) Menopause أو الشيخوخة، ولذلك تكون محاولة القيام بأي شيء تجاهه مضيعة للوقت؛ حتى إن بعض الأطباء يحملون النظرة نفسها.
إذا كان لديك مشكلة مع سلس البول، لا تدع الحرج يسيطر عليك، بل قم بزيارة الطبيب؛ أما إذا لم يكن لديك موقف إيجابي بشأن معالجة السلس، اتجه إلى مقدم رعاية صحية آخر، وربما يكون شخصا ما متخصصا في معالجة السلس. ومع أن سلس البول ليس مرضا، لكنه يشير غالبا إلى حالة مستبطنة قد يكون من الممكن معالجتها. ويمكن أن يساعد التقييم الشامل من قبل الطبيب على تحديد ما يقف وراء السلس؛ وبمجرد أن تخطو هذه الخطوة الأولى الهامة نحو التقييم، فأنت على الطريق الصحيح نحو استعادة حياة أكثر نشاطا وثقة.
ما هي درجة شيوع سلس البول؟
يعد العجز عن التحكم بخروج البول من مثانتك – سلس البول – شائعا؛ ويختلف تقدير ذلك، لكن معظم الخبراء يقدرون عدد الأمريكيين المصابين بهذه الحالة بنحو 13-20 مليونا.
ويبدو سلس البول أكثر شيوعا بكثير عند النساء منه عند الرجال؛ ففي النساء بعمر 15-64 سنة، يقدر أن ما بين 10-30% منهن مصابات بسلس البول؛ أما عند الرجال، وفي الأعمار نفسها، فيكون الانتشار المقدر أقل بكثير (1-5% فقط).
ما المسؤول عن هذا الفارق؟
يكون الإحليل عند المرأة Woman’s urethra – الأنبوب الذي يمتد من المثانة إلى الفتحة الإحليلية – أقصر بكثير مما هو عند الرجل؛ وهذا يعني أن بول المرأة يسير مسافة قصيرة حتى يتسرب. وتشتمل الأسباب المحتملة الأخرى لهذا الفرق على الحمل والولادة اللذين قد يضعفان أو يضران بعضلات قاع الحوض وبالحلقة العضلية التي تحيط بالإحليل، أي المصرة الإحليلية Urethral sphincter؛ فمع إصابة هذه العضلات بالضعف، يمكن أن يفلت البول عندما يطبق ضغط على المثانة.
وهناك سبب آخر لهذا الفرق هو سن اليأس (الإياس) Menopause؛ فالانخفاض في الإستروجين Estrogen بعد سن اليأس يؤثر في أعضاء السبيل البولي السفلي ونسجه، وقد يساهم في التغيرات الحاصلة في بطانة المثانة والإحليل جاعلا إياهما أقل مرونة وقدرة على البقاء مغلقين؛ فبعد سن اليأس، قد لا تكون المصرة الإحليلية عند المرأة قادرة على حبس البول بالسهولة نفسها التي كانت عليها سابقا، الأمر الذي يؤدي إلى سلس البول.
يترافق السلس عند الرجال بشكل أكثر ارتباطا بتقدم العمر والمشاكل الصحية المرتبطة بكبر السن؛ فمن بين الرجال بعمر أكثر من 60 سنة والذين يعيشون في البيت، يوجد سلس البول في 5-15% من الحالات؛ كما أن أمراض البروستات Prostate diseases هي من العوامل الهامة، فتضخم غدة البروستات (فرط التنسج البروستاتي الحميد Benign prostatic hyperplasia) وجراحة البروستات والمعالجات الأخرى لسرطان البروستات، كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى درجات من سلس البول عند الرجال.
لا يمثل سلس البول عنصرا “طبيعيا” من كبر السن، لكن ما يقال هو أن هذه المشكلة تزداد بتقدم العمر. ويقدر الأطباء والعلماء أن سلس البول يحدث بنسبة 15-30% بين البالغين بعمر 65 سنة وأكثر ممن لا يزالون يعيشون في منازلهم؛ وعندما نضع في الحسبان الذين يعيشون في مرافق الرعاية الطويلة الأمد، يزداد العدد إلى 50% على الأقل.
فلم ذلك؟ مع تقدمك في العمر، تفقد عضلات المثانة والإحليل بعض قوتها، وتؤدي هذه التغيرات المرتبطة بالعمر إلى إنقاص مقدار البول الذي تستطيع مثانتك الإبقاء عليه، مما يعني زيادة الحاجة إلى إفراغ البول؛ فإذا لم ينتبه إلى الرغبة الملحة بالتبول، قد يحصل سلس البول.
مع تقدم العمر أيضا، قد تصبح عضلات قاع الحوض ضعيفة أيضا، وهذا ما يزيد من الخلل في القدرة على الإمساك أو الاحتفاظ بالبول. وترى بعض الأبحاث أن عضلات المثانة (العضلة النافصة أو الدافعة Detrusor) تصبح مفرطة الفعالية بتقدم السن؛ ولذلك، تسبب العضلة المثانية المفرطة الفعالية إلحاحا في التبول قبل أن تمتلئ المثانة، وهذا ما قد يقود إلى سلس البول.
ما هو الحد الأدنى؟ يعاني ملايين الناس من سلس البول يوميا؛ ويصاب به الرجال والنساء من كافة الأعمار، بعضهم أكثر من الآخر؛ ولكن الأخبار الجيدة تتمثل في أنه حالة قابلة للعلاج – والشفاء غالبا – في جميع الأعمار عند الرجال والنساء على السواء.
فهم الجهاز البولي
للمساعدة على فهم الجهاز البولي، لا بد من اكتساب بعض المعرفة الأساسية بالأعضاء والبنى الأخرى التي تجعل الجهاز البولي يعمل؛ فعندما تأكل وتشرب، يقوم جسمك بتحطيم ما تأكله وتشربه إلى مواد يمكن امتصاصها إلى مجرى الدم. ويمتص جسمك السوائل والعناصر المغذية، غير أن فائض السائل والفضلات يتراكمان في مجرى الدم. وتكون مهمة الجهاز البولي التخلص من هذه الفضلات وجمعها وإفراغها من مجرى الدم، ثم من الجسم في نهاية المطاف، وذلك بعملية التبول Urination.
يكون السبيلان البوليان عند الأنثى والذكر متشابهين كثيرا، ويتجلى الفرق الأساسي في أن الإحليل عند النساء أقصر منه عند الرجال.
الجهاز البولي العلوي
يتكون الجهاز البولي Urinary system من جزأين رئيسيين، علوي وسفلي؛ فالجهاز البولي العلوي يتألف من كليتين، كل منهما متصلة بأنبوب عضلي طويل يدعى الإحليل Ureter.
تعد الكليتان Kidneys جهاز الترشيح الرئيسي Primary filtration system في جسمك، حيث يزيل فائض السوائل والفضلات من مجرى الدم، ويشكل البول. وتستطيع الكليتان عند البالغ ترشيح نحو 42 غالونا (159 لترا تقريبا) من الدم يوميا وتكوين نحو 1.5 كوارت (1. 42 لتر) من البول تقريبا. ويحمل الحالبان هذا البول إلى المثانة Bladder التي تفرغه باستمرار بشكل كميات صغيرة وثابتة. وتدفع الجاذبية والتقلصات العضلية في الحالبين البول من خلال هذين الحالبين إلى المثانة.
الجهاز البولي السفلي
يتكون جهازك البولي السفلي من المثانة ومن أنبوب نزح أو تصريف أسطواني عند قاعدتها يدعى الإحليل Urethra، ومن شريطين حلقيين عند اتصال المثانة والإحليل يدعيان المصرتين الإحليليتين Urethral sphincters الظاهرة والغائرة.
تخزن المثانة – كيس عضلي شبيه بالبالون – البول؛ وعندما تتبول، تتقلص العضلة المثانية دافعة البول خارج المثانة وعبر الإحليل. ويكون طول الإحليل عند النساء نحو 3.8 سم، وتتوضع فوهته خارج الجسم فوق المهبل تماما بين البظر Clitoris والفوهة المهبلية Vaginal opening. أما عند الرجال، فيبلغ طول الإحليل 20.3 سم، ويمر من خلال غدة البروستات الشبيهة بالجوزة عند قاعدة المثانة وعبر الطول الكلي للقضيب Penis، وتكون فوهته عند ذروة القضيب.
تساعد المصرتان الإحليليتان على التحكم بخروج البول؛ فالمصرة الإحليلية الغائرة – المكونة من عضلات لا يوجد أعلى منها أي تحكم (عضلات لاإرادية) – تحافظ على الإحليل مغلقا أثناء امتلاء المثانة، مانعة البول من التسرب؛ وهذا ما يحدث من جهد شعوري أو واع Conscious effort منك. وعندما تمتلئ المثانة تقريبا، ترتخي المصرة الإحليلية الغائرة تلقائيا استجابة لرسالة من مركز التحكم بالمثانة Bladder control center في الدماغ، وعندها تعمل المصرة الظاهرة External sphincter التي تتكون من عضلات يمكن التحكم بها إراديا أو بشكل واع (عضلات إرادية)، وتعاكس المصرة الظاهرة الفعل المرخي للمصرة الغائرة، مما يساعد على المحافظة على الإحليل مغلقا إلى حين الذهاب إلى الحمام للتبول.
تمارس عضلات قاع الحوض Pelvic floor muscles دورا داعما في كل ذلك، وهي مكونة من شبكة أرجوحية الشكل Hammock-like network من العضلات تمتد من عظم العانة Pubic bone في مقدمة الحوض إلى عظم العصعص Tailbone عند أسفل العمود الفقري. وعندما يتبول الشخص، ترتخي عضلات قاع الحوض سامحة بمرور البول بسهولة خارج الجسم. وأما بين فترات التبول، فتتقلص هذه العضلات قليلا ممسكة بالبول وداعمة المثانة من الأسفل. وتقوم الأعصاب التي تسير من النخاع الشوكي Spinal cord إلى المثانة بتنسيق عمل عضلات قاع الحوض. وبما أن هذه العضلات تقع تحت السيطرة أو التحكم الإرادي، لذلك فهي تتمدد بالتمارين.
التبول الطبيعي
يعد التبول الطبيعي عملية متناسقة تشمل العديد من الأعضاء والأنابيب والعضلات والأعصاب في جهازك البولي؛ فعندما تمتلئ المثانة تقريبا، ترسل الأعصاب إشارة إلى الدماغ؛ ثم يرسل الدماغ رسالة لإرخاء المصرة الإحليلية الغائرة، مولدا الرغبة الأولى بالتبول، وعندها تقرر أنت ما إذا كان هذا هو الوقت والمكان الملائمين لفعل ذلك.
عندما تقرر التبول، تحصل عدة أشياء أو أحداث؛ حيث ترتخي المصرة الإحليلية الظاهرة وعضلات قاع الحوض، مما يسمح بمرور البول خارج الجسم. كما ترتخي المصرة الإحليلية الغائرة، الأمر الذي يزيد الضغط داخل المثانة ويدفع البول نحو الإحليل؛ ثم تتقلص العضلة المثانية، ويمر البول عبر الإحليل ويخرج من الجسم.
ليس التحكم الجيد بالمثانة بالأمر البسيط مثلما قد يبدو؛ فالتبول عملية معقدة تقوم على إرخاء جزء من حوضك مع تقليص جزء آخر، ولا بد أن تعمل الأعضاء، والأنابيب، والعضلات، والأعصاب في جهازك البولي مع بعضها البعض؛ وعند حصول أي خلل أو قصور في وظيفتها، يمكن أن يؤدي إلى سلس البول.
أنماط سلس البول
يصنف سلس البول – عدم القدرة على التحكم بخروج البول من المثانة – حسب العلامات والأعراض أو الظروف التي يتسرب عنده البول؛ وتشتمل الأنماط الرئيسية الخمسة له على:
• سلس الإجهاد بالشد على فتحة المثانة أو سلس البول التوتري Stress incontinence
• فرط فعالية أو نشاط المثانة Overactive bladder
• السلس المختلط Mixed incontinence
• سلس البول الفيضي Overflow incontinence
• السلس الوظيفي Functional incontinence.
سلس الإجهاد
يشير سلس الإجهاد إلى تسرب البول عندما تمارس ضغطا على مثانتك بسبب السعال، أو العطاس، أو الضحك، أو التمرين، أو رفع الأشياء الثقيلة؛ ويحصل التسرب حتى في غياب تقلص العضلة المثانية، وقد لا تشعر بالحاجة إلى التبول. وتلاحظ هذه المشكلة بشكل خاص عندما تمتلئ مثانتك كثيرا؛ فالسعال أو الضحك أو الإجهاد يمكن أن يؤدي إلى تسرب القليل من البول أو حتى إلى دفقة كبيرة منه.
يمكن أن يكون سلس الإجهاد مزعجا للغاية، لكن ليس له علاقة بالإجهاد أو الكرب النفسي Psychological stress. وتستعمل كلمة إجهاد Stress هنا للدلالة على الإجهاد الفيزيائي أو الجسمي Physical strain الواقع على مثانتك، والذي يحدث بسبب الأفعال التي تزيد الضغط في بطنك.
يصنف الأطباء سلس الإجهاد بشكل نموذجي إلى نمطين فرعيين:
• فرط حركية الإحليل Urethral hypermobility
• قصور المصرة الداخلية Intrinsic sphincteric deficiency.
تنزاح المثانة والإحليل، في فرط حركية الإحليل، إلى الأسفل استجابة لزيادة الضغط في البطن، ولا يكون هناك دعم كاف من عضلات قاع الحوض الشبيهة بالأرجوحة للمحافظة على الإحليل مغلقا؛ ونتيجة لذلك، يتسرب البول عندما تسعل أو تضحك أو تعطس.
أما في قصور المصرة الداخلية، فتوجد مشكلة في المصرة التي تحافظ على الإحليل مغلقا بشكل كامل أو تسمح له بالانفتاح تحت الضغط وتقاطر البول منه؛ كما يؤدي ذلك أيضا إلى تسرب البول عندما تسعل أو تضحك أو تعطس أو حين يزداد الضغط ضمن البطن لأي سبب كان.
وقد ينجم سلس الإجهاد عند النساء عن ضعف عضلات قاع الحوض والأعصاب أو تضررها خلال الحمل والولادة. ويعتقد بعض الخبراء أن النساء اللواتي ولدن مهبليا (ولادة طبيعية) يكن عرضة لأكبر خطر بالنسبة إلى الإصابة بسلس الإجهاد، مع أن هذه الرؤية لا تدعمها جميع الدراسات. ومن العوامل المعروفة بمساهمتها في ذلك تقدم العمر ونقص الإستروجين مع الإياس. أما لدى الرجال، فالسبب الأكثر شيوعا لسلس الإجهاد فهو الضرر الذي يلحق بالمصرة الإحليلية نتيجة لجراحة البروستات أو كسور الورك.
يحصل سلس الإجهاد غالبا عند الرجال والنساء ممن يعانون من أمراض رئوية مسببة للسعال المتكرر، مثل النفاخ Emphysema؛ فالسعال المتكرر يمارس إجهادا على مصرتك البولية. كما يعاني المدخنون المزمنون من سلس الإجهاد للسبب نفسه.
فرط فعالية المثانة
أكثر ما يتصف فرط فعالية المثانة برغبة متكررة بالتبول، ويتبع ذلك بفقد مفاجئ وغير إرادي للتحكم بالمثانة قبل أن تصل الحمام أو المرحاض؛ وأنت تبول عادة 6 أو 7 مرات في اليوم، وتتسع مثانتك لنحو 0.175-0.355 لتر (6-12 أونصة) من البول؛ أما في فرط فعالية المثانة، فقد تتبول 13 مرة أو أكثر في اليوم وبمقادير صغيرة. كما قد يوقظك الإلحاح Urge بالتبول من النوم عدة مرات ليلا، ويدعى هذا التبول الإلحاح البولي Urinary frequency غالبا، أما الاستيقاظ ليلا للتبول فيسمى البوال الليلي Nocturia.
يعد الإلحاح البولي Urinary urgency عرضا هاما لفرط فعالية المثانة، وهو رغبة قوية ومفاجئة بالتبول فورا؛ وقد يصدر جسمك تحذيرا لبضع ثوان أو حتى دقيقة حتى تصل المرحاض.
تتقلص العضلة المثانية في فرط فعالية المثانة مرارا وفي أوقات غير مناسبة، وبالضبط قبل أن تمتلئ المثانة؛ ثم تأتي الرسالة إلى الدماغ حتى تتجه إلى المرحاض.
عندما تسرب البول نتيجة لفرط فعالية المثانة، يسمى ذلك السلس الإلحاحي Urge incontinence. وقد تسرب البول أو تدفقه نتيجة لرغبة مفاجئة وشديدة بالتبول. كما يسرب بعض الناس المصابين بالسلس الإلحاحي البول عندما يسمعون خرير الماء أو بعد شرب كمية صغيرة من السائل، حتى إن وضع يديك تحت الماء الجاري لغسيل الأطباق يمكن أن يؤدي بك إلى تسريب البول.
وهناك مشكلة أخرى شائعة تدعى متلازمة المفتاح في القفل Key-in-the-lock syndrome أو متلازمة باب المرآب Garage door syndrome؛ فبما أنك تربط بين وصولك للبيت وتمكنك من التبول، قد تشعر برغبة جامحة في التبول فتسرب البول بمجرد بلوغ المنزل، أي عندما تضع المفتاح في القفل أو تفتح باب المرآب.
يمكن أن ينجم السلس الإلحاحي عن عدوى السبيل البولي Urinary tract infection، أو عن شيء ما يهيج المثانة؛ كما قد ينجم عن مشاكل معوية أو عن ضرر في الجهاز العصبي متصاحب مع مرض التصلب المتعدد Multiple sclerosis، أو داء السكر Diabetes، أو داء باركنسون Parkinson’s disease، أو داء الزهايمر Alzheimer’s disease، أو السكتة Stroke، أو عن إصابة في الدماغ أو النخاع أو الأعصاب الممتدة من النخاع إلى المثانة، بما في ذلك الإصابة التي تحصل بشكل غير مقصود خلال الجراحة. ولا يكون سبب فرط فعالية المثانة والسلس الإلحاحي معروفا في عدد من الحالات.
ويحدث السلس الإلحاحي عند النساء بعد سن اليأس بشكل نموذجي، ربما بسبب تغيرات في بطانة المثانة والعضلة المثانية نتيجة نقص الإستروجين. وأما عند الرجال، فقد ينجم السلس الإلحاحي عن عدوى البروستات أو تضخمها (فرط التنسج البروستاتي الحميد Benign prostatic hyperplasia) أو التجميد (المعالجة بالبرد Cryotherapy) أو العلاج ببزرة مشعة Radiation seed treatment (المعالجة الكثبية Brachytherapy) لسرطان البروستات Prostate cancer.
السلس المختلط
يدل السلس المختلط على وجود أكثر من نمط للسلس، لاسيما سلس الإجهاد والسلس الإلحاحي؛ فقد تعاني من علامات كلا النمطين وأعراضهما، حيث تسرب البول عندما يؤدي السعال أو الضحك أو العطاس أو غير ذلك إلى زيادة الضغط في بطنك، وهذا ما يدعى سلس الإجهاد. كما أنه قد تمر بظرف تشعر فيها بحاجة ملحة وقوية للتبول، لكن لا تستطيع بلوغ المرحاض في الوقت الملائم، وهذا ما يدعى السلس الإلحاحي. أما في السلس المختلط، فيكون أحد النمطين أكثر إزعاجا من النمط الآخر بشكل نموذجي، وقد يكون سبب كل نمط مرتبطا بالآخر أو غير مرتبط به.
يحصل تشارك بين سلس الإجهاد والسلس الإلحاحي عند النساء غالبا؛ وفي الواقع، يرى بعض الخبراء أن معظم النساء المصابات بسلس البول يكون لديهن علامات وأعراض كل من سلس الإجهاد والسلس الإلحاحي. لكن السلس المختلط لا يقتصر على النساء فقط؛ فالرجال الذين استؤصلت غدة البروستات لديهم أو خضعوا لجراحة ضخامة البروستات يمكن أن يصابوا بالسلس المختلط؛ كما أن البالغين المتقدمين بالعمر يعانون من تشارك سلس الإجهاد والسلس الإلحاحي غالبا.
السلس الفيضي
في السلس الفيضي، يدفق المريض مقادير صغيرة من البول بشكل متكرر أو حتى دائم طوال اليوم؛ ويمكن أن تشعر وكأنك لم تفرغ مثانتك تماما أو بأنك بحاجة إلى إفراغ مثانتك، لكن لا تستطيع. وعندما تحاول التبول، يمكن أن تجد صعوبة في البدء، كما قد يؤدي ذلك إلى تيار ضعيف من البول. وحينما تسرب البول، يمكن أن تشعر أو لا تشعر بالرغبة بالتبول.
ينجم السلس الفيضي عن عدم قدرتك على إفراغ مثانتك؛ وبمرور الوقت، يتراكم البول إلى أن يتجاوز سعة المثانة على الاحتفاظ به؛ فتصبح زيادة الضغط عند قاعدة المثانة أكثر ما أن تحتمل، فيجبر الضغط مصرتك الإحليلية على الانفتاح، ويتدفق البول ويتسرب.
يمكن أن يحدث إفراغ المثانة الناقص أو الضعيف إذا كان الإحليل مسدودا بطريقة ما، حيث يمنع البول من الجريان بشكل طبيعي خارج المثانة. كما قد يكون ذلك ناجما عن ضعف عضلات المثانة أو فرط فعاليتها، فلا تتقلص بقوة كافية أو بما يكفي لإفراغها والمحافظة على التبول الطبيعي. ويمكن النظر إلى ذلك بأنه معاكس للسلس الإلحاحي الناجم عن فرط فعالية المثانة.
يكون السلس الفيضي شائعا بين الرجال المصابين بمشاكل غدة البروستات؛ فغدة البروستات المتضخمة قد تحيط بالإحليل وتضيقه أو تسده، مانعة المثانة من الإفراغ. كما أن الأورام والحصيات المثانية والنسيج المتندب يمكن أن تسد الإحليل مانعة البول من الخروج من المثانة بشكل طبيعي.
كما يمكن أن يؤدي الضرر العصبي الناجم عن داء السكر أو التصلب المتعدد Multiple sclerosis أو الهربس النطاقي Shingles، أو الإصابة أو الأمراض الأخرى، إلى السلس الفيضي؛ فالأعصاب المتضررة قد تسبب ضعف العضلات المثانية مانعة إياها من التقلص بشكل طبيعي خلال التبول. وتؤدي الأدوية التي تحول دون تقلص المثانة بشكل طبيعي، أو تجعلك غير مدرك للحاجة إلى التبول، إلى السلس الفيضي أيضا أو تزيده؛ وقد تشتمل هذه على مسكنات الألم Painkillers، ومضادات الاكتئاب Antidepressants، ومرخيات العضل الأملس Smooth muscle relaxants.
يعد السلس الفيضي نادرا نسبيا بين النساء، لكنه قد يحصل نتيجة للضرر العصبي الناجم عن الولادة. كما قد تعاني النساء المصابات بتدلي Prolapse الرحم أو المثانة الشديد من السلس الفيضي أحيانا؛ فارتخاء الرحم أو المثانة خارج موضعهما الصحيح يمكن أن يؤدي إلى التواء الإحليل، مما يقود إلى إعاقة الجريان السوي للبول.
إذا لم يعالج السلس الفيضي قد ينطوي على نتائج خطيرة، فالبول المستبقى في مثانتك يمكن أن يصاب بالعدوى، وقد تنتشر هذه العدوى إلى السبيل البولي بالكامل؛ ويمكن أن يرتد البول في الحالات الشديدة نحو الكليتين بما يسمى الجزر (الجريان الرجوعي) Reflux، وهو يسبب ضررا في الكليتين ويؤثر في الوظيفة الكلوية.
السلس الوظيفي
السلس الوظيفي هو العجز عن بلوغ المرحاض في الوقت المناسب بسبب مرض أو اضطراب جسدي أو نفسي، أو العجز عن ذلك بشكل لا علاقة له بالجهاز البولي؛ فمثلا، إذا كنت مصابا بالتهاب المفاصل الشديد في يديك، قد لا تستطيع حل أزرار ملابسك الداخلية بسرعة كافية، مما قد يؤدي إلى تسرب البول؛ أما إذا كنت على كرسي المعوقين (كرسي العجلات) أو لديك صعوبة في المشي، يمكن أن تجد صعوبة في بلوغ المرحاض بسرعة. وقد يكون من الصعب عليك تجنب الحادث، حتى عندما يعمل جهازك البولي بشكل صحيح.
تتصاحب الكثير من الحالات التي تؤدي إلى السلس الوظيفي مع تقدم العمر؛ فالخرف Dementia، وعلى رأسه داء ألزهايمر Alzheimer’s disease (الخرف الكهلي)، يؤثر في قدرتك على التفكير في التبول؛ فقد يجعلك غير مدرك للحاجة إلى البحث عن الحمام أو المرحاض، أو يؤدي إلى التباس بشأن مكان وجوده وكيفية استعماله.
كما قد تمارس الحواجز في المنزل دورا في ذلك أحيانا؛ فوجود حمام بعيد جدا، لاسيما إذا كان في الطابق العلوي ولا يوجد درابزون، يمكن أن يعيق الوصول إلى المرحاض في الوقت المناسب. كما أن مجرد الخوف من السقوط يكفي أحيانا لمنع شخص مسن من الصعود إلى الطابق العلوي، واستعمال المرحاض.
ليس من المستغرب أن يعاني الكثير من البالغين المسنين في المستشفيات والمصحات من السلس الوظيفي؛ ويقدر بعض الخبراء أن أكثر من 25% من حالات سلس البول التي تحصل في المستشفيات والمصحات هي سلس وظيفي.
قد تؤدي الأدوية أحيانا إلى سلس وظيفي؛ فالمدرات Diuretics المستعملة في معالجة ارتفاع ضغط الدم أو فشل القلب الاحتقاني Congestive heart failure يمكن أن تؤدي إلى إنتاج كميات كبيرة من البول. وتستطيع بعض الأدوية التقليل من إدراك الحاجة إلى الذهاب إلى المرحاض. ويدعى السلس الوظيفي المحرض بالأدوية بالسلس العابر Transient incontinence أحيانا، لأن تغيير الدواء أو إيقافه يمكن أن يحل المشكلة.
دواعي الأمل
من المهم التذكر بأنه، رغم الحرج والوصمة الاجتماعية للمصابين بسلس البول، تمثل هذه المشكلة حالة طبية يمكن معالجتها بنجاح في الكثير من الحالات. وسوف تتعلم في الفصول اللاحقة مزيدا من التفاصيل حول الأنماط المختلفة للسلس، فضلا عن معلومات حول استعمال المعالجة السلوكية Behavior therapy والأدوية والجراحة في التدبير. ويجب أن تتذكر أو تتذكري بأن الكلام عن سلس البول مع مقدم رعاية موثوق يشكل الخطوة الأولى غالبا نحو التغلب على هذه المشكلة.
الأنماط الأخرى لسلس البول
قد تسمع عن ضروب مختلفة من المصطلحات التي تصف سلس البول؛ فالسلس الانعكاسي Reflex incontinence يحدث بين المصابين باضطراب عصبي خطير، مثل أولئك الذين لديهم العيب الخلقي المسمى “السنسنة المشقوقة Spina bifida” أو أولئك الذين لديهم شلل بسبب إصابة في النخاع الشوكي تؤثر في الأعصاب الخاصة بالمثانة؛ فتضرر هذه الأعصاب يحول دون نقل الرسائل بين الدماغ والمثانة، مما يؤدي إلى خروج البول من دون أي إحساس أو شعور أو تحذير.
يعد الناسور Fistula المثاني فتحة شاذة بين المثانة وبنية أخرى، مثل المهبل أو المستقيم، وهو ما قد يؤدي إلى تسرب في الجهاز البولي يمكن أن يسبب السلس.
يطلق مصطلح السلس العكوس Reversible incontinence لوصف التسرب البولي الذي يحصل مؤقتا بسبب حالة عابرة، ويكون له العديد من المثيرات المتوقعة، ويأتي على رأسها عدوى السبيل البولي والاضطراب العقلي وتحدد الحركة وشكل شديد من الإمساك يدعى انحشار البراز Stool impaction.
أما السلس الكلي Total incontinence فهو مصطلح يستعمل أحيانا لوصف التسرب المستمر للبول، ليلا ونهارا، أو تسرب أحجام كبيرة دورية من البول والتسرب غير القابل للضبط. ويكون لدى بعض الناس هذا النمط من السلس، لأنهم يولدون مصابين بعيب جسدي؛ كما قد ينجم عن إصابة في النخاع الشوكي أو إصابة في الجهاز البولي بسبب الجراحة.
وأما سلس البول الليلي Nocturnal enuresis فهو المصطلح الطبي الذي يطلق على تبليل الفراش ليلا؛ ويبلل بعض الأطفال (لاسيما الأولاد) المدربون نوعا ما على الحمام فراشهم ليلا لأسباب مختلفة. كما قد يفقد البالغون التحكم بالمثانة ليلا، ربما بسبب الكحول أو العقاقير. وتكون المثانة الشائخة أكثر عرضة لصعوبة تخزين البول ليلا؛ وبذلك، يؤدي ترافق ما سبق مع حقيقة أن الكليتين تكون أكثر قدرة على الترشيح والتخلص من السوائل عند الاستلقاء إلى المزيد من إنتاج البول خلال النوم.