إن كنت مستهلكا نموذجيا، لا بد بأنك مدمن على السكر. فواحدة من كل خمس سعرات حرارية تدخل جوفك، مصدرها السكر (على شكل سكروز، فروكتوز، وغيرهما من المحليات)، بما مجموعه 64 كيلوغراما من السكر في السنة.
وبالنسبة إلى كثير منا في الواقع، لا تعتبر هذه الكمية الهائلة من السكر مشكلة خطيرة. فحين تتناول كأسا من المثلجات أو تشرب زجاجة محلاة من الصودا، يعمل البنكرياس، وهو أحد الأعضاء الهضمية، بالسرعة القصوى ويفرز كميات كبيرة من هورمون الأنسولين. وسرعان ما ينقل الهورمون السكر (على شكل غلوكوز) من خارج مجرى الدم إلى الخلايا للاستعمال أو التخزين.
غير أن حوالى 6 بالمئة منا لا يملكون القدرة وراثيا على الاستمرار بالتخلص من فائض السكر في الدم مدى الحياة. فإن كنت واحدا منهم (وهو أمر لا يمكن معرفته بشكل مؤكد)، سيأتي وقت – في عقدك الرابع أو الخامس عادة – تضرب فيه مستقبلات الأنسولين في خلاياك عن العمل وترفض نقل مزيد من السكر، ليبقى فائضه في مجرى الدم. كذلك فإن كمية الأنسولين التي ينتجها الجسم تنخفض وتكون النتيجة إصابة بالنوع الثاني من داء السكر (غير المعتمد على الأنسولين) أو ما يعرف أيضا بارتفاع سكر الدم.
والحقيقة أن 15 مليون أميركي تقريبا يواجهون هذه المشكلة. فمن شأن ارتفاع السكر في الدم أن يتلف الشرايين والأوردة ويتسبب باعتلال مميت في القلب وبسكتة دماغية. (إذ يبلغ عدد حالات الوفاة بين متوسطي السن المصابين بالنوع الثاني من داء السكر ضعف الوفيات بين متوسطي السن الذين لا يعانون من هذا المرض).
ومن شأن وفرة السكر أيضا أن تؤدي إلى اعتلال الكلى وإلى مشاكل في العين وتلف عصبي خطير في الأطراف السفلية وفي أجزاء أخرى من الجسد. (فمرضى داء السكر يشكلون أكثر من 50 بالمئة من الأشخاص الذين يخضعون لعمليات بتر لأطراف سفلية في الولايات المتحدة سنويا).
فإن كنت مصابا بالنوع الثاني من داء السكر، ربما كان تغيير نمطك الغذائي (فضلا عن ممارسة الرياضة طبعا) وسيلتك لاستعادة صحتك، كما يقول جوناثان رايت، دكتور في الطب، طبيب ذو توجه غذائي ومدير عيادة تاهوما في كنت، واشنطن. وإليك ما يقترحه في هذا الشأن.
دليل العناية الطبية
تحذير: لا تستعمل العلاجات البديلة المذكورة إلا كجزء من برنامج علاج يراقبه ويشرف عليه طبيب مؤهل بالاشتراك مع طبيب بديل مؤهل، كلاهما خبير في العناية بحالتك. واستشر طبيبك التقليدي قبل تغيير العلاجات أو الأدوية الطبية التقليدية أو إيقافها، وأبق جميع أطبائك التقليديين و/أو البديلين مطلعين على جميع أنواع العلاج التي تتلقاها.
داء السكر هو مرض خطير يجب أن يخضع دوما للمراقبة الطبية. وتشتمل أعراضه على زيادة العطش أو التبول أو الشهية؛ جفاف في الفم؛ تقيؤ؛ إسهال؛ رؤية ضبابية؛ تسارع نبض القلب أو عدم انتظامه؛ دوار؛ نقصان غير مقصود للوزن؛ وتكرر الإنتانات الخميرية أو البولية. فإن عانيت من أي من هذه الأعراض لأكثر من أسبوع، اعرض نفسك على الطبيب للتشخيص.
بعد زيارتك للطبيب، قد تتمكن من السيطرة على النوع الثاني لداء السكر بواسطة الاقتراحات الغذائية في هذا الفصل. ومن شأن طبيب ذي توجه غذائي أن يساعدك على وضع برنامج غذائي يشتمل على جرعات عالية من بعض المكملات. فعلى سبيل المثال، أثبتت دراسات علمية عديدة أن معدن الكروميوم لديه القدرة على المساعدة على إعادة سكر الدم إلى مستواه الطبيعي. واستعملت معظم هذه الدراسات 200 مكغ في اليوم من بيكولينات الكروميوم.
ولكن جوناثان رايت، دكتور في الطب، طبيب ذو توجه غذائي ومدير عيادة تاهوما في كنت، واشنطن، وجد في عيادته أن استعمال جرعات أعلى من الكروميوم، كجزء من برنامج شامل، على شكل عديد نيكوتينات الكروميوم يعمل على نحو أسرع بكثير في تخفيف أعراض النوع الثاني لداء السكر.
ويقول: “بوصف جرعات أعلى لمرضاي، لاحظت أن شهيتهم للسكر تزول بسرعة أكبر بكثير، بحيث يتمكنون من التحول إلى غذاء صحي بسهولة وسرعة أكبر. كما وجدت بأن أعراضهم الأكثر خطورة تختفي بشكل أسرع”.
ويصف د. رايت عديد نيكوتينات الكروميوم لأنه “يبدو أقرب إلى شكل الكروميوم الموجود في عامل تحمل الغلوكوز، وهو المنظم الداخلي لسكر الدم في الجسد”.
كما يقول بأن الأبحاث الأولية تشير إلى بيكولينات الكروميوم الأكثر استعمالا قد يسبب تلفا جينيا، ولكنه أمر لا يزال تحت البحث. مع ذلك، هو يعتقد بأن استعمال عديد نيكوتينات الكروميوم آمن أكثر.
غير أن د. رايت يركز على عدم وجوب استعمال مكملات الكروميوم من دون موافقة وإشراف الطبيب أو غيره من المشرفين على العناية بصحتك الخبيرين في الاستعمال الموصوف للمكملات.
السكر والأطعمة المكررة: انقطع عنها
يعتقد د. رايت أنه عليك أولا أن تقلص مأخوذك من السكر ومن الأطعمة المكررة التي لا تختلف عنه كثيرا، كالخبز الأبيض ووجبات الرقائق السريعة التي تحتوي على الدقيق الأبيض وغيرها من أنواع الحبوب المصنعة. ذلك أن الحبوب المصنعة تكدس الغلوكوز في مجرى الدم.
الأطعمة الكاملة: اتبع قوس قزح
ضاعف كمية الأطعمة الكاملة في غذائك الخاص، من فاكهة وخضار وحبوب وبقول ومكسرات وبزور. فهي غنية بالألياف وبعوامل غذائية أخرى تساعد على استقرار سكر الدم.
وأبسط طريقة لتنويع الأطعمة الكاملة هي أن تحاول أكل لون معين كل يوم، كما ينصح د. رايت. طماطم حمراء، جزر برتقالي، قرع أصفر، سلطة خضراء، عنب بري، أرز أسمر، فاصولياء سوداء.
“فإن حرصت على تناول طيف غذائي من الأطعمة الملونة كل يوم، وركزت على الحصول على تلك الألوان من الأطعمة الكاملة، ستبدأ بالسيطرة على ارتفاع سكر الدم بواسطة الغذاء الخاص”، كما يقول.
الأحماض الدهنية: للسيطرة على التلف
يقول د. رايت: “أعتقد بأن المكملات المحتوية على الأحماض الدهنية الأساسية، كزيت بزر الكتان، تساعد على إصلاح التلف الخلوي الناجم عن فرط استهلاك السكر مدى الحياة”.
عند ابتياع المكمل، ابحث عن تعبير high lignan على الملصق. فهو يشير إلى أن المستحضر غني بالأحماض الدهنية أوميغا – 3، أوميغا – 6، وأوميغا 9، وجميعها ضرورية لشفاء الخلايا.
كذلك، ينصح د. رايت، إن كنت تبحث عن زيت بزر الكتان السائل عوضا عن الكبسولات، بابتياع مستحضر حضر خصيصا باستعمال النيتروجين. ذلك أن سلامة الزيت تنخفض أثناء التصنيع إن لم يتم تحضيره بهذه الطريقة، كما يشير. ويقول بأنك تعلم من الملصق أن “المستحضر الجيد محضر بهذه الطريقة”. أو ابحث عن تاريخ انتهاء الصلاحية على العبوة. اتبع التعليمات الخاصة بالجرعة على الوصفة.
الرياضة: مرتان في اليوم، يوميا
أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة يقلصون خطر إصابتهم بالنوع الثاني لداء السكر بنسبة 24 بالمئة. ذلك أن الرياضة مفيدة جدا للأنسولين. فهي تساعد على إخراج السكر من مجرى الدم إلى الخلايا.
فإن كانت العضلات تتمتع باللياقة، يحتاج نقل السكر إلى خلايا العضلات كمية أقل من الأنسولين، كما يشير إريك ب. دوراك، مدير Medical Health and Fitness في سانتا باربارا كاليفورنيا، وخبير في داء السكر والرياضة.
فإن كنت مصابا بالنوع الثاني من داء السكر، قد تكون بحاجة إلى الرياضة لتعديل إفراز الأنسولين، كما يقول دوراك. وأفضل الطرق، كما يعتقد، للاستفادة من الرياضة في تعديل مستوى سكر الدم هي بممارستها مرتين في اليوم يوميا – مرة صباحا ومرة مساء، لمدة 15 إلى 20 دقيقة في كل مرة. فإن كنت تتناول ثلاث وجبات في اليوم أو أكثر لتحافظ على مستوى سكر الدم، ما الذي يضمن لك أن تتمكن من السيطرة على معدل السكر إذا تمرنت ثلاث مرات في الأسبوع، كما ينصح عادة؟ لا شيء، يؤكد دوراك.
ولكي تتمتع بروتينك الرياضي وتتمكن من الاستمرار به طيلة حياتك، يقترح دوراك ممارسة نوع من الرياضة في الصباح وآخر في المساء.
ففي روتينك الصباحي ينصح بممارسة رياضة تحبها، أكانت من التمارين اللطيفة، كاليوغا أو التاي تشي (وهو رياضة صينية تقوم على حركات انسيابية)، أو من تمارين تحتاج إلى مجهود أكبر، كرفع الأوزان الخفيفة. أما بالنسبة إلى التمارين المسائية، فيقترح المشي لسهولة الاستمرار بممارسته. (ولكن ثمة تحذير واحد يختص بتمارين الأوزان، إذ عليك ممارستها يوما بعد يوم لكي لا تجهد عضلاتك).
القرع: تناول منه يوميا
تشتمل هذه الفئة على جميع أنواع اليقطين، بما في ذلك عائلة القرع بكاملها، كالقرع الشتوي، الصيفي، السباغيتي، والأصفر، فضلا عن الخيار. إذ يشير د. ني إلى أن دراسات أجريت في الصين أثبتت بأن هذه المأكولات تخفض سكر الدم.
اليام البري Wild Yam: مساعد عشبي
على مرضى النوع الثاني من داء السكر أن يستعملوا هذه العشبة يوميا للمساعدة على الحفاظ على مستوى سكر الدم ضمن المعدل الطبيعي، كما يشير د. ني. ويضيف أنه لا خطر من استعمال اليام البري يوميا طيلة حياتك لأنه لا يسبب أي أذى. اتبع التعليمات الخاصة بالجرعة على الوصفة. ويشير إلى أن الجرعة النموذجية تعادل 1.500 إلى 3.000 ملغ يوميا.
هي شو وو HE SHOU WU: مساعد عشبي آخر
يعرف أيضا باسم فو – تي، وهو “فعال جدا في خفض معدل سكر الدم وبث الطاقة في الجسد”، كما يؤكد د. ني. كما يقول إنه بالإمكان استعماله على نحو آمن يوميا وبقدر ما أردت، شأنه شأن اليام البري. اتبع التعليمات الخاصة بالجرعة على الوصفة.
أوقف التلف بالعنبية Vaccinium
أصغر مكونات الجهاز الدموي هي الأنابيب الشعرية، وهي عبارة عن أوعية دموية مجهرية تنقل المغذيات والأكسجين من مجرى الدم إلى الخلايا. ويعتقد جوناثان رايت، دكتور في الطب، طبيب ذو توجه غذائي ومدير عيادة تاهوما في كنت، واشنطن، أن سماكة الغشاء المحيط بالوعاء الشعري تزداد ببطء لدى مرضى النوع الثاني من داء السكر.
ويمكن أن تكون النتيجة كارثة صحية، وهي كثيرا ما تكون كذلك. إذ يتضاعف خطر الإصابة باعتلال القلب والسكتة الدماغية بمعدل مرتين إلى أربع مرات أكثر من متوسط الشخص غير المصاب بداء السكر. بالإضافة إلى مشاكل أخرى منها اعتلال الشبكية السكري الذي يتسبب بفقدان البصر لدى 24000 مريض بداء السكر سنويا، واعتلال الكلى الذي يعطل وظيفة الكلى لدى 100000 مريض بداء السكر سنويا. كما أن 60 بالمئة من المصابين بداء السكر يعانون من تلف في الجهاز العصبي، يظهر على شكل خدر وألم في القدمين واليدين يؤديان إلى موت الأنسجة وبتر أطراف في عشرات الآلاف من الحالات.
ويعتقد د. رايت أن ثمة عشبة يمكنها أن تساعد على وضع حد لتلف الأوعية الشعرية، ألا وهي العنبية. ويقول: “أنا أصف هذه العشبة لكل مريض أعالجه مصاب بالنوع الثاني لداء لسكر”.
وفي الاختبارات التي قام بها في عيادته، وجد بأن الأغشية السميكة للأوعية تتقلص لتستعيد حجمها الطبيعي بعد 10 أشهر من العلاج اليومي بمقدار 80 ملغ من العشبة.
“وحين تسترجع الأغشية حجمها الطبيعي، يتقلص خطر إصابة مريض داء السكر بقصور القلب واعتلال الشبكية السكري واعتلال الكلى وغيرها من مضاعفات الداء”، كما يؤكد د. رايت.
ولكي تتأكد من حصولك على أفضل نوعية من العشبة، ينصح د. رايت بالبحث عن مستحضر يصرح بأنه يحتوي على 24 بالمئة من الأنثوسيانوسيد (anthocyanocides). فهذا يؤكد على احتوائه على كمية مركزة جدا من العوامل الفاعلة في العشبة، وتدعى الفلافونويد، التي تشفي الأوعية الشعرية.
ولكنه يحذر مرضى النوع الثاني من داء السكر من استعمال العشبة بمفردهم، وعدم تناولها إلا بموافقة وإشراف الطبيب أو غيره من الأشخاص المجازين في مجال العناية بالصحة وذوي الخبرة في العلاج بالأعشاب.