يحدث نتيجة تلف أجزاء من الدماغ قبل الولادة أو أثناءها أو بعدها.. والأطباء
يبحثون عن علاج له
جدة: د. عبد الحفيظ خوجة
من بين كل خمسمائة طفل في هذا العالم، يعيش طفل واحد عاجزاً عن الكلام، غير قادر
على الجلوس أو الزحف، أطرافه متيبسة، يعاني من مشكلات مختلفة في ما يتعلق باللغة
والبصر وتطور الذكاء وما إلى ذلك. له حق العيش في هذا العالم الفسيح كأي طفل آخر،
تراه يصارع نفسه كي يزحف على الأرض أو حتى يحرك قدميه النحيلتين الضامرتين
الضعيفتين. انه طفل من مجموعة كبيرة من الأطفال الذين لديهم عجز متعدد الأشكال،
يشخصه الأطباء بأنه «حالة شلل دماغي».
لقد قضى العلماء والباحثون، من أجل هؤلاء، عقوداً من الزمن يبذلون جهودا حثيثة في
محاولات لإيجاد وسيلة لمساعدة هذه المجموعة الخاصة من الأطفال «ذوي الشلل الدماغي»
وعائلاتهم، إلا أنه فعلا.. لا يوجد علاج فعال للشلل الدماغي.
والأطفال ذوو الشلل الدماغي هم مثل الأطفال العاديين من حيث انهم يحتاجون إلى
التشجيع والتحفيز منذ الساعات الأولى من الولادة، والتدخل المبكر يمكنه أن يقلل من
حدة الإصابة ومضاعفاتها، والأكثر احتمالا هو الوصول إلى طاقاتهم الكأمنة تماما.
لذلك، فإن فترة الطفولة هي الفترة الرئيسية والذهبية لإجراء برامج مختلفة لهؤلاء
الأطفال مثل علاج الكلام، والعلاج البدني والتأهيل المهني والتعليمي.
يوضح الدكتور عبد الله الغامدي، استشاري طب الأطفال بمستشفى الملك فيصل التخصصي
ومركز الأبحاث بجدة، لـ «الشرق الأوسط»، أن الشلل الدماغي هو اضطراب في حركة وضعية
الجسم، يصيب الأطفال ويؤثر على الحركة والجلسة أو الوقفة، وهو ينتج عن إصابة بالمخ
قبل الولادة أو خلالها أو بعدها، ويظهر في السنوات المبكرة من حياة الفرد، ويسبب
عجزاً يستمر طوال العمر، وفي كثير من الحالات يكون هناك ضعف في الذكاء ووظائف
الحواس. ويضيف بأنه من الصعب الإبلاغ عن وجود حالة «شلل دماغي» لدى الطفل خلال
الأشهر الأولى من عمره، إلا أنه يفضل أن يتم البدء بالعلاج في المراحل المبكرة كلما
أمكن ذلك.
وعن أسباب الإصابة بالشلل الدماغي، يورد الدكتور عبد الله الغامدي بعض الأسباب
المؤدية إليه، واهمها التطورات الوراثية التي تحدث قبل الحمل أو أثناءه، ومنها:
التهابات حملية، عيوب ولادية، التهاب السحايا الدماغية، كذلك المضاعفات الناجمة عن
الولادة قبل الأوان ومنها الإصابات الرأسية، وعوامل أخرى عديدة غير معروفة.
* أنواع الشلل الدماغي ويضيف الدكتور عبد الله الغامدي أن هناك عدة أنواع للشلل
الدماغي منها:
> الشلل الدماغي التشنجي، وفي هذه الحالة يكون الطفل مصاباً بدرجة من التوتر أو
التصلب في العضلات.
> الشلل الدماغي المتراخي، وفي هذه الحالة يصبح الطفل ضعيفاً، ويصاحب ذلك فقدان
درجة التوتر في عضلاته.
> الشلل الدماغي المصاحب لحركات تلوي اليدين والقدمين المستمرة.
> الشلل الدماغي المختلط، وهو الشلل الدماغي الذي يجمع أيا من أنواع الشلل الدماغي
السابقة.
كما أوضح الدكتور عبد الله الغامدي أنه أيضاً يمكن، من جهة أخرى، تصنيف الشلل
الدماغي من حيث الدرجة والجزء المصاب إلى ما يلي:
> شلل أحادي، وفيه تتأثر ذراع واحدة أو ساق واحدة.
> شلل نصفي، وفيه تتأثر ذراع وساق في جانب واحد فقط من الجسم.
> شلل سفلي، وفيه تتأثر الساقان فقط.
> شلل مزدوج، وفيه تظهر مشكلات كبيرة في حركة الساقين أو الذراعين.
> شلل رباعي، وفيه تتأثر الساقان والذراعان والعمود الفقري.
* العلاج
* أما العلاج فيعتمد على نسبة العجز المصاحب للشلل الدماغي ما بين الإعاقة الحركية
الخفيفة إلى الشديدة، وقد تحدث تغيرات مع نمو الجهاز العصبي للأطفال، فمثلاً الطفل
الذي يعاني في البداية من نقص في توتر العضلات قد يصاب فيما بعد بالتشنج (زيادة في
توتر العضلات)، أما الأطفال الذين يعانون من إعاقة حركية شديدة فيكون من الصعب
غالباً التنبؤ بقدراتهم العقلية عندما يصبحون في سن الشباب، وينطبق ذلك عندما تكون
لدى الأطفال مشكلات أخرى كفقدان السمع أو البصر على سبيل المثال. وينبغي قياس
القدرات العقلية لهؤلاء الأطفال من قبل أشخاص مختصين يتمتعون بخبرة طويلة في أمراض
الإعاقة المتعددة والضعف الحركي عند الأطفال.
وهناك بعض المضاعفات والمشاكل التي يتوقع حدوثها عند تعرض الجهاز العصبي للإصابة
التي تؤثر في أماكن أخرى غير الجهاز الحركي وقد تلحق بالطفل بعض المشكلات منها تخلف
عقلي، صرع، مشكلات في الرؤية، تدوير العينين نحو الداخل، مشكلات سمعية، مشكلات في
البلع، الترجيع من المعدة إلى المريء والرئتين، تشوهات مفصلية، مشكلات سلوكية، بلوغ
مبكر.
وهنا ينبه الدكتور الغامدي إلى أن هذه المشاكل لا تحدث عند كل طفل مصاب بالشلل
الدماغي، إلا أنه ينبغي فحص الطفل المصاب جيداً ومن كافة التخصصات الأخرى، وعلاجه
من قبل فريق من الأطباء والمعالجين في وقت مبكر.
ومع أنه لا يوجد علاج شاف للشلل الدماغي إلا أن هناك طرقا علاجية يمكن أن تساعد في
الحفظ على القدرات التي يتمتع بها الطفل وفي تطوير قدرات جديدة لديه، ومنها التركيز
على العلاج الطبيعي لجعل حركات الطفل الطبيعية أسهل ووضع حد لوضعية الجسم غير
الطبيعية والحيلولة دون حدوث تشوهات، كما أن العلاج الطبيعي يعلم الطفل مهارات
جديدة يستخدمها في حياته اليومية وتساعده على التكيف مع حالته المرضية.